رحلة «القاهرة التاريخية» .. من الخروج من التراث العالمي إلى متحف مفتوح
شاء التاريخ المصري أن يكون فن العمارة واحدًا من أعظم فنونها وحجر زاوية في بناء هذا التاريخ عبر العصور، بدءًا من المصريين القدماء الذين جعلوا من معابدهم وقبورهم وأهراماتهم وتماثيلهم إحدى عجائب الدنيا، ويستمر تشييد المعمار في العصور التالية، ليزخر التاريخ المصري في العصور الرومانية واليونانية والقبطية والإسلامية بسيمفونية من المعمار النادر والمميز، تقص كل قطعة فيه جزءًا من تاريخ الإنسانية الذي تحتضنه الأراضي المصرية ليس لأبنائها فقط بل للعالم أجمع. وتضم القاهرة الكبرى العديد من المواقع والمعالم الأثرية من العصور المختلفة.
ووفق موقع وزارة السياحة والآثار، فقد تأسست القاهرة، عاصمة مصر، في عام 969م على يد جوهر الصقلي، قائد الجيش في عهد الخليفة الفاطمي المعز لدين الله. ومع توسع المدينة بمرور الوقت، أصبحت تضم العواصم القديمة التي تأسست في الجوار منذ الفتح الإسلامي في 20 ه / 641 م ، مثل الفسطاط.
وتعد منطقة القاهرة التاريخية واحدة من المناطق التي تعج بأنسجة عمرانية مختلفة؛ فالتنزه بشوارعها بمثابة تنقل عبر العصور الفاطمية والأيوبية والمملوكية والعثمانية، لتخرج منها إلى القاهرة الخديوية أو القاهرة الإسماعيلية الحديثة أو باريس الشرق كما يطلق عليها أحيانًا؛ فقد أنشأها الخديوي إسماعيل واستحضر لتخطيطها جورج هوسمان الذي خطط باريس الحالية؛ في محاولة إنشاء مشروع “باريس على النيل”، ثم إلى منطقة المسارح، لتختلط مع بعض من حاضرنا لتشكل نسيجًا حضريًا وعمرانيًا فريدًا يمتد إلى عدة طبقات من الحقب التاريخية للإنسان المصري.
وقد ضُمّت منطقة القاهرة التاريخية إلى قائمة التراث العالمي لليونسكو في عام 1979، وتغطي نحو 32 كيلومترًا مربعًا على الضفة الشرقية لنهر النيل. وتضم المنطقة نحو 537 مبنى أثريًا مسجلًا في التراث العالمي ومنظمة اليونسكو، وتحيط بها من كل الاتجاهات أحياء معاصرة من القاهرة الكبرى. وقد وُصف الموقع وقتها بأنه نسيج تاريخي لا يزال متماسكًا على نطاق واسع، وتبرز فيه المناطق المحورية التالية:
- الفسطاط، وفيها جامع عمرو بن العاص (أُسس في عام 641 م) وقلعة قصر الشمع الرومانية، وحصن بابليون بكنائسه القبطية، وأطلال وحفائر مدينة الفسطاط.
- جامع أحمد بن طولون (أُسس في عام 876م) والمنطقة المحيطة بمنطقة الصليبة والكبش، وفيها عدد من الآثار المملوكية الكبرى.
- منطقة القلعة والقصور المملوكية المحيطة بها، وجامع السلطان حسن (1356 –1359)، ومنطقة الدرب الأحمر بما فيها من شوارع تاريخية مثل سوق السلاح وخط التبانة التي تحفها آثار مملوكية وعثمانية.
- القاهرة الفاطمية، من باب زويلة إلى السور الشمالي وفيه أبواب المدينة: باب الفتوح، وباب النصر. وتشتمل المنطقة على العديد من الآثار الأيوبية والمملوكية على المحور الرئيس للمدينة (الشارع الأعظم).
- الجبانات، من الفسطاط إلى الأطراف الشمالية للقاهرة الفاطمية، بما في ذلك عدد كبير من الأضرحة والمقابر من مختلف الحقب التاريخية.
ومن أجل الحفاظ على القاهرة الإسلامية واستجابةً لبعثة مراقبة المجلس الدولي للآثار والمواقع (إيكوموس) ودواعي القلق المرتبطة بحالة التراث العمراني والمعماري للمدينة بعد زلزال 1992؛ نظمت وزارة الثقافة المؤتمر الدولي للحفاظ على القاهرة الإسلامية وترميمها بالتعاون مع مركز التراث العالمي في فبراير 2002. وفي 2008، أوصت بعثة اليونسكو بضرورة التحضير لخطة إدارة والحفاظ على ممتلك التراث العالمي؛ لوقف تدهور النسيج العمراني للقاهرة التاريخية. وفي عام 2009، اتفقت السلطات المصرية ومركز التراث العالمي على إعداد أنشطة مشتركة هدفها حماية واحياء التراث العمراني للقاهرة التاريخية.
وقد أُطلق عدد من مشروعات الحفاظ العمراني في القاهرة التاريخية، كانت البداية بدراسة اليونسكو 1980 التي توصلت إلى جملة من المشكلات التي تواجه المدينة التاريخية، مثل: فقر البنى التحتية، وارتفاع أسعار الأراضي، وانخفاض معدات الإيجارات السكنية. واقترحت الدراسة تركيز جهود الحفاظ على ستة تجمعات هي بالأساس تجمعات أثرية ومعمارية مهمة.
أعقبها مشروع لإعادة تأهيل حارة الدرب الأصفر –حارة متفرعة من شارع المعز- (1994-2001). وفي عام 1996، بدأت عملية ترميم البنايات التاريخية في الحارة (بيت السحيمي، وبيت مصطفى جعفر، وبيت الخرزاتي، وسبيل كتاب قيطاس). وتمت هذه العملية بتمويل من صندوق التنمية الاجتماعية والاقتصادية (AFESD) ومقره الكويت.
وفي 1998، أبدت الحكومة المصرية اهتمامًا كبيرًا بنتائج دراسة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) الخاصة بالقاهرة التاريخية. وفي ضوء ذلك، أُنشئ مركز لدراسات تنمية القاهرة التاريخية (CSDHC) التابع لوزارة الثقافة، وإعداد قاعدة بيانات بالتعاون مع مركز معلومات مجلس الوزراء باستخدام نظم المعلومات الجغرافية (GIS). ووضع المركز خطة تنفيذ لحماية الآثار في المنطقة هدفها: (إنقاذ الآثار المدرجة من التدهور، وتطبيق مفهوم الحفاظ الشامل وليس ترميم مباني محددة، وتقسيم العمل إلى مراحل).
وفي (1999-2002)، جرى تجديد حوالي 350 مبنى (منازل ومحال تجارية)، ضمن مشروع مجمع الأديان للحفاظ على منطقة الفسطاط. واستُكمل المشروع في عام 2003 بتمويل من برنامج مبادلة الديون الإيطالية المصرية بمشروعات التنمية، وتم الانتهاء منه في عام 2006. وفي عام 2000، دأبت مؤسسة أغاخان للثقافة (AKTC) -وهيئات التمويل الشريكة لها وبدعم من محافظة القاهرة والمجلس الأعلى للآثار وبمشاركة مجتمعية – على تطوير سلسلة من المشروعات التي تمزج المبادرات الاجتماعية والاقتصادية بتحسين البيئة المادية في الدرب الأحمر.
وفي السياق نفسه، كان مشروع إحياء منطقة السيدة زينب؛ وذلك ضمن مشروع إعادة تأهيل المناطق العمرانية حول الآثار على المسار الديني، مسار آل البيت. وكان المشروع معنيًا بتحديث البنى التحتية، وكذلك تجديد المنازل السكنية والمحال التجارية والمساحات العامة المفتوحة في المنطقة، وتم إيلاء الأهمية للمشاركة المجتمعية أثناء عملية إعادة التأهيل. وفى عام 2010، تم التنسيق مع منظمة اليونسكو ومركز التراث العالمي بباريس لإطلاق مشروع الإحياء العمراني للقاهرة التاريخية بتمويل من الحكومة المصرية.
وبوجه عام، فالقرن التاسع عشر شهد عملية التحول الكبير في بنية وصورة القاهرة التاريخية، لا سيما ما يخص نسيجها العمراني السكني. ورغم الحفاظ على عدد كبير من الآثار، فإن القصور والبيوت الكبيرة هُجرت أو قُسّمت إلى وحدات أصغر، وحل محل البيوت ذات الحدائق والأفنية عمارات ووحدات سكنية، وحدث تغير في السمات المعمارية والطبوغرافية للمنطقة. وأثرت الخسارة الجزئية في السمات التراثية لمنطقة القاهرة التاريخية.
تحديات عدة
ورغم محاولات التطوير، تعرضت المنطقة لحالة من التدهور والإهمال، خاصة في أعقاب ثورة يناير في 2011؛ فقد هُدم العديد من المباني الأثرية في المنطقة واستبدال أبنية حديثة وأبراج سكنية بها. وشهدت المنطقة كذلك تفشيًا لعمليات النهب والسرقة التي أدت إلى اختفاء قرون من الإرث التاريخي، وما بقي منها يقبع تحت رحمة التلوث والقمامة التي تعج بها شوارع المنطقة المزدحمة بالسكان، إلى جانب تسرب مياه الصرف الصحي.
وفي هذه الاثناء، أصدرت منظمة اليونسكو تقريرًا عام 2012، أكدت فيه أن الدولة لم تقدم تقريرها الدوري عن حالة صون الممتلكات، فمنذ الأحداث السياسية في يناير 2011، شهد الوضع في مصر العديد من التغييرات على المستوى المؤسسي. وقدم مشروع التجديد الحضري للقاهرة التاريخية (URHC)، الذي يديره مركز التراث العالمي، تقييمًا بناء على مسح سريع يؤكد أن هناك عمليات هدم وإعادة إعمار وإنشاءات على قطع الأراضي الشاغرة من الخارج بمباني ذات حجم غير متسق، فالارتفاعات الرأسية للمباني القائمة حتى سبعة أو ثمانية طوابق.
وتم تقديم معلومات تم وصفها بال “مقلقة” من قبل موظفي صندوق الآغا خان للثقافة (AKTC) في الدرب الأحمر الذين شهدوا حملة كبيرة في الاستيلاء على الأراضي والبناء غير القانوني، ويقدرون أنه منذ مارس 2011، هناك مئات مواقع البناء قيد الإنشاء في المدينة التاريخية. وتنبع خطورة عملية التجديد الواسعة النطاق في إنها تفتقر إلى السيطرة. وتهدد قرارات الهدم الخاصة بمئات الأبنية نسيج ونمط شوارع مدينة القاهرة القديمة بشكل لا رجوع فيه. على الجانب الآخر، لم يتم الرد على خطاب أرسلته اليونسكو إلى الأمين العام للجنة الفرعية للاعتماد في سبتمبر 2011 حول هذا الموضوع. وفي هذا الصدد، أعربت لجنة التراث العالمي عن بالغ قلقها إزاء حالة صون الممتلكات، وحثت الدولة الطرف على اتخاذ تدابير حماية عاجلة وإنفاذها.
ووفقًا لتقرير لجنة التراث العالمي عام 2015، فقد لاحظت بقلق بالغ التدهور السريع الذي لا رجعة فيه للنسيج الحضري للقاهرة التاريخية، الأمر الذي سيجعل من الصعب للغاية على الدولة الطرف الحفاظ على سمات القيمة العالمية الاستثنائية للممتلكات. وفي هذا الصدد، حثت اللجنة الدولة على وضع ضوابط أكثر صرامة، لا سيما فيما يتعلق بالهدم والتنمية من أجل استقرار الوضع الحالي للنسيج الحضري، بالتوازي مع إجراءات التوعية المناسبة.
فعلى مدى العقود السابقة، كان الاهتمام بالمنطقة اهتمامًا متقطعًا، ويتمثل في ترميم عدد من المباني بشوارع بعينها وتجاهل باقي المناطق خاصة التي تحوي مباني غير مسجلة أو مباني سكنية حتى وإن كانت تحمل طابعًا معماريًا تراثيًا، وهو ما يرجع على الأرجح إلى العبء الاقتصادي لترميم المنطقة بأكملها. فدائمًا ما كانت قضية الميزانية أحد التحديات الجوهرية التي تواجه عمليات بدء أو استمرار الترميم، خاصة في حالة الاضطراب السياسي والاقتصادي التي تلت أحداث يناير.
وبخلاف التعثر المالي لتطوير المنطقة، فقد واجهت عملية تطوير القاهرة التاريخية عدة تحديات أبرزها أن القاهرة التاريخية تعاني من كثافة سكانية عالية جدًا وهو ما خلق ضغطًا شديدًا على البنية التحتية للخدمات العامة والمرافق بالمنطقة، هذا بخلاف معاناة المنطقة من تزايد المياه الجوفية والتي أثرت على صحة وجودة الآثار، هذا إلى جانب ارتفاع معدلات التلوث البيئي نتيجة الكثافة السكانية المرتفعة وتداخل الأنشطة الصناعية والخدمية والسكنية بالمنطقة، وكثافة الحركة المرورية بالمنطقة والتي تخلق عوادم سيارات كثيفة تؤثر بالسلب على الهواء النقي الذي يتنفسه السكان ويتسبب في تآكل المباني والمعالم التاريخية وتلويث المياه الجوفية بالمنطقة، إلى حد أن شهدت المنطقة انهيارًا لأحد المباني الأثرية على مدار الفترات الماضية، وذلك بالإشارة إلى عقار رقم ٥٠ بشارع قصر النيل.
ونتيجة الانفلات الأمني ببعض الأوقات، شهدت القاهرة التاريخية تنمية عشوائية وبناءً غير مرخص في بعض المناطق، مما شوه المظهر العام للمنطقة، وهدد التراث الثقافي والمعماري، هذا بخلاف انخفاض المستوى الثقافي لسكان المنطقة وعدم تقدير القيمة الأثرية للنسيج المعماري للمنطقة، الأمر الذي أعطى المواطنين ومالكي بعض هذه البيوت شرعية التصرف في تلك البيوت التراثية؛ كبيع المشربيات والزخارف والأبواب العتيقة، أو استغلالها في تحويلها إلى مخازن وأماكن لتربية المواشي، أو هدمها لبناء أبراج شاهقة. هذا بخلاف تغيير المحال للأنشطة التجارية التراثية إلى محال لبيع سلع استهلاكية، ما أدى إلى تراجع عدد من الأنشطة التراثية فأغلب هذه المهن تنتقل بالوراثة بين أبناء العائلة الواحدة.
ومن هنا، ظهر تحدٍ أكبر بكيفية تحقيق التوازن بين التطور الحضري والسكني الذي تم على مدار السنين والحفاظ على الهوية التاريخية والتراثية للمنطقة، ومحاولة دمج المباني الجديدة مع الهندسة المعمارية التقليدية. وللأسف هذا الإهمال وعشوائية البناء الذي استمر لعقود تسبب في فقدنا قيمًا تراثية مثل: فندق شبرد القديم، ودار الاوبرا، وقبل بضعة سنوات التهمت النيران أكثر من 80 محلًا وباكية لإكسسوارات المحمول وأجهزة التصوير بمنطقة العتبة، وتسببت في خسائر تقدر ب150 مليون جنيه.
ومن هنا انطلق مخطط تطوير المنطقة بغرض تحويلها إلى منطقة جذب سياحي، وإبراز هويتها المعمارية، واستعادة مكانتها كموقع للمعيشة والعمل والترفيه لسكانها وللسياح بما يتناسب مع قيمتها التاريخية. فوفقًا لمشروع الإحياء العمراني للقاهرة التاريخية 2010، زار القاهرة الكبرى 3.8 ملايين سائح في عام 2010 ومن المستهدف أن يصل عدد السائحين في القاهرة الكبرى 8.85 ملايين سائح عام 2030.
مشروع تطوير
أُطلق مشروع تطوير القاهرة الخديوية في 13 نوفمبر 2014 بمناسبة مرور 150 عامًا عليها؛ لإعادة الوجه الحضاري للعاصمة. وبدأ المشروع بتحويل شارع الألفي وميدان عرابي وشارع الشواربي للمشاة ومعالجة الواجهات وشبكة صرف الأمطار وتوسعة الأرصفة بوسط البلد للاهتمام بالمنشأة، مع إزالة الإعلانات أعلى الواجهات والأسطح.
وفي مارس 2021، أقام رئيس الوزراء حوارًا مجتمعيًا مع سكان المنطقة؛ لمناقشة سبل التطوير، خاصة أن الدولة عازمة على حل كافة التحديات بمنطقة القاهرة التاريخية لتطويرها بما يليق بها. فمشروع تطوير القاهرة التاريخية هذه المرة لا يستهدف تطوير بعض المباني الأثرية فقط، فسبق وطرحت وزارة الآثار 10 مبانٍ أثرية للترميم في إبريل 2018، بتكلفة 21 مليون جنيه، كتمويل ذاتي، مقسمة بواقع 5 مبانٍ بمنطقة السيدة زينب والخليفة.
بل تتضمن أعمال التطوير، الحفاظ على المباني الأثرية وذات القيمة، وإعطاء الأولوية لترميم المباني التاريخية وإحياء النسيج العمراني التاريخي للمنطقة، وتشجيع استخدام شوارع المنطقة التاريخية كممرات مشاة وإعادة تنظيم حركة المركبات وتوفير مناطق انتظار للسيارات، وإحياء الشخصية الاجتماعية والثقافية والحضارية للمنطقة من خلال تراثها الملموس. وكذا الحفاظ على الحرف التراثية التي كانت جزءًا من التميز الشديد الموجود في هذه المنطقة. فباختصار مشروعات تطوير القاهرة يهدف إلى تحويل القاهرة إلى “متحف مفتوح” شاهد على كافة الحقب التاريخية التي مرت بها مصر، للمصريين والعالم أجمع.
ويقنن الاشتراطات والتدخلات بمنطقة القاهرة التاريخية والخديوية قرار المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية العمرانية برقم 04/07/09/8، وتاريخ 29/7/2009، والذي يحدد خريطة منطقتي القاهرة الخديوية والتاريخية بوصفها مناطق متميزة، فلا يجوز تقسيم أو تجزئة قطع الأراضي، ولا يجوز بناء أكثر من مبنى واحد على قطعة الأرض الواحدة. ويجب البناء على حد البناء حتى بالحوارى والأزقة الضيقة الأقل من 6 أمتار، ويتم البناء على حدود قطعة الأرض بدون ردود للداخل. مما يعني أن المنطقة ستحافظ على كافة مداخلها ومخارجها والشكل العام للمباني. ووفقًا لنفس القرار، تم تحديد موقع وحدود واشتراطات منطقة القاهرة التاريخية وفقًا للخريطة التالية:
● الحد الشمالي: يبدأ من ميدان رمسيس ويتجه شرقًا في شارع كامل صدقي، ثم شمالًا في شارع الخليج المصري، وشارع عزب باشا وصولًا إلى ميدان الظاهر، ثم شارع طور سينا، فشارع سعيد وميدان الجيش، ثم شارع مصنع الطرابيشى حتى ميدان الحلبي، ثم شارع المنصورية، ثم شارع إدارة المرور، ثم طريق صلاح سالم حتى ميدان الفردوس، ثم شارع الأمير قرقماش، ثم شارع نصر أبو الفرج حتى طريق الأوتوستراد.
● الحد الشرقي: يبدأ من طريق الأوتوستراد ثم هضبة المقطم، حتى شارع حسن حمادة، ثم طريق الأوتوستراد، ثم غربًا في شارع سيدي أبو رمانة وصولًا إلى شارع الخلاء وطريق الأوتوستراد مرة أخري.
● الحد جنوبي: يبدأ من طريق الأوتوستراد، ثم غربًا في شارع أبو الحجر، ثم شارع الغفاري وصولا إلى حفائر الفسطاط حتى كورنيش النيل.
● الحد الغربي: يبدأ من كورنيش النيل ثم يتجه شرقًا في شارع صلاح سالم، ثم غربًا في طريق قبلي مجرى العيون حتى ميدان فم الخليج، ثم شارع السد البراني، ثم شارع يوسف السباعي، ثم شارع الناصرية، ثم شارع سوق السباعين، ثم شارع جامع عابدين، ثم شارع حسن الأكبر، ثم شارع دار الكتاب، ثم شارع محمد على، ثم شارع المرجان حتى ميدان العتبة، ثم حارة الرويعي، ثم شارع كلوت بك حتى ميدان رمسيس.
وحدد القرار نفسه موقع وحدود واشتراطات منطقة القاهرة الخديوية، ووفقًا للخريطة فحدود المنطقة هي:
● الحد الشمالي: يبدأ من ميدان أحمد حلمي شمال محطة سكك حديد مصر متجها غربًا في شارع الجمرك، ثم شارع شرطة الأزبكية، ثم شارع الجلاء حتى ميدان عبد المنعم رياض وصولًا إلى كورنيش النيل.
● الحد الغربي: يبدأ من تقاطع كورنيش النيل مع ميدان عبد المنعم رياض وصولًا إلى ميدان سيمون بوليفار، ثم إلى شارع الشيخ ريحان، ثم شارع القصر العيني حتى شارع الدكتور حندوسة، ثم كورنيش النيل مرة أخرى حتى ميدان فم الخليج.
● الحد الجنوبي: ميدان فم الخليج.
● الحد الشرقي: يبدأ من ميدان الخليج في الجنوب، ثم يتجه شمالًا في شارع السد البراني، ثم شارع يوسف السباعي، ثم شارع الناصرية ثم شارع سوق السباعين، ثم شارع جامع عابدين، ثم شارع حسن الأكبر، ثم شارع محمد علي، ثم الحد الشرقي لميدان العتبة، ثم شارع حارة الرويعى، ثم شارع كلوت بك، ثم شارع الخليج الناصري، ثم شارع الوزير شمس الدين، ثم شارع سيف الدين مهران، وصولًا إلى ميدان أحمد حلمي شمالًا.
ومن الملاحظ من توصيف الحدود أن هناك مناطق تداخل بين المنطقتين، تشمل واجهات شارع محمد علي من شارع حسن الأكبر شمالًا حتى ميدان القلعة جنوبًا، ومنطقة الحلمية الجديدة المتاخمة، والتي يحدها شرقا شارع محمد على، ثم شارع على باشا، ثم شارع مهذب الدين حكيم. ويحدها جنوبًا شارع السيد الببلاوي، ثم شارع أحمد تيمور، ثم شارع حسن واصف. ويحدها غربًا شارع مصطفى سرى، ثم شارع سنجر، ثم شارع أحمد عمر، ثم شارع سكة مصطفى فاضل. ويحدها شمالًا شارع الشابورى، ثم شارع سكه عبد الرحمن بك، ثم شارع أحمد عمر، وصولًا لشارع محمد علي، وواجهات شارع الجيش من ميدان العتبة حتى ميدان باب الشعرية.
على أن تطبق اشتراطات الحفاظ على منطقة القاهرة الخديوية على جانبي شارع محمد علي من ميدان العتبة حتى ميدان القلعة، وعلى منطقة الحلمية الجديدة، وعلى جانبي شارع الجيش من ميدان العتبة حتى ميدان باب الشعرية. وتطبق اشتراطات الحفاظ علي منطقة القاهرة التاريخية على جانبي الشوارع المحددة لها، ما لم ينص على غير ذلك، طبقًا للخرائط المرفقة.
وتقوم محاور تطوير مشروع القاهرة التاريخية على: التأهيل العمراني، والتأهيل المجتمعي، والتأهيل السياحي، وتأهيل المهام التاريخية. وتقوم استراتيجية التطوير على: الحفاظ على المباني الأثرية ذات القيمة، وإعادة تأهيل الأحياء العمرانية ذات القيمة التاريخية، وإحياء النسيج العمراني التاريخي للمنطقة، وحصر الأنشطة غير الملائمة لطبيعة المنطقة التاريخية وتخصيص أماكن بديلة لها أو تشجيعها على تغيير النشاط< فعلى سبيل المثال يتم بناء مجمع ورش على مساحة 60 فدانًا على محور “جيهان السادات” لنقل عدد من الورش؛ حيث يضم المشروع 15 عمارة وفي كل واحدة 40 وحدة سكنية بإجمالي 600 وحدة ويبلغ مسطح الوحدة الواحدة 83 م2، ويضم 3 عمارات بإجمالي 60 وحدة مسطح الوحدة الواحدة 75 م2. ويتضمن المشروع أيضًا إقامة 984 ورشة حرفية بمسطح يتراوح بين 12 م2 و40 م2 للورشة الواحدة. ويشمل المشروع إقامة أسواق للجملة ومبانٍ خدمية للورش.
وعن أبرز المعالم التي تم أو جارٍ تنفيذها:
● مشروع تطوير ربع المنسترلي: الذي يقع في شارع سوق السلاح بالدرب الأحمر، وكان يخصّص لإقامة الطلبة الدارسين في مدرسة «إلجاى اليوسفي»، التي تقع إلى جواره بشارع سوق السلاح.
على أن يتم إعادة إعمار ربع المنسترلي ليعمل كفندق بتمويل من محافظة القاهرة في مقابل اقتسام العائد مع الأوقاف المالكة للربع وشارع سوق السلاح الذي يتصل بشارع الغورية ومنه إلى منطقة مسجد الرفاعي وحتى منطقة القلعة، بشكل مستقيم متقاطع على شارع الأزهر بمقابلة شارع المعز امتداد القلعة غربًا، فيما يسمى بالقصبة الجنوبية للقاهرة التاريخية.
● بيت السحيمي: يعد بيت السحيمي بالدرب الأصفر المتفرع من شارع المعز لدين الله نموذجًا فريدًا من نماذج عمارة البيوت السكنية الخاصة، بل إنه البيت الوحيد المتكامل الذي يمثل عمارة القاهرة في العصر العثماني في مصر ، وهو يتكون من قسمين: القسم الجنوبي أنشأه الشيخ عبد الوهاب الطبلاوي في سنة 1648م، أما القسم الشمالي فقد أنشأه الحاج إسماعيل شلبي في سنة 1796م ، وجعل من القسمين بيتًا واحدًا وسُمي بيت السحيمي نسبة إلى الشيخ أمين السحيمي شيخ رواق الأتراك بالأزهر وهو آخر من سكن فيه.
ويشتمل البيت على عدة قاعات تتألف كل منها من إيوانين بينهما درقاعة يتوسط بعضها فسقية من الرخام، ولبعض أسقف القاعات مناور يعلوها شخشيخة خشبية. وكُسيت جدران بعض القاعات من أسفل بوزرات الخشب المزخرف على هيئة بلاطات القيشاني، وكُسيت الأرضيات بالرخام. وبقاعات البيت مشربيات ونوافذ من الخشب الخرط ودواليب، وبالبيت كتابات أثرية تشتمل على تاريخ الإنشاء والمنشئ وقصيدة البردة للأمام البوصيري.
ويعد هذا البيت من أجمل آثار القاهرة التاريخية، وقد صدر قرار بتحويل بيت السحيمي إلى مركز للإبداع الفني تابع لصندوق التنمية الثقافية بعد ترميمه وإعادة افتتاحه عام 2000 م ليكون مركز إشعاع ثقافي وفني في منطقة الجمالية. ويعد مركز إبداع السحيمي نموذجًا فريدًا للتأثير الاجتماعي للعمل الثقافي والأثري من حيث تأثير الموقع الثقافي في المجتمع المحيط به.
● روضة الخليفة «أرض التبة»: وهي أرض فضاء تقع على تبة مرتفعة بشارع الأشراف «مسار آل البيت» بنطاق حي الخليفة، وتقع وسط العديد من الآثار الإسلامية الموجودة بالشارع، وسيُعاد تأهيلها لتصبح متنزهًا ثقافيًا خدميًا يستفيد منه سكان الحي.
● مشروع تطوير درب اللبانة: سيتم بالتنسيق مع اللجنة القومية لإحياء وتطوير القاهرة التراثية.
● مشروع تطوير الأزهر والغوري: سيتم بالتنسيق مع وزارة الثقافة لإحياء المنطقة.
● مشروع لتطویر منطقة “الدرب الأحمر”: وهي واحدة من أقدم المناطق الشعبية في القاهرة التاريخية، من خلال إعادة تأھیل المنطقة وسكانها وتحديث بنیتھا الأساسية وترميم الآثار الموجودة بھا، وذلك بالتعاون بين مؤسسة (آغاخان) للفنون والثقافة ومحافظة القاهرة، بالإضافة إلى انشاء حديقة على مساحة 70 فدانًا إلى جوار قائمة مشروعات متعددة منھا تأھیل أحد الآثار المهمة ومنھا (تكیة أبو الدھب) ومجموعة (قایتباي) وترميم سور (صلاح الدين) وغيرھا.
وتمركزت جهود المؤسسة في ثلاث مناطق عمل تتميز كل واحدة منها بطابعها الخاص واحتياجاتها وفرصها، وهي: طريق برج الظفر والمناطق المحيطة به مباشرة، وحي أصلم، ومنطقة باب الوزير وامتدادها على طول شارع الدرب الأحمر.
وفى إطار مشروع خاص لتدريب أبناء الحي في مجال الحرف المعرضة للاندثار. ويشمل المشروع الجديد وضع موسوعة علمية للحرف التقليدية وروادها من كبار وشيوخ الصناعة في كل مكان قبل أن تندثر ويختفي روادها، وهذا يتطلب تدريب فريق من الباحثين من أبناء المنطقة تحت إشراف لجنة من كبار الخبراء المتخصصين في التراث الشعبي والفنون لتكون معدة للصدور في شكل سلسلة كتب.
● سور مجرى العيون: وهو مشروع يُقام على مساحة 95 فدانًا، وتعد ضعف مساحة منطقة مثلث ماسبيرو. ويشمل المشروع تنفيذ عمارات على طراز تراثي، بواقع ٧٩ عمارة، تضم ١٩٢٤ وحدة، مساحة الوحدة ١٥٠ م٢، وكل عمارة بمساحة ٦٠٠ م٢، وتضم ١٨ وحدة تجارية. ويشهد كذلك إقامة عدد من المشروعات الترفيهية والسياحية يستفيد منها كافة المواطنين، فيقام مول تجاري ترفيهي فندقي على مساحة 12.5 فدانًا، وأسواق متنوعة تشمل منتجات الحرف التراثية، مثل: الخيامية، والمغربلين، والصاغة، والنحاسين، وغيرها من المنتجات التي اشتهرت بها القاهرة التاريخية. وهو مشروع يأتي ضمن خطة كبيرة وجّه بها الرئيس عبد الفتاح السيسي بها لإخلاء المدن المصرية من المناطق غير الآمنة، والأهم أن هذا التطوير يأتي ضمن المشروع الكبير لإحياء القاهرة التاريخية وإعادة رونقها واستخداماتها الثقافية والحضارية، وإقامة مشروع متكامل يحترم طابع الحضارة الإسلامية.
● نقل المدابغ وإنشاء مدينة للجلود: نُقلت جميع الورش والمدابغ إلى المدينة الجديدة للجلود بمنطقة الروبيكى، ونُقلت 1500 أسرة من منطقة سور مجرى العيون إلى المدن الجديدة التي أُنشئت خلال الفترة الماضية مثل مدينة الأسمرات، ومناطق الإسكان الجديد في مدينة بدر وغيرها.
● تطوير شارع المعز لدين الله الفاطمي: في 22 فبراير 2021 مر 13 عامًا على افتتاحه كأكبر متحف مفتوح للآثار الإسلامية، ويرجع تاريخ إنشائه إلى عام 265م، ليصبح سوقًا شاملة من يدخل من بوابتها لا يمكن أن يخرج قبل أن يجد كل ما يحتاج، وكان من أشهر الأسواق في العالم وقتها. والعجيب أن داخل شارع المعز لا يمكن أن تشعر بحرارة الشمس الحارقة، فقد تعمد المهندسون أن يكون تصميم الشارع متعرجًا؛ لكي يحمي الزائرين من حرارة الشمس.
وكان شارع المعز يتوسط القاهرة ويمتد من باب الفتوح لباب زويلة، ويحده من جهة اليمين باب النصر واليسار باب زويلة. والباب الرئيس لدخول “متحف الآثار الإسلامية المفتوح “شارع المعز”، هو باب الفتوح. ويضم الشارع ضريح «سيدي العارف بالله حسن الذوق»، ومسجد الأقمر، و«مجموعة السلطان قلاوون»… وهي مجموعة شاملة تضم مدرسة ومستشفى وسبيلًا ومسجدًا، أنشأها السلطان المملوكي سيف الدين قلاوون، لتكون مجموعة من المنابر التي تحاكي التعليم والدين والصحة وأعمال الخير، وظلت كذلك حتى توقف نشاطها.
وكانت بداية تطويره في عام 2008 وانتهت في عام 2010، فتم تطوير المرافق العامة وترميم المباني، ولكن تم تدمير كل ذلك بعد الثورة وحدث هبوط أرضي مما دمر الأرضيات والمحلات الموجودة بالمنطقة وتكسر رخام الأرضيات، وسُرقت كشافات الإضاءة التي كانت موجودة بالمنطقة. ثم أعيد تطويره مرة أخرى بعد الثورة من خلال ثلاث مراحل بتكلفة 55 مليون جنيه.
● مشروع إحياء قصر الأمير بشتاك: يقع هذا الأثر بشارع المعز لدين الله الفاطمي بمنطقة النحاسين بجوار سبيل الأمير عبد الرحمن كتخدا وأمام المدرسة الكاملية وحمام السلطان اينال. أنشئ هذا القصر على جزء من أرض القصر الكبير الشرقي وهو أحد القصور الفاطمية العظيمة، وامتدت إليه يد الاغتصاب وتناوله الإهمال حتى آل إلى الاندثار. ومع ذلك، فإن البقية الباقية منه الآن تنبئ عما كان عليه هذا القصر من فخامة وجمال. وقد هدم بشتاك في إنشاء هذا القصر عدة مساجد إلا انه أبقى على واحد منها لا يزال باقيًا حتى اليوم وهو المعروف بزاوية الفجل، ويرجع تاريخ إنشاء هذا الأثر إلى سنة ( 735 – 740ه/1334 – 1339م ).
منشئ هذا القصر هو الأمير سيف الدين بشتاك الناصري، كان أحد أمراء الناصر محمد بن قلاوون، ترقى في المناصب حتى وصل إلى رتبة أمير، وكانت نهايته على يد الأمير قوصون منافسه الكبير الذى دبر له مكيدة للتخلص منه، وذلك في أثناء حكم السلطان الملك الأشرف علاء الدين كجك بن الناصر محمد بن قلاوون الذى حكم سنة ( 742ه / 1341م ).
وعانى قصر الأمير بشتاك سنوات طويلة من الإهمال وعدم إجراء أعمال صيانة أو ترميم له، وخاصة في النصف الثاني من القرن العشرين، إلى أن تدخل مشروع تطوير القاهرة التاريخية بمشروع ترميم شامل للقصر بداية من عام 2003 وانتهى في عام 2007 بتكلفة حوالي 6 ملايين جنيه. ثم صدر قرار وزير الثقافة رقم 510 لسنة 2009 بتخصيص قصر الأمير بشتاك بشارع المعز لدين الله، ليكون مقرًا لبيت الغناء العربي كأحد مراكز الإبداع الفني التابعة لصندوق التنمية الثقافية.
● مشروع ترميم مسجد الظاهر بيبرس: بدأت أعمال الترميم في شهر يونيو عام 2017، بإجمالي قيمة التعاقدات حوالي 76 مليون جنيه. وتقدمت دولة كازخستان بمنحة لترميم المسجد، بقيمة 4.5 ملايين دولار. وشملت أعمال الترميم: الأعمال الإنشائية، وتخفيض منسوب المياه الجوفية بالمسجد، وإعادة بناء الإيوانات المفقودة، والأسقف والأعمدة الرخامية، وإعادة بناء القبة والمئذنة، وترميم الأجزاء القديمة بإيوان القبلة، وأعمال الترميم الدقيق والمعماري، وأعمال البياض، واستبدال الأحجار التالفة والمتهالكة، وأعمال تنسيق الموقع العام، وأعمال الكهرباء والإضاءة، وأنظمة الصوتيات والسمعيات.
● تطوير ميدان التحرير: بتوحيد لون المباني المحيطة، وتركيب مسلة “رمسيس الثاني” التي نُقلت من صان الحجر، ليصبح بمثابة متحف مفتوح أمام المتحف المصري، وتنفيذ نظام إضاءة للميدان والمنطقة بالكامل عن طريق شركة الصوت والضوء. وتم تصميم كتلة خرسانية تفصل محطة مترو الأنفاق عن المنطقة المخصصة لوضع المسلة الفرعونية والكباش، لضمان عدم تأثر «محطة السادات» أو الآثار بأي أضرار، ويصل وزن المسلة إلى 100 طن، بالإضافة إلى 60 طنًا تمثل وزن الكباش الأربعة.
وتضمن المشروع كذلك تحسين الصورة البصرية لمنطقة وسط القاهرة، وتضم عددًا من المباني التاريخية في منطقة ميدان طلعت حرب، وشارع قصر النيل، وميدان مصطفى كامل. وشملت أعمال التطوير إزالة اللافتات من على واجهات المحلات ووضع لافتات مؤقتة.
كذلك تم تطوير مجمع التحرير بإنفاق مبلغ يصل لـ8 ملايين جنيه عليه لإعادة واجهاته لأصلها كما كانت في عام 1951 وإزالة التشوهات التي طالت المبنى عقب ثورة يناير، وأيضًا كوبري قصر النيل أنفق عليه نحو 8 ملايين لتطويره، لكن تعرضت أجزاء مطورة للتهشم والتشويه، مما يشير إلى عدم وجود متابعة وصيانة دورية.
لكن تدخل الصندوق السيادي للدولة بدور المطور العام لأصول المنطقة لإعادتها لرونقها بالشراكة مع مستثمرين دوليين ومحليين، واستغلال الأصول المنقولة للصندوق السيادي بمنطقة وسط البلد من جهات حكومية مختلفة ومنها مجمع التحرير الذي يأتي ضمن باكورة الأصول التي سيتم تطويرها ضمن المخطط الطموح لمنطقة القاهرة الخديوية.
وكذلك تم تطوير جزء كبير من كورنيش النيل بالقاهرة، كذلك تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع ممشى أهل مصر على ضفاف النيل الآن، بطول ٢ كم من كوبرى ١٥ مايو وكوبرى إمبابة. وتضمن المشروع إنشاء مرسى ومسرح ومطاعم بممشى أهل مصر وإنشاء مرسى يخوت، ولسان مشاة على النهر، ومسرح مكشوف للحفلات الغنائية على النيل وأماكن جلوس ونوافير، وبرجولات. ولا يقتصر العمل على المباني، بل على تخطيط الشوارع والميادين. وللمرة الأولى سيكون هناك مسارات للمشاة، وأخرى للدراجات بالقاهرة الخديوية، وسيتم القضاء على ظاهرة الباعة الجائلين للأبد، وسيتم تنظيم عمل أسواق اليوم الواحد، وستكون هناك سوق منظمة بكل حي.
● مشروع تطوير “قرافة المماليك”: وتضم المنطقة الجنوبية من القرافة 15 أثرًا تعود إلى العصر المملوكي، مثل: مجموعة ابن برقوق، ومسجد الأشرف برسباي والأمير قرقماس؛ فهناك مشروع للتنسيق الحضاري لتحويلها إلى مزار سياحي، وأن يكون لها هوية بصرية خاصة بها، وأن يتم ربطها بالمنطقة المحيطة.
ويتضمن المشروع ترميم وإعادة استخدام عدد من المباني الأثرية، وهى: قبة الكلشني، وسبيل وساقية السلطان قايتباي، وبقايا قصر السلطان قايتباي “تربة الأمير منكلي بغا”. وفيما يخص قبة الكلنشي، فسيتم تنظيف الحوائط الحجرية بها، وترميم الأعمال الخشبية والمعدنية، وتعديل مستوى السطح وشبكة تصريف مياه الأمطار، وعمل إجراءات وقائية للتعامل مع مشكلة منسوب المياه الجوفية المرتفعة، وعمل معالجة للرسومات والنقوش وترميم وصيانة شاهد الضريح الرخامي بغرفة الدفن.
وبالنسبة لبقايا قصر السلطان قايتباي والمعروف باسم “القصر المنسي”، فإن الجزء المتبقي منه هو مقعد السلطان قايتباي والذي يتكون من صالة استقبال كبيرة مرتفعة فوق صف من غرف للتخزين، وهو الجزء الوحيد من القصر الذي لا يزال في حالة جيدة.
● تطوير وتطهير بحيرة عين الصيرة “عين الحياة”: في بحيرة عين الصيرة تم توريد مكونات النوافير وتجميعها وجارٍ تركيب 13 نافورة بارتفاع 2.5م خلف المسرح، بالإضافة إلى 4 مجاميع مكونة من نافورة كبيرة بارتفاع 8م وحولها 8 نافورات بارتفاع 2,5 م، وجارٍ تركيب شبكة الري العادية لري الأشجار والنخيل، وفي الوقت نفسه جارٍ تنفيذ أعمال زراعة النجيلة والنخيل والأشجار شاملة شبكة الري بالرش والتنقيط، إلى جانب أنه جارٍ حاليًا تنفيذ طبقات الإحلال للمشايات الرئيسية والفرعية.
ويستهدف المخطط تعزيز الربط بين المناطق التاريخية من خلال نظم نقل عام نظيفة ومتنوعة تتيح انتقال أكثر استدامة مثل الأتوبيسات الكهربائية البانورامية والتلفريك وحركة المشاة والدراجات وتقليل الحاجة إلى استخدام السيارات الخاصة. فمن المستهدف أن يربط التلفريك بين حديقة الفسطاط وحديقة الأزهر، بينما يربط الأتوبيس الكهربائي بين القاهرة الفاطمية والفسطاط. ومن المخطط أن تشمل المرحلة الثانية من مشروع تطوير منطقة الفسطاط، تطوير حديقة الفسطاط، وربطها بحديقة عين الصيرة، التي يجري الانتهاء من تطويرها، وكذلك تطوير المناطق المحيطة بمنطقة سور مجرى العيون، التي يتم تطويرها حاليا.
وجارٍ إنشاء 6 كباري بمنطقة عين الحياة ضمن مشروع محور الحضارات، حيث يتم إنشاء 3 كباري من إجمالي 6 كباري تربط المنطقة بالطريق الدائري وطريقي صلاح سالم والأوتوستراد، والعاشر من رمضان للاستفادة القصوى من المنطقة التاريخية.
وفي هذا الصدد، انتُهي من إخلاء عزبة أبو قرن من المباني العشوائية، والتي تقع على مساحة تصل لنحو 28 فدانًا، تمهيدًا لبدء أعمال التطوير بالمنطقة ضمن مشروع تطوير حدائق الفسطاط. وأُخليت العزبة من قاطنيها، وعددهم 4700 أسرة وأُعيد تسكينهم في وحدات سكنية بديلة مجهزة بالأثاث بمشروع معًا الحضاري، بمدينة السلام.
● تطوير حديقة مسجد المحمودية بدرب اللبانة: ويشمل تطوير الواجهات، وترميم مبانٍ أثرية، ثم إنشاء المباني الجديدة ضمن خطة التطوير، ويتم تطوير حديقة مساحتها 2000 فدان، يحيطها مسجد قاني باي الرماح، ومسجد المحمودية، وتطل على مسجد السلطان حسن، ومسجد عمرو بن العاص، وسور قلعة صلاح الدين.
● مشروع تطوير جامع عمرو بن العاص: يتم على مساحة 12 ألف م2، وسيضم 4 حوائط زراعة متدرجة، و3 نوافير، و 12 حوض زراعة، و 174 حوض نخيل، وتطوير البوابات، ويشهد المشروع تنفيذ حديقة الاستقبال، وممشي البستان، والمركز الإبداعي للأطفال، ومبني متعدد الاستخدامات، ومنطقة تفاعل الأطفال مع الحيوانات الأليفة، والحديقة التذكارية، والحديقة النباتية، والمجسم الأيقوني، والساحة الاحتفالية، ومواقف للانتظار، ومداخل الحديقة، وبعض المناطق الأخرى. وكذا تطوير السوق لتضم حرفًا تراثية أبرزها أعمال الزجاج، والسيراميك، والشمع، والغزل والنسيج، مع تطوير منطقة المقابر، وموقع حفائر الفسطاط، والمركز الترفيهي لحديقة الفسطاط، ومدرج الصخور الطبيعية، وساحة الشهداء، وساحة القلعة، وساحة الحديقة، وممر الوادي، ومنصة الأداء، وحديقة المجتمع، وساحة لانتظار السيارات.
عوائد اقتصادية
منطقة القاهرة التاريخية هي منطقة سياحية مفتوحة للجمهور، وهي مناسبة لإقامة فعاليات مختلفة مثل: الإبداع الثقافي، والرسم، والسينما، والأداء، والشعر، والحكي، والسيرة الهلالية، وكذلك صناعات الحرف اليدوية القريبة من التراث الشعبي للمكان مثل صناعة النحاس والفخار والخيامية وغيرها.
إعادة تطوير المنطقة أسهم في تعزيز الأنشطة الاقتصادية بالمنطقة، فيجري إقامة فندق سياحي ذي طابع تاريخي بموقع وكالة الشوربجي، يوفر تجرية مميزة للإقامة للراغبين في زيارة هذه المنطقة والتعرف على أسرار حضارتها. ومن المقرر أن الفندق المخطط إقامته ستطل واجهاته على كل من شارع المعز، ودرب المغاربة، وباب الفتوح، ويضم 28 غرفة فندقية، كل غرفة بمساحة 35 م2، و 8 أجنحة فندقية، بمساحة 51 م2 لكل جناح، و جناحين بمساحة كل جناح 81.5 م2.
هذا إلى جانب توارد أنباء عن فوز شركة هيلتون العالمية بإدارة فندق بمشروع سور مجرى العيون، بعد منافسة قوية مع 4 شركات عالمية على الإدارة كانت من بينها 3 فنادق وهي: ماريوت، وفور سيزون، وسويس إن. ويضم الفندق أكثر من 1200 غرفة فندقية متميزة. يضاف إلى ذلك أن خلق وتطوير المناطق السياحية، يدعم حركة عجلة الاقتصاد الخدمي بالتوازي مع هذه الأنشطة، ما يخلق فرص عمل جديدة، ويزيد من الدخل القومي، إلى جانب كونه يعمل على زيادة النشاط السياحي.
في ختام الحديث عن تطوير القاهرة التاريخية والتراث المعماري، يمكننا أن نرى بوضوح التزام مصر بالمحافظة على هذه المدينة العريقة وتطويرها، وتم تنفيذ مشاريع تطويرية ضخمة مثل: تحسين البنية التحتية، وتوسيع الشوارع، وتطوير المناطق السكنية والتجارية، وتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على التراث الثقافي في المجتمع المصري، وتشجيع الاهتمام بالتراث من خلال إقامة معارض ومهرجانات ثقافية، وتوفير التعليم والتوعية للجمهور حول القيمة العميقة للتراث المحلي. وتهدف هذه المشاريع إلى تعزيز رفاهية سكان المنطقة وتعزيز جاذبيتها السياحية واقتصادها.
أخيرًا، فتطوير القاهرة التاريخية والحفاظ على التراث يمثلان تحديًا مستمرًا يتطلب الجهود المشتركة من الحكومة والمجتمع المدني والمؤسسات الثقافية والمواطنين. فاستدامة الجهود في هذا المجال وصونها سيضمن أن تظل القاهرة التاريخية مكانًا مميزًا يعكس الهوية المصرية العريقة ويستقطب السياح والزوار من جميع أنحاء العالم.