مقالات رأي

التصعيد الإسرائيلى ــ الإيرانى.. قراءة عسكرية

تعالت نغمة ووتيرة التصعيد العسكرى المتبادل بين كل من إسرائيل وإيران.لتأخذ منحى تصاعديا جديدا، خاصة بعد اغتيال رئيس المكتب السياسى لحركة حماس إسماعيل هنية وهو فى قلب طهران العاصمة. وذلك بعد حضوره مراسم تنصيب الرئيس الإيرانى الجديد الذى قُتل سلفه بسقوط مروحيته فرنسية الصنع فى حادث ما زال يموج بالعديد من علامات الاستفهام.وهو ما يوحى بمزيد من التصاعد فى مجال الاغتيالات السياسية والعسكرية للقيادات الايرانية داخل ايران ذاتها وقيادات وكلائها فى اراضيهم وفى إيران ايضا دون تعاملهم مع إسرائيل بالمثل.

وان ذلك التصعيد هو حلقة من حلقات الصراع بين إسرائيل من جهة،ومعها حليفتها المقربة وهى الولايات المتحدة وبعض دول حلف الاطلنطى (ناتو)، خاصة بريطانيا. وبين إيران من جهة اخرى، ومعها وكلاؤها فى الإقليم وهم حزب الله فى لبنان وسوريا، والحوثيون فى اليمن، والحشد الشعبى فى العراق، وحماس والجهاد فى غزة.

وبنظرة الى طرفى الصراع والتصعيد فى ميزان القوى الكمى والنوعى نجد ان الجانب الإيرانى يمتلك قوة بشرية عسكرية وصاروخية اكبر، ولكنها اقل تطورا تكنولوجيا، خاصة فى التًخَفى ودقة إصابة الاهداف وكذلك المجال الاستخباراتى الذى انكشف باغتيال هنية وفؤاد شكر نائب قائد حزب الله، ومن قبلهما رجل ايران القوى قاسم سليمانى قائد فيلق القدس التابع للحرس الثورى الإيرانى لحظة خروجه من مطار بغداد بمسيرة أقلعت من قاعدة عسكرية أمريكية فى المنطقة،.بينما كان مركز قيادة العملية فى كلورادو بالولايات المتحدة.

وتمتلك اسرائيل قوة بشرية عسكرية اقل، معظمها من قوات الاحتياط، الا انها تمتلك تكنولوجيا متقدمة فى مجالات التسلح والحرب الإلكترونبة السيبرانية والاستخباراتية مع تنسيق وثيق مع الحليف والظهير الامريكى الذى يمتلك جيشا متفوقا عددا وعدة فى جميع المجالات على المستوى العالمى بما فى ذلك اجهزة الاستخبارات، حيث يمتلك سبعة اساطيل تجوب بحار ومحيطات العالم، ومنها الاسطول السادس فى البحرالمتوسط على مقربة من سواحل اسرائيل. والخامس فى الخليج العربى والبحر الأحمر على مقربة من جنوب اسرائيل. وتشمل الأساطيل الامريكية 19 حاملة طائرات عادية ومروحية، بينما لا تتجاوز أى من الدول الكبرى الاخرى عدد اصابع اليد الواحدة من حاملات الطائرات.

نقول ذلك ليتضح حجم الدعم الضخم الذى تحوزه اسرائيل عسكريا بالتوازى مع الدعم السياسى والاقتصادى المباشر والمطلق.

ولمحاولة استشراف الموقف المستقبلى الإستراتيجى لتصاعد الصراع (المستقبل المطلق لله سبحانه وتعالى)فإنه يمكن قراءة السيناريوهات الأكثر احتمالا للطرفين المتصارعين سواء لإيران او إسرائيل وحلفائهما كالآتى:

أولا ايران: وقد بدأنا بها لأن رد الفعل الانتقامى يفترض ان يأتى من جانبها سواء بشكل مباشراو بالاشتراك مع وكلائها او بالوكلاء فقط وهو الأقل احتمالا.حيث تركز ايران على ان الاغتيال تم من داخل اراضيها ومن عاصمتها بل ومن داخل دار ضيافة الحرس الثورى الذى يمثل قدس أقداسها، خاصة فى مجالات الاستخبارات والتأمين الخاصة بالشخصيات المهمة، مما يثقل كاهل الجانب الإيرانى بضرورة القيام بعمل عسكرى انتقامى مهما تكن شدته او ضعفه على الاقل لحفظ ماء الوجه. واضعين فى الاعتبار ما قامت به ايران بعد الغارة الاسرائيلية ومقتل عدد من الحرس الثورى داخل القنصلية الايرانية فى سوريا، فى شهر ابريل الماضى حيث جاء الرد الإيرانى بهجوم بقرابة 500 صاروخ ومسيرة فيما يشبه (محاكاة) القتال وليس القتال، الذى اسفر عن إصابة طفلة قرب قاعدة بصحراء النقب، بينما جاء رد الرد والهجوم الاسرائيلى جوا داخل ايران عبر سوريا بعد تدمير وتعمية راداراتها على مسار الهجوم.حيث اُبلغت الولايات المتحدة بنتائجه.

وكلاء إيران: ينتظر استخدام الصواريخ والمسيرات الإيرانية المصدر بعيدة المدى مع امكانية سقوط صواريخ الحوثى فى البحر الاحمر .

اما حزب الله اللبنانى القوى ذو الحدود المشتركة مع إسرائيل، فسوف يخضع لحسابات اخرى خاصة بعد الحشد والتوعد الإسرائيلى السياسى والعسكرى.

ثانيا إسرائيل: ينتظر ان تقوم بالاعترض الصاوخى المضاد الشامل بالتعاون المباشر مع الولايات المتحدة كما تم فى الهجوم السابق. مع عدم استبعاد هجوم وقائى تسبق به ايران بالتنسيق المسبق مع الحليف الأمريكى بحرا وجوا.

نخلص الى أن الرد الإيرانى العسكرى يكاد يكون حتميا لحفظ ماء الوجه، وان إسرائيل جاهزة لاعتراض الهجوم مع عدم استبعاد المبادأة بالتنسيق مع الولايات المتحدة.كما ان هذا السجال المتكرر بين إيران وإسرائيل،يضر بحلحلة المأساة الغزاوية ويدفع إسرائيل الى التمهل فى التباحث فى أزمات وقف إطلاق النار ومشكلة الرهائن الإسرائيليين والاسرى الفلسطينيين. كما ينذر بتوسع دائرة الصراع إقليميا، ليكون الخاسر الاكبر هو القضية الفلسطينية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى