بين الأمل والترقب.. مناخ الأعمال على طاولة الحوار الوطني
استحوذ هدف جذب الاستثمارات الخاصة على جانب كبير من اهتمام الدولة في ظل ظروف وتداعيات الأزمة الاقتصادية الراهنة، فتم إصدار وثيقة ملكية الدولة لتنظيم العلاقة بين الاستثمارات العامة والخاصة، وتم استئناف برنامج الطروحات الحكومية، وتفعيل الرخصة الذهبية، وإطلاق مبادرة ابدأ لدعم وتوطين الصناعة المحلية. وعلى الرغم من أهمية تلك الإجراءات التحفيزية، إلا أن مناخ الأعمال ما زال يتسم بعدم اليقين خاصة في ظل تداعيات الأزمة الاقتصادية.
ولذلك من المقرر أن تناقش لجنة الاستثمار الخاص المحلي والأجنبي بالحوار الوطني مناخ الاستثمار المحلي والأجنبي في الوضع الراهن طبقًا للمؤشرات الدولية، والوضع المُستهدف الوصول إليه في المدى القريب والبعيد، وكذلك مناقشة محفزات الاستثمار الخاص المحلي والأجنبي وخطة للترويج له محليًا وعالميًا. وحتى تحقق تلك المناقشات أهدافها فلابد أولًا من حصر كافة التحديات التي تواجه الاستثمار الخاص، وتحديد أهمية تحفيز الاستثمارات في ظل الظروف الحالية، وتوضيح كافة الجهود المبذولة لدفع وتعزيز الاستثمارات الخاصة، ومن ثم يمكن تحديد الخطوات الفعالة المطلوبة للوصول للهدف المنشود.
أهمية تحفيز الاستثمارات للخروج من الأزمة
تمثل الاستثمارات أهمية كبرى لدفع معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق أهداف الاقتصاد الكلي، لا سيما في أوقات الأزمات المدفوعة بصدمات جانب العرض؛ فمع اضطراب سلاسل الإمداد العالمية منذ عام 2021 في أعقاب جائحة كورونا، ثم حصار مواطن الإنتاج في أوكرانيا وفرض عقوبات اقتصادية على روسيا الأمر الذي هدد العرض العالمي من السلع الاستراتيجية، فضلًا عن اضطراب الظروف المناخية في بعض الدول بما هدد الإنتاج الزراعي العالمي. ومع تناقص المعروض من عدد كبير من السلع، ارتفعت أسعارها بصورة مضاعفة وانتقلت موجات التضخم العالمية لكافة الدولة من خلال عمليات الاستيراد فيما يعرف بالتضخم المستورد. وعليه فقد كان لزامًا على الدول البحث عن بدائل محلية لتعويض نقص الإمدادات المستوردة مرتفعة السعر، ولا يتحقق ذلك إلا من خلال زيادة الاستثمارات في القطاعات الإنتاجية المختلفة.
وعلى نقيض ذلك، فقد جاءت البنوك المركزية الرئيسة، وعلى رأسها البنك الفيدرالي الأمريكي، بسياسات نقدية تشددية من خلال رفع أسعار الفائدة لمواجهة موجات التضخم العالمية، وتبعها في ذلك معظم البنوك المركزية حول العالم، إلا أن تلك السياسات عملت على تقييد جانب الطلب وليس معالجة نقص المعروض، وتضاعف تأثير تلك السياسة بالنسبة للدول النامية والاقتصادات الناشئة حيث تراجعت قيم عملاتها مقابل الدولار الأمريكي، وأصبحت الاستثمارات المباشرة مرتفع التكلفة، وتراجعت معدلات النمو والتشغيل مع محدودية التأثير على معدلات التضخم، فزادت الضغوطات المحلية بصورة مضاعفة.
ومن جهة أخرى، فإن الحفاظ على الأسعار المحلية وتعزيز قيمة العملة المحلية يأتي من خلال زيادة الإنتاج المحلي ورفع قيمة الصادرات، ولا يتحقق ذلك إلا من خلال تحفيز وجذب الاستثمارات خاصة في القطاعات الإنتاجية التي تواجه انخفاض العرض عن الطلب بالسوق المحلية، وتلك القطاعات التي توجه نحو التصدير، أو القطاعات التي تولد مورد اجنبي مثل السياحة.
خطوات استباقية فعالة
عملت الدولة منذ عام 2016 على تحسين البيئة التشريعية والمؤسسية الجاذبة للاستثمار؛ فجاء قانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017 يتضمن بابًا خاصًا بضمانات وحوافز الاستثمار والتي من شأنها زيادة تنافسية الاقتصاد المصري في جذب الاستثمارات. وقد انقسمت حوافز الاستثمار إلى حوافز عامة يتم تقديمها لكافة مشروعات فيما عدا مشروعات المناطق الحرة، بالإضافة إلى حوافز خاصة تختلف وفقًا للنطاق الجغرافي للمشروعات، وحوافز إضافية يتم منحها بقرار من مجلس الوزراء. وأخيرا حافز الموافقة الواحدة المعروف باسم الرخصة الذهبية.
وقد اشتملت إجراءات تحسين مناخ الاستثمار على: تطوير العمل بمراكز خدمات المستثمرين وميكنة خدماتها، والتوسع في إنشاء مراكز خدمة المستثمرين بالمحافظات ليصل عددها 15 مركزًا في القاهرة (المركز الرئيسي)، والعاشر من رمضان، والسادس من أكتوبر، والإسكندرية، وجمصة، وبورسعيد، وشرم الشيخ، وقنا، وسوهاج، وأسيوط، والمنيا، والإسماعيلية، والفيوم، والوادي الجديد، وجنوب سيناء. و
بلغ عدد المشروعات العاملة بنظام المناطق الحرة نحو 1116 مشروعًا بإجمالي رؤوس أموال 13.8 مليار دولار وتكاليف استثمارية تصل إلى 29 مليار دولار، وما يتجاوز 190 ألف فرصة عمل في 9 مناطق حرة. أما بالنسبة للمشروعات المقامة بالمناطق الاستثمارية فتبلغ نحو 1269 مشروعًا بحجم استثمار يتجاوز 32 مليار جنيه بما يوفر نحو 86 الف فرصة عمل في عدد 10 مناطق استثمارية في مواقع جغرافية مختلفة.
وبجانب تحسين البيئة التشريعية، فقد تم إعادة تأهيل البنية التحتية وإنشاء شبكة من الطرق والكباري لربط المدن الجديدة بكافة أنحاء الدولة من خلال عدد من المحاور الرئيسة الكبرى، الأمر الذي يشجع جذب الاستثمارات لمختلف المناطق والانحاء.
ومن جهة أخرى، فقد أعدت الدولة برنامج الطروحات الحكومية منذ عام 2018، وتم طرح عدد من الشركات المملوكة للدولة في البورصة ثم توقف بسبب الظروف الاقتصادية غير المواتية، ثم عاد مرة أخرى خلال الربع الأخير من عام 2021. وتأتي أهمية برنامج الطروحات الحكومية في ظل النظر دائمًا للقطاع العام أنه المنافس الرابح أمام القطاع الخاص في الحياة الاقتصادية -وذلك في ظل الظروف الاقتصادية المواتية-.
ومع التوجه نحو اقتصاديات السوق الحرة ودعم المنافسة، عملت الدولة على تنظيم العلاقة بين القطاع العام والخاص وفقًا للظروف الداخلية والخارجية في المراحل المختلفة؛ ففي أعقاب مرحلة إعادة بناء الدولة (2014-2017) تولت الدولة الجزء الأكبر من جهود التنمية وارتفعت الاستثمارات الحكومية وتمثلت معظمها في المشروعات القومية الكبرى ومشروعات البنية التحتية لتمهيد الطريق أمام القطاع الخاص للقيام المشروعات الإنتاجية المختلفة، وما لبثت الاستثمارات الخاصة في الارتفاع حتى جاءت أزمة جائحة كورونا، والتي تم على اثرها ضخ استثمارات حكومية بشكل أكبر لتحفيز النمو الاقتصادي. وبعد التعافي من الجائحة، حرصت الدولة على إفساح المجال للقطاع الخاص لتجنب أثر المزاحمة، فكان برنامج الطروحات الحكومية أحد آليات ذلك التوجه.
شكل (1): تطور الاستثمارات العامة والخاصة خلال الفترة 2000/2001- 2020/2021 – المصدر: مركز معلومات مجلس الوزراء.
إجراءات الدولة لتعزيز الاستثمار الخاصة في ظل الأزمة الاقتصادية
أدركت الدولة المصرية أهمية تحفيز وجذب الاستثمارات المباشرة لمواجهة تداعيات الأزمة الحالية، فقامت باتخاذ عدد كبير من الإجراءات والقرارات من بينها تخفيض الحد الأدنى لرؤوس أموال الشركات، وتم تدشين مبادرة قيمتها 150 مليار جنيه لدعم قطاع الصناعة والزراعة في ظل ارتفاع أسعار الفائدة المحلية، بحيث يتحمل المستثمر 11% وتتحمل الدولة الفارق، وتم ضم قطاع السياحة لتلك المبادرة وارتفعت قيمتها الى 160 مليار جنيه، وتم إعفاء 20 قطاعًا صناعيًا من الضريبة العقارية لمدة 3 سنوات وتحملتها الدولة. وتم إنشاء وحدة حل مشكلات المستثمرين بمجلس الوزراء، والتي تقدم إليها نحو 1900 شكوى وتمكنت من البت في 1400 شكوى بنسبة 75%.
ومن جهة أخرى، فقد قامت الدولة باتخاذ إجراءات من شأنها تسهيل وتسريع استخراج التصاريح اللازمة لإقامة المشروعات، وذلك من خلال تفعيل الرخصة الذهبية والتي يتم من خلالها منح المشروعات موافقة واحدة على إقامة المشروع وتشغيله وإدارته، بما في ذلك تراخيص البناء وتخصيص العقارات. وقد تم الإعلان عن منح تلك الرخصة للشركات التي تؤسس لإقامة مشروعات استراتيجية أو قومية وكذلك الشركات التي تؤسس لإقامة مشروعات المشاركة بين القطاع الخاص والدولة أو القطاع العام وقطاع الأعمال العام وتمارس الأنشطة الخاصة بالمرافق العامة والبنية التحتية والطاقة الجديدة والمتجددة والطرق والمواصلات والموانئ والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وعلى صعيد آخر، فقد أُعيد تفعيل برنامج الطروحات الحكومية، خلال عام 2022، لتمكين القطاع الخاص وتعزيز دوره في العملية الإنتاجية والحياة الاقتصادية، وجذب استثمارات محلية وأجنبية في الاقتصاد المصري، وتوسيع قاعدة الملكية في الشركات المطروحة وإتاحة سيولة بالأسواق. وتم الإعلان عن الاستعداد لطرح عدد من الشركات العامة والمملوكة للقوات المسلحة في البورصة المصرية منها شركة صافي للمياه المعبأة التابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، والشركة الوطنية للبترول. ومع بدء العام الجاري تم الإعلان عن قائمة من 32 شركة في 18 قطاعًا يتم طرح حصص منها في البورصة أو بيعها لمستثمر استراتيجي بهدف توفير العملة الصعبة للبلاد.
ويهدف برنامج الطروحات بشكل عام إلى التخارج التدريجي للدولة من النشاط الاقتصادي، وتنفيذ أحد آليات الشراكة بين القطاعين العام و الخاص، ورفع أداء الشركات المطروحة، وتوسيع قاعة الملكية بتلك الشركات فترتفع مستويات الإنتاج والتشغيل، فضلا عن تنويع فرص الاستثمار أمام المستثمرين، وجذب الاستثمارات الأجنبية وتوسيع سوق تداول الأوراق المالية وزيادة السيولة به، بجانب أن قائمة الطروحات الجيدة تعكس مدى مصداقية الدولة في التخارج من النشاط الاقتصادي وإفساح المجال للقطاع الخاص، مما يحفز الاستثمارات الخاصة للدخول إلى السوق المصرية. وجاءت وثيقة ملكية الدولة مكملة ومنظمة لخطة الطروحات الحكومية؛ إذ إنها تحدد دور الدولة في الأنشطة الاقتصادية المختلفة سواء من خلال الاستمرار في بعض القطاعات الاستراتيجية وغير الجاذبة للقطاع الخاص، أو التخارج من بعض القطاعات الإنتاجية لمنع التزاحم مع القطاع الخاص.
شكل (2): قائمة الشركات المخطط طرحها بالبورصة أو لمستثمر استراتيجي – المصدر: مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، مجلس الوزراء.
شكل (3): عدد الشركات المخطط طرحها بالبورصة مقسمة وفقا للقطاعات الاقتصادية – المصدر: مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، مجلس الوزراء.
وفي إطار تنظيم العلاقة بين كافة الجهات المعنية بالاستثمار وتسهيلًا على المستثمرين، فقد أصبحت الهيئة العامة للتنمية الصناعية هي الجهة الوحيدة المنوط بها إصدار جميع الموافقات للمستثمر في مجال الصناعة، وتتولى التنسيق مع باقي جهات الدولة بهذا الشأن، إضافة إلى التخصيص الفوري للأراضي الصناعية، من خلال لجنة مركزية حتى يتم إجراء التخصيص لأي مستثمر كبير أو مستثمر أجنبي بشكل فوري، فضلًا عن إصدار الرخصة خلال 20 يوم عمل، وكذلك تم إجراء إصلاحات فيما يخص تخصيص الأراضي الصناعية، بحيث أصبح في الإمكان أن تكون الأرض بحق الانتفاع بجانب التملك، فضلًا عن تحديد تسعير ثابت للأراضي الصناعية، مُعلن بقرار من رئيس الوزراء.
وفيما يتعلق بالمجلس الأعلى للاستثمار، فقد أُعيد تشكيله برئاسة رئيس الجمهورية في نوفمبر من العام الماضي، وذلك بعد انقطاع اجتماع المجلس الأعلى للاستثمار بتشكيله القديم منذ يناير 2017، وعُقد أول اجتماع له في منتصف مايو الجاري، وقد هدف الاجتماع بشكل رئيس إلى بحث كيفية زيادة استثمارات القطاع الخاص بما يساوي ما تستثمره الدولة أو يزيد عليه، للوصول إلى النسبة المستهدف للاستثمار الخاص بنسبة 60-65% خلال ثلاث سنوات. وقد أسفر الاجتماع عن اتخاذ نحو 22 قرارًا جديدًا من شأنها إزالة التحديات الرئيسة التي تواجه القطاع الخاص والمتمثلة في: تأسيس الشركات، وتخصيص الأرض، وتصريح مزاولة النشاط، وتشغيل المشروع.
فاعلية جهود جذب الاستثمارات في ظل الأزمة الراهنة
على الرغم من أهمية جذب وتحفيز الاستثمارات الخاصة لمواجهة الأزمة الاقتصادية وتخفيف تبعاتها المضاعفة على الاقتصاد المحلي، وعلى الرغم أيضًا من تعدد جهود الدولة لدفع وتعزيز الاستثمارات الخاصة؛ فإنه في ظل التحديات الاقتصادية والاضطرابات الجيوسياسية فإن المناخ العام للاستثمار غير محفز لضخ رؤوس الأموال الخاصة في استثمارات جيدة، ومن ثم فلم تعد الإجراءات والحلول التقليدية وحدها كافية لخلق حافز لدى القطاع الخاص للمخاطرة بأمواله دون ضمان عائد صافي للمشروع يتضمن علاوة مخاطر محفزة.
ومع وضع وثيقة ملكية الدولة في صورتها النهائية بعد طرحها للنقاش المجتمعي من قبل الخبراء في المجالات ذات الصلة، والتي تتضمن تخارج الدولة من عدد من القطاعات، إلا أنه قد يكون من الأفضل، على الأقل خلال العام الحالي، التركيز على تنويع فرص الشراكة بين القطاعين العام والخاص دون التخارج التام للدولة من بعض القطاعات بما يبعث برسالة طمأنينة للمستثمر ويضمن تحقيق مستويات أرباح أعلى ويعزز من كفاءة تشغيل الأصول.
وتتعدد أشكال الشراكة بين القطاعين العام والخاص بين عقود الخدمة، وعقود الإدارة، وعقود الإيجار، وعقود الامتياز، والبناء والتشغيل ونقل الملكية BOT، والبناء والتملك والتشغيل ونقل الملكية BOOT، والبناء والتملك والتشغيل BOO، وأخيرًا البيع من خلال البيع المباشر أو بيع أسهم في سوق الأوراق المالية أو البيع للعاملين والإدارة.
وفي سبيل تنشيط المشروعات الصغيرة والمتوسطة، يقترح أن تتولى إحدى الجهات الحكومية ذات الصلة شراء منتجات الشركات الصغيرة والمتوسطة والتسويق لها، بما يحفز صغار المستثمرين على الدخول في النشاط الاقتصادي بعد ضمان فرصة تصريف المنتجات، فضلًا عن أهمية ذلك في ضم وحدات القطاع غير الرسمي للاقتصاد الرسمي والتي تمثل ما يزيد على 50% من حجم القطاع الخاص.
وفي محاولة لجذب الاستثمارات، هناك ضرورة لتحديث الخريطة الاستثمارية والخريطة الصناعية بإضافة فرص استثمارية حقيقية متنوعة وجاذبة للمستثمرة ومعد لها دراسات جدوى مسبقًا من قبل الخبراء بالهيئة العامة للاستثمار وتقدم بالمجان للمستثمر بما يخفض من تكاليف ما قبل التأسيس. ويقترح كذلك تخفيض، بل وإلغاء، عدد كبير من الرسوم التي يتحملها المستثمر قبل البدء في مشروعه الخاص، والتي تمثل عبئًا قد يدفع المستثمر إلى التوجه لدولة أخرى تسهل إجراءات بدء ممارسة الاعمال، وسوف يتم تعويض تراجع المتحصلات من الرسوم من خلال الضرائب على الأرباح والتي يتم سدادها بعد نجاح المشروع وتحقيق أرباح فعلية، فتحصل الدولة على مكاسب ضريبية بجانب تحقيق أهداف رفع معدلات النمو والتشغيل.
وفي سبيل زيادة فاعلية النظام الضريبي في جذب الاستثمارات مع الحفاظ على موارد الدولة الضريبية، يوصى بتناسب فرض الضريبة مع أجل الاستثمارات عكسيًا؛ فيتم تخفيض العبء الضريبي على الاستثمارات طويلة الأجل، وزيادة العبء الضريبي على الاستثمارات قصيرة ومتوسطة الأجل؛ الأمر الذي ينعكس على زيادة حصيلة الإيرادات الضريبية، فضلًا عن زيادة كفاءة واستقرار السوق وتشجيع المزيد من الاستثمارات طويلة الأجل ذات الأثر الإيجابي على الاقتصاد الكلي. وباستخدام المبدأ ذاته يمكن استخدام النظام الضريبي لتشجيع توجيه الاستثمارات للقطاعات الاقتصادية المستهدفة وفقًا لخطة التنمية بالدولة.
وهناك أيضًا حاجة إلى تكثيف الحوافز والإعفاءات الممنوحة للقطاع الخاص، خاصة بالنسبة للاستثمارات الموجهة للقطاعات الإنتاجية أو تلك التي توجه إنتاجها نحو التصدير، بما يؤدي إلى دفع الإنتاج والتشغيل وتوفير فائض إنتاجي للتصدير، فضلًا عن زيادة إيرادات الدولة من الحصيلة الضريبية.
وبجانب جهود تحفيز الاستثمارات، فهناك أهمية كبرى لتفعيل إجراءات الرقابة على الأسواق، ومنع الممارسات الاحتكارية والتي تعد أحد معوقات دخول الاستثمارات الخاصة لبعض القطاعات الإنتاجية، مع ضرورة ضمان نزاهة العمل بالجهات الحكومية المختلفة لمنع الفساد ومواجهة البيروقراطية.
ومن جهة أخرى، فمن الأهمية بمكان وضوح الرؤية بالنسبة للمستثمرين فيما يتعلق بسياسات الدولة والإطار القانوني المنظم للاستثمار؛ إذ تعد قرارات الاستثمار من القرارات طويلة الأجل وتبدأ دائمًا بالنفقات الاستثمارية والتشغيلية ثم تأتي مراحل جنى الأرباح واسترداد رأس المال، ولذلك يهتم المستثمر باستقرار كافة العوامل التي يقوم عليها الاستثمار طوال فترة حياة المشروع.