وباء القيصري في مصر( مؤشرات خطرة)
وصلت مؤشرات اجراء الولادات القيصرية والاقبال عليها في العالم الي ابعاد تنذر بالخطر، فقد وصفت منظمة الصحة العالمية تلك الزيادة بـ“الوباء”، الذي يٌقدِم المريض علي الاصابة به بكامل ارادته، فأصبحت الولادة القيصرية اليوم في كثير من دول العالم هي القاعدة، بينما “الولادة الطبيعية” هي الاستثناء.
المعدلات العالمية
حسب التقرير المنشور في دورية “لانسيت” الطبية لعام 2018 ، فقد ارتفع عدد عمليات الولادة القيصرية من 16 مليون حالة (12 % من حالات الولادة) في عام 2000 إلى 29.7 مليون (21 %) في عام 2015، وجاءت هذه الاحصائية بناء علي تحليل بيانات من ما يقرب من 169 دولة حول العالم.
مصر في المعدلات العالمية
وفقًا لتقارير منظمة الصحة العالمية لعام 2015 احتلت مصر المرتبة الثالثة في ارتفاع معدلات الولادات القيصرية بها بعد جمهورية الدومينيكان التي تبلغ النسبة فيها 58.5 % ثم البرازيل في المرتبة الثانية بواقع 55.5 % لتأتى مصر بالمرتبة الثالثة بنسبة 55% لتكسر القاعدة التي وضعتها منظمة الصحة العالمية بألا تتجاوز نسب الولادات القيصرية في أي مجتمع عن 15% لما تسببه تلك العمليات من خطورة كبيرة على المجتمع ومضاعفات غير محسوبة على الأطفال وأمهاتهم.
ارتفاع المؤشرات المصرية “وضع ينذر بالخطر”
أفاد المسح الصحي للسكان الصادر عام 2018؛ إلى أن نسبة الولادة القيصرية في مصر قفزت من 6.6% عام 1995، لتصل الي 51.8% في عام 2014، وبحسب المسح، فإن أعلى معدل للولادات القيصرية وجد في محافظات الوجه البحري خاصة في مناطق الحضر يليها المحافظات الحضرية وكان أقل المعدلات في ريف الوجه القبلي والمحافظات الحدودية .
وتصدرت محافظة بورسعيد القائمة تليها دمياط وكفر الشيخ بينما أقل المحافظات كانت مطروح واسيوط وسوهاج.
فيما اشار المسح بأن أعلى معدلات للولادات القيصرية بين المتعلمات وكلما زادت درجة التعليم زادت نسبة الولادة بالقيصرية فتصل في التعليم الثانوي فأكثر الي حوالي 58.5 % والأميين 37 % والمتعلمين حتى الابتدائية 43.5% ومتوسطي التعليم 46.4%.
تكلفة اقتصادية باهظة
كشف المسح الصحي السكاني الصادر عن وزارة الصحة والسكان عن ارتفاع فاتورة الولادات القيصرية في مصر الى حوالي 14مليار و525 مليون جنيه سنويًا في مقابل الولادات الطبيعية التي بلغت فاتورتها 3 مليار و675 مليون جنيه لا سيما أن اسعار الولادة الطبيعية تتراوح بين أطباء النساء والتوليد من 1000 إلى 3000 جنيه بينما الولادة القيصرية من 8 آلاف إلى 14 ألف جنيه
اسباب ارتفاع المعدلات
ترجع اسباب زيادة الاقبال على اجراء الجراحات القيصرية في مصر الي عدة اسباب جزء منها يرجع للطبيب نفسة حيث يلجأ في بعض المواقف الواجبة للتدخل بإجراء الولادة القيصرية لتجنب أي مشاكل صحية قد تحدث للأم أو للجنين مثل حالات؛ انخفاض نبض الجنين، أو تعرض الأم لما يعرف بعسر الولادة، أو انفجار الرحم الذي يؤدي إلى وفاة الأم والجنين في حال عدم التدخل بشكل عاجل.
الا ان هناك اسباب اخري كعدم وجود تدقيق ورقابة على عمل الأطباء او محاسبتهم على قراراتهم المهنية في حال اتخاذهم قرار اجراء العملية القيصرية للأم دون ضرورة مما ادي الي اقبال الاطباء علي تلك الجراحة دون الحاجه لها لسببين:
اولهم مادي بسبب ارتفاع أتعابه في القيصرية لتصل ٣ أضعاف اسعار الولادة الطبيعية، ورؤية بعض الاطباء بأن الولادة الطبيعية بمثابة اهدار للوقت فالولادة الواحدة قد تستغرق من 10 إلى 16 ساعة وهو الوقت الذي يكفي لإجراء ما يعادل 16 عملية ولادة قيصرية.
ثانيهم ترجع للأم نفسها حيث تقوم بطلب إجراء العملية دون ضرورة كنوع من الثقافة الجديدة كي لا تمر بآلام الولادة والمحافظة على الأعضاء التناسلية لها بالشكل الطبيعي .
مخاطر عديدة تهدد الأم والجنين ” مؤشرات عالمية”
كما هو الحال مع أي عملية جراحية كبرى ، هناك العديد من المخاطر المرتبطة بالولادة القيصرية. وتشمل الجلطات الدموية ، والنزيف ، والعدوي ورد الفعل للتخدير، بالإضافة الي حالة ما تسمي بالمشيمة الهابطة الملتصقة وهي عبارة عن التصاق المشيمة الخاصة بالمولود الثاني بجرح القيصرية للولادة الاولى داخل الرحم مما يعرض الأم للوفاة في أحوال كثيرة.
لذلك ترتبط الولادة القيصرية بمخاطر قصيرة وطويلة الأجل يمكن أن تمتد سنوات عديدة بعد الولادة؛ كما تؤثر على صحة النساء وأطفالهن ، وكذلك الحمل في المستقبل فوفقًا لدراسة “لانسيت“ فإن ربع النساء اللاتي توفين اثناء الولادة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل خضعن للولادة القيصرية، وتراوحت اسباب الوفاة بين:
- نزيف ما بعد الولادة والعدوي بنسبة 45 ٪
- مقدمات الارتعاج بنسبة 19%
- الإنتان بنسبة 22%
- أسباب التخدير ذات الصلة بإجراء العملية بنسبة 14%
فيما كان معدل وفيات الاطفال المولودين بعملية قيصرية حسب الدراسة هو 56.6 لكل الف طفل وترتفع تلك المعدلات في الشرق الاوسط وشمال افريقيا لتصل الي وفاة 354.6 طفل لكل الف طفل.
حلول في مواجهة الظاهرة
هناك أسباب محددة تحتم اللجوء للولادة القيصرية دون الولادة الطبيعية لذلك يجب أن يتكاتف المجتمع مع الجهات التنفيذية لوضع خطة عاجلة لمحاربة الوباء القيصري المنتشر بمصر وذلك من خلال:
- تشكيل لجنة عليا من داخل وزارة الصحة تضم كوادر وأساتذة لوضع معايير وأسس محددة يتبعها الأطباء و تحدد من خلالها كل حالة على حدة ما اذا كانت تلد قيصريا أو طبيعيا ويتم توزيع هذه القواعد على المستشفيات والأطباء ومن يخالفها يتعرض للمسألة الأدبية والقانونية.
- تشريع قانون بتجريم القيام بالولادات القيصرية في غير الضرورة التي تقتضي بالتدخل الجراحي السريع .
- تدريب الأطباء والتمريض بفاعلية على الولادات الطبيعية .
- زيادة الوعي لدى النساء و ترسيخ مفهوم الولادة الطبيعية بينهن ومحاربة ثقافة اللجوء للولادات القيصرية في وسائل الاعلام والدراما.