
تعهدات “ترامب” بإعلان حالة طوارئ وطنية في قطاع الطاقة: تحليل للخطط والسياسات المحتملة بعد توليه المنصب
في سياق التحولات الكبيرة التي شهدتها السياسة الأمريكية في ظل رئاسة دونالد ترامب، يأتي تعهده بإعلان حالة طوارئ وطنية في قطاع الطاقة بمجرد توليه منصبه ليشكل خطوة مفصلية في مسار سياساته الاقتصادية والمتعلقة بالطاقة. هذا التعهد يعكس رؤية ترامب التي تركز على تعزيز استقلالية الطاقة الأمريكية وتقليص الاعتماد على الطاقة الخارجية، وهي رؤية كانت جزءًا أساسيًا من حملته الانتخابية.
وفي الوقت الذي يواجه فيه العالم تحديات بيئية متزايدة، بما في ذلك ظاهرة التغير المناخي، يتناقض موقف ترامب بشكل واضح مع سياسات سابقيه في البيت الأبيض، حيث يسعى إلى توسيع استخدام مصادر الطاقة التقليدية مثل النفط والغاز الطبيعي، مع التركيز على تقليص القيود التنظيمية التي تؤثر على هذه الصناعات.
سيتم تحليل تعهدات ترامب في مجال الطاقة، خاصة إعلان حالة الطوارئ الوطنية، ودراسة الأبعاد السياسية والاقتصادية لهذا القرار. كما سنستعرض تأثير هذه السياسات على مستقبل الصناعة الأمريكية للطاقة، وملاءمتها في مواجهة التحديات المناخية والاقتصادية التي تلوح في الأفق. من خلال هذا التحليل، يتم تسليط الضوء على الأهداف التي يسعى ترامب لتحقيقها، والعواقب المحتملة لهذه القرارات على السياسة الداخلية والخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، فضلاً عن تأثيرها على الأسواق العالمية للطاقة.
مدخل:
تعهد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بإعلان حالة طوارئ وطنية في مجال الطاقة، جاء هذا التعهد بعد أشهر من وعوده للناخبين بخفض أسعار الكهرباء والبنزين إلى النصف خلال السنة الأولى من إدارته. علاوة على ذلك وعد ترامب بتنفيذ إجراءات طارئة لخفض تكاليف الطاقة، وأعلن أنه سيتخذ خطوات عاجلة لزيادة الإنتاج والإمدادات. وفي إطار خطته، تعهد ترامب بالموافقة على مشاريع جديدة تشمل التنقيب عن النفط، وبناء خطوط أنابيب، وإنشاء مصافي النفط، وتطوير محطات توليد الطاقة والمفاعلات النووية، مع العمل على تقليص الإجراءات البيروقراطية التي قد تعرقل هذه المشاريع.
كما أكد ترامب مجددًا عزمه إعلان حالة الطوارئ للطاقة، حيث وعد باتخاذ مجموعة من الأوامر التنفيذية لإلغاء السياسات التي وضعها الرئيس بايدن، والتي تشمل قيودًا على صادرات الغاز الطبيعي، والتنقيب، ومعايير الانبعاثات، بهدف تعزيز استقلالية الطاقة الأميركية وخفض الأسعار بشكل كبير.
يخطط الرئيس الأمريكي كذلك لإنشاء مجلس وطني للطاقة بقيادة دوج بورجوم، حاكم ولاية داكوتا الشمالية، خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ صرح بورجوم بأنه يتوقع إنشاء هذا المجلس عبر أمر تنفيذي، وهو ما يعكس تركيز إدارة ترامب على تعزيز الإنتاج والإمدادات الطاقية في الولايات المتحدة.
لم ينقض الرئيس الأمريكي دونالد ترمب وعوده إلى ناخبيه، إذ أكدها بالقول والفعل خلال الدقائق الأولى بعد تنصيبه رئيسًا وعودته من جديد إلى أروقة البيت الأبيض.
تعزيز إنتاج الطاقة
من المحتمل أن يواجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب معارضة محدودة من القضاء فيما يتعلق باستخدامه للسلطات الطارئة في مجال الطاقة، وذلك نظرًا للتحفظات التقليدية على تدخل المحاكم في القرارات الرئاسية المتعلقة بالأمن القومي. وفقًا لهذه الرؤية، حتى إذا وسع ترامب صلاحياته الطارئة بطرق غير مسبوقة، ليس من الواضح ما إذا كانت المحاكم ستتدخل لوقف أو تحد من الإجراءات التي يتم اتخاذها بموجب هذه الصلاحيات.
ويرجع السبب في ذلك هو أن هناك سابقة قانونية واضحة للرؤساء في الولايات المتحدة باستخدام السلطات الطارئة لتعزيز إنتاج الطاقة وتوسيع إمدادات الوقود الوطني في حالات معينة، وهو ما يعزز موقف ترامب. في هذا السياق، يمكن أن تشمل هذه السلطات الطارئة إعفاءات من القواعد البيئية ولوائح التلوث التي غالبًا ما تفرض قيودًا على الأنشطة الطاقية. وبالتالي، قد يظل ترامب قادرًا على تنفيذ خطط طموحة في قطاع الطاقة دون مواجهة تحديات قانونية كبيرة، خاصة إذا كانت هذه القرارات تعتبر جزءًا من إجراءات الطوارئ الوطنية المتعلقة بالأمن القومي.
وقد يصدر الرئيس دونالد ترامب إعفاءات من معايير جودة الهواء الفيدرالية بموجب قانون الهواء النظيف، للسماح بطرح أنواع معينة من البنزين في السوق، حتى لو كانت هذه الأنواع تنتهك تلك المعايير. وقد استخدم الرؤساء الأمريكيون هذا النوع من الإعفاءات في الماضي في حالات الحاجة لتوسيع إمدادات الوقود أو تقليل الأسعار في ظل الأزمات الطاقية أو النقص في الإمدادات. يسمح هذا القانون للرئيس بتجاوز بعض القيود البيئية في حالات الطوارئ لتحقيق أهداف استراتيجية مثل تحسين توفير الوقود بأسعار معقولة.
من جهة أخرى، يمكن لترامب الاستناد إلى قانون الطاقة الفيدرالي لإجبار محطات الطاقة على العمل بكامل طاقتها، حتى إذا كانت هذه المحطات تتجاوز حدود التلوث المعتمدة. بموجب هذا القانون، يستطيع وزير الطاقة اتخاذ إجراءات لتفعيل هذا التفويض في أوقات الحرب أو عند حدوث زيادة مفاجئة في الطلب أو نقص حاد في الكهرباء يؤدي إلى حالة طوارئ. في الماضي، استخدم هذا القانون بشكل محدود، وفي الغالب كان يُفعل في حالات استثنائية، مثل الظروف الجوية القاسية التي تؤثر على قدرة محطات الطاقة على العمل بكفاءة.
وبذلك، يمتلك ترامب أدوات قانونية واسعة من شأنها تعزيز قدرة الولايات المتحدة على تلبية احتياجاتها من الطاقة في حالات الطوارئ، حتى لو استدعى ذلك تجاوز بعض اللوائح البيئية والقيود الخاصة بالتلوث.
نقص الطاقة الكهربائية:
هناك تحذيرات من نقص محتمل في إمدادات الكهرباء نتيجة إغلاق محطات الفحم بشكل أسرع من إضافة قدرات جديدة على الشبكة. يتوقع أن تتفاقم هذه المشكلة مع الزيادة الكبيرة في الطلب على الكهرباء، خصوصًا بسبب التوسع الكبير في قطاع التكنولوجيا، مثل بناء مراكز بيانات ضخمة لدعم تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تتطلب كميات هائلة من الطاقة.
في عام 2018، فكرت إدارة ترامب الأولى في تفعيل قانون يتيح إجبار شركات المرافق على شراء الطاقة لمدة عامين من محطات الفحم والطاقة النووية المهددة بالإغلاق، بهدف ضمان استقرار إمدادات الكهرباء، ولكن تم إسقاط هذه الفكرة لاحقًا بعد مواجهة اعتراضات من قبل صناعة الطاقة، التي اعتبرت ذلك تدخلاً غير ضروري في السوق.
من جانب آخر، يمكن لترامب الاستناد إلى قانون أوسع يمنح الرئيس سلطة تعليق قوانين التلوث على المرافق الصناعية ومحطات الطاقة ومصافي النفط ومصانع الصلب والكيماويات في حالات الطوارئ، مما يمكنه من اتخاذ تدابير لتفادي أزمة نقص الطاقة.
إضافة إلى ذلك، يسعى ترامب إلى تغيير السياسات الفيدرالية بشكل يسمح بتطوير موارد النفط والغاز على الأراضي الفيدرالية بشكل أكبر، مع التركيز على إلغاء التشريعات البيئية التي تم تبنيها خلال فترة ولاية الرئيس بايدن، مما قد يساهم في زيادة الإنتاج الطاقي، ولكن قد يتسبب في زيادة الانبعاثات البيئية أيضًا.
العديد من الإجراءات التي يعتزم دونالد ترامب اتخاذها ستكون بداية لعملية تنظيمية طويلة الأمد تهدف إلى إعادة هيكلة صناعة الطاقة الأمريكية بشكل جذري، هذه العملية ستشمل جميع جوانب القطاع، بدءًا من استخراج النفط وصولًا إلى صناعة السيارات، مع التركيز على تعزيز إنتاج الطاقة التقليدية مثل النفط والغاز الطبيعي.
يركز ترامب بشكل خاص على تحويل سياسات الحكومة الفيدرالية لدعم إنتاج النفط والغاز، وهو تحول كبير عن سياسات الرئيس بايدن التي تهدف إلى تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري والانتقال نحو مصادر طاقة أكثر استدامة. في هذا السياق، يسعى ترامب إلى تقوية دور الطاقة الأحفورية في الاقتصاد الأمريكي مع التركيز على زيادة إنتاج الطاقة لتلبية احتياجات السوق المتزايدة.
ورغم أن التفاصيل الدقيقة لاستخدام إعلان الطوارئ في هذا المجال لم تُحدد بعد فإ٠ن هذا القرار سيوفر لترامب صلاحيات خاصة تتعلق بنقل النفط الخام، بالإضافة إلى القدرة على توجيه تغييرات جوهرية في كيفية إنتاج وتوزيع الكهرباء في الولايات المتحدة. كما أكد ترامب خلال حملته الانتخابية أنه سيستخدم حالة الطوارئ الوطنية لزيادة الإنتاج، خاصة مع الطلب المتزايد على الطاقة نتيجة للتطور السريع في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، مما يتطلب توفير طاقة كبيرة لدعم هذه الصناعات الجديدة.
إعلان حالة الطوارئ يمنح الرئيس الأمريكي حق الوصول إلى نحو 150 صلاحية استثنائية تُستخدم عادة في مواجهة الكوارث الطبيعية والأزمات الكبرى، هذه الصلاحيات تشمل القدرة على اتخاذ تدابير عاجلة ومنح استثناءات من القوانين الحالية لتلبية الاحتياجات الطارئة. ومع ذلك، يظل من غير الواضح ما إذا كان ترامب سيستفيد بنجاح من هذه الصلاحيات لتحقيق هدفه في زيادة قدرة توليد الطاقة، حيث ستعتمد فعالية هذه الإجراءات على كيفية تطبيقها ومدى تعاون المؤسسات الأخرى.
إضافة إلى ذلك، يمكن لترامب الاستفادة من قوانين قديمة تعود إلى فترة الحرب الباردة، مثل قانون الإنتاج الدفاعي، الذي استخدمه الرئيس هاري ترومان لزيادة إنتاج الصلب أثناء الحرب الكورية. يسمح هذا القانون للرئيس بتوجيه الصناعات الوطنية لتوسيع الإنتاج في حالات الطوارئ الوطنية، مثل تعزيز قدرات الطاقة في وقت الحاجة. وقد استخدم قد استُخدم أيضًا الرئيس بايدن لدعم تصنيع تقنيات الطاقة المتجددة، ما يظهر مرونة القانون في استخدامه لأغراض مختلفة، سواء لتعزيز الصناعات التقليدية أو لدعم التحولات إلى الطاقة النظيفة. لذا، إذا قرر ترامب استخدام هذه الصلاحيات، قد يكون له دور مهم في تحديد الاتجاه المستقبلي لقطاع الطاقة في الولايات المتحدة.
من المتوقع أن يُعلن دونالد ترامب حالة الطوارئ الأمنية للشبكات بناءً على صلاحيات قانون النقل لعام ٢٠١٥، مما سيمنحه سلطات أوسع في المجال الطاقي، خاصةً فيما يتعلق بحماية البنية التحتية للطاقة، مثل شبكات الكهرباء والنقل. من خلال هذه الخطوة، سيكون لدى ترامب القدرة على اتخاذ تدابير سريعة لضمان استقرار هذه الشبكات في حال حدوث أي تهديدات أو أزمات.
إضافة إلى ذلك، يخطط ترامب لاستخدام سلطاته التنفيذية لإلغاء الحظر الذي فرضه الرئيس بايدن على تراخيص تصدير الغاز الطبيعي المسال، وهو ما يتماشى مع وعده الانتخابي بإلغاء العديد من السياسات التي فرضت قيودًا على صناعة الطاقة الأمريكية، خاصةً فيما يتعلق بتصدير الغاز الطبيعي. هذه الخطوة من شأنها أن تعزز إنتاج وتصدير الغاز الأمريكي، مما قد يُسهم في زيادة النفوذ الأمريكي في الأسواق العالمية للطاقة.
كما ينوي ترامب رفع الحوافز الفيدرالية الممنوحة للمركبات الكهربائية، ويتضمن ذلك إلغاء اللوائح البيئية التي تفرض معايير صارمة لانبعاثات المركبات وكفاءة استهلاك الوقود. هذه السياسات تشير إلى تراجع في التوجهات البيئية التي تبناها بايدن لصالح تعزيز صناعة السيارات التقليدية، خاصة تلك التي تعمل بالوقود الأحفوري.
من بين الإجراءات المتوقعة أيضًا، يخطط ترامب لإلغاء قرار بايدن الذي سحب حوالي 625 مليون فدان من المياه الأمريكية من إمكانية التأجير النفطي والغازي. لا يوجد أخطاء نحوية أو إملائية. هذا الارتفاع في الأسعار حفز عمال الحفر في الولايات المتحدة على زيادة الإنتاج لتلبية الطلب المرتفع، مما ساهم في رفع مستويات الإنتاج النفطي والغازي الأمريكي.
إجراءات ترامب، بما في ذلك إعلان حالة الطوارئ، تهدف إلى إعطاء دفعة أكبر لهذا القطاع وتعزيز استقلالية الطاقة الأمريكية، في الوقت الذي يسعى فيه إلى تقييد أو تقليل التأثيرات السلبية للسياسات البيئية التي فرضها بايدن، والتي استهدفت تقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري.
صادرات الغاز المسال الأمريكي:
أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أمراً تنفيذياً يقضي بإنهاء الحظر المفروض على تراخيص محطات صادرات الغاز المسال الأمريكي الجديدة، ليسمح بتدفق المزيد من مصادر الوقود الأحفوري خلال السنوات المقبلة. وفي إعلانها القرار، قالت وزارة الطاقة الأمريكية إنه يأتي في ضوء توجيهات ترمب بإطلاق العنان لهيمنة الطاقة الأمريكية.
والآن، صدرت توجيهات فورية إلى مكتب إدارة الطاقة الأحفورية والكربون التابع للوزارة بإعادة النظر في الطلبات المعلقة لتصدير الغاز المسال إلى الدول التي تربطها بأمريكا اتفاقية تجارة حرة.
وللعام الثاني على التوالي، تربعت الولايات المتحدة على قائمة أكبر مصدري الغاز الطبيعي المسال في العالم، إذ قفز حجم الصادرات إلى حوالي 87.22 مليون طن من 86.17 مليون طن في عام 2023.
إجمالًا لما سبق، بالنظر إلى حركة شحنات الغاز المسال الأمريكية بين عامي 2016-2024، نجد أن عدد الشحنات التي استقبلتها القارة الأوروبية وصل إلى حوالي 769 شحنة من إجمالي حوالي 5039 شحنة تم شحنها إلى حوالي 44 دولة، بنسبة حوالي 15%. حيث تم استقبال تلك الشحنات من خلال فرنسا وإسبانيا، وذلك نظرًا لقوة البنية التحتية، حيث نجد أن عدد محطات الإسالة في القارة الأوروبية وصل إلى حوالي 44 محطة عاملة وحوالي 17 محطة مخطط لها، وتحتل إسبانيا المركز الأول بعدد 6 محطات وفرنسا بعدد 4 محطات. يوضح الشكل التالي حركة شحنات الغاز المسال الأمريكية.
الموارد الطبيعية:
من المتوقع أن يوقع دونالد ترامب أيضًا أمرًا آخر يستهدف استغلال الموارد الطبيعية في ولاية ألاسكا بشكل أكبر. ويشمل هذا الإجراء إلغاء العديد من المبادرات البيئية التي طرحها الرئيس بايدن، خصوصًا تلك التي تدعم صناعة السيارات الكهربائية وتعمل على الحد من استخدام الأجهزة التي تعمل بالغاز في المنازل والشركات. هذه الإجراءات قد تتضمن وقف الجهود الرامية إلى التخلص التدريجي من الأجهزة التي تعتمد على الغاز، مثل الأفران والسخانات، والتي كانت جزءًا من سياسات بايدن للحد من انبعاثات الكربون.
يخطط ترامب لاتخاذ إجراءات حاسمة للإفراج عن الإمكانات الكامنة للموارد الطبيعية في ألاسكا، وهي ولاية غنية بالموارد مثل النفط والغاز، إضافة إلى المأكولات البحرية والأخشاب والمعادن. هذه الموارد تلعب دورًا مهمًا في الاقتصاد الأمريكي، ويعتبر ترامب أن الاستفادة منها يمكن أن تعزز النمو الاقتصادي وتقلل من الاعتماد على واردات الطاقة، بما يتماشى مع خططه لتوسيع إنتاج الطاقة التقليدية وتحقيق مزيد من الاستقلالية في هذا القطاع.
هذه السياسات تمثل تحولاً عن جهود بايدن في دفع التحول نحو الطاقة النظيفة والمستدامة، حيث يسعى ترامب إلى تعزيز قطاع الوقود الأحفوري من خلال استغلال الموارد الطبيعية الغنية في الولايات المتحدة، بما في ذلك ألاسكا، لتوفير المزيد من الطاقة والأرباح الاقتصادية، بينما يتراجع عن العديد من اللوائح البيئية التي كانت تهدف إلى تقليل الآثار السلبية للطاقة التقليدية.
الانسحاب من اتفاقية المناخ:
أكدت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الولايات المتحدة تعتزم الانسحاب من اتفاق باريس للمناخ، وذلك في خطوة ترفض فيها الجهود الدولية لمكافحة الاحتباس الحراري والاحترار المناخي، خصوصاً في وقت تتزايد فيه الكوارث المناخية في مختلف أنحاء العالم. جاء هذا الإعلان بعد تأدية ترامب اليمين الدستورية، حيث أكد البيت الأبيض في بيان رسمي أن الرئيس ترامب سيبدأ عملية الانسحاب من الاتفاق.
وأوضح البيان أن عملية الانسحاب تتطلب تقديم طلب رسمي إلى الأمم المتحدة، وأن هذا الطلب سيدخل حيز التنفيذ بعد عام واحد من تقديمه. بذلك، سيُعني انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق تخليها عن التزاماتها المتعلقة بمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري، والتي تشمل تقليل انبعاثات غازات الدفيئة وتعزيز التوجهات العالمية نحو الطاقة النظيفة. ترامب وصف اتفاق باريس بأنه كارثة واعتبره عملية احتيال على الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أنه يهدف إلى إنهاء ما أسماه “التطرف المناخي” الذي تبناه سلفه، الرئيس جو بايدن. هذه الخطوة تأتي في سياق سياسة ترامب التي ركزت على تقليص القيود البيئية التي تؤثر على الصناعات الأمريكية، خاصة تلك التي تعتمد على الوقود الأحفوري.
بالتالي، يمثل انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس تحولًا جذريًا في السياسة البيئية الأمريكية، حيث كان الاتفاق يُعدّ سابقًا خطوة رئيسية نحو التعاون الدولي لمكافحة التغير المناخي، لكن ترامب اعتبر أن هذا الاتفاق يضر بالاقتصاد الأمريكي ويعيق النمو الصناعي.
يعتقد الرئيس دونالد ترامب أن الاحتباس الحراري غير موجود وأن تغير المناخ مجرد خدعة، وهو تصريح كرره عدة مرات خلال فترة رئاسته السابقة. هذا الموقف يعكس تباينًا كبيرًا مع الإجماع العلمي الدولي، الذي يرى أن تغير المناخ ناتج عن النشاط البشري، خاصةً انبعاثات الغازات الدفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون.
في المقابل، يهدف اتفاق باريس للمناخ إلى الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى أقل من درجتين مئويتين مقارنة بفترة ما قبل الثورة الصناعية، مع السعي لتحقيق هدف أكثر طموحًا يتمثل في الحد من الزيادة إلى 1.5 درجة مئوية فقط. تم الاتفاق على هذا الهدف خلال قمة الأمم المتحدة للمناخ في باريس عام 2015، وأُعيد تأكيده في العديد من مؤتمرات المناخ الدولية منذ ذلك الحين. الهدف من هذا الاتفاق هو تجنب أسوأ عواقب أزمة المناخ، مثل موجات الحر الشديدة، الجفاف، حرائق الغابات، العواصف، والفيضانات، التي يُتوقع أن تزداد مع استمرار التغير المناخي.
في الختام، يُعد تعهد دونالد ترامب بإعلان حالة طوارئ وطنية في قطاع الطاقة خطوة محورية في إعادة صياغة السياسات الطاقوية الأمريكية. من خلال هذا التعهد، يسعى ترامب إلى تعزيز استقلالية الولايات المتحدة في مجال الطاقة، وتوسيع الإنتاج المحلي للنفط والغاز الطبيعي، وتقليص القيود البيئية التي فرضتها الإدارات السابقة. بالرغم من أن هذه السياسات قد تثير جدلاً واسعًا على الصعيدين الوطني والدولي، فإنها تعكس أولويات ترامب في إعادة صياغة الدور الأمريكي في أسواق الطاقة العالمية وتعزيز المصالح الاقتصادية للبلاد.
على الرغم من التحديات البيئية العالمية المتزايدة، التي تشمل التغير المناخي وتدهور البيئة، تبقى سياسات ترامب مثيرة للجدل بين مؤيدٍ ومعارض. إن التأثير طويل الأمد لهذه القرارات سيعتمد على كيفية تنفيذها، ومدى قدرتها على تحقيق التوازن بين تعزيز الاقتصاد المحلي وحماية البيئة. في النهاية، يمثل هذا التحول في السياسة الطاقوية الأمريكية نقطة تحول هامة في مسار الطاقة العالمي، والتي ستحدد مستقبل الصناعة في الولايات المتحدة والعلاقات الدولية في هذا القطاع الحيوي.
دكتور مهندس متخصص في شؤون النفط والطاقة