الأزمة الأوكرانيةروسيا

وساطة بيلاروسيا تسدل الستار على أزمة تمرد فاجنر

أدى اتفاق لم يتم الإعلان عن تفاصيله، بوساطة قادها رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو، بين موسكو وقائد مجموعة فاجنر يفنجي بروجين، إلى إنهاء أزمة التمرد التي بدأها الأخير الذي عادت قواته إلى مركز التمرد في روستوف، بعد أن قطعت نصف المسافة تقريبًا بينها وبين العاصمة موسكو، وفي خطوة تالية تم الإعلان عن مغادرة “فاجنر” روستوف، في خطوة تؤكد على إتمام الاتفاق الذي لم تتضح تفاصيله بشكل نهائي، وفي بيان نقلًا عن الكرملين شكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بيلاروسيا على التوصل للاتفاق، وفي المقابل أكد “بروجوجين” على أنه قبل الاتفاق حقنًا للدماء ليؤكدا على إسدال الستار على الأزمة، وعلى التوازي بدأت سلطات موسكو والأقاليم التي شهدت الأزمة، رفع القيود التي فرضت على مدار اليوم في دلالة على انفراج الأزمة.

تراجع الطرفين

انعكس مسار كافة السيناريوهات التي كانت متوقعة وتميل إلي تصعيد الأزمة التي انفجرت خلال يوم السبت ٢٤ يونيو الجاري، إثر تراجع الرئيس “بوتين” عن كل ما ورد في خطابه الصباحي، والذي بدا فيه حاسمًا تجاه محاسبة المتورطين في التمرد، وانحاز فيه إلى الجيش ووصم “فاجنر” بالخيانة والطعن في الظهر، بالقدر ذاته، تراجع “بروجوجين” عن إشارته التي ألمح فيها إلى حاجة روسيا لرئيس جديد، مما فتح الباب لتأويلات حول تحول التمرد إلى محاولة انقلاب، كما أكد أنه يدعم العمليات العسكرية في روسيا، متراجعًا عن تصريحاته السابقة مباشرة بأن “الناتو” لم يكن يشكل تهديد لروسيا، وأن “بوتين” تم تضليله وخداعه. 

دور بيلاروسيا

كان أول اتصال أجراه الروسي بعد بث خطابه الصباحي المتلفز هو الاتصال مع لوكاشينكو، ويبدو أن الأخير ظل على اتصال مع “بروجوجين” الذي أشار إلى أن هناك محاولات للاتفاق كانت متواصلة طيلة الوقت، في مؤشر على أن قائد فاجنر كان يتحرك بحرية، بينما كان يضغط بالمزيد من التحركات باتجاه العاصمة إلى أن تم التوصل إلى الاتفاق. وربما يكون “بروجوجين” قد أسر إلي لوكاشينكو بما لم يصرح به على الهواء في بثه المباشر علي حسابه على تليجرام من آن لأخر، وربما أقنع لوكاشينكو الرئيس بوتين بأن مغامرة فاجنر قد تقود إلي كوارث ستدفع موسكو ثمنها، لا سيما سيناريو اندلاع الحرب الأهلية.

طبيعة الاتفاق

لم يتم الإفصاح عن طبيعة الاتفاق، وربما لن يتم الإفصاح عنه بشكل كامل أو نهائي، وقد أعلن الكرملين أن مقاتلو فاجنر غير المشاركين في الانقلاب سيتم توقيع عقود لهم مع وزارة الدفاع، وأعلن الكرملين أيضًا عن إسقاط الاتهامات بالخيانة، وأن بروجوجين سيتوجه إلى بيلاروسيا، من دون توضيح هل يعني ذلك أن قائد فاجنر تنازل عن قيادة فاجنر  كأحد التنازلات التي شملها الاتفاق، كذلك يشير مراقبون في موسكو وفق تقارير إعلامية، إلى أن قائد فاجنر ضمن على الأقل عدم المحاسبة على ما جرى، وربما سيتم تنفيذ بعض مطالبه المتعلقة بفتح تحقيق حول توجيه اتهامات لقادة في الجيش بقصف قواته في باخموت، التي سيطرت عليها في أوكرانيا.  

تداعيات غير منظورة

أشار الكرملين إلى أن الأزمة انتهت بلا خسائر، إلا أن هذا السياق قد يعكس الانفراجة في الأزمة، لكنه لا ينفي أن صورة روسيا اهتزت في ظل مشهد الانزلاق إلى معارك داخلية، وأن صورة القيادة الروسية تأثرت حتى وإن كان البعض من المراقبين الروس يبررون تراجع بوتين، بأنه جنب نفسه والبلاد كارثة كانت تداعياتها ستشكل انتكاسة للاتحاد الروسي وللعمليات العسكرية الروسية في موسكو. 

السيناريو التالي

على الأرجح ستسعى موسكو إلي القفز إلى الأمام، لتغير مشهد تمرد فاجنر بالعودة إلى مشهد الحرب في أوكرانيا، ومحاولة صنع انتصار هناك، ومع ذلك من غير المعروف هل انتهت الأزمة بالفعل، أم أن تداعياتها لم تنتهي بعد، وما إذا كان الرئيس بوتين سيعيد هيكلة القيادة العسكرية أم سيتجاوز كل ما جرى، وفي المقابل فإن وضع فاجنر دخل بالفعل على مسار التسوية. 

+ posts

رئيس وحدة التسلح

أحمد عليبة

رئيس وحدة التسلح

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى