مصر

بين المستهدف والواقع: هل تعمل الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في مسارها الصحيح؟

حقوق الإنسان هي حقوق عالمية وغير قابلة للتصرف ومتأصلة في البشر كافة، وأساسها احترام كرامة كل شخص وقيمته، فهي ضمانات قانونية تحمي الأفراد والجماعات من كل فعل يشكل تدخلًا في حرياتهم الأساسية واستحقاقاتهم وكرامتهم الإنسانية، جاء ذلك في صلب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948؛ وتم تنظيم العمل بعد ذلك في شكل سلسلة من المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان صدقت عليها دول العالم، إضافة إلى المعاهدات الإقليمية والدساتير المحلية التي من أهم سماتها أنها تكفل لمواطنيها الحقوق والحريات. 

إن لمصر السبق والصدارة في الانضمام إلى المعاهدات والاتفاقيات الدولية المعنية بموضوعات حقوق الإنسان، فمصر من أعلى الدول تصديقًا على اتفاقيات الشرعة الدولية لحقوق الانسان فهي موقعة على 10 اتفاقيات دولية من الاتفاقيات المعنية بحقوق الإنسان، هذا إلى جانب المعاهدات الإقليمية في هذا الشأن، إضافة إلى الدستور المصري الصادر عام 2014 الذي يكفل الحقوق والحريات. ولم يقف الأمر عند المعاهدات والاتفاقيات ونصوص الدستور، ولكن تطور الأمر إلى اتباع نهج جديد قائم على قراءة موضوعية للوضع الحقوقي في مصر والذي أفضى في نهاية الأمر إلى إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في سبتمبر 2021. 

وستركز هذه الورقة على تناول طبيعة الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي تم إطلاقها في سبتمبر 2021، وما تحتوي عليه من برامج عمل ومبادرات، إضافة إلى مستهدفاتها الأساسية التي تود الوصول إليها، هذا إلى جانب محاور عملها، وماذا حدث بعد مرور أكثر من عام على إطلاقها، وماذا قدمت الاستراتيجية للملف الحقوقي المصري؟ 

ظروف إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان

في ظل قراءة حقيقية للوضع الحقوقي في مصر إضافة إلى زيادة الرغبة في تطوير الملف الحقوقي، جاءت رؤية الحكومة المصرية في إعداد الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان والتي تعد أول وثيقة حكومية مصرية تتناول بشكل صريح وحقيقي كافة الجوانب المتعلقة بالحقوق السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية للمواطن المصري.

ولقد ظهر ذلك بداية من المرحلة التحضيرية لهذه الخطة، فلقد اتبعت الدولة نهجًا علميًا رصينًا في إعداد الاستراتيجية، فقد بدأت المرحلة التحضيرية بحصر الخطط والبرامج والأنشطة المستقبلية ذات الصلة بحقوق الإنسان بالتنسيق مع جميع الوزارات والجهات المعنية، إلى جانب تنظيم عدد من جلسـات الاستماع التي ضمت ممثلين عن كل من: الجمعيات والمؤسسات الأهلية من مختلف المحافظات، والنقابات المهنية والعمالية، والمراكز البحثية والجامعات، واتحادات الغرف التجارية وجمعيات رجال الأعمال، والشخصيات العامة والمثقفين. لقد اتبعت مصر نهجًا تشاركيًا لإعداد هذه الاستراتيجية ووضع تقييم موسع لمعرفة احتياجات حقوق الإنسان، وبالتالي فهي جاءت معبرة وحقيقية عن حالة حقوق الإنسان في مصر.

ولقد تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في 11 سبتمبر 2021، ويمتد إطارها الزمني لخمس سنوات تنتهي في 2026. وارتكزت الاستراتيجية على عدد من المرتكزات، وهي: الضمانات الدستورية في مجال حماية وتعزيز واحترام حقوق الإنسان، والالتزامات الدولية والإقليمية لمصر في مجال حقوق الإنسان، إضافة إلى استراتيجية التنمية المستدامة 2030.

وأُسست الاستراتيجية على عدد من المبادئ التي تؤكد على عالمية حقوق الإنسان وترابطها وأن القانون هو أساس الحكم في الدولة، ولقد وركزت الاستراتيجية على عرض أهم التحديات التي تواجه الدولة في تعزيز وحماية حقوق الإنسان بها، وهي الحاجة إلي تعزيز ثقافة حقوق الإنسان، والحاجة إلي تعزيز المشاركة في الشأن العام، والصعوبات التي تواجه تحقيق التنمية الاقتصادية المستهدفة، هذا إلى جانب التحدي الأكبر وهو الإرهاب والاضطراب الإقليمي.

ولقد حددت الاستراتيجية أربعة محاور لتنظيم عملها خلال الإطار الزمني المحدد لها، وتندرج تحت كل محور من المحاور مجموعة توصيات (نتائج مستهدفة) بمجموع 226 توصية. ولقد تناول المحور الأول الحقوق المدنية والسياسية، وشمل المحور الثاني الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إضافة إلى المحور الثالث المرتبط بحقوق المرأة والطفل و ذوي الإعاقة وغيرهم، وتضمن المحور الرابع التثقيف وبناء القدرات في مجال حقوق الإنسان.

مطابقة الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان بالواقع الحالي

أولًا: الحقوق السياسية والمدنية

شملت الجهود المتعلقة بالحق في الحياة والسلامة الجسدية تعزيز الحماية لنزلاء دور الرعاية الاجتماعية، ودور الأيتام، ودور رعاية المسنين، ونزلاء المصحات النفسية، ومصحات علاج الإدمان، وإحالة المخالفين إلى جهات التحقيق المختصة. إضافة إلى صدور اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم البحوث الطبية الإكلينيكية، وأيضًا إطلاق العديد من المبادرات لمواجهة حالات الانتحار عبر التوعية وتقديم الدعم والإرشاد النفسي، من بينها: مبادرة “أنت غالٍ علينا” في يونيو 2022 وهي إحدى مبادرات الأزهر الشريف بهدف بناء جسر للتواصل البناء مع الشباب وتقديم الدعم النفسي لهم، ومبادرة “لا للانتحار عيشها بتحدي” والتي أطلقتها وزارة الشباب والرياضة في سبتمبر 2022 للحد من ظاهرة الانتحار والحث على المثابرة على ضغوط الحياة والتحديات التي تواجه الإنسان، وغيرها من المبادرات التي تكفل حق الإنسان في الحياة.

تمثلت أهم الجهود فيما يخص الحق في الحرية الشخصية والتقاضي وتعزيز ضمانات المحاكمة المنصفة في إنهاء حالة الطوارئ المعمول بها منذ سنوات طويلة في أكتوبر 2021، وهذا يعد من التدابير المعززة للحق في التقاضي وتعزيز ضمانات المحاكمة المنصفة، إلى جانب إعادة تفعيل عمل لجنة العفو الرئاسي في إبريل 2022، إضافة إلى إعادة دمج المفرج عنهم في المجتمع وتذليل كافة العقبات أمامهم. وفيما يخص الحبس الاحتياطي نفذت وزارة العدل مشروع النظر عن بعد في أوامر الحبس الاحتياطي، مع تمكين المتهم من حق الدفاع عن نفسه أمام القاضي في أمر إخلاء سبيله أو استمرار حبسه.

وبشأن معاملة السجناء، فلقد تضمنت تغيير الفلسفة العقابية، وصولًا إلى تعديل قانون السجون في مارس 2022 من حيث المسميات وتطوير مراكز الإصلاح والتأهيل، وتعزيز الرعاية الطبية للنزلاء، والتوسع في قرارات العفو، إضافة إلى تنظيم زيارات للمجلس القومي لحقوق الإنسان وغيره من المؤسسات المعنية إلى مراكز التأهيل والإصلاح.

وفيما يخص الحق في حرية الرأي والتعبير، تم العمل على تعزيز المشاركة السياسية والمجتمعية من خلال إطلاق الرئيس الحوار الوطني في أبريل 2022 لإدارة حوار حول أولويات العمل خلال المرحلة الراهنة وذلك بالتنسيق مع كافة تيارات وفئات المجتمع. ولقد أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام مائة ترخيص وشهادة توفيق أوضاع للصحف ووسائل الإعلام؛ لتعزيز حرية الصحافة. 

أما بالنسبة للحق في حرية التنظيم، فقد شملت الجهود الحق في تكوين الجمعيات بعد إصدار قانون تنظيم ممارسة العمـل الأهلي في 2019 والذي كان يقتضي التسجيل لمدة ستة أشهر من تاريخ إصداره تم التعديل لتمديد فترة توفيق الأوضاع للجمعيات والمؤسسات الأهلية وتسهيل تسجيلها عبر المنظومة الإلكترونية. جدير بالذكر أن القانون يقتضي حرية تأسيس الجمعيات والمؤسسات الأهلية ويعزز مواردها المالية، ويشجع عمل المؤسسات الأجنبية غير الحكومية، إضافة إلى زيادة التنسيق والتكامل بين الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص، فتم إعلان عام 2022 عام المجتمع المدني والذي تمثلت أهم مخرجاته في إطلاق التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي كمنصة تجمع وتنظم داخلها العمل الأهلي والخدمي التنموي.

ثانيًا: الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

فيما يخص الحق في الصحة، ارتفعت المخصصات المالية للحق في الصحة إلى ما يزيد على 310 مليارات جنيه في موازنة العام المالي 2022-2023. ومن أجل تغطية الخدمات الصحية على مستوى الجمهورية، أطلقت وزارة الصحة والسكان ضمن مبادرة حياة كريمة أكثر من ألف قافلة طبية مجانية بجميع محافظات الجمهورية، إضافة إلى المبادرة الرئاسية “100 مليون صحة” والتي شملت: الكشف عن فيروس سي والأمراض غير السارية، ومبادرة القضاء على قوائم الانتظار للتدخلات الحرجة، ومبادرة الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية لحديثي الولادة، ومبادرة علاج ضعف وفقدان السمع لحديثي الولادة، والكشف المبكر عن الأنيميا والسمنة والتقزم، ومبادرة للكشف المبكر عن الاعتلال الكلوي، ومبادرة علاج مرض سرطان الكبد.

هذا إلى جانب استعداد وزارة الصحة والسكان لإطلاق مبادرة لدعم الصحة النفسية. وقد بلغ عدد المستفيدين من مبادرات 100 مليون صحة ما يقارب 48 مليون مواطن على مستوى محافظات الجمهورية وفقا للتقرير الأخير الصادر عن اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان. 

وبالإشارة إلى الحق في العمل، فلقد أسهمت المشروعات القومية الكبرى في تراجع معدل البطالة لأدنى مستوى له منذ ثلاثين عامًا؛ وذلك تنفيذا لخطط التنمية، والتشغيل، ورفع كفاءة سوق العمل، هذا بالإضافة إلى برامج التمكين الاقتصادي للمرأة وبرامج التمكين للفئات الأولى بالرعاية. 

أما بالنسبة للحق في الضمان الاجتماعي، فيتم تنفيذ العديد من برامج الحماية الاجتماعية والتي تقضي بضرورة تعزيز ودعم الفئات الأولى بالرعاية؛ فعلى سبيل المثال أسهمت “حياة كريمة” في ارتفاع عدد الأسر المستفيدة من برنامج تكافل وكرامة إلى 5.2 مليون أسرة في 2022. إضافة إلى أن الدولة عملت على تعزيز الحق في الغذاء في ظل مواجهتها لتأثيرات الأزمات العالمية على سلاسل الإمداد، وارتفاع أسعار الحبوب والزيوت عالميًا، وذلك من خلال توفير الأرصدة الاستراتيجية الآمنة من السلع الأساسية مع إتاحتها بأسعار مخفضة، بجانب اعتماد منظومة جديدة لزراعة وتوريد القمح، ساهمت في تحقيق معدلات إنتاج غير مسبوقة.

ولقد تعددت التدابير التي تم اتخاذها بما يكفل الحق في مياه الشرب الآمنة والصرف الصحي، من خلال تنفيذ مشروعات تحلية مياه الشرب، وتبطين الترع وتوسعتها للحفاظ على الموارد المائية، وتطوير البنية التحتية للصرف الصحي في إطار المشروعات القومية الكبرى. 

فيما يخص الحق في السكن الملائم، جاءت المبادرات التي يتم تنفيذها في المناطق الريفية وعلى رأسها حياة كريمة بتوفير البنية التحتية للاتصالات والإنترنت وتوصيل الألياف الضوئية لأكثر من 3.5 ملايين منزل حتى تصلح المنازل للسكن الآدمي، إضافة إلى أن وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية تعمل على تنفيذ العديد من المشروعات السكنية لصالح المواطنين ذوي الدخل المنخفض ضمن المبادرة الرئاسية “سكن لكل المصريين” حيث تم الانتهاء من أعمال المرافق بالمرحلة الأولى بإجمالي 1124 عمارة سكنية تضم 29496 وحدة سكنية. 

وفيما يخص الحقوق الثقافية، عملت وزارة الثقافة على تنفيذ العديد من المبادرات التي تحقق العدالة الثقافية التي تضمن الوصول لكافة المناطق الريفية والنائية كمشروع المسارح المتنقلة، إلى جانب أنشطتها التقليدية من حفلات وقوافل ثقافية وفنية. 

ثالثًا: حقوق المرأة والطفل وذوي الإعاقة والشباب وكبار السن

لقد شهد ملف تطوير حقوق المرأة تقدمًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، فقد تم استحداث آفاق جديدة لم تكن موجودة من قبل عززت مشاركة المرأة في كافة القطاعات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية. وقد تضمنت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان كافة التحديات التي تواجه دعم وتعزيز حقوق المرأة، وعملت منذ إطلاقها على تقليل هذه العقبات لتحقيق التمكين السياسي والاقتصادي والاجتماعي للمرأة.

فعلى صعيد التمكين السياسي، يحتل البرلمان المصري مرتبة متقدمة بين أكثر البرلمانات تمثيلًا للمرأة في العالم، فقد حصلت المرأة في مجلس النواب 2021 على 162 مقعدًا؛ وذلك في ضوء القانون رقم 46 لسنة 2014 بإصدار قانون مجلس النواب المٌعدل برقم 140 لسنه 2020 والذي خصص للمرأة ما لا يقل عن 25% من إجمالي مقاعده المنتخبة. ذلك علاوة على التشكيل الحكومي حيث شغلت 6 سيدات مناصب وزارية في التشكيل الوزاري في أغسطس2022، والقرار الجمهوري بتعيين 137 قاضية لأول مرة في مجلس الدولة في يونيو 2022. 

وعلى صعيد التمكين الاقتصادي، عملت الاستراتيجية منذ إطلاقها على تحقيق تكافؤ الفرص للعمل في كافة القطاعات والصناعات والمهن، من خلال حشد كافة القطاعات الرسمية وغير الرسمية لدعم وتعزيز التمكين الاقتصادي للمرأة وخاصة في المناطق الريفية والنائية؛ فلقد أطلقت وزارة القوى العاملة بالتعاون مع منظمة العمل الدولية” الخطة الوطنية لتعزيز المساواة بين الجنسين في مجال العمل” في أبريل 2022، وبرنامج الادخار والإقراض الرقمي الذي ينفذه المجلس القومي للمرأة لرفع التثقيف والوعي بشأن الشمول المالي في عدد من المحافظات، ومبادرة طرق الأبواب في الريف لتأهيل النساء للعمل في مارس 2022. 

ذلك إضافة إلى التمكين الاجتماعي بما يعزز حماية المرأة من كافة أشكال العنف والممارسات الضارة، فتم التوسع في إنشاء وحدات مناهضة العنف ضد المرأة بالجامعات لتصل إلى 27 وحدة على مستوى الجمهورية، وإطلاق الخطة الوطنية للقضاء على ختان الإناث 2022-2026. وقامت وزارة العدل بإنشاء 8 مكاتب لدعم المرأة بعدد من المحاكم الابتدائية، هذا إلى جانب مراكز استضافة المرأة التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي، والتي تعمل على حماية النساء المعرضات والناجيات من العنف، وتأهيل المرأة من العنف، حتى تتعافى جسديًا واجتماعيًا من خلال تقديم الدعم النفسي والقانوني والصحي والاجتماعي لها.

وبالإشارة إلى حقوق الطفل، فقد وقع المجلس القومي للأمومة والطفولة بروتوكول تعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” 2023-2027 والذي يضم عددًا من المحاور، منها تمكين وحماية الأطفال. وقامت وزارة التضامن الاجتماعي بتنفيذ عدد من الأنشطة فيما يخص نشر الوعي بحقوق الأطفال وحمايتهم، إضافة إلى برنامج “طلبة المدارس والمهارات الحياتية” لنبذ العنف والتوعية بالحقوق والواجبات في عدد من المدارس، والتي استهدفت 20ألف طفل، وغيرها من الإجراءات بما يحقق مصلحة الأطفال. 

جدير بالذكر أن الدولة قد عملت كذلك على نشر الوعي بحقوق ذوي الإعاقة خلال مؤتمرات “قادرون باختلاف”، واتُخذت حزمة من الإجراءات الداعمة لهذه الحقوق، منها توسيع مجالات تدريب المعلمين وتأهليهم للتعامل والتواصل المثمر مع الأشخاص ذوي الإعاقة، وتم إطلاق مسابقة” إبداع قادرون” في مختلف المحافظات بهدف دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع وتنمية قدراتهم ومهارتهم لتمكينهم اقتصاديًا.

إن الاهتمام بحقوق الشباب هو ركيزة أساسية في خطة الدولة واستراتيجيتها لبناء الإنسان المصري، فعدد سكان مصر تحت سن 40 عامًا يفوق ثلثي إجمالي عدد السكان، وهو ما له دلالة على ضرورة الاهتمام بالموارد البشرية، خاصة وأنها العنصر الأساسي في العملية التنموية التي تقودها الدولة حاليًا. 

وضمن هذا الإطار، تم تدشين منصة حوارية “منتدى شباب العالم” والذي يتم بين الشباب وممثلي الحكومة ومؤسساتها المختلفة حول قضايا الشباب من كل دول العالم بشكل عام والشباب المصري بشكل خاص؛ لمعرفة مقترحاتهم حول تطوير الدولة المصرية، ومناقشة القضايا والأزمات العالمية؛ وذلك للخروج بمقترحات وتوصيات وتطبيقها على أرض الواقع.

ذلك إضافة إلى العمل على تمكين الشباب لتولي المناصب القيادية من خلال تنفيذ العديد من البرامج ومنها: برنامج تعزيز وبناء القدرات الشبابية لتأهيل 1000 شاب من القيادات المحلية من مختلف المحافظات للعمل العام والترشح للمحليات في مايو 2022، إضافة إلى إعداد وتدريب رؤساء ونواب اتحادات الطلاب في الجامعات، هذا بجانب تطوير مراكز الشباب والرياضة ومراكز التعليم المدني وإطلاق المبادرات والأنشطة الرياضية في مختلف المحافظات، وتنظيم ملتقيات التوظيف في مختلف المحافظات.

رابعًا: التثقيف وبناء القدرات في مجال حقوق الإنسان

فيما يخص نشر حقوق الإنسان، تم تنفيذ عدد من المبادرات لرفع الوعي ونشر حقوق الإنسان، شملت كافة الوزارات والهيئات الحكومية بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني والتي استهدفت تنظيم التدريبات والبرامج والندوا تمن أجل تناول حقوق الإنسان وماهيتها ونشر الوعي بأهميتها، وشملت: العاملين بالقطاع الحكومي، والمرأة، والشباب، والأطفال، وغيرهم. إضافة إلى إطلاق وحدات حقوق الإنسان في الوزارات لتنظيم عملها ومتابعة كافة النشاطات فيما يخص البرامج والتدريبات التي تنفذها كل وزارة بما يعزز حقوق الإنسان.

وتم العمل على تطوير مناهج وزارة التربية والتعليم لتشتمل على مبادئ حقوق الإنسان؛ لرفع وعي الطلاب داخل المدارس، والتي تناولت قضايا: المساواة وعدم التمييز، والعولمة، ورفع الوعي بقضايا السكان والصحة الإنجابية، وقضايا المواطنة، وغيرها. وفيما يخص تدريب عناصر الشرطة، نظمت وزارة الداخلية سبعين محاضرة للعاملين بالوزارة حول مفاهيم ومبادئ حقوق الإنسان؛ لنشر حقوق الإنسان وصقل المهارات في التعامل مع المواطنين، وغيرها من البرامج التدريبية للعاملين في القضاء والقطاعات الإدارية والحكومية المختلفة.

ختاما، إن العملية التنموية 2030 التي تقودها مصر حاليًا لن تكتمل سوى بوجود استراتيجية واضحة لحقوق الإنسان تقرأ الواقع بصورة حقيقية وتتناول كافة محاور حقوق الإنسان من منظور متكامل ومفهوم شامل لتلك الحقوق، وهو ما تناولته الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان بالفعل، وعملت على تحقيقه منذ إصدارها وحتى الآن؛ فهي التزام حكومي يعتمد بالأساس على خطة عمل واضحة ومحددة قادرة على حشد كافة القطاعات والجهات من أجل تطوير الوضع الحقوقي في مصر كما تم توضيحه بالتفصيل من خلال إطلاق المبادرات والمشروعات، وقبل ذلك ضمان البيئة التشريعية الملائمة التي تساعد في نجاح هذه الاستراتيجية.

سلمى عبد المنعم

باحثة ببرنامج السياسات العامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى