مصر والأردن.. محورية الدور والمواقف المشتركة لدعم القضية الفلسطينية
استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس الأربعاء الموافق 27 ديسمبر 2023، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، ملك الأردن، في زيارته الرسمية للقاهرة لبحث التطورات الخطيرة في غزة، وسُبل وقف إطلاق النار في القطاع. وتأتي الزيارة في إطار الإرادة المشتركة لدى كل من مصر والأردن لتكثيف التنسيق المستمر إزاء المستجدات والتحديات التي تواجه القضية الفلسطينية في ظل ما تواجهه من تحديات جراء استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وسعيًا لحصول الشعب الفلسطيني على كافة حقوقه المشروعة وآماله وطموحاته.
وتكتسب العلاقات المصرية الأردنية أهمية خاصة، لا سيما فيما يتعلق بدعم القضية الفلسطينية، حيث تعد مصر والأردن من أكثر الدول العربية دفاعًا عن القضية الفلسطينية، وترتكز سياسات كلتا الدولتين على العديد من الأسس المشتركة، والتي يأتي على رأسها حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، بالإضافة إلى رفضهما لكافة الممارسات الإسرائيلية التي تقوض من فرص التوصل إلى حل الدولتين. كما ترفض الدولتان رفضًا قاطعًا أي محاولات إسرائيلية من شأنها تصفية القضية الفلسطينية، وعلى رأسها تهجير الفلسطينيين من أرضهم والقضاء على آمالهم في إقامة دولتهم المستقلة.
وفي هذا السياق، عقد الزعيمان المصري والأردني، مباحثات رحب خلالها السيد الرئيس بالعاهل الأردني في وطنه الثاني مصر، حيث تم الإعراب عن الارتياح لوتيرة التنسيق والتشاور بين البلدين، التي تعكس الأهمية الكبيرة للعلاقات بين الشعبين والقيادتين. وتناولت المباحثات تطورات الأوضاع الإقليمية وخاصة في قطاع غزة، والمأساة الإنسانية التي تواجه القطاع، والتي خلفت آلاف القتلى والجرحى ومئات الآلاف من النازحين، فضلًا عن التدمير الواسع الذي أصاب البنية التحتية والمنشآت في القطاع، حيث أكد الزعيمان رفضهما التام لجميع محاولات تصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم أو نزوحهم داخليًا، مشددين على أن الحل الوحيد الذي يجب أن يدفع المجتمع الدولي نحو تنفيذه هو الوقف الفوري لإطلاق النار، ونفاذ المساعدات الإغاثية بالكميات والأحجام والسرعة اللازمة التي تحدث فارق حقيقي في التخفيف من معاناة أهالي القطاع، مع الدفع الجاد نحو مسار سياسي للتسوية العادلة والشاملة، يفضي لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفقًا لمقررات الشرعية الدولية ذات الصلة.
كما أكد الجانبان أن هناك مسؤولية سياسية وأخلاقية كبيرة تقع على عاتق المجتمع الدولي نحو تنفيذ قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، على النحو الذي يحفظ مصداقية المنظومة الدولية، مشددين على أهمية عدم توسع دائرة الصراع بما يتسبب في زعزعة الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي.
دور تاريخي ودعم ثابت للقضية الفلسطينية
على مدار التاريخ، تتبنى كلا من مصر والمملكة الأردنية سياسة ترتكز على دعم القضية الفلسطينية باعتبارها القضية العربية المركزية، وتبذلان كل الجهد لدفع كافة الأطراف المعنية للانخراط في العملية السلمية، كما تؤمن الدولتان بأن قرارات الشرعية الدولية وعلى رأسها مبادرة السلام العربية، تمثل المرجعيات المعتمدة للتفاوض باعتبار التفاوض هو السبيل الوحيد لإحلال السلام، فضلًا عن ذلك فهناك توافق حول ضرورة التكاتف العربي لدعم القضية الفلسطينية.
تشترك الدولتان أيضًا في دعم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة الكاملة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وتساند الدولتان إحلال السلام الشامل والعادل والدائم الذي يشكل خيارًا استراتيجيًا في إطار السعي لإنجاز حل الدولتين خلال مدة زمنية محددة وبآليات واضحة.
وتتفق كل من مصر والأردن حول رؤيتهما بشأن الحل النهائي للقضية الفلسطينية، حيث يجب أن يعالج القضايا الجوهرية كافة وفقا للشرعية الدولية ولمرجعيات عملية السلام. إضافة إلى ذلك، يشدد كل من الرئيس المصري وعاهل الأردن باستمرار على ضرورة الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، ورفض جميع الممارسات التي تستهدف المساس بهذا الوضع، كما يؤكدان على أهمية الوصاية الهاشمية التاريخية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس، ودورها في حماية هذه المقدسات وهويتها العربية الإسلامية والمسيحية.
الموقف من الحرب على قطاع غزة ورفض التهجير
منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، جمع الرئيس عبد الفتاح السيسي والملك عبد الله الثاني، عاهل الأردن، أكثر من لقاء لبحث تطورات الأزمة داخل الأراضي الفلسطينية بشكل عام، وفي قطاع غزة بشكل خاص، وتأثيرها على البلدين وعلى المنطقة، التي تقف على جمرة من نار، وتم التأكيد خلال كافة اللقاءات على ضرورة تكثيف وتوحيد الجهود العربية للضغط من أجل وقف إطلاق النار في غزة، والدفع بإيجاد أفق سياسي لحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين. كما تدعو الدولتان إلى ضرورة الوقف الفوري للحرب على غزة، وحماية المدنيين، وإيصال المساعدات بشكل كاف ومستدام للأهل في غزة، للتخفيف من الوضع المأساوي بالقطاع.
وبعد اندلاع الحرب، أعلنت كلا من القاهرة وعمان عن رفضهما لأي مخططات إسرائيلية تهدف إلى نقل الفلسطينيين خارج أراضيهم، سواء من الضفة أو من الغزة، إلى كل من مصر والأردن، وشددا على ضرورة وقف العنف، والتطهير العرقي والإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين. ورفضهما سياسات التجويع والعقاب الجماعي للشعب الفلسطيني، كما أكدا رفض الدولتين التام لأي محاولات لتهجير أهالي القطاع داخل أو خارج غزة.
وفيما يتعلق بالمحاولات الإسرائيلية لتهجير الفلسطينيين، أكدت كلا من مصر والأردن على ثبات موقفهم في ذات الشأن ورفضهما القاطع لتهجير سكان قطاع غزة من بيوتهم وأراضيهم قسريًا من شمال القطاع إلى الجنوب ومنه إلى داخل مصر أو أية وجهة أخرى، باعتبار تلك المسألة خطًا أحمر.
وخلال المباحثات التي عقدتها كل من مصر والأردن في أعقاب اندلاع الأزمة في قطاع غزة، تم التحذير من إمكانية حدوث كارثة إقليمية في حال اتساع نطاق تلك الحرب في قطاع غزة، إذ حذرا من أن عدم توقف الحرب واتساعها، سينقلان المنطقة إلى منزلق خطير ينذر بكارثة تخشى عواقبها. جدد الطرفان التأكيد على ضرورة الوقف الفوري للحرب على غزة، وحماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية، وكررا إدانتهما الجرائم الإسرائيلية بحق الأبرياء العزل. وتم التأكيد على إدامة التنسيق الوثيق والتشاور بين البلدين الشقيقين إزاء القضايا ذات الاهتمام المشترك، وبما يحقق مصالحهما ويخدم القضايا العربية.
السعي لحل القضية الفلسطينية عبر الأفق السياسي
وتعمل كلا من القاهرة وعمان بشكل مكثف على ضرورة حث إسرائيل على الجلوس والتفاوض من أجل التوصل لتسوية نهائية على أساس حل الدولتين، بما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة والمتواصلة جغرافيًا على حدود الرابع من يونيو 1967 والقدس الشرقية عاصمتها، بحيث تعيش الدولتان جنبًا إلى جنب في سلام وأمان وازدهار. كما تعملان باستمرار على العمل على إطلاق تحرك فاعل لاستئناف مفاوضات جادة وفاعلة لإنهاء الجمود في عملية السلام وإيجاد أفق سياسي حقيقي للتقدم نحو السلام العادل.
وفي هذا السياق، يتفق البلدان على ضرورة وقف جميع الإجراءات الإسرائيلية الأحادية اللاشرعية، التي تقوض حل الدولتين وتهدد فرص تحقيق السلام في المنطقة بما فيها بناء المستوطنات وتوسعتها في الضفة الغربية المحتلة، وبما فيها القدس الشرقية ومصادرة الأراضي وهدم المنازل وتهجير الفلسطينيين من بيوتهم.
دور رئيس في محاولات توحيد الصف الفلسطيني
يؤمن قادة الدولتين، مصر والأردن، بأهمية الاستمرار في العمل على تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية. كما أن الجهود المصرية والأردنية لوضع حل للانقسام الفلسطيني وتوحيد الصف لم تتوقف خلال الأعوام الماضية، باعتبار الانقسام من أكبر المعوقات في سبيل حل القضية ويجب العمل على حلها في أسرع وقت ممكن. كما يدرك قادة البلدين أن توحيد الصف الفلسطيني يقوي من موقف الفلسطينيين ويعد بمثابة خطوة رئيسة في سبيل استئناف عملية سلام حقيقية.
وخلال قمة العلمين، التي تم عقدها في أغسطس الماضي، أكد كل من الملك عبد الله، ملك الأردن، والرئيس الفلسطيني محمود عباس على أهمية دور مصر في توحيد الصف الفلسطيني وإنهاء الانقسام، الذي يُعد مصلحة وضرورة للشعب الفلسطيني، لما لذلك من تأثير على وحدة موقفه وصلابته في الدفاع عن قضيته، وأكدوا على ضرورة البناء على اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية الذي استضافته مصر مؤخرًا، للم الشمل الفلسطيني.