بوتين الأوفر حظًا قراءة في برامج مُرشحي انتخابات الرئاسية الروسية 2024
تعد الانتخابات الرئاسية الروسية المُزمع إجراؤها في مارس 2024 ذات أهمية كبيرة، إذ سُتحدد الاتجاه السياسي والاقتصادي لروسيا خلال السنوات الست المقبلة. ويأتي إجراء هذه الانتخابات في ظل ظروف دولية معقدة، حيث تواصل روسيا حربها في أوكرانيا منذ فبراير 2022، كما تتعرض لعقوبات اقتصادية غربية واسعة النطاق بسبب هذا الصراع.
ووفقًا لما أعلنته اللجنة الانتخابية المركزية؛ ستشهد الانتخابات منافسة بين الرئيس الحالي “فلاديمير بوتين” الذي يطمح لفوز آخر يمكنه من البقاء في الحكم حتى عام 2030، مقابل ثلاثة مرشحين آخرين. وستكون نتيجة الانتخابات مؤشرًا هامًا على مدى شرعية بقاء بوتين في السلطة ودعمه الشعبي داخل روسيا في ظل الظروف الدولية الراهنة.
والانتخابات الرئاسية هي الأولى منذ العملية العسكرية الروسية واسعة النطاق في أوكرانيا مُنذ فبراير 2022، والجديد في هذه الانتخابات أن إجراءات التصويت ستتم للمرة الأولى في المدن الجديدة التي ضمتها روسيا من أوكرانيا وهي لوهانسك، ودونيتسك، وزاباروجيا، وخيرسون. ومن المقرر أن يتم التصويت في الانتخابات الرئاسية الروسية على مدى ثلاثة أيام، 15 و16 و17 مارس 2024. وستكون هذه أول انتخابات رئاسية تستمر ثلاثة أيام في تاريخ البلاد. كما سيتم لأول مرة إجراء التصويت عن بعد في عدد من المناطق.
خلفيات المرشحين
يخوض الانتخابات الروسية إلى جانب الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين”، ثلاثة مٌرشحين اَخرين ممن انطبقت عليهم شروط الترشح، وذلك وفقًا لما أعلنته لجنة الانتخابات المركزية، في حين تم رفض عدد أخر من المرشحين المحتملين من قِبل اللجنة لأسباب مُختلفة أو لعدم استيفائهم لأوراق الترشح. والمرشحون الأربعة هم:
- فلاديمير بوتين: الرئيس الحالي للبلاد، وُلد “بوتين” في 7 أكتوبر 1952 في مدينة لينينغراد (المعروفة الآن باسم سانت بطرسبرغ). حصل على شهادة كلية الحقوق من جامعة لينينغراد في عام 1975. وخدم في جهاز الاستخبارات الروسي “الكي جي بي”، وفي عام 1985 تم إرساله إلى جمهورية ألمانيا الديمقراطية.
عاد إلى روسيا في عام 1990، بدأ حياته السياسية في سانت بطرسبرغ حيث شغل منصب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مكتب رئيس البلدية. منذ عام 1996، شغل بوتين مناصب عليا مختلفة في موسكو، حيث كان النائب الأول لرئيس الإدارة الرئاسية منذ مايو 1998، ومنذ يوليو 1998 كان مدير جهاز الأمن الفيدرالي، ومن أغسطس 1999 تولى منصب رئيس الحكومة.
في 31 ديسمبر 1999، بعد استقالة الرئيس بوريس يلتسين، تولى بوتين منصب رئيس الدولة بالنيابة. وبعد ثلاثة أشهر، في 26 مارس 2000، فاز بوتين في الانتخابات الرئاسية المبكرة بنسبة 52.94% من الأصوات. وفاز بوتين بالانتخابات الرئاسية ثلاث مرات أخرى – في أعوام 2004 و2012 و2018. ومؤخرًا حصل بوتين على حق الترشح لولاية ثالثة على التوالي (الخامسة إجمالا) بفضل التعديلات التي تم إدخالها على الدستور في عام 2020.
- ؛ زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي، والذي يبلغ من العُمر 56 عامًا، وحاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد. ويُعد من المدافعين عن الحقوق الإنسانية والديمقراطية، شغل منصب نائب رئيس الوفد الروسي للجمعية الفيدرالية الروسية المُمثلة لروسيا في الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا حتى انسحاب روسيا منها في العام 2022، وكذلك منسق المجموعة النيابية للعلاقات الروسية مع البرلمان الفرنسي.
في عام 2014، دعا سلوتسكي إلى ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا. وأصبح من أوائل السياسيين الروس الذين تعرضوا لعقوبات من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا بعد الاستفتاء. في عام 2015، حصل سلوتسكي على وسام “من أجل الإخلاص في الواجب” نتيجة مُساهمته الشخصية في تعزيز وحدة شبه جزيرة القرم وتنميتها وازدهارها.
فضلًا عن كونه مٌتحدث دائم في المنتديات البيئية حول قضايا الاستدامة البيئية وإدارة النظام البيئي وحفظ التنوع البيولوجي. كما شارك في رحلات استكشافية إلى القطب الشمالي وإلى القارة القطبية الجنوبية، ويركز على قضايا تغير المناخ. كما كان عضوًا في الفريق العامل تحت رئاسة الاتحاد الروسي لإعادة ترميم الآثار الثقافية والمباني الدينية الأخرى. وبعد وفاة زعيم حزب الليبراليين الديمقراطيين الروس “فلاديمير جيرينوفسكي” في عام 2022، تولى زعامة الحزب.
- ؛ يبلغ من العمر 75 عامًا، تخرج من “جامعة نوفوسيبيرسك” الحكومية، ويعمل مهندسًا زراعيًا، وحاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد، خلال الحقبة السوفيتية، تم انتخابه نائبا لمجالس القرى والمقاطعات. ويخوض الانتخابات مُمثلًا للحزب الشيوعي الروسي، وكان قد خاض انتخابات الرئاسة الروسية في العام 2004، وجاء في المرتبة الثانية بنسبة أصوات بلغت 13.69%. بدأ حياته السياسية في عام 1990 كنائبًا في مجلس الدوما الروسي، وشارك في صياغة مشروع قانون يحظر بيع مشروبات الطاقة للمراهقين، فضلاً عن المشاركة في صياغة مشروع قانون يحظر انتقال المتحولين جنسياً أو الترويج للعلاقات الجنسية غير التقليدية. وفي عام 2021، بعد انتخابات لمجلس الدوما، ترأس “خاريتونوف” لجنة تنمية الشرق الأقصى والقطب الشمالي. وعلى مدار سنوات عمله في مجلس النواب بالبرلمان، قدم أكثر من 100 مشروع قانون.
- ؛ يبلغ من العمر 40 عامًا تخرج من كلية التاريخ في جامعة موسكو الحكومية وحصل على درجة الدكتوراه في علوم الاجتماع. وفي سن الرابعة عشرة، أطلق “دافانكوف” أول أعماله التجارية، حيث افتتح ناديًا للكمبيوتر. وفي 20 عامًا (من 2001 إلى 2021)، أسس خمسة مشاريع تجارية كبيرة في مجالات التمويل والإنتاج وتكنولوجيا المعلومات والطيران. بدأ دافانكوف مسيرته السياسية عام 2020، حيث شارك في تشكيل حزب الشعب الجديد، والذي أنشأه عمه “ألكسندر دافانكوف”. وفي عام 2021، أصبح نائبًا في مجلس الدوما، وكذلك نائبًا لرئيس البرلمان.
وكونه عضو في مجلس الدوما فقد صدق على القرارات الحكومية لمعاهدة الصداقة والتعاون والمساعدة المتبادلة بين الاتحاد الروسي وجمهوريتي دونيتسك ولوهانسك الشعبيتين اللتين ضمتهما روسيا. كما أنه عضوًا في المجلس التشريعي الروسي الذي يقدم الدعم السياسي والاقتصادي لمحاولات روسيا ضم العديد من الأراضي الأوكرانية
قراءة في برامج مُرشحي الرئاسة
تُعتبر قراءة برامج مرشحي الرئاسة خطوة هامة لفهم رؤيتهم وأهدافهم للبلاد، كما تساعد في فهم أفضل لرؤيتهم وخططهم المُستقبلية، وتساعد المواطنين في اتخاذ قرارات انتخابية مدروسة ومستنيرة. وبقراءة برامج مرشحي الانتخابات الرئاسية الروسية نلحظ الاتي:
فلاديمير بوتين: حتى الأن لم تطرح حملة الرئيس فلاديمير بوتين برنامجًا مًحددًا، وأعلنت أن البرنامج يتم تطويره بشكل يومي، حيث تتلقى الحملة مقترحات وأفكار من المواطنين الروس وتعمل بالتنسيق مع الرئيس بوتين على تحديد الأولويات. كما أعلنت الحملة الانتخابية أن الرئيس “بوتين” لن يُشارك في أي مناظرات تسبق الانتخابات. وعلى الرغم من أن الرئيس بوتين لم يقدم بعد البرنامج الكامل، إلا أنه من المتوقع أن يشرح برنامجه خلال خطابه في ٢٩ من الشهر الجاري الذي سيلقيه أمام البرلمان الروسي.
فلاديسلاف دافانكوف: يحتوي البرنامج الانتخابي لـ” دافانكوف” على 170 نقطة، مُجمعة في 18 قسم. ويبدو شاملًا ومتنوعًا، حيث يركز على العديد من الجوانب الاقتصادية والسياسية المهمة، ويدعو لإصلاحات ديمقراطية للنظام السياسي وحماية الحقوق السياسية. ويركز على تحسين الرعاية الصحية والتعليم وذلك من خلال تخصيص ما يقرب من 20% لصالح الرعاية الصحية والتعليم، وينص على تعزيز الحرية الاقتصادية وتشجيع ريادة الأعمال وزيادة دور القطاع الخاص. كما يظهر دعمه للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا مع التأكيد على أهمية المفاوضات التي تحافظ على استقلال روسيا.
نيكولاي خاريتونوف: قدم المرشح عن الحزب الشيوعي الروسي، برنامجه الانتخابي في 18 يناير، معلناً عن الحاجة إلى التحول نحو الاشتراكية كمستقبل أفضل لروسيا. يدعو “خاريتونوف” إلى تغييرات في السياسة الاجتماعية والاقتصادية، وتطوير الصناعة والزراعة، وهو ما يتطلب تأميم قاعدة الموارد المعدنية. يدعو أيضاً إلى فرض ضرائب تصاعدية وزيادة المعاشات التقاعدية والرواتب والمنح الدراسية بمقدار 20 ألف روبل. يؤكد دعمه للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، ويحث على ضمان انتصار روسيا في الحرب ضد العدوان الذي أطلقه الغرب بدعم من النازيين. يشدد على زيادة المناطق العسكرية وتحسين نظم القيادة والسيطرة لضمان قدرة الجيش على صد أي تهديد خارجي. يركز أيضاً على ترسيخ ثقافة القرية والتقاليد الروسية والحفاظ عليها، إضافةً إلى زيادة المنح الدراسية وحل مشكلة السكن للعائلات ودعم العلماء الشباب والمدرسين والأطباء والمهندسين، فضلاً عن تعزيز حرية الوصول إلى الرياضة والإبداع والثقافة. وكل هذه الأمور من وجهة نظره، ستتحقق إذا اتبعت البلاد المسار الاشتراكي.
Top of Form
ليونيد سلوتسكي: أعلن “سلوتسكي” عن برنامجه الانتخابي يوم 21 فبراير، حيث أشار إلى أهمية هذا اليوم كذكرى تاريخية لروسيا، حيث اعترفت روسيا قبل عامين بجمهوريتي دونيتسك ولوجانسك الشعبيتين، وأصبحتا جزءًا من الخريطة الروسية. يركز برنامجه على تحقيق النصر النهائي والسريع في العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا. كما يركز حملته الانتخابية على شعار “روسيا أكثر من موسكو”، مع التركيز على دعم الأقاليم الروسية. ويقترح سلوتسكي مراجعة النظام الضريبي والعلاقات المالية في روسيا، مع وعد بإعفاءات ضريبية للمواطنين ذوي الدخل المنخفض. يطالب بفرض ضرائب تصاعدية على الأثرياء ويدعو لمكافحة تضخم الأسعار، وتوسيع فرص الإسكان من خلال بناء المزيد من المساكن للشباب، وخفض أسعار الفائدة على القروض.
نظرة عامة
بإلقاء نظرة عامة على الأربعة مُرشحين يُمكن ملاحظة الأتي:
أولًا: أن هناك إثنان منهم قد سبق لهم المشاركة في الانتخابات الرئاسية الروسية من قبل، وهم بالرئيس الحالي “فلاديمير بوتين”، والمُرشح الرئاسي “نيكولاي خاريتونوف”، الذي خاض الانتخابات عام 2004. بينما يُشارك كلاً من “ليونيد سلوتسكي” و”فلاديسلاف دافانكوف” في الانتخابات الرئاسية للمرة الأولى.
ثانيًا: ينتمى ثلاثة من الأربعة مرشحين لاحزاب روسية، وهم “ليونيد سلوتسكي”، مُمثل حزب الليبراليين الديمقراطيين، و”نيكولاي خاريتونوف”، مُمثل الحزب الشيوعي الروسي، بينما يمثل “فلاديسلاف دافانكوف” حزب الشعب الجديد. بينما يخوض الرئيس الحالي “فلاديمير بوتين” الانتخابات مُستقلاً.
ثالثًا: يتفق جيمع المرشحين على ضرورة تعزيز الأمن القومي لروسيا، كما يُركز “ليونيد سلوتسكي” في حملته على الحاجة للتغيير والإصلاح في النظام السياسي الروسي كما يُركز على القضايا الوطنية والقومية، ويسعى لمواصلة سياسة الضغط على الغرب والدفاع عن مصالح روسيا في المجالات الخارجية. بينما يتبنى “نيكولاي خاريتونوف” مواقف يسارية ويدعو إلى حماية حقوق العمال وتعزيز الدعم الاجتماعي، ويدعو لتبني سياسات اجتماعية محافظة تركز على دعم حقوق الطبقة العاملة وتعزيز الرعاية الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين. بينما يُركز “فلاديسلاف دافانكوف” على مكافحة الفساد وتحسين الأوضاع الاقتصادية ورفع مستوى المعيشة. في السياق ذاته، يُركز الرئيس “فلاديمير بوتين” على تعزيز الاستقرار السياسي والاقتصادي لروسيا، ومواصلة بناء القوة العسكرية وتعزيز مكانة روسيا على الساحة الدولية.
موقف المرشحون من العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا
بالنسبة لمواقف المرشحين من العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، فهي كالتالي:
يؤيد الرئيس “فلاديمير بوتين” العملية العسكرية بشكل كامل ويبررها بأنها رد على التهديدات الأمنية من حلف شمال الأطلسي وكييف. ويُدعم “ليونيد سلوتسكي” العملية بقوة أيضاً ويرى أنها ضرورية لحماية المجال الحيوي لروسيا. ويُعبر “نيكولاي خاريتونوف” عن تأييده للعملية العسكرية كونها تحقق أهدافًا أمنية استراتيجية لموسكو. كما أعلن في ديسمبر 2023، بعد ضربات وجهتها القوات المسلحة الأوكرانية على مدينة “بيلغورود”، إن كييف “أظهرت وجهها الوحشي مرة أخرى”. ووصف الهجوم على المدنيين بأنه “هجومًا نازيًا”. كما يظهر ” فلاديسلاف دافانكوف” دعمه للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا مع التأكيد على أهمية المفاوضات التي تحافظ على استقلال روسيا.
التصويت في المناطق الجديدة
خلال مشاورات لجنة الانتخابات المركزية مع وزارة الدفاع، وجهاز الأمن الفيدرالي الروسي، وكذلك قيادة مناطق لوهانسك، ودونيتسك، وزابوريجيا، وخيرسون، رأت جميع الأطراف أنه من الممكن إجراء انتخابات رئاسية في تلك المناطق التي ضمتها روسيا. ويبدو أن التصويت في المناطق الجديدة سيتم بشكل مستقل وسيكون هناك إمكانية للتصويت المبكر في هذه المناطق. كما سيتم إعداد قوائم بالوثائق المطلوبة لتحديد هوية الناخب، وسيتمكن الأشخاص الذين ليس لديهم جواز سفر روسي من التصويت باستخدام وثائق هوية أخرى. وقد يتم تقصير مدة التصويت في بعض المراكز بسبب المخاطر الأمنية. كما أعلنت لجنة الانتخابات المركزية أن سيكون هناك أيضًا مراقبون أجانب حاضرين في الانتخابات الرئاسية الروسية، حيث تم إرسال الدعوات إلى خبراء أجانب وممثلي المنظمات البرلمانية الدولية والبرلمانات الوطنية لعشرات البلدان للإشراف ومراقبة الانتخابات.Top of Form
حظوظ المُرشحون
وفق الاستطلاعات الأولية للرأي العام الروسي بشأن انتخابات الرئاسة؛ يبدو أن المرشحين الأكثر حظًا وشعبية حتى الآن هم، الرئيس الحالي “فلاديمير بوتين”، والذي يتصدر جميع الاستطلاعات بنسبة تتراوح بين 50-60% من الناخبين. ويعمل على الاستفادة من شهرته وخبرته الطويلة كرئيس لروسيا مُنذ ما يقرب من عقدين من الزمن. وفي المركز الثاني يأتي المُرشح الرئاسي “ليونيد سلوتسكي” والذي يمثل التوجه القومي المحافظ ويحظى بدعم من حزبه ويجذب حوالي 10% من الناخبين، وفي المركز الثالث يأتي المٌرشح الرئاسي “نيكولاي خاريتونوف” ويتمتع بقاعدة شعبية تقليدية، وتتراوح نسبة تأييده بين 5-8% حسب استطلاعات الرأي العام.
بوتين الأوفر حظًا
يعتبر بوتين المرشح الأوفر حظا للفوز والحصول على فترة رئاسية جديدة، وذلك يعود لعدد من المؤشرات منها، أولًا: شعبية بوتين الكبيرة لدى غالبية الروس والتي يُمكن ملاحظتها من خلال استطلاعات الرأي المُختلفة. ثانيًا: تمتعه بدعم قوي من النظام الحاكم ووسائل الإعلام الرسمية. ثالثًا: غياب مرشح قوي ينافس بشكل حقيقي رغم ما قد يظهر من قوة برامج المرشحين الثلاثة، إلى أن غياب مُرشح قوي على قرار المعارض البارز “أليكسي نالفالني” والذي توفي في محبسه مؤخرًا إثناء قضاء فترة سجنه؛ يصب بكل تأكيد في مصلحة الرئيس “بوتين”.
وبموجب الإصلاحات الدستورية التي جرت في روسيا في عام 2020، يحق للرئيس الحالي “فلاديمير بوتين” الترشح لفترتين إضافيتين مدة كل منهما ست سنوات بعد انتهاء ولايته الحالية، مما قد يسمح له بالبقاء في السلطة حتى عام 2036. وكان بوتين قد أعلن قراره بالترشح أمام الجنود الروس الذين يقاتلون في أوكرانيا وذلك خلال حفل تكريم في الكرملين في ديسمبر 2023.
وبقرار بوتين إعلان ترشحه أمام الجنود الروس يشير إلى رغبته في ربط الحرب بحملة إعادة انتخابه، كما يهدف من خلاله إلى إضفاء الشرعية على قراره بغزو أوكرانيا، ويريد إرسال رسالة ضمنية بأن غالبية الروس يؤيدون الحرب الجارية الأن.
كما يريد بوتين من خلال الانتخابات الرئاسية إرسال إشارة إلى النخب الروسية بأنه لا يزال يسيطر بقوة على البلاد على الرغم من الانتفاضة الفاشلة التي قام بها رئيس فاغنر “يفغيني بريجوزين” في يونيو 2023، والتي تسببت في أكبر أزمة لنظامه مُنذ أن أصبح رئيسًا للبلاد، وذلك قبل أن يتم اغتيال قائد فاغنر بعد ذلك في حادث طائرة -يبدو مدبرًا- في سبتمبر 2023.
وفي الأخير، وعلى الرغم مما قد يبدو من أن نتيجة الانتخابات الرئاسية الروسية تميل بشكل كبير نحو فوز مريح للرئيس الحالي، إلا أن أهميتها تتأتى من كونها ستعمل على تدعيم سياسات الرئيس بوتين، كما ستُحدد مُستقبل السياسة الداخلية والخارجية، بما في ذلك علاقات موسكو مع الدول الأخرى، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وأوروبا، والصين، والشرق الأوسط.