القضية الفلسطينية

الأغوار “سلة غذاء فلسطين” في مرمى نيران “الضم” الإسرائيلية

قبيل الانتخابات الإسرائيلية يراوغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لكسب المزيد من الأرضية والجلوس على مقعد رئيس الوزراء للمرة الثالثة ليصبح أكثر من احتل هذا المنصب منذ قيام دولة إسرائيل.

وفي ظل دعم أمريكي منقطع النظير لا تزال شهية الاحتلال الإسرائيلي مفتوحة لضم مزيد من الأراضي.وهذه المرة كانت المقامرة ضخمة بحيث أثارت في لحظات قليلة ردود فعل واسعة كانت في مجملها ردودًا غاضبة ومستنكرة لما تفوه به رئيس الوزراء الإسرائيلي حول تعهده بفرض السيادة الإسرائيلية على منطقة غور الأردن في الضفة الغربية المحتلة إذا ما أعيد انتخابه في الانتخابات المزمع عقدها في 17 سبتمبر الجاري. وأرفق ذلك بتأكيدات حول أن مناطق غور الأردن وشمال البحر الميت وهضبة الجولان هي الحزام الأمني لإسرائيل في الشرق الأوسط وبرر موقف إسرائيل بأنها تسعى للحصول على حدود ثابتة لدولتها لضمان عدم تحول الضفة الغربية إلى قطاع غزة جديد.

وأضاف نتنياهو أنه كان ينوي “إعلان السيادة الإسرائيلية على كافة الكتل الاستيطانية بالضفة الغربية، بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية، وتابع أنه ينوي إعطاء فرصة للإدارة الأمريكية بطرح “صفقتها”، ومن ثم يبدأ بإعلان السيادة الإسرائيلية على مستعمرات الضفة الغربية.

وأضاف أن باستطاعته استخلاص اعترافا أمريكيا بالسيادة الإسرائيلية على الأغوار، كما فعل فيما يتعلق بالجولان السوري المحتل 

وحسب موقع ” جلوبس” الإلكتروني فإن نتنياهو كان ينوي الإعلان الفوري عن فرض السيادة الإسرائيلية على منطقة الأغوار، غير أن  قرار المحكمة العليا الإسرائيلية حول صلاحيات الحكومة الانتقالية الإسرائيلية أوقف ما كان ينوي إليه. وحسب مصادر أخرى فإن الإعلان الفعلي للسيادة تم إرجاؤه بناء على طلب أمريكي للتمهل حتى الإعلان عن بنود صفقة القرن.

وعلى أي حال فإن المحاولات الدؤوبة من الجانب الإسرائيلي لضم تلك المنطقة من غور الأردن وشمال البحر الميت ليست جديدة،ففي عام 2014 أعلنت حكومة الاحتلال الإسرائيلي على مصادقة أكثرية الوزراء على مشروع قانون تقدم به أحد النواب لضم منطقة الغور الأردنية إلى السيادة الإسرائيلية .كما تحدث أفيجدور ليبرمان، وزير خارجية الكيان في عام 2012، عن ضرورة ضم الغور، قائلًا حينها إن أمن إسرائيل يعتمد على ضم غور الأردن، ولا يمكن المجازفة بخسارة عسكرية أو سياسية فيه.

موقع غور الأردن والتركيبة الديموجرافية

تمتد المنطقة  على طول ضفة نهر الأردن الذي يقع الجزء الأكبر منه داخل الأراضي الأردنية ويمتد إلى الأراضي الفلسطينية من الجهة الأخرى، إضافة إلى منطقة البحر الميت، ومن ناحية الأهمية الاستراتيجية تعتبر منطقة غور الأردن واديًا خصبًاعلى امتداد 400 كيلومتر ،يتمتع ببيئة وأجواء مناسبة لزراعة الكثير من المحاصيل الزراعية وهو ما أكسبه تسمية “سلة غذاء فلسطين”.

ووفق المكتب المركزي للإحصاء يعيش في غور الأردن 6042 إسرائيليا، وسجلت في العشرين سنة الأخـيرة زيـادة صـغيـرة عـلى عدد الـمـستـوطـنين في الغور بمعدل 60 شخصاً كل سـنـة.

 وفي آخر استطلاع رأي نشر في موقع «واللا» الإخباري، جاء أن 62 في المئة من هؤلاء المستوطنين مستعدون لترك المنطقة والعودة للعيش في إسرائيل في حال تحقيق السلام مع الفلسطينيين.المصادر الإسرائيلية تشير أيضاً إلى أن عدد الفلسطينيين في الغور أكبر بعشرة أضعاف ويبلغ حوالى 65 ألف فلسطيني.

رد الفعل الأردني كان الأول

أول ردود الأفعال  جاء على لسان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، أمس الثلاثاء، في بيان صادر عنه جاء فيه : “ندين إعلان نتنياهو عزمه ضم المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفرض السيادة الإسرائيلية على منطقة غور الأردن وشمال البحر الميت . ووصف ما تم بأنه تصعيد خطير ينسف الأسس  التي قامت عليها العملية السلمية ويدفع المنطقة برمتها نحو العنف وتأجيج الصراع .

خطوة استباقية لصفقة القرن

حذر مسئولون فلسطينيون من خطورة ما أعلن عنه الجانب الإسرائيلي باعتباره أنه يفوق مجرد محاولة كسب أرضية قبل انتخابات 17 سبتمبر، ووصف المسئولون الخطوة بأنها المحدد الأساسي لتنفيذ خطة السلام الأمريكية في جانبها السياسي قبل الإعلان عنها بالفعل. وهو ما استبق بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل وإعلان السيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان.

منظمات دولية وإقليمية تحذر

 في نفس اتجاه رد الفعل الفلسطيني  حذر الاتحاد الأوروبيمن تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ضم غور الأردن في الضفة الغربية المحتلة إذا فاز في انتخابات الأسبوع المقبل، قائلا إن هذه الخطوة “تقوض فرص السلام في المنطقة”.

وأكد الاتحاد الأوروبي أنه لن يعترف بأي تغيير في حدود إسرائيل لم يتفق عليه الطرفان، وذلك بعدما دان الفلسطينيون وكذلك المملكة العربية السعودية والأردن وتركيا بشدة تصريحات نتانياهو الثلاثاء.كما حذرت الأمم المتحدةالثلاثاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو من أن خطته بضم غور الأردن في الضفة الغربية المحتلة في حال إعادة انتخابه لن يكون لها “أساس قانوني دولي”.

أما مجلس جامعة الدول العربية، فوصف  إعلان رئيس حكومة الاحتلال نيته ضم أراضٍ من الضفة الغربية المحتلة إلى السيادة الإسرائيلية، بالتطور الخطير والعدوان. كما أنه الإعلان  ينتهك القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بما فيها قرارا مجلس الأمن 242 و338  .

السعودية تدين

وجاء بيان الديوان الملكي السعودي جامعًا لكل ما جاء في بيانات الإدانة العربية ، وجاء في البيان الصادر عنه أن المملكة العربية السعودية  تدعو إلى عقد اجتماع طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي على مستوى وزراء الخارجية لبحث هذا الموضوع ووضع خطة تحرك عاجلة وما تقتضيه من مراجعة المواقف تجاه إسرائيل بهدف مواجهة هذا الإعلان والتصدي له واتخاذ ما يلزم من إجراءات”. واعتبرت المملكة الإعلان الإسرائيلي تصعيدًا بالغ الخطورة بحق الشعب الفلسطيني، وانتهاكاً صارخاً لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي والأعراف الدولة .

وجاء في بيان الديوان الملكي أن محاولات إسرائيل فرض سياسة الأمر الواقع لن تطمس الحقوق الثابتة والمصانة للشعب الفلسطيني وأن انشغال العالمين العربي والإسلامي بالعديد من الأزمات المحلية والإقليمية لن يؤثر على مكانة قضية فلسطين لدى الدول العربية والإسلامية .

كاتب

نيرمين سعيد

باحث أول بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى