آفاق رحبة للتعاون والشراكة بين مصر والبرازيل
يزور الرئيس البرازيلي لولا دا سيلڤا مصر اليوم بالتزامن مع مرور ١٠٠ عام على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين. وتناول اللقاء بين الرئيسين السيسي ودا سيلفا سبل تعزيز العلاقات الثنائية المتميزة، ودعم الجهود المشتركة لتطوير وإصلاح منظومة الحوكمة الدولية، لتعكس بشكل أكثر عدالة مصالح دول الجنوب. إذ تتسم العلاقات بين مصر والبرازيل في مجملها بالإيجابية والتعاون في ضوء التنسيق المتواصل على المستوى الثنائي، وذلك على مختلف الأصعدة والقضايا السياسية والاقتصادية.
وقد شهد الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس البرازيلي لولا دا سيلڤا، مراسم التوقيع على عدد من اتفاقيات التعاون ومذكرات التفاهم بين البلدين، أبرزها، مذكرة تفاهم بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي المصرية ووزارة التكنولوجيا البرازيلية، وبروتوكول تعاون بين وزارة الزراعة المصرية ووزارة الزراعة البرازيلية بشأن اللحوم البرازيلية.
وقد اتفق الرئيسان على تطوير العلاقات بين مصر والبرازيل، سياسيًا وصناعيًا وزراعيًا وثقافيًا، وتشكيل لجنة مشتركة على مستوى البلدين لتنسيق موضوعات وملفات التعاون والأهداف التي سيتم تحقيقها من خلال هذه اللجنة.
وتوافق البلدان كذلك على أهمية وقف إطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح المحتجزين والمسجونين، وإدخال المساعدات وإطلاق مرحلة ما بعد الحرب، لإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس. وفي هذا الصدد، أكد دا سيلفا أن المؤسسات متعددة الأطراف التي يفرض أن تحل الأزمة، لا تعمل على ذلك. والبرازيل تعول على الدعم المصري في تغيير مسألة الحوكمة الدولية، وعلى مجلس الأمن أن يدرج دول أخرى من أفريقيا، لنقضي على حق الفيتو الذي يستخدم بشكل سيئ من بعض البلدان، مشيرًا إلى أن البرازيل أجلت ألفي مواطن برازيلي من غزة من خلال الجهود الضخمة التي قامت بها مصر.
تقارب تاريخي
بزخت مشاهد التقارب بين البلدين في عدة ملامح بارزة على المستويين السياسي والاقتصادي، ففي فترة الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين حدث تقارب بين الدولتين في إطار حركات سياسية مثل «عدم الانحياز»، واقتصادية مثل مجموعة الـ 77. وامتدت هذه المشاهد على مدار عشرات السنين السابقة، متمثلة في تناسق الرؤية والتوجهات إزاء مختلف القضايا الدولية والإقليمية، وفي المؤسسات الدولية.
وتربط البلدين علاقات اقتصادية وثيقة، وتتسم علاقاتهما بالتميز والتنوع في مجالاتها، حيث تعد البرازيل الشريك التجاري الأول لمصر في أمريكا اللاتينية، وتحتل مصر المركز الثالث في الشراكة التجارية للبرازيل في القارة الأفريقية. إذ ينتمي البلدان لعضوية مجموعة بريكس، بالإضافة إلى رئاسة البرازيل لمجموعة العشرين لهذا العام ودعوتها لمصر للمشاركة كضيف في اجتماعات المجموعة.
تطلعات اقتصادية
جاء انضمام مصر إلى تجمع دول بريكس “البرازيل، روسيا، الهند، الصين، وجنوب أفريقيا” ، خطوة مهمة نحو فض الارتباط بشكل تدريجي مع الدولار؛ ما ينعكس على الجنيه المصري من عدة نواح لعل أهمها ارتفاع سعره أمام الدولار، لاسيما في حالة الاتفاق على التصدير بنظام الصفقات المتبادلة أو بنظام العملات المحلية المتبادلة مع تجمع بريكس، الذي بات يضم 11 دولة من أكبر الدول الاقتصادية والتجارية في مختلف أنحاء العالم.
ويعد قرار موافقة أعضاء مجموعة البريكس على انضمام مصر في هذا التوقيت إليها بمثابة تأكيد لثقل مصر على المستوى الدولي والإقليمي والذي يأتي في إطار تعزيز التعاون مع شركاء التنمية الدوليين، في ظل ما تشهده مصر من حراك تنموي غير مسبوق.
وفي عام 2022، ارتفعت صادرات مصر لدول مجموعة “بريكس” بنسبة 5.3% لتصل إلى 4.9 مليارات دولار مقارنة ب 4.6 مليارات دولار.
وعن البرازيل تحديدًا، ارتفعت قيمة الصادرات المصرية إلى البرازيل حيث سجلت 444 مليون دولار خلال عام 2023 مقابل 438 مليون دولار خلال عام 2022 بنسبة ارتفاع 1.3 %. فيما بلغت قيمة الواردات المصرية من البرازيل 3 مليار دولار خلال عام 2023، مقابل 3.7 مليار دولار خلال عام 2022 بنسبة انخفاض 20 %.. وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والبرازيل 3.4 مليارات دولار خلال عام 2023 مقابل 4.2 مليارات دولار خلال عام 2022 بنسبة انخفاض 1٨ %. لتكون القاهرة الشريك الرابع عشر للبرازيل، وفق تصريحات باولينو فرانكو، سفير البرازيل لدى مصر.
وفيما يتعلق بأهم المجموعات السلعية التي صدرتها مصر إلى البرازيل خلال عام 2023 جاءت كالتالي:
- الأسمدة بقيمة 183 مليون دولار.
- حديد وصلب بقيمة 46 مليون دولار.
- محضرات خضر وفواكه بقيمة 38 مليون دولار.
- خضروات وفواكه بقيمة 30 مليون دولار.
- زجاج ومصنوعاته بقيمة 21 مليون دولار .
ورصد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أهم المجموعات السلعية التي استوردتها مصر من البرازيل خلال عام 2023 وهي كالتالي:
- حبوب بقيمة 726 مليون دولار.
- خامات حديد بقيمة 607 ملايين دولار.
- سكر بقيمة 568 مليون دولار.
- لحوم بقيمة 392 مليون دولار.
- حبوب بقيمة 99 مليون دولار.
وتبلغ قيمة تحويلات المصريين العاملين بالبرازيل نحو 42.4 مليون دولار خلال العام المالي 2021/2022 مقابل 3.8 ملايين دولار خلال العام المالي 2020 / 2021، بينما بلغت قيمة تحويلات البرازيليين العاملين في مصر 1.3 مليون دولار خلال العام المالي 2021/2022 مقابل 1.04 مليون دولار خلال العام المالي 2020 / 2021 بنسبة ارتفاع قدرها 22.7%، وبلغ عـدد المصريين الموجودين بدولة البرازيل طبقا لتقديرات البعثة 1365 مصري حتى نهاية 2022.
وسجلت قيمة الاستثمارات البرازيلية في مصر 829 ألف دولار خلال العام المالي 2021/ 2022 مقابل 2.4 مليون دولار خلال عام 2020/ 2021 بنسبة انخفاض قدرها 65.9 %..
وتعد البرازيل أكبر شريك تجاري لمصر في أمريكا اللاتينية، في حين تحتل مصر المرتبة الثالثة كأكبر شريك تجاري للبرازيل في أفريقيا، وتعد بوابة المنتجات المصرية للقارة اللاتينية، كما أن مصر هي بوابة للمنتجات البرازيلية للسوق الأفريقية والشرق الأوسط.
وتربط البلدين اتفاقية التجارة الحرة التفضيلية مع السوق المشتركة الجنوبية (الميركسور)، والتي تم توقيعها في يوليو 2010، ودخلت حيز النفاذ في سبتمبر 2017. وتهدف هذه الاتفاقية إلى تقوية العلاقات بين الأطراف المتعاقدة -جمهورية الأرجنتين، وجمهورية البرازيل الفيدرالية، وجمهورية باراجواي، وجمهورية اوروجواى، وجمهورية مصر العربية- لتعزيز التوسع في التجارة ولتوفير شروط وآليات التفاوض لإقامة منطقة تجارة حرة توافقًا مع قواعد وضوابط منظمة التجارة العالمية.
وتتيح الاتفاقية امتيازات تفضيلية للصادرات المصرية لدخول أسواق أمريكا اللاتينية، وخفض تكلفة الواردات المصرية من دول أمريكا اللاتينية مثل السكر واللحوم وزيت الصويا. وتهدف الاتفاقية إلى خفض الرسوم الجمركية بأكثر من 90٪ بين مصر ودول الميركوسور، وإلغاء الرسوم الجمركية على السلع الزراعية، إلى جانب إيجاد حلول لقضايا قواعد المنشأ والضمانات التفضيلية وتعزيز التعاون في مجالات الاستثمار والخدمات وغيرها.
وإجمالا، يتطلع البلدان لتعزيز التعاون المشترك على كافة المستويات الاقتصادية، والبناء على مكتسبات وأواصر القرن الماضي، خاصة مع دخول اتفاقية الميركسور حيز النفاذ، وانضمام مصر لمجموعة البريكس، من خلال التعاون المبني على التجارة، والتحول للاستثمار وتبادل الخبرات بين البلدين، بما يسهم في زيادة معدلات النمو الاقتصادي بالبلدين.