بعد حظر صادرات الأسلحة.. كيف شكل السلاح نقطة محورية في العلاقات بين إسرائيل وكندا؟
أعلنت كندا في ٢٠ مارس ٢٠٢٤ عن حظر تصدير الأسلحة إلى إسرائيل بعد يوم من موافقة البرلمان الكندي على اقتراح غير ملزم بشأن هذه القضية، بعد تزايد الاتهامات للحكومة الكندية بالمساهمة في عملية الإبادة الجماعية التي تقوم بها إسرائيل في قطاع غزة وما تبع ذلك من انتقادات لتنافي تصدير الأسلحة مع سياسة كندا الداعمة للحفاظ على حقوق الإنسان. وقد جاءت الخطوة في إطار تحرك أوسع من قبل البرلمان الكندي، حيث تم تمرير اقتراح غير ملزم يدعو المجتمع الدولي إلى العمل على الوصول إلى حل الدولتين، لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بما يتماشى مع سياسة الحكومة.
ورداً على القرار، انتقد وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس كندا، وقال في بيان: “أنا آسف لأن حكومة كندا تتخذ هذه الخطوة التي تقوض حق إسرائيل في الدفاع عن النفس، في مواجهة قتلة حماس الذين ارتكبوا جرائم فظيعة ضد الإنسانية وضد الإسرائيليين الأبرياء، بما في ذلك كبار السن والنساء والأطفال”، مضيفًا أن “التاريخ سيحكم على أفعال كندا الحالية بقسوة”.
وتخشى إسرائيل من كون القرار يعزز من تشويه صورتها أمام المجتمع الدولي، كما تتخوف من تأثير الدومينو الذي ينتج عن هذا القرار و الذي قد يدفع بدول أخرى أن تحذو حذو كندا وتقوم بوقف تصدير الأسلحة لإسرائيل.
قرار كندا بوقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل دفع بتسليط الضوء على حجم ونوعية الأسلحة التي يتم تصديرها، ومدى ما تلعبه تلك التجارة من محورية في العلاقات بين كندا و إسرائيل.
خلفيات القرار
تم الإعلان عن القرار عقب اقتراح برلماني قدمه الحزب الديمقراطي الجديد، والذي دعا الليبراليين الحاكمين إلى وقف صادرات الأسلحة المستقبلية إلى إسرائيل. وأعرب الديمقراطيون الجدد، الذين يدعمون حكومة الأقلية التي يترأسها رئيس الوزراء جاستن ترودو عن إحباطهم مما يرون أنه فشل في القيام بما يكفي لحماية المدنيين في غزة.
ومرر البرلمان الاقتراح المعدل بواقع 204 أصوات مقابل 117 بعد أن صوت لصالحه معظم الوزراء في الحكومة الليبرالية، وعارض الاقتراح بعض أعضاء البرلمان من الليبراليين، مثل أنتوني هاوسفاذر، وبن كار، والوزير الاتحادي السابق ماركو مينديسينو.
ودعت النسخة الأصلية للاقتراح كندا إلى “الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين”، وهي خطوة لم تتخذها أي دولة عضو في مجموعة الدول السبع. وبعد مفاوضات خلف الكواليس بين حزب الديمقراطيين الجدد والليبراليين، جرى استبعاد هذه الصياغة واستبدال صياغة أخرى بها تدعو المجتمع الدولي إلى العمل باتجاه إقامة دولة فلسطينية في إطار حل الدولتين. لكن المشرعين الليبراليين والمعارضين بمجلس العموم اشتكوا من عدم علمهم بالصياغة الجديدة وطالبوا بإتاحة الفرصة لمناقشتها، وجرى تعليق التصويت. كما طالب الاقتراح الأصلي بتعليق تجارة المنتجات العسكرية والتكنولوجيا مع إسرائيل، ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة.
وحسبما ذكرت وكالة رويترز، “هناك دلائل واضحة على وجود انقسام داخل الكتلة الليبرالية بين مؤيد ومعارض لسياسة الحكومة تجاه الصراع في غزة”. وقد انعكس ذلك في بيان صحفي أصدره الحزب الوطني الديمقراطي الفيدرالي في 12 فبراير، والذي أشار ضمنًا إلى أن الأسلحة الكندية تسهم في “الإبادة الجماعية في غزة”. بالمثل، أدانت رسالة مفتوحة بتاريخ 5 فبراير من قبل العديد من المنظمات غير الربحية والمجموعات الكنسية الكندية ما أسمته “نقل كندا لأنظمة الأسلحة إلى حكومة إسرائيل”.
وقالت كندا في وقت سابق إنها أوقفت مؤقتا إصدار تصاريح التصدير العسكرية إلى إسرائيل، إلا أنها لا تزال تقوم بتقييم الطلبات على أساس كل حالة على حدة. وفي وقت سابق، قام محامون مدافعون عن حقوق الإنسان وأعضاء بمنظمات مجتمع مدني داعمة لفلسطين، برفع دعوى قضائية ضد الحكومة الكندية لوقف صادراتها العسكرية إلى إسرائيل.
وقدمت الشكوى إلى المحكمة الفيدرالية، منظمة المحامين الكنديين لحقوق الإنسان الدولية (CLAIHR)، وهي منظمة غير حكومية، وعدد من المواطنين من أصول فلسطينية ومنظمة الحق الفلسطينية لحقوق الإنسان. وتستهدف الشكوى وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي ووزير العدل عارف فيراني.
واتهم المدعون الدولة بـ”انتهاك القانون الدولي وقانونها المحلي بشأن صادرات الأسلحة”. وطالبوا بإصدار أمر “بوقف صادرات الأسلحة غير الأخلاقية وغير القانونية من كندا إلى إسرائيل”، كما ورد في بيان المنظمة.
وفي 23 فبراير، طالب خبراء حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، بوقف صادرات الأسلحة إلى إسرائيل فورًا، مؤكدين أن أي نقل للأسلحة أو الذخيرة لاستخدامها في غزة انتهاك للقانون الإنساني الدولي.
ودعا الخبراء الأمميون في بيان لهم جميع الدول إلى ضمان احترام القانون الإنساني الدولي من قبل أطراف النزاع المسلح كما تقتضي اتفاقيات جنيف لعام 1949 والقانون الدولي، وشددوا على أنه يجب على الدول الامتناع عن نقل أي أسلحة أو ذخيرة أو أجزاء مكونة لها إذا كان من المتوقع، في ضوء الحقائق أو أنماط السلوك السابقة أن تستخدم في انتهاك القانون الدولي.
في السياق ذاته، وصفت منظمة “كنديون من أجل العدالة والسلام في الشرق الأوسط” الاقتراح في بيان لها بأنه “مخفف”، لكنها قالت إنه يمثل “خطوة صغيرة إلى الأمام لإنهاء التواطؤ الكندي في حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل في غزة”.
وبعد التصويت على الاقتراح، وصفت مجموعة الضغط التابعة لمركز إسرائيل والشؤون اليهودية النتيجة بأنها “مضللة ومخادعة”.
الحرب على غزة ترفع من حجم صادرات السلاح
بعد اندلاع الحرب على قطاع غزة في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ وحتى ديسمبر من نفس العام، أصدرت كندا تصاريح التصدير لإسرائيل بما لا يقل عن 28.5 مليون دولار كندي (21 مليون دولار). لكن أوتاوا تنفي الاتهامات بأن هذه الصادرات غير قانونية، قائلة إن البضائع ذات طبيعة “غير قاتلة”.
وبالمقارنة، صدرت الشركات الكندية سلعًا عسكرية بقيمة 21.3 مليون دولار إلى إسرائيل في عام 2022، و27.8 مليون دولار في عام 2021. وهذا يعني أن كندا وافقت على المزيد من صادرات السلع العسكرية إلى إسرائيل في الأشهر الثلاثة الأولى فقط من حرب الإبادة الجماعية التي شنتها إسرائيل على غزة، وهو ما يفوق ما تم في أي سنة واحدة خلال الأعوام الثلاثين الماضية.
وخلال شهرين من اندلاع الحرب، ورد أن 1.7 مليون دولار كندي من التصاريح المصرح بها تم تصنيفها ضمن فئة تشمل القنابل والطوربيدات والصواريخ والقذائف وغيرها من الأجهزة المتفجرة، بالإضافة إلى المعدات والملحقات ذات الصلة. وغطت 18.4 مليون دولار كندي أخرى عناصر مصنفة على أنها “معدات إلكترونية”، وفقًا لوسائل الإعلام الكندية.
وفي أعقاب هذه التقارير، دعا الحزب الديمقراطي الجديد من يسار الوسط الكندي رئيس الوزراء جاستن ترودو وحكومته الليبرالية إلى نشر وثائق حول الصادرات العسكرية والتكنولوجية الكندية إلى إسرائيل منذ اندلاع الحرب.
وفي الوقت نفسه، فبعد فترة وجيزة من اندلاع الحب، أرسلت الحكومة الإسرائيلية طلبًا إلى مكتب وزيرة الخارجية ميلاني جولي للحصول على تصريح لاستيراد حوالي ثلاثين مدرعة مركبات دورية من الشركة المصنعة في أونتاريو Roshel، لكن لم يتم الرد من قبل الحكومة التي تسعى جاهدة لتحقيق توازن داخلي دقيق بشأن موقفها من الصراع بين إسرائيل وحماس، كما تقول المصادر.
وكما ذكرت صحيفة تورنتو ستار، فقد حجبت الحكومة الفيدرالية أيضًا موافقتها على تصدير السلع والتكنولوجيا العسكرية غير الفتاكة إلى إسرائيل- مثل نظارات الرؤية الليلية- بسبب مخاوف من إمكانية استخدام هذه المعدات في انتهاكات حقوق الإنسان. لكن على الرغم من ذلك، لم تقدم الحكومة الفيدرالية بعد قائمة مفصلة بالمعدات الموردة إلى إسرائيل والتي تم إرسالها قبل وضع تصاريح التصدير في طي النسيان.
إسرائيل على رأس مستوردي الأسلحة الكندية
على مدار عقود، تعد إسرائيل من أكبر 10 متلقين لصادرات الأسلحة الكندية. ففي السنوات الأخيرة، زادت مبيعات الأسلحة الكندية لإسرائيل بشكل ملحوظ مع منح 315 تصريح تصدير في عام 2022 إلى جانب صادرات عسكرية بقيمة 21,329,783 دولار. ولا تشمل هذه الأرقام الأجزاء الكندية المصدرة إلى الولايات المتحدة، والتي بدورها يتم دمجها في المعدات العسكرية الأمريكية مثل طائرات F-35 المقدمة إلى الجيش الإسرائيلي.
وبشكل عام، تسارعت القيمة السنوية لصادرات كندا من السلع العسكرية إلى إسرائيل في السنوات الأخيرة بصورة ملحوظة، وفي عام 2020 وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ أكثر من ثلاثة عقود، قبل أن تتخطى ذلك بعد الحرب.
ومنذ أن تولى ترودو السلطة (2015-2023)، صدرت الشركات الكندية ما يقدر بنحو 150 مليون دولار من السلع العسكرية إلى إسرائيل. تتضمن هذه الصادرات شركات خاصة تستفيد من الحصول على موافقة وزارة الشؤون العالمية الكندية للحصول على تراخيص التصدير.
ووفقًا لمجموعات البيانات السنوية التي تنشرها Global Affairs Canada، على مدار العقد الماضي، صدرت كندا ما يزيد عن 140 مليون دولار (بالقيمة الثابتة للدولار الكندي) من السلع العسكرية إلى إسرائيل، بما في ذلك مكونات الطيران العسكري وكذلك القنابل والصواريخ والمتفجرات والأجزاء المرتبطة بها. بالإضافة إلى الصادرات المباشرة، تم أيضًا تزويد إسرائيل بالتكنولوجيا المنتجة في كندا من خلال دمجها أولًا في الأنظمة الأمريكية المنتجة، بما في ذلك المكونات المدمجة في مقاتلة الضربة المشتركة F-35 التي استخدمتها إسرائيل في حملة القصف عبر غزة.
ما هي الأسلحة التي تصدرها كندا لإسرائيل؟
في المجمل، لا تقدم الحكومة الكندية معلومات مفصلة أو محددة حول البضائع العسكرية التي يتم تصديرها، ومن يبيعها، ومن يشتريها، أو كيف سيتم استخدامها. تبرر الحكومة هذه السرية بالادعاء بأنها يجب أن تحمي الخصوصية التجارية لصانعي الأسلحة وتجارها، ولا تقدم الحكومة سوى فئات غامضة تعطي فكرة عامة عن نوع الصادرات العسكرية. وهذا يجعل من الصعب للغاية تقييم التأثير الحقيقي لصادرات كندا على حقوق الإنسان.
ويتم نشر البيانات المتعلقة بصادرات الأسلحة الكندية في التقرير السنوي عن صادرات السلع العسكرية من كندا، والذي يتم تقديمه إلى البرلمان قبل 31 مايو من كل سنة تقويمية.
وفي حين حقق تقرير كندا السنوي زيادات هامشية في الشفافية في السنوات الأخيرة، فإنه يتم تقديم القليل من المعلومات حول طبيعة التحويلات الفردية، والقيمة الإجمالية لعمليات النقل، وعدد تصاريح التصدير المصرح بها.
أما البيانات المتعلقة بالتصدير ذات الاستخدام المزدوج مثل السلع (التكنولوجيا الخاضعة للرقابة التي يمكن استخدامها في كل من التطبيقات التجارية والعسكرية)، فلم يتم تضمينها إلى حد كبير في التقرير السنوي.
وفي السنوات الأخيرة، شملت الفئات الرئيسة للصادرات العسكرية الكندية إلى إسرائيل ما يلي:
١) القنابل والطوربيدات والصواريخ والقذائف وغيرها من الأجهزة المتفجرة والمكونات ذات الصلة.
٢) الطائرات العسكرية و/أو المكونات ذات الصلة.
٣) المركبات الفضائية العسكرية و/أو المكونات ذات الصلة.
وتعد المكونات، هي القطع الصغيرة التي تتم إضافتها إلى نظام أسلحة أكبر (على سبيل المثال، جناح الذيل أو قطعة من معدات الهبوط التي تتم إضافتها لاحقًا إلى طائرة مقاتلة، أو جهاز استشعار يتم إضافته إلى نظام أسلحة أكبر، صاروخ أو طائرة بدون طيار). وعلى الرغم من نفي المصادر الحكومية قيام كندا بتصدير أنظمة أسلحة كاملة منذ 7 أكتوبر 2023، لكن هذا لا يستبعد احتمال تصدير مكونات كندية لأنظمة أسلحة أكبر، مما يورطها في قتل الفلسطينيين.
بالإضافة إلى ما سبق، تصدر كندا الأسلحة إلى إسرائيل عبر الولايات المتحدة، وبسبب الثغرات، لا يتم الإبلاغ عن هذه التجارة على الإطلاق، وبالتالي فهي غير منظمة بموجب قانون التصدير الكندي للمعدات العسكرية. على سبيل المثال، تنتج كندا مكونات مختلفة تصبح جزءًا من جميع الطائرات المقاتلة من طراز F-35،مثل أجزاء من جهاز الهبوط، وأجزاء من المحرك، وأجزاء من الأجنحة. وهذا يعني أن طائرات إف-35 الإسرائيلية التي تشارك في قصف المدنيين في قطاع غزة، جميعها مجهزة بأجزاء كندية. ومع ذلك، نظرًا لأنه يتم إرسال هذه الأجزاء أولاً إلى الولايات المتحدة، حيث يتم إضافتها إلى طائرات F-35 قبل شحنها إلى إسرائيل، فإن هذه الصادرات غير مدرجة في أرقام الصادرات العسكرية الإجمالية لكندا. ويعني ذلك أيضًا أن هذه الصادرات لا تخضع لتقييم المخاطر المتعلقة بحقوق الإنسان.
وعلى الرغم من نفي الحكومة الكندية تقديم أسلحة مباشرة إلى الحكومة الإسرائيلية، إلا أنه من المؤكد أن كندا تلعب دورًا مركزيًا في تجارة الأسلحة مع إسرائيل من خلال:
١) الموافقة على تصاريح التصدير والاستيراد لتجارة الاستخدام العسكري.
٢) تسهيل التجارة الخاصة للسلع والتكنولوجيا العسكرية من منتجي الأسلحة الكنديين إلى المشترين الإسرائيليين، بما في ذلك التجارة غير المنظمة.
٣)نقل الأسلحة عبر الولايات المتحدة.
وفي حين أن الحكومة الكندية لا تقدم أسلحة لإسرائيل، فإن موافقتها وتسهيل الصادرات جزء لا يتجزأ من تجارة الأسلحة بين كندا وإسرائيل. ومن المحتمل أيضًا أن العديد من الأسلحة التي ترسلها الولايات المتحدة قد تحتوي على مكونات كندية لأن أمريكا الشمالية لديها مجمع صناعي عسكري متكامل.
يظهر تقرير كندا السنوي أن إسرائيل كانت الوجهة الأولى غير الأمريكية من حيث عدد تصاريح التصدير المستخدمة للسلع والتكنولوجيا العسكرية، حيث تم استخدام 315 تصريحًا في عام ٢٠٢٢. ويبدو أن ما يقرب من نصف قيمة صادراتها العسكرية مرتبط بإسرائيل. فإجمالي القيمة المرتبطة ببرنامج الفضاء 10,465,925 دولارًا، في حين لا يزال جزء كبير يتعلق بالطائرات العسكرية 4,966,293 أو المصنف كمتفجرات أو مكونات ذات صلة 3,174,297 دولارً. وهذا يثير احتمال أن تكون الأسلحة الكندية أو المكونات أو التكنولوجيا ذات الصلة قد تم دمجها في الغارات الجوية الإسرائيلية ضد البنية التحتية المدنية في غزة، من بين استخدامات أخرى.
هل تنتهك كندا التزاماتها القانونية بتصدير الأسلحة إلى إسرائيل؟
نعم، تنتهك كندا بشكل واضح مسؤولياتها بموجب القانون الدولي والمحلي:
فبموجب معاهدة تجارة الأسلحة، يجب على كندا رفض تصاريح تصدير الأسلحة إذا كان هناك احتمال أن يتم استخدامها لارتكاب أو تسهيل انتهاك خطير للقانون الدولي. ونظرًا للاحتلال الإسرائيلي ونظام الفصل العنصري الذي تطبقه على الشعب الفلسطيني، هناك خطر واضح من احتمال تورط الأسلحة الكندية في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وبموجب التشريعات المحلية، فإن كندا ملزمة برفض تصاريح تصدير الأسلحة إذا كان هناك “خطر كبير” من أن يؤدي التصريح إلى تقويض السلام والأمن أو إذا كان من الممكن استخدامه لارتكاب أو تسهيل “أعمال خطيرة من العنف القائم على النوع الاجتماعي أو أعمال خطيرة مثل العنف ضد النساء والأطفال.” ولأن ٧٠% من الفلسطينيين الذين قتلوا في الحرب الإسرائيلية الحالية على غزة هم من النساء والأطفال، فإن هناك خطرًا لا يمكن إنكاره يتمثل في تورط الأسلحة الكندية في مثل هذه الجرائم.
وبموجب اتفاقية الإبادة الجماعية، فإن كندا ملزمة بـ “منع ومعاقبة” جريمة الإبادة الجماعية. وقد أكد حكم محكمة العدل الدولية بوجود خطر بحدوث إبادة جماعية في غزة ودعت إسرائيل إلى اتخاذ جميع التدابير لمنع الإبادة الجماعية، بالتالي فإن استمرار كندا في نقل البضائع العسكرية قد يشكل انتهاكًا لالتزاماتها بموجب الاتفاقية والتدابير المؤقتة التي اتخذتها محكمة العدل الدولية مؤخرًا.
وبطبيعة الحال، فإن المخاطر الدقيقة والآثار القانونية المترتبة على الصادرات العسكرية الكندية إلى إسرائيل صعبة التقييم نظرًا لعدم الوضوح فيما يتعلق بالضبط بالسلع التي يتم تصديرها وكيفية تصديرها واستخداماتها.
إجمالًا، تنظر إسرائيل لقرار كندا بوقف تصدير الأسلحة بتخوف من أن تتبعه قرارات مشابهة من دول أخرى، كما تخشى انعكاساته على صورتها أمام المجتمع الدولي، خاصة وأن كندا كانت تعد من الدول الداعمة لإسرائيل. وعلى الرغم من أن القرار لن يؤثر على إسرائيل بصورة كبيرة، كون تل أبيب لا تتلقى أسلحة فتاكة من أوتاوا، إلا أنه يحمل في طياته العديد من الدلالات والتي يأتي على رأسها قوة تأثير الضغط الشعبي على الحكومات و يطرح إمكانية التغير في سياسات الدول الداعمة في حال إصرار إسرائيل على الاستمرار في حرب الإبادة التي تشنها على قطاع غزة و التي تضرب فيها بعرض الحائط ثوابت القانون الدولي وتنتهك خلالها حقوق الإنسان بكافة أبعادها.