مشروعات الري والموارد المائية خلال عشر سنوات.. تعظيم الاستفادة وتنمية الموارد
تفاقمت حدة الأزمة المائية مؤخرًا مع المخاوف الدولية المتعلقة بالمخاطر المتراكمة من التغيرات المناخية وتأثيرها على المخزون المتاح من المياه العذبة، حيث يواجه العالم مشكلة غير مسبوقة في تاريخه الحديث تتعلق بشح المياه ومخاوف من عدم كفايتها بالمستقبل القريب لسد احتياجاته الصناعية والسكانية والزراعية ما تُتخذ الاجراءات الطارئة الأنسب.
وفي مصر تحديدًا، أشارت عدة دراسات خلال السنوات الأخيرة إلى أنه بحلول نهاية العقد الراهن لن يكون النيل وحده قادرًا على دعم احتياجات الشعب المصري في حالة استمرار نفس الأوضاع المهددة، مما يضع المواطن في حالة ندرة شديدة في المياه. وكان قد صرح رئيس الوزراء مصطفى مدبولي في وقت سابق من عام 2021، بأن نصيب الفرد السنوي في مصر من مياه النيل يبلغ حاليًا 560 مترًا مكعبًا، أي ما يقرب من نصف عتبة الـ1000 متر مكعب التي تحدد ندرة المياه.
صُنّفت مصر كإحدى الدول التي تعاني من فقر المياه؛ ويرجع هذا إلى الظروف المختلفة المتعلقة بموارد مصر المائية التي واجهتها خلال العقود الأخيرة. وهي تلك الظروف التي أدت إلى جعلها تعاني مما يطلق عليه ندرة المياه المادية Physical Water scarcity؛ أي أن كمية المياه المتاحة للمصريين غير كافية لتلبية كافة أنشطتهم السكنية والزراعية والصناعية وغيرها من أنشطة حيوية لضمان استمرار عوامل التنمية.
وتكمن المشكلة الأكبر في أن هذا الوضع قد يزداد سوءًا مع الوقت بسبب أكثر من عنصر، يأتي على رأسها الزيادة السكانية غير المتحكم فيها منذ القرن الفائت؛ إذ تضاعف عدد السكان بمصر خلال الـ 60 عامًا الأخيرة إلى خمس أضعاف. وكذلك ازدادت مؤخرًا التهديدات المحتملة لإنقاص حصة مصر من مياه نهر النيل بسبب الصراع بين دول حوض النيل. ويعد نهر النيل المصدر الأكبر للمياه بمصر بما يصل إلى 55.5 مليار متر مكعب سنويًا من أصل 76.4 مليار متر مكعب هي إجمالي الموارد المائية المتاحة من أمطار ومياه سطحية وجوفية وموارد أخرى غير تقليدية.
وقد دفع كل ما سبق الدولة إلى البحث خلال السنوات الفائتة عن فرص جديدة للموارد المائية لا تعتمد بالأساس على نهر النيل، بالإضافة إلى تحسين قدراتها على إعادة استخدام المياه، خاصة مع تصاعد حدة أزمة سد النهضة الإثيوبي التي لم يتم التوصل حتى تاريخه إلى حل جذري يضمن الحقوق التاريخية لمصر ويحمي جميع الدول الجيران من أضرار الإدارة الخاطئة للسد.
مسارات حلول الأزمة
دخلت مصر خلال السنوات الأخيرة في سباق محموم؛ بهدف تغطية هذا العجز قبل انفجار الأزمة. وعلى هذا الأساس، قررت الحكومة العمل في مسارين متوازيين: الأول يبحث في طرق الحفاظ على مواردها المائية وحقوقها التاريخية عبر المفاوضات المستمرة للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لملء وتشغيل سد النهضة، والثاني يتعلق ببحث الطرق المختلفة لزيادة كمية الموارد المائية وتعديد أنواعها وتقليل المهدر من الاستهلاك.
ومن هذا المنطلق، زادت الدولة المصرية بالفعل في استثماراتها في قطاعات الري والمياه، وأعطت الأولوية لمشروعات عديدة متباينة في مجالات مثل: تحلية مياه البحر، وإعادة تدوير مياه الصرف بمحطات المعالجة الثلاثية، وتجميع مياه السيول والأمطار من المخرات في خزانات، وغيرها من المشروعات العملاقة المكلفة.
وكذلك قد تحولت الدولة إلى الاستثمار في الحلول الخضراء، وقررت التوجه نحو دعم المشروعات والصناعات التي تتوافق مع معايير الاقتصاد الأخضر عبر تدشين مشاريع خضراء عدة؛ فقد تم توجيه 14% من إجمالي الاستثمارات العامة لهذه المشروعات بموازنة 2020/2021، وبلغت تكلفة تنفيذ 691 مشروعًا أخضر في خطة العام المالي 2020/2021، نحو 447.3 مليار جنيه .
هذا وقد بلغت قيمة محفظة مصر من المشروعات الخضراء المؤهلة 1.9 مليار دولار حتى سبتمبر 2020، منها 16% في مجال الطاقة المتجددة، و19% في مجال النقل النظيف، و26% في مجال المياه والصرف الصحي، و39% في مجال الحد من التلوث. ومن هذه المشروعات الخضراء المختلفة، كان عدد المشروعات المتعلقة بالمياه هو الأكبر في تاريخ مصر الحديث خلال عشر سنوات فقط؛ إذ بلغ عدد مشروعات الجمهورية الجديدة في قطاع الموارد المائية والري 239 مشروعًا، وبلغ عدد المشروعات في قطاع مياه الشرب والصرف الصحي 1025 مشروعًا. وكل تلك المشروعات صُممّت بشكل أساسي لتضمن التوزيع العادل في كل محافظات الجمهورية.
محطات معالجة وإعادة استخدام مياه الصرف
تأتي واحدة من أكبر دلالات الاستثمار المصري في قطاع الموارد المائية في حجم التوسع الفائق في مجالات إعادة معالجة الصرف الصحي السكني والزراعي باستخدام محطات المعالجة الثلاثية؛ فقد سعت الدولة إلى استخدام المياه المستصلحة في الري لوجود محتوى المغذيات (النيتروجين والفوسفور) داخلها، وهو ما يمكن أن تزيد فائدته إن تم التحكم في تركيزاته ليعمل كسماد.
هدفت الفكرة إلى إعادة استخدام مياه الصرف في زيادة حجم الموارد المائية المصرية الموجهة للزراعة، خاصة وأن القطاع الزراعي هو أكبر مستهلك للمياه بنسبة تعادل حوالي 82%. فأصبح من الممكن استخدام مياه الري لزرع أنواع من المحاصيل المختلفة مع اختلاف نسب التنقية والملوثات المتبقية داخلها.
وجرى تحديث الكود المصري للهندسة الصحية، ليكون له جزء كامل يشرح التفاصيل التقنية الخاصة بهذا الشأن، واضعًا معها الحدود القانونية لنسبة كل ملوث في كل مرحلة من المراحل الثلاث للمعالجة. إلا أن هذا الكود يشمل فقط المحاصيل غير الغذائية مثل: القطن، والكتان، ونباتات الزينة، والغابات الشجرية، وغيرها من المحاصيل التي لا تؤكل؛ أو استغلال تلك المياه في بعض الأنشطة كإطفاء الحريق وغسيل الشوارع. وهما ما يمكن تعديله مع الوقت مع تطور الخبرات والتكنولوجيا لفتح مجال أوسع للاستثمارات الممكنة من هذه المحطات، وجعلها قادرة مستقبلًا على استخدام مياه الصرف المعالجة في زراعة المحاصيل الغذائية، بل والشرب بصورة آمنة تمامًا كما يحدث في العديد من الدول منذ عقود.
- أكبر محطات معالجة للصرف في العالم
حصلت مصر على ما يقارب 20٪ من إمداداتها للمياه السنوية من مياه الصرف الصحي المعالجة خلال عامي 2018 و2019، وذلك بعد حزمة من الإجراءات الهندسية والتنموية المختلفة. فنجحت الدولة في توفير 13.65 مليار متر مكعب من المياه من خلال محطات المعالجة من بين 80.25 مليار متر مكعب استُخدمت خلال العام الأخير. ومقارنة بـ 55.5 مليار متر مكعب من نهر النيل يبدو الرقم جيدًا جدًا.
وبالفعل، نجحت الدولة المصرية خلال الأعوام الأخيرة في تحقيق إنجازات استثمارية عالمية بمحطات معالجة الصرف الصحي والزراعي والصناعي. فعلى سبيل المثال، افتتحت مصر في سبتمبر من العام 2021 أكبر محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي في العالم آنذاك ببحر البقر. أتى ذلك المشروع كنتيجة لتوجه الدولة نحو صد واحد من أكبر التحديات التي تواجه مصر في السنوات الأخيرة. وهو المتعلق بتأمين ما يكفي من موارد المياه المستدامة للحفاظ على معدلات النمو التوسعية في الاقتصاد المصري وسط زيادة سريعة غير متحكم بها للتعداد السكاني منذ عقود.
كل هذه المشروعات لإنشاء محطات المعالجة دُرست بجدية من الحكومة المصرية. وتُرجمت هذه الدراسات إلى خطوات جادة في بناء المزيد من محطات معالجة المياه كجزء أساسي من استراتيجيات مصر للإدارة المستدامة لمواردها. وبالتوازي مع تلك المجهودات، جرى التركيز على ضخ المليارات من الجنيهات بهدف زيادة طاقة تحلية المياه في البلاد. إلا أن واحدًا من أهم مشروعات مصر الأحدث بهذا الصدد هو مشروع محطة معالجة مصرف بحر البقر. وتعمل تلك المحطة الضخمة على معالجة المياه من مصرف بحر البقر الواقع شرق قناة السويس ممتدًا بطول 190 كيلومترًا. ويربط الجزء الشرقي من القاهرة الكبرى ببحيرة المنزلة التي تقع بجوار البحر الأبيض المتوسط غرب بورسعيد.
ويعد مصرف بحر البقر من أكثر المصارف تلوثًا في البلاد؛ إذ إن كمية ضخمة من النفايات الصناعية ومياه الصرف الصحي المنتجة في القاهرة تتدفق إليه يوميًا. بجانب أن مياه الري بالغمر الفائضة والصرف الزراعي المحملة بالمبيدات والأسمدة من منطقة الدلتا كلها تذهب في نهاية المطاف إلى هذا المصرف. جعلت كل هذه الملوثات المركزة جودة المياه بالموقع تتراوح ما بين 37 إلى 48 درجة على مؤشر جودة المياه القياسي، وهو ما يجعلها فقيرة الجودة طبقًا للتصنيف وغير قابلة للاستخدام الآدمي.
إلا أنه يتم استخدام الكثير من هذه المياه في أنشطة عدة كالري وصيد الأسماك؛ إذ يُعاد استخدام المياه المتدفقة إلى المصرف من قبل المزارعين، بينما تتلقى منطقة الصيد الأهم بالمنطقة، وهي بحيرة المنزلة، 60 مترًا مكعبًا من مياه الصرف الصحي كل ثانية.
بدأ مشروع محطة معالجة مياه الصرف الصحي في “بحر البقر” في عام 2019 بتكلفة تقدر ب18 مليار جنيه. وتمتاز المحطة بكونها الأكبر من نوعها في العالم؛ إذ تبلغ مساحة المحطة 155 فدانًا تستوعب كافة مبانيها وخزاناتها المختلفة المسؤولة عن معالجة حوالي 5 ملايين متر مكعب من المياه من حوض بحر البقر كل يوم من خلال أربعة خطوط، قدرة كل منها على معالجة 1.25 مليون متر مكعب من المياه يوميًا.
قامت أكثر من شركة مصرية بالعمل على هذا المشروع الضخم عن طريق تقسيم الأعمال والتنسيق المتواصل بينهما. وتصدرت شركتا “أوراسكوم للإنشاءات” و”المقاولون العرب” قائمة الأعمال الخاصة بتشييد المحطة. كذلك شمل العقد المبرم، البالغ قيمته 739 مليون دولار، مسؤولية الشركات عن تشغيل المحطة وصيانتها على مدى الخمس سنوات المقبلة.
- مشروعات مائية لتعمير سيناء
لا تنحصر أهمية المشروع على محطة الصرف الصحي فقط؛ إذ إن مشروع “بحر البقر” يضم أيضًا محطات ضخ وناقل مياه. وهو ما يعني مساهمة مباشرة من المياه المعالجة بالمحطة في استصلاح الأراضي الواقعة في شرق قناة السويس بشبه جزيرة سيناء، وإمكانية زراعتها، وذلك طبقًا لاستراتيجية الدولة في تعمير سيناء وتحقيق تنمية تتسم بالاستدامة للمنطقة؛ إذ إنه من المخطط إرسال المياه من المحطة لري حوالي 475 ألف فدان من تلك الأراضي.
من هذا المنطلق، يعد مشروع محطة “بحر البقر” جزءًا من الصعب فصله عن برنامج تنمية سيناء. وهو البرنامج الشامل لمجموعة من مشاريع البنية التحتية ومبادرات التنمية التي تهدف إلى تعزيز الاقتصاد المحلي ورفع مستوى المعيشة لسكان محافظتي شمال وجنوب سيناء بما تشمله من مدن ومراكز وقرى. وبالفعل قُطع شوط ضخم في هذا البرنامج عن طريق إنفاق ما يتراوح بين 600 إلى 700 مليار جنيه مصري على مجموعة متنوعة من المشاريع، بما في ذلك: النقل، والري، والصرف الصحي، والبنية التحتية للإسكان بين عامي 2014 و2020.
ساعد في تمويل المشروع الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي (AFESD)، والذي قدر في عام 2019 أن التكلفة الإجمالية للمشروع بما يشمل من مرافق زراعية واستصلاح للأراضي وأعمال استشارية ستصل إلى حوالي 44 مليار جنيه. وكانت الصناديق الخليجية قد قدمت حتى سبتمبر 2021 220 مليون دينار كويتي أو ما يقابل حوالي 11.5 مليار جنيه؛ حيث قدم الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية قرضين بقيمة 75 مليون دينار كويتي. كذلك صرف الصندوق 145 مليون دينار كويتي على شريحتين من القروض: الأولى من هذه الشرائح قدرت بقيمة 70 مليون دينار كويتي في عام 2018 والثانية بقيمة 75 مليون دينار كويتي في العام التالي 2019. ويقوم القطاع الخاص والحكومة بتمويل الجزء الأكبر المتبقي؛ فيتحمل القطاع الخاص ثلثي التمويل الإجمالي المقدر ب29.7 مليار جنيه مصري.
- أرقام قياسية ومحطات أخرى
حطمت محطة معالجة مصرف “بحر البقر” ثلاثة أرقام قياسية في موسوعة جينيس للأرقام القياسية فور افتتاحها؛ إذ أنها لم تكن فقط أكبر محطة معالجة في العالم وقتها، كونها تقوم بمعالجة 64.8 متر مكعب من المياه في الثانية، بل كانت أيضًا أكبر منشأة بيئية لمعالجة الحمأة وأكبر محطة لتوليد وتشغيل الأوزون في العالم.
إلا أنه، وكما كان مخططًا له، لم يستمر هذا الرقم متفوقًا لفترة طويلة؛ إذ خططت الحكومة لتحطيم رقمها القياسي الخاص بمحطة مياه الصرف الصحي والزراعي بمدينة الحمام. وهو مشروع آخر بدأ التنفيذ بنفس القطاع في شهر فبراير 2021 قبل أن يُفتتح في أواخر عام 2022. وصُممت المحطة الجديدة لتقوم بمعالجة 6 ملايين متر مكعب من المياه يوميًا. وهو ما سيسمح بري ما يصل إلى 500 ألف فدان غرب منطقة دلتا النيل. وكانت الحكومة قد تعاقدت مع تحالف شركات “أوراسكوم للإنشاءات” و”حسن علام للإنشاءات” و”المقاولون العرب” و”ميتيتو” من أجل تصميم وإنشاء هذا المشروع القومي.
مشروع إعادة تأهيل وتبطين المجاري المائية
يعد مشروع إعادة تأهيل وتبطين المجاري المائية واحدًا من أحدث المشروعات المتعلقة بالحفاظ على ثروات مصر من الموارد المائية، والأهم على الإطلاق؛ فقد جرى إغفاله رغم أهميته ورغم الحديث عنه ودراسته أكثر من مرة خلال الـ30 عامًا الأخيرة. يهدف المشروع إلى الحفاظ على كميات المياه المهدرة على مدار عقود جراء تسربها للتربة وهروبها إلى باطن الأرض. فعلى سبيل المثال، تسرب التربة الطينية ما يتراوح من 5 إلى 10 ملم من عمق المياه كل ساعة. ومن المتوقع توفير حوالى 5 مليارات متر مكعب من المياه التى كانت تهدر بطول مجاري الشبكة المائية في كافة أنحاء الجمهورية المصرية.
وعلاوة على ذلك فإن صيانة الترع وقنوات الري ستؤدي إلى تناقص كمية البخر للمياه، وتقليل نسب الشوائب التي تصل إلى نهاية الترع وتقلص من كفاءتها ومقدار التصرفات الممكن استعماله مباشرة دون معالجة. إضافة إلى ما سبق، فإن المشروع سيضمن وصول المياه بصورة أسرع دون أعطال للأراضي الزراعية، مع القدرة على تحقيق العدالة في توزيع المياه وزيادة الإنتاجية لتلك الأراضي. وسيقلل كذلك تكاليف الصيانة السنوية للمجارى المائية بأنواعها.
- تكلفة ومراحل تنفيذ المشروع
رغم وجود المشروع في كل استراتيجيات وزارتي الزراعة والري خلال الحكومات المتعاقبة في الألفية الجديدة بل ومنذ نهايات القرن العشرين، ورغم أهميته الشديدة؛ فإن السبب الرئيس في تأخر تنفيذه كان احتياجه إلى وجود التمويل الضخم لمدة زمنية طويلة. مع الأخذ في الحسبان أن العمليات المطلوبة لإنهاء المشروع تتطلب ألا تكون هناك أي فترات توقف بين خطواتها حتى لا تؤثر على الكفاءة النهائية للمشروع ككل.
وعند حساب المخطط النهائى لبرنامج تأهيل وتطوير الترع الرئيسة على مستوى الجمهورية، نجد أن تكلفته تصل إلى 18 مليار جنيه. ويشمل المخطط الذي أُطلق في 2020 تبطين وصيانة 7.5 آلاف كيلو متر من الترع والقنوات. وكان يجري في الظروف العادية تبطين 50 كيلومترًا من الترع سنويًا، إلا أن الحاجة الملحة أدت إلى تعديل الخطة القومية في البداية لتبطين حوالي 2000 كيلومتر من الترع كل سنة ولمدة عشرة أعوام. ثم تم التعديل مرة أخرى ليتقرر الانتهاء من تنفيذ المشروع خلال عامين فقط، وذلك لتعويض زمن التأخير في إطلاقه واعتباره مشروعًا قوميًا ملحًا نظرًا للاعتبارات المذكورة الخاصة بالأزمة المائية الحرجة التي تعاني منها البلاد.
وقُسّم المشروع إلى مرحلتين تنفذان في 19 محافظة: تبلغ الأولى حوالي 3.5 آلاف كيلومتر، والثانية 4 آلاف كيلو متر. وستكون كلفة تنفيذ المرحلة الثانية وحدها 8 مليارات جنيه. وقد بلغت نسب تنفيذ المشروع حتى الربع الأول من عام 2023 ما يلي:
- محافظة القليوبية: تم تنفيذ تبطين 186 كيلو مترًا، بنسبة 41.50%، بتكلفة إجمالية بلغت مليار و580 مليون جنيه.
- محافظة الإسكندرية: تم تنفيذ تبطين 9 ترع، بنسبة 84%.
- محافظة البحيرة: تم تنفيذ تبطين 215 ترعة بتكلفة مليارين و858 مليون جنيه، بإجمالي أطوال 520 كم وبنسبة 64.4%.
- محافظة سوهاج: تم تنفيذ تبطين 215 ترعة بأطوال 638 كيلو مترًا بتكلفه مليارين و64 مليون جنيه، بالإضافة إلى 185 ترعة أخرى بالمراكز المختلفة، بإجمالي أطوال 540 كيلو و894 مترًا، و75 ترعة، بطول 337 كيلو و100 متر، بتكلفة تصل إلى مليار و724 مليون جنيه.
- محافظة الدقهلية: تم تنفيذ تبطين 42 ترعة بطول 97.5 كليو مترًا بقيمة 330 مليون جنيه.
- محافظة كفر الشيخ: تم تنفيذ عمليات تبطين 228 كيلو مترًا من الترع.
- محافظة الغربية: تم تنفيذ تبطين 134 ترعة بتكلفة تتخطى 2.6 مليار جنيه.
- محافظة بنى سويف: تم تنفيذ تبطين نحو 1427 كيلو مترًا بتكلفة 3 مليارات و741 مليون جنيه.
- محافظة المنيا: تم تنفيذ تبطين 533 كيلو مترًا بنسبة 68٪ من المشروع، بتكلفة إجمالية حوالي 2.6 مليار جنيه.
- محافظة أسيوط: تم تنفيذ تبطين 307.9 كيلو مترات بتكلفة إجمالية بلغت مليار و989 مليون جنيه.
- محافظة أسوان: تم تنفيذ تبطين 300 كيلو متر بتكلفة مليار جنيه بنسبة 65% من إجمالي المشروع.
- محافظة الأقصر: تم تبطين ما يقارب من 500 كيلو متر.
تحلية المياه ومشروعات عديدة أخرى
رغم إعطاء أولوية ضخمة للمشروعات المذكورة، إلا أنها تأتي ضمن خطة طموحة لزيادة حجم الاستفادة من الموارد المائية بمصر وتوفيرها لتلبية احتياجات التنمية المطلوبة. تستهدف الخطة تحسين الوضع الزراعي بمصر؛ كونه المستخدم الأكبر للمياه بنسبة تتراوح ما بين 80 إلى 90%. وسيأتي ذلك عن طريق إعادة تقييم طرق الري في مساحات تعادل مليون فدان. وستزيد من قدرات إعادة تدوير مياه الصرف المهدرة ومعالجة كميات أكبر منها ما يقدر بنحو ملياري متر مكعب من مشروع مصرف “بحر البقر” فقط.
وتهدف الخطة إلى تحسين مستوى خدمة الشبكات من أجل تقليل التسرب وترشيد المياه. وتأتي في النهاية مشروعات تحلية مياه البحر التي ستنتج ما يعادل 1.5 مليار متر مكعب فى قطاع مياه الشرب حتى عام 2030، ثم 3 مليارات متر مكعب عام 2037.
كانت الحكومة المصرية قد أعلنت، في 26 مايو من عام 2022، قرارها بالتوسع في مشروعات تحلية مياه البحر في الفترة المقبلة، خاصة في المدن الساحلية والحدودية، من خلال بناء 14 محطة جديدة. ويهدف المشروع، بحسب الحكومة، إلى رفع الطاقة المائية الإجمالية لمحطات تحلية المياه في الدولة إلى نحو 1.4 مليون متر مكعب في اليوم. حيث أعدت الحكومة خطة خماسية للتوسع في إنشاء مشروعات تحلية مياه البحر من 2020 إلى 2050. تهدف الخطة إلى تأمين الاحتياجات المائية لأهداف التنمية الحضرية وتلبية متطلبات الزيادة السكانية الطبيعية في المستقبل.
وتوجد حاليًا 82 محطة تحلية تعمل في مصر، بطاقة إجمالية للمياه تبلغ 917 ألف متر مكعب في اليوم. وعلى الرغم من أن تكلفة إنتاج متر مكعب واحد في محطات التحلية تصل إلى 15 ألف جنيه، وتكلفة إنشاء محطة تحلية واحدة تعادل أربع مرات أكبر من إنشاء محطة تنقية مياه عادية، إلا أن الدولة قررت أن تسعى بكل قواها في كل الاتجاهات الممكنة لكي تضمن مستقبلًا مائيًا أكثر أمانًا لطموحاتها التنموية المختلفة. وهو ما ظهر جليًا خلال الأعوام الأخيرة بكل هذه الأنشطة الضخمة على كافة الأصعدة وغيرها من المشروعات التي يُتوقع إطلاقها خلال المرحلة المقبلة.