القضية الفلسطينية

التخبط الأعمى.. ماذا تستهدف تل أبيب من قصف مستشفيات غزة؟

كتبت وحدات الفرقة الإسرائيلية 162 –وهي رأس الحربة الأساسي في العمليات البرية الإسرائيلية في المحور القتالي الرئيسي في شمال غزة وهو محور “بيت لاهيا”– الفصل الختامي للمأساة التي بدأتها منذ نحو 40 يومًا، واستهدفت فيها بشكل مستمر أكبر مستشفيات قطاع غزة، وهو مجمع الشفاء الطبي، الذي تعرض خلال الأسابيع الماضية إلى عمليات قصف عنيفة، بجانب تعرض كافة مستشفيات شمال القطاع إلى عمليات قصف مماثلة، حيث شرعت اليوم في إخلاء مجمع الشفاء، بعد أن أطلقت عمليات عسكرية بداخله منذ الأربعاء الماضي. استهداف المرافق الطبية الفلسطينية في شمال القطاع خلال الأسابيع الأخيرة حمل في طياته بصمات تعمد دامغة تجعل من المستحيل تفسير هذا الاستهداف على أنه “خطأ غير متعمد”.

السؤال البديهي في مثل هذه الحالة، هو لماذا تعمل تل أبيب على قصف مرافق طبية. من المفترض أن طائفة واسعة من القوانين الإقليمية والدولية والإنسانية توفر لهذه المرافق الحماية خلال أوقات الحرب، وهنا لابد من التنويه أن هذا التساؤل لا يعبر في مضمونه على “تعجب” من قيام الجيش الإسرائيلي بهذا الفعل –بالنظر إلى قيامه عشرات المرات بقصف المرافق الطبية خلال العقود الماضية سواء في قطاع غزة أو حتى في لبنان خلال ثمانينيات القرن الماضي– لكن منبع طرح هذا التساؤل أن الأهداف الإسرائيلية من قصف المستشفيات تبدو هذه المرة مختلفة كليًا عن أهدافها من قصف المرافق الطبية خلال السنوات السابقة.

بشكل عام، كان قصف “المرافق الطبية” من السمات الأساسية لأي تحرك عسكري للجيش الإسرائيلي، خاصة ضد قطاع غزة، ومن أبرز أمثلة ذلك ما حدث خلال الغارات الإسرائيلية التي تمت على القطاع في ديسمبر 2008 ويناير 2009، حيث تم خلال هذه الغارات استهداف معظم مستشفيات القطاع، من أهمها مستشفى القدس التابع للهلال الأحمر الفلسطيني، بجانب نحو 15 مستشفى ومرفقًا طبيًا. 

وهو ما تكرر خلال الغارات الإسرائيلية عام 2014، حيث تم قصف مستشفى الوفاء المخصص للرعاية والتأهيل، الواقع بحي الشجاعية شرقي غزة، بقذائف الدبابات والمدفعية الإسرائيلية، وكذلك مستشفى بيت حانون، ومجمع الشفاء الطبي. وفي عام 2015، واصل الجيش الإسرائيلي عمليات قصف المستشفيات في قطاع غزة بقصف مستشفى الأقصى، بمدينة دير البلح. وخلال عام 2021، تعرض مستشفى العودة في تل الزعتر شمال القطاع لقصف بالطائرات.

اللافت أن هذه الحوادث كافة كانت تتم بشكل معزول أو غير مرتبط بـ “حملة شاملة لاستهداف المرافق الطبية”، وهو الشيء الأول الذي يعطي لعمليات استهداف المستشفيات في المواجهة الحالية طبيعة خاصة تجعل من الضروري البحث في الأهداف المرجوة منها، خاصة أن افتتاحية هذه العمليات كان مجزرة كبيرة تمت ضد مرتادي مستشفى المعمداني “المستشفى الأهلي العربي”،  الواقع في حي الزيتون شمالي القطاع، ليلة السابع من أكتوبر الماضي، مرورًا بعمليات القصف المتكررة للمستشفيات الرئيسة في شمال القطاع “الإندونيسي – القدس – الرنتيسي – الشفاء”، ثم الدخول البري إلى محيط المستشفيات الثلاثة الأخيرة.

عمليات التحرك البري نحو المستشفيات في شمال القطاع كان على رأسها عملية الدخول إلى مجمع الشفاء، الذي تبلغ مساحته 45 ألف متر مربع، ويضم ثلاثة مستشفيات هي: الجراحة، والأمراض الباطنية، والنسائية والتوليد، بالإضافة إلى قسم الطوارئ، ووحدة العناية المركزة، وقسم الأشعة، وبنك للدم، ويعمل فيه نحو 25% من العاملين في المستشفيات في قطاع غزة. 

يجب هنا التنويه برمزية مجمع الشفاء في الذهنية الفلسطينية، حيث كان له دور أساسي في الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، حيث دارت فيه أولى مواجهات الانتفاضة، حين اقتحمه طلاب فلسطينيون لمواجهة الجنود الإسرائيليين الذين كانوا يتمركزون داخل وأسفل هذا المجمع الذي كان حينها بمثابة مقر قيادة للجيش الإسرائيلي في شمال غزة إبان سيطرته على القطاع.

الواقع الميداني في شمال قطاع غزة

C:\Users\dell\AppData\Local\Microsoft\Windows\INetCache\Content.Word\عرض تقديمي بلا عنوان_.png

لفهم أكبر للأهداف والنوايا الإسرائيلية في شمال القطاع، لابد من إلقاء نظرة فاحصة على الموقف الحالي للجبهات الأساسية المختلفة في هذا النطاق، وهو موقف يبدو التركيز فيه –بشكل واضح– على النطاقات الأساسية للمستشفيات الرئيسة في قطاع غزة. 

بطبيعة الحال، كانت الجبهة الشمالية الغربية “بيت لاهيا” بمثابة الجبهة الرئيسة للقوات الإسرائيلية منذ انطلاق العمليات في شمال القطاع، ويستمر تحرك ألوية الفرقة 162 نحو محاور هذه الجبهة، انطلاقًا من نقطة التمركز الرئيسة في منطقة “المقوسي”، أقصى شمال غرب القطاع. كان المحور الساحلي، المحور الفرعي الرئيس في هذه الجبهة، والذي استهدفت إسرائيل فيه التحرك على طول الساحل نحو مخيم الشاطئ، وصولًا إلى منطقة ميناء غزة. حاليًا طورت الوحدات الإسرائيلية عملياتها نحو الجنوب في هذا المحور وفي المحور الموازي له “الشيخ رضوان”؛ بهدف أساسي وهو السيطرة على نطاق مجمع الشفاء الطبي وحي الرمال الشمالي والجنوبي.

وقد وصلت القوات الإسرائيلية بالفعل إلى عدة مبانٍ حكومية في حي الرمال، من بينها مبنى المجلس التشريعي ومقر شرطة غزة، وكذلك إلى النطاق المحيط بمجمع الشفاء يوم الأربعاء الماضي، بعد أيام من القصف والاشتباكات المتواصلة شمال وشرق المجمع، ومن ثم اقتحمت المجمع وقامت بتفتيشه، وعرض بعض ما قالت إنه “معدات حربية” عثرت عليها بداخل المستشفى، و”أنفاق” تم العثور عليها في محيط هذا المستشفى، وكذلك في محيط مستشفى “الرنتيسي” في حي النصر، شمال شرق مجمع الشفاء.

وهو عرض تعرض لانتقادات إقليمية ودولية؛ نظرًا لأن تل أبيب كانت تروج دومًا أن مجمع الشفاء هو مقر قيادة رئيس للفصائل الفلسطينية في شمال القطاع، وفي النهاية ما تم عرضه لا يوازي إطلاقًا هذا الادعاء –عدا أن ما تم عرضه في حد ذاته يمكن التشكيك في مصداقية العثور عليه داخل المستشفى– وبالتالي كان واضحًا أن تل أبيب لم تتمكن من العثور على ما تدعي وجوده داخل هذا المجمع، ليتحول هذا الملف إلى “فشل جديد”.

في المحور الفرعي الثاني في هذه الجبهة، “محور الشيخ رضوان”، تتحرك الوحدات الإسرائيلية بشكل أبطأ؛ نظرًا لأن هذا المحور هو الأكثر نشاطًا من جانب الفصائل الفلسطينية –بجانب محور تل الهوى– وتستهدف من هذا التحرك دعم عمليات المحور الساحلي في حي الرمال، والمساهمة في تحقيق الهدف المرحلي التالي، وهو تقسيم مدينة غزة إلى قسمين، بحيث يتم قطع التواصل بين شمال المدينة وجنوبها، كما حدث سابقًا عندما تم تقسيم قطاع غزة إلى قسمين شمالي وجنوبي عبر جبهة “جحر الديك”.

تتحرك القوات الإسرائيلية في المحورين الفرعيين الثالث والرابع “العطاطرة” و”بيت لاهيا”، لتأمين منطقة مجمع المستشفيات الموجود شرق مخيم جباليا، والذي يضم مستشفى عبد العزيز الرنتيسي ومستشفى النصر للأطفال ومستشفى العيون ومستشفى الصحة النفسية، وهو المجمع الذي استقرت تموضعات الجيش الإسرائيلي حوله. وتستمر محاولات القوات في هذين المحورين التقدم أكثر جنوبًا وشرقًا في اتجاه غرب مخيم جباليا وحي الشيخ رضوان، لكن تبدو وتيرة التقدم أقل في هذين المحورين.

الجبهة الرئيسة الثانية في شمال قطاع غزة هي الجبهة الشمالية الشرقية “بيت حانون”، والتي تستهدف فيها القوات الإسرائيلية نطاق مخيم جباليا وحي التفاح، وتعمل على تأمين مواقعها في محيط المستشفى الإندونيسي ومستشفى العودة جنوب بيت حانون، والتقدم أكثر باتجاه الشمال نحو التخوم الشرقية لمجمع المستشفيات الموجود شرق مخيم جباليا. يلاحظ هنا أن تحرك القوات الإسرائيلية في هذه الجبهة هو الأبطأ على الإطلاق، حيث تزايدت عمليات إطلاق القذائف المضادة للدروع ضد مواقع تمركز المشاة الإسرائيلية في هذه الجبهة بشكل لافت.

الجبهة الثالثة –والأهم في الوقت الحالي– هي الجبهة الجنوبية “جحر الديك”، حيث تتواجه القوات الإسرائيلية مع فصائل المقاومة الفلسطينية في هذه الجبهة في اتجاهين رئيسين؛ الأول شمالًا وشرقًا “جنوب حي الزيتون وجنوب تل الهوى والطريق الساحلي المار بمنطقة الشيخ عجلين”، وأصبحت القوات في هذا المحور –وعلى رأسها الفرقة 36– مستقرة في مواقعها على طول الساحل وصولًا لميناء غزة، وتعمل حاليًا غرب مجمع الشفاء، وفي محيط مستشفى القدس ومنطقة “المالية” في حي تل الهوى، وبدأت عمليًا منذ أول أمس في النزول جنوبًا بمحاذاة غرب مجمع الشفاء، على طول طريق “عمر المختار”، ووصلت إلى محيط مستشفى “المعمداني”. وأطلقت القوات الإسرائيلية محورًا موازيًا آخر نحو منطقة تل الهوى وجنوب حي الزيتون، وهو المحور الذي يشهد اشتباكات قوية مستمرة منذ أيام.

الاتجاه الثاني في هذه الجبهة هو جنوبًا نحو شمال مخيم النصيرات والبريج، وقد بدأت العمليات العسكرية في هذا المحور في التصاعد تدريجيًا، نتيجة لمحاولة بعض الوحدات الإسرائيلية التقدم جنوبًا، نظرًا لتزايد عمليات الاستهداف الصاروخي للقوات المتواجدة في محور حجر الديك من النصيرات والبريج. 

لماذا مستشفيات قطاع غزة، ما الأهداف؟

C:\Users\dell\AppData\Local\Microsoft\Windows\INetCache\Content.Word\عرض تقديمي بلا عنوان_ (3).png

بالنظر للموقف الميداني السابق عرضه، يمكن استخلاص أن المستشفيات في شمال قطاع غزة، تعتبر أهدافا أساسية للعمليات العسكرية الإسرائيلية في هذا النطاق، وهي عمليات اصبح هدفها المعلن “والفعلي”، هو إفراغ هذا النطاق من كافة قاطنيه، وبالتالي يمكن القول أن عمليات استهداف المستشفيات، تأتي خدمة لهذا الهدف، نظرًا لأن المرافق الطبية في شمال قطاع غزة، باتت موقعًا رئيسيًا لتوطن النازحين الذين فقدوا منازلهم وبيوتهم خلال العمليات الجوية الإسرائيلي، وبالتالي إخلاء المستشفيات يخدم الهدف الإسرائيلي الرامي لإخلاء شمال قطاع غزة. لكن السؤال هنا هل المطلوب “فقط” إخلاء شمال القطاع؟

هنا تبرز النقطة الأهم والأخطر في تحليل الوضع الميداني في قطاع غزة، وترتبط بما بدأ يظهر خلال الأيام الأخيرة في المناطق الشرقية لوسط وجنوب قطاع غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي في حشد قوات في نقاط محددة في هذا النطاق، وهي أربعة محاور: أولها واهمها هو محور “المغازي” شرق مدينة دير البلح، ومحور “خزاعة – القرارة” بين جنوب دير البلح وشرق خان يونس، ومحور شرق خان يونس “نيريم – عبسان الصغيرة”، وأخيرًا المحور الجنوبي “الفاخوري – جنوب رفح”.

وقد نفذت القوات الإسرائيلية في هذه المحاور –خاصة محوري المغازي والقرارة- عمليات برية محدودة خلال الأيام الماضية، ترافقت مع تركيز واضح للأنشطة الجوية الإسرائيلية في شمال قطاع غزة، خاصة القسم الجنوبي والشرقي “حي الزيتون – حي التفاح”، بجانب المناطق الواقعة جنوب محور جحر الديك، وتحديدًا جنوب مخيم النصيرات وشرق البريج.

C:\Users\dell\AppData\Local\Microsoft\Windows\INetCache\Content.Word\401608322_1875692892826588_593802765851843981_n.jpg

النقطة الثانية في هذا الإطار ترتبط بتطور الدعوات الإسرائيلية لإخلاء شمال قطاع غزة؛ ففي البداية كانت الدعوات توجه لسكان شمال القطاع –قبل بدء العملية البرية– للتوجه جنوبًا نحو جنوب وادي غزة وسط القطاع، لكن مع بدء العمليات البرية، تطورت هذه الدعوات لتصبح التوجه جنوبًا نحو منطقة “المواصي” جنوب غزة، على بعد نحو 6 كيلو مترات من الحدود المصرية، وليس إلى جنوب منطقة وادي غزة وسط القطاع كما كان الحال في الأسابيع الماضية. 

توجيه سكان شمال القطاع نحو هذه المنطقة جنوبًا، كان يتم عن طريق فتح “ممر آمن” لمدة ساعات وجيزة صباح كل يوم، عبر طريق “صلاح الدين” الرابط بين شمال وجنوب قطاع غزة، وكذلك عبر فتح شارع الوحدة المؤدي إلى مجمع الشفاء، ليكون طريقًا لإخلاء المجمع، وهو ما تم تعزيزه عبر الإخلاء “القسري” لللائذين بالمجمع بداية من اليوم. 

تطورت هذه الحالة خلال اليومين الأخيرين، بعد بدء الطائرات الإسرائيلية في إلقاء منشورات على المناطق الشرقية في خان يونس، وتحديدًا مناطق القرارة وخزاعة وبني سهيلة وعبسان، تطالب سكانها بإخلاء منازلهم، وهو ما يمكن اعتباره دليلًا آخر على التمهيد الإسرائيلي لتفعيل محور “المحافظة الوسطى”، شرق دير البلح وشمال مخيم النصيرات والبريج.

خلاصة القول، إن كل ما تفعله القوات الإسرائيلية في شمال قطاع غزة –بما في ذلك عمليات استهداف المستشفيات– يأتي في إطار محاولة تنفيذ هدف عام وأساسي هو دفع سكان شمال ووسط القطاع، إلى التوجه جنوبًا، ما يخلق وضعًا ميدانيًا يمكن تسويقه داخليًا في إسرائيل كإنجاز ونجاح، وهذا ربما يفسر المساعي الإسرائيلية الحالية لزيادة حجم المساعدات العسكرية الأمريكية، ، والتي شملت الصواريخ الموجهة بالليزر “هيلفاير” الخاصة بمروحيات “الأباتشي” القتالية، فضلًا عن قذائف 155 ملم، وأجهزة رؤية ليلية، وذخائر “M-141” الخارقة للتحصينات، ومركبات عسكرية جديدة. وقد زودت الولايات المتحدة تل أبيب أيضًا بمخزونها من 312 صاروخًا اعتراضيًا من طراز “تامير” خاصة ببطاريات منظومة “القبة الحديدية”، فضلًا عن إرسال بطاريتين خاصتين بهذه المنظومة تابعتين للجيش الأمريكي إلى إسرائيل عن طريق البحر.

وقد طلبت إسرائيل مؤخرًا أكثر من 57,000 قذيفة مدفعية شديدة الانفجار عيار 155 ملم و20,000 بندقية M4A1، وما يصل إلى 5,000 جهاز رؤية ليلية من طراز PVS-14، و3,000 ذخيرة محمولة باليد من طراز M141 خارقة للتحصينات، و400 مدفع هاون عيار 120 ملم، و75 قذيفة مدفعية من طراز M141 وعدد من المركبات التكتيكية الخفيفة، و200 ذخيرة جوالة من نوع “سويتش بلايد 600”.

ومن ثم تستعد تل أبيب لمعركة طويلة؛ بحثًا عما يمكن تسويقه كإنجاز، لكن تبرز في هذا الإطار عدة تحديات، أهمها الصمود الحالي لفصائل المقاومة الفلسطينية في شمال قطاع غزة، وتمكنها حتى الآن من تنفيذ عمليات متنوعة ضد القوات المدرعة الإسرائيلية على الأرض، يضاف إلى ذلك التصاعد الواضح في الأنشطة المضادة للوجود الإسرائيلي في الضفة الغربية، وهو ما يؤشر بشكل كبير إلى إمكانية تحول الوضع هناك إلى حالة انفجار عام قد تشعل شرارة انتفاضة تجعل المنظومة العسكرية والأمنية الإسرائيلية منقسمة بين الجهد العسكري في الضفة، والجهد العسكري في غزة، ناهيك عن التوتر المستمر على الجبهة الشمالية مع لبنان.

محمد منصور

باحث أول بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى