القضية الفلسطينيةأوروبا

مستقبل أوروبا كوسيط “نزيه” بعد حرب غزة

أثرت الطريقة التي تعاملت بها أوروبا مع الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة على صورتها أمام الرأي العام؛ إذ وُضعت أمام الجميع المعايير المزدوجة والانتقائية التي تعاملت بها الدول الأوروبية مع هذا الصراع مقارنة صراع روسيا وأوكرانيا الذي يسبقه بأكثر من عام ونصف، الأمر الذي أضعف الوحدة الأوروبية بوصفها كتلة مجتمعة تنادي بتطبيق القانون الدولي واحترام حقوق الإنسان، ويجعل العديد من الدول الأوروبية أمام مفترق طرق ومخاوف انهيار سنوات من تقديم نقسها كوسيط حيادي “نزيه”، وتقويض كل المجهودات المبذولة للمنافسة على مقعد القوى الجيوسياسية العالمية.

بين الماضي والحاضر: موقف أوروبا من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

في الصراعات المختلفة، كانت أوروبا حريصة على انتهاج مواقف أكثر توازنًا إلى حد ما من أي موقف تتخذه حليفتها الكبرى الولايات المتحدة، ففي الصراع بين إسرائيل وفلسطين الممتد لعقود طويلة، لم تتمتع أوروبا أبدًا بهذا النوع من النفوذ الذي لطالما تمتعت به واشنطن أو اللاعبين الإقليميين على إسرائيل وفلسطين، وربما اقتصر دور أوروبا فقط على تشكيل “الخطاب”، وذلك باستخدام موقفها الأخلاقي المحدد للغاية والمصاغ بقوانين دولية أممية كمشروع عابر للحدود الوطنية يتم تشكيله في أعقاب الصراعات.

واتضح ذلك في دعم القرارات الأممية الخاصة بالصراع، مثل قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 الخاص بتقسيم أرض فلسطين إلى دولتين مستقلتين عربية ويهودية، ثم قراريها 3210 و3237 اللذين يؤكدان أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، ثم منحها صفة المراقب في الأمم المتحدة، ثم قرارات استخدام لفظ “فلسطين” بدلًا من لفظ “منظمة التحرير الفلسطينية” دون المساس بوضعية المنظمة في الأمم المتحدة. ذلك علاوة على عمل الاتحاد الأوروبي كجزء من “اللجنة الرباعية الدولية” (إلى جانب الأمين العام للأمم المتحدة والولايات المتحدة وروسيا” التي شُكّلت عام 2002 لتحقيق حل الدولتين.

وقد رفض الاتحاد الأوروبي القرار الأمريكي بنقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس الشرقية، كذلك رفض سياسة إسرائيل الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية التي تقوض خيار إقامة الدولتين على حدود العام 1967. وسبق ذلك في عام 2019، قضاء المحكمة العليا في الاتحاد الأوروبي بضرورة وضع علامات على الأطعمة والمشروبات المنتجة في المستوطنات الإسرائيلية المبنية على الأراضي الفلسطينية المحتلة إذا أراد المزارعون وتجار التجزئة بيعها في الاتحاد الأوروبي؛ لكون هذه المستوطنات “غير قانونية بموجب القانون الدولي”.

وهكذا، نرى أن الاتحاد الأوروبي اكتفى بهذا النوع من الاتفاقات دون إحراز أي تقدم يذكر في مسألة حل الدولتين أو إنهاء الصراع بشكل دائم، أو حتى تقديم اقتراحات لمعالجة الأسباب الجذرية للعنف بين الطرفين، فلم يعد الأمر أولوية في السياسة الخارجية لبروكسل. وربما يرجع السبب إلى تفرد الولايات المتحدة بحل الصراع واتجاهها في السنوات الأخيرة إلى التركيز على تحقيق اختراق في تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية وليس حل الصراع، الأمر الذي أدى إلى انخفاض الاهتمام بالقضية في أوروبا.

وحتى ما قبل جولة التصعيد الحالية، لم تعترف أي دولة عضو في الاتحاد الأوروبي علنًا بالجرائم الإسرائيلية من الفصل العنصري والاضطهاد ضد الفلسطينيين بأنها جرائم ضد الإنسانية، ولم تتم الإشارة إلى حرمان اللاجئين الفلسطينيين من العودة لأراضيهم وممارسة حقهم في العودة، على النحو المنصوص عليه في القانون الدولي. وبالتالي يسمح الاتحاد الأوروبي لإسرائيل دومًا بانتهاك القانون الدولي دون عقاب أو محاسبة، ويمكن رؤية ذلك في تجاهل إسرائيل لدعوات الاتحاد الأوروبي المتكررة لتوقف التوسع الاستيطاني.

ولكن أوروبا حاولت تحسين الصورة بوصفها من أكبر المانحين الدوليين للمساعدات الإنسانية والتنموية لفلسطين للتخلص من عقدة الذنب تجاه الفلسطينيين، وكأن ذلك سيترجم إلى حيادية والوقوف على خطوة واحدة من جميع الأطراف المتصارعة، فظل الاتحاد الأوروبي يقدم المساعدات منذ عام 2000 وحتى الآن. 

ووفقًا للمفوضية الأوروبية والمديرية العامة للمفوضية الأوروبية للحماية المدنية الأوروبية والمساعدات الإنسانية، فقد تم تخصيص أكثر من 2.2 مليار يورو في الفترة بين عامي 2014-2020. وعقب جائحة كورونا، اضطرت المفوضية لخفض قيمة المساعدات لكنها لم تستجب للضغوط المطالبة بإيقافها ولو بشكل مؤقت، وتم تخصيص ما يقرب من 1.2 مليار يورو للفترة بين عامي 2021-2024، تمت الموافقة على 681 مليون يورو منها بالفعل.

وعلى صعيد الدعم الإنساني، تم تخصيص أكثر من 930 مليون يورو في صورة مساعدات إنسانية تلبي احتياجات الفلسطينيين، وما يقرب من 28 مليون يورو في صورة تمويلات إنسانية للفلسطينيين المحتاجين كمخصص أولي لعام 2023. وعقب أحداث السابع من أكتوبر، تمت تعبئة 50 مليون يورو إضافية استجابة للأزمة، ليصل إجمالي التمويل إلى 78 مليون يورو. وأُطلقت عملية “الجسر الجوي الإنساني لغزة”، والتي خُطط من خلالها القيام بـ 8 رحلات جوية إلى مصر، وحتى الآن وصل ثلاثة منها فقط حملت أكثر من 107 أطنان من الإمدادات الإنسانية وتم تسليمها للهلال الأحمر المصري لتوزيعها على الأرض.

ولكن بالرغم من هذا الدعم، وضع الاتحاد الأوروبي نفسه في مأزق كبير في الأسبوع الأول بعد عملية “طوفان الأقصى”، فبعد اتخاذ موقف موحد يدين حماس ويعطي الحق لإسرائيل في الدفاع عن نفسها دون الالتفات لحق الفلسطينيين في المقاومة ضد الاحتلال، ودون ذكر ضرورة الامتثال للقانون الدولي الإنساني؛ انقسم الاتحاد الأوروبي بعدها حول مسألة استمرار المساعدات من عدمه كوسيلة تضغط على حماس وتعين إسرائيل على حربها.

وهي التصريحات التي خرج بها المجري “أوليفر فارهيلي”، مفوض شؤون الجوار والتوسعة، حيث أعلن أن جميع المساعدات التنموية المقدمة للفلسطينيين -والتي تصل إلى 691 مليون يورو (729 مليون دولار أمريكي – تخضع للمراجعة وأنه سيتم تعليق جميع المدفوعات على الفور، مما تَسبَب في ارتباك كبير فيما يتعلق بالرد الأوروبي؛ إذ قررت ألمانيا والنمسا والدنمارك والسويد تعليق التمويل من أجل التحقق من الجهة النهائية التي ستستلم الأموال، في حين أوضحت بلجيكا وفرنسا وإيطاليا ومالطا أنها لن تفعل ذلك.

وبهذه الخطوة، سقط أول قناع للكتلة الأوروبية معلنة استخدامها المساعدات الإنسانية كوسيلة ضغط وانحياز لطرف دون الآخر في الوقت الذي تعزل فيه إسرائيل بالفعل قطاع غزة، ما قوض مجهوداتها كطرف نزيه يستجيب فورًا للأزمات دون تمييز.

ولكن عقب سيل الانتقادات التي اندفعت من دول داخل الاتحاد كإيرلندا وإسبانيا وهولندا، تم التراجع عن هذه التهديدات بواسطة ممثل الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية والشؤون الأمنية جوزيب بوريل والتنصل من تصريحات “فارهيلي”، والتعهد بالمزيد من المساعدات الإنسانية لغزة، بالرغم من رفض بعض الدول الأعضاء كألمانيا والنمسا. وأعرب الزعماء الأوروبيون عن قلقهم البالغ إزاء تدهور الوضع الإنساني هناك، مشددين على الحاجة إلى وصول تلك المساعدات من خلال التوقف “المؤقت” وليس الدائم لإطلاق النار.

وبالرغم من ذلك، لم يمنع التراجع الضرر الذي وقع داخل الكتلة الأوروبية، خاصة وأنه لم يتم التعليق بحزم على أمر الإخلاء الذي أصدرته الحكومة الإسرائيلية للسكان المدنيين في شمال غزة للانتقال إلى جنوب غزة، والذي لاشك قد يرقى إلى “جريمة حرب” تتمثل في التهجير القسري تحرمهم من حقهم في العودة عقب نهاية الحرب. ولم تتم الدعوة إلى المساءلة، وإنما قامت رئيسة المفوضية الأوروبية “أورسولا فون دير لاين” بزيارة غير مقررة لتل أبيب لتقديمها الدعم، وسط فشل أوروبي لحث إسرائيل على اتباع القانون الدولي في غزة، ليتنصل منها هي الأخرى الاتحاد الأوروبي ويؤكد أنها لا تتحدث باسم الكتلة، وأن أي موقف للاتحاد بشأن قضايا السياسة الخارجية يتم تحديده من خلال المبادئ التوجيهية الرسمية التي يقررها زعماء الدول الـ 27 في الاتحاد الأوروبي. 

وعقب تدهور الأوضاع واستمرار العقاب الجماعي للفلسطينيين، انقسمت أوروبا مجددًا في الأمم المتحدة حول القرار العربي الداعي إلى وقف إطلاق النار في غزة، فقد صوتت دول مثل إسبانيا وأيرلندا وفرنسا لصالحه، بينما امتنعت ألمانيا وإيطاليا من بين دول أخرى عن التصويت، وصوتت كل من النمسا والمجر والتشيك ضد القرار. ولكن أيضًا لم تتم إدانة التصريحات التحريضية من الجانب الإسرائيلي التي أوحت بتجاهل حقوق الإنسان والقانون الدولي. وبهذا نرى أنه بالرغم من الجهود التي بذلتها أوروبا فإن انقساماتها كانت واضحة للعيان، وجعلت من المستحيل تأمين الإجماع اللازم لتبني أي إجراء ملموس للتصدي للانتهاكات المنهجية التي ترتكبها الحكومة الإسرائيلية.

وبعد 41 يومًا من الصراع في غزة، وبعد فشل تمرير أربعة قرارات سابقة، وافق مجلس الأمن على قرار قدمته مالطا يدعو إلى “هدنة إنسانية عاجلة وممتدة وممرات في جميع أنحاء قطاع غزة”، وهي المرة الأولى التي يتم فيها تمرير قرار حول هذه القضية منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر، بأغلبية 12 صوتًا مقابل امتناع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عن التصويت بسبب عدم إدانة القرار لحماس، وامتناع روسيا عن التصويت لأن القرار لم يشر إلى احتمالية وقف إطلاق للنار بشكل دائم.

ومن الواضح أن إفلات إسرائيل من العقاب على الانتهاكات الماضية وعدم التزامها بقرارات مجلس الأمن السابقة قد أسهم في انتهاكات اليوم وعدم التزامها بقرار مجلس الأمن الأخير، في ظل التزام أغلب حكومات الاتحاد الأوروبي الصمت معتقدة أنها بذلك تلعب دورًا متوازنًا، مع العلم أن هذا النوع من التوازن أدى في بعض الأحيان إلى تصور بين الإسرائيليين بأن أوروبا متعاطفة للغاية مع القضايا الفلسطينية، وإلى تصور يصل إلى حد اليقين بين الفلسطينيين بأن أوروبا تقف بقوة إلى جانب إسرائيل.

كيف يرى الجنوب العالمي أوروبا بعد الحروب

The EU's Interests Today Require Stronger Ties With the Global South |  Martens Centre

جميع الانقسامات السابقة وعدم القدرة على تبني موقف موحد، والازدواجية في التعامل في ظل الصراعين الدائرين بالتوازي في العالم؛ جعل الاتحاد الأوروبي يفقد بريقه كلاعب مؤثر قادر على قيادة الأحداث بعد أن كان يسعى لحشد العالم إلى صف أوكرانيا ويحاول إيجاد نهج متوازن في التعامل مع إسرائيل وفلسطين.

ففي السابق كما ذكرنا، كان الاتحاد مضطرًا إلى الإبحار عبر مناقشات عامة مختلفة والضلوع بمحاولات لتهدئة الوضع في الشرق الأوسط، ولكن ليس بالضرورة أن تؤدي هذه المجهودات إلى التماسك أو القدرة على التأثير على نتيجة الصراع، خاصة وأن أوروبا لا تقدم لإسرائيل نفس نوع المساعدة أو الدعم الأمني والعسكري اللذين تقدمهما واشنطن، وهي كذلك تفتقر إلى الثقة الكاملة من جانب الفلسطينيين على نحو ما هو موجود في أجزاء كثيرة من العالم الإسلامي، ولهذا لا تسطيع العمل أبدًا كوسيط، أو أن تتفاوض مثلًا على إطلاق سراح المحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية؛ فمصر وقطر والولايات المتحدة في وضع أفضل بكثير منها للاتصال مع إسرائيل والفصائل، سواء فيما يتصل بإطلاق سراح المحتجزين أو فيما يتصل بوقف لإطلاق النار.

وعلى صعيد الجنوب العالمي الذي يمثل 85% من سكان العالم، والذي عانى كثيرًا بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية التي يبررها الغرب، والذي يحاول أن يتعافى من تلك الآثار -ومن قبلها جائحة كورونا- والتي أثرت على إمدادات الغذاء والأسمدة، والتضخم وسلاسل التوريد وارتفاع تكاليف الطاقة، ويعلم أن لأوروبا يد في تدهور أوضاعه بفعل الحرب؛ أصبح الآن يشاهد بوضوح التعامل الغربي المتناقض مع الموقف بين أوكرانيا وغزة وروسيا وإسرائيل.

فيرى الكثيرون أن الكتلة الأوروبية قد فقدت مصداقيتها ومكانتها في السياسة الخارجية، خاصة بعد إدانة الاتحاد لروسيا وتطبيق العقوبات عليها، بينما لا يتم تطبيق عقوبات على إسرائيل بالرغم من قيامها بأفعال غير متناسبة للفعل الأصلي “هجوم حماس”، والتي تعدت الانتهاكات الروسية التي لطالما أشار إليها الاتحاد الأوربي على مدار تسعة عشر شهرًا، ما جعل التساؤلات تزداد حول التزام الاتحاد –أو على الأقل بعض أعضائه- بالقانون الدولي وحقوق الإنسان، وبالتالي سيكون من الصعب أن يستمر الجنوب العالمي طويلًا في حالة “الحياد” المعهود بها، وسيكون حشد أي دعم مستقبلي من قبله لأوكرانيا بعد انتهاء هذه الحرب أمرًا صعبًا. 

ماذا قد تفعل أوروبا لاستعادة وضعها؟

وجدت أوروبا نفسها عالقة بين وجهتي نظر متناقضتين تمامًا، بين دعم غير مشروط لحق إسرائيل في الدفاع عن النفس مقابل التضامن مع الفلسطينيين الذين يرتكب بحقهم جرائم وحشية على مرآها ومسمعها بل ومباركتها، وبالتالي أصبح عليها التوقف عن تجاهل الصراع والعمل بشكل استباقي لاستعادة مكانتها السابقة التي انهارت بسبب السماح للروايات الاستقطابية التي قسمت أوروبا إلى يمين ويسار بإعاقة مصداقيتها وتراجع ديمقراطيتها وتقويض أمنها وطموحاتها في الاضطلاع بدور عالمي، الأمر الذي قد تستفيد منه روسيا ومن بعدها الصين لاحتضان دول الجنوب العالمي.

وبالرغم من أن الأوروبيين لا يستطيعون فعل الكثير للتأثير على مسار الصراع الجاري، فإنهم على الأقل قادرون على المساعدة في منع بعض أسوأ عواقبه من الحدوث، وهذا لن يحدث إلا باغتنام الفرص الكبيرة والصغيرة التي قد تجدد الحوار الدبلوماسي، والبداية ستكون بتوحيد الموقف الأوروبي، نظرًا للتداعيات الأوسع التي تهدد بها تلك الحرب من انقسامات شديدة داخل المجتمعات الأوروبية وموجات من التطرف العنيف قد لا يتم السيطرة عليها، فضلًا عن العواقب طويلة الأمد في ظل اقتراب الانتخابات الأوروبية المقرر إجراؤها في يونيو العام المقبل، والتي سيترتب عليها تجديد عدد من المؤسسات الرئيسة، بما في ذلك “المفوضية الأوروبية”.

وبالطبع لا بد من استعادة وتصحيح الانحرافات التي تتعلق بالمعايير الدولية المتعارف عليها إذا ما تم اختيار وتخصيص المناصب والحقائب الوزارية المرتبطة ارتباطًا مباشرًا بالعمل الخارجي “للاتحاد الأوروبي”، حتى يتم تحقيق الحلم الأوروبي بالاستقلال الجيوسياسي المؤثر. ولكن هذا الحلم لن يتحقق إلا بالإجماع على قرار أوروبي موحد، وإلا فإن الإصلاحات المؤسسية التي تتجاهل الوقائع السياسية لن تؤدي إلا إلى تعميق الانقسامات وتفاقمها، وحينها سيدور الاتحاد في دائرة مفرغة.

وهناك خطوات ربما تدل على جدية إرادة الاتحاد الأوروبي في المضي قدمًا نحو دور فاعل في المنطقة، وهنا تجدر الإشارة إلى “المؤتمر الدولي الإنساني من أجل المدنيين في غزة” في إطار منتدى باريس للسلام، والذي أقيم بالعاصمة الفرنسية باريس، بحضور عدد كبير من ممثلي دول الاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، بدافع الدعوة إلى عقد هدنة إنسانية فورية ومستدامة للوصول بهدف وقف إطلاق النار، والعمل على التوصل إلى حل سياسي يؤدي إلى حل الدولتين وتحقيق السلام الشامل والمستدام.

ومن شأن هذه المبادرات والمبادرات المستقبلية المماثلة -كما اقترحت إسبانيا رئيسة مجلس الاتحاد للدورة الحالية بإعادة إحياء مبادرة “مدريد للسلام”- أن تسمح للاتحاد الأوروبي بلعب دور المضيف من خارج المنطقة، مما يخفف بعض الضغوط المفروضة على الجهات الفاعلة الإقليمية ويحشد الدعم المالي الدولي –والأوروبي خصوصًا- الذي تشتد الحاجة إليه للمنطقة. إلا أن ذلك ربما يتطلب قبل ذلك أن تنتهج أوروبا نهجًا موازنًا يقوم على التوقف عن الدعم السلبي لإسرائيل كما تفعل الولايات المتحدة، وأن تستخدم جميع الأدوات والإمكانيات المتاحة لدفع العمل السياسي القائم على “حل الدولتين”.

مي صلاح

باحثة بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى