كلمة رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي في مؤتمر دول جوار السودان
ألقى رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي كلمة بلاده خلال مشاركته في مؤتمر دول جوار السودان كان نصها كالتالي:
يطيب لي أن أعرب عن خالص الشكر وعظيم الامتنان للأخ الرئيس عبد الفتاح السيسي وإلى حكومة وشعب مصر الشقيق، على هذه المبادرة بالدعوة لهذا اللقاء الهام وتوفير كافة الإمكانيات لاستضافة القمة في القاهرة مدينة السلام، وأعبر عن امتناني لكرم الضيافة وحفاوة الاستقبال، وسعادتي بالتواجد بين وفود دول جوار السودان، من أجل اتخاذ موقف موحد حيال استمرار الصراع المسلح بين أبناء الشعب الواحد في السودان الشقيق منذ منتصف شهر أبريل الماضي، وما نتج عنه من آثار أمنية واقتصادية وإنسانية بالغة الصعوبة، تجاوزت حدود هذا البلد الجار إلى بلداننا بدون استثناء، وإن تفاوتت هذه التأثيرات من بلد إلى آخر.
السيدات والسادة، لقد عبرت بلادي منذ اندلاع شرارة هذه الحرب المؤسفة والموجعة، عن استعدادها للانخراط والمساهمة بفاعلية في أي جهود إقليمية ودولية، لإيقاف هذه الحرب وعوده أشقاءنا في السودان إلى الحوار الجاد والبناء، من أجل التوافق على مستقبل السودان الديمقراطي الموحد الذي يسعى إلى الاستقرار والسلام والتنمية. وقد أكدنا في كلمتنا أمام القمة العربية المنعقدة في جدة بالمملكة العربية السعودية في شهر مايو الماضي، عن دعمنا وتأييدنا لمخرجات اجتماعنا، وكذلك أن يتوحد الفرقاء السودانيين، على اعتبار أنها خطوة هامة لإنهاء الصراع المسلح، وعودة الاستقرار وضمان عدم المساس بوحدة السودان، وجددنا التأكيد خلالها على جاهزيتنا لبذل أقصى جهدنا، من خلال كافة الآليات الإقليمية والدولية التي تصب في مصلحة السودان الشقيق وشعبه، وفي إطار تعزيز حالة السلم والأمن في الإقليم وفي أفريقيا والعالم.
ولقد فتحنا الباب للاستماع لكافة وجهات النظر للأطراف السودانية، وأبدينا استعدادنا لاستقبال جميع ممثلي هذه الأطراف، من أجل إحلال السلام ووقف جميع أنواع المواجهات المسلحة في كافة أنحاء السودان، وأن تكون تلك الجهود في إطار خلق توافق يوحد المبادرات المطروحة حول السودان، بحيث تُقبل وتقبل بها كل الأطراف السودانية، ما يؤدي إلى التوقف الفوري للقتال، وعودة المؤسسات السودانية في ممارسة دورها لخدمة الشعب السوداني.
أصحاب الفخامة والسعادة، إن ما دفعنا للقاء اليوم، بدعوة كريمة من السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، ليس فقط الخوف على ما سيلحق ببلداننا وشعوبنا من آثار سلبية بسبب هذه الحرب والنزاع المصاحب لها، بل مسبوقًا بالخوف على مستقبل السودان الشقيق ووحدة أراضيه، وعلى شعبه وما سيلحق به من مآسي ومحن وأزمات، حيث لا يخفى عليكم تزايد عدد النازحين الذي وصل إلى ما يقارب ثلاثة ملايين نازح ومهجر، منهم ما يقارب 700 ألف في دول الجوار، بالإضافة إلى الدمار الذي أصاب البنية التحتية، وانعدام الكثير من الخدمات الإنسانية، وتعذر الوصول إلى القليل المتوفر منها، وكذلك انقطاع التواصل بين الكثير من المدن السودانية، مما يعيق حركة المدنيين ويجعلهم محاصرين في مناطق المواجهات.
أن تعتاد المبادرات والجهود يجب أن يكون متركزًا على ضرورة توحيدها وفق مبادئ وأسس واضحة، تصب في مصلحة السودان ومستقبله ككيان واحد مستقل ومستقر وديمقراطي، وأن تعزز الاستقرار والسلام في الإقليم، وأدعو من هنا ومن خلالكم، وانطلاقًا من هذه القمة، إلى تركيز جهودنا على توحيد كافة المبادرات في مسار واحد يتعامل مع أسباب الأزمة ويعالج آثارها، وذلك بتشكيل لجنة اتصال إقليمية ودولية بمبادرة من هذه القمة، تتواصل مع أصحاب المبادرات الأخرى، لخلق توافق إقليمي ودولي، كما أدعو إلى حشد جهودنا وكل الجهود التي بذلت من أجل احتواء الآثار الإنسانية المترتبة على الحرب الدائرة في السودان الشقيق، بما لا يؤثر سلبًا على الاستقرار الداخلي لدول جوار السودان، وأخص بالذكر الدول التي تعاني ظروفًا أمنية وسياسية خاصة كبلدي ليبيا.
تقبلوا فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي شكري وتقديري على هذه المبادرة النبيلة من أجل بلدنا الثاني السودان الشقيق، والتي يجب أن نسعى من أجل إنجاحها، كما أتوجه بالشكر والتقدير لأصحاب الفخامة رؤساء الدول والوفود، على حرصهم على الحضور والمشاركة من أجل السودان والمنطقة وأفريقيا.