
د. خالد عكاشة: مصر تتبنى النهج التفاوضي للتعامل مع ملف سد النهضة ولن تقف مكتوفة الأيدي أمام تهديد مواردها المائية
قال الدكتور خالد عكاشة المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية إن الخطة المصرية للتعامل مع سد النهضة الإثيوبي اعتمدت على الطريق التفاوضي، من أجل الوصول إلى أهدافها الاستراتيجية، مشيرًا خلال لقاء مع قناة “دويتش فيله” الألمانية الناطقة بالعربية إن مصر لا تزال تمضى قدمًا على هذا الطريق رغم ما يلاقيه من تعنت إثيوبي خلال الكثير من جولات الوساطة التي جرى بعضها في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، وصولاً إلى مجلس الأمن الدولي الذى دفع الأمر إلى الاتحاد الأفريقي للعب دور بناء من أجل وصول الدول الثلاث إلى ما يمكن تسميته بضمان المصالح العليا لهذه الدول، ففي كل المرات تقوم إثيوبيا بقطع طريق الوصول إلى صيغة تفاهميه.
وأضاف “عكاشة” أن هناك اختلافًا في طبيعة التهديد الذي تشعر به كل من مصر والسودان بشأن السد؛ فالسودان على سبيل المثال لديه هاجس حول تهديد سدوده؛ بوصف السودان قريب جغرافيًا من الحدود الإثيوبية وبالنسبة له هذا أولوية، أما الجانب المصري فيسعى إلى ضمان التدفق والوصول إلى اتفاقية ملزمة قانونًا ولها شرعية دولية تنظم عملية ملء وتشغيل سد النهضة.
وذكر الدكتور خالد عكاشة أن مصر لن تعود عن الطريق التفاوض والتشارك وطرق كافة الأبواب، ولكن هذا لا يمنع أن كافة الخيارات الأخرى متاحة، على سبيل المثال، قامت الدولة المصرية بعملية تطوير هائلة منذ إعلان إنشاء سد النهضة، خاصة بعد دخول مصر إلى مستويات من الفقر المائي بوصفها دولة صحراوية، بجانب أن نهر النيل يغطي حصة تكفي 80% من احتياجاتها المائية، لذلك قامت الدولة المصرية بعملية تطوير كبيرة من خلال ترشيد استخدام المياه الجوفية، وإدخال الطاقة المتجددة في تحلية المياه وتوليد الطاقة لتعويض وصول مياه الشرب. وعلى الرغم من أن كل هذه الأمور كانت عاملًا مساعدًا، فإن هذا لا يحرم مصر من استخدام كافة الإجراءات التي تضمن لها حقوقها المائية وفق المعاهدات الدولية، ولن تقف مكتوفة الأيدي في لحظة تهديد المورد المائي الذى يعد شريانًا حقيقيًا للدولة المصرية.
وأشار المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية إلى أنه تم تدشين مشروع أطول نهر صناعي في تاريخ مصر كخطة بديلة، وربما تم الانتهاء من بعض أجزاء المشروع وبدأت تخدم مساحات جديدة من الأراضي الزراعية، لكن تكمن المشكلة في أن مصر تعاني من أزمة غذائية نظرًا إلى حجم السكان والتغيرات المناخية والبيئية، لذلك كان لابد من أن تتقدم بحلول لتحقيق الأمن الغذائي في المقام الأول، مبينًا أن فلسفة هذا المشروع هو إنشاء مناطق جديدة لتحقيق استخدام أفضل للتقنيات التكنولوجية الحديثة لتقنين استخدام المياه لإنتاج غذاء بمعدلات مرتفعة.
وأضاف أن هذه المشروعات المصرية في مجال الموارد المائية ومنها محطات التحلية العملاقة كانت محل إشادة من المؤسسات الدولية من حيث حجم التخطيط والجهد المصري المبذول لضمان تحقيق أمن مائي وغذائي. لافتًا إلى أن الجانب الأمريكي بذل جهدًا كبيرًا منذ محادثات فبراير 2020، والتي وصلت بالأطراف الثلاثة إلى حل المشكلات العالقة بنسبة 97% وكان هذا الأمر برعاية الإدارة الأمريكية ووزارة الخزانة الامريكية، قبل أن تنسحب إثيوبيا فجأة من المفاوضات زاعمة أن الأمور قد انتهت بمحابة الولايات المتحدة إلى شريكها الاستراتيجي مصر.
وأوضح الدكتور خالد عكاشة أن خطوط التواصل متاحة ببن الإدارة المصرية والإدارة الأمريكية بشأن ملف سد النهضة، ولكن ليست الولايات المتحدة هي الرهان المصري الوحيد؛ فلمصر مجموعة واسعة من الرهانات والخيارات التي يمكن العمل عليها خلال الفترة المقبلة، مشيرًا إلى أن تضييق الخناق على الجانب الاثيوبي قد يدفعه إلى الجلوس مرة أخرى على طاولة الحوار مع مصر، بالنظر إلى أن مصالح إثيوبيا مهددة مع الدول الأفريقية والعربية أيضًا، والتي تشكل حائط صد للدفاع عن الأمن المائي لكل من مصر والسودان.