المشهد السودانيعين على الأحداث
تطورات المشهد السوداني
أولًا: التطورات الميدانية والعسكرية:
- شهدت الخرطوم إطلاق قذائف صاروخية يوميًا، وتصاعد الدخان الكثيف في منطقة جنوب الحزام وفي الخرطوم بحري قرب جسر الحلفايا، نتيجة القصف المدفعي للجيش على تجمعات الدعم السريع ومن قاعدة وادي سيدنا تجاه أماكن تمركز الدعم السريع في أرض المعسكرات والمدينة الرياضية جنوب الخرطوم ووسط مناطق “السوق العربي، وجبرة، والصحافة، وأركويت والطائف والمجاهدين”، ومن قوات الدعم السريع شرقي الخرطوم تجاه القيادة العامة للجيش، مع استمرار سيطرة قوات الدعم السريع على المشروعات الزراعية فبعد ود مدني، كما سيطرت وفقًا لشهود على “مدينة هبيلا” بولاية غرب كردفان الزراعية.
- استمرار خروج العديد من مستشفيات ود مدني من الخدمة مع استمرار هجمات الدعم السريع، وما يقابلها من هجمات من الطيران السوداني بقصف مواقع لميليشيا الدعم السريع في المدينة.
- تسببت محاولات الدعم السريع في دخول عدد من مدن أم درمان مثل حي “أنقولا” في مقتل العديد من المدنيين.
- المقاومة الشعبية تزداد انخراطًا في معركة الكرامة بجانب قوات الجيش ضد الدعم السريع، فأعلنت محلية الجبلين بولاية النيل الأبيض بعقد اجتماع لدعم الجيش، والاستعداد للمقاومة الشعبية، كما دعت جهات غير معروفة إلى تنظيم حشود كبيرة في الثاني من يناير تحت اسم “طوفان السودان” للتعبئة والاستنفار، وشهدت مدن القضارف وكسلا شرقا، والمناقل وسط البلاد، والدبة ومروي شمالا، تجمعات مماثلة، بجانب قيادة حاكم إقليم النيل الأزرق لكتائب المقاومة الشعبية الداعمة للقوات المسلحة.
ثانيًا: التطورات السياسية وردود الفعل:
- جولة مكوكية قادها قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو ضمت “جيبوتي وأوغندا وأثيوبيا وأخيرًا كينيا والحديث حول زيارة لجنوب أفريقيا” كما شهدت الزيارات لقاء مع رئيس تنسيقية “تقدم” عبد الله حمدوك، الذي وقع مع حميدتي “إعلان أديس أبابا” وسط انقسام اعتبره قائد الجيش ورئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان بمثابة عمل عدائي ضد سيادة الدولة السودانية، مقابل وصف مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة بأن الدعم السريع هي الجناح المسلح للقوى المدنية، وأن تنسيقية “تقدم” تمثل حاضنة سياسية للدعم السريع، واعتبر حمدوك الاتفاق فرصة للسلام ووقف إطلاق النار، في ظل ترحيب لبعض القوى المدنية مثل الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة ياسر عرمان، وتفاؤل من الحزب الشيوعي، وترحيب من مؤتمر قبائل البجا المعارض أسامة سعيد، ووعيد من حزب المؤتمر الإخواني، وعلى النقيض وصفه نور الدائم طه، القيادي بحركة تحرير السودان-الكتلة الديمقراطية “مخيب للأمآل”وشبهه بالاتفاق الإطاري، وأشار إلى أن الشعب السوداني كان تواقا إلى أن توحد القوى المدنية صفوفها بدلا من الهرولة وراء المكون العسكري، واعتبره سيكرس للحكم العسكري، مستدلًا على ذلك بعدم ورود كلمة الحكم المدني في هذا الاتفاق إلا في إشارة واحدة بمساعدة القوى العسكرية للانتقال للحكم المدني، وبالتالي إعادة العسكر مرة أخرى بالاتفاق بين الحرية والتغيير والدعم السريع ومن ثم اتفاق بين الحرية والتغيير والجيش، وبالتالي العودة إلى الشراكة التي أدت إلى الحرب الجارية، وهو ما ظهر في دعوة حمدوك للقاء البرهان عقب توقيع الاتفاق، وسط إعلان القيادي بالحرية والتغيير جعفر حسن موافقة الجيش “مبدئيًا” على لقاء تنسيقية القوى المدنية.
- استمرارًا لحالة الانقسام الداخلي، دعا “الأمين العام لحكومة ولاية شمال كردفان“، بالوقوف صفًا واحدًا مع القوات المسلحة والقوات النظامية التي تخوض معركة الكرامة، ورأى الناطق الرسمي باسم الكتلة الديمقراطية، محيي الدين جمعة، أن الاتفاق السياسي لا يحمل إشارات جديدة حول إنهاء الحرب الجارية، واعتبره منى أركو مناوي لا يجمل الجديد، كما انشق الحزب الاتحادي الديمقراطي، فالتقى قيادي الحزب إبراهيم الميرغني، وحميدتي في إثيوبيا، مؤكدًا على أن حميدتي أظهر موقفه الراسخ مع السلام، ودعا جميع أهل السودان بالوقوف ضد التعبئة “العنصرية والجهوية” في إشارة للمقاومة الشعبية، فيما استنكر الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بزعامة محمد عثمان الميرغني الزج باسم الحزب من قبل ابراهيم الميرغني وأكد أن عضويته “مجمدة”.
- سبق أن تم تداول أهم النقاط التي ركز عليها اجتماع حميدتي وحمدوك “وأولها القضية الإنسانية، وحماية المدنيين، وإيصال المساعدات الإنسانية. والوصول إلى اتفاق لوقف العدائيات“، بجانب ما طرحته “تقدم” من خارطة طريق لإنهاء الحرب واستعادة السلام والتحول المدني الديمقراطي في السودان، ضمن رؤيتها للترتيبات السياسية لمرحلة ما بعد الحرب.
- ووضع إعلان أديس ابابا “الخطوط العريضة لوقف الحرب”، ونص على استعداد ﻗﻮات اﻟﺪﻋﻢ اﻟﺴﺮﯾﻊ اﻟﺘﺎم ﻟﻮﻗﻒ ﻋﺪاﺋﯿﺎت ﻓﻮري ﻏﯿﺮ ﻣﺸﺮوط ﻋﺒﺮ ﺗﻔﺎوض ﻣﺒـﺎﺷـﺮ ﻣﻊ اﻟﻘﻮات اﻟﻤﺴـﻠﺤـﺔ، ﺑﺮﻗﺎﺑﺔ وطﻨﯿﺔ وإﻗﻠﯿﻤﯿﺔ ودوﻟﯿﺔ ﺗﺘﺤﻘﻖ ﻋﻠﻰ اﻷرض، واﻓﻘـﺖ ﻗﻮات اﻟـﺪﻋﻢ واﻟﺴـﺮﯾﻊ ﺑﻨـﺎءً ﻋﻠﻰ طﻠـﺐ ﻣﻦ (ﺗﻘـﺪم) وﻛﺒـﺎدرة ﺣﺴـﻦ ﻧﯿـﺔ ﻋﻠﻰ إطﻼق ﺳﺮاح 451 ﻣﻦ أﺳﺮى اﻟﺤﺮب واﻟﻤﺤﺘﺠﺰﯾﻦ وذﻟﻚ ﻋﺒﺮ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﺪوﻟﯿﺔ ﻟﻠﺼﻠﯿﺐ اﻷﺣﻤﺮ، وفي ظل عدم إعلان الجيش موقفه من الاجتماع بشكل رسمي فما تزال هذه الخطوة “مجمدة” مع رؤية بعض المحللين لضرورة تشابك البرهان للحصول على مكاسب في ظل فقدانه السيطرة على الأرض.
- عكست عدد من التهاني بمناسبة الذكرى الثامنة والستين لاستقلال السودان دعم عدد من الدول لرئيس مجلس السيادة باعتباره الممثل الشرعي للسودان في ظل نشاط حميدتي لدول الجوار، ومنها عدد من رؤساء الدول العربية على رأسهم ” الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وخادم الحرمين الشريفين وولي العهد، والملك الأردني، ووزير الخارجية القطري، وولي عهد مملكة البحرين، رئيس الوزراء، وسلطان السلطنة العمانية.
- وعن المواقف الدولية، ومع تصاعد الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أكتوبر الماضي، واستئناف مفاوضات جدة في نوفمبر، لوحظ تراجع الدور الأمريكي ورحيل وفده بعد أيام قليلة من بدء المفاوضات، ووصف محللون الموقف الأمريكي بأن السودان لم تعد أولوية في الفترة الحالية بالنسبة لأمريكا التي لديها مصالح أهم وأكبر حاليًا في الشرق الأوسط. لكن في الأيام الأخيرة هناك مساعٍ محدودة لأمريكا لتهدئة الأوضاع في السودان؛ ففي بداية يناير الجاري، ذكر مصدر دبلوماسي أن وزارة الخارجية الأمريكية تعتزم إرسال مسؤول دبلوماسي رفيع إلى لقاء يجمع بين قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الدعم السريع في جيبوتي، معتبرًا أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قد يكون أبرز المرشحين للمشاركة إلى جانب وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان.
- كما دعم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، العملية السياسية، وطالب بلينكن قوات الدعم السريع والجيش السوداني بضرورة إنهاء هذه الحرب الوحشية وإعادة الحكم إلى المدنيين، والذي سبق وأن اتهم قادة الصراع بارتكاب جرائم حرب في كردفان وارتكاب الدعم السريع لعملية تطهير عرقب وإبادة جماعية ضد قبائل المساليت.
- وقال مركز حقوق الإنسان السوداني، أن وصف ما قامت به قوات الدعم السريع في السودان خلال الـ8 أشهر الماضية، أسوأ مما يتخيله أي مراقب عالمي عما يجري في السودان، حيث قامت هذه الميليشيات باحتلال 59 مستشفى في الخرطوم، وأخرجت الطاقم الطبي منه ومنعته عن العمل، وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة، إن الاشتباكات واسعة النطاق بين القوات المسلحة والدعم السريع في محليتي مدني الكبرى وشرق الجزيرة، تمثل تحولًا ملحوظًا في ديناميكيات الصراع والنزوح عبر المنطقة. وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة في تقرير دوري عن الأوضاع الإنسانية في الجزيرة عقب استيلاء الدعم السريع على أجزاء منها منذ 19 ديسمبر 2023، إن (509) ألف شخص نزحوا بسبب تصعيد القتال في الجزيرة إلى مواقع أكثر أمانًا داخل الولاية كما نزح (304) ألف شخص إلى ولايات سنار والقضارف وكسلا والبحر الأحمر ونهر النيل والنيل الأبيض والولاية الشمالية.
- أوضحت الأمم المتحدة أن حوالي (224) ألف شخص نازح تعرضوا للنزوح الثانوي، بالإضافة لـ (275) ألف نازح إضافي نزحوا حديثًا من ولاية الجزيرة.
تعليق المرصد المصري:
- لا تزال أفق إنهاء الحرب الداخلية في السودان بعيدة، وكل الأطراف تتمسك بمواقفها، ومع تعدد منصات الحل التفاوضي، سواء كانت منصة جدة أو منصة “الإيجاد”، وتعدد الأطراف الإقليمية والدولية المتداخلة في سياق ومسار الصراع، من المستبعد تحقيق اختراق حقيقي على المستوى السياسي قريبًا.
- عقب 9 أشهر من الاشتباكات المتبادلة، وسيطرة الجيش السوداني على شرق السودان، ومحاولات قوات الدعم السريع السيطرة على المناطق الزراعية في غرب كاردفان وود مدني، وتغير شكل الاشتباكات إلى القصف المدفعي والطيران ضد معاقل الدعم السريع.
- حاول قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، الاستفادة مما حققه من دخوله لولاية الجزيرة، وتصوير نفسه بأنه الممثل الشرعي للبلاد، فقام بجولة مكوكية خارجية في دول القرن الأفريقي وممثلي مجموعة الإيجاد “جيبوتي وأوغندا وكينيا وأديس أبابا”، بجانب الحديث حول زيارته إلى جنوب أفريقيا.
- مهدت هذه الزيارات وعقب تأجيل تنفيذ مخرجات قمة الإيجاد بعقد اجتماع “رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان وقائد الدعم السريع حميدتي” إلى يناير الحالي، إلى تمكن رئيس تنسيقية “تقدم” ورئيس الوزراء الأسبق عبد الله حمدوك من توقيع اتفاق مع قائد قوات الدعم السريع باسم “إعلان أديس أبابا”، ودعوة الأول لقائد الجيش السوداني للقائه للاتفاق على تنفيذ بنود هذا الإعلان، واعتبرها خطوة للسلام الدائم.
- عكس موقف نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار بوصف “تقدم” بأنها حاضنة سياسية لميلشيا الدعم السريع، الانقسام الداخلي بين الحركات المسلحة التي تصل إلى 92 حركة، بجانب الأحزاب المدنية، وكذلك الانقسام داخل المكون المدني ذاته “وأد الاتفاق قبل بدئه”، في ظل اتهامه بأنه إعادة للاتفاق الإطاري الذي أدى للوضع الحالي في السودان، وعدم وضوح الموقف الرسمي لقوات الجيش السوداني من الانخراط في تلك العملية السياسية “الثنائية” غير التوافقية.