الأمريكتان

قراءة في هفوات وزلات الرئيس الأمريكي “بايدن”

تتسبب كلمات قليلة أحيانًا في إحداث ضرر على الآخرين، ومع تكرار زلات اللسان خاصة إذا خرجت من أفواه رؤساء دول وقادة، فمكن الممكن أن تطرح تساؤلات مشروعة حول السلامة العقلية لهؤلاء الزعماء. والأمر أكثر فداحة لو كان رئيس أقوى دولة في العالم وهو الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي أصبح تحت مرمى التشكيك في قواه العقلية بعد تعدد زلاته واستحضاره لشخصيات تاريخية رحلت عن عالمنا منذ عقود بالتأكيد أنه التقاهم منذ فترة قصيرة، أو أن يخطئ في أسماء رؤساء ودول. كل هذا دفعه ليكون تحت سهم الانتقاد القاسي داخل الولايات المتحدة وتشكيك في سلامة قواه العقلية إن كان مؤهلًا للترشح لولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية الأمريكية. 

هذا ما حدث تحديدًا مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي سقط في هفوة لفظية عندما أخطأ الإشارة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، ووصفه بأنه “رئيس المكسيك”، وهذه ليست الزلة الأولى لبايدن، فكثيرة هي زلات اللسان للرئيس الأمريكي زعيم “الدولة الأقوى” نفوذًا في العالم، والشريك، والداعم الأكبر لإسرائيل في حرب الإبادة الجماعية التي تشنها على قطاع غزة.

وأصبح بايدن معروفًا بزلات لسانه العديدة، حتى أنه حصل على لقب “آلة الزلات”، لكن الأوساط السياسية الأمريكية أعربت عن قلقها بشأن صحة وسلامة أكبر رئيس للولايات المتحدة عمرًا هذه “الزلات”، تعكس ارتباكًا سياسيًا، وتخبطًا نفسيًا، وفضحًا للعقل الباطن، وربما، تشي بنوع من الخبل، والعته (سوء الأداء العقلي)؛ نتاجًا لتقدم بايدن في العمر (81 عامًا) لاسيما، أن سلوكه وإدارته لمختلف الملفات على المسرح الدولي وعلى مسرح الشرق الأوسط تحديدًا كشفت نوعًا من القصور في التقدير وعدم القدرة على الإلمام بكل تفاصيل الملفات الاستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية. 

وتأتي هذه الأخطاء المتكررة، في وقت يواجه فيه “بايدن”، مخاوف بشأن عمره، والتي “تؤثر بدرجة كبيرة على فرص إعادة انتخابه”. حيث تظهر استطلاعات الرأي أن الناخبين الأمريكيين يشعرون بقلق متزايد بشأن عمر “بايدن” الذي سيكون 82 عامًا في بداية ولايته الثانية و86 عامًا في نهايتها.

تفعيل التعديل الخامس والعشرين من الدستور الأمريكي

الرئيس الأمريكي الديمقراطي الذي تولى منصبه خلفًا للجمهوري دونالد ترمب -المعروف أيضًا بزلات لسانه وخروجه عن النص- في 2020، يتمتع بخبرة كبيرة في السياسة الخارجية، وكثيرًا ما روج لعلاقاته مع قادة العالم وقدرته على التوصل إلى تسوية دبلوماسية، إلا أنه بات معروفًا عبر التاريخ بزلات لسانه وعدم قدرته على إخفاء مشاعره وأفكاره أمام الصحافة ما عرضه لكثير من الأحيان إلى السخرية.

واعتبر رئيس مجلس النواب الأمريكي “مايك جونسون” الرئيس الديمقراطي جو بايدن “ليس مؤهلًا لتولي الرئاسة”، وذلك في انتقاد “لعمره وذاكرته وزلات لسانه”، التي قد تؤثر بدرجة كبيرة على فرص إعادة انتخابه.

وكان المحقق الخاص في قضية احتفاظ الرئيس الأمريكي بـ”وثائق سرية”، روبرت هور، قال، إنه “لن يوجه أي اتهامات جنائية إلى بايدن”، لكنه وصف ذاكرته بـ”الضعيفة”. وكتب “هور”، وهو مدعٍ عام أمريكي سابق، في تقريره: “لقد أخذنا في الاعتبار أنه في المحاكمة، من المحتمل أن يقدم السيد “بايدن” نفسه إلى هيئة المحلفين، كما فعل خلال مقابلتنا معه، كرجل ذي نوايا حسنة، ويعاني ذاكرة ضعيفة”. فيما رد “بايدن” خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض: “ذاكرتي جيدة”. ووصف نفسه بأنه أكثر المؤهلين في الولايات المتحدة “ليكون رئيسًا”.

وبعد هذا التقرير والأخطاء العديدة التي وقع فيها “بايدن” تلقف عدد من المشرعين الجمهوريين الفرصة لتسديد ضربة إلى الرئيس الديمقراطي، إذ دعوا إلى تفعيل التعديل الخامس والعشرين من الدستور الأمريكي. لكن لا يوجد ما يشير إلى أن إدارة “بايدن” تفكر في تفعيل التعديل الخامس والعشرين.

ويتيح هذا التعديل إمكانية عزل الرئيس الأمريكي في حال ثبت عدم قدرته على قيادة البلاد. ويوضح التعديل الخامس والعشرين طرق نقل السلطة في الولايات المتحدة، في حالة استقالة الرئيس أو وفاته أو إقالته أو إصابته بعجز مؤقت. ينقل التعديل صلاحيات الرئيس إلى نائبه، إلى أن يتمكن الأخير من العودة. ويسمح لنائب الرئيس وأعضاء الحكومة بعزل الرئيس إذا اعتبر أنه غير قادر على أداء مهامه. ويُمنح الرئيس فرصة الرد، وإذا رفض الإجراء يتدخل الكونغرس، إذ يتطلب قرار عزل الرئيس في مجلس النواب والشيوخ أغلبية الثلثين.

زلات وهفوات بايدن

مع الضجة القائمة بشأن تصريحه الأخير عن الرئيس السيسي، نستعرض أبرز زلات لسان “بايدن” التي تسببت بإحراج كبير للبيت الأبيض في كثير من المواضيع الداخلية والخارجية، بينها نسيان بعض الأسماء والألقاب وحتى وظائف بعض معاونيه:

  • اختلط الأمر على بايدن بين زعيمة أوروبية وسلفها المتوفى، إذ قال خلال مناسبة انتخابية إنه التقى المستشار الألماني هيلموت كول الذي توفي عام 2017 بدلًا من أنجيلا ميركل.
  • زلات وهفوات وبايدن كانت، أمام جمهور كبير في مدينة شيكاغو الأمريكية، عندما كان يتحدث مستذكرًا حوارًا في لقاء له، عام 2021، في بريطانيا، مع الرئيس الفرنسي “فرانسوا ميتران”، قاصدًا الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون، وليس الرئيس ميتران المتوفى عام 1996.
  • كما أشار الرئيس الأمريكي خلال كلمته في يوم المساواة بالأجور في البيت الأبيض إلى نائبته كامالا هاريس بأنها “السيدة الأولى”، بينما استمر في المزاح لتغاضي الإحراج.
  • في يوليو 2023، أعلن “بايدن” وفاة “أكثر من 100” أمريكي بسبب كوفيد-19. وقام البيت الأبيض في وقت لاحق بتصحيح هذا الرقم إلى “أكثر من مليون”.
  • وفي يونيو الماضي، خلط “بايدن” بين الحرب في أوكرانيا والحرب في العراق، قائلًا إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “سيخسر الحرب في العراق”.
  • وفى العام الماضي، أثار خطاب الرئيس الأمريكي حول تشديد الرقابة على انتشار الأسلحة بين المواطنين في الولايات المتحدة جدلًا واسعًا، عندما قال “حفظ الله الملكة يا رجل”، بما تعذر على الجميع فهم ما يقصده بايدن. وأي ملكة هي المعنية بكلامه، أو سبب تفوهه بهذه الجملة التي كانت تستخدم عادة في ختام الخطابات الرسمية ولكن في بريطانيا.
  • في إحدى زياراته إلى كندا (العام الماضي)، توجه “بايدن” بالتحية إلى الصين بدلًا من كندا، وذلك في خطابه أمام البرلمان الكندي. مثلما جرى في كلمة له أثناء حملة لجمع الأموال لحملته الانتخابية في يونيو الماضي.. إذ أتى على سيرة صديقه ناريندرا مودي (رئيس الوزراء الهندي)، بأنه رئيس وزراء دولة كانت صغيرة هي الآن أكبر دولة في العالم.. “الصين”.. قبل أن يستدرك بعدها بقليل، بأنّها الهند.
  • خلال مشاركته في قمة زعماء دول رابطة دول جنوب شرق آسيا “الآسيان” التي تستضيفها كمبوديا، أخطأ الرئيس الأمريكي وذكر كولومبيا بدلا من كمبوديا.
  • في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض حول الجوع والتغذية والصحة، حاول بايدن المناداة على النائبة الجمهورية جاكي والورسكي، رغم أنها توفيت في حادث سيارة. وسعى البيت الأبيض للتلاعب باللحظة الغريبة للرئيس الأمريكي وحاول إظهارها على أن النائبة الراحلة والورسكي “في قمة اهتمامات بايدن”.
  • أمام حشد من الناس في البيت الأبيض قال بايدن إنه أول سيناتور للبلاد من ديلاوير، في حين كان يقصد أول رئيس للولايات المتحدة من هذه الولاية.

ولم تكن السقطات قاصرة على الخلط بين الأشخاص، الأحياء منهم والأموات. بل كان التعثر في الحركة ملمحًا بارزًا في السنوات الثلاث التي قضاها بايدن في البيت الأبيض:

  • فقد التقطت الكاميرات “بايدن” مرارًا وهو يتعثر على سلم الطائرة أثناء صعوده أو هبوطه منها. ففي يونيو 2022، سقط “بايدن” على درج طائرته الرئاسية، إلا أنه لم يتعرض لأي ضرر وواصل الصعود بشكل طبيعي.
  • وفى مرة سابقة، وتحديدًا في مارس 2021، سقط “بايدن” على سلم الطائرة ولم تكن مرة واحدة بل ثلاث مرات متتالية، وذلك أثناء توجهه إلى أتلانتا من جوينت بيس أندروز في ماريلاند.
  • ليس ذلك فقط، بل إنه تعثر وسقط أرضًا خلال حفل تخرج طلاب أكاديمية القوات الجوية الأمريكية في يونيو الماضى. فأثناء عودته من المسرح إلى مقعده اصطدم بكيس رملي، ليسقط أرضًا مما استدعى تدخل بعض مساعديه لمساعدته على الوقوف.
  • وسقط “بايدن” مرة أخرى أثناء ركوبه دراجته الهوائية، خلال جولة قرب منزله بولاية ديلاوير. فبعد قيادته للدراجة بسلاسة، أمام العدسات، توقف أمام تجمع للمصورين، قبل أن يتعثر ويسقط أرضًا.
  • ولم تخلُ قائمة زلات “بايدن” الطويلة مع بعض المواقف التي بدا فيها الرئيس تائهًا أو ناسيًا لأحداث معينة.  ففي إبريل 2022، وبعد إلقاء كلمة مهمة، تحرك الرئيس “بايدن” ليبدو تائهًا ويصافح الهواء.
  • فى مقطع فيديو العام الماضي، بدا “بايدن” يتلقى توجيهات أثناء تحركه لمصافحة عددًا من القيادات العمالية وأين يقف لالتقاط صورة معهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى