على طاولة الحوار الوطني…. كيف تتخطى مصر تحديات الأمن الغذائي؟
تعد قضية الأمن الغذائي من القضايا المهمة التي ستُناقش على طاولة الحوار الوطني، خاصة في الوقت الذي تشهد فيه الدولة المصرية مجموعة من التحديات التي تعوق طريقها في تحقيق استقرار مستدام في ملف الغذاء؛ فمنذ 2008 مر العالم بأكمله وليست الدولة المصرية فقط بأصعب أزمات والتي يمكن القول إنها “نكبات” فرضت الكثير من التحديات على حالة الزراعة والأمن الغذائي.
تمثلت الأزمة الأولى في الأزمة الاقتصادية العالمية والتي بدأت في 2008، والثانية ما يسمى بالربيع العربي في 2011 والذي أثر على قدرة الدولة على إنتاج الغذاء بشكل مستدام، الثالثة جائحة “كوفيد-19” والتي عطلت سلاسل الإمداد وقدرة الأراضي على الإنتاج وتبعها زيادة في ارتفاع أسعار المواد الغذائية نتيجة زيادة الطلب وقلة المعروض، الرابعة مع دخول العالم في محاولة التعافي من آثار “كوفيد-19″، ظهرت أزمتان، وهما ظهور آثار التغيرات المناخية، والصراعات بين الدول مثل الأزمة الروسية- الأوكرانية، مما أثر على تحقيق التنمية بشكل عام، والأمن الغذائي بشكل خاص، وإن كانت هذه التحديات ستجعل الدولة أكثر حرصًا على مواصلة جهودها لتحقيق الاستقرار الغذائي.
سعت الدولة المصرية خلال السنوات الماضية لتأمين حق المواطن في الغذاء، فقد نص الدستور المصري في المادة رقم (79) بأن “لكل مواطن الحق في غذاء صحي وكاف، وماء نظيف، وتلتزم الدولة بتأمين الموارد الغذائية للمواطنين كافة. كما تكفل السيادة الغذائية بشكل مستدام، وتضمن الحفاظ على التنوع البيولوجي الزراعي وأصناف النباتات المحلية للحفاظ على حقوق الأجيال”
كذلك يعتبر “الحق في الغذاء”، أحد مستهدفات الاستراتيجية الوطنية لحقوق الانسان، سواء من خلال العمل على تعزيز توفير الاحتياطي من السلع الاستراتيجية، ودعم منظومة الخبز في كافة محافظات الجمهورية، وتبنى الخطط الملائمة لتحقيق أهداف نمو الإنتاج الزراعي المحلى، وتوفير المياه اللازمة لزيادة الرقعة الزراعية، وتنمية الثروة الحيوانية والداجنة والسمكية. وبناء على ما سبق، سوف نعرض من خلال هذا التقرير المؤشرات العامة لمنظومة الأمن الغذائي، وكذلك التحديات التي تواجه الدولة المصرية والسياسات الواجب اتباعها خلال السنوات القادمة.
مؤشرات عامة
وفقًا للتعريف الصادر عن مؤتمر القمة العالمي للغذاء عام 1996، يتحقق الأمن الغذائي “عندما يتمتع جميع الناس، في جميع الأوقات، بإمكانية الحصول المادي والاقتصادي على أغذية كافية وسليمة ومغذية تلبي احتياجاتهم الغذائية وأفضلياتهم الغذائية من أجل حياة نشطة وصحية”. ويتبين من خلال هذا التعريف أن الأمن الغذائي يتوفر بتحقيق أربعة مرتكزات رئيسة وهي:
الإتاحة: أي تمكين الأفراد من الحصول على كميات كافية من الموارد الغذائية، ولا يشترط إنتاج هذه الكميات محليًا؛ إذ يمكن أن يتم توفيرها من خلال الإنتاج المحلي أو عبر الاستيراد أو استقبال المساعدات الغذائية.
الحصول على الغذاء: يستهدف هذا المكون قدرة الأفراد على الحصول على الموارد المادية التي تمكنهم من الحصول على الكميات الكافية من الغذاء، وكذلك السياسات التي تتبعها الدولة للفئات الأكثر احتياجًا لمكافحة الفقر.
استمرارية الإمداد الغذائي في كافة الأوقات: أي تدفق المواد الغذائية دون انقطاع حتى في ظل وجود أزمات اقتصادية أو مناخية.
الشمولية: بأن يشمل الإمداد الغذائي كافة طبقات المجتمع بشكل يتناسب مع الدخل.
يرتبط تحقق الأمن الغذائي المصري بالعديد من العوامل التي تؤثر في إنتاج السلع الغذائية أو الحصول عليها والعمل على استدامتها، ومن أهم تلك العوامل الموارد المرتبطة بقطاع الزراعة بوصفه المكون الرئيس لمنظومة الأمن الغذائي في مصر والتي تضم قطاعين رئيسين هما: موارد قطاع الزراعة تشمل مساحة الأراضي الزراعية، والموارد المائية، الثروة الحيوانية والداجنة والسمكية، استثمارات القطاع الزراعي؛ والسلع الغذائية الرئيسة تشمل السلع الغذائية الاستراتيجية (القمح- الأرز–الذرة الشامية- الفول الجاف-السكر- الزيوت النباتية)، المنتجات الحيوانية (اللحوم الحمراء- الدواجن- الأسماك)، منتجات الألبان والبيض.
في البداية، يجب إيضاح المؤشرات العامة للأمن الغذائي في مصر< إذ بلغت مساحة الأراضي المنزرعة خلال العام 2019-2020 حوالي 9.5 ملايين فدان مقابل 9.1 ملايين فدان في العام 2014-2015. وزادت كذلك مساحة الأراضي المحصولية بنحو 16.2مليون فدان عام 2019-2020 مقابل 15.64 مليون فدان في العام 014-2015.
شكلت مجموعة الحبوب أعلى نسبة من حيث المساحة المنزرعة؛ إذ بلغت نحو 7541 ألف فدان وذلك بنسبة 46.51.% ثم مجموعة محاصيل الاعلاف؛ حيث بلغت نحو 2757 ألف فدان وذلك بنسبة 17.0% ثم تليها مجموعة الخضر والفاكهة وتشمل النخيل، حيث بلغت نحو 1876 و1737 ألف فدان وذلك بنسبة 11.57% و10.71%، أما بالنسبة لمجموعة البقوليات فقد حققت أدنى مساحة محصولية، حيث بلغت نحو 82 ألف فدان فقط، وذلك بنسبة 0.50%، وانعكس ذلك في انخفاض معدلات الاكتفاء الذاتي للفول، وبلغت مساحة المحاصيل الزيتية 265 ألف فدان.
إضافة إلى ما سبق، فلا تزال مصر تعتمد بشكل كبير على استيراد احتياجاتها الغذائية من الخارج نتيجة عدم القدرة على تلبية الاستهلاك المحلى بنسبة تصل إلى 50%، مما يعبر عن هشاشة موقف الأمن الغذائي، والذي ظهر بشكل كبير مع بداية الأزمة الروسية الأوكرانية؛ فقد سجلت نسبة الاكتفاء الذاتي من القمح 42.42% في عام 2020، والذرة الشامية 44.79%، وسجل الأرز نسبة اكتفاء ذاتي 97.78%، وسجلت الزيوت النباتية 23.15% على الرغم من أنها أحد المكونات الرئيسة في وجبة المواطن المصري، وسجلت اللحوم البيضاء نسبة اكتفاء ذاتي 97.95%. ويتضح من الجدول التالي أن ارتفاع نسب العجز في المجموعات الغذائية الحبوب، والزيوت، والبقوليات التي تشكل الغذاء الرئيسي للمواطن، مما يتطلب عرض نسب الإنتاج، الاستهلاك، صافي الواردات، معدلات الاكتفاء الذاتي، في الفترة من (2016-2020).
على صعيد آخر، حققت مصر نسب اكتفاء ذاتي في بعض المجموعات، فقد وصلت نسبة الاكتفاء في البطاطس 110.68%، والخضر 108.33%، والفاكهة 118.84%، والبصل 123.39%، والثوم 110.23%، والبيض 99.88%، والأرز 97.78%، واللحوم البيضاء 97.96%.
وشكلت بعض السلع الزراعية أهمية خاصة بالنسبة لإجمالي الصادرات المصرية؛ حيث يقدر نصيب كل من الصادرات من الخضر والفاكهة بحوالي 5% من إجمالي الصادرات المصرية. وتمتلك مصر ميزة نسبية في تصدير الخضروات والفاكهة نتيجة الظروف المناخية، هذا بالإضافة إلى أن موسم نمو السلع الزراعية يبدأ مبكرًا في مصر مقارنة بالدول الأوروبية، بما يمنح فرصة تصديرية للمنتجات الزراعية المصرية إلى الأسواق الأوروبية.
أما بالنسبة للواردات من السلع الزراعية، فإن مصر لا تزال تعتمد على استيراد الحبوب بشكل كبير، لعل أبرزها القمح والذرة، مما يجعل الدولة تشعر بأزمة عند حدوث أزمات خارجية وآخرها الأزمة الروسية-الأوكرانية، والتي ترتب عليها انخفاض المعروض العالمي من الحبوب، وما تبعه من ارتفاع في الأسعار العالمية.
مؤشر القمح: واجهت مصر عائقًا في تحقيق اكتفاء لمحصول القمح نتيجة الأزمة الروسية- الأوكرانية، خاصة وأن مصر تعتمد على واردات القمح الروسي والأوكراني، بجانب مرور مصر بأزمة نقص عملة أجنبية دفعها لتقليل فاتورة الاستيراد؛ إذ بلغ إجمالي ورادات مصر من القمح خلال عام 2021-2022 حوالي 6.379 ملايين طن بقيمة 3 مليارات دولار، حيث تمثل 95% من واردات القمح من روسيا وأوكرانيا ورومانيا وتأتى بعد ذلك صادرات القمح من استراليا وليتونيا وبلغاريا والتي تمثل 3.6% من إجمالي الواردات بقيمة 104 ملايين دولار في عام 2021-2022، وتعد المرة الأولى منذ فترة طويلة التي تقوم فيها مصر بزيادة الدول المصدرة للقمح كإجراء احترازي خلال الأزمة الروسية- الأوكرانية.
وعليه طبقًا للبيانات السابقة، فإن الأمن الغذائي المصري يواجه العديد من التحديات التي يمكن إجمالها في بعض النقاط، مثل: محدودية الموارد المائية، والتغير المناخي، ومحدودية الماسحة المنزرعة من بعض المحاصيل.
تحديات.. ولكن
أولًا: محدودية الموارد المائية:
تعتمد مصر في مواردها للمياه العذبة على حصتها من نهر النيل، مما يجعل أمنها المائي عرضة بشكل كبير للعديد من المخاطر في حالة حدوث أي تطورات تخص دول المنبع، وهو ما ظهر عند توجه إثيوبيا لبناء سد النهضة، ففي عام 2020 وصلت موارد المياه إلى81 مليار متر مكعب (55.5 مليار متر مكعب من حصة مصر المائية، 4.2 مليارات متر مكعب مياه جوفية وأمطار، ونحو 21.4 مليار متر مكعب موارد غير تقليدية والتي تشمل (مياه جوفية وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي).
وتعد الزراعة من أكبر القطاعات الاستهلاكية للمياه في مصر؛ إذ تستخدم ما يقرب من 61.63 مليار متر مكعب، وتزايد استخدام مياه الشرب من 10.65 مليارات متر مكعب في عام 2017 إلى 11.53 مليار متر مكعب في عام 2020.
مع ارتفاع معدلات النمو السكاني، من المتوقع أن يصل عدد سكان جمهورية مصر العربية إلى 125 مليون نسمة بحلول عام 2030، وإلى 169 مليون نسمة بحلول عام 2050. وبالتالي الزيادة السكانية تعد عامل ضغط هائل على الموارد المائية، ومن ثم سينخفض متوسط نصيب الفرد من المياه. وبالتالي ستكون مصر بحاجة إلى إيجاد طرق اعتماد على موارد المياه غير التقليدية مثل إعادة تدوير مياه الصرف الزراعي ومياه الصرف الصحي المعالج مع ضرورة رفع الوعي العام بأهمية المياه.
وبناء على المؤشرات السابقة، بدأت الدولة التحرك بشكل جاد في مواجهة ملف الأمن المائي المصري، والتي بدأتها بالخطة الاستراتيجية لإدارة الموارد المائية حتى عام 2037 وارتكزت على أربعة محاور رئيسة: الأول تحسين نوعية المياه لتعظيم الاستفادة من المياه العذبة، والثاني تنمية موارد مائية جديدة لتعزيز حصة المواطن المصري من المياه العذبة وتلبية ضغط الاحتياجات المائية المتزايد، والثالث ترشيد استخدام الموارد المائية المتاحة بما يحافظ عليها من الهدر والتلوث، والرابع تطوير منظومة قانونية وتشريعية تمكّن من تنفيذ سائر سياسات الأمن المائي المصري وجميع محاور الخطة المائية بالشكل الأمثل.
وفي إطار تلك الخطة أطلقت الدولة المصرية عددًا من المشروعات؛ بهدف زيادة الموارد المائية المتاحة، ومن أهم المشروعات التي أطلقتها الدولة المصرية ما يلي:
المشروع القومي لتبطين الترع: يهدف إلى تنفيذ مشروعات على مستوى الجمهورية بإجمالي طول 20 ألف كم، ورفع كفاءة القنوات المائية الفرعية، وتوسعت الدولة مؤخرًا في مشروعات إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي، بالإضافة إلى الجهود المبذولة للحفاظ على استخدام المياه الجوفية.
تطبيق آليات التحول نحو نظم الري الحديث: من خلال تبطين المساقي وإعادة تأهيلها لزمام قدره 4 ملايين فدان بالأراضي القديمة كمرحلة أولى من متطلبات التحول للري الحديث، علاوة على تنفيذ شبكات الري الحقلي، وذلك بالرش والتنقيط، بهدف حسن استغلال الموارد المائية والحفاظ عليها. وفى إطار تشجيع المزارعين، أطلق البنك المركزي المصري مبادرة على التحول نحو نظم الري الحديث في سبيل رفع كفاءة استخدام المياه، من خلال قروض ميسرة لتمويل شراء معدات جديدة وتركيب أنظمة ري أكثر كفاءة. ويتم السداد على عشر سنوات بدون فائدة مع تقديم الإشراف من جانب وزارتي الزراعة والري، وهو ما ينعكس على تعظيم إنتاجية الفدان وزيادة إنتاجية المحاصيل، مما يحقق زيادة في العائد للمزارع.
إنشاء محطات تحلية مياه البحر: لسد احتياجات مياه الشرب مقسمة إلى ست خطط خمسية تمتد من عام 2020 حتى عام 2050، بغرض توفير طاقة إجمالية 6.4 ملايين متر مكعب يوميًا بتكلفة إجمالية تقدر بنحو 134 مليار جنيه مصري، وانطلقت بمحافظات: مطروح، والبحر الأحمر، وجنوب سيناء، والإسماعيلية، وبورسعيد، والسويس، والدقهلية، وكفر الشيخ، والبحيرة.
ثانيًا: محدودية نسب الاكتفاء الذاتي من السلع الاستراتيجية
تعد مصر إحدى أكبر الدول المستوردة للغذاء، فهي تستورد أكثر من50% من احتياجاتها الغذائية، مما يعني أن أكثر من 50 مليون يعتمدون في غذائهم من الخارج. وبالتالي سوف تتفاقم الفجوة الغذائية ومن ثم ستظل مصر رهينة الاعتماد على الخارج في الغذاء إذا لم تجد حلولًا جادة لها.
ومن أهم أسباب تدنى نسب الاكتفاء الذاتي الزيادة السكانية والتي تزيد من الطلب على السلع الغذائية بمعدلات أعلى من معدلات النمو، كذلك محدودية الموارد المائية، فضلًا عن تفتت الحيازات الزراعية والتعديات على الأراضي الزراعية. ومن أهم عوامل تحقيق الأمن الغذائي هي قدرة الدولة على توفير احتياجاتها من السلع الغذائية، فكلما ارتفعت نسب الاكتفاء الذاتي من السلع زادت درجة تحقيق الأمن الغذائي، ويمكن تحقيق ذلك من خلال إتباع العديد من السياسات:
التوجه إلى زراعة القمح: خفض مساحات البرسيم المستديم والتوجه إلى زراعة القمح ويمكن أن يتحقق ذلك من خلال توفير تقاوي برسيم مرتفعة الإنتاجية وبأسعار ملائمة للمنتجين حتى يمكن زيادة إنتاجية فدان البرسيم، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى خفض مساحة البرسيم لصالح القمح. وتعويض الحيوانات بالأعلاف غير التقليدية، بجانب أن المياه المستخدمة لري الفدان البرسيم تكفي لري 3 أفدنة من القمح. كذلك العمل على تنويع مصادر استيراد القمح بدلًا من الاعتماد على ما يقرب من 80% من روسيا وأوكرانيا، وهو ما انعكس سلبًا على مصر، خاصة بعد اندلاع الأزمة الروسية- الأوكرانية.
الزيوت النباتية: يمكن رفع نسب الاكتفاء الذاتي من الزيوت النباتية عن طرق إيجاد سياسة سعرية واضحة لمحاصيل البذور الزيتية مثل عباد الشمس وفول الصويا من خلال الزراعة التعاقدية. فمع العمل على وجود سعر توريد مناسب للذرة ومحصول عباد الشمس حيث يعدان محصولان رئيسان للزيت في مصر، مع العمل على التوسع في زراعات القطن والتي يمكن أن تسهم في زيادة المعروض من الزيوت من خلال زيت بذرة القطن.
ثالثًا: تفتت الحيازات الزراعية:
يقصد بتفتت الحيازة الزراعية بأن الأراضي الزراعية مقسمة إلى مساحات صغيرة داخل القرية ولا يرتبط بعضها ببعض في عمليات الإنتاج الزراعي مما يؤدى إلى عدم الاستفادة من الميزة الاقتصادية للسعة الزراعية. وتعد مشكلة تفتت الحيازات الزراعية من أهم التحديات التي تؤثر على الإنتاج الزراعي، لأن نقص مساحة الحيازة عند حد معين يؤدى إلى خفض الإنتاج.
وطبقًا لآخر تعداد زراعي عام 2010، تبين أن عدد الحائزين لأقل من فدان يبلغ 2.14 مليون حائز ويمثلون حوالي 48.29%، أي ما يقرب من 9.49% من إجمالي الأراضي الزراعية. وبلغ عدد الحائزين على أقل من 2 فدان 1.07 مليون أي 24.07%، وعدد الحائزين على 2-3 فدان وصل إلى 531.46 ألف حائز ويملكون 11.97%، ثم من 3-4 فدان بعدد 230.36 ألف حائز بنسبة 5.19% ويملكون حوالي 3.2 فدان.
وبالتالي يمثل عدد الحائزين لعدد أفدنة أقل من 4 أفدنة حوالي 89.52%، وقد ترتب على هذا التفتت عدم إمكانية تطبيق الأساليب الحديثة في الزراعة وعدم تطبيق الميكنة الزراعية في تلك الحيازات الصغيرة.
ويقترح تطبيق بعض السياسات لمواجهة تحدى تفتت الحيازات الزراعية الصغيرة كالتالي:
تجميع الحيازات الزراعية: من خلال حصر الحيازات الزراعية الأقل من 5 أفدنة على مستوى الجمهورية بحيث يكون لدينا خريطة كاملة لكافة الحيازات وفقًا للوضع الحالي، خاصة وأن آخر تعداد زراعي أجري عام 2010. ويتم العمل على إصدار تشريع يعطى للدولة أو البنك الزراعي المصري الحق في شراء هذه الحيازات بمقابل مادي أو استبدال مساحات أكبر من 5 أفدنة في الأراضي الجديدة بها. ثم القيام بتجهيز الأراضي وتأجيرها في صورة حيازات كبيرة وزراعتها بمحصول واحد فقط مما يحقق ترشيدًا في استهلاك المياه وزيادة الإنتاجية.
التوسع في عمل التعاونيات الزراعية: بحيث لا يقتصر دور التعاونيات الزراعية على تقديم الخدمات الزراعية والائتمان، بل التوجه نحو إنشاء مشروعات مشتركة مع ملاك الحيازات الصغيرة بحيث يمكن استغلال الأراضي بشكل اقتصادي ذي عائد، وذلك من خلال بعض المقترحات التالية:
- قيام الأفراد الحائزين لمساحات أقل من 5 أفدنة بتسليم إدارة الأرض إلى الجمعية التعاونية مع الاحتفاظ بالملكية وتقسيم العائد بحسب المساهمة في مساحة الأرض، ويتمثل دور الجمعية في تحديد نوع المحصول وتولى الإدارة كل ما بخص زراعة الأرض، مع استغلال هذه الأراضي في زراعة محاصيل تتناسب مع المحافظة التي تقع بها ويمكن تصنيعها من خلال قروض ميسرة.
- قيام التعاونية الزراعية بدور صناعي: من خلال إنشاء مجمعات زراعية صناعية، تشجع على زراعة محاصيل معينة من الممكن تصنيعها.
رابعًا: الجمعيات التعاونية الزراعية
تسهم التعاونيات الزراعية بدور كبير في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية؛ إذ يبلغ عدد التعاونيات الزراعية في مصر ما يقرب من 6 آلاف تعاونية. وعلى الرغم من قدم التعاونيات الزراعية في مصر، فإنها أصبحت عاجزة عن القيام بدورها بالنهوض في القطاع الزراعي، نتيجة عدة أسباب منها:
● تراجع دور الدولة في دعم المنتجين، مما أدى إلى تدهور حالة التعاونيات وأصبحت غير قادرة على منافسة القطاع الخاص في تقديم خدمات للمزارعين
● عدم السماح للتعاونيات بالقيام بدور تسويقي دون الرجوع إلى الجمعيات المشتركة بالمراكز.
● يعد قانون الإصلاح الزراعي 122 لسنة 1981 المعدل بقانون 204 لسنة 2014 هو الإطار التشريعي للتعاونيات في مصر، وعلى الرغم من التعديلات التي حدثت وإن كانت أعطت بعض الحريات الاقتصادية للقيام بدورها سواء من خلال تحديد سهم العضوية، أو إنشاء مشروعات مشتركة مع القطاع الخاص بنسبة لا تزيد على 12%؛ لكنها أخفقت في العديد من الأمور والتي لا تزال تعيق دور التعاونيات، لذلك يقترح التالي:
- توحيد الجهة الرقابية المنوط بها الإشراف والرقابة على التعاونيات، مع تفعيل منظومة التعليم والتدريب للعاملين بالتعاونيات الزراعية.
- السماح للتعاونيات الزراعية بإنشاء مجمعات صناعية والعمل على التسويق هذه المنتجات داخليًا وخارجيًا مما يسهم في دعم مواردها المالية.
- دمج التعاونيات الزراعية الصغيرة في تعاونية واحدة، بحيث تكون كل قرية جمعية واحدة.
- إنشاء بنك للتعاونيات الزراعية بإشراف البنك الزراعي المصري خلال فترة الإصلاح، تتمثل مهمته في إدارة كل ما يخص التعاونيات سواء ائتمان أو تمويل أو دراسات جدوى للمشروعات، وأن تقوم الدولة بتقديم دعم مالي للتعاونيات للنهوض بها خلال مرحلة الإصلاح.
- تعاون مشترك بين البنوك والقطاع الخاص ومبادرة حياة كريمة، بتخصيص جزء من المساهمات في دعم الأنشطة التعاونية الزراعية وإدراجها ضمن خطة التطوير الخاصة بالمبادرة.
- عمل مبادرة إعلامية للمزارع هدفها تحسين صورة التعاونيات الزراعية وإبراز دورها وكيفية مساهمتها في تحقيقي التنمية المستدامة.
إجمالا لما سبق، يمكن القول إن القطاع الزراعي سيظل يشكل أهمية خاصة بالنسبة للاقتصاد المصري؛ نظرًا إلى دوره في تحقيق الأمن الغذائي وبالأخص في ظل الزيادة السكانية. ولا شك أن توجه الدولة نحو التوسع الزراعي سوف يسهم في زيادة المساحة المنزرعة وإمكانية زيادة الإنتاج الزراعي خاصة للمحاصيل التي نستوردها، بالإضافة إلى أن مشروعات الإنتاج السمكي والإنتاج الداجني من الممكن أن تكون عاملًا مساعدًا في رفع معدلات الأمن الغذائي المصري.