العالم العربي

تفاصيل أول حوار استراتيجي بين جامعة الدول العربية والخارجية الأمريكية

احتضنت واشنطن، أخيرًا الحوار الاستراتيجي الأول، بين الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، ووزارة الخارجية الأمريكية، في تطور يؤشر إلى مرحلة جديدة في المنظور الأمريكي تجاه الجامعة، بحسبانها منظمة إقليمية تتسم بالفاعلية، وتمثل الإطار الجماعي العربي الذي يمكن التنسيق معه، عند التعاطي مع أزمات وقضايا الإقليم‪.

أما الأمانة العامة للجامعة العربية، فترى أنه من الأهمية بمكان أن يكون هناك نوع من الاتصال الدبلوماسي والسياسي والحوار الاستراتيجي مع واشنطن بشأن القضايا العديدة التي تهم الجانبين، وذلك في ظل إطلاقها عددًا من الشراكات والحوارات والمنتديات المشتركة مع أطراف دولية مهمة، مثل الصين والاتحاد الأوروبي وروسيا والهند واليابان‪.

افتتح أعمال الجلسة الأولى للحوار كل من الأمين العام للجامعة، أحمد أبو الغيط ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، بعد مشاركتهما في لقاء ثنائي تناول -وفقا لما صرح به جمال رشدي المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للجامعة- القضايا ذات الاهتمام المشترك، وسبل الارتقاء بالعلاقات بين الجامعة والولايات المتحدة، في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية‪.

وبدا “بلينكن” حريصًا على التعرف على رؤى “أبو الغيط”، إزاء التطورات الأخيرة فيما يتعلق بكل من القضية الفلسطينية والأوضاع، في كل من: السودان، وسوريا، وليبيا، واليمن. في حين استعرض هو رؤية بلاده تجاه عدد كبير من القضايا الإقليمية والدولية. وقدم “أبو الغيط” الدعوة “لبلينكن” لزيارة مقر الجامعة العربية، ومخاطبة مجلسها على المستوى الوزاري.

وحسب رشدي، فإن مسؤولي الأمانة العامة للجامعة ووزارة الخارجية الأمريكية عقدا مباحثات موسعة في إطار الجلسة الأولى للحوار الاستراتيجي، تمحورت حول عدد من القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتي أكد البيان الختامي أنها ركزت على مواضيع تتعلق بالحد من التوترات في الصراعات الإقليمية، وتغير المناخ والأمن الصحي، والبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والقيم العالمية المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، والتمكين الاقتصادي للمرأة ومكافحة الإرهاب والتطرف العنيف بجميع أشكاله.

وأعرب الجانبان –حسب البيان- عن تقديرهما للعلاقة بين جامعة الدول العربية والولايات المتحدة، وتوافقا على ما يلى:

● التشديد المشترك على زيادة التعاون في القضايا المهمة للطرفين، بما في ذلك تعزيز السلام والأمن والاستقرار والتكامل والازدهار الاقتصادي. وفي هذا السياق، جرى بحث مجموعة متنوعة من القضايا والأزمات المهمة بما في ذلك السلام في الشرق الأوسط والصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، فضلًا عن الأزمات السياسية الأخرى في المنطقة والعالم، بالإضافة إلى مناقشة مجموعة من الموضوعات الأخرى، مثل: منع الانتشار والحد من التسلح، والقضايا متعددة الأطراف، وأهمية تأمين البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وبناء القدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ وتحسين الصحة العامة والأمن الصحي في الشرق الأوسط‪.

● التشديد على أهمية المشاركة المجتمعية، وبناء القدرة على الصمود في وجه التجنيد للعنف، ودعم دور التعليم في مكافحة التطرف والعنف والإرهاب، والتأكيد المشترك وبحزم، على الاستمرار في معركة محاربة تنظيم داعش والقاعدة، وجميع الجماعات الإرهابية الأخرى، مع الإدانة الشديدة لأى تهديدات مسلحة أو اعتداءات على السفن التجارية، تتعارض مع حقوق وحرية الملاحة في الممرات المائية الاستراتيجية في المنطقة، والالتزام المشترك بمواصلة الجهود الجماعية لمواجهة التهديدات لأمن السفن، التي تبحر عبر الممرات المائية في المنطقة، التي تعتبر بالغة الأهمية للتجارة الدولية والاقتصاد العالمي.

● العمل معًا لضمان تمكين المرأة اقتصاديًا ومشاركتها في عمليات صنع القرار‪.

● التحرك بعزم على ضمان نجاح المؤتمر الدولي للمناخ الذي سوف تستضيفه دولة الإمارات العربية المتحدة في نوفمبر المقبل بدبي؛ من أجل إنجاح أعماله. يتضمن مجموعة متنوعة من أصوات المرأة.

● تأكيد الرغبة المتبادلة لمواصلة السعي لتحقيق العدالة الصحية والأمن، ودعم احترام حقوق الإنسان.

● التأكيد أن الولايات المتحدة تشترك مع العالم العربي في روابط اقتصادية واجتماعية وثقافية وشعبية دائمة، وفي هذا الصدد أكد الجانبان إيمانهما الشديد بأهمية التزامنا المشترك بأن الاستثمار في الشعوب سيحقق ثمارًا للأجيال القادمة.

القضايا الخلافية

على الرغم من هذا التوافق، فثمة قضايا خلافية طرحت خلال الحوار، وحسب تصريحات أدلى بها المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للجامعة العربية جمال رشدي، فإن طبيعة الحوارات الاستراتيجية لا تركز فقط على القضايا التي تحظى بالتوافق أو التطابق في وجهات النظر، وإنما تمتد إلى القضايا ذات الطبيعة الخلافية، بل إن ذلك من صلب وظيفة هذه النوعية من الحوارات الاستراتيجية.

القضية الفلسطينية

لعل من أهم القضايا الخلافية التي طرحت، ما يتعلق بموقف الإدارة الأمريكية من القضية الفلسطينية، فعلى الرغم مما تبديه واشنطن من تشديدها على حل الدولتين بما يعنى إقامة دولة فلسطينية مستقلة، فإن الجانب العربي –الكلام لرشدي- حمل معه خلال الحوار وجهة نظر قوية متماسكة بخصوص القضية الفلسطينية، وفي الوقت نفسه خيبة أمل في مواقف الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة جو بايدن التي تطلع الكثيرون، ومن بينهم الفلسطينيون بأمل كبير، في إنفاذ وعودها الكثيرة التي التزمت بها، خصوصا إبان زيارة الرئيس “بايدن” للأراضي المحتلة العام الماضي، وأبسطها إعادة القنصلية الأمريكية إلى القدس، وافتتاح مكتب منظمة التحرير بواشنطن، مضيفًا: كان من المتوقع أن تبادر واشنطن بتحقيق هذه الوعود، كبادرة حسن نية للتعامل الإيجابي مع القضية الفلسطينية، لاسيما في ظل تفاقم اعتداءات جيش الاحتلال والمستوطنين على الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس المحتلة وغزة، الأمر الذي دفع بالأمور إلى حالة المأزق في ظل التمدد الاستيطاني بالأراضي المحتلة والذي بات يهدد حل الدولتين، في ظل وجود حكومة يمينية متطرفة، تضم عناصر لا تؤمن بهذا الحل‪.

الملف السوري

أما القضية الخلافية الثانية -طبقًا لجمال رشدي- فتمثلت في سوريا، خصوصًا بعد استعادة عضويتها في الجامعة العربية ومنظماتها، وهو ما اعترضت عليه واشنطن فور إقرار هذه الخطوة عربيا، ومن ثم مثّل الحوار الاستراتيجي فرصة لعرض وجهة النظر العربية، والتي ترى أن حل الأزمة السورية بدون وجود دمشق في إطار الجامعة العربية، من الصعوبة بمكان، وهو ما تم اختباره خلال السنوات التي أعقبت تفجر الأوضاع في سوريا، فكل المبادرات والحلول التي طرحت لم تفض إلى نتائج إيجابية.

وتم إبلاغ الجانب الأمريكي، أن الجامعة العربية، ترى أن استعادة سوريا لعضويتها فيها، ليست نهاية الطريق، بقدر ما توفر الظروف الأفضل للتعامل مع الأزمة التي استمرت طويلًا، ودفع ثمنها الشعب السوري ودول المنطقة، التي استضاف بعضها ملايين السوريين اللاجئين‪.

نقلًا عن جريدة الأهرام العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى