خلال العقد المنصرم، اعتمدت القاهرة على مقاربة خاصة بها للتعامل مع الأزمات والتغيرات السياسية فى دول الجوار ومن بينها الأزمة السياسية في السودان، مفاد هذه المقاربة عدم التدخل في الشأن السوداني والإيمان بأن استقرار السودان وأمنه هو جزء لا يتجزأ عن أمن مصر القومي، فضلًا عن ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية، ودعم استدامة السلام والتنمية والاستقرار في السودان، والحفاظ على وحدة أراضيه، ومساندة الإرادة الحرة لخيارات الشعب السوداني في صياغة مستقبل بلاده، وإعلاء منطق ومفهوم الدولة الوطنية لتحقيق مصالح الشعوب.
ومع بدء الأزمة الأخيرة في السودان، بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، اعتبرت القاهرة أن ما يحدث هو “شأن داخلي لا ينبغي التدخل فيه، حتى لا يؤدي إلى تفاقم الصراع داخل السودان أو المنطقة”. من هذا المنطلق، ركزت الجهود المصرية لإيجاد حل لهذه الأزمة على اتجاهين رئيسين، الأول هو رعاية مصالح المصريين المتواجدين في السودان، والثاني هو إدامة التواصل مع طرفي الصراع بهدف أساسي وهو إيقاف إطلاق النار بهدف التمهيد لبدء مسار سياسي، مع توسيع دائرة التواصل لتشمل دعم كافة الجهود العربية والأفريقية والدولية لإيجاد مخرج من هذه الأزمة.
لذا لم تكن إستضافة مصر اليوم، مؤتمر قمة دول جوار السودان، متوافقة فقط مع مقاربة مصر العام للتعامل مع الأزمات في دول الجوار، بل أيضًا جاءت متوافقة مع دور مصر التاريخي على المستوى العربي والإقليمي، والذي كان دومًا يصب في الخانة الإيجابية، الرامية لبحث سُبل إنهاء الصراع الحالي والتداعيات السلبية له على دول الجوار، ووضع آليات فاعلة بمشاركة دول الجوار، لتسوية الأزمة في السودان بصورة سلمية، بالتنسيق مع المسارات الإقليمية والدولية الأخرى.
قبيل بدء فعاليات قمة اليوم، انعقدت أمس الاجتماعات التحضيرية الخاصة بهذه القمة على مستوى كبار المسؤولين،
وكان لافتًا حرص كافة الأطراف على أن تكون هذه القمة ومخرجاتها، معبرة بشكل واضح عن رغبة الدول المشاركة فيها، في إيجاد آليات فعالة للدفع قدمًا نحو حل مستدام للأزمة السودانية، وهذا ظهر بشكل أوضح خلال الجلسة الافتتاحية للقمة التي انعقدت صباح اليوم، وتتالت فيها كلمات الرؤساء والقادة المشاركين، والذين حرصوا على أن يكون تمثيل دولهم في هذه القمة هو تمثيل رئاسي. شارك في هذه الجلسة كل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس أريتريا أسياس افورقي، ورئيس جمهورية جنوب السودان سلفاكير ميارديت، ورئيس جمهورية أفريقيا الوسطى فاوستين تواديرا، والرئيس الانتقالي لجمهورية تشاد محمد إدريس ديبي، ورئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد بجانب رئيس مفوضية الأتحاد الأفريقي موسى فكي، والأمين عام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.
كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي
كانت بداية الكلمات الرئاسية في قمة اليوم هي كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي رحب في بداية كلمته بالحضور رفيع المستوى الذين حرصوا على حضور هذه القمة المهمة، وقال ” تنعقد هذه القمة في لحظة تاريخية فارقة من عمر السودان الشقيق يمر خلالها هذا البلد الجار العزيز على قلوبنا بأزمة عميقة لها تداعياتها السلبية على الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، وعلى دول جوار السودان بشكل خاص، باعتبارها الأشد تأثرًا بالأزمة، والأكثر فهمًا ودراية بتعقيداتها مما يتعين معه على دولنا توحيد رؤيتها ومواقفها تجاه الأزمة، واتخاذ قرارات متناسقة وموحدة تسهم في حل الأزمة، بالتشاور مع أطروحات المؤسسات الإقليمية الفعالة، وعلى رأسها الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية حفاظًا على مصالح ومقدرات شعوب دول الجوار وأمن واستقرار المنطقة ككل”.
وأضاف الرئيس السيسي “ليس خافيًا على حضراتكم، خطورة الأزمة الراهنة، التي يواجهها السودان الشقيق وتداعيات الاقتتال الدائر، منذ ما يزيد على ثلاثة أشهر، والذي نتج عنه إزهاق أرواح المئات من المدنيين ونزوح الملايين من السكان إلى مناطق أكثر أمانًا داخل السودان، أو اللجوء إلى دول الجوار فضلًا عن الخسائر المادية الجسيمة التي تعرضت لها الممتلكات العامة والخاصة وتدمير العديد من المرافق الحيوية في البلاد. يضاف إلى ذلك، العقبات التي تواجه الموسم الزراعي، مما ترتب عليه نقص حاد في الأغذية كما أدى الصراع وتداعياته السلبية، إلى تدهور المؤسسات الصحية، ونقص في الأدوية ومستلزمات الرعاية الصحية وهو الأمر الذي كانت له تداعيات كارثية، على مجمل الوضع الإنساني. إن هذا التدهور الحاد للوضع الإنساني، وتلك التداعيات الكارثية للأزمة تتطلب الوقف الفوري والمستدام للعمليات العسكرية، حفاظًا على مقدرات الشعب السوداني الشقيق، وعلى مؤسسات الدولة، لتتمكن من الاضطلاع بمسئوليتها تجاه المواطنين وهو ما يتيح الاستجابة الإنسانية الجادة والمنسقة والسريعة، من كافة أطراف المجتمع الدولي بما يرتقي لفداحة هذه الأزمة الخطيرة التي تتطلب معالجة جذورها، عبر التوصل إلى حل سياسي شامل، يستجيب لآمال وتطلعات الشعب السوداني”.
واستطرد الرئيس السيسي “لا يفوتني في هذا الإطار الإشادة بالجهد الكبير والموقف النبيل الذي اتخذته دول جوار السودان التي استقبلت مئات الآلاف من النازحين، وشاركت مواردها المحدودة في ظل وضع اقتصادي عالمي بالغ الصعوبة. وأطالب في هذا المقام، كافة أطراف المجتمع الدولي بالوفاء بتعهداتها التي تم الإعلان عنها، في المؤتمر الإغاثي لدعم السودان، الذى عقد خلال شهر يونيو ٢٠٢٣ من خلال دعم دول جوار السودان الأكثر تضررًا، من التبعات السلبية للأزمة بما يعزز قدرتها على الصمود ويرفع المعاناة، عن كاهل الفارين من النزاع إلى دول الجوار”.
وعرض الرئيس بعد ذلك للجهود المصرية للتعامل مع آثار الوضع القائم في السودان، فقال “فور اندلاع الأزمة في السودان، بادرت مصر باستقبال مئات الآلاف من الأشقاء السودانيين الذين انضموا إلى ما يقرب من خمسة ملايين مواطن سوداني يعيشون فوق الأراضي المصرية منذ سنين عدة. كما قدمت الحكومة المصرية، مساعدات إغاثية عاجلة تضمنت مواد غذائية وإعاشية، ومستلزمات طبية للأشقاء السودانيين المتضررين من النزاع داخل الأراضي السودانية، وأود أن أؤكد هنا، أن مصر ستبذل كل ما في وسعها بالتعاون مع كافة الأطراف لوقف نزيف الدم السوداني الغالي، والمحافظة على مكتسبات شعب السودان العظيم، والمساعدة في تحقيق تطلعات شعبه التي عبرت عنها الملايين من أبنائه، خلال ثورته المجيدة، في العيش في وطنه بأمن وحرية وسلام وعدالة، كما ستعمل مصر على تسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية، المقدمة من الدول المانحة للسودان عبر الأراضي المصرية وذلك بالتنسيق مع الوكالات والمنظمات الدولية المعنية”.
وفي ختام كلمته، عرض الرئيس للرؤية المصرية لكيفية حلحلة الوضع في السودان، وهي رؤية ترتكز على النقاط التالية:
- مطالبة الأطراف المتحاربة بوقف التصعيد، والبدء دون إبطاء، في مفاوضات جادة تهدف للتوصل لوقف فورى ومستدام، لإطلاق النار.
- مطالبة كافة الأطراف السودانية، بتسهيل كافة المساعدات الإنسانية، وإقامة ممرات آمنة، لتوصيل تلك المساعدات، للمناطق الأكثر احتياجا داخل السودان ووضع آليات، تكفل توفير الحماية اللازمة لقوافل المساعدات الإنسانية، ولموظفي الإغاثة الدولية لتمكينهم من أداء عملهم.
- إطلاق حوار جامع للأطراف السودانية، بمشاركة القوى السياسية والمدنية، وممثلي المرأة والشباب يهدف لبدء عملية سياسية شاملة، تلبى طموحات وتطلعات الشعب السوداني في الأمن والرخاء والاستقرار والديمقراطية.
- تشكيل آلية اتصال منبثقة عن هذا المؤتمر، لوضع خطة عمل تنفيذية للتوصل إلى حل شامل للأزمة السودانية على أن تضطلع الآلية بالتواصل المباشر مع أطراف الأزمة والتنسيق مع الآليات والأطر القائمة.
كلمة الرئيس الإريتري أسياس أفورقي
بعد ذلك تحدث رئيس إريتريا، أسياس أفورقي، الذي هنأ في بداية كلمته الرئيس السيسي بتنظيم هذه القمة لجوار السودان، وقال “طرحنا في أكثر من مناسبة تصورنا ودعمنا لهذه المبادرة، تعبر هذه القمة أن تكون فرصة سانحة للسودانيين والشعب السوداني بمؤازرة جيرانه; لإيجاد مخرج من هذا المستنقع الواقع فيه السودان دون مبرر، ونرى في هذه المبادرة مبادئ أساسية تعتمد على احترام سيادة السودان واستقلاله، ووجود مناخ ملائم للشعب السوداني حتى ينتقل إلى بر الأمان، وهو ما يحتاج إلى خطة وجهد ومؤازرة، وهذه المبادرة تستهدف في نهاية المطاف إلى تأمين المناخ الملائم للشعب السوداني الذي يمتلك الكلمة الأخيرة لتجاوز هذه المحنة”.
واستطرد الرئيس أفورقي “من هنا أؤكد على أن تدخل دول الجوار تساعد الشعب السوداني على حل مشاكله دون تدخل خارجي أو محلي، أو وجود أطراف داخلية تتعامل مع الخارج لتعقيد الأمور، وهذه القمة ستكون فرصة بداية لعمل جماعي لتأمين المناخ في السودان، حتى تنعم كل دول الجوار بالاستقرار والتعاون مع السودانيين. وأكرر إن تأمين هذا المناخ يعني منع أي تدخلات خارجية تحت أي مسمى، حتى ولو مسمى إنساني، وحتى التدخلات العسكرية لتأجيج الحرب ، حتى نضع حد لكل هذه الأمور. وهذه المبادرة أراها مبادرة طيبة، لكنها بداية لمسيرة طويلة جدًا، لأن الانتقال من الحالة التي يعيش فيها الشعب السوداني إلى بر الأمان، ستأخذ وقتًا ومجهودًا وإمكانيات . ويجب أن تكون هناك آليات واضحة ذات مراجع عملية، ومن ثم جمع موارد تطمح لهذه المبادرة من دول الجوار; حتى يتمكن الشعب السوداني من الاستفادة من الإمكانيات المتوفرة، وأكرر، دون تدخلات خارجية، لأن دول جوار السودان تمتلك الإمكانيات والقدرة لفسح المجال والمساهمة في تأمين الاستقلال.
ويجب ألا يكون التركيز على الحالة الموجود بها السودان الآن، والتي لا مبرر لها في اعتقاد الكثيرين، والمطلوب الآن، هو إعطاء فرصة لهذا الشعب الذي أطاح بنظام بائد دمر السودان سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا وأمنيًا، أن ينتقل إلى حالة تساعد على تأمين الاستقرار في السودان، ومن ثم التأثير على الدول المجاورة”.
وأختتم الرئيس الأريتري كلمته بالقول “من هذا المنطلق، أقول أن هذه المبادرة مبادرة طيبة، وجب أن يكون لها نَفَس طويل، ويجب أن يكون بها رؤى واضحة، وآليات واضحة وفعالة وعملية، وأشدد على أن الاستعداد لدول الجوار على مدار التاريخ الطويل للمنطقة هو فريد من نوعه، وهذا ما سيكون نموذج لحلول أخرى في المنطقة سواء كانت لمشاكل في القرن الإفريقي أو البحر الأحمر أو غرب القارة أو شمالها، وأن هذه المناطق ستعتمد كثيرًا على من ينتج من هذه المبادرة لتأمين المناخ للشعب السوداني”.
كلمة رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت
تلا ذلك كلمة لرئيس جنوب السودان، سلفا كير ميارديت، الذي وجه الشكر والتقدير للرئيس عبد الفتاح السيسي على تنظيم القمة دول جوار السودان، ثم قال “نحن نجتمع هنا اليوم من أجل مناقشة سبل إنهاء الأزمة في السودان، أؤكد على أن هذه القمة تأتي في وقت حساس وحرج بالنسبة لنا جميعًا، فدول جوار السودان أمامها فرصة لتباحث الوضع في السودان. لقد اندلع هذا الصراع في 15 أبريل 2023 بين العديد من الأطراف وأطلب منهم وقف إطلاق النار الفوري، لأن حال الحرب سيكون له تداعياته على الوضع الأمني في السودان، وكذلك الوضع الاجتماعي والاقتصادي على دول الجوار أيضًا. إن الخطوات التي اتخذتها الأطراف المعنية بالأزمة السودانية يجب أن تصل إلى وقف إطلاق نار مستدام، ونحن نشهد أوضاع حرجة تؤثر على جميع المناحي في السودان، ولذلك تركز دولة جنوب السودان على إيجاد حلول لهذه الأزمة السودانية القائمة، ونرى أن دول الجوار بأكملها يجب أن تجد حل لهذه الأزمة”.
وأستطرد الرئيس سلفا كير “أوضح أن الأولوية بالنسبة لنا هي إيجاد حلول أفريقية للمشكلات الأفريقية، وأن تكون هذه المبادرات ناجحة، ونؤكد على أهمية معرفة سياق الصراع ، فخبراتنا مع الصراع السوداني تضعنا في موضوع أننا يمكننا إيجاد الحلول، فالوساطة من جانب هيئة الإيجاد وقمة دول الجوار اليوم وأي مبادرات أخرى يجب أن تسعى إلى بذل الجهود للوصول إلى حل سلمي للصراع في السودان. يجب علينا جميعا أن نسعى نحو فهم سياق الأزمة السودانية وتاريخ السودان عند مناقشة وبحث سبل إنهاء الحرب، والأكثر أهمية أن نستخدم الكثير من الصفقات في مسعانا لإيجاد الحلول لدولة السودان، دون أن نضع مصلحة الشعب السوادني أولًا، فلا يجب تجاهل صوت الشعب السوداني عند بحث سبل إنهاء هذا الصراع”.
وأختتم كلمته بالمطالبة بالتوسع في نطاق مبادرة “الإيجاد” لتضمين ممثلين عن الشعب السوداني، ودول الجوار السوداني الذين أيضًا يعانون من آثار الأزمة الإنسانية التي ولدها الصراع، وقال “إن مباحثاتنا اليوم في قمة دول جوار السودان لا يمكن أن تكتمل دون الحديث عن الوضع الإنساني، فجميع الدول الممثلة هنا قد واجهت تدفق العديد من اللاجئين، وهذا التدفق يضغط على الموارد الاقتصادية والاجتماعية في دول الجوار، لذلك استغل هذه الفرصة وأدعو المجتمع الدولي للاستجابة لهذه الأزمة، عن طريق إتاحة الموارد لمعالجة هذه الأزمة الإنسانية”.
كلمة رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى فاوستين تواديرا
ألقى رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى، فاوستين تواديرا، كلمته التي استهلها بتوجيه التقدير للرئيس والحكومة والشعب في مصر، لكرم الضيافة وحسن الوفاد المعتاد الذي حظي به و ووفده المرافق، ثم قال “ها نحن نواجه صراع مسلح داخلي حرج للغاية في السودان، إن هذا الموقف المأساوي يبعدنا كل يوم أكثر عن الهدف: هدف إسكات الأسلحة حتى 2063 وهذا يعيق التنمية الاقتصادية لدولنا، وفي هذا الصدد فإن جمهورية إفريقيا الوسطى تعرب عن رضاها للدعوة إلى تلك القمة التي تضم كافة الدول جوار السودان، وهذا يدل على الأولوية التي نوليها لهذا الهدف الخاص بعودة السلام في السودان وفقًا لمبادئنا وهويتنا الإفريقية الحقة”.
وأستطرد قائلًا “إن الصراع الذي اندلع في السودان في 15 أبريل 2023، وحتى الدولة كانت بصدد إقامة حوار واعد بين كافة القوى في الأمة، هذا يشكل بالنسبة لمنطقتنا وخاصة فيما يتعلق بدول الجوار، تهديدًا وتحديًا يصيب سلبًا الاستقرار في المنطقة وكذا التنمية، ومثل أي صراع العواقب مأساوية بالنسبة للسكان وهذا يجبرهم على نزوح جماعي سواء في داخل أو في خارج السودان. إن جمهورية إفريقيا الوسطى من بين الدول السبع التي تتشارك مع السودان حدود طويلة، ولها مع تلك الدولة الشقيقة علاقات صداقة وتعاون وحسن جوار، هذه العلاقات القوية وعلاقات الأخوة بيننا. قد استقبلت السودان في 2019 محادثات أدت إلى توقيع اتفاق سياسي للمصالحة بين الحكومة وبين الـ14 جماعة المسلحة”.
وأضاف الرئيس تواديرا “إنني أود هنا أن أعرب عن انشغال وقلق جمهورية أفريقيا الوسطى البالغ فيما يتعلق بالموقف الموجود في السودان، وكذلك كما تعلمون انعكاسات الحرب في السودان تتخطى الحدود مع تلك الدولة الشقيقة، ونشعر بها في جمهورية أفريقيا الوسطى، وفي الدول المجاورة الأخرى وهناك 8,200 كيلومتر من حدود مع السودان، إنا في جمهورية أفريقيا الوسطى، الواقعة في غرب السودان، قد استقبلنا حتى يومنا هذا موجة من النزوح تبلغ 14,000 فرد. إن الغالبية قد استقروا في المنطقة ولجأوا إلى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، وهناك الآخرين الذي حظوا باستضافة السكان المحليين ولكن يتحتم الإشارة إلى أن الوصول الكثيف للاجئين وكذلك التوتر الموجود على الحدود، كل ذلك أثر على الأمن وقد شاب المؤن بالاضطراب في المؤن التي يستفيد منها السكان، وهناك نقص في الغذاء ونقص في المحروقات، وهذه المنطقة أصلًا ضحية الاعتداءات الإرهابية والتغيرات المناخية، وخاصة في موسم الأمطار الذي يظل لعشرة أشهر، مما يجعل السكان المحليين وضعهم هش، وكذلك الموقف الإنساني مأساوي، ويزيد على ذلك التجارة الغير مشروعة للأسلحة الخفيفة من خلال الممرات بالنظر لضعف السيطرة على الحدود لدينا”.
واختتم كلمته بالقول “إن جهودنا فيما يتعلق بالأمن والتنمية من المؤسف أن نرى التحديات الجيوسياسية التي تتخطى وتفوق قدرات منطقتنا ولكن على الأقل أود أن أشير إلى الأزمة السودانية، ويجب علينا أن نتفادى أي تدخلات خارجي، وفي موقف كهذا علينا أن ندعو أشقائنا السودانيين إلى إعطاء فرصة للسلام من خلال حوار ومفاوضات من خلال مختلف الآليات التي تم إرسائها. أود أيضًا أن أدعو دول الجوار للعب دور الوساطة من أجل العودة إلى السلام، لأن السلام والأمن في السودان يعتمد عليه الأمن والسلام في منطقتنا. إن جمهورية أفريقيا الوسطى تعرب عن أملها حتى يستيقظ ضمير كل شخص فينا وأن نعود إلى الوحدة الحقيقية لأن هذا ليس خيار، ولكن هذا يعد ضرورة ملحة من أجل إرساء الأمن والسلام في منطقتنا”.
كلمة رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي
من جانبه، ألقى رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي كلمة بلاده خلال مشاركته في مؤتمر اليوم، بدأه بالإعراب عن خالص الشكر وعظيم الامتنان للرئيس عبد الفتاح السيسي وإلى حكومة وشعب مصر، على المبادرة بالدعوة لهذا اللقاء الهام وتوفير كافة الإمكانيات لاستضافة القمة في القاهرة، وقال “أعبر عن امتناني لكرم الضيافة وحفاوة الاستقبال، وسعادتي بالتواجد بين وفود دول جوار السودان، من أجل اتخاذ موقف موحد حيال استمرار الصراع المسلح بين أبناء الشعب الواحد في السودان الشقيق منذ منتصف شهر أبريل الماضي، وما نتج عنه من آثار أمنية واقتصادية وإنسانية بالغة الصعوبة، تجاوزت حدود هذا البلد الجار إلى بلداننا بدون استثناء، وإن تفاوتت هذه التأثيرات من بلد إلى آخر”.
وأضاف المنفي “لقد عبرت بلادي منذ اندلاع شرارة هذه الحرب المؤسفة والموجعة، عن استعدادها للانخراط والمساهمة بفاعلية في أي جهود إقليمية ودولية، لإيقاف هذه الحرب وعودة أشقاءنا في السودان إلى الحوار الجاد والبناء، من أجل التوافق على مستقبل السودان الديمقراطي الموحد الذي يسعى إلى الاستقرار والسلام والتنمية. وقد أكدنا في كلمتنا أمام القمة العربية المنعقدة في جدة بالمملكة العربية السعودية في شهر مايو الماضي، عن دعمنا وتأييدنا لمخرجات اجتماعنا، وكذلك أن يتوحد الفرقاء السودانيين، على اعتبار أنها خطوة هامة لإنهاء الصراع المسلح، وعودة الاستقرار وضمان عدم المساس بوحدة السودان، وجددنا التأكيد خلالها على جاهزيتنا لبذل أقصى جهدنا، من خلال كافة الآليات الإقليمية والدولية التي تصب في مصلحة السودان الشقيق وشعبه، وفي إطار تعزيز حالة السلم والأمن في الإقليم وفي أفريقيا والعالم. ولقد فتحنا الباب للاستماع لكافة وجهات النظر للأطراف السودانية، وأبدينا استعدادنا لاستقبال جميع ممثلي هذه الأطراف، من أجل إحلال السلام ووقف جميع أنواع المواجهات المسلحة في كافة أنحاء السودان، وأن تكون تلك الجهود في إطار خلق توافق يوحد المبادرات المطروحة حول السودان، بحيث تُقبل وتقبل بها كل الأطراف السودانية، ما يؤدي إلى التوقف الفوري للقتال، وعودة المؤسسات السودانية في ممارسة دورها لخدمة الشعب السوداني”.
واستطرد المنفي “إن ما دفعنا للقاء اليوم، بدعوة كريمة من السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، ليس فقط الخوف على ما سيلحق ببلداننا وشعوبنا من آثار سلبية بسبب هذه الحرب والنزاع المصاحب لها، بل مسبوقًا بالخوف على مستقبل السودان الشقيق ووحدة أراضيه، وعلى شعبه وما سيلحق به من مآسي ومحن وأزمات، حيث لا يخفى عليكم تزايد عدد النازحين الذي وصل إلى ما يقارب ثلاثة ملايين نازح ومهجر، منهم ما يقارب 700 ألف في دول الجوار، بالإضافة إلى الدمار الذي أصاب البنية التحتية، وانعدام الكثير من الخدمات الإنسانية، وتعذر الوصول إلى القليل المتوفر منها، وكذلك انقطاع التواصل بين الكثير من المدن السودانية، مما يعيق حركة المدنيين ويجعلهم محاصرين في مناطق المواجهات”.
وأختتم كلمته بالقول “إن تعدد المبادرات والجهود يجب أن يكون متركزًا على ضرورة توحيدها وفق مبادئ وأسس واضحة، تصب في مصلحة السودان ومستقبله ككيان واحد مستقل ومستقر وديمقراطي، وأن تعزز الاستقرار والسلام في الإقليم، وأدعو من هنا ومن خلالكم، وانطلاقًا من هذه القمة، إلى تركيز جهودنا على توحيد كافة المبادرات في مسار واحد يتعامل مع أسباب الأزمة ويعالج آثارها، وذلك بتشكيل لجنة اتصال إقليمية ودولية بمبادرة من هذه القمة، تتواصل مع أصحاب المبادرات الأخرى، لخلق توافق إقليمي ودولي، كما أدعو إلى حشد جهودنا وكل الجهود التي بذلت من أجل احتواء الآثار الإنسانية المترتبة على الحرب الدائرة في السودان الشقيق، بما لا يؤثر سلبًا على الاستقرار الداخلي لدول جوار السودان، وأخص بالذكر الدول التي تعاني ظروفًا أمنية وسياسية خاصة كبلدي ليبيا”.
كلمة رئيس دولة تشاد محمد ديبي
في كلمته خلال مشاركته في قمة اليوم، قال الرئيس التشادي، محمد ديبي، “أن هذا اللقاء يسمح لنا للتركيز على الموقف المثير للقلق في السودان منذ اندلاع العداء بين الأطراف المتحاربة لكي ندرس سويًا سُبل الخروج من تلك الأزمة. وأود أن انتهز تلك الفرصة للإعراب عن امتنانا للدعوة التي وجهت إلينا لمشاركة تشاد في تلك القمة المخصصة لمعالجة الأزمة التي تؤثر على السودان وعلى كافة دول الجوار. تحيي تشاد عقد هذا اللقاء بالغ الأهمية الذي يأتي في سياق يتسم بالتبعات التي يمر بها الموقف في السودان، وستفعل تشاد كل ما في وسعها لينتهي مؤتمرنا أو أي مبادرة تدعم جهود التسوية السلمية وأن يتم إيثار الحوار بين أطراف الأزمة”.
وأضاف ديبي “المواجهات التي تدور في السودان تشكل لدولة تشاد وجميع دول الجوار مصدر قلق بالغ، إن تشاد لم تكف عن المعاناة من تدهور الموقف ومستاءة من الهجمات بين المدنيين، ونبحث عن حل مشترك لعلاج هذا الموقف الطارئ وعلاج نقص الغذاء والأدوية والمعدات الطبية، وهي الأسباب التي أثرت تأثير غير طيب على الأبرياء. يجب أن يكون هناك نوعًا من التفاعل في الجهود ودعم المبادرات الدولية لحل الأزمة السودانية وخاصة من خلال الاتحاد الأفريقي ومن خلال إرساء آلية موسعة بشأن السودان من خلال جامعة الدول العربية.
واستطرد الرئيس التشادي “إن دولة تشاد تعاني من العواقب الوخيمة بسبب تلك الأزمة الجارية في السودان وفي خلال أسبوع واحد في شرق تشاد استقبلت تشاد أكثر من 150 ألف شخص غالبيتهم من النساء والأطفال الذين هربوا من القتال ولجأوا للأراضي التشادية. هذه الموجة الأخيرة قد جاءت بالإضافة إلى 600 ألف لاجئ سوداني في تشاد منذ عشرين عامًا عقب أزمة دارفور. إن الحمل الذي يمثله هذا العدد الكبير من اللاجئين له تداعيات سلبية على الموارد، إلا إننا نقوم بواجبنا الأخوي من خلال الإعراب عن الإرادة فيما يتعلق باستقبال اللاجئين السودانيين الذين يسعون للبحث عن السلام في تشاد”.
واختتم كلمته بالقول “إن خطوتنا ومسعانا هو تطويق الحرب في السودان، ومنذ بدأ الحرب نحن قمنا بالإشتراك في تلك الديناميكية لوضع حد للحرب والقضاء عليها، نحن على قناعة من أن خطوتنا ومسيرتنا بالنسبة لدول الجوار التي تأثرت بالانعكاسات السلبية للحرب علينا أن نقوم بجهود للتوصل للتسوية السلمية دون أن ننزلق في فخ التدخلات الأخرى، ونناشد المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراء فيما يتعلق بمواجهة الأزمة الإنسانية، إن وكالات الإغاثة الإنسانية يتحتم عليها أن تضطلع بمسؤولياتها وتقديم كافة الدعم الضروري لهؤلاء اللاجئين. إن الكف الفوري للقتال والكف عن كل شكل من أشكال العنف ووقف إطلاق النار دائم والتوصل إلى حل سياسي عادل وشامل، هذا مسألة بقاء للسودان إن الآمال الطموحات الشرعية للشعب السوداني والحق في الاستقرار لا ثمن له، يجب إيلاء الاهتمام من دول المنطقة ونحن نتمنى النجاح والتوفيق لتلك القمة”.
كلمة رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد
ألقى رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد كلمة خلال مشاركته في مؤتمر اليوم، بدأها بالتعبير عن امتنانه للرئاسة المصرية على حرارة الإستقبال وكرم الضيافة، ثم قال “كنت أرجو أن نتقابل من أجل البحث في ملفات التنمية، وبالطبع لا بد من أجل أن نتمكن من فعل ذلك، أن ننظر إلى الأزمات الحالية، إن السودان ينزف حاليًا، وفي 2020 احتفلنا ببداية جديدة للديموقراطية هناك، وللأسف تلاشت هذه الفرحة، والآن نشهد نزاعًا سياسيًا عنيفًا أدى إلى خسارة مئات الأرواح وموجات من التدمير والنزوح. بالطبع إن غياب منصات الحوار كان من الأسباب الرئيسية لاندلاع هذا النزاع، وإنني أتمنى أن يكون هناك سلطة في دولة السودان، تأخذ بزمام الأمور هناك، ولا يجب أن نترك الأمور في السودان تتدهور، ولا بد من محاولة إحتواء هذا النزاع بشكل أو بأخر، لكن بالطبع الآثار المترتبة على هذا النزاع قد استشعرتها كل دول الجوار، نظرًا لموجات النزوح، وأن منطقة القرن الأفريقي وغيرها سوف تعاني إذا ما استمرت أطراف النزاع في تجنب الحل لهذه الأزمة العنيفة”.
وأضاف آبي أحمد “أود أن أنتهز هذه الفرصة، لأشكر فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي على عقد هذه القمة، من أجل إيجاد حل لأزمة السودان، كما أود أن أعرب عن امتناني وتقديري للجهود السعودية في الأيام الأولى لاندلاع الأزمة في السودان، وأود أن أؤكد أن قمة اليوم وما سيخرج عنها، يجب أن تنضم إلى كافة الآليات والمبادرات التي يقودها الاتحاد الأفريقي، والتي قد توجد مسارات وقنوات يمكن من خلالها إنجاح مسار الحل في السودان”.
السيدات والسادة، إن أزمة السودان ومثيلاتها، لا يمكن حلها إلا عبر التضامن والوحدة، ففي بلداننا يجب أن نتخطى التحديات التي نواجهها، وأن نحاول مشاركة الدروس المستفادة من هذه التحديات مع بعضنا البعض، ولا نساهم بشكل من الأشكال في أطالة الأزمات”.
وأختتم كلمته بالقول “تدعو إثيوبيا إلى وقف إطلاق النار في السودان بشكل فوري ومستدام، وترى وجوب إيجاد حوار داخلي يساهم في استقرار السودان، وأن يكون هناك تنظيم عملية سياسية انتقالية، من أجل الوصول إلى تحقيق السلام في السودان. أثيوبيا تقف بجانب السودان وتسانده”.
كلمة رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي
قال السيد موسى فكي، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، في كلمته خلال قمة اليوم “إنه لشرف عظيم لي أن أحضر معكم اليوم في هذه القمة ذات الأهمية البالغة، وأود في مستهل كلمتي هذه أن أعرب عن شكري العميق لفخامة السيد الرئيس وأخي العزيز عبد الفتاح السيسي للدعوة الكريمة التي وجهت لي، وعرفاني لفخامته وللحكومة المصرية على حسن الاستقبال وكرم الضيافة والترتيبات الممتازة التي أُخذت لنجاح هذه القمة. أن الأزمة السودانية تؤثر على الثبات في المنطقة والأمن والاستقرار. وكما تعلمون جميعًا الاتحاد الأفريقي منظمتكم”.
وأضاف فكي “كل ما تم في السودان من تغيير النظام في عام 2019 فإن النتائج التي تم الحصول عليها لضمان عملية انتقالية دستورية في السودان، وللأسف بسبب مجموعة من العوامل السلبية الداخلية والخارجية أدت إلى أمور سيئة من شهر أكتوبر إلى الآن. وقد وضعنا آلية ثلاثية مكونة من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة بالتوازي مع شركاء آخرين، ووددنا الوصول إلى اتفاقية سياسية جديدة في الوقت التي ظهر فيه الصراع بين القوات التي تناحرت والتي كانت تبحث عن القوى في السادس عشر من إبريل. إن مجلس السلم للاتحاد الأفريقي هو المؤسسة المعنية بالسلام والاستقرار طالبت بوقف إطلاق النار بشكل سريع وبالعودة إلى طاولة المفاوضات من أجل الوصول إلى حل سلمي للأزمة، حيث يجب أن تنبع الآلية السياسية من الشعب السوداني والدولة السودانية دون أي تدخل”.
واستطرد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي “في العشرين من أبريل أقمنا اجتماع دولي رفيع المستوى، اجتمع خلاله كل الشركاء المعنيين وتناولنا ونادينا بالتعاون الملح لكل الجهات المعنية من أجل الوصول لحل. وفي السابع والعشرين من مايو 2023 وضعنا خارطة طريق بها آليات هامة تشمل وقف إطلاق النار، والمساعدات الإنسانية، وإقامة حوار سياسي شامل.
ويجب أن نتوجه بجدية على الجذور الأساسية للوجيعة السودانية من أجل الوصول إلى حلول لهذه الأزمة. خارطة الطريق ستكون بالتنسيق والتعاون للدول المعنية، والفِرق لدينا تعمل بكل جدية لوضع الآليات والعناصر الهامة لخارطة الطريق، ومن الهام جدا أن نعلم أن هذه الخارطة التي تنعم بسند دولي مع الشركاء المعنيين بهذه الأزمة، وأود أن أشير أن بالتعاون مع خطوات المجتمع الدولي، فقد وضعنا سكرتارية مكونة من الاتحاد الأفريقي، وبعض الدول المعنية بهذا الشأن، وشركاء دوليين من أجل الوصول لحل الأزمة”.
وأختتم فكي كلمته بالقول “الدور الذي تلعبه دول الجوار هام جدًا، فقد تفاوضنا مع كل من هذه الدول من أجل الوصول لحل والتصدي لأثار هذه الأزمة، وعلى رأسها لجوء مئات الألوف من الفارين والهاربين والنازحين الذين يطوقون إلى السلام.
يتعين علينا أن يكون هناك تنسيق لجهودنا مع المؤسسات الإقليمية ودول الجوار للسودان، والعمل معنا في سيمفونية لمساندة السودان، فكل منا يلعب دور من أجل الحفاظ على السودان ضد الضياع ومن أجل درء خطر الفوضى، وفي هذا الصدد فإن الاتحاد الأفريقي جاهز للقيام بعمله وكل الجهات معنية وعلى أتم الاستعداد للقيام بدورها”.
كلمة أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط
بدأ أمين عام جامعة الدول العربية كلمته، بتوجيه جزيل الشكر لعقد هذا الاجتماع الأول من نوعه لدول جوار السودان، لبحث سبل إنهاء الأزمة الحالية في السودان وتداعياتها على السودان ودول جوارها، وقال “الجامعة العربية منذ اندلاع الأزمة قامت ببحث سبل إعادة الأمن والاستقرار في السودان كواحدة من أهم أولويات الجامعة العربية، وتكررت اجتماعات الجامعة المعنية بالشأن في السودان بما ذلك اجتماعات القمة العربية الأخيرة في جدة، ومطالبتها بوقف جميع الاشتباكات المسلحة حقنًا للدماء ومحافظة على مقدرات الشعب السوداني وسيادة السودان واستقراره”.
واستطرد أبو الغيط “وقد حرصت الجامعة العربية من خلال تحركاتها، على تنسيق الجهود مع الاتحاد الإفريقي والمنظمات الإنسانية ذات الصلة، لما يمثله الأمر من تحد كبير للسلم والأمن في هذا البلد العربي الأفريقي الهام، واسمحوا لي أن أتناول محددات الموقف العربي من الأزمة في السودان والتي يمكن أن تساعد في آليات الحل الإقليمي للأزمة.
- الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية ومنع انهيارها، ومساعدتها قدر الإمكان على أداء المهام المنوطة بها.
- معارضة أي تدخل خارجي والتضامن الكامل مع السودان في سيادته واستقلاله ووحدة أراضيه.
- دعم مسار جدة التفاوضي، وتحقيق شروط وقف إطلاق نار شامل ومستمر بشكل يضمن استمرار العملية الانتقالية.
- دعم دور دول الجوار وتقديم المساعدة لها في تجاوز التحديات الأمنية والإنسانية الكبيرة للأزمة، ولذلك فإن دول الجوار يجب أن تكون في قلب العمليات والمفاوضات الجارية لإنهاء الأزمة، ولذلك فإن هناك توجه لاستمرار عقد قمم أخرى مشابهة ومن المهم توفير الدعم الدولي لها.
- دعم مسار سياسي سوداني شامل لكل الأطياف السودانية، ويحقق تطلعات الشعب السوداني في السلام والأمن والتنمية، ويؤدي إلى تشكيل حكومة انتقالية قادرة على حل الأزمة الاقتصادية والأمنية.
- استمرار التنسيق والتعاون بين الجامعة العربية والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي على أساس احترام سيادة السودان ووحدة أراضيه، واحترام دور الحكومة السودانية ومشاركتها في المبادرات التي يتم طرحها خصوصًا مع دول الجوار.
- الاستجابة الإنسانية العاجلة للوضع في السودان من الدول العربية والمجتمع الدولي، وإنقاذ الوضع الغذائي المتدهور من الأساس، وتقليل التداعيات السلبية على دول الجوار، وفي هذا الإطار أطلقت الجامعة العربية مبادرة عاجلة لإنقاذ الموسم الزراعي السوداني ويجري حاليًا بحث سبل تنفيذها مع السودان والجهات المعنية.
البيان الختامي لقمة “جوار السودان”
عقب جلسة مباحثات مغلقة، أصدرت قمة اليوم بيانًا تم فيه الإشارة إلى التوافق حول النقاط التالية:
- الإعراب عن القلق العميق إزاء استمرار العمليات العسكرية والتدهور الحاد للوضع الأمني والإنساني في السودان، ومناشدة الأطراف المتحاربة على وقف التصعيد والالتزام بالوقف الفوري والمستدام لإطلاق النار لإنهاء الحرب، وتجنب إزهاق أرواح المدنيين الأبرياء من أبناء الشعب السوداني وإتلاف الممتلكات.
- التأكيد على الاحترام الكامل لسيادة ووحدة السودان وسلامة أراضيه، وعدم التدخل في شئونه الداخلية، والتعامل مع النزاع القائم باعتباره شأنًا داخليًا، والتشديد على أهمية عدم تدخل أي أطراف خارجية في الأزمة بما يعيق جهود احتوائها ويطيل من أمدها.
- التأكيد على أهمية الحفاظ على الدولة السودانية ومقدراتها ومؤسساتها، ومنع تفككها أو تشرذمها وانتشار عوامل الفوضى بما في ذلك الإرهاب والجريمة المنظمة في محيطها، وهو الأمر الذي سيكون له تداعيات بالغة الخطورة على أمن واستقرار دول الجوار والمنطقة ككل.
- أهمية التعامل مع الأزمة الراهنة وتبعاتها الإنسانية بشكل جاد وشامل يأخذ في الاعتبار أن استمرار الأزمة سيترتب عليه زيادة النازحين وتدفق المزيد من الفارين من الصراع إلى دول الجوار، الأمر الذي سيمثل ضغطًا إضافيًا على مواردها يتجاوز قدرتها على الاستيعاب، وهو ما يقتضي ضرورة تحمل المجتمع الدولي والدول المانحة لمسئوليتهما في تخصيص مبالغ مناسبة من التعهدات التي تم الإعلان عنها في المؤتمر الإغاثي لدعم السودان، والذي عقد يوم 19 يونيو ۲۰۲۳ بحضور دول الجوار.
- الإعراب عن القلق البالغ إزاء تدهور الأوضاع الإنسانية في السودان، وإدانة الاعتداءات المتكررة على المدنيين والمرافق الصحية والخدمية، ومناشدة كافة أطراف المجتمع الدولي لبذل قصارى الجهد لتوفير المساعدات الإغاثية العاجلة لمعالجة النقص الحاد في الأغذية والأدوية ومستلزمات الرعاية الصحية، بما يخفف من وطأة التداعيات الخطيرة للأزمة على المدنيين الأبرياء.
- الاتفاق على تسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية المقدمة للسودان عبر أراضي دول الجوار، وذلك بالتنسيق مع الوكالات والمنظمات الدولية المعنية، وتشجيع العبور الآمن للمساعدات لإيصالها للمناطق الأكثر احتياجًا داخل السودان، ودعوة مختلف الأطراف السودانية لتوفير الحماية اللازمة لموظفي الإغاثة الدولية.
- التأكيد على أهمية الحل السياسي لوقف الصراع الدائر، وإطلاق حوار جامع للأطراف السودانية يهدف لبدء عملية سياسية شاملة تلبي طموحات وتطلعات الشعب السوداني في الأمن والرخاء والاستقرار.
- الاتفاق على تشكيل آليه وزارية بشأن الأزمة السودانية على مستوى وزراء خارجية دول الجوار، تعقد اجتماعها الأول في جمهورية تشاد، لاتخاذ ما يلي:
- وضع خطة عمل تنفيذية تتضمن وضع حلول عملية وقابلة للتنفيذ لوقف الاقتتال والتوصل إلى حل شامل للأزمة السودانية عبر التواصل المباشر مع الأطراف السودانية المختلفة، في تكاملية مع الآليات القائمة، بما فيها الايجاد والاتحاد الأفريقي.
- تكليف آلية الاتصال ببحث الإجراءات التنفيذية المطلوبة لمعالجة تداعيات الأزمة السودانية على مستقبل استقرار السودان ووحدته وسلامة أراضيه، والحفاظ على مؤسساته الوطنية ومنعها من الانهيار، ووضع الضمانات التي تكفل الحد من الآثار السلبية للأزمة على دول الجوار، ودراسة آلية إيصال المساعدات الإنسانية والاغاثية إلى الشعب السوداني.
- تعرض الآلية نتائج اجتماعاتها وما توصلت إليه من توصيات على القمة القادمة لدول جوار السودان.