توجهات “القوة الشاملة المصرية”، في ظلال الولاية الرئاسية الجديدة
ولاية رئاسية جديدة يبدأها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في خضم تحديات جسام على المستوى الداخلي والخارجي، وهو ما يفرض بطبيعة الحال، توسيع هامش المناعة الداخلية المصرية حيال هذه التحديات. تأتي “القوة الشاملة” في مقدمة الآليات التي تمكن الدولة المصرية من التعامل بشكل فعال وناجح مع هذه التحديات المتنوعة، وقد أتي الرئيس السيسي في مناسبات عدة، على ذكر مبدأ “القوة الشاملة”، في معرض تأكيده على أن الدولة المصرية اتخذت في السنوات الأخيرة، نهجًا استراتيجيًا مدروسًا بدقة، للتعاطي مع التحديات الداخلية والخارجية بمختلف أشكالها.
وقد كان الناتج الإجمالي لهذه القوة الشاملة، السبب الرئيس في تحصيل الدولة المصرية لتأثير قوي على المستوى الاقتصادي والاستراتيجي والسياسي إقليمياً ودولياً، ما سمح للقاهرة ببسط أذرع التنمية ورأب الصدع في كافة أنحاء الإقليم، من سوريا والعراق شرقًا، إلى ليبيا وتونس غربًا، ومن اليونان وقبرص شمالًا، وحتى ما بعد منابع نهر النيل جنوبًا.
واقع الأمر أن التحديات الإقليمية المحيط بمصر تزايدت بشكل ملحوظ خلال العامين الأخيرين، خاصة بعد دخول السودان في خضم حالة خطيرة من الاقتتال الداخلي، تراجعت معها آفاق التوافق السياسي بين المكونات السودانية، وكذلك تداعيات العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، والتي لم تقتصر فقط على الجانب العسكري والإنساني فقط، بل تعدت نطاق قطاع غزة لتشمل المحيط الإقليمي لفلسطين، ومنطقة البحر الأحمر. يضاف إلى ذلك استمرار المعضلات السياسية والأمنية التي تعاني منها دول عربية عدة مثل ليبيا والعراق.
التعاطي المصري مع الأزمات الإقليمية، خلال السنوات العشر الماضية، كان نابعاً بشكل أساسي من رغبة أكيدة في صيانة الأمن القومي العربي، كبوابة لحفظ الأمن القومي المصري، وهذا يمثل أهم أهداف السعي المصري إلى تنمية وتعزيز القوة الشاملة؛ كي تكون القاهرة ليست فقط قادرة على الدفاع عن أمنها وحقوقها وصيانة استقلالها وسيادتها على أراضيها، بل قادرة أيضًا على استغلال فائض القوة السياسية والدبلوماسية والعسكرية من أجل دعم تنمية قدراتها وإمكانياتها الذاتية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وفي نفس الوقت تعزيز “تموضع” القاهرة في المحيط الإقليمي والدولي، واستغلال هذا التموضع من أجل تأمين المجال الحيوي المصري، وإيقاف أية محاولات خارجية لتهديده، وهي استراتيجية تواكب المتغيرات التي حدثت في المشهد الدولي عقب الحرب الباردة.
وقد كان تركيز “الجمهورية المصرية الجديدة” فيما يتعلق بالقوة الشاملة متعدد الاتجاهات، ما بين تحسين حالة “الكتلة الحيوية الحرجة” المتمثلة بشكل أساسي في السكان والحالة الصحية والاجتماعية لهم، وإدارة ملف الإصلاح الاقتصادي بما يشمل حفظ وتنمية الموارد والإمكانيات المتوفرة من بنى تحتية وثروات طبيعية ومصادر دخل وطرق استغلالها، واستعادة القوة السياسية لمصر على المستويين الإقليمي والدولي، ومواجهة التحديات الأمنية والعسكرية الداخلية والخارجية، وتنمية وتعزيز وسائط القوة العسكرية المتوفرة لدى مصر بالشكل الذي يسمح لها بفرض معادلة إقليمية للردع.
استراتيجية التحديث العسكري المصرية
على المستوى الأمني والعسكري، اتبعت الدولة المصرية خلال السنوات الماضية، استراتيجية متعددة الاتجاهات، ارتكزت بشكل أساسي على مجابهة الجيش والشرطة المصرية المخاطر الإرهابية في شمال سيناء، والتي امتدت بعد عام 2013 لتشمل أجزاء من منطقة الدلتا، وتمت هذه المجابهة بالتوازي مع تنفيذ خطة تحديث عاجلة وجذرية لكافة أفرع الجيش المصري – خاصة القوات البحرية – نظرًا لوجود بعض القصور في هذا الصدد، بما يمنع الدولة المصرية من ممارسة دورها الإقليمي والدولي المنشود، خاصة في ظل التهديدات التي طرأت على المحيط الإقليمي لمصر، خاصة في الاتجاه الغربي والجنوبي، وكذا في شرق المتوسط، بما يضمن للقوات المسلحة المصرية قدرة الردع من جهة، وقدرة تنفيذ عمليات هجومية خارج الحدود، مع الوضع في الحسبان تطوير قوات خفيفة الحركة وثقيلة التسليح مثل قوات الرد السريع، وتدريبها على مواجهة المخاطر العسكرية غير النمطية.
خطة التحديث هذه – والتي تمت في ضوء تطورات الملفات الاستراتيجية الساخنة التي تواجه صانع القرار المصري – روعي فيها توسيع مبدأ “تنويع مصادر التسليح” و”طلب التصنيع المحلى ونقل التقنيات” في كل صفقة إن أمكن، بشكل يسمح بتوطين الصناعات العسكرية وتطويرها في مصر من جهة، وتنويع مصادر التسليح بشكل لا يسمح لأي دولة في أن تتحكم في نوعية وكم ما تحصل عليه مصر من منظومات تسليحية من جهة أخرى. في هذا الإطار يمكن إجمال ملامح ومؤشرات التحديث والتطوير التي طرأت على منظومة التسليح المصرية، ومن ثم الوقوف على جدوى هذه العملية وأهميتها وذلك فيما يلي:
أ- التحول إلى رقم محوري في معادلة الجيوش: ساهمت عملية التحديث والتطوير التي طرأت على الجيش المصري في الفترة من (2014/2019) في وضع مصر وجيشها في مرتبة ومكانة عالمية متقدمة، وهو ما ترجمه تصنيف ” جلوبال فاير باور” حيث جاءت مصر في المرتبة التاسعة عالميًا ضمن أقوى جيوش العالم، بل جاءت في مقدمة الجيوش العربية والأفريقية والشرق أوسطية، ويحمل هذا التصنيف عددًا من الدلالات على حجم التطور الذي شهدته القوات المسلحة المصرية، ليس فقط من المنظور الكمي المتعلق بإجمالي الأسلحة والمعدات، بل أمتد هذا التصنيف ليشمل عددًا من الجوانب النوعية المتعلقة بكفاءة المقاتل المصري، ونوعية التسليح والمنظومة التكنولوجية العسكرية للجيش المصري.
ب- تنويع مصادر السلاح: سعت مصر طيلة السنوات التي أعقبت عام 2014 إلى تنويع مصادر التسليح، وذلك بهدف القضاء على فكرة احتكار التسليح من جانب دولة من الدول وذلك لعدد من الاعتبارات من بينها الحفاظ على استقلالية القرار المصري وعدم الخضوع للضغوط والابتزاز الذي يمكن أن تمارسه الدولة المصدرة للسلاح، ناهيك عن حاجة مصر للاستفادة من كافة القدرات والإمكانات التسليحية المتطورة لكافة دول العالم، بما يضمن لها الحفاظ على أمنها القومي ضد التهديدات والتحديات التي تواجهها.
ج- تحديث البنية العسكرية: شهدت السنوات الأخيرة تحولًا كبيرًا وملحوظًا فيما يتعلق بتطوير البنية التحتية للقوات المسلحة وذلك عبر توقيع وإبرام عدد من الاتفاقات في مجال التسليح لدعم كافة الأفرع البرية والجوية والبحرية. وقد تجلى ذلك بوضوح في تدشين مصر لعدد من القواعد العسكرية بهدف حماية وتأمين الجبهات الاستراتيجية المصرية، ومنها قاعدة محمد نجيب العسكرية في مدينة الحمام بمحافظة مطروح، وتعتبر أكبر قاعدة عسكرية في مصر وأفريقيا، وقاعدة برنيس البحرية على البحر الأحمر، وقاعدة 3 يوليو البحرية في منطقة جرجوب على ساحل البحر المتوسط، بجانب عمليات تطوير عدد من القواعد الجوية، مثل قاعدة مطروح الجوية، والقسم العسكري في مطار برج العرب في الإسكندرية، وقاعدتي شرق وغرب القاهرة الجوية، وقاعدة القطامية الجوية، ومطار شرق العوينات، ومطار العريش الدولي، ومطار “برنيس”.
د- تحديث التسليح العسكري: من ناحية أخرى عملت مصر من خلال تحديث البنية العسكرية على تنمية قدرات الردع من خلال الوصول للقدرات القتالية الحديثة في المجال البحري والجوي. حيث نجحت في الحصول على سفن الإنزال البحري من الفئة “ميسترال”، ناهيك عن الفرقاطات الفرنسية من طراز “فريم تحيا مصر”، والغواصات الألمانية من الفئة “209”، والفرقاطات ألمانية المنشأ من الفئة “ميكو-2000″. على صعيد القوات الجوية، حصلت مصر على المقاتلات الفرنسية متعددة المهام” الرافال”، والمقاتلات الروسية متعددة المهام “ميج-29 إم2”، لتعمل جنباً إلى جنب مع المقاتلات أمريكية الصنع “أف-16″، التي تعتبر مصر من أكبر مشغليها في منطقة الشرق الأوسط. فيما يتعلق بالمروحيات المقاتلة، تعاقدت مصر عام 2015 على 46 مروحية قتالية روسية الصنع من نوع “كا-52″، لتصبح رابع مروحية مقاتلة تنضم للأسطول الجوي المصري، بعد المروحيات الأمريكية “أباتشي”، والمروحيات الروسية “مي-24″، ومروحيات الاستطلاع الخفيفة “غازيل”.
ه- توطين الصناعات العسكرية: انتهجت الدولة المصرية في السنوات الأخيرة استراتيجية قائمة على محاولة تحقيق الاكتفاء الذاتي عبر دعم توطين الصناعات العسكرية وإنتاجها بصبغة محلية، إذ تقوم مصر حاليًا بتصنيع كافة الدبابات والعربات المدرعة وأجهزة الاتصالات للقوات المسلحة، والصواريخ المضادة للدبابات، وبناء السفن الحربية، فضلًا عن مواصلة الجهود لدعم الصناعات المحلية وتطوير صناعة الأسلحة والذخائر وفق خطة متكاملة تُشرف عليها وزارة الإنتاج الحربي بالتعاون مع وزارة الدفاع، وقد كان افتتاح “مصنع 300 الحربي”، في فبراير 2020، بهدف تلبية احتياجات القوات المسلحة ودعم مبدأ توطين الصناعات العسكرية، دليلًا على حجم الجهود المبذولة في هذا الصدد.
ثمار هذه الاستراتيجية بدت واضحة خلال معرض “إيديكس” للصناعات الدفاعية، بنسخه الثلاث “2018 و2021 و2023″، حيث شهدت كل نسخة عرض عدد كبير من المنتجات العسكرية المصرية، التي تستهدف من خلالها القاهرة فتح أبواب متعددة لتصدير منتجاتها إلى الخارج، وهو ما بدأ يحدث فعليًا في أفريقيا ومنطقة الخليج، حيث حصلت عدة دول أفريقية على عدة أنواع من ناقلات الجند المدرعة المصرية، كما أن النسخة الأخيرة من معرض إيديكس، شهدت تركيز واضح من جانب الصناعات العسكرية المصرية، على التقنيات المسيرة وأنظمة الرادار والحرب الإلكترونية، وهي جوانب تعتبر هي الأكثر تعقيداً في الصناعات العسكرية على المستوى الدولي.
د- رفع الكفاءة القتالية: لم يكن التحديث والتطوير في المنظومة العسكرية والتسليح المصري ليُؤتي ثماره دون أن يتم ذلك جنبًا إلى جنب مع تطوير ورفع القدرات القتالية لعناصر القوات المسلحة المصرية، وقد اتبعت الدولة المصرية في هذا الصدد عددًا من المسارات من بينها تطوير وتحديث المؤسسات التعليمية العسكرية وفقًا لأحدث برامج العلوم العسكرية الدولية، ودعم برامج والمشاركة في الأنشطة العسكرية الدولية، ناهيك عن توسيع حجم المناورات العسكرية والتعاون مع عدد من الدول بهدف صقل مهارة وقدرات عناصر القوات المسلحة وتبادل الخبرات القتالية والتكنولوجية والاطلاع على أحدث أنواع الأسلحة المتطورة، علاوة على التدريب على العمل المشترك بمسارح العمليات والحروب. ومن بين أبرز هذه المناورات “النجم الساطع” و” درع العرب” و” ميدوزا”، بالإضافة إلى مناورات “كليوباترا” و” رعد الشمال”، وغيرها من المناورات العسكرية الثنائية ومتعددة الأطراف.
تطوير المعادلة الأمنية المصرية
بعد تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي منصبه عام 2014، بدأت الدولة المصرية في تنفيذ خطة كبيرة وشاملة تشمل العديد من الإصلاحات والإجراءات المختلفة، بهدف كفالة وتحقيق أمن المواطن، وإعادة هيبة الدولة وسيطرتها على كافة أرجاء الوطن، وكذا إعادة الثقة للأجهزة الأمنية المعنية بضبط الأمن وتحقيق الاستقرار، ومعالجة ظاهرة الإرهاب من خلال منظور شامل متعدد الجوانب، مع الحرص قدر الإمكان على تجنب الآثار الجانبية التي تمس المواطنين في مناطق المواجهة. وقد ارتكزت جهود الشرطة المصرية في مساعيها إلى مواجهة ظاهرة الإرهاب -وهي الجهود التي بدأت فعليًا عام 2015- على محورين أساسيين:
- المحور الأول: يقوم على رصد وتتبع كافة الشبكات الإرهابية داخل مصر وتفكيك قواعد الدعم اللوجيستي لها وقطع أوصالها وتجفيف منابع التمويل سواء من الداخل أو الخارج، وتشديد الحصار المفروض عليها، وذلك بالتزامن مع تشديد أعمال الرقابة والتأمين على الحدود وكافة الاتجاهات الاستراتيجية بالتعاون مع كافة الأجهزة المعنية.
- المحور الثاني: يقوم على تنفيذ حملات المداهمة والضربات الاستباقية بالتعاون مع المواطنين في مختلف المحافظات وأهالي سيناء. ذلك فضلًا عن البدء الفوري في مشروعات التنمية الشاملة والتنمية المستدامة في كافة أنحاء الجمهورية للارتقاء بالأوضاع المعيشية والاجتماعية للقضاء على البيئة المغذية للإرهاب، بالإضافة إلى تمكين الشباب واحتوائهم لحمايتهم من مخاطر الفكر والاستقطاب المتطرف.
على المستوى الميداني وبناءً على الاستراتيجية السالف ذكرها، شرعت وحدات الشرطة المصرية المختلفة في مساندة القوات المسلحة خلال سلسلة العمليات العسكرية والأمنية التي بدأت في سيناء، بداية من العمليتين العسكريتين “نسر-1” و”نسر-2″، وصولاً إلى المرحلة الأولى من العملية العسكرية والأمنية الشاملة “حق الشهيد”، التي تم إطلاقها في السابع من سبتمبر 2015، لمواجهة الإرهاب بمناطق (رفح – الشيخ زويد – العريش)، وتلتها المرحلة الثانية في الثالث من يناير 2016، وقد شاركت وحدات العمليات الخاصة التابعة لقطاع الأمن المركزي في الشرطة المصرية بشكل مكثف في كلا العمليتين اللتين تم خلالهما القضاء الجزء الأكبر من البنية التحتية للتنظيمات الإرهابية من أوكار وبؤر ومخازن وملاجئ، وتصفية أغلب قيادات الصف الأول والثاني لهذه التنظيمات.
ولم تقتصر الجهود التي بذلتها الدولة المصرية لمواجهة الإرهاب على سيناء فقط، وإنما شملت كافة محافظات الجمهورية؛ إذ قامت وزارة الداخلية من خلال قطاع الأمن الوطني والأمن المركزي بتوجيه عدد كبير من الضربات الاستباقية والنوعية ضد عناصر جماعة الإخوان في الداخل، وضبط عدد كبير من الأوكار الإرهابية التي تستخدمها الجماعة لشن الهجمات. وقد أسفرت الجهود السالف ذكرها عن تمكن كافة إدارات وفروع الشرطة المصرية مطلع عام 2016 من استعادة زمام المبادرة في الحرب ضد الإرهاب، وكان مصرع القيادي الإخواني “محمد كمال” الذي كان يتولى إدارة النشاط المسلح لجماعة الإخوان عام 2016 في تبادل لإطلاق النار مع الأجهزة الأمنية خلال محاولة القبض عليه هو أول ثمار استعادة جهاز الشرطة لتماسكه، وتمثل هذا بشكل واضح في التراجع التدريجي في عدد العمليات الإرهابية منذ ذلك التوقيت، وهو ما يؤكد أن الجهود المكثفة التي بذلتها مصر خلال السنوات الماضية تؤتي ثمارها، ومثلت هذه النتيجة الخطوة الأولى في تقوية جانب من جوانب “القوة الشاملة” وهو القدرة الأمنية في مواجهة التهديدات الداخلية.
التحسن في مجال مكافحة الإرهاب واكبه نجاح آخر في مواجهة الجرائم الجنائية بكافة أشكالها؛ إذ تمكنت أجهزة وزارة الداخلية المصرية من مواجهة وضبط جرائم المخدرات، وجرائم التهرب الضريبي والجمركي، وجرائم الأموال العامة، وجرائم المصنفات والهجرة غير الشرعية، فضلًا عن جهود مكافحة التعدي على ممتلكات الدولة وجهود ضبط الأسواق والحفاظ على صحة المواطنين. وقامت الوزارة بوضع آليات أمنية لمواجهة ظاهرة تنامي الاقتصاد الموازي وتأمين مسيرة التنمية ودعم مقومات الاستثمار حفاظًا على مقدرات الدولة، ونجحت في التصدي لجرائم الفساد والرشوة واستغلال النفوذ والاختلاس والإضرار بالمال العام وجرائم التزييف والتزوير، وكل ما من شأنه الإضرار بالأمن الاقتصادي، وخاصة عمليات الهجرة غير الشرعية، التي تم تأسيس إدارة خاصة بها داخل قطاع “مكافحة المخدرات والجريمة المنظمة، الذي تمت إعادة تنظيمه بشكل كامل، بما يساهم في زيادة الثقة الإقليمية والدولية في قدرة مصر على الحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية، وهي ثقة عبرت عنها مراراً قيادات غربية عدة.
الاستقرار الداخلي.. يلقى بظلاله على الأداء السياسي المصري إقليمياً ودولياً
ظلت مصر على مدار عقود، الحاضن الأكبر لقضايا العرب الأشقاء، حيث سجل التاريخ مساهمات عديدة للدولة المصرية في إنهاء الأزمات في المنطقة العربية وإعادة الاستقرار، تكريساً لدورها في محيطها العربي والإقليمي كدولة محورية ورئيسية في المنطقة العربية، وبما لها من ثقل إقليمي وعربي قوة ومكانة، وما يضيفه لها موقعها الجغرافي ودورها التاريخي. وقد ظهر بجلاء خلال العشرية المنصرمة، أن البعد العربي كان أساسياً في النظرة المصرية للإقليم، وظهرت فيه ملامح أعادت للذاكرة ملامح القومية العربية، فبدأت مصر بتطوير وتحسين علاقاتها مع البوابة الشرقية للأمة العربية – العراق – وباتت القاهرة مع بغداد وعمان، محور نموذجي للتكامل العربي، يحتذى به في قادم السنوات، وهو هدف مصري معلن، تستهدف من خلاله القاهرة تعزيز التضامن العربي، ونبذ الخلافات.
هذا التكامل شهدته كذلك العلاقات المصرية الخليجية بشكل عام، خاصة مع الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وكانت مصر صاحبة صبر استراتيجي طويل فيما يتعلق بالعلاقات مع بعض الدول العربية والإقليمية – مثل قطر وتركيا – وهو ما أثمر بنجاح عن التحسن الواضح في العلاقات المصرية بكلا الدولتين، وتراجع كل من أنقرة والدوحة عن الجانب الأكبر من توجهاتهما السابقة حيال مصر في مرحلة ما بعد ثورة الثلاثين من يونيو 2013.
خلال هذه الفترة، امتدت اليد المصرية الداعمة والمساندة في كافة أرجاء الإقليم، فكانت وسيطاً بالمشاركة مع روسيا بين المكونات الكردية في الشرق السوري والحكومة السورية، وداعمة على المستوى الاقتصادي لكل من العراق والأردن، وتدخلت بشكل حاسم في الملف الليبي حين وجدت أن الإرهاب بات على مشارف حدودها الغربية، ففرضت الخط الأحمر الشهير – ليس بهدف العدوان أو التهديد – بل بهدف وقف حرب داخلية أتاحت لأطراف إقليمية التدخل بشكل غير بناء في ملف عربي محض، وقد كانت التطورات اللاحقة في هذا الملف دليلاً واضحاً على حسن إدارة القاهرة لهذه الأزمة، بداية بالنجاح في إيقاف الحرب، وصولاً إلى بدء تشكل قناعة واضحة لدى كافة الأطراف الليبية والدولية، بأن الحل الوحيد للأزمة الليبية هو حل سياسي محض، لا مكان فيه للميليشيات أو التدخل الخارجي العسكري.
أفريقيا كانت مثال آخر من أمثلة تعاظم التأثير المصري الخارجي، وليس أدل على ذلك من سلسلة الاتفاقيات الاقتصادية والعسكرية التي وقعتها القاهرة مع طائفة واسعة من دول شرق وجنوب شرق أفريقيا، والزيارات المتتالية للمسئولين المصريين إلى دول أفريقية – وبعضها لم يزره أي مسؤول مصري منذ عقود – وهي ملامح إذا أضفنا إليها تعاظم الدور الاقتصادي المصري عبر الشركات العاملة في الدول الأفريقية، وعبر المساعدات الطبية والعينية التي ترسلها القاهرة بشكل دوري إلى هذه الدول، كلها تؤكد ليس فقط عودة مصر إلى أفريقيا، بل تصدرها المشهد الأفريقي بشكل كامل.
أما على المستوى الدولي، فيمكن اعتبار النقطة الإيجابية الحالية التي وصلت إليه العلاقات المصرية مع كافة دول العالم، وبشكل خاص الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا الاتحادية ودول الاتحاد الأوروبي، بمثابة دلائل واضحة على إيمان هذه القوى الدولية وغيرها من الدول، بأهمية الدور المصري في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، خاصة حيال الأوراق التي تمتلكها القاهرة لحلحلة الأزمات المستعصية في المنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
الملف المصري والعربي الأهم والأبرز … فلسطين
كان ملف القضية الفلسطينية، أحد أهم الدلائل على تعاظم القوة المصرية الشاملة، حيث تضمنت المقاربة المصرية لهذه القضية المحورية، مسارين أساسيين، الأول يرتبط بأهمية توحيد الجهود العربية والدولية لإعادة تنشيط الآليات الضالعة في مسار السلام في فلسطين، على أساس حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 4 يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، مع الحفاظ على مواقف أساسية ثابتة ترفض الحلول الأحادية، التي تعيق إقامة الدولة الفلسطينية، مثل الاستيطان والإجراءات التي تتخذها إسرائيل في القدس، مع دعم الحقوق العادلة للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها حق العودة للاجئين.
المسار الثاني يتضمن التحرك بشكل أكبر لإنهاء حالة الانقسام التي يعاني منها الكيان الفلسطيني، وتحريك مسار المصالحة الوطنية وبناء قواعد الثقة بين الأطراف الفلسطينية. وحقيقة الأمر أن مسار المصالحة الوطنية كان من أولويات مصر في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، حيث تولت مصر منذ نوفمبر 2002، رعاية الحوار الفلسطيني – الفلسطيني، عبر جولات متكررة استهدفت تحقيق الوفاق الفلسطيني، واستمرت المساعي المصرية لتفعيل هذا المسار الذي كلما تمت فيه خطوة أصابه الجمود مرة أخرى، أدراكاً من القاهرة إلى أن توحيد الرؤى الفلسطينية هو المسار الوحيد الذي من خلاله يمكن إيجاد حلول دائمة للقضية الفلسطينية، وتكللت الجهود المصرية بالنجاح في أكتوبر 2017، عبر رعايتها اتفاق تاريخي للمصالحة الفلسطينية، وقعته حركتا التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” والمقاومة الإسلامية “حماس”، تم بموجبه الاتفاق على توحيد المؤسسات الحكومية وتمكين الحكومة الفلسطينية من ممارسة مهامها والقيام بمسؤولياتها كاملة في إدارة شؤون قطاع غزة كما في الضفة الغربية.
تضارب الرؤي الفلسطينية جعل مسار المصالحة يتباطأ مرة أخرى خلال السنوات اللاحقة، لذا حرصت مصر على إدامة التواصل المشترك بين الفصائل الفلسطينية، فقامت برعاية نحو 20 اجتماعًا منذ 2017، استهدفت توحيد الصف الفلسطيني، كان من أهمها جلسات الحوار الوطني الفلسطيني، التي استضافتها القاهرة في فبراير 2021، وشارك فيها 14 فصيلا فلسطينيا، هم من سبق لهم التوقيع على اتفاق المصالحة في القاهرة عام 2011، وتناولت المباحثات في هذه الجلسات الاتفاقيات والتفاهمات الثنائية التي تمت حول إجراء الانتخابات الفلسطينية،
ويبقى الاجتماع الأهم – بالنظر إلى التحديات التي شهدها الملف الفلسطيني على المستويين الميداني والسياسي خلال العامين الماضيين، هو الاجتماع الذي استضافته مدينة العلمين المصرية، في يوليو 2023، ليس فقط من أجل دفع مسار التواصل والتعاون والحوار بين هذه الفصائل، بل أيضاً لمواجهة تصاعد السياسات الإسرائيلية القمعية ضد الشعب الفلسطيني، والمتمثلة بالاقتحامات والعمليات العسكرية المتكررة وتسارع النشاطات الاستيطانية. هنا لابد من الإشارة إلى أن مصر كانت تضع ضمن أولوياتها في هذا المسار، إيجاد آلية يمكن من خلالها المحافظة على كيان منظمة التحرير الفلسطينية، بالنظر إلى كونها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وفي نفس الوقت إيجاد آلية تسمح بضم فصائل فلسطينية أخرى مثل إليها، بحيث يتم التوصل إلى آلية عملية لتوحيد كافة الفصائل على مستوى القرار والتوجه.
في ما يتعلق بمسار السلام وإيجاد حلول سلمية للقضية الفلسطينية، دعمت مصر – كما سبق ذكره – كافة المؤتمرات والمبادرات السلمية في هذا الصدد، ومازالت تضع في سلم أولوياتها، التحرك في هذا الصدد على قاعدة إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، ضمن مسار “حل الدولتين”، لذا كانت مواقفها المعلنة من بعض المبادرات السلمية التي تم طرحها خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، متسقاً مع هذه القاعدة، مع التأكيد على دعمها الثابت والكامل للقضيّة الفلسطينيّة العادلة وللقيادة الفلسطينّية الشرعيّة، إصرارها على إحلال السلام والتوصّل إلى تسوية تعيد للشعب الفلسطينيّ كامل حقوقه المشروعة من خلال إقامة دولته المستقلّة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقيّة، وذلك وفق الكلمة التي ألقاها وزير الخارجيّة المصري سامح شكري خلال الاجتماع الطارئ الذي عقدته الجامعة العربيّة في فبراير 2020.
نجدة قطاع غزة والدور الأساسي للقاهرة في وقف التصعيد الميداني
تحركت مصر في مسارات عديدة، وهي تواجه بشكل شبه دوري، تداعيات جولات التصعيد المتكررة من جانب الجيش الإسرائيلي ضد قطاع غزة، والتي تطورت خلال الأشهر الأخيرة لتشمل عدة مناطق في الضفة الغربية، منها مخيم جنين، لكن كانت جولات التصعيد ضد قطاع غزة دوماً هي الأكبر والأكثر صعوبة في إخمادها وإيقافها، وهنا يتجلى بشكل واضح حجم وأهمية الدور المصري في مثل هذه المناسبات، ومن أقرب الأمثلة على هذا الأمر، جولة التصعيد التي شهدها قطاع غزة في مايو 2021، والتي استمرت لمدة 11 يوم، وتمكنت مصر بعد جهود حثيثة، في إيقاف هذه الجولة التي كانت هي الأعنف منذ أعوام طويلة.
المسار المصري في مثل هذه المناسبات، يتضمن السير في عدة مستويات مختلفة، أولا وقف العمليات العسكرية وفرض هدنة لدواعي إنسانية، ثم الانتقال بعد ذلك إلى وقف طويل الأمد لإطلاق النار، سيرتبط بطبيعة الحال بشروط ومطالب متعددة من كلا الطرفين، وهو ما يحتاج إلى وسيط نزيه يتمتع بثقة الجانب الفلسطيني، ويرتبط في نفس الوقت بعلاقات مع الجانب الإسرائيلي، تسمح له بممارسة مهام الوساطة، وهو ما يتوفر بشكل كامل في الجانب المصري، الذي لعب دور البطولة في التوصل للتهدئة خلال جولة مايو 2021 التصعيدية، وهو نفس الدور الذي تقوم به مصر الآن في هذه الجولة من الصراع التي تعد الجولة الأصعب.
النجاح المصري في هذا الصدد، دفع بعض الأطراف الغربية – التي كانت تفكر في انتهاج سلوك مناهض للدولة المصرية – إلى التراجع عن موقفها والإقرار بأهمية ومحورية الدور المصري، ناهيك عن إقرار القوى الدولية الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، بفعالية الدور المصري في هذه الأزمة.
اللافت في هذا الإطار أن مصر لا تكتفي فقط بالعمل على إيقاف التصعيد والقتال، فمهام الإغاثة وإعادة الأعمار تبقى جزء أصيل من هذا الجهد، فبجانب القوافل المتعددة من المساعدات المصرية التي تمر بشكل دوري عبر معبر رفح، تعهدت مصر عقب جولة مايو 2021 التصعيدية، بالعمل بشكل ميداني أكبر على إعادة إعمار قطاع غزة، وخصصت لهذا الغرض، مبلغ يعد الأضخم في تاريخ القضية الفلسطينية “نصف مليار دولار”، وهو ما وسع بشكل كبير من هامش الدور المصري في الملف الفلسطيني، ليصبح ذو اتجاهات مختلفة.
بالعودة للمشهد الحالي، تستمر الجهود المصرية لوقف التصعيد الإسرائيلي الحالي في قطاع غزة، الذي دخل شهره السادس، وذلك عبر التواصل الدبلوماسي والسياسي المستمر مع كافة الأطراف الإقليمية والدولية، خاصة في ظل التدمير الواضح الذي طال البنية التحتية لقطاع غزة، والعدد القياسي من الشهداء والجرحى، وتدهور الأوضاع الإنسانية بشكل لا يمكن قبوله، وسط استمرار لسياسة “التهجير القسري”، التي تنتهجها إسرائيل بهدف تغيير الوضع الديموغرافي لقطاع غزة، وهو ما أسفر عن وصول تعداد النازحين إلى محافظة رفح حسب الأمم المتحدة نحو 1.9 مليون شخص، أو ما يقرب من 85% من إجمالي سكان القطاع. هذه السياسة تقف القاهرة بشكل حاسم ضدها، وهو موقف تقدره كافة الأطراف الفلسطينية.
وقد كان المسار الإنساني هو من أهم مسارات التحركات المصرية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، خاصة خلال الجولة الحالية من التصعيد، وحقيقة الأمر أن نجاح مصر في إدارة ملف الهدنة الإنسانية المؤقتة، التي دامت لنحو أسبوع، كان نموذجاً للجهد النزيه الداعم للقضية الفلسطينية، حيث اتسم هذا الجهد بـ الشمولية” في إدارة مفاوضات الخاصة بتبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس، وهو جهد مستمر حالياً من أجل التوصل لهدنة إنسانية طويلة الأمد، تمهد لاحقاً لوقف كامل لإطلاق النار.
وقد حرصت مصر أيضاً على أن يتم تتويج كل ما سبق، عبر سلسلة اتصالات عربية وإقليمية ودولية واسعة، سعت لحشد الدعم والتأييد الغربي والإقليمي لعملية التبادل وللهدنة، وفي نفس الوقت ركزت على محاولة تعديل مواقف بعض الدول الأوروبية، التي كانت خلال الفترة الماضية تتخذ موقفاً “رمادياً” تجاه ما يحدث في غزة. كذلك اتسمت التحركات السياسية والدبلوماسية المصرية، بالحرص على التعاون مع كافة الأطراف، وتجنب أية مزايدات أو محاولة “لاستراق الأضواء”، وكانت هذه التحركات بمثابة تأكيد على المفهوم المصري للعمل العربي المشترك، والتعاون مع الأطراف الدولية، حيث كانت الجهود المصرية مكملة ومتضامنة مع جهود قطر والولايات المتحدة الأمريكية.
القوة الشاملة المصرية في ضوء الولاية الجديدة
كان حرص القاهرة خلال مرحلة ما بعد ثورة الثلاثين من يونيو 2013، على تعميق قوتها الشاملة، نابعاً من عدة أهداف أساسية:
- الحفاظ على الأمن القومي: سعت مصر لتطوير وتحديث المنظومة العسكرية نظرًا لتنامي التهديدات وارتفاع منسوب المخاطر التي تحيط بالدولة المصرية، خاصة بعدما ساهمت أحداث 2011 في تراجع دور الدولة في عدد من الساحات، وذلك بسبب سقوط الجيوش الوطنية لهذه الدول، الأمر الذي نجم عنه وقوع هذه الدول في قوائم الدول الفاشلة غير القادرة على تأمين وحماية أمنها القومي، بل أصبحت هذه الدول ساحة للتدخلات الخارجية وتنامي الأطماع الدولية، وعليه تعمل الدولة المصرية على تحديث منظومتها بهدف حماية أمنها القومي وتجاوز مصير دول المنطقة.
- تعدد جبهات وميادين المواجهة: حيث يمر الإقليم والمنطقة في السنوات الأخيرة بحالة من الاضطرابات والتحولات التي جعلت مصر مهددة من كافة الاتجاهات الاستراتيجية، حيث تشهد مصر ولأول مرة تهديدات من ناحية الغرب حيث الأزمة الليبية وما نجم عنها من انتشار وتفشي الجماعات والميليشيات المسلحة، ومن ناحية أخرى تتواصل التهديدات من الاتجاه الجنوبي حيث منابع نهر النيل وتأمين الملاحة وأمن البحر الأحمر، وكذا استمرار حالة عدم الاستقرار فيما يتعلق بالملف الفلسطيني على المحور الشرقي لمصر.
- مجابهة ومكافحة الإرهاب: ساهم تحديث وتطوير المنظومة العسكرية في تحجيم وتطويق الظاهرة الإرهابية حيث تراجعت بشكل كامل، بفضل جهود القوات المسلحة، ما أسهم في اضمحلال التهديدات الإرهابية الموجهة لمصر.
وبالنظر لما تقدم، يمكن القول إن التحديات الإقليمية والدولية التي تواجهها مصر مازالت مستمرة بشكل يفرض على القيادة المصرية توسيع نهجها السابق في التعامل مع هذه الأزمات بشكل حكيم ومتأني، خاصة فيما يتعلق بالملفات الإقليمية الأساسية التي مازالت تعاني من تشابكات سلبية، مثل الأوضاع في السودان وليبيا، وكذلك الأوضاع الحالية في قطاع غزة، وامتداداتها الإقليمية سواء في جنوب لبنان أو في منطقة البحر الأحمر.
هذه الامتدادات كان لها بالتأكيد تأثير على مصر اقتصادياً واستراتيجياً، لكن مكنت عناصر القوة الشاملة التي تحصلت عليها مصر خلال الفترة الماضية، خاصة على المستوى السياسي والعسكري، في توفير مناعة كافية قللت بشكل كبير من تداعيات هذه الامتدادات على مصر، ووفرت لمصر القدرة على لعب أدوار إيجابية في إيجاد حلول لهذه التشابكات والأزمات الإقليمية، وهو ما يتوقع أن يشهد دفعة كبيرة للأمام خلال الولاية الرئاسية الجديدة، في ظل رغبة مصر في تحسين الظروف الداخلية في نطاق مجالها الحيوي جنوباً وغرباً وشرقاً، وتزايد قناعة القوى الإقليمية والدولية، أحقية وجدارة مصر في لعب دورها المعتاد والتاريخي لوقف تدهور الأوضاع في المنطقة وتحقيق الأمن والاستقرار.