معركة الجزيرة: لماذا تحوز معركة الجزيرة بين الجيش السوداني والدعم السريع أهمية استثنائية؟
حاز استهداف الدعم السريع لولاية الجزيرة وعاصمتها مدينة ” ود مدني” اهتمامًا بالغًا في إطار المتابعة الحثيثة لمسارات الصراع وخطوطه الميدانية على مدار الأشهر الثمانية الماضية منذ اندلاع الصراع. ورغم تمدد الدعم السريع وسيطرته على مناطق استراتيجية حيوية بولايات ومناطق مختلفة، خاصة في الخرطوم ودارفور، فإن السيطرة على ولاية الجزيرة تثير المخاوف بشأن تمهيد الطريق أمام سيطرتها على مفاصل الدولة، بما فيها ولايات الوسط وشرق السودان.
استهداف الجزيرة
حددت الدعم السريع ولاية الجزيرة الواقعة على بعد 180 كم جنوب الخرطوم هدفًا استراتيجيًا لها بدت ملامحه منذ أن سيطرت على منطقة العيلفون التي انطلقت منها نحو مناطق ودراوة والعيدج شرق الجزيرة، التي جاءت مبررات استهدافها وفق مداخلة لعمران عبد الله حسن مستشار ” حميدتي” على قناة الحدث، أنها رد على تصريحات ” البرهان” أثناء زيارته للولاية في 3 ديسمبر الجاري، والتي قال فيها أن الجزيرة ستكون نواة انطلاق المجاهدين الذين يشكلون نحو 40 ألف مقاتل للدفاع عن البلاد، مما منح الدعم السريع مبررًا لروايته في مواصلة القتال.
وهاجمت الدعم السريع الولاية التي تضم الفرقة الأولى مشاه، بدءًا من الجمعة 15 ديسمبر 2023، بسيارات وعربات قتالية، من اتجاه المناطق الشرقية باتجاه جسر حنتوب شرق النيل الأزرق، مما أدى إلى استهداف الطيران الحربي مواقع للدعم بمناطق أبو حراز وحنتوب والعليلة شرق ود مدني التي تضم المستودعات التي تغذي الولاية بالوقود عبر الأنابيب ومناطق بمدينة تمبول وأرياف رفاعة ومناطق التكيلات بشرق الجزيرة، إذ اقتحمت الولاية من المناطق الشرقية والشمالية الشرقية، انطلاقًا من مواقع سيطرتها بجنوب شرق الخرطوم، خاصة منطقة العيلفون الواقعة شرق الخرطوم.
وبعد 4 أيام من المواجهة بين الطرفين، أعلنت الدعم السريع يوم الإثنين 18 ديسمبر سيطرتها على مدينة رفاعة ثالث مدن الإقليم من حيث الأهمية واستمرت في سيطرتها على المدن والمناطق الشرقية للولاية بمنطقة البطانة، حتى أعلنت الثلاثاء 19 ديسمبر سيطرتها على الفرقة الأولى مشاة، بعد أن انهارت دفاعات الجيش عند جسر حنتوب، ما جعلها تدخل الولاية دون مقاومة حيث انسحب أغلب الجنود والضباط التابعين للفرقة الأولى مشاة متجهين نحو ولاية سنار، مما مكّن الدعم السريع من السيطرة على ود مدني وولاية الجزيرة برمتها؛ إذ سيطرت على مقر حكومة الولاية ومؤسساتها، إذ أعلنت لجان مقاومة الحصاحيصا كبرى مدن الولاية بعد ود مدني، سيطرة الدعم السريع على رئاسة شرطة المحلية، اليوم الأربعاء 20 ديسمبر 2023، وقامت بنهب المحلات، والسيطرة على اللواء الثاني بالمدينة.
وجدير بالذكر أن ” حميدتي” قام بتعيين “أبوعاقلة محمد أحمد كيكل” قائدًا للفرقة الأولى مشاة مدني ورئيسًا للجنة الأمن بالولاية، وهو قائد قوات ” درع السودان” التي أعلنت دعمها للدعم السريع منذ بدء المعارك، وهي ميليشيا ظهرت للمرة الأولى في ديسمبر 2022، بولاية الجزيرة، حيث قدرت قواتها بحوالي 35 ألف جندي، وتشكلت للتعبير عن مصالح ولاية الجزيرة، رفضًا لاتفاق جوبا للسلام، الذي اعتبرته تعبيرًا عن مصالح الحركات المسلحة في ولايات الهامش، وبالتالي فإن التعبير عن مصالح الولايات لا يتحقق سوى من خلال العمل المسلح.
واعتبر الدعم السريع هجومه على ولاية الجزيرة خطوة استباقية في ضوء المعلومات الاستخباراتية التي وصلته باستعدادات الجيش بقوة مقدرة بعشرات الآلاف لمهاجمتهم في مواقع بالخرطوم؛ وتزامنت أحداث الجزيرة مع تجدد الاشتباكات في محيط سلاح المدرعات يوم الأربعاء 20 ديسمبر 2023. وخلال الأيام الماضية، استهدف الجيش مواقع للدعم السريع بمناطق جنوب الحزام وجبرة وأبو آدم والأزهري بجنوب الخرطوم، وأحياء بري والمنشية شرق الخرطوم ومنطقة الحاج يوسف شرق النيل.
خريطة المعارك
تزامنت معركة الجزيرة مع استمرار المواجهة والاشتباك في أحياء ومناطق بالخرطوم، حيث درات اشتباكات حول القيادة العامة وبمحيط سلاح المدرعات وسلاح الذخيرة جنوب الخرطوم وسلاح الإشارة ببحري وسلاح المهندسين جنوب أم درمان. كما تقدمت الدعم نحو مدينة الفاشر بشمال دارفور، فيما دارت مواجهات في نيالا بجنوب دارفور.
واشتدت وتيرة المعارك في محاور قتالية متعددة، مع انهيار الجولة الجديدة من مفاوضات جدة مطلع ديسمبر الجاري، وكذلك رفض الخارجية السودانية مقترحًا صادرًا عن قمة الإيجاد في 10 ديسمبر الجاري، والقاضي بعقد لقاء مباشر بين كل من ” البرهان” و” حميدتي”، إذ حددت شروطًا لذلك منها وقف إطلاق النار.
وتأتي تلك التطورات الميدانية امتدادَا لتقدم الدعم السريع في مساحات كبيرة من العاصمة منذ أكتوبر الماضي، وكذلك تقدمه في ولايات دارفور وكردفان، إذ سيطر على مدن نيالا وزالنجي والجنينية والضعين. وقد اشتدت المواجهة في نوفمبر الماضي حول قاعدة جبل أولياء جنوب الخرطوم، حيث ترتبط الخرطوم بجنوب أم درمان كجسر بديل عن جسر شمبات الذي تم تدميره، والذي كان يربط الخرطوم بحري بأم درمان، مما يوفر طرق إمداد للدعم السريع.
ومنذ سبتمر الماضي، وهناك مخاوف من تمدد الدعم السريع لولايات أخرى خارج نطاق المعارك بالخرطوم ودارفور وكردفان، خاصة الولايات الشمالية وولايات الوسط وشرق السودان. ورغم اندلاع المواجهات بين الطرفين في إبريل الماضي من مطار مروي بالشمالية، لم يكن هناك سيطرة وانتشار للدعم في الولايات الشمالية، حتى بدأت بوادر المواجهة في سبتمبر الماضي، التي ضبطت فيها القوات المسلحة تسللًا لعناصر للدعم بطريق شريان الشمال، ودارت كذلك مواجهات بين قبيلة الكبابيش والدعم جنوب الولاية الشمالية على خلفية سرقة إبل تابعة للقبيلة.
وقد أدى سيطرة الدعم على ولاية الجزيرة للتمهيد للتمدد نحو الولايات المجاورة، وقد أفاد شهود بتحرك عناصر تابعة للدعم نحو ولايات القضارف وكسلا ونهر النيل، مما اقتضى بإرسال الجيش تعزيزات لولاية القضارف، فيما أفادت الفرقة الثالثة مشاة بشندي بولاية نهر النيل بتخريج 40 ألف مقاتل إلى جانب صفوف الجيش.
أهمية ولاية الجزيرة
تحظى الولاية الواقعة جنوب الخرطوم والرابطة بين شرق البلاد وغربها بأهمية استراتيجية، وترتبط بولايات كردفان والنيل الأبيض ودارفور عبر طريق كوستي، ويمتد منها طرق رئيسي يربطها بولايات كسلا والقضارف وشرق السودان وترتبط كذلك بالنيل الأزرق وسنار، مما يجعل السيطرة عليها تحكم الخناق على الجيش الذي يسيطر على الشمالية ونهر النيل وبورتسودان. ومن الناحية الميدانية، تقطع سيطرة الدعم السريع على الولاية الطريق على الجيش في تعزيز امداداته بشرق النيل وكذلك قطع الاتصال بين شرق السودان ووسطه وغربه، خاصة وأن الدعم يسيطر على الطريق الغربي الرابط بين الجزيرة والخرطوم من ناحية مناطق المسعودية والنوبة والثورة وجياد والباقير. وتشير خرائط السيطرة القتالية إلى أن السيطرة على الجزيرة ستخنق البلاد وتتحكم بمسارات القتال؛ فترتبط مدينة ود مدني بالخرطوم عبر الطريق البالغ طوله 186 كم وطريق مدني – سنار بالغ طوله 110 كم، والطريق الرئيسي الذي يربطها ببورتسودان عبر القضارف وكسلا ويبلغ طوله 950 كم، ويعد هذا الربط تهديدًا لكل الولايات المرتبطة بود مدني.
وعلى الجانب الاجتماعي، حظيت الولاية على مدار قرون بحالة من التعايش السلمي بين القوميات والإثنيات المختلفة، مما مهد لتمركز الإسلام الصوفي بها، على نحوٍ جعلها استثناء عما يحيط بها من ولايات الهامش التي مثلت حاضنة للحركات المسلحة وساحة للتنافس الإثني والعرقي. وعلى الجانب الاقتصادي، تعد الولاية مركز ثقل اقتصادي بعد العاصمة الخرطوم، وتضم المناطق الصناعية، حيث تعد موطنًا للكثير من الصناعات الثقيلة والخفيفة والصغيرة والحرفية تشكل في مجملها 27321 ترخيصا صناعياً في مجالات الغذاء والنسيج.
وتضم كذلك البنية التحتية الطبية بعد انتقال أغلب الأعمال الاقتصادية إليها من الخرطوم، كما تحتضن الولاية جامعة الجزيرة كأول جامعة خارج الخرطوم أقيمت في سبعينيات القرن الماضي، هذا فضلًا عما تتمتع به من موارد طبيعية وبشرية، إذ تضم مشروع الجزيرة الزراعي الذي أنشئ عام 1925 بعد إنشاء خزان سنار والذي تبلغ مساحته 2 مليون فدان، والذي يوفر 76 ألف فرصة عمل سنوية، بما يجعلها مصدرًا مهمًا للمحاصيل الاستراتيجية بالبلاد؛ إذ تعد العاصمة ود مدني والمناقل والحصاحيصا أسواقًا مهمة للسلع الاستراتيجية.
وتتمتع الولاية بثرواتها الطبيعية، حيث تصلح 91% من مساحتها للزراعة، التي تغذيها المياه الجوفية ومياه الأمطار والنيل الأزرق وروافد الرهد والدندر، كما تتمتع بثروة حيوانية تصل إلى 10 آلاف رأس ماشية، فضلًا عن وجود شبكة الطرق القومية ونحو 45 منطقة صناعية تحتوي على 1645 مشروع استثماري؛ مما يجعل الولاية مساهمة بنسبة كبيرة في الناتج المحلي للبلاد.
ويعد الوقود هدفًا استراتيجيًا وراء التمدد ناحية الجزيرة، حيث تمددت الدعم 15 كم شرق أم عليلة التي تحتضن مستودعات النفط الرئيسية بولاية الجزيرة، وذلك بعد الأضرار التي لحقت بمصفاة الجيلي الواقعة 70 كم شمال الخرطوم، والتي تنتج 90 ألف برميل يوميًا بما يلبي نصف احتياجات البلاد من المشتقات النفطية ويصدر الفائض منها عبر ميناء بشائر على البحر الأحمر، وبعد سيطرة الدعم السريع في نهاية أكتوبر على محطة ضخ النفط في العيلفون الواقعة 39 كم جنوب شرق الخرطوم، والتي تنتج 80 ألف برميل يوميًا، بالتزامن مع سيطرتها على حقل نفط بليلة غرب كردفان، والذي ينتج 15 ألف برميل يوميًا، ومصفاة الأبيض شمال كردفان وأبو جابرة غرب البلاد، حيث سيطرت الدعم بشكل عام على حقول النفط في كردفان ودارفور وهم: ( هجليج، بليلة ،ابو جابرة، شارف ،دفرة، الروات، نيم كنار، سفيان، أب كارنكا ويس)، وهي مناطق سيطرة تشير إلى اتجاه أنظار الدعم السريع لمسارات النفط الأخيرة الواقعة بشرق السودان. ويعد سيطرة الدعم السريع على ود مدني تهديدًا لطريق بورتسودان عطبرة وخط أنابيب النفط المار بالمنطقة.
التداعيات الإنسانية
فاقمت الأحداث الأخيرة من المعاناة الإنسانية، حيث أغلقت المحلات التجارية والمؤسسات وسوق ود مدني وسوق الحصاحيصا، بعدما هرع المواطنين إلى الجنوب والولايات المحيطة حاملين أمتعتهم وبضائعهم، في الوقت الذي تحتضن فيه الولاية 500 ألف نازح من معارك الخرطوم، استقر منهم نحو 86 ألف بود مدني عاصمة الولاية، مما يفاقم من المعاناة الإنسانية التي أودت بحياة ما يقرب من 12190 شخصًا، ونزوح 5.4 مليون آخرين داخل البلاد وفرار 1.5 مليون إلى الدول المجاورة.
وفي آخر التقديرات الأممية، أشارت اليونيسيف إلى نزوح حوالي 150 ألف طفل من الولاية التي يقطنها ما يقدر بنحو 5.9 مليون، فيما أفادت المنظمة الدولية للهجرة بنزوح ما يتراوح بين 250 – 300 ألف من ولاية الجزيرة مؤخرًا؛ مما يترك عشرات الآلاف عالقين في مناطق الصراع. أضف إلى ذلك، تعليق مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ” أوتشا” جميع أعمال البعثات الميدانية بالولاية، بدءًا من يوم الجمعة 15 ديسمبر وحتى إشعار آخر. كذلك أعلن برنامج الغذاء العالمي وقف المساعدات الغذائية ببعض مناطق الجزيرة لبعض الوقت، في الوقت الذي قدم فيه البرنامج المساعدات لحوالي 800 ألف شخص بالولاية منذ بدء الصراع، وبذلك فإن التقدم نحو الجزيرة يعطل الجهود الإنسانية، ويدفع نحو عملية نزوح متوالي. وتأتي هذه الأحداث متزامنة مع صدور خطة الاستجابة الإنسانية الجديدة للأمم المتحدة لدعم 14.7 مليون سوداني بتكلفة تصل إلى 2.7 مليار دولار.
وقد ساهم الذعر الذي أصاب سكان الولاية والإجراءات الأمنية المحكمة التي اتخذتها السلطات من فرض حظر التجوال وفق قرار الطوارئ رقم 13 لسنة 2023، وإحكام السيطرة على الطرق والجسور المؤدية للولاية، في تعطيل حركة فرار المدنيين للولايات والمناطق المجاورة. وأخبر بعض السكان بمطالبتهم بإخلاء منازلهم، فيما فرّ الكثير من تلقاء أنفسهم لما سببته المواجهات من مخاوف بين المواطنين. واتجهت عدد من الولايات إلى إصدار قرارات بحظر التجوال داخل الولايات بما فيها نهر النيل والشمالية.
ويعكس ذلك حالة المعاناة الإنسانية وتفاقم الوضع، بعد أن احتضنت الولاية مراكز تقديم الخدمة الطبية والمراكز الإغاثية التي نقلت أعمالها من الخرطوم، وهو الأمر الذي حذرت منه نقابة الأطباء السودانية ووزارة الصحة، حيث تحتضن ود مدني المراكز الطبية وأغلب التخصصات الطبية ومستشفيات علاج القلب والكلى والسرطان، مما يقود انهيار الخدمات الطبية إلى كارثة صحية وإنسانية جديدة في السودان.
ووفق التطورات الميدانية، أفادت لجان مقاومة ” الحصاحيصا” بخروج تام لكافة المستشفيات الحكومية والخاصة من الخدمة وانقطاع التيار الكهربائي والمياه عن المحلية وتوسع سيطرة الدعم السريع على كافة قرى ومدن الولاية.
التداعيات العسكرية
يرفع سيطرة الدعم السريع على ولاية الجزيرة وعاصمتها ود مدني من احتمالية سيطرتهم وتمددهم نحو ولايات الشرق مقر الحكم الجديد للبلاد، وبذلك تكون سقطت البلاد في أيدي الدعم السريع، أو على أقل تقدير يسيطر الدعم على غرب البلاد ووسطها ويظل شرقها بجانب العاصمة الخرطوم ساحة للقتال، لكن في نهاية الأمر فإن الدعم حقق تقدمًا كبيرًا وانتصارًا متتاليًا مع استمرار انسحاب الجيش وتراجعه.
وساد الولايات المجاورة حالة من القلق، إذ بدأ التجار بولاية سنار نقل بضائعهم والانتقال من أماكنهم لمناطق مجاورة، مع انتشار شائعات بتقدم الدعم نحو الجنوب، والأمر نفسه تكرر في مدن بولاية النيل الأبيض، مع أخبار باشتباكات بين الجيش والدعم ببلدة القطينة وسيطرة الدعم على لواء الجيش بالمنطقة.
ويحمل الواقع الميداني الذي تحقق فيه الدعم السريع تقدمًا ميدانيًا، انعكاسات على المسار السياسي مع احتمالية تفاقم الضغوط على الجيش في مفاوضات جدة، نظرًا للسيطرة الميدانية والتقدم الذي حققه الدعم السريع، لكن على الجانب الآخر، هناك احتمالية تدفع الجيش لتمسكه بموقفه على نحوٍ قد يجر البلاد إلى حرب أهلية واسطة النطاق وتصاعد احتمالات اقتسام مساحات السيطرة والنفوذ بين الطرفين.
وأكدت بعض الأخبار مؤخرًا على احتمالات حدوث حلحلة في المسار السياسي، تعكسها الرسالة التي سلمها وزير الخارجية السوداني ” على الصادق” لسفير جيبوتي على هامش المنتدى العربي الروسي بالمغرب، والتي حملت موافقة مشروطة على مقترح الإيجاد بعقد لقاء مباشر بين ” البرهان و ” حميدتي”؛ إذ تثمل هذا الشرط في وقف غير مشروط لإطلاق النار وخروج قوات الدعم السريع من منازل المواطنين.
ولا تعكس الرسالة السابقة انفراجة في الموقف السياسي والتفاوضي، نظرًا لما حملته كلمة ” البرهان” لضباط منطقة البحر الأحمر العسكرية، والتي شدد فيها على عدم قبول اتفاق سلام لا يحمي الثوابت الوطنية، مؤكدًا محسابة كل من تورط في أحداث ” ود مدني” ومؤكدًا العزم على المضي قدمًا في استئصال الدعم السريع وداعميها.
في الأخير، تدق أحداث ولاية الجزيرة ناقوس الخطر، مع تصاعد احتمالات انهيار تام للبلاد المقترن بتصاعد احتمالات اتساع نطاق الحرب وتحولها لحرب أهلية يغذيها الاستقطاب القبلي والإثني، وهو سيناريو قد يطرح تقسيم البلاد مرة أخرى أو يعيد طرح السيناريو الليبي، مما يتطلب جهودًا مضاعفة لفرض الحل السياسي بديلًا عن الحسم العسكري الذي يفرضه طرفي الصراع.