من أزمة طاقة إلى أزمة وجود: أبعاد أزمة الكهرباء في لبنان
يعاني لبنان على مدى السنوات الأربع الماضية من مجموعة من الأزمات السياسية والاقتصادية والمعيشية، ومنها أزمة الطاقة واستمرار انقطاع الكهرباء في البلاد، ما يفاقم من مشكلاته في عام 2024. ولبنان، هو إحدى المحطات التي باتت ساحة للعبة جديدة بين القوى الإقليمية والدولية، نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تعصف به، والتي بدأت بالتفاقم منذ عامين، وصُنّفت بحسب البنك الدولي من بين أشد عشر أزمات، وربما من بين الثلاث الأسوأ منذ منتصف القرن التاسع عشر، وقد انعكس شح الطاقة لديها على مختلف القطاعات الخدمية والصحية والغذائية.
دخل لبنان رسميًا يوم السبت 17 أغسطس الجاري، في العتمة الشاملة مجددًا، مع إعلان مؤسسة كهرباء لبنان نفاد مادة الغاز أويل من معمل الزهراني لتوليد الكهرباء، الواقع جنوب البلاد، وباتت كل المرافق العامة تعتمد كليًا على المولدات الكهربائية لمواصلة تقديم خدماتها.
مدخل:
جاءت الأزمة الاقتصادية الطاحنة والظروف الراهنة التي يتعرض لها لبنان، لتسلط الضوء على معاناة قطاع الطاقة في البلاد التي تعتمد بالكامل على استيراد الوقود من الخارج، وهو الأمر الذي يُشكل ضغوطًا كبيرة على الموارد المالية وسط أوضاع صعبة في ظل توتر سياسي قائم منذ سنوات. في الحقيقة، فإن اعتماد لبنان على استيراد الوقود من الخارج في ظل الأزمات الاقتصادية، وضع أمن الطاقة -الذي يُعدّ بمثابة أمن قومي لأي دولة- في خطر كبير، الأمر الذي يدق ناقوس الخطر من انهيار لبنان.
هنا تجدر الإشارة إلى أنه منذ حوالي 3 سنوات (24 يوليو 2021)، أبرمت الحكومتان العراقية واللبنانية اتفاقًا بتزويد لبنان بالوقود لإنتاج الطاقة ليرفع من ساعات التغذية (اتفاقية إطارية حكومية تعهد بموجبها العراق تقديم مليون طن من زيت الوقود الثقيل إلى لبنان على مدار عامٍ كامل ويُستبدل عبر مناقصات شهرية (بين 75 ألفًا و85 ألف طن) لصالح مؤسسة كهرباء لبنان، على أن يوفر لبنان، بما يعادل قيمة الصفقة، احتياجات بغداد من الخدمات والسلع المتوافرة في بيروت)، حيث مُددت الاتفاقية مرتين خلال 2022 و2023، وكان مجلس الوزراء العراقي قد وافق على تجديد اتفاقية التزويد بالوقود مع لبنان بشروطها الحالية لسنة ثالثة بداية من أكتوبر 2023، مع زيادة الكميات لتتضمن تزويد لبنان بمليوني طن من النفط الخام، و1.5 مليون طن من زيت الوقود عالي الكبريت، لمدة عام.
وبموجب اتفاقية الوقود، فتح العراق حسابًا في مصرف لبنان مقابل المحروقات، يُدار من قبل وزارة المالية العراقية، لشراء خدمات داخل لبنان بالليرة اللبنانية. إلا أن حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري يرفض تحويل الأموال لسداد ثمن شحنات الوقود العراقي من الاحتياطي الإلزامي من العملات الأجنبية دون صدور قانون من مجلس النواب يُتيح له ذلك، بسبب عدم وجود رصيد للوزارة ومؤسسة الكهرباء.
حوالي نصف الدين العام، الذي يقارب حوالي 100 مليار دولار، ناجم عن تمويل الكهرباء، أي نحو 44 مليار دولار، من خلال الموازنات العامة وسلف خزينة من مصرف لبنان. وعليه، دخلت أزمة الكهرباء في لبنان منعطفًا خطيرًا وذلك مع تدني مستويات مخزون الديزل الأحمر في المحطات، ما يهدد البلاد بالدخول في ظلام شامل ومستمر.
أسباب أزمة الكهرباء الطاحنة في لبنان:
شكل الوضع الكارثي الذي يعاني منه قطاع الطاقة اللبناني أحد أهم الأسباب الرئيسة التي دفعت بيروت نحو انهيار اقتصادي وسياسي واسع النطاق، فعقب الفشل في تنفيذ إصلاحات حقيقية طوال عقود، لم يعد لبنان يملك ترف الوقت ولا حتى الموارد المالية لتنفيذ أي إصلاحات، في وقت باتت شوارعه وطرقه الرئيسة تغرق في ظلام دامس أثناء الليل بسبب انعدام الإضاءة وعدم قدرة الحكومة على توفير الكهرباء للشعب اللبناني. حيث يعاني لبنان من انقطاع الكهرباء منذ الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990 واستمرت الانقطاعات كميراث لهذه الحرب، وتعاني البلاد حاليًا أيضًا من شلل في عمل الحكومة والفساد الذي يشكو كثيرون من أنه استشرى حتى عطل التنمية.
وكان انقطاع الكهرباء انعكاسًا لمشكلة أكبر، فقد بلغ سوء الإدارة والنقص الشديد في الوقود، طوال عقود ذروته، وتحول لأزمة طاقة ومرض مزمن في الاقتصاد اللبناني وذلك منذ عام 2020، وعليه تأتي أزمة الكهرباء في لبنان اليوم تتويجًا لعدم الاستقرار السياسي والأزمة المالية. وهنا تجدر الإشارة إلى أن مساهمة الوقود الأحفوري في إنتاج الكهرباء في معادلة الطاقة اللبنانية بلغت حوالي 95.5% (مؤشر سلبي في ظل محدودية المصادر الأحفورية في لبنان)، كما هو موضح في الشكل التالي.
يُشار إلى أن لبنان كان قد أعلن في مطلع شهر أغسطس 2024، أن مستويات مخزون الديزل الأحمر في المحطات انخفضت إلى مؤشر خطير، مما قد يهدد البلاد بظلام شامل، لا سيما بعد خروج معمل دير عمار من الخدمة، وبقاء مجموعة واحدة لتغذية المرافق الرئيسة في محطة الزهراني، قيد العمل (قبل التوقف الأخير). تتخذ مؤسسة كهرباء لبنان إجراءات احترازية لإمداد مؤسسات الدولة بالكهرباء، لا سيما أن مخزونات الديزل الأحمر تراجعت بسبب عدم توريد أي شحنة بموجب اتفاقية المبادلة العراقية، وذلك خلال شهر يوليو 2024.
الجدير بالذكر أن هناك أنواعًا مختلفة من الديزل، أحسنها يُستعمل في المواصلات، وتتطلب بعض الدول الأوروبية نوعيات عالية الجودة من الديزل أو المازوت لأسباب بيئية، والنوع الرديء منه يسمى “الديزل الأحمر” أو “المازوت الأحمر”، الذي يُمنع استعماله في المواصلات في كثير من الدول المتقدمة، ويكثر استعماله في الدول النامية بمحطات الكهرباء، وهو قريب من زيت الوقود، كما يوضح الشكل التالي واردات لبنان من الديزل الأحمر (مصادر مختلفة).
استكمالًا لما سبق، يعتمد لبنان بصورة أساسية على معملي دير عمار والزهراني في إنتاج الكهرباء، وتصل قدرتهما الإنتاجية إلى حوالي 900 ميجاوات كان يفترض أن تُنتج من الغاز لكنها حُوِّلت إلى الوقود (الفيول)، وتتكاتف مع باقي المعامل لتصل إلى حوالي 1800 ميجاوات، فيما الحاجة الفعلية هي حوالي 3200 ميجاوات لتأمين الكهرباء 24 ساعة في اليوم، إلا أنه يعجز عن تحقيق ذلك منذ عقود، وعليه فإن حلم الكهرباء على مدار الساعة غير ممكن التحقق في الظروف الراهنة، وبالتالي فتأمين التمويل للفيول سيؤدي إلى تحسين التغذية مع بقاء محاذير ارتفاع كلفة الإنتاج والهدر والسرقة التي تتطلب رقابة شديدة وقمعًا للمخالفات. هنا تجد الإشارة إلى أنه توجد 7 معامل للطاقة في لبنان (أصبحت جميعها خارج الخدمة)، وذلك بعد توقف دير عمار والزهراني. وكان حجم إنتاج الطاقة يبلغ بين 1600 و2000 ميجاوات، إلا أن شح الوقود الأشهر الماضية جعل الإنتاج يتراجع تدريجيًا إلى مستويات متدنية غير مسبوقة، كما يوضح الشكل التالي القدرة الإنتاجية لمعامل الطاقة في لبنان.
يُعد انقطاع الكهرباء أحد أوجه الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعصف بلبنان منذ عام 2020، حيث تسببت في تدهور قيمة عملته (الليرة) مقابل الدولار، وعدم وفرة النقد الأجنبي المخصص للاستيراد، مما انعكس شحًا في الوقود والأدوية وسلع أساسية أخرى (سعر النفط في التسعينات كان 20 دولارًا، وارتفع الآن إلى أكثر من 90 دولارًا للبرميل، لكن وزارة المالية تدفع الفرق، وفي كل عام، تُحول موازنة قيمتها حوالي 1.5 إلى 2 مليار دولار من وزارة المالية إلى مؤسسة كهرباء لبنان).
إجمالًا لما سبق، يمكن وصف مشكلة الكهرباء في لبنان بأنها مركبة، ففي طياتها تجتمع مجموعة كبيرة من الأزمات المتشابكة، وتأتي التعقيدات السياسية والمالية التي تشهدها البلاد لتجعل منها معادلة مستعصية الحل في الوقت الراهن. حيث تعود أزمة الكهرباء في لبنان لأسباب إجرائية بين المصرف المركزي والبرلمان، إذ يعود تأخر بيروت في إجراء التحويلات المالية لشركات الوقود العراقية لحاجة مصرف لبنان إلى غطاء قانوني من البرلمان لإجراء التحويلات المالية المطلوبة (بلغ عدد الشحنات المُسلَّمة والمستحقة للدفع لعام 2023 حوالي 8، وهناك حوالي 12 شحنة أخرى خاصة بعام 2024، وصل منها 2، إلا أن ثمنها لم يُستحق بعد). ترجع أزمة الكهرباء في لبنان إلى أكثر من حوالي 3 عقود، لكنها استفحلت إثر الانهيار المالي قبل حوالي 4 سنوات، وعجزت الحكومات المتعاقبة عن توفيرها بشكل يمكن الاعتماد عليه. وعليه تطالب وزارة الطاقة والمياه مصرف لبنان بتمويل الشحنة الجديدة من الوقود العراقي إلى كهرباء لبنان، بمبلغ قيمته حوالي 164 مليون دولار على حساب المصرف المركزي العراقي لدى مصرف لبنان. حيث بلغت القيم المستحقة في حساب المصرف المركزي العراقي بمصرف لبنان لتغطية قيمة الوقود العراقي بتاريخ 26 يونيو 2024 حوالي 531 مليون دولار.
تُظهر الأرقام الصادرة عن البنك الدولي أن الناتج المحلي الإجمالي للبلاد انخفض من ما يقرب من 55 مليار دولار في عام 2018، إلى حوالي أقل من 30 مليار دولار في عام 2023، وانكمش نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنحو 45%.
ووفقًا لما سبق، فإن أزمة الطاقة في لبنان عمرها أكثر من حوالي 3 عقود، وذلك لأن الطلب على الكهرباء في لبنان يرتفع سنويًا دون أن يقابله زيادة في إنشاء محطات التوليد، إذ إنه لم يتم إنشاء محطات كهربائية منذ عام 1999. خلال أكثر من 23 عامًا، لم يزد لبنان سوى حوالي 270 ميجاوات في الشبكة من المولدات، وبشكل عام يحتاج إلى حوالي 3600 ميجاوات في أوقات الذروة، ولكنه لا يملك في الوقت الحالي سوى أقل من حوالي 1800 ميجاوات، أي أن هناك حاجة إلى حوالي 1800 ميجاوات.
يواجه لبنان تحديات كبيرة في قطاع الطاقة، تتفاقم بسبب الوضع السياسي والاقتصادي العام في البلاد. ومع قرب وصول شحنات الوقود من مصر والعراق، يبقى السؤال ما إذا كانت هذه الحلول المؤقتة ستتمكن من تقديم الاستقرار المطلوب على المدى البعيد، أم أنها مجرد تسكين لأزمة متفاقمة تحتاج إلى حلول جذرية.
أزمة الكهرباء في لبنان لا حل دون تنويع الخيارات:
مشاكل الكهرباء في لبنان متجذرة بعمق في سلسلة من الأزمات الاقتصادية، بما في ذلك الانكماش الحاد منذ عام 2019 والذي تفاقم بسبب انفجار مرفأ بيروت، وتأثيرات جائحة كوفيد-19، وارتفاع أسعار الوقود العالمية، بالإضافة إلى تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية والحرب على غزة. أدت هذه العوامل إلى إجهاد قدرة شركة كهرباء لبنان على تلبية الطلب المحلي، ما دفع العديد من المناطق إلى الاعتماد على وسائل توليد الطاقة غير المستقرة، وتسبب في تداعيات اقتصادية كبيرة. وفي خضم هذه التحديات، أصبح حل مشكلة الكهرباء أمرًا ملحًا، وقد شملت الحلول الممكنة إدخال المزيد من تقنيات الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية، إلى الشبكة المحلية في لبنان، حيث تتمتع البلاد بحوالي 300 يوم مشمس سنويًا، ولديه وفرة من الرياح والطاقة الكهرومائية. ووفقًا لتوقعات الطاقة المتجددة لعام 2023 للبنان الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، تُشكل الطاقة المتجددة الآن إلى حد بعيد حل الطاقة الأقل تكلفة في البلاد، كما يوضح الشكل التالي سعة الطاقة المتجددة في لبنان (2014-2024).
وعليه تتضمن استراتيجية فبراير 2022 للطاقة في لبنان خططًا لدمج حوالي 1200 ميجاواط من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وحوالي 200 ميجاواط من تخزين الطاقة الشمسية في مزيج الطاقة في لبنان بحلول عام 2026، والوصول إلى تلبية حوالي 30٪ من احتياجات لبنان من الكهرباء بحلول عام 2030 من خلال مشاريع الطاقة المتجددة، مستخدمة طاقة الرياح والطاقة الشمسية كتقنيات رئيسية لتحقيق هذا الهدف. وهنا تجدر الإشارة إلى أن الطاقة المتجددة شكلت في عام 2018، أقل من حوالي 2% من إجمالي توليد الكهرباء، مع إحراز تقدم ضئيل منذ ذلك الوقت حوالي 3% بنهاية العام الماضي 2023، كما يوضح الشكل التالي استراتيجية الطاقة المتجددة في لبنان 2030.
وفي ظل هذه الأزمة، أكد وزير الطاقة اللبناني وليد فياض في تصريحات صحفية سابقة، أن الحكومة تنتظر وصول شحنات من الديزل الأحمر (غاز أويل) من مصر بحلول 23 أغسطس الجاري، والتي من المتوقع أن تسهم في تشغيل مولدات كهربائية لتوفير الطاقة بشكل مؤقت لمطار بيروت لمدة يومين، بالإضافة إلى شحنات من الغاز (مناطق مختلفة) وذلك لأنه توجد 4 محطات لتوليد الكهرباء في لبنان يمكنها العمل بالغاز الطبيعي، أبرزها محطتا الزهراني ودير عمار. كما أشار إلى أن وقودًا من العراق من المتوقع وصوله مطلع سبتمبر المقبل، مما قد يخفف من حدة الأزمة (الإشكالية الحالية التي تواجه لبنان ليست أزمة الكهرباء فقط، فهناك نقص شديد في البنزين والمشتقات البترولية).
ومن جهة ثانية، ثمن الدكتور “فياض” خلال حديثه لـ”اليوم السابع”، مواقف مصر الأخوية والوقوف بجانب لبنان دائمًا وجهوزيتها للمساعدة في توفير الوقود اللازم لإنتاج الكهرباء، وأكد أن مصر شريك مثالي في أي اتفاق لجديتها والتزامها، مشيرًا إلى دورها أيضًا في ملف نقل الغاز المصري إلى لبنان عبر سوريا والأردن، والذي لم يتم البت فيه حتى الآن، بسبب تأخر التمويل من قبل البنك الدولي إضافة إلى مشكلة تخطي العقوبات جراء قانون قيصر المفروض على سوريا.
وأوضح “فياض”، أن الوزارة قامت بإصلاحات كبيرة، منها رفع الدعم العشوائي، بهدف تحسين استدامة قطاع الطاقة، وفي محاولة لتفادي الأسوأ، أشار وزير الطاقة إلى اتخاذ الحكومة لإجراءات استباقية تحسبًا لنفاد الوقود، ولكنها لم تكن كافية لمنع الانقطاع الشامل للكهرباء.
ومن ضمن الإجراءات العاجلة، قررت الجزائر إرسال كميات ضخمة من الوقود اللازم لتشغيل محطات توليد الكهرباء في لبنان، ضمن جهود دعم بيروت لإعادة التيار الكهربائي إلى مختلف المدن والقرى والمرافق الرئيسة التي تعتمد على المحطات الحكومية، والتي شهدت إظلامًا كاملًا.
وفي إطار محاولة احتواء الأزمة تسعى المصلحة الوطنية لنهر الليطاني لزيادة إنتاج الكهرباء من المعامل الكهرومائية، كما ستلجأ مؤسسة كهرباء لبنان بشكل مؤقت للاعتماد على كميات محدودة من مخزون الفيول (الوقود) لدى الجيش اللبناني. علاوة على ذلك بدأت منشآت النفط في الزهراني بتسليم 5 ملايين ليتر من المحروقات إلى معمل كهرباء الزهراني للمساعدة في توليد الطاقة الكهربائية اللازمة للمرافق الحيوية في لبنان.
دعت مؤسسة مياه جنوب لبنان المواطنين إلى ترشيد استخدام المياه بسبب خفض مدة التغذية بها، بعد توقف آخر مجموعة إنتاجية في معمل الزهراني عن الإنتاج، ما أدى إلى توقف التغذية بالتيار الكهربائي كليًا على جميع الأراضي اللبنانية بما فيها المرافق الأساسية.
خلاصة القول، تُعد أزمة الكهرباء في لبنان أزمة مزمنة تتجدد من حين لآخر، وعليه لا يزال لبنان مكبلًا في المأزق السياسي والاقتصادي، وفي قبضة الأزمات المتعددة التي ازداد تفاقمها باستمرار تداعيات تلك الأزمات ومنها الحرب الروسية الأوكرانية والحرب على غزة وتوسع رقعة الصراع الحالي، وما زالت الأسباب نفسها موجودة من غياب التمويل وسوء إدارة المال العام، ولا بوادر لحل الأزمة مع استمرار المعضلة السياسية. وعليه أدى الانهيار المالي في لبنان إلى تحولات كبيرة في واردات البلاد من المشتقات النفطية، إذ أصبحت تتكون من الديزل الأحمر لمحطات الكهرباء الساحلية التي تديرها الدولة، والديزل منخفض الكبريت للغاية لمولدات الكهرباء الخاصة، حيث أصبحت واردات لبنان من الديزل بمثابة طوق نجاة لمحطات توليد الكهرباء في البلاد، وسط أزمة مالية تسببت في معاناة بيروت من أجل دفع تكاليف وقود المحطات، بالإضافة إلى ذلك، تواجه إمدادات الوقود لتوليد الكهرباء في لبنان مشكلات لوجستية تتعلق بفحص شحنات الوقود.
وفي الأخير، بينما تواجه البلاد تعقيدات التحول الطاقي، يبقى تعزيز التنمية الشاملة والمستدامة أمرًا بالغ الأهمية. ومن خلال تبني تقنيات الطاقة المتجددة بشكل متزايد وسريع، لا يستطيع لبنان معالجة أزمة الطاقة المباشرة فحسب، بل يمكنه أيضًا تمهيد الطريق لمستقبل أكثر مرونة وإنصافًا للشعب اللبناني.