تداعيات نتائج الانتخابات الأمريكية على العلاقات مع القارة الأوروبية
تستعد القارة الأوروبية لنتيجة أهم حدث انتخابي لعام 2024 وهو الانتخابات الأمريكية التي ستلقي بظلالها على مصير العلاقات الأمريكية الأوروبية، إما بالمزيد من التقارب والشراكات حال فوز “هاريس”، أو بالتباعد وتقليل الاهتمام بالمصالح المشتركة حال عودة “ترامب” إلى البيت الأبيض، مع العلم أن الخيار الثاني يعد كابوسًا للاتحاد الأوروبي الذي قلل من أهميته “ترامب” خلال توليه رئاسة الولايات المتحدة، بينما يفضل الكثيرون “هاريس” التي يُنظر إليها على أنها أفضل بكثير للعلاقات عبر الأطلسي، ولمستقبل الديمقراطية في أوروبا.
“هاريس” خيار أوروبي أفضل من “ترامب”
عادةً لا يعلق المسؤولون والزعماء الأوروبيون على الانتخابات الأمريكية، ولكنهم إن فعلوا، فإن ذلك يكون على شكل تأكيد بأن القارة الأوروبية على أهبة الاستعداد لأي سيناريو قادم، مع عودة الحديث عن الشعارات الداعية إلى الاستقلال الاستراتيجي الأوروبي عن الولايات المتحدة، وأهمية إنشاء جيش أوروبي أو مظلة نووية أوروبية.
ولكن الحقيقي هو أن أوروبا تميل إلى فوز الديمقراطية كامالا “هاريس” بالانتخابات عن عودة دونالد ترامب مجددًا للبيت الأبيض؛ إذ تميزت ولايته الأولى بانسحاب الولايات المتحدة من مجموعة من الاتفاقيات الدولية، أبرزها اتفاق باريس والاتفاق النووي مع إيران، بل وحتى التهديد بالانسحاب من حلف شمال الأطلسي، وعزمه الصارم على وضع مواجهة الصين فوق الأولويات العالمية الأخرى. ويبدو أن المخاوف الغربية تدور حول ملفات حساسة من شأن عودة ترامب أن تبقيها بلا يقين واضح أو أن تشهد تراجعًا ملحوظًا، ومن أبرزها:
- الالتزام بدعم أوكرانيا
كان دعم أوكرانيا في حربها الممتدة لأكثر من عامين مع روسيا هدف القارة الأوروبية برعاية الولايات المتحدة المانح الأكبر، وسوف يستمر هذا الدعم مع قدوم “هاريس” للبيت الأبيض، وإن كان سيعيقه الجمهوريون بشكل مستمر، ولكن دون السماح بضرب أوكرانيا أهداف داخل العمق الروسي؛ خشية الانجرار لحرب شاملة مع روسيا، وسط احتمالية بتوجيه كييف نحو التوصل إلى اتفاق مع روسيا لإنهاء الحرب على المدى القريب.
بينما يخشى القادة الأوروبيون من أن عودة “ترامب” قد تصاحبها تغييرات في الموقف الموحد تجاه أوكرانيا، خاصة وأنه يعتقد أن الرئيس الأوكراني هو سبب بدء الصراع، هذا بجانب تعهداته بإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية في غضون 24 ساعة من إعادة انتخابه عبر التفاوض مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي تجمعه به علاقة وطيدة، وربما بدون موافقة كييف. وهو ما يحمل في طياته الضغط على أوكرانيا لتسليم أراضيها الشرقية لروسيا، وإيقاف الحرب بوضعها الميداني الحالي، ما يعني مكافأة “بوتين”، وهزيمة أوروبا التي ساعدت أوكرانيا عسكريًا بميزانيات ضخمة للفوز في هذه الحرب، وزيادة التهديد الروسي لأوروبا عبر السماح بانتهاك الحدود المعترف بها دوليًا بقوة.
أما في حال استمرار الحرب، فقد تعهد “ترامب” بأن يمنع أو يقلل من ميزانية دعم أوكرانيا لصالح الداخل الأمريكي الذي يعاني اقتصاديًا جراء تكلفة هذه الحرب، وأنه سيلقي بتكلفة إعادة مخزونات الولايات المتحدة من الأسلحة والذخيرة المرسلة لكييف على الدول الأوروبية، وبالطبع إجهاض محاولات كييف الانضمام إلى حلف الناتو.
وللتعامل مع هذا التهديد، اتُخذت خطوات على جانبي المحيط الأطلسي لتوفير الدعم لأوكرانيا في مواجهة “ترامب” قبل الانتخابات الأمريكية، وتزويدها بالقدر الكافي من المساعدة المالية والعسكرية حتى تتمكن من الاستمرار في مقاومة التعدي الروسي في الأمد البعيد، كما أعلن حلف شمال الأطلسي هذا الصيف عن تأسيس “بعثة الناتو للمساعدة الأمنية والتدريب لأوكرانيا”، وهي بعثة خاصة سيكون مقرها ألمانيا، ويعني إنشاء هذه البعثة بشكل أساسي أنه من الآن فصاعدًا سيكون حلف شمال الأطلسي نفسه، وليس أكبر مساهم فيه الولايات المتحدة، هو من يتولى تنسيق تدريب القوات الأوكرانية وتوفير المعدات العسكرية لكييف.
كما أبرمت مجموعة الدول السبع قرضًا طويل الأجل بقيمة 50 مليار دولار لأوكرانيا، والذي سيتم تمويله إلى حد كبير من خلال الفائدة على الأصول الروسية المجمدة في أوروبا، هذا بجانب الخطوات التي اتخذها الاتحاد الأوروبي لتعزيز العقوبات على روسيا حال عودة “ترامب”. ولكن هذه الخطوات تلقى معارضة واسعة من قبل رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان المؤيد “لبوتين” و”ترامب” معًا. ولكن المجهودات الأوروبية السابقة لا تلغي حقيقة أن أوكرانيا لن تكون قادرة على مواصلة القتال لفترة أطول بدون دعم الولايات المتحدة، وأن الاتحاد الأوروبي بمفرده لن يكون قادرًا على سد تلك الفجوة.
- الالتزام بحلف شمال الأطلسي
هناك أمر آخر يتخوف منه القادة الأوربيون، وهو التهديد المستمر من قبل “ترامب” بالانسحاب من حلف شمال الأطلسي، على عكس “هاريس“ التي أكدت التزامها بالتحالف مع بناء وتعزيز التحالفات والشراكات الأخرى، فيما زعم “ترامب” أن الولايات المتحدة سئمت مما وصفهم بالـ “مستغلين” الأوروبيين الذين يستفيدون من الحماية الأمريكية بالرغم من عدم التزامهم بهدف الناتو بإنفاق 2% من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع. وعلى الرغم من تحسن الإنفاق الدفاعي داخل الحلفونجاح 23 عضوًا في الالتزام بالهدف عقب الحرب الروسية الأوكرانية، فإن “ترامب” لا يزال غير راضٍ، مهددًا بتقليص مشاركة الولايات المتحدة في الناتو وكذلك الردع النووي وسحب جميع القوات.
والجدير بالذكر أنه من غير الممكن لرئيس الولايات المتحدة أن يسحب بلاده من حلف شمال الأطلسي من جانب واحد، خاصة وأن الكونجرس قد أقر قانونًا ينص على أن مثل هذا القرار يحتاج إلى موافقة مجلس الشيوخ، إلا أنه لا يمكن تجاهل تهديد “ترامب” في ظل استمرار تشككه بشأن الدفاع المتبادل، خاصة وأنه بالرغم من كل الاستثمارات الأمنية التي قامت بها أوروبا في السنوات الأخيرة، فإنها تظل تعتمد بشكل كبير على المظلة العسكرية التي توفرها واشنطن.
- المصالح التجارية بين الولايات المتحدة وأوروبا
تبلغ التجارة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي 1.3 تريليون دولار، وهي أكبر علاقة تجارية واستثمارية ثنائية في العالم، بل وأكبر بنسبة 40% من تجارة الاتحاد الأوروبي مع الصين. وقعد تعهدت “هاريس” بتعزيز التحالفات الاقتصادية مع أوروبا، فيما تعهد “ترامب” حال عودته بفرض تعريفات جمركية باهظة على الواردات الأوروبية بين 10%- 200% في بعض الحالات خاصة على الشحنات والسيارات المستوردة؛ وذلك في محاولة منه لإنعاش الاقتصاد الأمريكي وحماية الوظائف الأمريكية، الأمر الذي يهدد باحتمالية حرب تجارية شاملة قد تهدد أوروبا بخفض صادراتها إلى الولايات المتحدة بنحو 150 مليار يورو سنويًا، وتحثها على إبرام اتفاقيات تجارية جديدة مع دول أخرى وأسواق إقليمية لمحاولة التخلص من الاعتماد على المستهلكين الأمريكيين.
وقد أعلن “ترامب” أيضًا أنه سيفرض ضريبة تعريفية على الصين، المنافس الأكبر للولايات المتحدة، والتي قد تصل إلى 60% أو أكثر على الواردات، وهو الأمر الذي يرى فيه الخبراء الاقتصاديون أنه سينعكس بالسلب على الأسر الأمريكية المتوسطة والفقيرة التي ستواجه ما يقدر بنحو 1700 دولار في شكل تكاليف إضافية؛ كون الشركات الأمريكية دائمًا ما تمرر تكاليف التعريفات الجمركية إلى المستهلكين الأمريكيين، إلى جانب أن الشركات المصنعة في الداخل سترفع أسعارها محليًا لزيادة الطلب عليها.
ولمواجهة هذا التحدي، أعلنت المفوضية الأوروبية صياغة استراتيجية تجارية من خطوتين بتقديم صفقة سريعة “لترامب” بشأن زيادة الواردات الأمريكية إلى الاتحاد الأوروبي حال فوزه، واتخاذ إجراءات عقابية إذا اختار فرض رسوم جمركية على وارادات الاتحاد الأوروبي من خلال إعداد قائمة بالواردات الأمريكية التي قد يفرض عليها الاتحاد الأوروبي رسومًا جمركية بقيمة 50% أو أكثر.
على صعيد آخر غير متوقع، يعتقد بعض المسؤولين الأوروبيين أن فوز الرئيس السابق دونالد ترامب قد يكون ما يحتاجه الاتحاد الأوروبي لتعزيز دفاعه والتعامل بصرامة مع الصين، هذا بجانب أن عودته ستكون بمثابة صدمة مفيدة من شأنها أن تمكّن الاتحاد الأوروبي من المضي قدمًا في ملفات أرهقت القارة الأوروبية بالفعل مثل وباء كورونا وأزمة الطاقة التي أعقبت الحرب في أوكرانيا، وذلك عبر تعزيز قطاع التكنولوجيا، وتوضيح سياسة أوروبا تجاه الصين.
- التغيرات المناخية والطاقة
يعد هذا الملف ضمن أبرز الأولويات الأوروبية، وهو بمثابة اتفاق عالمي يهدف إلى الحد من انبعاثات الغازات المسببة لتغير المناخ. وقد أحرزت إدارة بايدن تقدمًا في تأمين اتفاقيات عالمية لمكافحة تغير المناخ منذ العودة إلى اتفاق باريس 2015 بعد انسحاب “ترامب” منها، وشمل ذلك صفقة صعبة مع الصين، الملوث الأكبر للمناخ في العالم، للحد من الانبعاثات من قطاع الطاقة والحد من جميع الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي.
وقد أعلن “ترامب” أنه سوف ينسحب من اتفاقية باريس للمناخ للمرة الثانية إذا فاز بالرئاسة، وكذلك ألمَّح إلى استحداث مشروع قرار من شأنه أن يزيل الولايات المتحدة من الإطار الكامل للأمم المتحدة الذي يدعم مفاوضات المناخ العالمية، وهي خطوة أكثر حسمًا من شأنها أن تلحق ضررًا دائمًا بالجهود الأوروبية الرامية إلى الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض، إذ يمثل انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس إعاقة واسعة لعملياتها، حيث تعد الولايات المتحدة أحد الممولين الرئيسين للاتفاقية، كما قد يؤدي هذا إلى إقامة المزيد من العقبات الكبيرة أمام الرئيس المستقبلي للعودة إليها مرة أخرى.
أما الانسحاب من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، والذي قد يستغرق عامًا أيضًا، من شأنه أيضًا أن يعفي الولايات المتحدة من المساهمة في تدفقات التمويل التي تهدف إلى مساعدة البلدان النامية على خفض انبعاثاتها والاستجابة لآثار تغير المناخ. والجدير بالذكر أنه وبدون الانسحاب من أي اتفاقيات تتعلق بالمناخ، يبدو من الواضح أن نهج “ترامب” تجاه هذا الملف سيتمثل في “تقليص” المساعدات المناخية الأمريكية.
ولهذا، تتسابق الإدارات الأوروبية المهتمة بهذا الملف لتأمين استراتيجيتها المناخية العالمية ضد التراجع المحتمل في عهد دونالد ترامب، ويتضمن هذا الضغط على البنك الدولي وكبار المستثمرين لإطلاق الأموال لمشاريع الطاقة النظيفة في الدول النامية بطريقة لا تستطيع الإدارة الأمريكية المستقبلية عكسها من جانب واحد، هذا بجانب دعم خطة “هاريس” التي أعلنت عنها في حملتها الانتخابية بمبلغ مليار دولار لخفض تلوث غاز الميثان، حيث أعلنت عنها أيضًا في قمة المناخ التي عقدتها الأمم المتحدة “كوب 28” في دبي العام الماضي.
شكل التحالفات الأوروبية حال عودة “ترامب”
يبدو أن ولاية “ترامب” الثانية من شأنها إما أن تقدم “الدواء المر” الذي يحتاجه الاتحاد الأوروبي المنقسم للتغلب على انقساماته والمضي قدمًا ككتلة واحدة، أو أن تنطوي على توترات دبلوماسية مع بعض حلفاء واشنطن التقليديين، وتجعل من السهل أن تغلب التعامل الفردي للولايات المتحدة مع كل دولة أوروبية على حدة، ما يزيد الضغط الأمريكي عليها بما يتعارض مع المصالح الأوروبية.
وبالنظر إلى الفترة الماضية، نجد أن أوروبا تستعد بالفعل لعودة “ترامب” وتحاول تخفيف تأثير ذلك على المستقبل الأوروبي من خلال سيناريوهات عدة، ويمكن رؤية هذا من خلال التواصل الشخصي من قبل الحكومات الأوروبية مع “ترامب” ومستشاريه على أمل بناء علاقات قد تقلل الصراع المستقبلي، وقد أثبت هذا الأمر فاعليته خلال ولاية “ترامب” الأولى وعلاقته الوطيدة بمجموعة منتقاة من الزعماء.
وفي هذا السيناريو الأول، قد نشهد أن تميل التحالفات الأوروبية مع “ترامب” خلال ولايته الثانية نحو اليمين الصاعد بقوة في بعض الدول الأوروبية، خاصة وأن زعماء اليمين – كالمجر وهولندا- يشاركون “ترامب” في كثير من الأفكار، خاصة تلك المتعلقة بالشعبوية الانقسامية المتشككة في أوروبا أو بالحرب الأوكرانية والمناخ والمهاجرين والوقوف أمام النفوذ المتنامي في جنوب شرق آسيا، وهو الأمر الذي قد يسهم في إضعاف المؤسسات الأوروبية وتسريع تحول أوروبا نحو اليمين.
أما السيناريو الآخر فهو من خلال التحولات في السياسات بهدف إرضاء “ترامب” وائتلافه السياسي، ويمكن رؤية ذلك فيما شهدته الفترة الماضية من اجتماعات عدة أجراها وزراء كبار من ألمانيا مع حكام جمهوريين في محاولة لتعزيز العلاقات مع اليمين الأمريكي، وكذلك بريطانيا لإصلاح العلاقات المتوترة عقب الاتهامات التي وجهها “ترامب” لحزب العمال البريطاني، وهي مزاعم تقول إن الحزب البريطاني الحاكم يتدخل في الانتخابات عبر دعم بعض أعضائه ماديًا لحملة “هاريس” الانتخابية، الأمر الذي دفع رئيس الوزراء البريطاني ورئيس حزب العمال كير ستارمر إلى توضيح موقف حزبه بأن هذا الأمر تم من قبل بعض أعضاء الحزب بالفعل ولكن على سبيل “التطوع” وليس بصفتهم الرسمية كأعضاء في الحزب.
السيناريو الثالث يمكن رؤيته من خلال التدابير الدبلوماسية والقانونية الموضوعة قيد التنفيذ حاليًا لحماية أولويات حلف شمال الأطلسي من تدخلات “ترامب” في المستقبل، ولهذا قد يكون من الصعب على “ترامب” أن ينشئ علاقات جيدة مع الحكومتين الألمانية أو الفرنسية بتشكيلهما الحالي، خاصة وأنهما يفضلان فوز “هاريس” كونها ستضمن التماسك والتعاون عبر الأطلسي.
ولكن حلف شمال الأطلسي بزعيمه الجديد “مارك روته” قد يكون لديه فرصة للتفاهم مع ترامب، فرئيس الوزراء الهولندي السابق كان قد طور علاقته بالرئيس الأمريكي السابق خلال ولايته الأولى، كما أنه معروف بقدرته على التعامل معه في اللقاءات الثنائية وخلال قمم الناتو، ولهذا سيكون من السهل عليه إقناع “ترامب” بسحب تهديداته بالانسحاب من التحالف مع تحقيق 23 دولة من الدول الأعضاء، بما في ذلك ألمانيا وفرنسا، هدف الإنفاق على الدفاع هذا العام، فضلًا عن تطلع “روته” إلى الحصول على ضمانات بشأن مساعدات أوكرانيا.
أما إيطاليا، فقد تكون رئيسة الوزراء الإيطالية اليمينية جورجيا ميلوني حليفة مهمة وحلقة وصل بين الولايات المتحدة ومؤسسات الاتحاد الأوروبي، إذ يتوافق حزبها اليميني إيديولوجيًا مع الحزب الجمهوري، ولكنها مع ذلك قد أثبتت منذ توليها منصبها أنها وسطيّة بامتياز عبر موقفها الداعم لأوكرانيا والتأكيد على التهديد الروسي، هذا بجانب علاقتها الوطيدة والمستقرة مع بايدن، ولهذا تحظى بزخم كبير في بروكسل. ولكن يبدو أن معضلة انخفاض الإنفاق الدفاعي في إيطاليا ستكون الشرارة التي ستندلع بين “ترامب” و”ميلوني”، هذا بجانب أن “ميلوني” بالتأكيد ستقف إلى جانب أوروبا حال قرر “ترامب” شن حرب تجارية ودفاعية على القارة العجوز.
وختامًا، من شأن الانتخابات الأمريكية أن تسفر عن مخاطر تمتد إلى ما هو أبعد من حدود الولايات المتحدة لتحدد المصير الأوروبي الذي يواجه تحديات عدة، وستكون أوروبا عالقة لمدة أربعة سنوات قادمة بين إما الاتحاد وتعزيز الشراكة مع الولايات المتحدة أو تقديم العديد من التنازلات ووضع استراتيجيات للتعامل مع الوضع الراهن الذي يقلل من الاعتماد الأمريكي على مستوى الأمن والدفاع وعلى المستوى الاقتصادي لأوروبا، في ظل احتمالية نشوب صراعات داخلية تتمحور حول “تضارب المصالح الأوروبية” بين الدفاع عن النفس أو الدفاع عن أوكرانيا.