
السودان
شهد السودان تحولًا جذريًا ف الحادي عشر من إبريل الماضي، تمثل في قرار عزل الرئيس عمر البشير، بعد موجة احتجاجات عارمة دامت لأكثر من أربعة أشهر، منذ أواخر ديسمبر الماضي، والتي عرفت باحتجاجات الخبز. اندلعت تلك الاحتجاجات على إثر ارتفاع سعر الخبر والوقود وعدم توفر السلع الأساسية، والتي بدأت بشكل عفوي في بدايتها، إلى أن ظهر دور تجمع المهنيين بتنظيم الاحتجاجات للمرة الأولى في الخامس والعشرين من ديسمبر، وذلك بعد أن أعلن التوجه إلى القصر الرئاسي وتسليم مذكرة للرئيس تطالبه بالتنحي، وكان للتجمع الدور الأساسي في استمرارية الاحتجاجات والاعتصامات. وفي ظل التعاطي الخاطئ من قبل النظام مع الاحتجاجات من جانب، واستمرار الاحتجاجات من جانب آخر، لجأ المجلس العسكري إلى خيار تنحية البشير. وجاء بيان عزل البشير، الذي أعلنه الفريق أول عوض بين عوف، لينهي نظام البشر ويلغي الدستور ويؤسس لمرحلة انتقالية مدتها عامين، يقودها المجلس الانتقالي العسكري، برئاسة عوض بن عوف، وهو الأمر رفضته قوى الحرية والتغيير، الذي يعد التجمع أحد مكوناتها الرئيسية، مما أدى إلى استقالة عوض بين عوف في اليوم التالي على بيان العزل مباشرة وتولي الفريق عبد الفتاح البرهان رئاسة المجلس الانتقالي العسكري.
استمر الضغط على المجلس العسكري على المستويين الخارجي من قبل القوى والفواعل الدولية والإقليمية، وبالأخص مجلس السلم والأمن الأفريقي، الذي هدد بتعليق عضوية السودان، إذا لم يتم نقل السلطة إلى حكومة انتقالية مدنية، وعلى النحو نفسه استمرت قوى الحرية والتغيير في ضغطها على المجلس العسكري، من أجل تسليم السلطة، وظلت هناك الكثير من القضايا العالقة بين الطرفين، طوال الشهر التالي على بيان العزل، حيث قدمت قوى الحرية والتغيير وثيقة تتضمن بنودًا تعبر عن رؤيتها للمرحلة الانتقالية، والتي كانت محل خلاف بينها وبين المجلس العسكري، خاصة فيما يتعلق بعدد أعضاء المجلس السيادي ونسبة التمثيل فيه، وهو المجلس الذي من المفترض ان تنتقل إليه صلاحيات المجلس العسكري الانتقالي ليتضمن أعضاء مدنيين من قوى الحرية والتغيير بجانب العسكرين، إضافة إلى مجلس وزراء وسلطة تشريعية ودستور جديد. وأعلن تحالف المعارضة والمجلس الانتقالي عن التوصل إلى اتفاق القضايا الخلافية فيما بينهم، والاتفاق على فترة ثلاث سنوات مدة الفترة الانتقالية، تمهيدًا لنقل السلطة إلى مدنيين، وبموجب الاتفاق تحصل قوى المعارضة على ثلثي مقاعد المجلس التشريعي، وتم تخصيص الستة أشهر الأولى لملف وقف الحرب وتشكيل مجلس وزراء مدني، كما تم الاتفاق على صلاحيات المجلس السيادي ومهامه، إلا أنه حتى الآن لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن نسب التمثيل بالمجلس السيادي. ويواصل المحتجون اعتصامهم أمام مقر القيادة العامة للقوات المسلحة بالخرطوم.