
مجمع مصانع إنتاج الكوارتز بالعين السخنة.. الأهمية والعائد الاقتصادي
افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم الخميس 25 مايو 2023 مجمع مصانع إنتاج الكوارتز بالعين السخنة، والذي يعد المشروع الأول من نوعه في مصر والدول العربية والأفريقية، ويعد كذلك نموذجًا لتكامل العملية الإنتاجية بجميع مراحلها بدءًا من استخراج خام الكوارتز وتكسيره ثم طحنه إلى حبيبات بأحجام ومواصفات معينة، إلى إدخال جزء من الناتج في صناعة ألواح الكوارتز، وطرحها للأسواق لاستخدامها بدلًا من الاستيراد الخارجية وطرح الفائض للتصدير أو إدخاله في صناعات أخرى.
ما هو معدن الكوارتز؟
يعد معدن الكوارتز ثاني أكثر المعادن وفرة على سطح الأرض، ويتكون من جزء واحد من السيليكون وجزأين من الأكسجين، وتركيبه الكيميائي (SiO2)، ويأتي على شكل بلورات سداسية بألوان وأشكال عديدة، ويتميز ببريقه الزجاجي، وبقساوته التي تصل إلى 7 على مقياس موهس (مقياس لصلادة المواد يستخدم للدلالة على قدرة المواد المختلفة على مقاومة الخدش) للمعادن، ممّا يعني أنّه يخدش الزجاج وجميع أنواع الحديد، فضلًا عن أنه يتميز بمكسره المحاري الشكل والذي يطلق عليه بالإنجليزية اسم ( Conchoidal Fracture).
ويعد هذا المعدن حيويًا في صناعات عديدة وله استخدامات كثيرة لما يتمتع به من خصائص فيزيائية وكهربائية مميّزة؛ كمقاومته للحرارة مما يساعد على استخدامه التي تحتاج درجات حرارة عالية، بالإضافة الي تمتعه بأشكال عديدة متميزة، وبريقه ولونه وشفافيته التي تجعله يستخدم كحجر كريم. ومن أهم تلك الاستخدامات ما يلي:
المجوهرات والأحجار الكريمة: لعدة قرون، يستخدم الكوارتز في إنتاج المجوهرات والأحجار كريمة. حيث تجعله طبيعته الصلبة والقابلة للتلميع والبلورية والمتينة مادة ممتازة لهذا الغرض. تشمل أصناف الكوارتز المستخدمة بشكل شائع كمجوهرات وأحجار كريمة السترين والجمشت والأمترين وكوارتز الورد وأفينتورين والأوبال. ويستخدم الكوارتز كذلك مع الهياكل الجريزوفولفين (الكريبتوكريستالين) مثل العقيق والجاسبر كأحجار كريمة.
صناعة البترول: يمتاز رمل الكوارتز بمقاومته العالية للسحق؛ فأثناء عملية استخراج النفط والغاز الطبيعي يتم دفع ملاط الرمل أسفل آبار النفط والغاز تحت تأثير ضغوط مرتفعة جدًا في عملية تعرف باسم التكسير الهيدروليكي، ليسبب هذا الضغط العالي كسر صخور الخزان، وحقن ملاط الرمل في الكسور الناتجة، فحبيبات الرمل المتينة هذه تساعد على إبقاء الكسور مفتوحة حتى بعد زوال الضغط، مما يسهل من عملية تدفق الغاز الطبيعي إلى فتحة البئر.
صناعة الزجاج: تعد صناعة الزجاج أحد الاستخدامات الأساسية للكوارتز؛ إذ يُصنع الزجاج من مركب كيميائي يعرف باسم ثاني أكسيد السيليكا (SiO2)، وهو مركب بلوري عديم اللون يوجد مثل الكوارتز أو الرمل أو الصوان. يذوب ثاني أكسيد السيليكا (الذي يجب أن يكون نقيًا بشكل استثنائي بنسبة 99.9٪) ويُترك ليبرد إلى أي شكل أو بُعد مرغوب به. وتُستخدم بلورات الكوارتز الضوئية كذلك في صناعة الليزر، والمجاهر، والتلسكوبات، وأجهزة الاستشعار الإلكترونية، والأدوات العلمية.
صناعة الإلكترونيات: تُستخدَم بلورات الكوارتز أيضًا في الإلكترونيات؛ لأنّها تولد تيارًا على سطحها عند ثنيها أو ضغطها، وقد تمّ استخدام بلورات الكوارتز لإعطاء تردد دقيق لجميع أجهزة الإرسال اللاسلكية، وأجهزة استقبال المذياع، وأجهزة إرسال نظام التموضع العالمي (GPS) وأجهزة الحاسوب. تأتي هذه الدقة؛ لأنّ بلورة الكوارتز لا تتأثر في معظم المذيبات، وتظل متبلورة على درجات حرارة عالية.
صناعة البوتقات: البوتقات المعملية هي الحاويات التي تُستخدم لحمل المواد الكيميائية عند إجراء الاختبارات الكيميائية أو الحرارية. ويتمتع الكوارتز بنقطة انصهار عالية جدًا وهو خامل كيميائيًا، وبالتالي، يتم استخدامه في صنع هذه البوتقات. وتشمل المزايا التي توفرها بوتقات الكوارتز: التمدد المنخفض، ومقاومة الصدمات الحرارية، وثبات الأبعاد الممتاز.
البلورات الاصطناعية: تزرع البلورات الاصطناعية في المختبرات، ويتم إنتاجها بشكل مصطنع من إذابة ثنائي السيليكون الخام (SiO2) في محلول ماء قلوي عند درجة حرارة عالية. على الرغم من أن هذه العملية بطيئة، إلا أنها توفر بلورات عالية النقاء وعالية الجودة بشكل عام تكاد تكون بنفس جودة بلورات الكوارتز الموجودة بشكل طبيعي. بلورات الكوارتز الاصطناعية مقاومة للأحماض والتآكل ودرجات الحرارة المرتفعة والتآكل والصدمات والضغط والانحناء والتسلل، وتُستخدم البلورات الاصطناعية في صناعة الإلكترونيات وأشباه الموصلات وصناعة الطاقة الشمسية والأقراص الضوئية وحتى أدوات الطباعة الحجرية.
صناعة الساعات: يمكن لبعض المواد مثل السيراميك، والكريستال، والكوارتز إنتاج الكهرباء عند تعرضها لضغط ميكانيكي، ويُطلق على القدرة التي تمتلكها هذه المواد على تحويل الجهد من وإلى الضغط الميكانيكي بالكهرباء الانضغاطية، وتحافظ بلورات الكوارتز على معيار تردد دقيق، مما يساعد على تنظيم حركة الساعة، وهو ما يجعل الساعات دقيقة للغاية. ويُستخدم الكوارتز أيضًا في: أجهزة الراديو، والمعالجات الدقيقة، والعديد من التطبيقات التكنولوجية والصناعية الأخرى.
صناعة صب المعادن: غالبًا ما يتم مزج رمل الكوارتز بعوامل متماسكة مثل الطين وسيليكات الصوديوم الراتنجية والزيت، ويستخدم لغرض صب المعادن. تساعد خصائص رمل الكوارتز مثل نقطة الانصهار العالية والقوة العالية والحران في عملية صب المعادن. أيضًا، يتم استخدام الكوارتز الجريزوفولفين لتنعيم الحواف الخام على المعادن بعد قطعها أو صبها أو حفرها، في صناعة صب المعادن. يضاف رمل الكوارتز أيضًا إلى المعادن المنصهرة لعملية إزالة الشوائب، ومعظمها من الأكسجين. ويلتصق الرمل بالشوائب ومن ثم يتم إزالته بسهولة.
الأهمية الاقتصادية لمجمع مصانع إنتاج الكوارتز بالعين السخنة
يشتمل مشروع مجمع مصانع إنتاج الكوارتز على خمسة مصانع، وهو مكون من مرحلتين: المرحلة الأول مكونة من مصنع واحد وهو مصنع التكسير الأولي لخام الكوارتز بمنطقة منجم الكوارتز في “مروة السويقات” بمرسى علم، والذي يقوم على مساحة 250 ألف م2 لتكسير خام الكوارتز إلى أحجام صغيرة بمقاسات من (3 – 5) سم، وتبلغ الطاقة الإنتاجية بمصنع التكسير الأولي (CPA) في “مروة السويقات” بمرسى علم 140 ألف طن/عام من خلال العمل بعدد ورديتين.
أما المرحلة الثانية فتتكون من ثلاثة مصانع بمنطقة العين السخنة على مساحة 300 ألف م2، وهي: مصنع التكسير الرئيسي لخام الكوارتز لتكسير ناتج مصنع التكسير الأولي إلى حبيبات أصغر بمقاسات من (3 – 5) مم بعد إجراء عمليات الفصل الضوئي والغسيل، ومصنعين لطحن خام الكوارتز إلى حبيبات بالغة الدقة من ناتج مصنع التكسير الرئيسي طبقا للمواصفات المطلوبة لإدخال جزء منها لإنتاج ألواح الكوارتز. وتبلغ الطاقة الإنتاجية لمصنع التكسير الرئيسي (CPB) بالعين السخنة 140 ألف طن/عام من خلال العمل بعدد ورديتين، أما الطاقة الإنتاجية لمصنعي طحن خام الكوارتز (MPA-MPB) بالعين السخنة فتبلغ 140 ألف طن عام من خلال العمل بعدد ورديتين، حيث يتم إنتاج حبيبات بالغة الدقة من ناتج مصنع التكسير الرئيسي طبقًا للمواصفات المطلوبة لإدخال جزء منها لإنتاج ألواح الكوارتز بطاقة إنتاجية تبلغ 438 ألف م2/عام من خلال العمل بعدد ورديتين.
يعد الهدف الأساسي لمشروع مجمع مصانع إنتاج الكوارتز بالعين السخنة هو استغلال الخامات الطبيعية المتوفرة في مصر، بما يزيد القيمة المضافة لخام الكوارتز وزيادة الدخل القومي؛ تلبية لاحتياجات السوق وبما يوفر العملة الصعبة. والسؤال هنا ما هي القيمة الاقتصادية لمشروع الكوارتز؟
احتياجات السوق: لأن معدن الكوارتز يدخل في الكثير من الصناعات والاستخدامات، عند توافر ألواح الكوارتز اللازمة ستكون عملية تجهيز المستشفيات والفنادق وغيرها أسهل وأوفر؛ إذ سيُستخدم الإنتاج المحلي بدلًا من استيرادها من الخارج. ذلك بالإضافة إلى تنفيذ الأنشطة التصنيعية للخامات التعدينية بمراحلها المختلفة، ومنها خام الكوارتز للخامات التعدينية لتعظيم العائد منها وتحقيق القيمة المضافة لها، مما يدعم الاقتصاد الوطني بتنفيذ مشروعات قومية واستراتيجية لخلق فرص عمل للشباب.
تقليل البطالة: يسهم مشروع مجمع المصانع في توفير 600 فرصة عمل مباشرة و2000 فرصة عمل غير مباشرة. ذلك علاوة على أن إنشاء هذا المجمع يمثل خطوة مهمة لدفع عجلة الصناعة في مصر، مما يبشر بافتتاح مصانع جديدة وتوفير فرص عمل أكثر.
توفير العملة الصعبة: يعد إنتاج معدن كوارتز خطوة مهمة لما يتمتع به من خصائص تجعله له استخدامات كثيرة، تجعل المنتجين وأصحاب المصانع يعتمدون علي المنتج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد، مما يسهم في توفير العملة الصعبة عن طريق تقليل الاستيراد، بالإضافة الي فتح أسواق خارجية وتصدير المنتجات إلى الخارج.
خلاصة القول، يمثل افتتاح مجمع مصانع إنتاج الكوارتز بالعين السخنة خطوة مهمة للعديد من الأسباب؛ إذ إنه يمثل دفعة قوية من الدولة لتشجيع وتوطين الصناعة، واستغلال الموارد الطبيعية الوفيرة في مصر. بالإضافة إلى أن هذا المشروع سيزيد من ثقة المستهلكين والمنتجين في المنتجات المحلية، بالإضافة الي توفير فرص العمل للشباب، بالإضافة إلى مساهمته في الاعتماد على المنتج المحلي في الصناعة بدلًا من الاستيراد وكذلك تصدير منتجاته إلى الخارج بما يسهم في تعزيز الصادرات وإضافة مصادر للعملة الصعبة.