مؤسسة حياة كريمة والانتخابات الرئاسية المصرية 2024
لعبت منظمات المجتمع المدني في الانتخابات الرئاسية 2024 دورًا رقابيًا حيويًا في حماية المعايير الديمقراطية، من منطلق الامتثال لالتزامات القانون الدولي المفروضة على الدول والهيئات الانتخابية فيما يتعلق بسير الانتخابات. حيث يحدد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والصكوك الدولية الأخرى شرطين أساسيين لإجراء انتخابات ديمقراطية، أولهما الاقتراع العام والمتساوي، وثانيهما الاقتراع السري. كما تحظر الاتفاقيات الدولية التمييز على أساس العرق أو الجنس مما يعزز الحق في المشاركة في الانتخابات على أساس “الاقتراع العام والمتساوي”. لذا ومن منطلق إشارة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بأن “إرادة الشعب يجب أن تكون أساس سلطة الحكومة ويتم التعبير عنها في انتخابات دورية ونزيهة”، سنتناول في هذا التقرير دور مؤسسة حياة كريمة كنموذج بارز لمؤسسات المجتمع المدني في تعزيز الأجندة الديمقراطية وضمان إجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة، هذا بالإضافة لأدوارها المتعددة في التنمية المجتمعية، والدبلوماسية الإنسانية.
الرقابة والمتابعة للانتخابات الرئاسية
من منطلق إدراك الدولة المصرية بأنه لكي تكون الانتخابات حرة ونزيهة، يجب أن يتمتع المواطنون بالحق في الاختيار؛ ويجب أن تكون هناك حرية التجمع والحركة والتعبير للمرشحين والأحزاب والناخبين ووسائل الإعلام والمراقبين وغيرهم، كمتطلبات لانتخابات “عادلة” يجري فيها عملية الاقتراع والفرز بصورة نزيه دون تزوير أو تلاعب من قبل هيئة وطنية انتخابية محايدة. والتي عملت على ضمان وجود إطار تنظيمي مناسب للانتخابات والمشاركة المدنية، من بناء القدرات اللازمة للسلطات العامة والمجتمع المدني الذي يتسم بالحياد السياسي لضمان انتخابات حرة ونزيهة والمشاركة الفعالة والشفافة للمواطنين في عملية صنع القرار السياسي؛ من أجل خلق مشاركة فعالة ومستدامة للمواطنين، والتي بدورها ستعمل على بناء الثقة وإضفاء الشرعية للرئيس المنتخب ومؤسسات الدولة.
ودائمًا ما تحرص الدولة المصرية على مباشرة المواطنين لحقوقهم السياسية ووفقًا لذلك تقوم الهيئة الوطنية للانتخابات وفقًا لقانون مباشرة الحقوق السياسية والذي نظم كيفية قيد المواطنين في قاعدة بيانات الناخبين من خلال قيد كل مصري ومصرية بلغ 18 عامًا وكذا من اكتسب الجنسية المصرية بشرط مرور خمس سنوات من اكتسابها، وذلك بصورة تلقائية في جداول الناخبين دون طلب منهم.
وكما أن مشاركة المجتمع المدني المستقل كهيئة رقابية على جودة كل مرحلة من مراحل العملية الانتخابية أمر شائع في الديمقراطيات المختلفة، لم ترفض الهيئة الوطنية للانتخابات أي طلب لبعثات منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية، لمراقبة وتوثيق المخالفات أثناء تسجيل الناخبين، والتصويت، وفرز الأصوات وحتى إعلان نتائج الانتخابات. فتم قيد 24 سفارة أجنبية بعدد 67 دبلوماسي متابع للعملية الانتخابية. و14 منظمة دولية بعدد 220 متابعًا دولي، ووجود عدد 4 منظمات دولية مُتعددة الأطراف. هذا إلى جانب وجود عدد 109 وسيلة إعلامية أجنبية، من 33 دولة من مختلف قارات العالم، بعدد 526 مُراسلًا صحفيًا. بالإضافة إلى وجود 77 وسيلة إعلامية محلية بعدد 4218 متابع اعلامي.
وأيضًا وجود 62 منظمة محلية بعدد 22540 متابع محلي. مثلت مؤسسة حياة كريمة وحدها بـ ١١ ألف متطوع في متابعة العملية الانتخابية ومراقبة مراكز الاقتراع طوال أيام الانتخابات، لضمان الامتثال للقانون والإبلاغ عن أي حالات من شأنها التأثير على نزاهة العملية الانتخابية. بالإضافة إلى ذلك، لعب المتطوعين دورًا حاسمًا في تعزيز مشاركة الناخبين، وساهموا في تنظيم ومساعدة الناخبين.
علاوة على ذلك، توجد كوته كبيرة من الشباب الناخبين يصوتون لأول مرة، عملت مؤسسة حياة كريمة أيضًا على إشراك الشباب وتشجيع مشاركتهم في العملية الانتخابية بمجملها. من أجل المساعدة في بناء جمهور ناخب أكثر استنارة ومشاركة وتعزيز المواطنة النشطة في مصر؛ حيث أطلقت مؤسسة حياة كريمة في منتصف عام 2023 البرنامج التدريبي لطلاب الجامعات “فاليو” من أجل تعزيز دور العمل التطوعي بالتعاون مع الأكاديمية الوطنية للتدريب؛ والذي تخرج منه حتى الآن 5000 طالب وتم انضمامهم لمتطوعي حياة كريمة. وقد أتي هذا البرنامج التدريبي سعيًا من المؤسسة لنشر ثقافة العمل التطوعي وأهمية تعزيز الوعي لدى الشباب والنشء ولا سيما طلاب الجامعات بدور المشاركة السياسية والمجتمعية، ودور مؤسسات المجتمع المدني في دعم المشروعات القومية في القطاعات والمجالات المختلفة، ورفع الاحساس بالمواطنة والعمل المجتمعي وإكساب الطلاب بالمهارات والخبرات اللازمة، وتشجيعهم على العمل التطوعي، بما يساهم في خطة الدولة للمشاركة في التنمية المجتمعية.
بالإضافة إلى دور مؤسسة حياة كريمة في تنمية الوعي في قرى الريف المصري على نحو تجاوز الأربع سنوات، وهو الأمر الذي انعكس على الإقبال الكثيف على التصويت في الانتخابات الرئاسية من المواطنين في قرى الريف المصري.
الدور المجتمعي والتنموي
كان لمؤسسة حياة كريمة الدور الشريك والبارز في المبادرة الرئاسية لتطوير الريف المصري “حياة كريمة”، التي تخدم أكثر من 58 مليون مصري في قرى وريف مصر، وذلك بعد صدور قرار رئيس مجلس الوزراء الصادر برقم (٢٧٠٠) لسنة ٢٠٢٠ بضم مؤسسة حياة كريمة كمؤسسة المجتمع المدني الوحيدة ضمن لجنة إدارة المبادرة الرئاسية حياة كريمة والتي تضم ٢٠ وزارة وهيئة، لتقوم بالتسويق لكافة المشروعات التي تنفذ في المشروع القومي حياة كريمة. كما تساهم في تنفيذ وتمويل ومتابعة المشروع القومي بالتعاون مع الجهات الشريكة.
فقامت مؤسسة حياة كريمة بالعديد من المبادرات التي استفاد منها ملايين من المواطنين الأكثر فقرًا واحتياجًا نجد منها: مبادرة “وصل الخير”، ومبادرة “راجعين نتعلم”، ومبادرة “التعليم حياة”، ومبادرة “أنت الحياة”، ومبادرة “يدوم الفرح”، ومبادرة “قطار الخير”، ومبادرة “ستر وعافية”، ومبادرة “مبادرة كتف في كتف”، ومبادرة “خيرك سابق”، ونفذت مؤسسة حياة كريمة “مبادرة تقدر في 10 أيام” لكافة مواد الثانوية العامة بشقيها الأدبي والعلمي.
كما شاركت مؤسسة حياة كريمة ضمن المشروع القومي لتطوير الريف المصري في بناء 834 مدرسة، إلى جانب تطوير 1519 مدرسة، ولم تغفل حياة كريمة عن العدد الكبير للأميين في القرى لذا تم محو أمية 74091 مواطنًا. كما شاركت في إنشاء 1101 وحدة طبية، وأُجريت 701 قافلة طبية، إلى جانب إنشاء 221 وحدة بيطرية، والقيام بـ 83 قافلة بيطرية. هذا إضافةً إلى 353 نقطة إسعاف. والمشاركة في المبادرة الرئاسية 100 مليون صحة، وفي مبادرة سكن كريم، وتعاونت مؤسسة حياة كريمة مع بعض مؤسسات المجتمع المدني في دعم 1200 مشروع تمكين اقتصادي، وأيضًا فك كرب 2000 غارم وتمكينهم اجتماعيًا واقتصاديًا. كل هذا بجانب الاستجابة السريعة لمؤسسة حياة كريمة بالدعم المادي والعيني في الحماية الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجًا جراء تأثر الوضع الاقتصادي نتيجة جائحة كورونا وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.
وفي إطار جهودها لبناء الإنسان المصري، وخدمة الأسرة والنشء؛ فتم المشاركة في إنشاء 213 مركزًا للأسرة والطفل، و31 حضانة، و62 مكتبة، وأجرت حياة كريمة 215 حوارًا مجتمعيًا لأهالي قرى المبادرة، و154 ندوة طلابية في الجامعات المصرية، بهدف تدريب الطلاب على المهارات الحياتية، من خلال ورش عمل ومسابقات ومناقشات وأنشطة ثقافية، وذلك لمساعدتهم على تحديد فرص العمل المناسبة لهم، والوصول إلى أهدافهم واتخاذ القرارات المهنية بشكل سريع وناجح. مع توفير جولات ميدانية لزيارة مشروعات حياة كريمة. ولم تغفل حياة كريمة عن القيام بندوات لتوعية الفلاحين والمزارعين والتي وصل عددها 98 ندوة.
حياة كريمة وجهود إغاثة غزة
كانت مؤسسة حياة كريمة على رأس مؤسسات المجتمع المدني التي انتفضت منذ عملية طوفان الأقصى التي تمت في السابع من أكتوبر 2023، بعرض المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة للفلسطينيين في قطاع غزة؛ حيث قامت مؤسسة حياة كريمة والتحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي بإدخال مساعدات بلغت أكثر من 337 شاحنة مساعدات بحمولة 4760 طنًا، ضمت 6700 متطوع في تجهيز الشاحنات، بإجمالي ساعات تطوعية تعدت 422 ساعة، هذا إلى جانب تقديم الدعم النفسي للمصابين بمنفذ معبر رفح البري، ومساعدة المصابين الفلسطينيين ومرافقيهم أثناء تلقي العلاج، وأيضًا القيام بأعمال التفريغ والتحميل للمساعدات وتسليمها للهلال الأحمر الفلسطيني.
كما دشنت مؤسسة حياة كريمة بالتعاون مع التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، ووزارة الصحة وبنك الدم، أكبر حملة للتبرع بالدم تحت شعار “قطرة دماء تساوى حياة”، بكافة محافظات الجمهورية، فضلًا عن تخصيص حساباتها في البنوك المصرية للتبرع لدعم الشعب الفلسطيني والوقوف بجانبه في ظل العدوان الإسرائيلي عليه.
وقبل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، كانت مؤسسة حياة كريمة متضامنة وحاضرة لمساعدة شعب السودان الشقيق، بعد اندلاع الاشتباكات والحرب الدائرة بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وعملت على تقديم المساعدات الطبية والعلاجية والإغاثية، والمشاركة في استقبال اللاجئين السودانيين الفارين من الحرب هناك، حيث استقبلت مصر لأكثر من ٣٠٠ ألف سوداني عبر منفذي قسطل وأرقين فرارًا من الحرب الأخيرة الدائرة في السودان، وتم تقديم الدعم النفسي لهم.
ومما سبق يتضح؛ الدور الهام والمتنوع لمؤسسة حياة كريمة في خدمة المجتمع؛ حيث لم يقتصر دورها على نمط واحد من أنشطة المجتمع المدني، فوجدناها حاضرة ولها دور فعال في متابعة الانتخابات الرئاسية المصرية، ولمسنا دورها المحوري في تقديم المساعدات الإنسانية للأشقاء في غزة والسودان، هذا إلى جانت الأدوار المتعددة في تنمية المجتمع والمساهمة في البنية الأساسية في مشروع القرن حياة كريمة لتطوير الريف المصري، والمبادرات العديدة والتي منها التعليمية والطبية والاقتصادية والثقافية والإغاثية.