مقالات رأي

30 يونيو ودعم الأمن القومي

لا شك في أن ثورة الثلاثين من يونيو عام 2013 قد أثرت وتأثرت بالعديد من المجالات الاستراتيجية للإعداد لبناء مصر الحديثة (بعد فترة من الركود أعقبها عام من الارتباك والتراجع خلال حكم فصيل الإسلام السياسي).

ولا شك في أن مجال الأمن القومي كان ضمن مجالات المقدمة، وهنا يجب أن نتعرض فى البداية لمصطلح الأمن القومي المصري الذي عندما يطرح تنصرف الصورة الذهنية للبعض إلى صورة جندي يقف بكامل هيئته العسكرية حاملًا سلاحه ومعدات قتاله. وغالبا ما تكون خلفية الصورة الذهنية سياجًا من الأسلاك الشائكة التى ترمز إلى حدود مصر الدولية، وهذا ليس كل الحقيقة ولكنه جزء منها ليبرز هنا هذا السؤال. ماهو الأمن القومى؟ وكيف دعمته بقوة ثورة 30 يونيو عام 2013 في جميع مجالاته لصالح محصلة الأمن القومي المصري الشامل؟

ويندرج الأمن القومي ضمن الأدبيات الاستراتيجية الحديثة، خاصة خلال النصف الثاني من القرن الماضي وبعد نهاية الحربين العالميتين عام 1945، حيث تعرضت كيانات بعض الدول وبعض الإمبراطوريات إلى التدمير أو الزوال، لذلك فقد تمحورت تعريفات الأمن القومي حول الحفاظ على بقاء الدولة (الأرض والشعب ونظام الحكم) وكيانها ضد مختلف التهديدات الخارجية والداخلية. والحفاظ على غايتها القومية التى قد تخوض من أجلها الحرب.مع تحقيق التنمية الشاملة من أجل تقدم ورفاهية المجتمع، حيث لا تنمية دون أمن. وذهب القائد والاقتصادي العالمي (روبرت ماكنمارا) إلى أن الأمن القومي هو التنمية واستمرارها، وأن الدولة التى لا تنمو تضعف وربما تموت.

وهذا تمامًا ما أخذت به ثورة 30 يونيو للحفاظ على كيان الدولة المصرية ضد التهديد من الداخل الذى كان يتربص به وينتظره بعض تهديدات الخارج، وعلى عكس معظم الثورات التى يبدؤها الجيش ويؤيدها الشعب (كثورة يوليو 1952) كانت ثورة 30 يونيو مُتفرٍدة فقد بدأتها ملايين الشعب المصرى دون قيادة، وحماها الجيش المصرى ضمن واجبه الوطني كجيش للشعب.

لتُنهى الثورة تلك المرحلة العبثية من تاريخ مصر. وتخطط للانطلاقة الكبرى تجاه بناء مصر الحديثة فى جميع مجالات الأمن القومي الشامل العسكرية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية, التى تعطي وتأخذ، فالمجال العسكرى هو الذي يؤمن ويمهد للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. والمجال الاقتصادى هو الذى يحقق النمو ويفي بمتطلبات المجتمع ويرفع مستوى معيشته ويوفر مطالب الدفاع والأمن.

أما المجال المجتمعي، الذى مفرده الأسرة فالفرد هو الهدف والوسيلة فى ذات الوقت. ففي المجال العسكري هو الضابط والجندي، وفي المجال الاقتصادى هو الزارع والصانع والتاجر.. إلخ. وفي المجال السياسي هو الدبلوماسي، وفي المجال المجتمعي هو كل شىء فهو المعلم والطبيب والقانوني.. إلخ. فكيف فعلت ثورة يونيو كل ذلك؟ لنرى نماذج من تلك المجالات.

في المجال العسكري الأمني: بنت جيشًا وطنيًا قويًا يؤمّن الوطن ومكتسباته برًا وبحرًا وجوًا ويصنف ضمن جيوش المقدمة فى العالم والصدارة فى الإقليم، وتحتل قواته البحرية المركز السادس عالميًا، وتنفرد إقليميًا بامتلاك حاملتي مروحيات وأسطولين فى البحرين الابيض والأحمر لتأمين شواطئنا ومياهنا الإقليمية والاقتصادية وما حبانا الله فيها من ثروات غازية وبترولية.

مع تنوع مصادر السلاح لتوفير حرية القرار السياسي. وكذلك التصنيع العسكري المشترك مع كبريات الدول المتقدمة كالولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا وأخيرا كوريا الجنوبية بتنسيق مع الولايات المتحدة، حيث بدأت معنا الأخيرة كمثال بتصنيع أحدث دبابات العالم (M1AM-إبرامز) منذ تسعينيات القرن الماضى بنسبة مشاركة مصرية 35% وصلت الآن الى 65-70% باشتراك العديد من المصانع والأيدى العاملة المصرية.

ونجحت قوات الأمن المصرية وبدعم وتنسيق مع الجيش فى هزيمة الإرهاب وكسر شوكته فى شمال شرق سيناء وإعادة فتح ميناء العريش الذى انطلقت منه سفن مواد الإغاثة إلى الشعب السوري الشقيق خلال الزلزال.

وفي المجال الاقتصادي، أتركه للمتخصصين, ولكن أذكر منه تعاون القوات المسلحة مع الشركات المدنية فى ازدواج قناة السويس وإنشاء المناطق الاقتصادية فى أقاليم متعددة كخليج وقناة السويس وشرق التفريعة وشبكات البنى التحتية من طرق وموان ومطارات وسكك حديدية وكهرباء وطاقة متجددة ونووية نظيفة ومياه وعاصمة جديدة.. إلخ.

وفي المجال الاجتماعي: نذكر كمثال البدائل الحضارية للعشوائيات على المستوى القومي وليس الانتقائي. والخطة الشاملة لتطوير سيناء 2019-2026 وربطها بالوادي من خلال أنفاق وكبارى عملاقة وبنى تحتية متكاملة وخدمية صحية وتعليمية كباقي الوادى.. ولا يتسع المجال للكثير والكثير. فتحية لسواعد شعب مصر والرئيس عبد الفتاح السيسى أحد البنائين العظام لمصر الحديثة والمعاصرة دون أدنى مجاملة..

نقلًا عن جريدة الأهرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى