مصر

حصاد الأمل.. خطوات مصرية واعدة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح

تحظى زراعة القمح باهتمام فريد بين الزراعات المختلفة، ومصر بوصفها أحد أكبر مستوردي القمح كانت من أكثر المتضررين من الأزمة التي خلفتها الحرب الروسية الأوكرانية، خاصة وأن القمح أحد أهم الحبوب التي يعتمد عليها المصريون في غذائهم يوميًا. وسعت مصر خلال العامين الماضي والجاري إلى تقليل حدة تأثير الأزمة، بزيادة نسب الاكتفاء الذاتي ليس من القمح فقط لكن من غالبية السلع الاستراتيجية.

وفي هذا الصدد، عملت الدولة على زيادة المساحة المنزرعة، وإدخال أحدث طرق الزراعة، واستخدام التكنولوجيا الحديثة في الزراعة، واستخدام أصناف ذات جودة عالية تزيد من إنتاجية الفدان، وعدم إهدار المياه، والاستجابة للزراعات الحديثة بالرش والتنقيط، وإيلاء مزيد من الاهتمام بمصارف المياه كتبطين الترع لخفض الفاقد من المياه والمتحول إلى مياه جوفية، والاهتمام بالصرف المغطى والذي يؤدي إلى تقليل فقد المياه عن طريق البخر.

وفي أعقاب الأزمة الأوكرانية، اتخذت الدولة عدة خطى لتحفيز المزارعين على زراعة القمح وتوريده للدولة؛ فقد تدخل الرئيس السيسي موجهًا بضرورة صرف حافز إضافي لمزارعي القمح يكفل زيادة في معدلات توريد القمح العام الماضي، فوصل سعر توريد الإردب الواحد من القمح في موسم حصاد 2022 إلى 885 جنيه للقمح الأعلى جودة. واعتمد الدكتور مصطفى مدبولي في نهاية أغسطس الماضي السعر الاسترشادي للقمح، بحيث يكون سعر الأردب 1000 جنيه، لموسم توريدات 2023. 

ثم  قرر “مدبولي” في 18 يناير 2023 صرف حافز إضافي لتوريد أردب القمح المحلي لموسم 2023 بقيمة 250 جنيها، وبذلك يصبح سعر توريد الأردب 1250 جنيها. لكن مع ارتفاع الأسعار العالمية للقمح، أُقر حافز إضافي لتوريد القمح من المزارعين (موسم 2023)، في أبريل الماضي، ليصل سعر الأردب إلى 1500 جنيه نقاوة 23.5 قيراط، وذلك بعد التنسيق بين الوزارات المعنية. 

ويأتي ذلك كله تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمراجعة سعر توريد القمح للفلاحين للموسم الزراعي الحالي؛ وذلك لتشجيع الفلاحين على زيادة معدلات التوريد للحكومة. ووفق بيانات وزارة الزراعة لهذا العام فقد تمت زراعة حوالي 3.2 ملايين فدان قمح بمتوسط إنتاجية يقدر بحوالي 18 – 20 إردبًا للفدان، لتصل الإنتاجية الاجمالية لحوالي 10 ملايين طن.

وعلاوة على ذلك، جرى إطلاق عدد من المشروعات القومية الزراعية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الاستراتيجية وعلى رأسها القمح، ومن أبرز هذه المشروعات: مشروع تنمية المليون ونصف مليون فدان والذي تقوم بإدارته شركة تنمية الريف المصري، ومشروع مستقبل مصر وهو جزء من مشروع الدلتا الجديدة، هذا بخلاف استصلاح أراضي منطقة شرق العوينات، تحت إدارة الشركة الوطنية لاستصلاح وزراعة الأراضي الصحراوية، وهو أحدث المشروعات الزراعية التي جرى افتتاح موسم حصاد القمح بها اليوم، بحضور الرئيس السيسي، إلى جانب افتتاح مصنع إنتاج البطاطس. 

تقع منطقة شرق العوينات في الجزء الجنوبي الغربي لمصر، على بُعد 365 كم جنوب واحة الداخلة بمحافظة الوادي الجديد على بعد 500 كيلومتر من بحيرة ناصر. يتميز هذا الموقع بالتربة الغنية والخالية من الملوثات، وتبلغ مساحة المنطقة 528 ألف فدان مقسمة إلى قطع نصفها موزع على شركات زراعية. ويهدف هذا المشروع إلى زيادة الرقعة الزراعية، وتعظيم انتاجية الفدان وخصوصا من المحاصيل الاستراتيجية؛ تقليلا من فاتورة الاستيراد. 

وتم حتى 2022 استصلاح 190 ألف فدان بشرق العوينات (تمت على مرحلتين: الأولى بمعدل 80 ألف فدان في الفترة ما بين عام 1999 إلى 2012، وأضيف 110 آلاف فدان في منطقة عوينات 2 وعوينات 3، في الفترة ما بين عام 2014 وحتى نهاية 2022). هذا بالإضافة إلى 250 ألف فدان بتوشكى (بعد تكليف الشركة بالعمل في المشروع في يناير 2017)، وأضيفت 100 ألف فدان أخرى لتصبح المساحة 350 ألف فدان. 

ومن المستهدف في 2023، إضافة 30 ألف فدان في شرق العوينات لتصل إلى 220 ألف فدان، ومن المستهدف أيضًا إضافة من 200 إلى 250 ألف فدان في توشكى، ليصبح إجمالي المساحة المستصلحة نحو 600 ألف فدان. ومن المستهدف في 2024 إضافة 60 ألف فدان في شرق العوينات لتصل إلى 280 ألف فدان، أما في توشكى، فسيتم إضافة مساحة 150 ألف فدان لتصل المساحة المستصلحة 750 ألف فدان، وإجمالي المساحة التي استصلحتها الشركة الوطنية لاستصلاح وزراعة الأراضي الصحراوية نحو 950 ألف فدان.

وحتى الآن، استصلحت الشركة الوطنية لاستصلاح وزراعة الأراضي الصحراوية ما مجموعه 410 آلاف فدان، تم الانتهاء من حصاد ما يزيد على 300 ألف فدان منهم من محصول القمح، مقسمة كالتالي: (146 ألف فدان في شرق العوينات، و150 ألف فدان في توشكى، و4 آلاف فدان في عين دلة، و4500 فدان في الفرافرة). وذلك بإنتاجية تقدر بحوالي 700 – 750 ألف طن. ومن المستهدف هذا العام إضافة 230 ألف فدان زراعة قمح بإنتاجية تزيد على مليون طن قمح. 

وعن مصنع “البطاطس” في شرق العوينات والذي افتتحه الرئيس اليوم، فقد تم تنفيذ مشروع متكامل بدءًا من ثلاجة التقاوي والتي تصل طاقتها إلى 64 ألف طن، فيما تصل الطاقة الإنتاجية لمصنع البطاطس لحوالي 10 طن في الساعة للبطاطس “نصف مقلية”، وطنين في الساعة من “البطاطس المهروسة”.

وفيما يخص مشروع التمور، فتم زراعة حوالي 1.5 مليون نخلة، وجارٍ تنفيذ وتجهيز المساحة المتبقية للزراعة. وقد حصلت الشركة الوطنية لاستصلاح وزراعة الأراضي الصحراوية على شهادة جينيس للأرقام القياسية عن هذا المشروع. وحصلت الشركة الوطنية للمقاولات على شهادة “جينيس” عن أكبر حوض سحب في العالم، لري 30 ألف فدان.

إلا أن المنطقة لا تزال تعاني من مشكلة كبيرة في المياه، وتجري محاولة استغلال كل قطرة مياه، لذا تم إجراء بحوث حول الزراعات التحميلية لترشيد مياه ري محصولي القصب والقطن وبعض الزراعات الأخرى. ومن المتوقع أن تحقق الزراعات التحميلية زيادة 20 ألف فدان أخرى على 530 ألف فدان وسيصبح الإجمالي 550 ألف فدان.

وإلى جانب تحقيق الاكتفاء الذاتي، تسعى الدولة إلى زيادة صادرتها من المحاصيل والمصنعات الزراعية. ومن أهم المحاصيل الزراعية التي تتميز بها الصادرات المصرية، البطاطس، فهو يحتل المرتبة الثانية بعد الموالح بين الصادرات المصرية، وبلغ الانتاج الزراعي من البطاطس خلال العام الأخير إلى 6.5 ملايين طن، حيث يتم زراعة 540 ألف فدان في الـ3 عروات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى