الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024الأمريكتان

هل تؤثر المناظرة الرئاسية الأولى بين “ترامب” و”بايدن” على مسار الانتخابات الرئاسية الأمريكية؟

قبل أربعة أشهر من إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية، أجريت أول مناظرة في مضمار هذا السباق الانتخابي المهم، وهي أول مناظرة في التاريخ الأمريكي بين رئيس في السلطة ورئيس سابق، إذ نظمتها شبكة “CNN” بين المرشح الديمقراطي والرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، وخصمه المرشح الجمهوري والرئيس الأسبق دونالد ترامب، حيث تبادلا الاتهامات وسط مناقشة العديد من القضايا الحيوية الداخلية والخارجية التي تشغل الناخب الأمريكي، مسفرة عن إظهار عددٍ من نقاط القوة والضعف لكلا المرشحين، وكذلك جدال كبير بين الرأي العام الأمريكي وفي الاوساط السياسية والاعلامية الأمريكية والعالمية حول من الفائز في هذه المناظرة.

فهناك من وصف ظهور الرئيس الأمريكي الحالي بـ “الضعيف”، مع التركيز على لياقته ووضعه الصحي، في ظل تحدي الرئيس السابق دونالد ترامب له للخضوع للفحص المعرفي، فيما وصف آخرون حديث الرئيس السابق ترامب “بلي الحقائق والمراوغة”، ورفضه إدانة مثيري الشغب الذين اقتحموا مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021 في محاولة لقلب خسارته في انتخابات عام 2020. مما يدفع إلى التساؤل بشأن مدى تأثير هذه المناظرة على مسار الانتخابات الأمريكية المقبلة المقرر عقدها في نوفمبر المقبل؟ وما أظهرته نتائج استطلاع الرأي بشأن نسب التغير في تأييد المرشحين المتنافسين بعد إجراء هذه المناظرة؟

مسار المناظرة الرئاسية المبكرة بين “بايدن” و”ترامب”

أجريت المناظرة الأولى للانتخابات الرئاسية الأمريكية بين المرشح الديمقراطي جو بايدن، وهو الرئيس الأمريكي الحالي ويبلغ من العمر 81 عامًا، وبين المرشح الجمهوري دونالد ترامب الرئيس السابق والذي يبلغ من العمر 77 عامًا، وهما الأكبر سنًا على الإطلاق اللذان يتنافسان على هذا المنصب. ووصف البعض هذه المناظرة بأنها تاريخية؛ إذ إنها أول مناظرة في التاريخ الأمريكي يتنافس خلالها رئيسان لكل منهما سجل في الحكم يمتد لمدة أربع سنوات، بجانب أنها أجريت بشكل مبكر بين المتنافسين قبل أن يتم ترشيح كليهما رسميًا عن حزبيهما، فضلًا عن أنها المناظرة الأولى التي تُعقد دون تنظيم من لجنة المناظرات الرئاسية، والتي كانت تشرف على هذه المناظرات منذ عام 1988.

خيبة أمل وإحباط يصيب الديمقراطيين: طمح الديمقراطيون من هذه المناظرة أن يقدم “بايدن” أداءً جيدًا يُمكّنه من التغلب على منافسه “ترامب” في الانتخابات، وخاصة في الرد بشكل مقنع وحاسم على انتقادات “ترامب” بشأن عدد من الملفات؛ وعلى رأسها الملف الاقتصادي، وملف الهجرة وأمن الحدود. إلا أن أداء وردود “بايدن” جاء أقل من توقعات الديمقراطيين، مما أشعرهم باليأس.

وفي هذا السياق، دعا الكاتب الأمريكي توماس فريدمان الرئيس “بايدن” إلى التخلي عن خوض الانتخابات الرئاسية، مشيرًا إلى خيبة أمله من أداء “بايدن” بهذه المناظرة ووصفه “بالرئيس والرجل الصالح لكن عليه ألا يترشح لإعادة انتخابه”، بينما وصف ترامب “بالرجل الشرير، ورئيس تافه، يبحث عن مصالحه وليس مصالح الولايات المتحدة الأمريكية”.

وترددت كذلك بعض الأنباء عن وجود مباحثات بداخل أروقة الحزب الديمقراطي تناقش مطالبة بايدن بعدم الترشح لخوض الانتخابات، والحديث عن طرح بدائل له لخوض الانتخابات، ومن أبرز المرشحين الذين تكهنت وسائل إعلام بطرحهم كبدلاء؛ جافين نيوسوم– حاكم ولاية كاليفورنيا- منذ عام 2019-، وجريتشن إستير ويتمر– حاكمة ولاية ميشيغان- منذ عام 2019، و جاي روبرت بريتزكر-حاكم ولاية إلينوي-، ويس مور– أول شخص من ذوي البشرة السمراء ينتخب حاكم في تاريخ ولاية ماريلاند، وفاز برئاستها-، وكذلك عضو مجلس الشيوخ عن ولاية أوهايو شيرود براون، كما تردد اسم كامالا هاريس – نائبة الرئيس بايدن- كبديل محتمل كمرشح عن الديمقراطيين للرئاسة.

إلا أن استبدال المرشح في هذا التوقيت معقد، فوفقًا لـ “CNN” لا توجد آلية سهلة لاستبدال “بايدن” في هذه المرحلة المتأخرة من العملية الانتخابية، نظرًا لعدم تقدم أي منافس ديمقراطي جدي لخوض الانتخابات ضد “بايدن” وفوزه بالترشح دون منافسه تذكر خلال الانتخابات التمهيدية. وفي هذه المرحلة من الحملة الانتخابية، سيتعين على “بايدن” أن يقرر التنحي طواعية إذا اختار الديمقراطيون مرشحًا آخر لخوض الانتخابات، وربما قد تأتي هذه الخطوة قبل تأكيد ترشحه رسميًا في المؤتمر الوطني الديمقراطي في شيكاغو في أغسطس القادم.

وجدير بالذكر هنا؛ أن الرئيس “بايدن” رفض مخاوف الديمقراطيين، معلقًا على أدائه بأنه من الصعب مناقشة “كاذب“، وأكد أمام تجمع لأنصاره في ولاية كارولينا الشمالية عزمه على خوض الانتخابات الرئاسية.

وفي السياق نفسه؛ دافع عدد من الديمقراطيين عن “بايدن”، ومن أبرزهم الرئيس السابق باراك أوباما، حيث أقر بأن “أداءه كان سيئًا إلا أنه أمر وارد في المناظرات”، وأكد استمرار دعمه لبايدن، واصفًا إياه بأنه شخص كرس حياته لخدمة أمريكا، بينما “ترامب” لا يبالي إلا بنفسه. كما دافعت نائبة الرئيس كامالا هاريس عن أداء الرئيس بايدن وقالت لشبكة “CNN” بعد المناظرة في محاولة لطمأنة الديمقراطيين عن أن مرشحهم لايزال يمثل الاختيار الصائب لخوض الانتخابات، “كانت هناك بداية بطيئة، ولكن كانت هناك نهاية قوية”.

وتجدر الاشارة هنا إلى وجود بعض الأمثلة النادرة في التاريخ الأمريكي على تنحي رؤساء كانوا مؤهلين لإعادة انتخابهم عن خوض السباق الانتخابي، وهم: الرئيس ليندون جونسون، الذي أعلن عدم سعيه لإعادة انتخابه في مارس عام 1968 بسبب انخفاض شعبيته جراء حرب فيتنام وتصاعد الاضطرابات الداخلية. والرئيس هاري إس ترومان الذي أعلن مارس عام 1952 عدم سعيه لإعادة انتخابه، لعدة اسباب أبرزها تراجع شعبيته والحرب الكورية، كما اختار الرئيس كالفين كوليدج عدم الترشح مرة أخرى للانتخابات في عام 1928.

أما على الجانب الأخر، أعلنت حملة “ترامب” فوزه في المناظرة؛ إذ صرح مديرا حملة ترامب سوزي وايلز وكريس لاسيفيتا في بيان “أن الرئيس “ترامب” قدم أعظم اداء في المناظرة، وانتصار تاريخي لأكبر جمهور من الناخبين في التاريخ.. وأظهر “بايدن” بالضبط سبب استحقاقه لمغادرة المنصب.. وأنه لم يتمكن من الدفاع عن سجله الكارثي فيما يتعلق بالاقتصاد والحدود”، بينما أيد مايك جونسون -رئيس مجلس النواب الأمريكي “ترامب”، واصفًا إياه بأنه المرشح الوحيد “المؤهل والقادر” على تولي المنصب، مشيرًا لتفوق أداء ترامب على منافسه، وأضاف أن “هذا أكبر عدم تكافؤ في تاريخ المناظرات الرئاسية”.

سجال واتهامات متبادلة بين المتنافسين: تم وضع قواعد لسير المناظرة، حيث تم منح كل مرشح دقيقتين للحديث والإجابة عن السؤال، مع غلق مكبر صوت المرشح الآخر للسماح لكل مرشح بالتحدث دون أن يقاطعه الأخر، مع منح دقيقة للأخر للرد، كما حصل كل مرشح على دقيقتين في نهاية المناظرة للختام، وأجريت المناظرة في ظل عدم حضور للجمهور، وعدم السماح للمرشحين بالاستعانة بالأوراق أو أي معلومات مكتوبة.

ولا تعد هذه المناظر هي الأخيرة، حيث من المقرر أن تُعقد مناظرة أخرى في شهر سبتمبر المقبل على قناة “ABC” الإخبارية، مما يمنح فرصه لكلا المرشحان لتقديم خططهما وأفكارهما للرأي العام، وطرح رؤية كل منهما لأسباب أحقيته من وجهة نظره لتولي الرئاسة والظفر بالبيت الأبيض، لاستمالة الرأي العام لاسيما الاصوات المترددة.

وركزت المناظرة الأولى على عدة ملفات هامة تشغل الرأي العام الأمريكي، ومن أبرزها؛ التضخم والهجرة وأمن الحدود وقضية الإجهاض وإلغاء قانون “رو ضد ويد”، وكذلك تغير المناخ، والسياسة الخارجية، وقد اتسمت هذه المناظرة  بالمنافسة الشرسة بين المرشحين المتنافسين، وأظهرت السجال بينهما أيضًا، كما كان الاتهامات المتبادلة وتبادل الاهانات السمة الأبرز لهذه المناظرة.

فقد بدا “بايدن” في بداية المناظرة مرتبكًا ومترددًا، وقال “لترامب” “لا يستحق منصب الرئيس”، ووصفه بأنه “الرئيس الأسوأ في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية”، وردد العديد من الأوصاف “لترامب” في ردوده على انتقاداته الحادة له فوصفه “بالأحمق، والفاشل، والمبالغة والكذب بشأن ملف الهجرة، وأنه شخص مدان في إشارة إلى الاتهامات التي يواجهها ترامب أمام المحاكم الامريكية، ووصف أخلاق ترامب “بقط الشوارع”.

وعند مناقشة القضايا الاقتصادية، أظهر “بايدن” أداءً هادئًا في طرح خططه المستقبلية لتقليل التضخم، وزيادة فرص العمل، وتحسين الرعاية الصحية، ودعمه لقضايا البيئة والاستثمار في الطاقة النظيفة، لكنه بدا في بعض الأوقات غير قادر على الرد على هجمات منافسه الحادة له، محاولًا توجيه الاتهامات “لترامب” دون أن يرد على “المعلومات والارقام المغلوطة” التي ذكرها منافسه.

بينما بدا “ترامب” أكثر قوة من منافسه، مظهرًا قدرته على التحكم في النقاش، مبرزًا لنقاط ضعف منافسه وإدارته، مما عزز موقفه بين مؤيديه، كما حاول استفزاز بايدن خلال المناظرة، مستخدمًا خطابًا هجوميًا ضد منافسه، مشيرًا لتقدمه في استطلاعات الرأي، وأنه سيقبل نتيجة الانتخابات إذا كانت عادلة فقط.

وقد ركز “ترامب” على مهاجمة أداء “بايدن” في الملف الاقتصادي وخاصة التضخم، حيث ألقى باللوم على “بايدن” لارتفاع معدلات التضخم، كما ركز في مواصلة هجومه “لبايدن” بشأن ملف أمن الحدود والهجرة، متهمًا إياه بترك الحدود مفتوحة “لتدمير أمريكا”. وألقى باللوم على “بايدن” في ارتفاع معدلات جرائم مقتل المواطنين من أصحاب البشرة السمراء، مؤكدًا أن فوزه في الانتخابات سيكون الفرصة الأخيرة لإنقاذ أمريكا من “الوحل”، محذرًا من اقتراب نشوب حرب عالمية ثالثة بسبب “سياسات بايدن”، مشيرًا إلى أن العالم يتجه نحو الانفجار بسبب “قلة الاحترام لأمريكا في عهد بايدن”، ووصف “بايدن” بأنه “أسوأ رئيس في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية”، وأنه يترشح لإصلاح ما أفسده “بايدن”.

وفيما يتعلق بتناول ملف السياسة الخارجية،فيلاحظ أن قضايا السياسة الخارجية نادرًا ما تلعب دورًا كبيرًا في المناظرات الرئاسية الأمريكية، حيث يركز الناخب الأمريكي على القضايا الداخلية كأولوية له، ومع ذلك أحتل ملف السياسية الخارجية جزءًا من هذه المناظرة؛ إذ تم التطرق لمسألة سحب القوات الأمريكية من أفغانستان، والحرب الاسرائيلية على قطاع غزة، والعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، ومستقبل حلف شمال الأطلسي “الناتو”، ومع ذلك تم تبادل الاتهامات بين المرشحين دون صياغة وطرح استراتيجيات وأفكار بشأن تسوية الصراعات في الشرق الأوسط وأوروبا.

حيث اتهم “ترامب” “بايدن” بأنه يقود أمريكا لحرب عالمية ثالثة، وبالغ “ترامب” في حديثه زاعمًا أنه لو كان في الحكم لما اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية، أو هاجمت حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، كما أشار “ترامب” إلى عزمه الوساطة للتوصل لاتفاق لوقف الحرب الروسية الاوكرانية ولكن دون عرض تفاصيلها.

بينما وعد “بايدن” بعدم إرسال قوات أمريكية لأوكرانيا، مع الاستمرار في دعم أوكرانيا، متهمًا منافسه ترامب بالتخبط في العديد من السياسات الخارجية وعلى الصعيد العالمي، وتخليه عن الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة الأمريكية.

وفيما يتعلق بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة،علىالرغم من تبادل الاتهامات بين المرشحين في هذه المناظرة إلا أنهما توافقا في هذه القضية بشأن الدعم الأمريكي اللامحدود لإسرائيل، حيث أشار “ترامب” أنه ما كان لحماس مهاجمة إسرائيل يوم 7 أكتوبر إذا كان هو في الرئاسة، مشيرًا إلى أن إسرائيل هي من تريد مواصلة الحرب وليس حماس، وأنه يجب ترك إسرائيل تفعل ذلك للقضاء على حماس وإنهاء المهمة، منتقدًا “بايدن” ووصفه بأنه أصبح “مثل الفلسطيني.. لكنهم لا يحبونه لأنه فلسطيني سيئ للغاية، إنه ضعيف” في محاولة لاتهام “بايدن” بمساندة الفلسطينيين على حساب إسرائيل، كما تنصل من الرد بشكل واضح بشأن تأييده لإنشاء دولة فلسطينية مستقلة من أجل دعم السلام بالمنطقة، فجاءت إجابته “يجب أن أري!” وانتقل بالحديث عن الاتفاقات مع الدول الأوروبية.

فيما قال بايدن أن الطرف الوحيد الذي يرغب في استمرار الحرب هو حركة حماس، مشيرًا إلى أن أمريكا وإسرائيل ومجلس الأمن ومجموعة الدول السبع الكبرى تدعم مقترحه لوقف إطلاق النار، وأن واشنطن تضغط للتوصل لوقف لإطلاق النار، وتحدث عما وصفه بتمكن إسرائيل من إضعاف حماس ودعا الاحتلال الاسرائيلي لأخذ المدنيين في الحسبان عن القيام بأعمال عسكرية في مناطق مدنية، مؤكدًا أن أمريكا أكبر داعم لإسرائيل في العالم، وأنها تزود إسرائيل بكل الاسلحة التي تحتاجها، وأن الشيء الوحيد الذي علق شحنه لإسرائيل هي القنابل التي تقتل الكثير من المدنيين، مشيرًا أنه لا يمكن للسماح لحماس بالاستمرار في البقاء وأن ادارته ترسل الخبرات الاستخباراتية لإسرائيل لمعرفة كيفية القضاء على حركة حماس كما فعلوا مع ابن لادن، مشيرًا إلى أنه نظم العالم ضد إيران وأنقذ إسرائيل.

استطلاعات الرأي بشأن توجهات الرأي العام الأمريكي:

وفقًا لـ “CNN“، أظهرت استطلاعات الرأي حول شعبية “بايدن” و”ترامب” تقاربًا شديدًا قبل اجراء المناظرة، حيث بلغت نسبة تأييد “ترامب” على الصعيد الوطني 49% مقابل 47% “لبايدن”، بعد التعادل 49-49 الذي أظهرته استطلاعات الرأي قبل حكم إدانة ترامب في 30 مايو الماضي، بينما أظهر استطلاع رأي أجرته “نيويورك تايمز” بالتعاون مع “سيينا كوليج” توقع 60% من الناخبين في أن يُقدم “ترامب” أداءً قويًا في المناظرة، في مقابل 46% فقط “لبايدن”.

بينما أوضح استطلاع رأي أخر أجرته شبكة “CNN” و”SSRS” أن نحو 81% ممن شهدوا المناظرة يرون أن المناظرة لم تؤثر في اختيارهم للرئيس، وذكر 14% آخرون إنهم سيعيدون النظر لكنهم لم يغيروا رأيهم، بينما قال 5% إنهم غيروا رأيهم بشأن من سيصوتون له. كما أظهر الاستطلاع تراجع النظرة الايجابية “لبايدن” بعد المناظرة لنحو 31%، مقارنة بـ 37% في استطلاع أجري على نفس الناخبين قبل المناظرة.

وعلى النقيض من ذلك، ارتفعت الرؤية الايجابية للناخبين “لترامب” إلى 43% بعد المناظرة، مقارنة بـ 40% ممن كانت لديهم آراء إيجابية عنه قبل المناظرة، فيما أشار نحو 48% إلى إنهم سيفكرون في التصويت “لترامب” فقط، و40% إنهم سيفكرون في التصويت “لبايدن” فقط، و2% إنهم يفكرون في كلا المرشحين، و11% لا يفكرون في التصويت لهما. فيما كشف استطلاع رأي أجرته مؤسسة “مورنينج كونسلت”، عن رغبة نحو 60% من المشاركين في الاستطلاع في استبدال “بايدن” كمرشح للحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وختامًا، تعد هذه المناظرة مهمة وحاسمة؛ إذ ستؤثر على أداء المرشحين خلال الأشهر القادمة قبل إجراء الانتخابات في نوفمبر المقبل، حيث قدم كل مرشح رؤيته وخططه المستقبلية للناخبين، ومن المرجح أن يعمل كل منهما على تحسين أدائه لاستمالة الرأي العام، لاسيما الأصوات المتأرجحة. وعلى الرغم من إظهار استطلاعات الرأي تفوق “ترامب” على “بايدن” في هذه المناظرة بشكل مبدئي، إلا أن استطلاعات الرأي قد لا تعكس حقيقة ما قد تسفر عنه الانتخابات في النهاية، فمثلًا في الانتخابات الرئاسية عام 2016، وكان المرشحين المتنافسين آنذاك هيلاري كلينتون ودونالد ترامب ذهبت أغلب استطلاعات الرأي لفوز “هيلاري” بهذه الانتخابات، فيما جاءت نتيجة الانتخابات مغايرة بفوز “ترامب”.

وبشكل عام، يمكن للمناظرات الرئاسية أن تُزيد أو تُقل من شعبية أي من المرشحين حسب أدائهما وتصريحاتهما في المناظرة، خاصة بين الناخبين المترددين الذين لم يحسموا رأيهم بعد، وخاصة أن الرئيس الحالي جو بايدن يعد أكبر الرؤساء الذين شهدتهم الولايات المتحدة الأمريكية سنًا، وكذلك هناك سجل نجل “بايدن” الذي أُدين بتهم حيازة أسلحة، مما يجعله هدفًا لانتقادات “ترامب” والجمهوريين الآخرين في كثير من الأحيان.

وعلى الجانب الآخر، لدى المرشح المنافس الرئيس السابق ترامب سجل جنائي، يتضمن إدانته في نيويورك بتزوير السجلات التجارية المتعلقة “بمدفوعات الصمت”، واثنين من الاتهامات المنبثقة عن جهوده لإلغاء نتيجة انتخابات 2020، وتهم نتيجة تعامله مع الوثائق السرية بعد مغادرته المنصب، مما يجعلنا أمام مشهد سباق انتخابي حامي الوطيس قد ينطوي على جزء كبير من عنصر المفاجأة لاسيما وسط ما يتردد من أنباء حول أحاديث بعض الديمقراطيين بشأن استبدال “بايدن”، فهل سيُقدم الحزب الديمقراطي بالفعل على هذه الخطوة أم لا؟، الأيام القادمة ستوضح ذلك.

د. غادة عبد العزيز

باحثة متخصصة في العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى