
عرض لتقرير التحقيق في التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الامريكية لعام 2016
عرض: هبه زين
تم تكليف المحامي الامريكي-والذي عمل بالقطاعين الحكومي والخاص-روبرت مولر في 17 مايو 2017، من قبل نائب المدعي العام رود روزنشتاين كمستشار خاص يشرف على التحقيق في مزاعم التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016، وقدم مولر تقريره إلى النائب العام ويليام بار في 22 مارس 2019. وفي 18 أبريل 2019، أصدرت وزارة العدل التقرير النهائي للمحامي الخاص. وتكون التقرير من مجلدين.
وقد تناول المجلد الأول من التقرير النتائج الواقعية للتدخل الروسي وعلاقاتها مع حملة ترامب الانتخابية 2016. وانقسم إلى خمسة اقسام، القسم الأول منه يصف نطاق التحقيق والذي انحصر في عمليات التدخل الالكتروني الروسي، وقرصنة حسابات اعضاء حملة كلينتون، بينما يصف القسمين الثاني والثالث الطرق الرئيسية التي استخدمتها روسيا للتدخل في الانتخابات الرئاسية عام 2016، بينما يصف القسم الرابع الروابط بين الحكومة الروسية، وافراد حملة ترامب، ويحدد القسم الخامس قرارات فرض رسوم على المستشار الخاص.
وكان اول عمليات التدخل التي حددها التقرير خلال نطاق التحقيق من خلال وكالة ابحاث الانترنت (IRA)، وكانت من خلال حملة بوسائل التواصل الاجتماعي تهدف إلى إثارة وتضخيم الخلاف السياسي والاجتماعي في الولايات المتحدة، وتلقت تمويل من شركات يقال أن لها علاقة بالرئيس بوتين.
كما استخدمت وكالة ابحاث الانترنت (IRA) مواقع التواصل الاجتماعي لشق النظام السياسي الامريكي، من خلال ما أطلق عليها “حرب المعلومات“، كما اشترت الاعلانات السياسية على وسائل التواصل الاجتماعي بأسم اشخاص وكيانات امريكية، كما اجروا اتصالات مع مؤيدي ترامب ومسئولي حملته الانتخابية، لكن لم يثبت التحقيق تآمر افراد مع وكالة ابحاث الانترنت (IRA). ولم يكن هذا هو التدخل الوحيد، ففي بداية عام 2016، نفذت المخابرات الروسية المعروفة باسم مديرية الاستخبارات الرئيسية للأركان العامة للجيش الروسي (GRU) عمليات قرصنة الكترونية، وإطلاق بعض المستندات المقرصنة لتدمير حملة المرشحة كلينتون.
وفي مارس 2016، بدأت المخابرات الروسية (GRU) في اختراق البريد الالكتروني لرئيس حملة المرشحة كلينتون، جون بوديستا، والمتطوعين والعاملين في الحملة. كما اخترقت شبكات الكمبيوتر التابعة للجنة حملة الكونغرس الديمقراطي (DCCC) واللجنة الوطنية الديمقراطية (DNC)، وسرقة مئات الالاف من المستندات من الحسابات التي تم اختراقها.
ومع اعلان اللجنة الوطنية الديمقراطية (DNC)، في منتصف يونيو 2016، اختراق حساباتها الالكترونية من قبل الحكومة الروسية، بدأت المخابرات الروسية (GRU) في نشر المواد المسروقة من خلال شخصيات ومواقع وهمية عبر الانترنت مثل (DC Leaks،و Guccifer 2.0.) وكذلك موقع ويكليكس WikiLeaks.
وقد ابدت حملة المرشح ترامب اهتماما، بما ينشره موقع ويكلكس من مستندات خاصة بعد ورود انباء لكبار مسئولي الحملة عن قيام اعتزام موقع ويكليكس نشر مستندات من شأنها تدمير المرشحة كلينتون. وبالفعل تم النشر لاول مرة في يوليو 2016، وعلق المرشح ترامب وقتها ساخرّا، بأنه يأمل أن تقوم روسيا باستعادة رسائل البريد الاليكتروني التي كانت تستخدمها كلينتون عندما كانت سكرتيرة للدولة. ثم نشر موقع ويكليكس، 7 اكتوبر 2016، مجموعة من رسائل بوديستا،رئيس حملة المرشحة كلينتون، بعد حوالي ساعة من اصدار منفذ اعلامي امريكي فيديو يضر بالمرشح ترامب.
وقد أثبت التحقيق وجود مصلحة مشتركة للجانبين، فالحكومة الروسية أدركت أنها ستستفيد من رئاسة ترامب وعملت على تأمين وتحقيق هذه النتيجة، وكذلك الحملة التي توقعت أنها ستستفيد إلكترونياً من المعلومات المسروقة والإفراج عنها في توقيتات حاسمة من خلال الجهود الروسية، إلا أن التحقيق لم يثبت أي تآمر لأعضاء حملة ترامب أو التنسيق مع الحكومة الروسية للتدخل في الانتخابات الامريكية. وانحصرت اغلب الاتصالات بين الطرفين في اتصالات تجارية، ودعوات للاجتماع بين المرشح ترامب ومسئولي حملته والرئيس بوتين وممثلين عن الحكومة الروسية. وكان أبرز الاتصالات بين الجانبين التي رصدها التحقيق في القسم الرابع من المجلد الأول، ما يلي:
- عام 2015: عدة اتصالات تتعلق بمشروع مؤسسة ترامب العقاري في روسيا المعروف باسم ترامب تاور موسكو.
- ربيع 2016: قام مستشار السياسة الخارجية في الحملة جورج بابادوبولوس Papadopoulos، بإجراء اتصالات مبكرة مع جوزيف ميفسود Mifsud، وهو أستاذ مقيم في لندن كان له صلات مع روسيا، وسافر إلى موسكو في أبريل 2016. وعاد بانباء عن امكانية مساعدة الحكومة الروسية للحملة من خلال نشر تضر بالمرشحة كلينتون عبر مصادر مجهولة. ولعدة أشهر بعد ذلك ، عمل Papadopoulos مع Mifsud واثنين من المواطنين الروسيين على ترتيب لقاء بين الحملة والحكومة الروسية. لكن لم يعقد أي اجتماع.
- صيف 2016: التقى محامي روسي مع كبار مسئولي حملة ترامب، وبعد أيام من هذا الاجتماع اعلنت شركة للامن السيبراني والمركز الوطني الديموقراطي (DNC)، توصلوا لأبحاث المعارضة حول المرشح ترامب.
- يوليو 2016: سافر مستشار الحملة للسياسة الخارجية كارتر بيج بصفته الشخصية إلى موسكو وألقى الكلمة الرئيسية في المدرسة الاقتصادية الجديدة. كما اوضح أن سياسته الخارجية موالية لروسيا، وفي اواخر سبتمبر 2016، نأت الحملة بنفسها عنه واخرجته منها. وهو نفسه الشهر الذي نشرت فيه وكيليكس وثائق تضر بالمرشحة كلينتون.
كذلك تم فتح تحقيق من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالية بإيعاز من حكومة اجنبية، حول احتمالية وجود تنسيق بين الحكومة الروسية وافراد حملة ترامب، خاصة بعد تصريح بابادوبلوس بأن الحكومة الروسية على استعداد أن تساعد حملة ترامب.
- اغسطس 2016: التقى مانافورت، رئيس حملة ترامب، بزميله كيلمينك والذي يعتقد ارتباطه بالمخابرات الروسية، وطلب خلال الاجتماع أن يقدم شخصيا خطة سلام لاوكرانيا، والتي هي في حقيقة الامر ستار لسيطرة روسيا على جزء من شرق اوكرانيا، كما تم استعراض استراتيجية مانافورت للفوز بالأصوات الديمقراطية في ولايات الغرب الأوسط.
- نوفمبر 2016 (ما بعد الانتخابات): اجرت السفارة الروسية اتصالا لتهنئة الرئيس المنتخب وترتيب مكالمة مع الرئيس بوتين.بعد ساعات من الانتخابات. فضلا عن عدد من رجال الاعمال الذي توددوا للادارة الامريكية الجديدة بترحيب من الجانب الروسي.
- · 29 ديسمبر 2016: فرض الرئيس اوباما بعض العقوبات على روسيا لتدخلها في الانتخابات الامريكية، فيما لم تنتقم روسيا ردا على ذلك، بناءً على طلب مستشار الأمن القومي القادم مايكل فلين من السفير الروسي سيرجي كيسلياك بعدم تصعيد روسيا للموقف.
- في 6 يناير 2017: أطلع أعضاء مجتمع الاستخبارات الرئيس المنتخب ترامب على تقييم سري مشترك تم إعداده وتنسيقه بين وكالة الاستخبارات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة الأمن القومي – والذي خلص بثقة عالية إلى أن روسيا تدخلت في الانتخابات من خلال مجموعة متنوعة من الوسائل للمساعدة في ترشيح ترامب وإيذاء كلينتون. ثم تم إصدار نسخة علنية من التقييم تم نشره في نفس اليوم.
وفي القسم الخامس تم عرض قرارات مجلس المستشارين الخاصة، والتي خلصت إلى ثلاث نقاط هامة، أولا، أن التدخل الروسي تمحور في شكلين هما حملة وسائل التواصل الاجتماعي، وعمليات القرصنة الالكترونية. ثانيًا؛ انه على الرغم من اثبات التحقيق وجود صلات عديدة بين افراد حملة ترامب، وافراد ذات صلة بالحكومة الروسية، إلا أن الادلة لم تكن كافية لتوجيه اتهام جنائي لأي فرد. ثالثًا، أثبت التحقيق أن العديد من الأفراد المنتسبين إلى حملة ترامب كذّبوا على المكتب والكونجرس بشأن تفاعلهم مع الأفراد المنتسبين إلى روسيا والمسائل ذات الصلة. فيما صرح فريق التحقيق انه واجه العديد من العقبات منها وجود الوثائق والادلة خارج الدولة، كذب العديد من الشهود أو عدم كفاية ادلتهم.
أما المجلد التاني من التقرير، فتكون من أربعة اقسام. يقدم القسم الأول لمحة عامة عن مبادئ عرقلة العدالة ويلخص بعض الاعتبارات المتعلقة بالتحقيقات والأدلة. القسم الثاني يحدد النتائج الواقعية للتحقيق في عرقلة لدينا ويحلل الأدلة. يتناول القسم الثالث الدفوع القانونية والدستورية. كما ينص القسم الرابع على الاستنتاجات. وقد تم سرد مجموعة من الادلة على عرقلة التحقيق ومنها:
- على الرغم من تعبير ترامب عن شكوكه في قيام روسيا بعملية القرصنة الالكترونية، الا انه سعى واعوانه إلى الحصول على مزيد من هذه الوثائق المسروقة.
- نفى ترامب وجود أي اعمال تجارية أو اتصالات بروسيا، لكن الحقيقة أن شركته سعت إلى إبرام اتفاقية ترخيص لبناء ناطحة سحاب في روسيا تسمى ترامب تاور موسكو.
- تصرف مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية كومي، وفلين، حول الرد الروسي على العقوبات الامريكية.
- رد فعل الرئيس حول التحقيق الروسي المستمر.
- اقالة الرئيس لكومي Comey.
- تعيين النائب العام المكلف بالتحقيق في روسيا كمستشار خاص، ثم بذل الكثير من الجهد لإبعاده، بدعوى أن هناك تضارب المصالح، ووجه ترامب أمر لمكجان لتنفيذ هذا المسار إلى أن مكجان رفض وقدم استقالته.
- الجهود المبذولة للحد من تحقيقات المستشار الخاص، حيث طلب ترامب من جيف ساشيون من خلال وسيط –ليفاندوفسكي- أن يعلن علنيا أن التحقيق غير عادل بالنسبة للرئيس، وانه لم يفعل شيئا خاطئا.
- الجهود المبذولة لمنع الكشف العلني عن الأدلة، خاصة الخاصة باجتماع 9 يونيو.
- الجهود المبذولة لجعل ماكجان ينكر أن الرئيس أمره بإقالة المستشار الخاص.
- السلوك تجاه فلين، ومانافورت.
- السلوك تجاه مايكل كوهين. لقد تغير سلوك الرئيس تجاه مايكل كوهين، وهو مسؤول تنفيذي سابق في منظمة ترامب، من المديح لكوهين عندما قلل بشكل زائف من تورط الرئيس في مشروع ترامب تاور موسكو ، إلى طرد كوهين عندما أصبح شاهدًا متعاونًا.
اما في القسم الثالث والذي عرض فيه الدوافع القانونية والدستورية، والتي خلصت إلى أنه في الحالة النادرة التي يتم فيها إجراء تحقيق جنائي في سلوك الرئيس، لا ينبغي للتحقيقات أن تثبط من ادائه لواجباته المنوطة له دستوريا حال تصرف الرئيس بدافع فاسد، كذلك الاستنتاج القائل بأن الكونغرس قد يطبق قوانين العرقلة على ممارسة الرئيس الفاسدة لصلاحيات المنصب يتوافق مع النظام الامريكي الدستوري من الضوابط والتوازنات ومبدأ عدم وجود شخص فوق القانون. وقد استنتج التقرير في قسمه الرابع، إنه على الرغم من أن هذا التقرير لا يستنتج أن الرئيس ارتكب جريمة، إلا أنه لا يعفيه