مصر

تعزيز الأسطول التجاري المصري.. أحد أعمدة القدرات اللوجستية

مع توجيه الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة استعادة قوة الأسطول التجاري المصري، بدأت الحكومة المصرية في وضع استراتيجية للنهوض بقطاع النقل البحري حتى عام 2030؛ بهدف زيادة القدرة التنافسية للموانئ البحرية، والنهوض بهذه الصناعة لتكون قاطرة التنمية للاقتصاد القومي، لأن امتلاك أسطول تجاري بحري وطني هو أحد الركائز المهمة للتنمية الاقتصادية، ووجود أسطول تجاري قوي يجعل مصر لاعبًا مهمًا على طريق التجارة العالمية خاصة للدول الأفريقية أو مع الدول العربية. فضلًا عن أن امتلاك أسطول بحري هو دعامة أساسية في أوقات الحروب والأزمات، ويسهم في خلق فرص عمل واسعة سواء في هذا القطاع بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر من خلال تعزيز النمو التجاري.

تطوير الأسطول التجاري البحري المصري

تتمثل الأهداف الرئيسة للاستراتيجية للنهوض بالنقل البحري حتى عام 2030، في عدة نقاط والتي يمكن إجمالها فيما يلي:

● تحقيق التوازن بين وسائل النقل المختلفة ووضع اللوائح المنظمة لذلك، مع الاهتمام بالنقل متعدد الوسائط وخاصة الموانئ البحرية والسكة الحديد والنقل النهري.

● تدعيم الدور الحيوي للنقل البحري؛ فالموانئ البحرية المصرية هي طوق النجاة للدولة من الناحية الاقتصادية؛ نظرًا إلى ارتباطها بالتجارة الخارجية لأنها تهيمن على غالبية أنشطة نقل البضائع.

● تعزيز دور القطاع الخاص في المشاركة في تطوير منظومة النقل، وتقديم التسهيلات والخدمات؛ حتى يستطيع أن يؤدي دوره بالاستثمار أو المشاركة في مشروعات قطاع النقل بشكل عام.

● تدعيم الموارد البشرية من خلال تطوير برامج التدريب والتحفيز خاصة للكوادر المهنية من العاملين بوزارة النقل.

● تحديث التشريعات ووضع اللوائح المنظمة والتي تضمن حرية المنافسة في مجال تقديم خدمات النقل.

● تحديد الأهداف البيئية التي تعزز التنمية المستدامة للنقل، خاصة فيما يتعلق بتقليل جميع أنواع التلوث، وخاصة التلوث البحري والنهري.

وتتضمن الاستراتيجية كذلك ثلاثة محاور رئيسة وهى:

الموانئ البحرية حيث تعمل الاستراتيجية على التطوير الشامل للموانئ البحرية من خلال زيادة الطاقة الاستيعابية إلى 400 مليون طن بضائع بزيادة تصل إلى 116% مقارنة بالطاقة الحالية البالغة 185 مليون طن، وزيادة الطاقة الاستيعابية للحاويات المكافئة لتصل إلى 40 مليون حاوية مكافئة بنسبة زيادة 233% مقارنة بالطاقة الحالية البالغة 12 مليون حاوية مكافئة، علاوة على زيادة أطوال الأرصفة لتصل إلى 90 كيلو مترًا بنسبة زيادة تصل إلى 131% مقارنة بالأطوال الحالية البالغة 39 كيلو مترًا، وأعماق تصل إلى 18 مترًا لاستقبال السفن العملاقة.

إنشاء مناطق لوجستية في ظهير الموانئ البحرية وبالمناطق الصناعية ومناطق الإنتاج الزراعي، وربطها بالموانئ بنظام النقل المتعدد الوسائط.

دعم الأسطول التجاري البحري المصري؛ إذ بلغ عدد إجمالي سفن الأسطول البحري التجاري المصري عام 2022، حوالى 118 سفينة (تعمل 44 على رحلات دولية، و74 على رحلات ساحلية) بإجمالي حمولة 957.378 طنًا. لذلك كان محور شراء سفن جديدة لزيادة حجم البضائع المنقولة على سفن مصرية من ضمن الاستراتيجية للنهوض بالقطاع، والتي تتم عن طريق ثلاث شركات هي: الملاحة الوطنية، والقاهرة للعبارات، والجسر العربي.

بالنسبة شركة الوطنية للملاحة، يتم تنفيذ خطة لدعم أسطول السفن بها ليصبح عدد السفن بالشركة 8 سفن بين القاهرة والرياض، وهو ما سيعزز أسطول الشركة القديم الذي كان يمتلك 13 سفينة بإضافة 8 سفن جديدة وجارٍ العمل على ضم سفينتين أخريين.

بالنسبة شركة القاهرة للعبارات، فتم التعاقد بين شركة القاهرة للعبارات والنقل البحري وشركة ترسانة البناء الكورية الجنوبية Dae sun لبناء عدد (2) سفينة متعددة الأغراض طبقًا للمواصفات العالمية في صناعة السفن حيث تأتي كل سفينة من السفينتين المتعاقد على بنائهما بالمواصفات التالية، (طول 127.7 مترًا وعرض 21.8 مترًا وبغاطس 9.1 مترات وسعة العنابر 15800م3، وبحمولة 14000 طن، وسرعة 14 عقدة، وحمولة حاويات 709 حاوية والحاويات المبردة 98 حاوية) لكل سفينة. مما يسمح بوصول الصادرات المصرية إلى الأسواق الإقليمية، خاصة وأن سفن البضائع العامة مصممة لنقل مجموعة واسعة من البضائع مثل: (البضائع العامة – البضائع السائبة- البضائع الثقيلة المركبات مثل السيارات- البضائع المبردة مثل الفواكه والخضروات وغيرها)، علاوة على وجود خطة لتدعيم شركة القاهرة للعبارات بعدد (4) سفن أخرى.

فيما يتعلق بشركة الجسر العربي، تقوم الشركة “خط نويبع العقبة الذي يربط مصر والعراق والأردن” بتنفيذ خطة لتطوير وتحديث أسطول البواخر بها، من خلال إدخال باخرة شحن جديدة للخدمة خلال النصف الثاني من العام الحالي، بحمولة تصل إلى 100 شاحنة، مما يحافظ على حركة التبادل التجاري، على طريق نويبع -العقبة.

التوسع في الأسطول الوطني البحري…قيمة اقتصادية

يعد الأسطول الوطني البحري التجاري ركيزة أساسية للتجارة الخارجية؛ إذ لا يمكن افتراض وجود تجارة خارجية بدون وجود أسطول تجاري بحري متقدم. وعليه تهتم دول العالم سواء كانت دول نامية أو متقدمة بأن يكون لها أسطول تجاري تضمن به تنمية تجارتها الخارجية وزيادة معدلات صادراتها للأسواق الإقليمية والعالمية، وتتمثل أهمية التوسع في الأسطول البحري في عدة نقاط كالتالي:

الأنشطة الصناعية والزراعية: يمثل قطاع النقل البحري أهمية خاصة للاقتصاد الوطني، سواء فيما يتعلق بالموانئ البحرية أو زيادة الأسطول التجاري البحري، لأن الخدمات التي يقدمها متكاملة مع الأنشطة الاقتصادية الأخرى داخل الدولة سواء كانت الأنشطة الصناعية أو الزراعية أو السياحية، وكذلك الارتباط الوثيق بين النقل البحري كوسيلة مهمة من وسائل النقل وغيره من وسائل النقل الأخرى.

الاستثمار في قطاع النقل البحري يؤدى إلى تنشيط وتنمية القطاعات الاقتصادية المرتبطة بهذه الصناعة مثل صناعة بناء وإصلاح السفن، ونشاط التوريدات البحرية من الوقود والزيوت، يضاف إلى أن هذه الصناعات تخدم مجالات أخرى وأنشطة مثل: البنوك التجارية، وشركات التأمين، ومعاهد التدريب البحري، ومكاتب الاستشارات القانونية.

دعم لقطاع الركاب والذى يمثل أهمية بالغة للاقتصاد المصري؛ نظرًا إلى استخدامه من قبل الآلاف من المسافرين خاصة عبر الموانئ المصرية المطلة على البحر الأحمر بوصفه وسيلة نقل اقتصادية، علاوة على توفره من شحن حمولات كبيرة من الأغراض والأمتعة والسيارات مقارنة بغيرها من وسائل النقل.

ختامًا، يمكن القول إن  التوسع في الأسطول البحري يساعد على تطوير منظومة نقل الصادرات المصرية، فضلًا عن توفير العملة الأجنبية، وكذلك توفير فرص عمل، بجانب أنه فرصة لتنمية حركة وحرية التجارة بين مصر والدول العربية وأفريقيا، ويحول مصر لتكون مركزًا للتجارة الدولية واللوجستية في ظل منافسة إقليمية من أطراف سعت إلى الاستحواذ على هذه المكانة، وهو ما دفع الدولة إلى التحرك وفقط خطط ودراسات جدوى لتعزيز وضعية مصر في هذا المجال.

منى لطفي

باحثة بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى