الاقتصاد المصري

100 مليار جنيه: دعم رئاسي متواصل للتخفيف من آثار الأزمة الاقتصادية

خلال خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي بمدينة بني سويف، كان المصريون على موعد مع مفاجأة سارة تمثلت في عدد من القرارات الاقتصادية التي تسهم في زيادة الدخل الإجمالي للمصريين، تلك القرارات الثمانية استهدفت الجميع، العاملين بالجهاز الإداري للدولة والهيئات الاقتصادية، والمواطنون بالمعاش، والصحفيين، وأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وبالتأكيد المزارعين، فما دلالات تلك القرارات وما هي انعكاساتها على المواطن المصري؟

للمرة الأولى في مصر ترتفع أجور المصريون 5 مرات خلال 4 سنوات، تلك القرارات تأتي كبيان صريح لإدراك القيادة السياسية لحقيقة الضغوط الاقتصادية التي يعيشها المصريون والتي سببتها الأزمات المركبة الدولية؛ فمنذ العام 2020 وخاصة مارس منه ومع إعلان منظمة الصحة العالمية جائحة كورونا كوباء عالمي، تسابقت دول العالم لتطبيق سياسات الصحة العامة والتي تضمنت إغلاقات اقتصادية للمدن والدول بشكل كامل، وهو ما تسبب في شلل تام بحركة التجارة العالمية، وأضر بحركة المال والأعمال والمشروعات الصغيرة والمتوسطة. لكن ومع بداية انفراجه تلك الأزمة، كان العالم على موعد مع أزمة اقتصادية عالمية أكثر ضراوة خلفتها الحرب الروسية الأوكرانية، والتي تسببت في رفع أسعار الغذاء والطاقة عالميًا وفرضت ضغوطًا تضخمية كبيرة. 

كانت القرارات التي أعلنها الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيادة الأجور للمرة الخامسة خلال السنوات الأربع الماضية بمثابة إدراك كامل للوضع الاقتصادي الذي يعيشه المصريون، حيث ارتفع الحد الأدنى للأجور من 1200 جنيه في مارس 2019 ليصل إلى 4000 جنيه في سبتمبر من عام 2023 بنسبة زيادة تتجاوز 230% خلال تلك السنوات. من المتوقع أن تكلف تلك الزيادة الموازنة العامة للدولة حوالي 2.5 مليار جنيه شهريًا (25 مليار جنيه حتى نهاية العام المالي (2022/2023) اعتمادًا على أن العاملين بالدولة حوالي 5 ملايين موظف.

من جانب آخر، فقد قرر الرئيس زيادة علاوة غلاء المعيشة الاستثنائية لتصبح 600 جنيه بدلًا من 300 جنيه لكافة العاملين بالجهاز الإداري للدولة والهيئات الاقتصادية وشركات قطاع الأعمال والقطاع العام، وهو ما يعني وجود زيادة بأجور العاملين بتلك الجهات بمبلغ 300 جنيه على الأقل وبتكلفة بحوالي 1.5 مليار جنيه شهريًا (15 مليار جنيه حتى نهاية العام المالي 2023/2024)، ورفع الحد الأدنى للإعفاء من ضريبة الدخل من 36 ألف جنيه إلى 45 ألف جنيه بزيادة قدرها حوالي 25%، أي بحوالي 9000 جنيه (تكلف الموازنة العامة للدولة حوالي 3.75 مليارات جنيه).

من جانب آخر، يستفيد أصحاب المعاشات الاجتماعية المسجلون في برنامج تكافل وكرامة بحوالي 15%. ووفقًا للبيان المالي للموازنة الخاصة بعام 2023/2024، فقد بلغت مخصصات برنامج تكافل وكرامة حوالي 31 مليار جنيه، وعليه فإن تلك الزيادة تكلف الموازنة العامة للدولة حوالي  3.87 مليارات جنيه خلال للأشهر المتبقية بالموازنة، وقد تم مضاعفة العلاوة الاستثنائية لأصحاب المعاشات الاجتماعية وزيادتها بمبلغ 300 جنيه (لتصبح 600 جنيه بدلًا من 300 جنيه) يستفيد من تلك الزيادة حوالي 11 ملايين مواطن.

وهو ما يعني أن الموازنة العامة للدولة ستتكلف شهريًا حوالي 3.3 مليارات جنيه، وستتكلف حوالي 33 مليار جنيه حتى نهاية موازنة العام 2023/2024. هذا فضلًا عن اتخاذ العديد من القرارات الأخرى لزيادة بدل التكنولوجيا للصحفيين المقيدين بالنقابة، وتوجيه البنك الزراعي المصري بإطلاق مبادرة لتخفيف العبء عن الفلاحين والمزارعين بمصر للأفراد الطبيعيين والمتعثرين بداية من يناير 2022 وإعفاء المتعثرين من سداد الفوائد وغرامات التأخير لسداد الأقساط المستحقة للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية وحتى نهاية 2024.

من المتوقع أن تكلف تلك القرارات السابقة الموازنة العامة للدولة 80.62 مليار جنيه على أقل تقدير باستثناء القيمة المقدرة لبدل التكنولوجيا للصحفيين، والدعم المتوقع تقديمه للفلاحين والمزارعين المتعثرين بداية من يناير 2024، والمتعثرين عن سداد الفوائد وغرامات التأخير. وفي حال ضم تلك المبادرات الثلاث فمن المتوقع أن تصل التكلفة الاقتصادية لقرارات اليوم حوالي 100 مليار جنيه.

أحمد بيومي

باحث ببرنامج السياسات العامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى