البنية التحتية الشبابية والرياضية: مسارات وانجازات في عشر سنوات
إذا كانت الطاقة عصب الاقتصاد فالشباب هو عصب المجتمعات وهو الوقود الأمثل لتطورها، لذا فإن الدول التي تستهدف الاستثمار الرابح محدود المخاطر تلجأ إلى الاعتماد على الشباب وتتعامل معهم بوصفهم شركاء وقادة، شركاء في صناعة القرار وقادة في وضع الخطط والبرامج وتنفيذها من أجل تحقيق التنمية المستدامة.
مصر ليست بمنأى عن المنظور الأممي أو الدولي للشباب بل كانت سباقة في هذا المضمار، حيث أولت الدولة المصرية اهتمامًا بالغًا بهم نظرًا لإيمانها الراسخ بأن الشباب هو العنصر الأساسي في التنمية المجتمعية. إن الحديث عن اهتمام الدولة بالشباب يقودنا إلى ملامح عدة كانت أهم مظاهرها تمكينهم سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا فضلًا عن توفير بنية تحتية رياضية جيدة، وتمثل البنية التحتية من المنشآت الرياضية المحور الأساسي للاستثمار في الرياضة إذ أنه لا يمكن تحقيق استثمار رياضي دون مرافق رياضية على أعلى مستوى. وفي هذا السياق فقد كان التطوير الذي قامت به إدارة الرئيس عبد الفتاح السيسي، واضحا في الهيئات الوطنية الرياضية والشبابية وهو التطوير الذي بدت آثاره واضحة على مراكز الشباب والملاعب وبيوت الشباب والمدن الشبابية، وهو تطوير صاحبه أيضًا تهيئة للبيئة التشريعية الرياضية، مما انعكس بشكل ملموس على تحسين الصورة الرياضية محليًا واقليميًا ودوليًا. تأتي زيارة الرئيس السيسي اليوم 6 يناير 2024 للمدينة الأولمبية بالعاصمة الإدارية الجديدة لتلقي الضوء على الإنجازات الرياضية التي شهدتها الفترة الماضية.
الاهتمام الدولي بالشباب
يشير جدول أعمال القرن الحادي والعشرين للأمم المتحدة في الفصل الخامس والعشرين والمعني “بالأطفال والشباب في التنمية المستدامة” لأهمية دور الشباب وضرورة إشراكهم في الموضوعات الخاصة بالبيئة والتنمية، كما يقوم برنامج الأمم المتحدة للشباب بتنسيق عمل الأمم المتحدة في قضايا الشباب بالإضافة إلى تعزيز حقوقهم وزيادة الفرص المتاحة أمامهم للمشاركة في صنع القرار كوسيلة لبناء السلام، وعلى هذا الأساس صدر قرار مجلس الأمن رقم 2250 لسنة 2015 والذي يعترف بدور الشباب في منع نشوب النزاعات، كما دعا المجلس وفقًا للقرار رقم 2419 لسنة 2018 إلى ضرورة ادماج الشباب في التفاوض بشأن اتفاقات السلام. كما يقوم مكتب الأمم المتحدة المعني بتسخير الرياضة لأغراض التنمية والسلام بالتقريب بين البشر عن طريق الرياضة. بالإضافة إلى ماسبق فلم تغفل استراتيجية التنمية المستدامة 2030 دور الشباب في تحقيق أهدافها وهو أيضًا ماتسعى لتطبيقه استراتيجية الأمم المتحدة المعنية بدعم وتمكين الشباب (استراتيجية شباب 2030).
الإطار التشريعي الوطني والاهتمام بالشباب
اهتمت الدولة المصرية في عهد الرئيس السيسي بوضع قوانين جديدة وإدخال تعديلات عليها وتبني الاستراتيجيات والخطط التي ترمي للاهتمام بالشباب المصري وتطوير البنية التحتية الرياضية. وفي “رؤية مصر 2030” التي تم إطلاقها في فبراير 2016 كان الهدف الثاني المعني بتحقيق العدالة والاندماج الاجتماعي والمشاركة إنما يهدف لتحقيق ذلك عبر تمكين الشباب. وفي ذات السياق، أطلقت في سبتمبر 2021 “الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان” لتؤكد على الدور الراعي للدولة لكل من فئة النشء والشباب. ولا نستطيع أن ننسى أن الدستور المصري الصادر عام 2014 في مادته 84 قد أكد على أهمية ممارسة الرياضة وأوجب على مؤسسات الدولة والمجتمع اتخاذ مايلزم من تدابير لتشجيع ممارسة الرياضة واكتشاف الموهوبين ورعايتهم، كما صدر القانون رقم 218 لسنة 2017 والخاص بإصدار قانون تنظيم الهيئات الشبابية، وقد أدخلت تعديلات على بعض أحكام هذا القانون من خلال القانون رقم 7 لسنة 2020.
إنجازات شبابية ورياضية في أرقام
تشير أرقام مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لرئاسة الوزراء إلى أن قطاع الشباب والرياضة في مصر قد شهد تطور ملحوظًا خلال العشر سنوات الماضية إذ بلغت تكلفة المشروعات الشبابية والرياضية التي تم تنفيذها خلال الفترة من 2014-2023 حوالي 22.1 مليار جنيه. وتم وجاري إنشاء 983 مركز شباب ضمن المشروع القومي “حياة كريمة”، كما تم تنفيذ 4820 مشروع في مجال البنية التحتية الشبابية والرياضية وأبرز تلك المشروعات مايلي:
- تم إنشاء وتطوير 12 مدينة رياضية وشبابية.
- تم إنشاء وتطوير 14 نادي رياضي.
- تم إنشاء وتطوير 4 أندية لذوي الهمم.
- تم إنشاء 253 مركز شباب.
- تم إنشاء وتطوير 4282 ملعب خماسي وقانوني ومتعدد.
- تم إنشاء وتطوير191 حمام سباحة
- تم تطوير 14 استاد رياضي.
- تم إنشاء وتطوير 30 مركز ابتكار وتعلم شبابي ومنتديات ومعسكرات شبابية.
- تم إنشاء وتطوير 14 صالة مغطاة.
- تم تطوير المركز القومي لتدريب الفرق القومية بالمعادي وتطوير مركز شباب الجزيرة، وإنشاء مركز شباب الجزيرة 2 بأكتوبر.
- تم إنشاء وتطوير 3 فروع بسلسلة نادي النادي.
كما يجري تنفيذ 90 مشروع من أهم تلك المشاريع مايلي:
- إنشاء استاد بورسعيد.
- 70 ملعب خماسي وقانوني بمراكز الشباب.
- إنشاء وتطوير 9 معسكرات شبابية.
- تطوير مدرسة الموهوبين بالإسماعيلية.
- جاري إنشاء 5 حمامات سباحة بمحافظات الدلتا والصعيد.
- إنشاء المدينة الشبابية بالسويس.
- تطوير عدد 2 مركز تنمية شبابية.
- تطوير نزل شباب بالمنيا.
- تطوير مركز التدريب الكشفي البحري بأسيوط.
المدن الشبابية والرياضية
اهتمت الدولة بإنشاء المدن الشبابية والرياضية وعلى سبيل المثال فقد تم إنشاء المدينة الرياضية بالعاصمة الإدارية الجديدة والتي تعد من أهم المشروعات في مجال الدعم الرياضي على مساحة 92 فدان بتكلفة قدرها 2.8 مليار جنيه وذلك في الفترة من يوليو 2018 وحتى مايو 2021. وتضم المدينة مجموعة من الأندية الرياضية والاجتماعية، وعدد كبير من الملاعب، ومجمع حمامات سباحة، وصالة للألعاب القتالية، وصالة خاصة بذوي الهمم، ومنطقة مخصصة للألعاب الجماعية، ومبنى اجتماعي، ومبنى للثقافة والتكنولوجيا، وعدد 3 استادات، ومجمع ملاعب متعددة الأغراض، وصالة مغطاة ومنطقة متكاملة للأطفال فضلًا عن مجموعة من المباني الإدارية والمنشآت الرياضية المصممة وفقًا لأحدث المعايير العالمية. كما قامت الدولة بإنشاء المدينة الرياضية ببورسعيد في يوليو 2019 بتكلفة إجمالية بلغت 255 مليون جنيه، والمدينة الرياضية في السادس من أكتوبر في ديسمبر 2020 بتكلفة إجمالية بلغت 660 مليون جنيه، والمدينة الشبابية والرياضية بالأسمرات في عام 2020 بتكلفة إجمالية بلغت 230 مليون جنيه، والمدينة الشبابية بالغردقة في مايو 2021 بتكلفة إجمالية بلغت 55 مليون جنيه.
الصالات والاستادات
تم إنشاء الصالة المغطاة باستاد الجيش ببرج العرب بالإسكندرية بتكلفة إجمالية بلغت 318 مليون جنيه، وفي يناير 2016 تم تطوير الصالة المغطاة باستاد القاهرة الدولي، كما تم تطوير 4 صالات مغطاة بالأندية الرياضية (صالات رياضية لبطولة كأس العالم لكرة اليد 2021) في ديسمبر 2020 بتكلفة إجمالية بلغت 24.6 مليون جنيه، وتم تطوير صالة الشباب والرياضة بحي الأشجار بأكتوبر بتكلفة بلغت 6 مليون جنيه وصالة نادي اتحاد الشرطة بتكلفة 6.3 ملايين جنيه، وصالة نادي المقاولون العرب بمحافظة القاهرة في يناير 2021 بتكلفة إجمالية بلغت 6.9 ملايين جنيه، كما تم تطوير عدد 6 استادات لاستضافة كأس الأمم الأفريقية بتكلفة بلغت 1.2 مليار جنيه بالإضافة إلى تجديد استاد المنيا الرياضي والذي تم الانتهاء من المرحلة الأولى لتطويره بتكلفة 284.2 مليون جنيه واستاد السويس واستاد اسكندرية، وتجدر الإشارة إلى أن استاد الاسكندرية هو أول استاد أوليمبي في أفريقيا والشرق الأوسط وتم افتتاحه عام 1929 ويعد الوحيد في مصر الذي يضم أثرًا إسلاميًا يرجع إلى القرون الوسطى وهو جزء من سور الإسكندرية القديم.
مراكز الشباب
تم إنشاء وتطوير مراكز الشباب بهدف تحويلها إلى مراكز خدمة مجتمعية بجانب الخدمات الآخرى التي تقدمها:
- تم إنشاء مركز شباب عرب زيدان ببورسعيد بتكلفة 10 ملايين جنيه في يوليو 2020.
- تم تطوير وإنشاء 28 مركزًا للشباب بمحافظة القاهرة بتكلفة 144.4 مليون جنيه.
- تم تطوير وإنشاء 19 مركزًا للشباب بمحافظة الجيزة بتكلفة 80.6 مليون جنيه.
- تم تطوير 3 مراكز للشباب بمحافظة الشرقية بتكلفة 55 مليون جنيه.
- تم تطوير مركزًا للشباب بمحافظة أسيوط بتكلفة 58.7 مليون جنيه.
- تم تطوير 16 مركزًا للشباب بمحافظة الفيوم بتكلفة 8.8 مليون جنيه.
- تم تطوير 3 مراكز للشباب بمحافظة البحيرة بتكلفة 8.4 مليون جنيه.
- تم تطوير 3 مراكز للشباب بمحافظة الغربية بتكلفة 18.6 مليون جنيه.
- تم تطوير مركزين للشباب بمحافظة شمال سيناء بتكلفة 19.6 مليون جنيه.
- تم تطوير 3 مراكز للشباب بمحافظة أسوان بتكلفة 9.1 مليون جنيه.
- تم تطوير مركزًا للشباب بمحافظة قنا بتكلفة 1.8 مليون جنيه.
- تم تطوير 8 مراكز للشباب بمحافظة القليوبية بتكلفة 8.7 مليون جنيه.
- تم تطوير 3 مراكز للشباب بمحافظة بورسعيد بتكلفة 15.2 مليون جنيه.
- تطوير مركزين للشباب بمحافظة الاسماعيلية بتكلفة 12.5 مليون جنيه.
- تم تطوير 6 مراكز للشباب بمحافظة الإسكندرية بتكلفة 35.3 مليون جنيه.
زيارة الرئيس السيسي للمدينة الأولمبية
قام السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم بزيارة تفقدية لمدينة مصر الدولية للألعاب الأولمبية بالعاصمة الإدارية الجديدة يرافقه فيها وزير الشباب والرياضة. وتقام مدينة مصر الدولية للألعاب الأولمبية على مساحة 450 فدانًا، وتمتلك المدينة صالة مغطاة تسع لـ 15 ألف متفرج، وأخرى لـ 8 آلاف، وتحتوي على ملاعب تحت الأرض، بالإضافة إلى الملعب الرئيسى، وغرف فندقية لتوفير سبل الراحة للجمهور، وتضم المدينة ملعب اسكواش بسعة 1000 متفرج، ومجمع للتنس بسعة 3500 متفرج، ومجمع حمامات سباحة أوليمبى بسعة 5000 متفرج. تجدر الإشارة إلى أن المدينة تضم إستاد كرة يتسع لـ 90 ألف متفرج، وتستضيف الآن معسكر المنتخب الوطني، والذي يجري استعداداته لخوض منافسات كأس الأمم الأفريقية التي من المقرر انطلاقها يوم 13 يناير الجاري بكوت ديفور، وقد حرص السيد الرئيس أثناء الزيارة على الالتقاء بمعسكر المنتخب الوطني وتقديم الدعم اللازم لهم.
الخاتمة
تعتبر الرياضة من أهم أدوات التنمية الشاملة لأي دولة لما لها من دور فعال في تكوين رأس المال الاجتماعي. لقد شهدت البنية التحتية الرياضية في مصر تطورًا غير مسبوق ليس فقط من خلال انتشارها في كافة محافظات الجمهورية ولكن أيضًا من خلال تبني أحدث المواصفات ومعايير الجودة العالمية. تمتاز البنية التحتية الرياضية في مصر بالتنوع والتكامل من حيث وجود الاستادات والصالات والمدن الرياضية والأندية والملاعب والمراكز الأوليمبية وحمامات السباحة فضلًا عن التطور الذي شهدته كلًا من منظومة الطب الرياضي ومنظومة مكافحة المنشطات. لقد زاد عدد الاستادات من 24 استاد في 2015 ليصبح 30 استاد في 2022، وزاد عدد مراكز الشباب من 4200 مركز في 2015 ليصبح 4503 في 2022، كما زادت عدد مكتبات مراكز الشباب لتصبح 4370 في 2022 بعد أن كانت 2627 في عام 2015. وتهدف مصر من امتلاك بنية تحتية مميزة أن تكون قادرة على استضافة دورة الألعاب الأولمبية 2036 لتكون بذلك أول دولة عربية وأفريقية تحظى بهذا الشرف.