جهود الحكومة في مواجهة التضخم وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية
تبنت الدولة المصرية نهجًا جديدًا لتحقيق العدالة الاجتماعية، وحزمة من السياسات الاجتماعية الشاملة لدعم وحماية الفئات الأكثر احتياجًا وتعزيز الأمن الإنساني، وذلك بالتزامن مع الإصلاحات الاقتصادية وتحقيق معدل آمن للتضخم تزامنًا مع قرار تحرير سعر الصرف، فتعاملت مع قضية الحماية الاجتماعية من منظور احتوائي شامل، وعملت على توسيع خيارات المواطنين.
فوفقًا لخطة عام 2023/2024 تم تخصيص529.7 مليار جنيه لبرامج الدعم والحماية الاجتماعية، بزيادة تقدر بنحو 48.8٪ عن العام المالي الماضي. كما تم زيادة الحد الأدنى للعلاوات المقررة للعاملين بالدولة والتعجيل بزيادة الأجور للمرة الخامسة خلال السنوات الأربع الماضية وذلك بمثابة إدراك كامل للوضع الاقتصادي الذي يعيشه المصريون بالإضافة إلى ارتفاع الحد الأدنى للأجور من 1200 جنيه في مارس 2019 ليصل إلى 4000 جنيه في سبتمبر من عام 2023 بنسبة زيادة تتجاوز 230% خلال تلك السنوات. وعليه، من المتوقع أن تكلف تلك الزيادة الموازنة العامة للدولة حوالي 2.5 مليار جنيه شهريًا بواقع 25 مليار جنيه حتى نهاية العام المالي (2022/2023) اعتمادًا على أن العاملين بالدولة حوالي 5 ملايين موظف.
ولم تنتهي جهود الحكومة حتى تم مضاعفة العلاوة الاستثنائية سبتمبر 2023 لأصحاب المعاشات الاجتماعية وزيادتها لتصبح 600 جنيه بدلًا من 300 جنيه يستفيد منها حوالي 11 ملايين مواطن. وذلك يُعني أن الموازنة العامة للدولة ستتكلف شهريًا حوالي 3.3 مليارات جنيه، وستتكلف حوالي 33 مليار جنيه حتى نهاية موازنة العام 2023/2024. كما تم رفع الحد الأدنى للإعفاء من ضريبة الدخل من 36 ألف جنيه إلى 45 ألف جنيه بزيادة قدرها حوالي 25%، أي بحوالي 9000 جنيه وذلك يُكلف الموازنة العامة للدولة حوالي 3.8 مليارات جنيه.
وبالنسبة لإجراء دعم السلع التموينية؛ ارتفعت المخصصات الموجهة للدعم في الموازنة الجديدة 20232024 إلى 451.7 مليار جنيه مقارنة بـ 331.2 مليار جنيه في الموازنة الحالية 2022/2023، بزيادة بلغت نسبتها نحو 36%، وقد حظيت 5 هيئات اقتصادية بالزيادة الحاصلة في الدعم بالموازنة الجديدة. والقيام برفع مستويات كفاية المخزون من السلع الاستراتيجية وتعزيز الكميات المطروحة من السلع الاستهلاكية في الأسواق والمجمعات الاستهلاكية، حيث حرصت الدولة على توفير مختلف أنواع السلع للمواطنين في الأسواق المحلية.
فبلغت الاحتياطيات في 13 نوفمبر 2022 من القمح نحو 4.8 أشهر كما ارتفعت واردات مصر من القمح بنسبة 30% منذ بداية العام وحتى سبتمبر الماضي، لتصل إلى 8.3 مليون طن بحسب بيانات وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي المصرية والسكر التمويني 6 شهر، والزيت 5.7شهر، ويوجد عقود من اللحوم الطازجة والدواجن تكفي لما يتراوح من 3 لـ 6 أشهر والأرز 3.3 شهر وذلك لأنه لن يتم تصديره لتحقيق أساسيات واحتياجات الدولة.
إضافة إلى ذلك توجيهات رئاسية بسرعة الإفراج الفوري عن البضائع بمُختلف الموانئ، على أن يتم التنسيق مع البنك المركزي والوزارات المعنية لسرعة الإفراج خاصة عن السلع الغذائية، والأدوية، والأعلاف، ومستلزمات الإنتاج تُقدر بنحو 2 مليار دولار وهو ما سيُسهم في توازن الأسعار وانخفاضها. كما أطلق مجلس الوزراء مبادرة خفض الأسعار حيث تم التوافق على خفض أسعار 7 سلع أساسية من 15 لـ 25%؛ تشمل قائمة السلع: “السكر – الزيت- العدس- الفول- الألبان – الجبن- المكرونة” بالإضافة إلى الدواجن والبيض حققت المبادرة بعض النجاحات في تحقيق الأهداف التي وضعتها فهي فرصة للتخفيف من العبء المالي على المواطنين ودعم الاقتصاد الوطني. على الرغم من التحديات التي تواجه المبادرة، فإنها تظل خطوة إيجابية نحو تحسين الوضع الاقتصادي في مصر.
مؤخرًا تم توفير حماية اجتماعية للتغلب على التحديات التي تواجهها هذه الطبقة؛ فأصدر الرئيس السيسي حزمة قرارات للحماية الاجتماعية للطبقة المتوسطة تمثلت في زيادة الأجور وتوفير فرص عمل، ومن المقرر تطبيقها في مارس الجاري حيث: سيتم رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 50%، ليصل إلى 6 آلاف جنيه شهريًا، وزيادة أجور العاملين بالدولة والهيئات الاقتصادية؛ بحد أدنى يتراوح بين 1000 إلى 1200 جنيه شهريًا بحسب الدرجة الوظيفية. وإعطاء مزيد من الاهتمام لقطاعي الصحة والتعليم؛ حيث تم تخصيص 15 مليار جنيه زيادات إضافية للأطباء والتمريض والمعلمين وأعضاء هيئة التدريس بالجامعات. وتخصيص 6 مليارات جنيه لتعيين 120 ألفًا من أعضاء المهن الطبية والمعلمين والعاملين بالجهات الإدارية الأخرى. زيادة قيم المعاشات ضمن الحزمة العاجلة للحماية الاجتماعية، والتي تتضمن إقرار 15% زيادة في المعاشات لـ 13 مليون مواطن، بتكلفة إجمالية 74 مليار جنيه، لتصبح الزيادة خلال عام 55% من قيمة المعاش كما تم رفع حد الإعفاء الضريبي لكافة العاملين بالدولة بالحكومة والقطاعين العام والخاص بنسبة 33%، من 45 ألف جنيه إلى 60 ألف جنيه، بتكلفة إجمالية سنوية 5 مليارات جنيه.
يُعد تحسين الأجور أمرًا حاسمًا لتحسين مستوى المعيشة وتعزيز القدرة الشرائية للعمال. كما يشير التوجيه الرئاسي إلى أهمية زيادة الأجور بشكل عادل ومستدام وفقًا لظروف الاقتصاد الوطني، كما ستؤدي هذه الخطوة إلى تحفيز الاستهلاك المحلي وتعزيز النمو الاقتصادي.
ولذلك وضعت الدولة مستهدفات للتوسع في برامج الحماية الاجتماعية أبرزها زيادة نسبة الإنفاق على الحماية الاجتماعية إلى 22% من إجمالي الإنفاق العام خلال الفترة (2024-2030) مقارنة بنحو 18% خلال الفترة (2014-2023). كما يتم زيادة مخصصات برنامج الدعم النقدي تكافل وكرامة إلى 240 مليار جنيه، بإجمالي عدد مستفيدين بنحو 27 مليون مواطن وزيادة تكلفة برنامج الدعم النقدي تكافل وكرامة لذوي الاحتياجات الخاصة إلى 70 مليار جنيه بإجمالي عدد مستفيدين بنحو
3 مليون مواطن خلال الفترة (2024 – 2030) مقارنة بنحو 1.2 مليون مواطن خلال نفس الفترة.
في الختام، التوجيه بتحرير سعر الصرف من الممكن أن يكبح جماح التضخم وذلك يعكس التزام الحكومة بتحقيق التنمية الشاملة وتحسين جودة الحياة في مصر. من خلال تعزيز البنية التحتية وتطوير قطاعات الصحة والتعليم وتعزيز الرعاية الاجتماعية، سيحسن ذلك من فرص العمل والتعليم والرعاية الصحية وجودة المعيشة للمواطنين. وعليه يتطلب تحقيق هذه الأهداف التزامًا مستمرًا وتنفيذًا فعالًا للسياسات والإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية.