في اليوم العالمي للسرطان .. كيف استجابت الدولة المصرية بمبادرات صحية متكاملة
يأتي اليوم العالمي للسرطان يوم 4 فبراير من كل عام، وهو مبادرة عالمية موحدة يقودها الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان (UICC)؛ من أجل رفع الوعي العالمي وتحسين التعليم وتحفيز العمل الشخصي والجماعي والحكومي،لإعادة تصور عالم يتم فيه إنقاذ الملايين من وفيات السرطان.
وفي هذا الصدد فقد قطعت القيادة السياسية التزامًا منذ عام 2014، بالقضاء على كل ما يهدد صحة المواطن المصري، وعملت من هذا الالتزام بوضع خريطة صحية متكاملة وعادلة تصل لكافة المواطنين فأطلقت الدولة المصرية ما يزيد عن 21 مبادرة رئاسية صحية خلال عشر سنوات للقضاء على جميع الأمراض التي طالما كانت مهددًا رئيسًا لصحة المواطن المصري. وفي هذا التقرير نلقي الضوء على ما تم من مبادرات صحية للكشف المبكر وعلاج الأورام السرطانية .
أولًا : المبادرة الرئاسية للكشف المبكر عن الأورام السرطانية
أطلقت الدولة المصرية المبادرة الرئاسية للكشف المبكر عن الأورام السرطانية ” الرئة – البروستاتا- القولون- عنق الرحم” بالمجان في ثماني عشرة محافظة بالجمهورية تضم (الإسكندرية، البحيرة، مطروح، دمياط، القليوبية، الفيوم، أسيوط، بورسعيد، جنوب سيناء، القاهرة، المنوفية، البحر الأحمر، كفر الشيخ، سوهاج، الإسماعيلية، بني سويف، شمال سيناء، الأقصر). مستهدفة المواطنين من سن 18 عامًا فأكثر، بهدف الكشف عن الأورام في المراحل المبكرة، مما يسهم في تقليل نسبة الوفيات الناجمة عن المرض، وتقليل العبء المادي الذي يسببه تشخيص الأورام في المراحل المتأخرة.
تأتي المبادرة تحت مظلة “١٠٠ مليون صحة”، المبادرة الأكبر في تاريخ الدولة المصرية، وقد بلغ المستفيدون من المبادرة الرئاسية للكشف المبكر عن الأورام السرطانية 2,726,708 مليون مستفيد منذ انطلاقها في يونيو 2023 حتى ديسمبر 2023.
- الكشف عن سرطان الرئة ضمن المبادرة:
أفاد السجل القومي للأورام في مصر بأن سرطان الرئة هو ثالث الأورام الأكثر شيوعًا لدى الرجال، بعد أن كان خامس الأورام شيوعًا، حيث يمثل 7.3% من نسب حدوث الأورام لدى الرجال في مصر. وهناك ما يقرب من 4800 إصابة جديدة بسرطان الرئة لدى الرجال والسيدات سنويًا في مصر.
وتشير التقديرات بأنه من المتوقع تضاعف أرقام المصابين في حالة عدم الكشف عن المرض في مراحله المبكرة. حيث يتم اكتشاف أكثر من 80% من الحالات في المراحل المتأخرة للمرض أي في المرحلة الثالثة أو الرابعة، وهي مراحل يصعب الوصول فيها للشفاء التام بعكس المرحلتين الأولى والثانية”.
- الكشف عن سرطان البروستاتا ضمن المبادرة:
يحتل سرطان البروستاتا المرتبة الرابعة كأكثر السرطانات شيوعًا بين الرجال في مصر، بمعدل إصابات جديدة تزيد على 4500 مريض في سنة 2020 ومعدل وفاة وصل إلى أكثر من 2000 حالة. ويعد ثاني أكثر السرطانات شيوعًا حول العالم في الرجال.
ولهذا يعد وضع هذا المرض داخل دائرة الضوء أمرًا في غاية الأهمية .فحال الاكتشاف المبكر لتضخم البروستاتا وارتفاع نسبة التحاليل من الممكن إيقاف تحور المرض إلى ورم ووقف انتشاره خارج البروستاتا.
- الكشف عن سرطان القولون ضمن المبادرة:
طبقا لمؤسسة مستشفى سرطان الأطفال 57357، فإن سرطان القولون في مصر يمثل 3.0٪ من جميع سرطانات المُكتشفة، وهو ما يمثل 3.4٪ و 2.6٪ من سرطانات الذكور والإناث على التوالي. كما يحتل المرتبة الثامنة بين الذكور والحادية عشرة بين الإناث. ويبلغ متوسط العمر عند التشخيص لدى الذكور 51.9 عامًا ومتوسط العمر عند التشخيص في الإناث 56.5 عامًا.
- الكشف عن سرطان عنق الرحم ضمن المبادرة:
يأتي سرطان عنق الرحم في المرتبة الرابعة بين السرطانات الأكثر شيوعًا بين النساء عالميًا، إذ قُدِّر عدد الحالات الجديدة بنحو 604000 حالة وعدد الوفيات بنحو 342000 وفاة في عام 2020. وحسب منظمة الصحة العالمية، فإن أعلى معدلات الإصابة بسرطان عنق الرحم والوفيات الناجمة عنه توجد في البلدان المنخفضة الدخل والمتوسطة الدخل. وهذا ما يعكس أوجه عدم المساواة الكبيرة الناجمة عن عدم إتاحة خدمات فحص عنق الرحم، والعلاج، على المستوى الوطني، إلى جانب المحددات الاجتماعية والاقتصادية.
وفي تقرير أصدرته منظمة الصحة العالمية عن وضع سرطان عنق الرحم في مصر عام 2021، أفاد بأن هناك 2.6 سيدة من كل 100 ألف سيدة تصاب سنويًا بسرطان عنق الرحم في مصر، فيما بلغ معدل الوفيات الناجمة عن هذا المرض في عام 2019 حوالي 620 سيدة، وقد صنف التقرير حينها عوامل الخطر لهذا المرض هو عدم اكتشافه في مراحله المبكرة إذ خضعت أقل من امرأة واحدة من كل 10 نساء تتراوح أعمارهن بين 30-40 عام لفحص الكشف عن سرطان عنق الرحم في السنوات الخمسة قبل صدور التقرير، وبناء عليه فقد أدركت الدولة المصرية أهمية وجود برنامج وطني لفحص الكشف عن سرطان عنق الرحم.
وبناءً على ما سبق، تكمن أهمية المبادرة الرئاسية للكشف المبكر عن الأورام السرطانية في ضمان الفئات المستهدفة لإجراء فحص كامل وكشف مبكر عن هذه الأورام ومتابعة المرضى حتى تمام التعافي مجانًا. حيث تسهم المبادرة في تخفيف عبء الكشف والعلاج عن كاهل المرضى وهذا أمر مهم للغاية بالنظر لارتفاع التكلفة في هذا النوع من المرض.
ثانيًا: مبادرة رئيس الجمهورية لدعم صحة المرأة المصرية
انطلقت في يوليو عام ٢٠١٩ مبادرة رئيس الجمهورية لدعم صحة المرأة المصرية باعتبارها أهم شرائح المجتمع وأكثرها احتياجًا للتوعية والرعاية الصحية. حيث تعاني المرأة المصرية منذ عقود من مشكلات صحية متراكمة في مقدمتها الأورام السرطانية، وطبقًا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية عام ٢٠١٨، يأتي سرطان الثدي في مقدمة الأورام السرطانية التي تعاني منها المرأة المصرية بنسبة تصل إلى ٣٥٪ من إجمالي الإصابات السرطانية للمرأة المصرية.
وتستهدف المبادرة الكشف المبكر عن أورام الثدي لنحو ٢٨ مليون سيدة بجميع محافظات الجمهورية بالفحص والكشف الإكلينيكي عن المرض وتوفير العلاج بالمجان. وتشمل المبادرة أيضًا التوعية بالصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة والحياة الصحية والكشف عن الأمراض غير السارية (السكري، ضغط الدم، قياس الوزن والطول وتحديد مؤشر كتلة الجسم، ومستوى الإصابة بالسمنة أو زيادة الوزن)، بالإضافة إلى عوامل الخطورة المسببة للأمراض غير السارية، والتوعية بطريقة الفحص الذاتي للثدي.
وبحلول عام 2022، أعلنت وزارة الصحة والسكان، فحص 23 مليونًا و906 آلاف و809 سيدات، ضمن مبادرة رئيس الجمهورية لدعم صحة المرأة المصرية منذ انطلاقها، حيث تشمل المبادرة الفحص والتوعية للسيدات مجانًا، بداية من سن 18 عامًا.
ثالثا: استحداث بروتوكولات لعلاج الأورام
وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي في عام 2023، بإدراج أدوية الأورام والأدوية البيولوجية الحديثة ضمن منظومة العلاج على نفقة الدولة، وذلك لرفع العبء عن المواطنين خاصة غير القادرين منهم. كذلك عقد اجتماعات دورية للجان العليا لعلاج الأورام والمبادرات الرئاسية وأمراض الدم، لتحديث بروتوكولات العلاج على نفقة الدولة؛ بهدف تحسين معدل الاستجابة والشفاء، وتقليل فرص ارتداد الأورام، وتحسين جودة حياة المريض المصري.
وبناء عليه، تم إدراج 5 أدوية جديدة لعلاج حالات أمراض الدم، على نفقة الدولة، متضمنة أدوية لعلاج اللوكيميا المزمنة، وفشل النخاع الناتج عن زيادة خلايا النخاع، والأنيميا، وإضافة كود علاجي لزرع نخاع (قرار ثاني) في حالة فشل الزرع الأول للنخاع. كما تم استحداث جلسات فصل البلازما، وإدراج عقار موجة وبديل حيوي للعقار المستخدم سابقًا، وإضافة (كود) لعلاج مرض التكسير المناعي الحاد لخلايا الدم، وكذلك تحديث بروتوكولات العلاج على نفقة الدولة لمرضى تليف النخاع وزيادة وظائف خلايا النخاع، وإضافة عقار لعلاج مرضى اللوكيميا الليمفاوية المزمنة، ممن لديهم طفرات جينية.
وفي إطار في إطار رفع العبء عن مرضى الأورام، تم توحيد بروتوكولات أورام الرئة -خط علاجي أول- لتحسين معدل الاستجابة وتقليل فرص ارتداد الورم ( Anti- Egfr)، بالإضافة إلى إدراج عقار موجه جديد لمرضى سرطان القولون المنتشر، وإدراج عقار لحالات ورم (Gist) للحالات غير المستجيبة للخط العلاجي الأول من مرضى سرطان أنسجة الجهاز الهضمي.
أخيرًا، تتعامل الدولة المصرية مع ملف الأورام السرطانية بجهد غير مسبوق؛ إذ عزمت الدولة على الكشف المبكر عن تلك الأورام وبالتالي خفض معدلات الوفيات الناجمة عنها والقضاء عليها ضمن برنامج وطني متكامل، لتحقق نجاحًا جديدًا يضاف لما حققته الدولة المصرية مسبقًا في تجربتها الفريدة في القضاء على فيروس سي وعلاج نحو 4 ملايين مواطن. حيث قدمت الدولة المصرية ملفها كأول دولة في العالم خالية من فيروس سي، المرض الذي طالما عانى منه المواطن المصري لعقود طويلة.