اللواء محمد إبراهيم الدويري: حرب أكتوبر ستظل شاهدة على تفوق الجندي المصري
أكد اللواء محمد إبراهيم الدويري، نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن حرب أكتوبر أكدت مدى صلابة معدن الإنسان المصري، وأثبتت بما لا يدع مجالًا للشك أن قواته المسلحة سوف تظل الجندي الأمين الوفي الساهر على حماية الأمن القومي المصري والحفاظ عليه في مواجهة أية مخططات خارجية.
وشدد “الدويري” في حوار لمجلة “المصوّر” في الذكرى الـ 50 لنصر أكتوبر، على أن مصر نجحت نجاحًا غير مسبوق في أن تجعل من نكسة يونيو 67 نقطة انطلاق قوية نحو تدوين تاريخ جديد أمام العالم، ليس فقط من الناحية العسكرية بل أيضًا من الناحية السياسية. موضحًا أنه من الإنصاف أن نشير إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أخذ على عاتقه أن يحول سيناء إلى منطقة متميزة تنصهر في بوتقة التنمية الاقتصادية للدولة المصرية ككل. وفيما يلي نص الحوار:
* 50 عامًا على نصر أكتوبر.. كيف حوّلت مصر النكسة إلى نصر؟
قبل الحديث عن ذكرى حرب أكتوبر بعد مرور خمسين عامًا على هذه الحرب المجيدة، لابد أن نستذكر في البداية صاحب قرار العبور وبطل الحرب والسلام الرئيس الراحل محمد أنور السادات وكذلك القادة العظام للقوات المسلحة خلال هذه المرحلة والشهداء الأبرار الذين روت دماؤهم الزكية أرض سيناء الطاهرة، حيث أنه بدون هذه التضحيات الجسام لم نكن لنحتفل اليوم بهذه الذكرى العزيزة على كل مصري وطني شريف بل على كل مواطن عربي.
سوف تظل حرب أكتوبر المجيدة علامة مضيئة ونقطة فارقة في تاريخ مصر الحديث، بل لن أكون مبالغًا إذا قلت أن حرب 73 تعتبر معجزة بكافة المقاييس خاصة إذا نظرنا إلى الظروف الإقليمية والدولية التي كانت سائدة في هذا الوقت والتي كان من المستحيل في ظلها أن تتخذ مصر قرار العبور العظيم، إلا أنها نجحت في التغلب على كافة المعوقات وانطلقت بكل جسارة نحو معركة تحرير ناجحة.
نجحت مصر نجاحًا غير مسبوق في أن تجعل من نكسة يونيو 67 نقطة انطلاق قوية نحو تدوين تاريخ جديد أمام العالم ليس فقط من الناحية العسكرية بل أيضًا من الناحية السياسية، حيث لم تقف مصر ساكنة أو صامتة بعد نكسة 67 بكل نتائجها السلبية والتي كانت كفيلة بأن تحبط أي دولة تتعرض لمثل هذه النكسة وتدفع بها إلى المجهول، بل اتخذت الدولة المصرية القرار السليم والحاسم منذ اللحظة الأولى بعد النكسة بأن تحرير الأرض يمثل الأولوية التي سوف تعمل منظومة الدولة كلها على إنجاز هذا الهدف الأسمى.
* ما الدروس المستفادة من الانتصار الخالد في 6 أكتوبر؟
لا شك أن الدروس المستفادة من حرب أكتوبر سوف تمثل معينًا لا ولم ولن ينضب مهما مرت السنوات، حيث أن نتائج هذه الحرب أكدت على مدى صلابة معدن الإنسان المصري، وأثبتت بما لا يدع مجالًا للشك أن قواته المسلحة سوف تظل الجندي الأمين الوفي الساهر على حماية الأمن القومي المصري والحفاظ عليه في مواجهة أية مخططات خارجية تستهدف أمن واستقرار الدولة المصرية العظيمة.
كما أكدت حرب 73 أن الإرادة الصلبة للقيادة السياسية الحاكمة وتضافر هذه الإرادة مع الدعم الشعبي القوى للقيادة السياسية يمثلان الجناحين الرئيسيين لأي عمل ناجح في أي مجال، وهو الأمر الذي وضح جليًا في حرب 73 وبما أدى إلى تحقيق الأهداف المرجوة وتحرير الأرض مهما تعاظمت التضحيات المادية والبشرية.
* كيف مثّل الدعم العربي نموذجًا للإرادة العربية في هذا التوقيت؟
هذه الحرب المجيدة كانت نموذجًا فريدًا متميزًا في التضافر العربي، وكيف كان العرب على قلب رجل واحد قبل الحرب وخلالها وفى أعقابها، وكم أتمنى أن يستعيد العرب جوهر تلك المرحلة الهامة من التاريخ العربي الحديث والتي أكدت أن التعاون والعمل العربي الجماعي هو الذي يحمى الأمن القومي العربي وليست أية تحالفات خارجية مهما كانت أهميتها وضرورتها.
* هل تعرضت الحرب لتشويه وعكس الحقائق الثابتة على الأرض؟
من المؤكد أن إسرائيل التي تعرضت إلى هزيمة نكراء في حرب 73 باعتراف العديد من السياسيين والمؤرخين الإسرائيليين بما في ذلك النتائج القاسية الصادرة عن لجنة التحقيق في الهزيمة “لجنة إجرانات” حاولت على فترات زمنية أن تقلب الحقائق الواضحة وتظهر زورًا وبهتانًا أنها هي التي انتصرت في الحرب دون أن تعي أن نتائج هذه الحرب كانت ولا زالت تمثل نكسة 73 بالنسبة لإسرائيل، ومن المؤكد أن هذه الهزيمة سوف تظل وصمة عار في تاريخ العسكرية الإسرائيلية لن تستطيع نسيانها أو محوها مهما حاولت أن تظهر غير ذلك.
* ما تأثير الحرب الخالد إلى الآن؟
من الواضح أن حرب 73 التي يتم تدريس نتائجها في أهم المؤسسات العسكرية الدولية سوف تظل شاهدة على تفوق الجندي المصري، ومؤكدة على أن المؤسسة العسكرية المصرية بذلت كل الجهد من أجل استعادة الكرامة المصرية والعربية ونجحت بامتياز في تحقيق هذا الهدف.
وبدون شك أننا في حاجة ماسة ودائمة إلى أن نستذكر بصفة دائمة هذه الحرب المجيدة وكيف استعادت مصر سيناء بعد نكسة 67 بست سنوات فقط، وكيف تحركت الدولة المصرية قيادة وشعبًا ومؤسسات في اتجاه هدف واحد وهو تحرير سيناء من الاحتلال الإسرائيلي الذي دنس هذه الأرض الطاهرة، ثم كيف تم التحرك بفاعلية في اتجاه تحقيق السلام واسترداد كل شبر من أرض سيناء والذي تم تتويج هذا الجهد برفع العلم المصري على أرض طابا في 19 مارس 1989.
*كيف نحافظ على انتصار أكتوبر من التشويه ونجسده بما يجعله باقيًا في ذاكرة المصريين؟
سوف تظل المؤسسات المصرية المعنية مطالبة بأن تجعل من حرب أكتوبر المجيدة أحد المحاور الرئيسية في حياة وذاكرة المواطن المصري ولاسيما جيل الشباب من أجل أن يكون هذا القطاع الأكبر من سكان مصر على قناعة تامة بأن الإرادة قادرة على تحقيق المستحيل بشرط أن تستند هذه الإرادة إلى منهج عمل علمي وجهد فائق حتى يمكن قهر المستحيل مهما كانت الصعوبات.
وفى رأيي أن هناك ضرورة بأن تتضافر كل الجهود من أجل أن يخرج إلى النور، عملًا فنيًا متكاملًا يعطى هذه الحرب حقها ويظهر ما حققته من نتائج مبهرة سوف تظل محفورة في ذاكرة كل المصريين.
* النصر على العدو والإرهاب.. كيف حافظ الجيش المصري على سيناء من الأطماع؟
الحديث عن حرب أكتوبر لا ينتهي، لكننا لا يمكن أن نتحدث عن ذلك دون أن نشير إلى أن الدولة المصرية كما نجحت في تحرير سيناء من الاحتلال الإسرائيلي، فقد نجحت أيضًا في تحرير سيناء من الإرهاب الذي ضرب بجذوره لسنوات طويلة في هذه الأرض الطاهرة حتى تم بفضل الله وتضحيات الشعب المصري اجتثاثه من جذوره.
كما أنه من الإنصاف أن نشير إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أخذ على عاتقه أن يحول سيناء إلى منطقة متميزة تنصهر في بوتقة التنمية الاقتصادية للدولة المصرية ككل، وبدأت سيناء تخرج بالفعل إلى النور وهي في أزهى صورها كنموذج حي يؤكد قدرة الدولة المصرية على صنع المعجزات التي بدأت بحرب أكتوبر 73 ومرورًا بتحويلها إلى واحة للسلام وانتهاءً بما تشهده اليوم من نهضة اقتصادية غير مسبوقة.