أفريقيامصر

المؤتمر والمعرض الطبي الأفريقي الثاني.. منصة لتوحيد الجهود الأفريقية

انطلقت اليوم 6 يونيو 2023 فعاليات المؤتمر والمعرض الطبي الأفريقي الثاني تحت شعار “وضع أفريقيا كمحور قاري للابتكار الصحي والتجارة” بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي. وتستمر فعاليات المؤتمر من 6- 9 يونيو 2023، بمشاركة أكثر من 90 دولة، علاوة على عدد كبير من الحضور من وزراء ورؤساء شركات وممثلي الحكومات ورواد الصناعات الطبية في الشرق الأوسط وأفريقيا؛ لمناقشة التحديات التي تواجه الدول الأفريقية في القطاع الصحي، خاصة وأن جائحة كوفيد-19 قد دقت ناقوس الخطر بوجود قصور حاد في المنظومة الصحية.

يهدف المؤتمر في نسخته الثانية إلى خلق شراكة مستدامة بين الدول الأفريقية برعاية مصر لحل المشاكل الصحية داخل القارة. وعلاوة على ذلك فإن المؤتمر والمعرض يجمعان كل ممثلي الرعاية الصحية؛ لتوفير فرصة فريدة من نوعها لاستكشاف ما يتم تقديمه في مختلف القطاعات مثل: المستلزمات الطبية، والمعدات الطبية، وغيرها.

الوضع الصحي في أفريقيا

الإنفاق الصحي: احتلت أفريقيا في عام 2019 طبقًا لبيانات منظمة الصحة العالمية المرتبة الخامسة بين قارات العالم، حيث تم إنفاق 5.3٪من ناتجها المحلي الإجمالي على الصحة، لكنها أحرزت تقدمًا في بعض المؤشرات الصحية. في الواقع، لا يتعلق الأمر بالإنفاق أكثر، بل يتعلق بالإنفاق بشكل أكثر إنصافًا؛ فالميزانيات الضعيفة وتقليص الموارد المتاحة للصحة أدى إلى ارتفاع النفقات وتطبيق أنظمة صحية غير عادلة.

الشكل رقم (1) الانفاق الصحي في قارة أفريقيا 2019..
المصدر: منظمة الصحة العالمية، أطلس الإحصاءات الصحية الأفريقية لعام 2022

الكوادر الطبية: هو تحدٍ كبير يواجه القطاع الصحي في أفريقيا، ويعرقل وصولها إلى تحقيق التغطية الصحية الشاملة؛ وذلك بسبب عدم توافر القوى العاملة المؤهلة بصورة كافية. في عام 2018، كان لدى أفريقيا أقل كثافة للأطباء بنسبة 2.9 لكل 1000من السكان. وتواجه القارة كذلك هجرة الأطباء بنسب كبيرة إلى الدول المتقدمة. وتلاحظ وجود نقص في عدد الممرضات؛ إذ يبلغ 12.9ممرضة لكل 10000نسمة.

البنية التحتية الصحية: يبلغ المتوسط العالمي لكثافة أسرّة المرضى هو 27 سريرًا لكل 10000 من السكان، في حين أن المتوسط لأفريقيا طبقًا لبيانات منظمة الصحة العالمية هو 10 أسرة فقط لكل 10000من السكان. وكذلك من ضمن تحديات البنية التحتية رصد حجم الإصابة الفعلي في حالة وجود أوبئة، وذلك نظرًا إلى ضعف المؤشرات المعلوماتية، واعتمادها على أساليب بدائية، بحيث يصعب مشاركتها على المستويات المحلية والدولية. ذلك علاوة على طرق التوعية الصحية؛ إذ يؤدي نقص الإمدادات الكهربائية إلى صعوبة استخدام وسائل الإعلام السريعة، وبالتالي تتمثل طرق التوعية في المجهود البشري على الرغم من بطئ فاعليته.

الشكل (2) أسرة المستشفيات في قارة أفريقيا..
المصدر: منظمة الصحة العالمية، أطلس الإحصاءات الصحية الأفريقية لعام 2022

الأدوية الأساسية: فطبقًا لبيانات منظمة الصحة العالمية إن أكثر من نصف سكان أفريقيا لا يتمتعون بإمكانية الوصول الكامل إلى الأدوية الأساسية. وتظل معظم الدول لديها إنتاج منخفض من الأدوية الأساسية، ولذلك هناك كثير من الدول تعاني من نقص الأدوية في المستشفيات والصيدليات.

المؤتمر الطبي الأفريقي الأول

مما سبق يتبين أن عقد المؤتمر الطبي الأفريقي أمر مهم ضمن الدور المصري لدعم القارة الأفريقية على النهوض بالمنظومة الصحية، خصوصًا في ضوء محدودية مقدراتها. وهو كذلك يخلق حلقة وصل طبية بين الدول الأفريقية خلال الأزمات والجوائح. وقد ناقش المؤتمر الطبي الأفريقي الأول في يونيو 2022 التحديات التي تواجه الدول الأفريقية في القطاع الصحي بعد كوفيد- 19، وسبل توطيد التعاون بين دول القارة لإتاحة خدمات الرعاية الصحية وتوفير الأدوية واللقاحات في كافة دول القارة.

واختُتم المؤتمر بعدة توصيات من أهمها: إطلاق مبادرة “صحة أفريقيا.. من توريد العلاج إلى الشفاء”، والتي تهدف إلى توسيع القدرات الأفريقية البشرية والمادية لإنتاج اللقاحات ومستلزمات العلاج بحلول عام 2030، فضلًا عن تعزيز الموقف التفاوضي للدول الأفريقية في استيراد الدواء ومستلزمات العلاج التي لا يتم إنتاجها في القارة، وتتمثل أهم مخرجات المؤتمر في التالي:

العمل على القضاء على فيروس التهاب الكبد الوبائي “بي”: وذلك بالتعاون مع الهيئات الدولية والاتحاد الأفريقي عن طريق البدء في تطبيق التطعيم ضد فيروس «بي» مع الولادة، وتوفير العلاج الفعال للحالات التي تعاني من تليف بالكبد نتيجة للإصابة بالفيروس وبسعر مناسب، إضافة إلى الاستفادة من التجربة المصرية في مكافحة فيروس «سي» عن طريق نقل الخبرات والكوادر المدربة وكذلك أدوات التشخيص والعلاج الفعال المنتج في مصر.

تعزيز التعاون في مجال صحة الأم والطفل: عن طريق تبادل الخبرات بين دول شمال وجنوب القارة وغربها، وتضم النواة الأولى كلًا من: مصر، ونيجيريا، وجنوب أفريقيا، والمغرب. وكذلك تبادل خبرات أطباء الأطفال ومساندة إطلاق الأبحاث العلمية في هذا المجال، لا سيما مكافحة السمنة وضمان حق التعليم للفتيات.

عقد دورات التدريبية للعاملين بالقطاعات الصحية الأفريقية: وذلك في الموضوعات المرتبطة بتصميم وتطبيق السياسات الصحية، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية خلال العامين المقبلين.

إطلاق قاعدة بيانات إلكترونية موحدة تربط بين كافة الدول الأفريقية: لتيسير التعاون القاري في المجال الصحي على مستوى الخبراء والشركات.

توطين الصناعات الدوائية في القارة: عبر مضاعفة الجهود لإنتاج اللقاحات والمستلزمات الطبية الأخرى.

تكثيف التعاون بين الجهات الصحية الأفريقية المختلفة: من خلال الاتفاق على حزمة من الإجراءات، من بينها: إجراء بحوث مشتركة مبنية على الاحتياجات المجتمعية مع الاستفادة بالتكنولوجيات الجديدة، وتبادل وعرض الملفات الطبية، وتبادل السياحة العلاجية، وعلى نحو يسهم في إثراء الخبرات الوطنية لدول القارة.

التعاون في مجال إصلاح وتجديد نظم التعليم الطبي: من خلال تفعيل تطوير المناهج الطبية ونظم الامتحانات، وكذلك توحيد طرق التقييم لتراخيص الأطباء والاعتراف المتبادل بها بين الدول الأفريقية، على أن تكون البداية بين مصر ونيجيريا.

جهود مصرية لدعم القارة الأفريقية

سعت الدولة المصرية خلال السنوات القليلة الماضية إلى دعم دول القارة الأفريقية في المجال الصحي، بداية من إطلاق الرئيس عبد الفتاح السيسي عدة مبادرات صحية من أجل أفريقيا، وهي كالتالي:

مبادرة “علاج مليون أفريقي من فيروس “سي”: أُطلقت في مارس 2019 خلال ملتقى أسوان للشباب العربي الأفريقي، وجرى من خلالها فحص ما يقرب من 11964 مواطنًا بجنوب السودان، ونحو 15997 مواطنً في تشاد. ومن خلال المبادرة، تم تقديم العلاج لمن ثبتت إصابتهم بشكل مجاني، فضلًا عن إرسال شحنة من المساعدات الطبية إلى جنوب السودان تضم أدوية علاج فيروسى “سي” و “بى”. كذلك تم نقل التجربة المصرية للاستفادة منها ونقلها إلى دول شمال وجنوب القارة الأفريقية في مجال مكافحة فيروس “سى” عن طريق نقل الكوادر الطبية المدربة، علاوة على الاهتمام بتعزيز التعاون في مجال صحة الأم والطفل 

مبادرة “تحيا مصر أفريقيا“: شملت مجموعة من القوافل الطبية في مجال الرمد إلى مدينة جوبا عاصمة جنوب السودان؛ لفحص وقياس النظر بشكل مجاني لكل تلاميذ المدارس والبالغين. وقامت الفرق الطبية بجولات ميدانية على المدارس لفحص وقياس النظر لطلبة المدارس، وتم صرف النظارات الطبية مجانًا للطلاب لمن يحتاج إليها، وتم إمداد الفرق الطبية بأحدث المستلزمات الطبية وتجهيز جميع العيادات بأمهر الأطباء لفحص الطلاب وكذلك متابعة المفحوصين.

مساعدات لمواجهة جائحة كورونا، أرسلت الدولة المصرية مساعدات إلى 30 دولة أفريقية لمواجهة جائحة كورونا. وجاءت قيمة المساعدات حوالي 4 ملايين دولار في شكل مساعدات عينية طبية؛ لاحتواء التحديات الناجمة عن انتشار الجائحة. وجاءت هذه المساعدات على ثلاث مراحل: شملت المرحلة الأولى 10 دول أفريقية، بقيمة تقارب 1.6 مليون دولار، ثم الشريحتين الثانية والثالثة استهدفتا 20 دولة أفريقية. وتضمنت هذه المساعدات كذلك تقديم 30 مليون جرعة لقاح ضد فيروس كورونا حسب توجيه الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال المؤتمر الطبي الأفريقي الأول، وبالتنسيق مع الاتحاد الأفريقي.

مما سبق، يمكن القول إن المعرض الطبي الأفريقي بمثابة منصة لتوحيد الجهود الأفريقية على الصعيد الصحي لمواجهة التحديات القائمة، لأن التعاون الأفريقي هو طوق النجاة لشعوب للقارة. 

منى لطفي

باحثة بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى