ماذا حققت الدولة المصرية في ملف الاستثمار في الشباب؟
بالرجوع إلى عشرة أعوام مضت، نجد أن بداية الجمهورية الجديدة كانت عندما قام الشعب المصري بثورته المجيدة في الـ 30 من يونيو 2013، لاستعادة وطنه من براثن جماعة الإخوان الإرهابية بعد استئثارها بالحكم لصالح أعضائها فقط، حينها وبالتحديد في 3 يوليو 2013 ، ألقى وزير الدفاع ، الفريق أول عبد الفتاح السيسي حينها، بيانًا محددًا فيه بنود “خارطة الطريق” والتي سُميت “بخارطة مستقبل مصر” التي توافقت عليها القوى الوطنية كافة، والتي جاء في أحد بنودها صراحةً “اتخاذ الإجراءات التنفيذية لتمكين ودمج الشباب في مؤسسات الدولة ليكون شريكًا في القرار”.
ومن منطلق رؤية القيادة السياسية بأن الاستثمار في الشباب اليوم سيغير العالم غدًا؛ كانت دائمًا رسائل الرئيس السيسي لقادة العالم أن “اسمعوا لشبابكم وسلحوهم بخبراتكم وإيمانكم بهم ولا تتركوهم فريسة لدعاة الكراهية”، “واجعلوا الشباب سبّاقين وليسوا تابعين، وافتحوا لهم أبواب الثقة وأعطوهم مفاتيح القيادة”. وهو ما دعمته القيادة السياسية؛ حيث عملت على تهيئة الظروف اللازمة لتوحيد جيل الشباب، وجعله متقدمًا فكريًا وقادرًا على حماية حقوقه والإيفاء بالتزاماته، وتعميق الإصلاحات الديمقراطية والسياسية والمجتمعية لهم، والذي بدوره يحقق المصالح المشروعة لجيل الشباب ودعم تطلعاتهم الوطنية ويؤدي إلى الوئام المجتمعي.
خطوات على طريق تأهيل الشباب
- البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة ((PLP:
أعلنت مؤسسة الرئاسة المصرية عن انطلاق البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة في عام 2015، والذي كان نواة لتدريب وتأهيل من أجل تمكين واندماج حقيقي للشباب في تولي المناصب القيادية التنفيذية، حيث تم إنشاء قاعدة قوية من الكفاءات الشبابية المؤهلة سياسيًا وإداريًا ومجتمعيًا بعد تمكنهم بالدراسة والاطلاع على أحدث نظريات الإدارة والتخطيط العلمي والعملي، وزيادة قدرتها على تطبيق الأساليب الحديثة لمواجهة المشكلات التي تحيط بالدولة المصرية.
- الأكاديمية الوطنية للتدريب (NTA):
تم إنشاءها بقرار رئيس الجمهورية رقم 434 لسنة 2017، على غرار المدرسة الوطنية الفرنسية للإدارة، من منطلق التزام الإدارة المصرية بالتعلم المستمر وتدريب وتأهيل الكفاءات من كل الفئات والطبقات الاجتماعية، لخلق مجموعة من المسؤولين يتمتعون بالكفاءة العالية وتمكينهم من شغل الوظائف والمناصب العليا في مؤسسات الدولة، والارتقاء بكفاءة موظفي الجهاز الإداري بالدولة من خلال تقديم برامج تعلّم رائدة.
- المشروع القومي لتأهيل الشباب للمحليات والمشاركة السياسية:
عمل المشروع على تدريب الشباب على الدور الذي تقوم به المجالس المحلية، تحت رعاية وزارات الشباب والرياضة والتنمية المحلية والتعليم العالي والمعهد القومي للحوكمة والتنمية المستدامة ومبادرة شباب مصر ٢٠٣٠، وبالشراكة مع الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد، وأكاديمية ناصر العسكرية، ويهدف المشروع إلى التدريب على الإدارة المحلية ومشاركة الشباب في المجالس المحلية، والنزاهة والشفافية ومكافحة الفساد وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، من خلال المجالس المحلية والاستراتيجيات والأمن القومي والتثقيف السياسي.
ويأتي التدريب على دور المجالس المحلية من منطلق إفراد الدولة المصرية نسبة 25% من إجمالي مقاعد المحليات إلى الشباب؛ حيث نصت المادة 180 من دستور 2014 على أن كل وحدة محلية تنتخب مجلسًا محليًا بالاقتراع السري المباشر لمدة أربع سنوات، ويجب ألا يقل سن المرشح عن 21 عامًا، ويخصص ربع المقاعد للشباب دون سن 35 سنة، وربعها للمرأة، على ألا تقل نسبة تمثيل العمال والفلاحين عن خمسين بالمائة من إجمالي عدد المقاعد، وأن تتضمن تلك النسبة تمثيلًا مناسبًا للمسيحيين وذوي الهمم، على أن ينظم القانون شروط الترشح الأخرى وإجراءات الانتخاب.
- المؤتمرات الوطنية ومنتديات شباب العالم:
من أجل توسيع دائرة الحوار المباشر بين رئيس الجمهورية وشباب مصر على المستوى المحلي من ناحية من خلال المؤتمرات الوطنية للشباب، والتي ما زال يحرص رئيس الجمهورية على انعقادها حتى اللحظات الراهنة، وبين رئيس مصر وشبابه مع شباب العالم من خلال منتديات شباب العالم التي عززت مكانة مصر ودورها القيادي في مصاف الدول ذات التأثير الدولي؛ إذ نال منتدى شباب العالم العديد من الإشادات الدولية، فقد أشاد مجلس حقوق الانسان بالأمم المتحدة في دورته الحادية والأربعين بالتجربة المصرية لتمكين الشباب سياسيًا واقتصاديًا، وذلك خلال مناقشة التقرير الوطني لحقوق الإنسان. وكذلك تم اعتماد المنتدى في المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة في الدورة التاسعة والخمسين كإسهام مصري عالمي يفتح مجال الحوار بين الشباب حول العالم، بالإضافة إلى اعتماد منتدى شباب العالم بنسخه الثلاث السابقة من قبل الأمم المتحدة كمنصة دولية لمناقشة قضايا الشباب.
كما بات منتدى شباب العالم منصة حوار شبابية عالمية، فهو مفتوح لجميع الشباب من جميع الدول الذين يؤمنون بقدرتهم على إحداث التغييرات، ولديهم حلم وإرادة وتصميم لإحداث تغيير حقيقي في عالم اليوم وعالم الغد. كما أنه فرصة للشباب من جميع أنحاء العالم للتواصل مع الشباب الواعدين في المنطقة والعالم الذين يحلمون بجعل العالم مكانًا أفضل للجميع، بالإضافة إلى التفاعل مع صناع القرار والشخصيات المؤثرة.
وجوه ناجزة لمجالات التمكين
يبلغ عدد الشباب وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة حوالي 1.2 مليار شاب تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عامًا، يمثلون 16% من سكان العالم، وبحلول عام 2030، وهو التاريخ المستهدف لتحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDGs)، من المتوقع أن يرتفع عدد الشباب بنسبة 7% إلى ما يقرب من 1.3 مليار. وفي مصر ووفقًا لآخر إحصاء للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغ عدد الشباب في الفئة العمرية “18 ـ 29 سنة” نحو 21.9 مليون نسمة، بنسبة 21% من إجمالي السكان.
أولًا- التمكين السياسي: اتخذت الدولة المصرية في جمهوريتها الجديدة خطوات حقيقية لتمكين شبابها سياسيًا على عدة مستويات وهي:
- على المستوى التنفيذي: في عام 2019 ضمت حركة المحافظين 39 قيادة شبابية ما بين محافظ ونائب للمحافظ، من بينهم 60 % من الشباب، حيث تم اختيار 16 محافظًا، و23 نائبًا للمحافظين، وجاء عدد الشباب 25 قيادة، منها اثنان من المحافظين، و23 نائبًا للمحافظين، هذا إلى جانب تمثيل الشباب أيضًا كمساعدين ومعاونين للوزراء.
- على المستوى التشريعي: بلغ عدد أعضاء مجلسي النواب والشيوخ من الشباب تحت سن الأربعين بمجلس النواب في دورته الحالية 2021-2026، نحو 124 نائبًا بنسبة 21% من إجمالي عدد النواب.
- على المستوى الحزبي: تم تدشين “تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين” التي تضم مجموعة من الكوادر السياسية والحزبية الشبابية، وتم الدفع بها على اختلاف توجهاتها وأيديولوجياتها في الترشح للمؤسسة التشريعية بجناحيها “النواب” و”الشيوخ”.
ثانيًا: التمكين الاقتصادي: أولت الدولة عدد من المبادرات التي تدعم وتمكن الشباب اقتصاديًا والتي منها: “مبادرة ابدأ” والتي تهدف إلى توطين الصناعات الحديثة، وتوفير فرص عمل للشباب، وتقليل الفاتورة الاستيرادية. وكذلك مبادرة “رواد 2030” لتكريس ودعم دور ريادة الأعمال في تنمية الاقتصاد الوطني، وأيضًا “مبادرة مشروعك” الذي يقدم قروضًا ميسرة للشباب لتنفيذ مشروعاتهم الصغيرة والمتوسطة، هذا إلى جانب “مبادرة التمويل منخفض التكلفة” التي يقدمها البنك المركزي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بقيمة 200 مليار جنيه، بالإضافة لمنح أراضي كاملة المرافق للشباب وصغار المستثمرين بمحافظات الصعيد.
ثالثًا: التمكين المجتمعي: على جانب تنموي أضخم وأوسع نجد المشروع القومي لتطوير الريف المصري “حياة كريمة”، قد حقق المسؤولية المجتمعية من خلال دمج الشباب في مشروع قومي يحقق خطة تنمية متكاملة ومستدامة وتغيير شامل لحياة 58 مليون مواطن في الريف المصري، والذي كان للمؤسسة التنموية الشبابية “حياة كريمة” دورًا فاعلًا ورئيسًا بها، حيث فتحت باب المشاركة في العمل المجتمعي التنموي لكل شباب مصر للنهوض بالمجتمع وتحسين جودة حياة المواطنين.
حيث وصل عدد المتطوعين في مبادرة حياة كريمة لأكثر من 36 آلف متطوع موجودين بكل قرى المبادرة، بالإضافة لغرفة الرصد الميداني التي قدمت بمتابعة وإشراف شباب البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة، يد المساعدة للجهات التنفيذية عن طريق رصد مشاكل واحتياجات القرى في كل قطاعات المبادرة من خلال الحوارات المجتمعية مع أهل قرى الريف ومعرفة احتياجاتهم الفعلية ومتطلباتهم، والتنسيق بين الاحتياجات الفعلية على أرض الواقع وبين كافة الجهات الشريكة بتنفيذ المشروع القومي “حياة كريمة” وعلى رأسها رئاسة مجلس الوزراء.
رابعًا: الدعم والتأهيل الرياضي: قامت وزارة الشباب والرياضة بمجهود كبير خلال الأعوام التسع الماضية من 2014- 2023؛ حيث تم تطوير مراكز الشباب التي لها أهمية بالغة حيث تتواجد في كافة أنحاء الجمهورية، انطلاقًا من كونها مكانًا رياضيًا وترفيهيًا وثقافيًا واجتماعيًا يستفيد بها أطياف المجتمع بطبقاته الاجتماعية المختلفة، وتم عمل بنية تحتية لمراكز الشباب هذه بتكلفة بلغت 22 مليار جنيه في الفترة من 2014- 2023.
ولم تغفل مبادرة حياة كريمة عن النشاط الرياضي؛ فيتم العمل على إنشاء وتطوير 1039 مركز شباب ضمن المبادرة وتم الانتهاء من 266 منهم في المرحلة الأولى. وإذا تحدثنا عن بناء وتنمية البشر فقد بلغ حجم الدعم المنصرف لرعاية النشء والشباب 1.6 مليار جنيه. كما سعت وزارة الشباب والرياضة منذ عام 2014 إلى احتواء الشباب وحوكمة الكيانات الشبابية، حيث تم تكوين 41 كيان شبابي في 27 محافظة، بإجمالي 32 نشاط وفعالية شارك بهم 1.5 مليون شاب وفتاة.
هذا بجانب تثقيف الشباب من خلال مسابقة إبداع مراكز الشباب وإبداع الجامعات، وبرلمان الشباب والطلائع، وبرنامج الدبلوماسية الشبابية، هذا إلى جانب قطار ورحلات الشباب من شمال مصر لجنوبها والعكس، بهدف تعزيز الولاء والانتماء وزيارة ورؤية شاب مصر لأرجاء وطنهم.
كما لم تغفل وزارة الشباب والرياضة عن إتاحة أكبر ملتقيات التوظيف لشبابها بالتكامل مع وزارة القوى العاملة والتعليم العالي ووزارة الاتصالات، وأيضًا مؤسسات المجتمع المدني: فتم تنفيذ نحو 51 ملتقى توظيف، بما حقق الاستفادة بخلق فرص عمل لنحو 33.6 ألف شاب في مختلف المحافظات.
كما سعت إلى وضع “الاستراتيجية الوطنية المصرية للشباب والنشء”، التي اشتملت على منهجية التكامل والشراكة مع وزارة التربية والتعليم، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ووزارة الثقافة، والأكاديمية الوطنية للتدريب. فتم القيام بـ 5748 برنامج ونشاط من سن 5- 40 سنة على برامج الولاء والانتماء والقدوة بالتعاون مع الأزهر والكنيسة لتصحيح الأفكار المغلوطة التي يتلقاها النشء والشباب من مصادر مغلوطة ومتطرفة، وقد وصل حجم المشاركة الرياضية إلى 137.7 مليون فرصة استفادة من النشء والشباب والرياضيين.
ومن منطلق النشاط واللياقة البدنية؛ قامت وزارة الشباب والرياضة بإطلاق عدد من المبادرات منها: 20 ألف دراجة ضمن “مبادرة دراجتك صحتك”، وتوفير 3600 دراجة ضمن “مبادرة دراجتك دخلك”، وأيضًا تم توفير 2200 دراجة ضمن “مبادرة دراجتك مشوارك”.وأخيرًا قامت وزارة الشباب بمشروع “جينوم الرياضي المصري” وهو مشروع بحثي مشترك بين وزارة الشباب والرياضة ومركز البحوث الطبية والطب التجديدي التابع للقوات المسلحة المصرية وعدد من الجامعات المصرية، لاستكشاف أفضل الحلول لاستخدام التكنولوجيا الحديثة في عملية اختيار وتطوير أداء أبطال الرياضة المصرية. وقامت أيضًا بالمشروع القومي لاكتشاف المواهب الكروية الناشئة “كابيتانوا مصر”، والذي يشمل 46 ألف لاعب تم اختبارهم في 13 محافظة.