
قراءة في مؤشر الإرهاب العالمي 2023 (2).. الدول العشر الأكثر تأثرًا بالإرهاب
أصدر معهد الاقتصاد والسلام الدولي النسخة العاشرة من مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2023، وهو تقرير سنوي يقدم ملخصًا شاملًا للاتجاهات والأنماط العالمية الرئيسة لظاهرة الإرهاب، ويحلل عدد من الجوانب الحيوية المرتبطة بها مثل الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تحدث فيها، وكيف يتغير الإرهاب بمرور الوقت، والدوافع الجيوسياسية والأهداف الأيديولوجية للجماعات الإرهابية والاستراتيجيات التي يستخدمها الإرهابيون. وقد تناولنا خلال الجزء الأول من هذه السلسلة نظرة شاملة على حصيلة العمليات الإرهابية خلال العام المنصرم، والجماعات الإرهابية الأكثر فتكًا. فيما يناقش هذا الجزء قائمة الدول العشر الأكثر تأثرًا بالإرهاب عالميًا وفقًا لما ورد بالمؤشر.
- أفغانستان:
حافظت أفغانستان –للعام الرابع على التوالي- على المركز الأول في قائمة الدول العشر الأكثر تأثرًا بالإرهاب خلال عام 2022، إلا أنها سجّلت 633 حالة وفاة، وهو أقل عدد من الوفيات الناجمة عن الإرهاب منذ عام 2007. وقد انخفضت الهجمات الإرهابية في أفغانستان بنسبة 75%، وانخفض عدد الوفيات بنسبة 58% مقارنة بعام 2021. ومن بين جميع الوفيات الناجمة عن الإرهاب في جميع أنحاء العالم في عام 2022، وقعت 9% في أفغانستان، وهو ما يمثل انخفاضًا عن نسبة 20% المسجلة عام 2021. وشكل المدنيون أكثر من 32% من هذه الوفيات.
• اتساع النطاق الجغرافي للانتشار الإرهابي: شهد عام 2022 اتساع في الانتشار الجغرافي للإرهاب في أفغانستان، حيث سجلت حوادث إرهابية في 26 مقاطعة من أصل 34 مقاطعة في البلاد. ووقع أكبر عدد من القتلى من جراء الإرهاب في مقاطعة كابول، ونجمت معظم هذه الوفيات عن هجمات فرع خراسان التابع لتنظيم داعش (ISK). وعلى الرغم من أن كابول ظلت المحافظة الأكثر تضررًا من الإرهاب للعام التاسع على التوالي، فقد انخفض عدد الوفيات هناك بأكثر من النصف من 549 عام 2021 إلى 217 عام 2022. كذلك انخفض عدد التفجيرات الانتحارية بشكل كبير عام 2022، حيث تم تسجيل 7 تفجيرات انتحارية فقط مقارنة بـ 11 تفجيرًا عام 2021. وبلغ العدد الإجمالي للوفيات الناجمة عن هذه التفجيرات 78، وهو ما يمثل انخفاضًا بنسبة 72% عن 276 حالة وفاة مسجلة في عام 2021. وتكتيكيًا كانت التفجيرات هي أكثر أشكال الهجمات الإرهابية دموية خلال عام 2022، حيث أسفرت عن مقتل 434 شخصًا، مقارنة بـ 186 قتيلًا بسبب الهجمات المسلحة.
• تنامي تهديد تنظيم داعش-خراسان: بعد استيلاء حركة طالبان على السلطة بعد سقوط كابول في أغسطس 2021، برز الفرع الخراساني لتنظيم داعش باعتباره أكثر الجماعات الإرهابية نشاطًا في أفغانستان؛ إذ كان مسؤولًا عن 115 حادثة و422 حالة وفاة في عام 2022، وهو ما يمثل ما يقرب من 67% من إجمالي الوفيات المرتبطة بالإرهاب في البلاد لهذا العام. ويرجح التقرير أن يستغل تنظيم داعش التوترات بين الأفغان وحكومة حركة طالبان لتعزيز أعداده، حيث تكافح الحركة لتوفير الإمدادات الغذائية الكافية والحفاظ على الاقتصاد، فمنذ أن استولت على السلطة في أغسطس 2021، كان أكثر من 90% من السكان يعانون من شكل من أشكال انعدام الأمن الغذائي، وقد تفاقم هذا بسبب تعليق الغرب للمساعدات والمنظمات الدولية، والتي كانت مهمة للاقتصاد وقطاع الصحة العامة. وبالإضافة إلى ذلك، لا تزال وكالات مكافحة الإرهاب قلقة من أن طالبان قد تدعم المنظمات الإرهابية، ولا سيما القاعدة، وأن أفغانستان يمكن أن تصبح ملاذًا آمنًا للإرهابيين، خصوصًا بعد مقتل زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في يوليو 2022 في غارة أمريكية بطائرة بدون طيار في كابول، حيث أشارت تقارير استخباراتية إلى أن الظواهري كان يعيش في منزل أحد مساعدي طالبان، وأن قادة آخرين للقاعدة كانوا مقيمين في أماكن أخرى من البلاد. ويمكن أن يؤدي دعم طالبان للإرهاب إلى منع أفغانستان من الوصول إلى الأسواق الدولية، أو الحصول المساعدة اللازمة لتوفير خدمات الغذاء والرعاية الصحية لمواطنيها، مما يؤدي إلى تفاقم أزمتها الإنسانية.
- بوركينا فاسو:
جاءت في المركز الثاني في قائمة الدول العشر الأكثر تأثرًا بالإرهاب خلال عام 2022، حيث ارتفعت الهجمات الإرهابية في البلاد بين عامي 2021 و2022، من 224 إلى 310 هجمة، وهو ما يمثل أعلى عدد من الهجمات يسجل في البلاد على الإطلاق. وبالمثل، زادت الوفيات المرتبطة بالإرهاب بنسبة 50% مقارنة بعام 2021، حيث كان أكثر من نصف 1135 حالة وفاة في عام 2022 من المدنيين. وقد سجلت بوركينا فاسو أكبر عدد من الوفيات في أي بلد خلال العام الماضي، وهي المرة الأولى التي يسجل فيها عدد القتلى في البلاد أكثر من 1000 شخص.
• كثافة النشاط الإرهابي على طول “المثلث الحدودي”: شهدت المناطق القريبة من حدود بوركينا فاسو مع النيجر وبنين ومالي أكبر عدد من الهجمات الإرهابية، حيث مثلت 71% من جميع الهجمات عام 2022. ومن بين 1135 حالة وفاة في البلاد عام 2022، حدث 448 حالة في منطقة الساحل. وكان المدنيون هم المجموعة الأكثر استهدافًا للعام الرابع على التوالي، حيث تسببوا في 642 حالة وفاة أو أكثر من 57% من جميع الوفيات المرتبطة بالإرهاب في البلاد، ويمثل هذا زيادة بنسبة 29% عن العام السابق، عندما قتل 497 مدنيًا في الهجمات.
• زيادة نشاط تنظيم القاعدة: تعد جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة لتنظيم القاعدة الإرهابي الجماعة الإرهابية الأبرز في بوركينا فاسو. ورغم انخفاض الوفيات الناجمة عن هجمات الجماعة بنسبة 35% لتصل إلى 134 في عام 2022، إلا أن هجماتها تضاعفت بين عامي 2021 و2022، وهو ما يشير إلى انخفاض معدل فتك تلك الهجمات خلال العام الماضي. وتجدر الإشارة إلى أن جماعة نصرة الإسلام والمسلمين أعلنت مسؤوليتها عن هجمات إرهابية أكثر من أي جماعة أخرى في بوركينا فاسو عام 2022، إذ إن 88% من الهجمات التي شهدتها البلاد و87% من الوفيات كانت مرتبطة بجهاديين مجهولين، وهذا يجعل بوركينا فاسو من بين البلدان التي لديها أعلى معدلات الهجمات الإرهابية والوفيات غير المعلن عنها على مستوى العالم، ومع نشاط جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وداعش في المنطقة، من الممكن افتراض أن معظم هذه الهجمات قد نفذتها هذه الجماعات. ورغم مواصلة بوركينا فاسو التعاون مع دول الساحل الأخرى في جهود مكافحة الإرهاب، إلا أنها فشلت في الحد من تهديد الجماعات الجهادية مثل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وهو ما أرجعه التقرير على حالة عدم الاستقرار السياسي في البلاد التي شهدت انقلابين خلال عام 2022، وصراعات داخلية متزايدة، الأمر الذي أدى إلى تحويل انتباه قوات الأمن عن مواجهة تهديد الجماعات الإرهابية، فضلًا عن إضعاف الجهود المبذولة للحفاظ على القانون والنظام في البلاد.
- الصومال:
انخفضت الهجمات الإرهابية في الصومال في عام 2022 بنسبة 10% عن عام 2021، لتصل إلى 299 هجمة. ومع ذلك، ارتفعت الوفيات الناجمة عن هذه الهجمات بنسبة 14% إلى 755 حالة وفاة، وهو أعلى رقم منذ عام 2019، ويشير هذا إلى زيادة في فتك الهجمات، بمتوسط 2.5 حالة وفاة لكل هجوم في عام 2022، مقارنة بـ 1.9 حالة وفاة لكل هجوم في عام 2021.
• نشاط حركة الشباب المجاهدين: لا تزال حركة الشباب المجاهدين هي الجماعة الإرهابية الأكثر دموية في الصومال، حيث كانت مسؤولة عن 733 حالة وفاة أو 97% من جميع الوفيات المرتبطة بالإرهاب في البلاد في عام 2022، ويمثل هذا زيادة بنسبة 23% مقارنة بعام 2021، عندما كانت الجماعة مسؤولة عن 596 حالة وفاة. وخلال العام الماضي استهدفت حركة الشباب في الأساس العسكريين والمدنيين والمسؤولين الحكوميين. وشكلت الوفيات العسكرية 38% من الوفيات الإرهابية المنسوبة إلى الجماعة، يليها المسؤولون الحكوميون بنسبة 30% والمدنيون بنسبة 14%. ووصلت هجمات التنظيم الآن إلى أعلى مستوياتها المميتة منذ عام 2017، حيث قتلت في المتوسط 2.5 شخص لكل هجوم مقارنة بـ 1.9 في عام 2021.
وقد تركزت هجمات حركة الشباب في الغالب في المحافظات الجنوبية، ووقعت معظمها في محافظتي شبيلاها هوز وبنادر. ووقع أكبر هجومًا إرهابيًا خلال عام 2022 عندما انفجرت سيارتان مفخختان خارج مبنى وزارة التعليم مما أسفر عن مقتل 120 شخصًا على الأقل في مقديشو. وبررت حركة الشباب الهجوم باتهام الوزارة بالمسؤولية عن “حرب العقول” التي أزالت الإسلام من المدارس وجندت الطلاب في الميليشيات الموالية للحكومة، كان هذا أيضًا الهجوم الأكثر دموية لحركة الشباب في عام 2022.
• الجهود الصومالية لدحر إرهاب حركة الشباب: بعد عملية انتخابية مطولة، تم انتخاب الرئيس السابق حسن شيخ محمود كرئيس للصومال في مايو 2022، والذي قام بتغيير استراتيجية مكافحة الإرهاب، من خلال تعيين أفراد لهم صلات سابقة بالتطرف العنيف في بعض المناصب، حيث أصبح النائب السابق لزعيم حركة الشباب مختار روبو وزيرًا للأوقاف والشؤون الدينية، ويبقى أن نرى تأثير ذلك على جهود إضعاف قدرات حركة الشباب.
- مالي:
سجلت مالي في عام 2022 أكبر عدد من الوفيات بسبب الإرهاب خلال العقد الماضي حتى مع انخفاض عدد الهجمات. وعلى الرغم من تركيز البلاد على استعادة النظام الدستوري والحكم المدني في أعقاب انقلاب مايو 2021، كانت الاستجابات والاستراتيجيات الأمنية غير فعالة في حماية الماليين من الهجمات العنيفة التي تشنها الجماعات المتطرفة، لا سيما في شمال البلاد ووسطها وحول عاصمتها باماكو. وفي حين انخفض عدد الهجمات بنسبة 20%، زاد عدد الوفيات بأكثر من 50%، مما أدى إلى زيادة كبيرة في فتك الهجمات، ففي عام 2022، قتلت الهجمات الإرهابية في مالي ما معدله 3.5 شخص لكل هجوم، مقارنة بـ 1.7 شخص لكل هجوم في عام 2021. وقد استهدف العسكريين والمدنيين في غالبية الهجمات الإرهابية خلال العام الماضي. حيث شكل المدنيون أكثر من 64% من الوفيات يليهم الجيش بنسبة 20%. وكان الهجوم الأكثر دموية هو الهجوم المسلح على عدة قرى في منطقة موبتي، مما أسفر عن مقتل 110 مدنيين. ورغم عدم إعلان أي جماعة مسؤوليتها عن الهجوم، يشتبه في أن الجهاديين العاملين في المنطقة هم المسؤولون عنه.
• استمرار نزيف الدم في منطقة الحدود الثلاثة: لا تزال منطقة الحدود الثلاثية، التي تشمل حدود مالي مع النيجر وبوركينا فاسو، المنطقة الأكثر تضررًا من الهجمات الإرهابية، حيث تمثل أكثر من 60% من هجمات مالي عام 2022. وقد سجلت منطقة جاو، التي تشترك في الحدود مع كل من النيجر وبوركينا فاسو494 حالة وفاة عام 2022، أي أكثر من ثلاثة أضعاف الوفيات في المنطقة عام 2021.
• التفوق الداعشي: خلص التقرير إلى أن الكفة العددية لتنظيم داعش تفوقت على جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، حيث كانت الوفيات المنسوبة إلى التنظيم أعلى بمرتين من وفيات جماعة نصرة الإسلام والمسلمين. وشهد عام 2022 أعلى عدد لهجمات ووفيات داعش في مالي على الإطلاق، بواقع 19 هجومًا و243 حالة وفاة. ومع ذلك، فإن 61% من إجمالي الوفيات في مالي لهذا العام لم تعلن أي جماعة جهادية مسؤوليتها عنها. وقد شكل المدنيون أكثر من نصف إجمالي قتلى تنظيم داعش في مالي عام 2022، وكانوا هدفًا بنسبة 63% من الهجمات المنسوبة إلى التنظيم، في حين كان الأفراد العسكريون هدفًا لخمس هجمات فقط لداعش في مالي خلال العام الماضي، وأسفرت هذه الهجمات عن مقتل 7 أشخاص. وعلى المستوى التكتيكي الهجمات المسلحة باستخدام الأسلحة النارية هي التكتيك المفضل لتنظيم الدولة الإسلامية في مالي عام 2022، بما يمثل ما يقرب من 90% من هجمات داعش في البلاد.
• محفزات عدم الاستقرار في مالي: كان لإخفاق عملية برخان في كبح النشاط الإرهابي، واستمرار عدم الاستقرار السياسي في أعقاب انقلاب مايو 2021، ورحيل القوات العسكرية الفرنسية، والاشتباك مع مجموعة فاجنر الروسية، تأثير شديد على الاستقرار والأمن في مالي عام 2022. حيث أدى نشر قوات الأمن الروسية في مالي على وجه الخصوص إلى توتر العلاقات مع شركائها الأجانب بما في ذلك الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي. وربما يزداد الأمر خطورة في حالة انسحاب القوات الروسية من مالي، من أجل تعزيز جهودها في أوكرانيا، إذ يمكن أن يكون لها آثار غير متوقعة على جهود مكافحة الإرهاب في البلاد؛ خاصة وأن مالي تنأى بنفسها عن الدول الأخرى التي قدمت مساعدات خارجية في الماضي.
- سوريا:
يستمر الإرهاب في سوريا في التراجع، بعد الذكرى العاشرة للصراع السوري في عام 2021. ففي عام 2022، تم تسجيل 447 حالة وفاة مرتبطة بالإرهاب في سوريا، بانخفاض قدره 10% عن العام السابق. وقد عكس عدد الهجمات الإرهابية هذا الاتجاه على نطاق أوسع، حيث انخفض إلى النصف تقريبًا خلال هذه الفترة إلى 197 هجومًا، وهو أدنى مستوى منذ ثلاث سنوات. ويظل الجيش هو الهدف الأكثر شيوعًا للهجمات وكذلك المجموعة التي لديها أكبر عدد من الضحايا، يليه المدنيون. وكانت المحافظات الحدودية الشمالية والشرقية أكثر المناطق تضررًا من الإرهاب عام 2022، حيث وقعت 47% من الهجمات في محافظتي دير الزور وحلب. ويمثل هذا انخفاضًا بنسبة 41% عن العام السابق. وقد احتفظت دير الزور بمركزها كأكبر محافظة من حيث عدد الهجمات الإرهابية بعدد 65 هجومًا، في حين سجلت محافظة الحسكة أعلى عدد من القتلى حيث بلغ 184 حالة وفاة بنسبة 41% من إجمالي عدد القتلى في سوريا خلال العام الماضي.
• استمرار تهديد تنظيم داعش: ظل التنظيم هو الجماعة الإرهابية الأكثر دموية في سوريا للعام التاسع على التوالي، حيث يمثل 77% من إجمالي الوفيات و52% من الحوادث. وفي حين انخفضت الهجمات التي يشنها داعش بنسبة 8%، ارتفعت الوفيات بنسبة 42% خلال العام الماضي مقارنة بعام 2021، مما يشير إلى زيادة فتاكة هجمات التنظيم. ففي عام 2022، قتلت هجمات داعش ما معدله 3.3 شخص لكل هجوم، مقارنة بـ 2.2 شخصًا في عام 2021. ويواصل التنظيم تحويل تركيزه من استهداف المدنيين إلى الأفراد العسكريين، الذين شكلوا ما يقرب من 86% من ضحايا داعش خلال العام الماضي. وعلى الرغم من أن غالبية هجمات تنظيم داعش ترتكب باستخدام الأسلحة النارية، إلا أن الهجمات بالقنابل المتفجرة كانت أكثر فتكًا بكثير، حيث قتلت في المتوسط 3.6 شخص لكل هجوم. وشكلت الهجمات المسلحة 44% من الوفيات الناجمة عن داعش عام 2022، انخفاضًا من 74% في العام السابق. وقد وقع تفجير انتحاري واحد من قبل التنظيم في العام الماضي، وهو الأول في سوريا منذ عامين، وأودى بحياة أربعة مدنيين في محافظة درعا.
- العراق:
سجل العراق 401 هجوم إرهابي عام 2022، وهو ثاني أعلى معدل في أي دولة. ومع ذلك، يمثل هذا انخفاضًا بنسبة 54% مقارنة بعام 2021، وهو ما يستدل منه على التحسن المستمر الذي كان يحدث في العراق منذ عدة سنوات. وعكس عدد الوفيات الناجمة عن الإرهاب هذا الاتجاه، حيث سجل العراق 174 حالة وفاة عام 2022، بانخفاض قدره 68% مقارنة بعام 2021. وبشكل عام، انخفضت الوفيات الناجمة عن الإرهاب في العراق بأكثر من 97% من ذروتها عام 2007. وللسنة الثالثة على التوالي، كان الجيش هدفًا لغالبية الهجمات الإرهابية في العراق، لكن رغم ذلك انخفض عدد الهجمات الموجهة ضد الجيش خلال العام الماضي بنسبة 60% مقارنة بعام 2021. كذلك وصل عدد الضحايا العسكريين الآن إلى أدنى مستوياته منذ عام 2007. وبالمثل وصلت الوفيات من المدنيين إلى أدنى مستوياتها، حيث انخفضت بنسبة 81% من 164 عام 2021 إلى 32 عام 2022. وعلى مستوى الانتشار الجغرافي للهجمات الإرهابية، سجلت هجمات في 16 محافظة عراقية من أصل 19 محافظة عام 2022، وكانت المحافظات الشمالية الشرقية الأكثر تضررًا، حيث شهدت محافظات ديالى وصلاح الدين وكركوك 51% من مجموع الهجمات الإرهابية في البلاد.
• استمرار تهديد تنظيم داعش: كما هو الحال على الأراضي السورية، لا يزال داعش يهيمن على النشاط الإرهابي في العراق، حيث كان التنظيم مسؤولًا عن 76% من جميع الوفيات عام 2022. ومع ذلك، فقد تراجعت هجمات داعش والوفيات بأكثر من النصف في العام الماضي، حيث انخفض عدد القتلى جراء الهجمات الإرهابية للتنظيم بنسبة 71% إلى وهو أدنى مستوى منذ عام 2007. ويرجح التقرير أن يكون تنظيم داعش هو المسؤول عن الهجوم الأكثر دموية في العراق عام 2022، عندما قتل مسلحون 11 جنديًا في غارة على مقر الجيش في يناير 2022، وفي حين لم تعلن أي جماعة مسؤوليتها، إلا أن قوات الأمن نسبت الهجوم إلى داعش.
وبينما تراجعت أنشطة داعش بشكل كبير منذ إعلان الحكومة العراقية الهزيمة العسكرية للتنظيم في العراق عام 2017، لم يختف التهديد الداعشي لأمن المنطقة. وعلى الرغم من أن التنظيم لا يزال غير قادر على السيطرة على الأراضي، إلا أنه يواصل شن تمرد منخفض المستوى يتسبب بشكل منتظم في الإصابات والوفيات في المناطق الجبلية والصحراوية النائية في العراق. ويرجح التقرير أن يستغل تنظيم داعش حالة عدم الاستقرار السياسي في العراق لتحقيق مكاسب في السنوات القادمة، خصوصًا مع تجدد الاحتجاجات المطالبة بتحسين الخدمات العامة وفرص العمل، والتي لا تزال الحكومة العراقية تكافح من أجل تحقيقها.
• نشاط حزب العمال الكردستاني (PKK): كان التنظيم هو المجموعة الأخرى الوحيدة النشطة في العراق عام 2022. حيث كان مسؤولًا عن 29 هجومًا، مما أدى إلى مقتل تسعة أشخاص. ويمثل هذا زيادة في النشاط ولكن انخفاضًا في الوفيات، حيث تم تسجيل 23 هجومًا و21 حالة وفاة عام 2021.
- باكستان:
زاد تأثير الإرهاب بشكل كبير في باكستان، حيث تضاعف عدد الوفيات الناجمة عن الهجمات الإرهابية خلال عام 2022 مقارنة بعام 2021. وهذه هي السنة الثالثة على التوالي التي يتم فيها تسجيل زيادة في الوفيات بسبب الإرهاب وأكبر زيادة سنوية في العقد الماضي. وقد ظل عدد الهجمات الإرهابية ثابتًا نسبيًا، حيث بلغ عددها 206 حادثة عام 2021 و298 عام 2022، مما يسلط الضوء على زيادة معدل الوفيات بمتوسط 2.2 شخصًا في كل هجوم. وقد واصل الجيش الباكستاني جهوده لنزع سلاح الخلايا الإرهابية النائمة والقضاء عليها من خلال عملية “رد الفساد”. ولذا كان الجيش هو الهدف الأكثر شيوعًا للهجمات، حيث كان 55% من جميع الوفيات المرتبطة بالإرهاب من العسكريين. ولا يزال الإرهاب يتركز إلى حد كبير على طول الحدود الباكستانية مع أفغانستان، حيث تحدث 63% من الهجمات في هذه المنطقة. وبشكل عام، بلغت الوفيات في هذه المنطقة 74% من إجمالي الوفيات الإرهابية في باكستان عام 2022.
• تفوق جيش تحرير بلوشستان: تفوقت جماعة جيش تحرير بلوشستان على حركة طالبان الباكستانية، باعتبارها المجموعة الإرهابية الأكثر دموية، حيث كانت الجماعة مسؤولة عن 36% من الوفيات المرتبطة بالإرهاب في باكستان عام 2022. وارتفعت هجماتها بنسبة 77% مقارنة بعام 2021 وبشكل عام، زادت الوفيات المرتبطة بالإرهاب التي قام بها جيش تحرير بلوشستان بما يقرب من تسعة أضعاف بين عامي 2021 و2022، بينما تضاعفت الهجمات تقريبًا خلال نفس الفترة. ووقع الهجوم الإرهابي الأكثر دموية في باكستان عام 2022 عندما قام مسلحون بقصف وإطلاق النار على موقعين أمنيين منفصلين لفيلق الحدود في مقاطعة بلوشستان في فبراير 2022. ولم يتم تأكيد أي حصيلة رسمية للقتلى، ولكن بيانًا من جيش تحرير بلوشستان أعلن مسؤوليته عن الهجمات وأنهم قتل 195 جنديًا في كلا الهجومين، وكان هذا الهجوم الإرهابي الأكثر دموية على مستوى العالم عام 2022.
• زيادة نشاط داعش- خراسان: سجل التنظيم 23 هجومًا إرهابيًا و78 حالة وفاة خلال عام 2022، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف عدد الهجمات وزيادة في الوفيات بمقدار سبعة أضعاف مقارنة بعام 2021. ومع ذلك، وهذه هي المرة الأولى منذ عام 2015 التي ارتفعت فيها هجمات داعش- خراسان فوق 20 هجومًا في عام واحد. وقد وقعت هجمات التنظيم على طول الحدود الأفغانية مع وقوع 13 هجومًا في المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الفيدرالية، تليها خيبر بختونخوا بثماني هجمات وبلوشستان بهجومين. ووقع هجوم داعش الأكثر دموية في باكستان عام 2022 في خيبر بختونخوا، عندما أسفر تفجير انتحاري عن مقتل 56 شخصًا على الأقل في هجوم على مسجد شيعي خلال صلاة الجمعة.
ويرجح التقرير استمرار النشاط الإرهابي على طول الحدود الأفغانية الباكستانية على الرغم من جهود مكافحة الإرهاب، في ضوء استخدام قادة الجماعات الإرهابية مثل حركة طالبان الباكستانية لأفغانستان كملاذ آمن بعد أن سيطرت طالبان على أفغانستان المجاورة.
- نيجيريا:
يستمر تأثير الإرهاب في التراجع في نيجيريا مع انخفاض إجمالي الوفيات بنسبة 23% من 497 عام 2021 إلى 385 عام 2022. كما انخفض عدد الهجمات الإرهابية في نيجيريا بشكل كبير، حيث تم تسجيل 120 هجمة في العام الماضي مقارنة بـ 214 عام 2021، وهذا هو أقل عدد من الهجمات الإرهابية والوفيات منذ 2011. وكان الجيش هو الأكثر استهدافًا عام 2022، حيث استهدفت ربع الهجمات الأفراد العسكريون، يليهم المدنيون بنسبة 24%، وقوات إنفاذ القانون بنسبة 18%. وعلى الرغم من ذلك، كان نصف جميع القتلى بسبب الإرهاب في نيجيريا عام 2022 من المدنيين.
• استمرار تهديد داعش غرب إفريقيا: لا يزال تنظيم ولاية داعش في غرب إفريقيا هو الجماعة الإرهابية الأكثر دموية في نيجيريا للعام الثالث على التوالي، حيث ارتفع معدل القتل لدى الجماعة لأول مرة منذ عامين، مما يزيد قليلًا عن ثلاث وفيات لكل هجوم عام 2021 إلى 3.7 حالة وفاة لكل هجوم عام 2022. لكن سجل التنظيم أقل عدد من الهجمات والوفيات منذ عام 2020، عند 57 هجومًا و211 حالة وفاة عام 2022. بانخفاض قدره 28% في الهجمات و13% للوفيات مقارنة بعام 2021.
• تنامي نشاط جماعة “سكان بيافرا الأصليين” (IPOB): سجّلت الجماعة التي صنفتها الحكومة النيجيرية على كجماعة إرهابية في عام 2017، أكثر الأعوام دموية في عام 2022. حيث كانت مسؤولة عن 40 هجومًا و57 حالة وفاة في عام 2022، بزيادة من 26 هجومًا و34 حالة وفاة خلال عام 2021.
• تراجع نشاط جماعة بوكو حرام: انخفضت هجمات بوكو حرام إلى النصف تقريبًا خلال العام الماضي، في حين زادت الوفيات المنسوبة إليها بشكل طفيف من 69 عام 2021 إلى 72 عام 2022، وهذا هو أقل عدد من الهجمات من قبل الجماعة لأكثر من عقد من الزمان. وقد أدى تراجع جماعة بوكو حرام إلى تحسن كبير في الإرهاب في ولاية بورنو، التي شهدت انخفاضًا بنسبة 12% في الوفيات المرتبطة بالإرهاب مقارنة بعام 2021. كما انخفضت الهجمات في الولاية من 91 إلى 48 على التوالي، أي بانخفاض قدره 47%. وبالمقابل، تقدّمت ولاية داعش غرب إفريقيا في ولاية بورنو، حيث سجلت 40 هجومًا أسفر عن 168 حالة وفاة عام 2022، مقارنة بـ 6 هجمات و63 حالة وفاة لجماعة بوكو حرام. ومع ذلك، تظل الولاية المنطقة الأكثر تضررًا في نيجيريا من الإرهاب، حيث تمثل 60% من جميع الوفيات المرتبطة بالإرهاب عام 2022.
وأرجع التقرير تفوق ولاية داعش غرب إفريقيا على جماعة بوكو حرام إلى استمرار الاقتتال والصراع بين الجماعتين والذي بلغ ذروته بوفاة زعيم بوكو حرام أبو بكر شيكاو في مايو 2021، فضلًا عن جهود مكافحة الإرهاب من قبل الحكومة النيجيرية والقوات الأجنبية، والتي أدت إلى الحد من التأثير الكبير لبوكو حرام خلال عام 2022، مقابل تفوق داعشي في مناطق شمال شرق نيجيريا وبحيرة تشاد.
- ميانمار:
زادت الهجمات الإرهابية في ميانمار للعام الثاني على التوالي خلال العام الماضي، من 714 هجومًا عام 2021 إلى 755 هجومًا عام 2022. وهذا هو أعلى مستوى شهدته ميانمار في العقدين الماضيين. كذلك ارتفعت الوفيات المرتبطة بالإرهاب بنسبة 27% في العام الماضي، حيث ارتفعت من 326 عام 2021 إلى 415 عام 2022. ولا تزل الشخصيات الحكومية والسياسية هي المجموعة الأكثر تضررًا من الإرهاب في ميانمار، حيث استهدفت 30% من الهجمات وتشكل 41% من الوفيات هذا العام. ومع ذلك، كانت الهجمات التي تستهدف المدنيين أكثر فتكًا من الهجمات التي تستهدف المسؤولين الحكوميين.
ولا تزل يانجون بؤرة الإرهاب في ميانمار، حيث تشهد ما يقرب من 70% من الهجمات الإرهابية وأكثر من نصف الوفيات المرتبطة بالإرهاب. وقد سجلت منطقة تانينثاري زيادة في الهجمات بمقدار خمسة أضعاف وزيادة في الوفيات بمقدار ثمانية أضعاف. وسجلت منطقة كاشين أكثر الهجمات فتكًا في جميع مناطق ميانمار، حيث بلغ معدل الوفيات 1.8 لكل هجوم. وكان هناك انخفاض طفيف في استخدام الأسلحة المتفجرة، والذي انخفض بنسبة 4%، في حين زاد استخدام الأسلحة النارية بنسبة 33%. وقد وقعت الهجمات الإرهابية في ميانمار في سياق الصراع المدني المستمر، بعد الانقلاب العسكري في فبراير 2021 وما تلاه من تمرد من قبل المسؤولين الحكوميين المنتخبين ديمقراطيًا والجماعات العرقية المسلحة.
- النيجر:
انخفض تأثير الإرهاب بشكل كبير في النيجر عام 2022، حيث انخفضت الهجمات والوفيات إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2019. فخلال العام الماضي سجّلت البلاد 198 حالة وفاة بسبب الإرهاب، بانخفاض 67% مقارنة بـ 595 حالة وفاة مسجلة عام 2021. وتواصل مقاطعة تيلابيري تسجيل أكبر عدد من الهجمات والوفيات، على الرغم من انخفاض الوفيات بأكثر من 68% بين عامي 2021 و2022. ولكونها أقرب منطقة إلى منطقة الحدود الثلاثية غير المستقرة المشتركة مع مالي وبوركينا فاسو، فإن منطقة تيلابيري كانت الأكثر تضررًا من الهجمات الإرهابية في منطقة الساحل.
• تفوق بوكو حرام على تنظيم داعش: على عكس نيجيريا، تفوقت بوكو حرام على تنظيم داعش باعتبارها المجموعة الإرهابية الأكثر دموية في النيجر في عام 2022. حيث تسببت هجماتها في مقتل 44 شخصًا في العام الماضي مقارنة بـ 18 شخصًا في عام 2021. وكانت الجماعة مسؤولة عن خمس هجمات، تقع جميعها في منطقة ديفا، وشكلت الوفيات الناجمة عن هجماتها 22% من إجمالي الضحايا في النيجر. وبلغت خطورة هجمات بوكو حرام في النيجر ذروتها عام 2022، حيث نفذت المجموعة خمس هجمات بمتوسط 8.8 قتلى لكل هجوم. هذا بالمقارنة مع ثماني هجمات عام 2021، بمتوسط 2.3 حالة وفاة لكل هجوم. وجميع الضحايا الـ 44 في هجمات بوكو حرام عام 2022 كانوا من المدنيين.