المركز المصري في الإعلام

د.خالد عكاشة: رسالة مصر برفض دخول الرعايا الأجانب وصلت بمعناها ومدلولاتها إلى من يهمه الأمر

قال الدكتور خالد عكاشة المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية في مداخلة هاتفية مع قناة “القاهرة الإخبارية”، أن رفض مصر السماح للرعايا الأجانب بالمرور من معبر رفح البري إلا بعد إدخال المساعدات الإنسانية رسالة وصلت بمعناها ومدلولاتها إلى من يهمه الأمر، مشيرًا إلى أن السيد الرئيس كان واضح العبارات بشكل كامل في مسألة أن مصر قادرة على مساعدة الجميع وفي المقدمة منهم الأشقاء في قطاع غزة، وهذه هي العقيدة المصرية الراسخة التي مكنت مصر من النجاح طوال جولات التصعيد السابقة، وأن  تكون القاهرة رجل الإطفاء الناجح في المنطقة وفي الإقليم بكامله، وتحظى بقدر عالي للغاية من الثقة والمصداقية لدى كل الأطراف الدولية، والدولة المصرية بهذا القرار تضع الأمور في نصابها الصحيح.

وأضاف أن الطرح المصري قائم على عدم  تهديد معبر رفح كي يكون مجالًا لإدخال المساعدات وتقديم البعد الإنساني، ووضعه في المقدمة بالنسبة للفلسطينيين الذين يعانون داخل قطاع غزة، وفي حال تم هذا الأمر بهذا الانضباط وبهذه الكيفية يمكن الحديث حول إخراج أي من العالقين بالداخل طالما أن هناك ما يشبه اتفاق بين كل الأطراف وتوافقًا على أن تؤدي القاهرة دورها الذي اعتادته وينتظره منها الجميع، ومصر تريد وضع مسألة المعبر خدمة لكل الأطراف إنسانيًا، وللفلسطينيين في المقدمة والمدنيين منهم على وجه الخصوص، وهو ما اعتدنا عليه في أداء الدولة المصرية.

وذكر أن الرفض المصري لعبور الرعايا الأجانب من المعبر قرار جيد وإيجابي للغاية ويضع النقاط فوق الحروف، ويؤكد أنه يمكن لمصر أن تلعب دورًا وتسهل وتحل من المشكلات بل وعشرات المشكلات، لكن الأمر يجب أن يكون متوافقا مع الرؤية المصرية الشاملة والتي تحيط بكل تفاصيل وملابسات المشهد، إذ إن المشهد الحالي معقد وبه كثير من الإشكاليات، ويحتاج إلى المسؤولين المصريين الذين يتدخلون كل مرة في توقيت دقيق ويستطيعون بالفعل أن ينجزوا الأمر على كافة المحاور.

وحول ردة الفعل المتوقعة على هذا القرار التي ترجمته مصر على أرض الواقع، أكد المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن الأداء المصري منذ العام 2014 وحتى هذه اللحظة الحالية يكشف أن القاهرة تتعامل بوجه واحد وقول واحد وبدرجة عالية من الشفافية، ولديها خطاب واحد تحترمه كل مؤسسات الدولة وتظهر أبعاده وأطره على لسان رئيس الجمهورية المصري، ويتحدث به إلى المصريين وإلى زعماء المنطقة وبنفس العبارات والمنهج والرؤية، ومصر تستطيع تنفيذ خطابها على الأرض بمختلف السبل والوسائل، ولم تكتسب مصر المصداقية ولا حجم الثقة الموجودة حاليًا من الأطراف الدولية والإقليمية إلا بعد أن اختبرت هذه الدول مصر منذ عام 2014 وحتى هذه اللحظة، ووجدت خطابًا جادًا ومحترمًا وملمًا بكافة أبعاد أي إشكالية من الإشكاليات والتعقيد مثل القضية الفلسطينية وحقوق الفلسطينيين، ولديها حجم اتصالات واسع ومتعدد ومتنوع مع كافة الأطراف، مما يجعل هذه العوامل تمكن القاهرة من تشكيل حلول ومسارات تفكك من تعقيدات أي مشهد تعمل عليه المؤسسات المصرية، وهو ما يترجم لماذا اتخذت مصر هذا القرار وهذا الموقف المبدئي الواضح، الذي به من الشرف والنزاهة والوطنية ما يرضينا كشعوب عربية وليس مصرية فقط.

منوهًا إلى أن هذا الموقف المبدئي يوضح رؤية مصر وجاهزيتها وقادرتها على العمل على تفكيك كل الإشكاليات التي تعاني منها أطراف مختلفة من بينهم الرعايا الأجانب هناك، لكن في نفس المسار وربما قبله مسألة إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين داخل قطاع غزة لترفع عن كاهلهم بعض من أشكال المعاناة التي يعانونها، وأن يكون هناك إتاحة لتقديم للخدمة الصحية التي كانت تنوي مصر تقديمها للأشقاء الفلسطينيين، إذ إنه بعد ساعات من يوم 7 أكتوبر تم رفع درجة الاستعداد القصوى لكل المرافق الصحية في شمال سيناء وفي عموم الجمهورية، وذلك كي تستقبل أي فلسطيني يحتاج إلى تقديم العلاج العاجل، وهذه هي الرؤية المصرية التي لديها من الشمولية ومن الإحاطة بتعقيدات وإشكاليات المشهد الذي يجعلها اليوم بهذا الموقف، ومصر لا تناكف أحد بهذا القرار، وإنما تضع الأمور في نصابها وتضع الأمور في المسار الذي يمكن من خلاله أن ننجح في تقديم حلول حقيقية وواقعية، ويمكن البناء عليها في المستقبل.

وحول مدى إمكانية وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة في تخفيف حدة الأزمة هناك، قال الدكتور خالد عكاشة أن بدء ماكينة توصيل المساعدات وتقديم البعد الإنساني في ظل هذا المشهد المعقد الذي فيه كثير من الاندفاع من أطراف عديدة وبالطبع إسرائيل في مقدمتهم، التي تشكل تصرفاتها نوع من أنواع تجاوز الحقوق الإنسانية وتجاوز كثير من الأعراف ونصوص ومواد القانون الدولي التي تحمي مدنيين وممتلكاتهم، وفي ظل هذا التجاوز الكبير يظل البعد الإنساني قادر على تلجيم مثل هذه الاندفاعات التي ستخسر الجميع، فليس الفلسطينيين وحدهم من سيدفع و فاتورة الخسارة، وإنما ستكون الخسارة للجميع، وتتحدث القاهرة من منطلق أنها تستشعر خطر خسارة الجميع في مثل هذه المشاهد المعقدة والمركبة، ويستطيع البعد الإنساني أن يخفف من هذه الحدة ويطوق تداعيات الأزمة بقدر الإمكان ويستطيع تلمس مواقع لخطوات تهدئة قادمة.

وأضاف أنه إذا استطاعت مصر أن تصل برؤيتها إلى كافة الأطراف بالصورة التي تراها وتخطط لها، يمكن البناء بعد ذلك على خطوات عديدة تحاول أن تحاصر هذه التداعيات، ونحن بذلك نحاول استباق نزيف الخسائر الذي تدفعه كل الأطراف، والعدوان الذي تمارسه إسرائيل لن يحميها من تحمل خسائر ليست بالقليلة أو الهينة ولن يكون هناك فاتورة فلسطينية وحيدة، وستكون هناك فاتورة إسرائيلية من الخسائر المستقبلية فضلًا عما تكبدته من خسائر، فالعنف يولد العنف والحرب تولد الحرب، ومصر لديها رؤية للسلام وللتهدئة ولفتح مسارات سياسية، ولديها كثير من الحلول والسيناريوهات والسيناريوهات البديلة التي من الممكن أن تخدم الأطراف وأن تصنع مشهد جديد إيه يجعل هناك نقطة ضوء في هذا النفق المظلم.

وفيما يخص الرسالة المصرية الواضحة بأن مخاطر تصفية القضية الفلسطينية لن تكون إلا سرابًا، قال المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أن هذا الموقف المصري يدعو للفخر، وأن مصر في هذه الجولة على وجه التحديد استطاعت أن تجهض مسألة تقويض القضية الفلسطينية عبر عملية انتقامية واسعة تشمل عمليات إزاحة للسكان من مدنهم ومناطقهم، والحديث المصري كان بلهجات واضحة و صريحة وقاطعة حول أن هذا السيناريو الذي نحن بصدد متابعته لن يكون له سوى هدف واحد وهو تقويض القضية الفلسطينية، ثم جاء حديث الرئيس المصري بعد أكثر من مسؤول رسمي بدأ يدق أجراس الخطر حتى أتى حديث الرئيس السيسي كي يقطع الشك باليقين أننا نقرأ المشهد على هذا النحو ونستشعر قدر خطورته ولم نقف مكتوفي الأيدي كدولة مصرية ولا كرأي عام مصري على الإطلاق.

وشدد على أن مصر تواجه منذ السابع من أكتوبر هذا المشهد بكل ما تمتلكه من أدوات ومن وسائل للسياسة، تعمل عليها المؤسسات المصرية الفاعلة والعاملة على هذا الملف وتواصل عملها  على مدار 24 ساعة، وهذا هو ما استطاع محاصرة هذه الخطة على الأقل التي كانت بالفعل كل الإشارات والملامح لها تشير أنها بغرض تقويض القضية الفلسطينية وإزاحة ملفها إلى أدراج التاريخ، وهذا أمر لا تقبله مصر لأنه محدد مهم لأمنها القومي ولمجالها الحيوي وأحد أبرز قضايا الأمن القومي العربي الذي تقف مصر في مقدمة المدافعين عنه، ولا تدخر مصر وسع في كل تاريخها وفي كل فصولها إلا للعمل عليه في الحرب والسلام وبالسياسة وبالدبلوماسية وبالمساعدات الإنسانية و بالإعمار وبالتنمية وبكل المسارات والأدوات التي تمتلكها الدولة المصرية، ولدى القاهرة منذ التاريخ وحتى هذه المرحلة من التاريخ رؤية أكثر نضجًا وأكثر فاعلية، وتستطيع أن تنجز حقائق وتغير الأوضاع على الأرض وترسي الحقوق وتصنع سلام حقيقي، فالقاهرة صانعة سلام حقيقية في المنطقة وجميع الأطراف الدولية والإقليمية مدركين لذلك وتثق في  القدرة المصرية. 

وأكد الدكتور خالد عكاشة في ختام حديثه، إلى أن الأوضاع الحالية وصلت إلى مستويات غير مسبوقة والتحركات المصرية تهدف إلى محاصرتها بشكل جاد وهو ما يمكن ملاحظته من حجم الاتصالات بالقيادة السياسية المصرية من كثير من أطراف دولية ذات ثقل وذات وزن، ويمكن بالفعل حشد موقف دولي وتفكيك بعض من الإشكاليات في هذا المشهد، ومصر يهمها بشكل أساسي استقرار الأمن الإقليمي نظرًا إلى أن وجود حالات الاختلال والهشاشة الأمنية التي تغذيها أطراف عدة مما يهدد سُبل توفير الحياة الكريمة لشعوب المنطقة. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى