الانتخابات الرئاسية.. والجمهورية الجديدة
لا شك إن الانتخابات الرئاسية المقبلة في مصر سوف تظل من الآن وحتى ظهور نتائجها تمثل الشغل الشاغل لكل المصريين في الداخل والخارج، وكذا بالنسبة لجميع المهتمين بالشأن المصري على جميع المستويات أيًا كانت توجهاتهم. وفي رأيي، إن هذا يعد أمرًا طبيعيًا؛ نظرًا لأن هذه الانتخابات تمثل حدثًا سياسيًا كبيرًا يتم في دولة إقليمية عظمى ومؤثرة في محيطيها الإقليمي والدولي.
وقبل الحديث عن موضوع الانتخابات الرئاسية أود أن أشير إلى المحددات الرئيسة التالية:
● أن الانتخابات المقبلة تعد الانتخابات الرئاسية الثالثة التي تجرى منذ ثورة يونيو 2013 والتي شهدت فوز الرئيس عبدالفتاح السيسي في انتخابات 2014 و2018، مع اختلاف ظروف كل مرحلة عن الأخرى.
● أن جميع الحقائق تؤكد أن الرئيس السيسي لم يدخر وسعًا منذ توليه الحكم في أن يبدأ عملية تحديث شاملة للدولة المصرية، وقد تحقق بالفعل العديد من الإنجازات على المستويين الداخلي والخارجي.
● أن الانتخابات المقبلة تتم في ظل ظروف اقتصادية صعبة تسببت فيها مجموعة من العوامل من بينها التداعيات السلبية للوضع الاقتصادي العالمي الذي عكس تأثيراته على الاقتصاد المصري.
● أن مصر تتعرض خلال هذه المرحلة إلى حملات ممنهجة تهدف إلى التأثير على استقرار الدولة، التي عانت كثيرًا عقب أحداث يناير 2011.
وحتى كتابة هذا المقال، لم يتم الإعلان عن فتح باب الترشح رسميًا، وإن كانت هناك بعض الشخصيات التي يبدو أنها عزمت على أن تخوض الانتخابات الرئاسية أمام الرئيس الذي سيكون مرشحًا عند فتح باب الترشح ويعلن رسميًا خوض المعركة الانتخابية. وفي رأيي، إن تعدد المرشحين الجادين يعد ظاهرة إيجابية حتى تكون الانتخابات عملية ديمقراطية يفوز بها من يختاره الناخبون بكامل إرادتهم.
وفي هذا المجال هناك بعض النقاط التي أرغب في التنويه إليها أهمها ما يلي:
● أن الدولة المصرية تهدف بالفعل إلى أن تظهر الانتخابات في أبهى صورة حضارية أمام العالم، سواء كان متابعًا أو مهتمًا أو مراقبًا، وهذا الأمر ليس فقط هدفًا للدولة بل إنه من مصلحتها أيضًا.
● أن هناك خطوطًا حمراء يجب أن يعيها المرشحون وألا يتم تخطيها تحت أي ظروف، وأعني بذلك الحفاظ على وضعية الدولة المصرية، وعدم المساس بأمنها القومي واستقرارها.
● أن تحركات المرشحين يجب ألا تتجه في مسار الدعاية من أجل تحقيق بعض المكاسب الحزبية أو الشخصية، وإنما يجب أن تكون العملية الانتخابية متوائمة في كل جوانبها الإجرائية والموضوعية مع دولة كبيرة بحجم مصر.
● أن البرامج التي يمكن أن يطرحها أي مرشح يجب ألا تعتمد على التشكيك في الإنجازات غير المسبوقة التي تحققت، وألا تستهدف أي وعود محتملة مخاطبة عواطف الناخبين؛ فالأمر المؤكد أن من هم خارج دائرة صنع القرار لا يمتلكون المعلومات الكافية التي يمتلكها صناع القرار في الدولة.
● أن الدولة مطالبة بأن تتيح أمام جميع المرشحين المساحات التي تتيح لهم أن يتحدثوا بكل حرية أمام جمهور ناخبيهم، مادام هذا الأمر يتم في إطار من الالتزام وعدم التحريض.
ولاشك في أننا أمام فرصة حقيقية أن تتم الانتخابات في صورة رائعة يتنافس فيها الجميع بصورة مشرفة في إطار الحفاظ على الدولة المصرية ودعمها، وليس محاولة تشويه صورتها من أجل تحقيق أهداف انتخابية ضيقة، وهو الأمر الذي يلقي بالمسؤولية أيضًا على الكتلة التصويتية، وأن يدلي كل من لديه صوت انتخابي برأيه ويختار الرئيس القادم بكل حرية وشفافية.
الإنجازات على مستوى ربوع كل أنحاء الدولة لا يمكن لأي وطني مخلص أن ينكرها، وأن القيادة السياسية عملت ليل نهار لتوفير الحياة الكريمة لملايين المصريين في كل المجالات الممكنة، سواء اجتماعيًا أو صحيًا أو اقتصاديًا. وقد تفاعلت القيادة السياسية مع الأزمة الاقتصادية وأكدت مرارًا أن المواطن المصري هو الذي تحمل فاتورة الإصلاحات الاقتصادية التي كانت ضرورية، واضطرت الدولة إلى أن تسير في هذا الاتجاه التصحيحي، ثم جاءت تداعيات الأوضاع الدولية كي تزيد من حجم الأعباء التي تحملها المواطن المصري والتي تسعى الدولة بكل الوسائل إلى مواجهتها قدر استطاعتها.
وفي رأيي أنه من المناسب أن تقوم الدولة المصرية خلال الفترة القريبة القادمة بشرح تفصيلي وبطريقة يعيها المواطن العادي لحجم الإنجازات التي تحققت خلال السنوات العشر السابقة -وهي كلها سنوات عمل وعناء- وكيف تحققت، والتأثيرات الإيجابية المتوقعة لهذه الإنجازات. والدولة مطالبة كذلك بأن تشرح طبيعة العقبات التي واجهتها، وكيف تغلبت عليها، وما هي المشكلات التي ما زالت تحاول أن تصل إلى حلول عملية لها، وما هو المستهدف. وفي يقيني، أن الدولة المصرية التي تحملت الكثير قوية بما فيه الكفاية لأن تعلن جميع الحقائق، وكما أوضح الرئيس السيسي في أكثر من مناسبة أنه ليس لدينا ما نخفيه أو ما نخاف منه.
وفي النهاية، فإنني أعتقد أننا سوف نشاهد عملية انتخابية نرفع لها القبعة، وتكون خطوة مهمة نستكمل فيها طموحاتنا مع الجمهورية الجديدة، التي سوف تنقل مصر إلى مرحلة أكثر تحديثًا في جميع المجالات. ولاشك في أن هذا لن يتحقق إلا إذا كان المرشحون على قلب رجل واحد فيما يتعلق بعدم المساس بالدولة المصرية؛ إذ لا يمكن أن نقبل أي خلاف أو اختلاف على الوطن وقيمته، أما التباين في الرؤى ووجهات النظر فسوف تظل اختلافات طبيعية ما دامت تتم في ظل عملية انتخابية تنافسية شريفة علينا جميعًا أن ندعمها ونسلم بنتائجها.
نقلًا عن جريدة الأهرام