مصر

حكاية وطن في ضمان الأمن الغذائي: ماذا تحقق حتى الآن؟

في ظل سعي الدولة المصرية إلى امتلاك القوت وتحقيق الأمن الغذائي في ظل تداعيات الأزمات العالمية المتلاحقة “جائحة كورونا- الحرب الأوكرانية الروسية- التغيرات المناخية”، والزيادة السكانية المتنامية، عملت الإدارة المصرية منذ عام 2014 إلى الآن على تأمين الأمن القومي الغذائي لمصر، من خلال العديد من المشروعات القومية الزراعية والحيوانية والداجنة والسمكية.

فنجد أن الإدارة المصرية استطاعت تحقيق اكتفاء ذاتي من محاصيل مثل: الأرز، والذرة البيضاء، والذرة الرفيعة، والدواجن وبيض المائدة، والألبان، بالإضافة إلى تحقيق اكتفاء ذاتي وفائض للتصدير من الفاكهة والخضر. وقاربت على الاكتفاء الذاتي من المحاصيل السكرية بنسبة تعدت الـ 90%، ومن الأسماك بنسبة تتراوح ما بين 85 – 90%. أما عن المحاصيل والسلع التي توجد بها فجوة في تغطية المتطلب منها، فهي: القمح والذرة الصفراء، والمحاصيل الزيتية، واللحوم الحمراء.

أولًا: المشروعات القومية الزراعية

1- مشروع المليون ونصف فدان: تم إطلاق المشروع في ديسمبر 2015 ليمثل حجر الأساس نحو توفير مصر لاحتياجاتها من الطعام، ويعد أحد أعمدة المشروعات القومية الزراعية، ويشمل 13 منطقة في 8 محافظات، تقع في صعيد مصر وسيناء، طبقًا لحالة المناخ وتحليل التربة ودرجة ملوحة المياه وهي: قنا، وأسوان، والمنيا، والوادي الجديد، ومطروح، وجنوب سيناء، والإسماعيلية، والجيزة.

ويضم المشروع 3 مراحل: المرحلة الأولى تبلغ مساحتها 500 ألف فدان في مناطق: الفرافرة القديمة والجديدة، ومنطقة المغرة، وامتداد الداخلة، وقرية الأمل، وتوشكى، ومنطقة غرب المراشدة؛ والمرحلة الثانية تبلغ مساحتها 490 ألف فدان في مناطق: الفرافرة الجديدة والقديمة، وغرب كوم أمبو، والمغرة، وغرب المنيا، وشرق سيوة، وجنوب شرق المنخفض؛ أما المرحلة الثالثة فتبلغ مساحتها 510 آلاف فدان في مناطق: الفرافرة القديمة، والطور بجنوب سيناء، وامتداد جنوب شرق المنخفض، وغرب المنيا، ومنطقة غرب.

2- مشروع الـ 100 ألف فدان من الصوب الزراعية: تم تدشين مشروع الـ 100 ألف فدان صوب زراعية عام 2018 لإنشاء وزراعة أكثر من 10 آلاف صوبة زراعية لتأمين غذاء المصريين بشكل صحي وآمن، وتوفير زراعات عالية الجودة في غير موسمها الزراعي. وبانتهاء مراحل هذا المشروع سيتحقق أكثر من 1.5 مليون طن من الخضروات سنويًا؛ للإسهام في تقليل الفجوة الغذائية في مصر. ويتميز مشروع الصوب الزراعية بميزة تسويقية من حيث قربه من موانئ الإسكندرية ومطار برج العرب وميناء الدخيلة، ويتكامل المشروع مع شبكة الطرق القومية الجديدة.

3- مشروع شرق العوينات: يقع المشروع على بعد 450 كم جنوب مدينة الخارجة بالوادي الجديد، ويعد ثاني أكبر مشروعات التنمية الزراعية المنفذة في جنوب الوادي في جنوب غرب مصر (بعد مشروع توشكى). ويوجد به حوالي 560 ألف فدان تقع أغلبها ضمن الأراضي الرملية والرملية الطينية التي تعد من أفضل الأراضي الصالحة للزراعة، وقد تمت زراعة 166 ألف فدان حتى الآن.

4-  مشروع توشكى الخير: يقع المشروع في منطقة توشكى جنوب أسوان، وكانت فكرة إنشاء المشروع بهدف خلق وادٍ جديد في الصحراء الغربية على مساحة 540 ألف فدان، وتصل في المستقبل إلى مليون فدان موازٍ لوادي النيل. وبلغت تكلفة المشروع 6.4 مليارات جنيه، وتم البدء فيه في أكتوبر 2020 وقد تمت زراعة ٣٠ ألف فدان قمح خلال أول ٣ أشهر من بداية المرحلة الأولى، إضافة إلى إنهاء تجهيز حوالي ١٠٠ ألف فدان قابلين للزراعة، وجارٍ تجهيز ١٠٠ ألف فدان أخرى بنهاية العام الجاري.

5- مشروع الدلتا الجديدة: في بداية عام 2021، أعلنت الدولة عن المشروع القومي “الدلتا الجديدة”، الذي يعد أحد المشروعات الضخمة بالمجال الزراعي، حيث سيتم زراعة أكثر من مليون فدان خلال عامين في إطار هذا المشروع. ويدخل مشروع “مستقبل مصر” ضمن نطاق مشروع الدلتا الجديدة، حيث يقع على امتداد طريق محور “روض الفرج –الضبعة الجديد” وهو الطريق الذي أنشئ ضمن المشروع القومي للطرق ويبعد ٣٠ دقيقة عن مدينة السادس من أكتوبر، وتبلغ مساحته ٥٠٠ ألف فدان.

وقد تم الانتهاء من استزراع مساحة ٢٠٠ ألف فدان باستغلال المياه الجوفية المتاحة بالمنطقة، ويتوقع أن تصل إلى ٣٥٠ ألف فدان مع بداية عام ٢٠٢٢، باستخدام ١٦٠٠ جهاز ري محوري مطور، على أن يتم زراعتها مرتين سنويًا؛ حيث تنتج أجود المحاصيل الزراعية بإجمالي استثمارات ٥ مليارات جنيه. وكذلك يدخل مشروع “جنوب محور الضبعة” ضمن نطاق مشروع الدلتا الجديدة؛ ويقع غرب مشروع مستقبل مصر على مساحة ٥٠٠ ألف فدان، بالقرب من الدلتا القديمة وشبكة الطرق والموانئ سواء البحرية أو البرية أو الجوية، ويربط بين الحدود الإدارية لمحافظات: مطروح، والبحيرة، والجيزة. ويتكلف استصلاح الفدان الواحد نحو 250 ألف جنيه.

6- مشروع تنمية شمال سيناء: يهدف هذا المشروع إلى إضافة مساحة قدرها 620 ألف فدان إلى الرقعة الزراعية. حيث يشمل مرحلتين: المرحلة الأولى تشمل إنشاء ترعة السلام أمام سد وهويس دمياط لاستصلاح 220 ألف فدان غرب قناة السويس، والمرحلة الثانية تشمل إنشاء سحارة أسفل قناة السويس وإنشاء ترعة الشيخ جابر الصباح لاستصلاح 400 ألف فدان شرق قناة السويس.

7- مشروع تنمية الريف المصري الجديد: شركة تنمية الريف المصري الجديد هي شركة معنية باستصلاح وتنمية المليون ونصف المليون فدان كمرحلة أولى من أربعة ملايين فدان. وهي شركة مساهمة مصرية 100%، تضم ثلاثة مساهمين حكوميين هم: وزارة المالية، والهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بوزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية. ويشتهر المشروع بزراعة بعض المحاصيل منها: الشعير، وبنجر السكر، والزيتون، والفول، والرمان، وبعض المحاصيل العطرية والطبية، إضافة إلى زراعة حوالي 1500 فدان قمح في عام 2021 ومن المتوقع تهيئة التربة لزراعة مساحة أكبر من القمح في السنوات القادمة.

 8- المشروع القومي لإنتاج الشتلات: حيث تم انشاء محطة كوم أمبو على مساحة 26 فدانًا، بتكلفة 360 مليون جنيه، وتستوعب 15 مليون شتلة / موسم. ومحطة وادي الصعايدة لإنتاج شتلات قصب السكر، على مساحة 80 فدان بتكلفة 1.8 مليار جنيه، وتستوعب 80 مليون شتلة / موسم.

9- جهود تحسين أصناف المحاصيل: عملت وزارة الزراعة كذلك على التوسع الرأسي في المحاصيل من خلال التوسع في الأصناف المحسنة للمحاصيل حيث تم إنتاج 26 صنفًا لـ 10 محاصيل خضر رئيسة، وتغطية ولأول مرة 100% من مساحة القمح مع وجود فائض للتصدير والتوسع في إنتاج التقاوي المعتمدة للمحاصيل الأخرى، وأكثر من 150 صنفًا للمحاصيل الاستراتيجية مبكرة النضج – قليلة الاحتياج المائي، وتسجيل 900 صنف نباتي محلي ومستورد، وإصدار 160 شهادة حماية نباتية، وإنشاء محطتي كوم أمبو ووادي الصعايدة لإنتاج شتلات قصب السكر بطاقة 200 مليون شتلة وبتكلفة ملياري جنيه، وتنفيذ أكثر من 7000 حقل إرشادي للقمح و650 حقلًا للذرة، والتوسع في المدارس الحقلية لباقي للمحاصيل.

10- دعم المزارعين: لم تكن جهود الدولة لدعم الفلاح غائبة في مبادرة “حياة كريمة”؛ فقد تم دعم الأنشطة الزراعية، فاستهدفت المبادرة إنشاء أكثر من 332 مجمع خدمات زراعية، بالإضافة إلى 41 مركز تجميع ألبان، و 329 جمعية زراعية، و 316 وحدة بيطرية، و 305 مراكز إرشادية تقدم خدماتها لأكثر من 1500 قرية خلال المرحلة الأولى للمشروع.

ثانيًا: تنمية الثروة الحيوانية

لتنمية الثروة الحيوانية؛ أنشأت الدولة المشروع القومي للبتلو الذي استفاد منه نحو 43 ألف مستفيد، بعدد رؤوس 500 ألف رأس، وتكلفة إجمالية بلغت 8 مليارات جنيه. ذلك إلى جانب المشروع القومي لتطوير مراكز تجميع الألبان؛ حيث تم تطوير وانشاء 281 مركز تجميع ألبان، منها عدد 41 مركز ضمن مشروع حياة كريمة. بالإضافة إلى المشروع القومي لتحسين السلالات والذي تضمن استيراد عدد 80 ألف عجلة عشار، و 4 مراكز للتلقيح الاصطناعي.

ثالثًا: تنمية الثروة الداجنة

تم عمل قاعدة بيانات رقمية لمنشآت الثروة الداجنة تشمل (المزارع – معامل التفريخ – مصانع الأعلاف – المجازر – منافذ بيع الأدوية). وتوفير تمويل ميسر لتشجيع مزارع الدواجن من نظام التربية المفتوح إلى النظام المغلق، وتوفير أراضٍ لإقامة مشروعات الثروة الداجنة في المناطق الصحراوية (19ألف فدان)، والتوسع في إنتاج اللقاحات والأمصال البيطرية من 200 مليون إلى 1.5 مليار جرعة للدواجن، والحصول على موافقة المنظمة العالمية للصحة الحيوانية بخلو المنشآت المعزولة من مرض أنفلونزا الطيور (عدد 37 منشأة)، وعمل شراكة مع القطاع الخاص لإنتاج الأمصال واللقاحات البيطرية.

رابعًا: تنمية الثروة السمكية والبحيرات

اهتمت الدولة بتنمية الثروة السمكية من خلال مشروعات الاستزراع السمكي، فضلًا عن تنمية وتطوير البحيرات بما ينعكس في النهاية على الثروة السمكية بها. وقد تم في هذا الإطار ما يلي:

1- المشروع القومي لتنمية وتطوير البحيرات وزيادة إنتاجيتها، والذي استهدف تطوير البحيرات (المنزلة – البرلس – البردويل – مريوط، وجارٍ استكمال باقي البحيرات).

2- المشروعات القومية للاستزراع السمكي: والتي منها مشروع الاستزراع السمكي ببركة غليون بطاقة إنتاجية 7000 طن سنويًا. ومشروع الفيروز للاستزراع السمكي/ شرق التفريعة بطاقة إنتاجية 3000 طن سنويًا، ومشروع الديبة للاستزراع السمكي/ غرب بورسعيد بطاقة إنتاجية 250 طن جمبري/ الدورة، ومشروع قناة السويس للاستزراع السمكي بطاقة إنتاجية 1800 طن سنويًا.

3- إنشاء مفرخات لإنتاج زريعة الأسماك البحرية: والتي تشمل مفرخ أشتوم الجميل بمحافظة بورسعيد بطاقة إنتاجية 10 ملايين أصبعية/ سنويًا، ومفرخ الكيلو 21 بمحافظة الإسكندرية بطاقة إنتاجية 20 مليون أصبعية/ سنويًا.

4- تطوير مفرخات إنتاج زريعة المياه العذبة؛ لتوفير الزريعة اللازمة لبحيرة السد العالي ونهر النيل وفروعه، ومنها المفرخ السمكي بصحاري بطاقة إنتاجية 25 مليون زريعة / سنويًا، والمفرخ السمكي بجرف حسين بطاقة إنتاجية 40 مليون زريعة / سنويًا، والمفرخ السمكي بتوشكى بطاقة إنتاجية 15 مليون زريعة / سنويًا.

5-  تخصيص مواقع لإنشاء الأقفاص السمكية البحرية: حيث تخصيص 21 منطقة للاستزراع السمكي في أقفاص بحرية “9 بالبحر الأحمر، 12 بالبحر المتوسط” وطرحها للاستثمار المحلي والأجنبي، بالإضافة إلى تدعيم منظومة مراكب الصيد في البحار والمحيطات.

وإجمالًا؛ بلغ إجمالي مساحة مصر الزراعية حتى الآن نحو 9.6 ملايين فدان، فيما يبلغ إجمالي المساحة المحصولية لمصر حوالي 17 مليون فدان، وذلك على مدار المواسم الزراعية في العام. وقد أسهم قطاع الزراعة بنسبة 17% من الصادرات السلعية، وبنسبة 15% في الناتج المحلى الإجمالي، وأسهم بنسبة 25% من إجمالي القوى العاملة.

كاتب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى