مصر

الأمن الغذائي المصري… الواقع والمأمول

الأمن الغذائي وفقًا لمؤتمر القمة العالمي للأغذية الذي عُقد في عام 1996، هو وضع يتحقق عندما يتمتع جميع الناس، في جميع الأوقات، بإمكانية الحصول المادي والاقتصادي على أغذية كافية وسليمة ومغذية تلبي احتياجاتهم الغذائية وأفضلياتهم الغذائية من أجل حياة نشطة وصحية. 

وللأمن الغذائي أربعة أبعاد رئيسة هي: التوافر المادي للغذاء والذي يتحدد حسب مستوى إنتاج المواد الغذائية ومستويات المخزون وصافي التجارة فيها، والحصول المادي والاقتصادي على المواد الغذائية وهنا كفاية المعروض من المواد الغذائية ليس الضامن في تحقق الامن الغذائي لكن المخاوف بشأن عدم كفاية الحصول على المواد الغذائية أدت إلى تركيز السياسات على نحو أكبر على الدخل والإنفاق والأسواق والأسعار في تحقيق الأهداف المتعلقة بالأمن الغذائي، والاستفادة من المواد الغذائية ويقصد بها أن يحقق الجسم أقصى استفادة من العناصر الغذائية المختلفة التي تحتوي عليها المواد الغذائية، واستقرار الأبعاد الثلاثة الأخرى بمرور الوقت ويقصد هنا الاستدامة، فحتى لو كانت كمية الطعام التي يتناولها الشخص كافية اليوم، فلا يزال يُنظر إليه على أنه يعاني من انعدام الأمن الغذائي إذا لم تكن لديه القدرة الكافية على الحصول على المواد الغذائية بصفة دورية.

الواقع العالمي

ورقة سياسات: الحرب الروسية- الأوكرانية ومعضلة الأمن الغذائي في فلسطين:  الأسوأ لم يأتِ بعد | شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية

ثلاثة أعوام أكدت هشاشة الأمن الغذائي العالمي؛ فمع انتشار جائحة كورونا حول العالم انعدم الأمن الغذائي في البلدان الأشد فقرًا والأكثر ضعفًا. فوفقًا لبرنامج الأغذية العالمي، سقط ما يصل إلى 96 مليون شخص من 54 بلد -من البلدان المؤهلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية- في براثن انعدام الأمن الغذائي الحاد في عام 2020، ويُضاف هذا العدد إلى 137 مليون شخص الذين كانوا يعانون بالفعل من انعدام الأمن الغذائي الحاد بنهاية عام 2019 في جميع أنحاء هذه البلدان.

وفي ظل استمرار جائحة كورونا التي لم تنتهِ بعد، وتأثيرات التغير المناخي التي أصبحت مهددًا رئيسًا للأمن الغذائي بعدد من الدول؛ احتدمت الحرب الروسية الأوكرانية لتستمر لقرابة العام حتى الآن، مخلفة أزمة اقتصادية عالمية لم يشهدها العالم من قبل، مما أدى إلى ارتفاع معدلات التضخم العالمية وتكاليف المعيشة لتشكل خطرًا على ما يصل إلى 828 مليون شخص جائع في جميع أنحاء العالم. 

فأوضح تقرير لبرنامج الأغذية العالمي أن عدد الأشخاص الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد قد ارتفع من 135 مليونًا إلى 345 مليونًا منذ عام 2019، وهناك حوالي 50 مليون شخص في 45 دولة على حافة المجاعة. فغالبية دول العالم أمام مفترق طرق كارثة الجوع، إلى حد إطلاق برنامج الأغذية العالمي «عام من الجوع غير المسبوق» على عام 2022.

فيعاني 60% من الأشخاص في البلدان المتضررة من النزاعات من انعدام الأمن الغذائي المزمن، ويعاني 65 بلدًا من أصل 77 من تزايد معدلات نقص التغذية (2011-2017) من التباطؤ الاقتصادي. وأدت الكوارث المرتبطة بالطقس إلى تشريد داخلي جديد لحوالي 30 مليون شخص خلال عام 2020؛ فارتفاع درجات الحرارة يسرع من معدلات البخر من النباتات والتربة، ويجب توفير ما يكفي من المياه لنمو المحاصيل، لذا ستعاني المناطق التي تعاني بالفعل من نقص المياه أكثر من غيرها من الدول، لذا بلدان مثل حزام منطقة الساحل الأفريقي أو جنوب آسيا يمكن أن يكون لارتفاع درجات الحرارة فيها تأثير فوري على المحاصيل، فوفقًا للبنك الدولي، من الممكن أن يسقط نتيجة لذلك ما يقدر بنحو 43 مليون شخص في أفريقيا وحدها تحت خط الفقر بحلول عام 2030.

D:\هبة\مرصد\نوعي\امن غذائي\index_table_ar_jan665.jpg

تزامن تفاقم الأزمتين الأخيرتين –جائحة كوفيد-19 والحرب الروسية الأوكرانية– أدى إلى حدوث أزمة أمن غذائي بمختلف دول العالم، فقد بيّن مؤشر منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة ارتفاع أسعار السلع الغذائية المتداولة على الصعيد الدولي، فسجل متوسط مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الأغذية أعلى مستوى له في مارس 2022، على خلفية اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، مسجلًا 159.7 نقطة، وعلى الرغم من توجه المؤشر إلى التراجع في الأشهر التسعة التالية فإنه ما زال يشهد المعدلات الأعلى على الإطلاق خلال العقدين الماضيين، وقد بلغ متوسط مؤشر المنظمة لأسعار الأغذية عن عام 2022 نحو 143.7 نقطة، وهو ما يمثّل ارتفاعًا يصل إلى 18 نقطة أي 14.3% بالمقارنة مع عام 2021.

وقد أدى انخفاض مخزونات بعض السلع الأساسية، وارتفاع تكاليف الطاقة والأسمدة، وسوء الأحوال الجوية في عدّة بلدان، إلى جانب اضطراب سلاسل الامداد والتوريد بين دول العالم؛ إلى تفاقم حالة عدم اليقين والقلق بشأن الأمن الغذائي لمختلف دول العالم. هذا إلى جانب القدرة على تحمل تكاليف تحقيق الأمن الغذائي على المستوى القومي، أو المستوى الأسري وبخاصة الكثير من العائلات الهشة التي تكافح من أجل تأمين طعامها.

فالسبيل الوحيد لوقف والقضاء على تغول كارثة الجوع يكون ببناء قدرة الأسر والمجتمعات على إطعام أنفسها وإنهاء اعتمادها على الدعم الإنساني. هذا إلى جانب وجود إرادة سياسية وتعاون دولي لإنهاء بؤر الحروب حول العالم، هذا بخلاف اضطلاع دول العالم بمسؤولياتها للحد من الاحتباس الحراري على النحو المنصوص عليه في اتفاقية باريس، وإلا ستظل أزمة التغير المناخي تدمر سبل العيش وتقوض قدرة الناس على إطعام أنفسهم.

الأمن الغذائي المصري

D:\هبة\مرصد\نوعي\امن غذائي\Untitled.png1.png

السؤال المُلح الآن هو ما هو واقع الأمن الغذائي المصري بأبعاده المختلفة؟ فوفقًا لتقرير حالة الامن الغذائي والتغذية في العالم لعام 2022 الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، فإن عدد الذين يعانون من النقص التغذوي –الحالة التي يكون فيها استهلاك الأغذية المعتادة للفرد غير كافٍ لتوفير كمية الطاقة الغذائية اللازمة لعيش حياة طبيعية وموفورة النشاط – بمصر خلال الأعوام (2004-2006) بلغ حوالي 4.9 مليون بنسبة 6.4% من إجمالي السكان، فيما كان المتوسط العالمي 12.2%. هذا في حين انخفضت النسبة خلال الفترة (2019-2021) إلى 5.1%، إلا أن نتيجة الزيادة السكانية فقد ازدادت أعداد السكان الذين يعانوا من نقص تغذوي إلى 5.2 ملايين شخص في الفترة نفسها. يذكر أن المتوسط العالمي قد انخفض إلى 9%، بإجمالي 702.7 مليون شخص خلال الفترة (2019-2021).

D:\هبة\مرصد\نوعي\امن غذائي\Untitled.png
الجدول يشير إلى التقدم المحرز باتجاه تحقيق أهداف التنمية المستدامة والمقاصد العالمية الخاصة بالتغذية وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة 2022

في حين وصل معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي –يشير إلى محدودية فرص الحصول على الأغذية على مستوى الأفراد أو الأسر المعيشية بسبب نقص الأموال أو الموارد الأخرى- الشديد لدى مجموع السكان إلى 8.4% عام (2014-2016) بإجمالي 7.8 ملايين نسمة، إلا أن النسبة انخفضت إلى 7.1% خلال الفترة (2019-2021) إلى 7.1% بإجمالي 7.3 ملايين نسمة. في المقابل، ارتفعت نسبة الذين يعانون انعدامًا شديدًا في أمنهم الغذائي حول العالم من 7.7% بالفترة (2014-2016) بإجمالي 569.3 مليون نسمة لتصل إلى 10.7% بإجمالي 830.2 مليون نسمة بالفترة (2019-2021).

المؤشر201420192021
نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، تعادل القوة الشرائية، (ثابت بالدولار الدولي لعام 2017)10353.7011763.3012121.20
تقلب إنتاج الغذاء للفرد (ثابت 2014-2016 ألف دولار أمريكي للفرد)12.006.90 
تقلب إمدادات الغذاء للفرد (كيلو كالوري / فرد / اليوم)82.0026.00 
انتشار الرضاعة الطبيعية الحصرية بين الرضع من سن 0-5 أشهر39.50  
الحد الأدنى من متطلبات الطاقة الغذائية (سعرات حرارية / فرد / يوم)1802.001800.00  1806.00
متوسط متطلبات الطاقة الغذائية (كيلو كالوري / فرد / يوم)2324.002315.002322.00
معامل الاختلاف في توزيع استهلاك السعرات الحرارية المعتاد (العدد الحقيقي)0.320.320.33
معدل فقدان السعرات الحرارية على مستوى التوزيع بالتجزئة (%)4.434.434.43  
أبرز مؤشرات الأمن الغذائي وفقًا لمنظمة الغذاء العالمية

كما تمت الإشارة إلى أن نسبة انتشار الهزال لدى الأطفال دون الخامسة وصلت إلى 9.5% عام 2020، بينما زادت معدلات انتشار السمنة لدى البالغين إلى 32% عام 2016 في حين كانت النسبة 29.3% عام 2012. على الجانب الآخر، انخفضت معدلات انتشار فقر الدم لدى النساء بين سن 15 و49 سنة إلى 28.3% مقارنة ب31% عام 2012. 

وتصل تكلفة توفير نمط غذائي صحي –ويعرف بأنه أدنى كلفة للأغذية باستخدام السلع الأرخص ثمنًا المتوافرة محليًا لتلبية متطلبات الطاقة والخطوط التوجيهية بشأن الأنماط الغذائية القائمة على الأغذية بالنسبة إلى شخص تمثيلي في حدود ميزانية طاقة قدرها 2330 سعرًا حراريًا في اليوم- إلى حوالي 3.37 دولارات عام 2020، في حين يبلغ المتوسط العالمي 3.54 دولارات، كذلك المتوسط الأفريقي يصل إلى 3.46 دولارات.

ووفقًا لمؤشر الأمن الغذائي العالمي 2022 الصادر عن إيكونومست إيمباكت Economist Impact فتقدر نسبة انتشار نقص التغذية بحوالي 5.1%، وتقدر نسبة الأطفال المصابين بالتقزم بحوالي 22.3%، ونسبة الأطفال الذين يعانون من الهزال 7%. ويقوم المؤشر على 4 محاور رئيسة هي: (القدرة على تحمل التكاليف، التوفر، الجودة والأمان، الاستدامة والتكيف). ويتدرج تقييم المؤشر (0-100 الأفضل)، وتم تطبيق التقييم على 113 دولة حول العالم. 

قيمة مؤشر الأمن الغذائي ومؤشراته الأساسية بمصر وفقًا لمؤشر الأمن الغذائي العالمي 2022

وفقًا لمؤشر الأمن الغذائي العالمي 2022، فقد حققت مصر 53 نقطة كقيمة المؤشر الإجمالية للأمن الغذائي، لتحتل المركز ال77 حول العالم. وعن المحاور الأساسية التي يتكون منها المؤشر، فكانت قيمة محور القدرة على تحمل التكاليف –وهو مؤشر مركب يشير إلى حجم وحرية التجارة الزراعية وتعريفات الواردات الزراعية- حوالي 65.2 نقطة لتحتل المرتبة 66 عالميًا. أما عن مؤشر التوفر –وهو مؤشر مركب يهتم بقدرة المزارعين على الوصول إلى المدخلات الزراعية- فبلغت قيمته 54.2 نقطة لتحتل المرتبة 73 بين 113 دولة. 

في المقابل، كان المحور الثالث “الجودة والأمان” –وهو مؤشر يهتم بالتنوع الغذائي للمواطنين ومدى استهلاك الوجبات الخفيفة والسكر- وحصدت مصر من خلاله 45.9 نقطة لتحتل المرتبة 101 عالميًا. وأخيرًا، مؤشر الاستدامة والتكيف –ويشير إلى مدى توافر الموارد الطبيعية والمستدامة- واحتلت فيه مصر المرتبة 51 عالميًا بإجمالي قيمة مؤشر تقدر ب 55.8 نقطة.

قيمة المؤشرات الفرعية لمحور القدرة على تحمل التكاليف

وبنظرة أعمق على المؤشرات الفرعية لمحاور المؤشر، نجد محور القدرة على تحمل التكاليف تحتل مصر فيه المرتبة 66 عالميًا والمرتبة 12 إقليميًا، برصيد 65.2، وهي أفضل نتيجة للبلاد. ويتكون المحور من خمسة مؤشرات فرعية: 

● التغير في متوسط تكاليف الطعام: ويقيس مدى التغير في في مؤشر أسعار المستهلك للأغذية منذ عام 2015، وحققت مصر فيه 70.5 نقطة، والتي لم تختلف كثيرًا عن المتوسط العالمي والذي بلغ 70.7 نقطة.

● نسبة السكان تحت خط الفقر العالمي: ويحسب وفقًا لبيانات البنك الدولي على أنه نسبة السكان الذين يعيشون على أقل من 3.2 دولارات في اليوم بأسعار 2011، وقدرت القيمة بحوالي 70.7، وكانت أقل من النسبة العالمية والتي قدرت ب 76.6. 

● مؤشر الدخل المعدل حسب اللا مساواة: وهو مقياس للدخل الفردي (نصيب الفرد من الدخل القومي وفق القوة الشرائية لعام 2011) معدل لمستويات عدم المساواة، وحصدت مصر 45.5 نقطة، في حين كان المتوسط العالمي يقدر ب 55.5.

● التجارة الزراعية: وهو مؤشر مركب يتكون من مؤشري التعريفات الجمركية على الواردات الزراعية، وحرية التجارة. وتبلغ قيمة المؤشر 32.7، في حين كان المتوسط العالمي 67.6. وقد يرجع ذلك إلى أن قيمة مؤشر التعريفات الجمركية على الواردات الزراعية كانت صفر في حين كان المتوسط العالمي 63.3.

برامج شبكات الامن الغذائي: وهو مؤشر مركب لتقييم وجود وطبيعة برامج شبكات الأمان الغذائي، وبلغت قيمته 100، في حين كان المتوسط العالمي يقدر ب 72.4.

المؤشرالمؤشرات الفرعيةقيمة المؤشر الفرعيقيمة المؤشر الأساسي
الوصول إلى المدخلات الزراعيةالوصول إلى التمويل والمنتجات المالية للمزارعين5025.3
الوصول إلى المنتجات المالية المتنوعة0
أسعار المنتجين الزراعيين0
الوصول إلى خدمات الارشاد50
منظمات المجتمع50
تمكين المزارعات0
البحث والتطوير الزراعيالإنفاق العام على البحث والتطوير الزراعي8.135.7
الوصول إلى التكنولوجيا والتعليم والموارد الزراعية59.7
الالتزام بالتقنيات المبتكرة33.3
البنية التحتية للمزرعةمرافق تخزين المحاصيل10085.6
البنية التحتية للري100
الوصول إلى بيانات السوق والخدمات المصرفية عبر الهاتف52.7
تقلبات الإنتاج الزراعي85
فقدان الطعام69.6
البنية التحتية لسلسلة التوريدالتخطيط واللوجستيات45.550.9
البنية التحتية للطرق50
البنية التحتية الجوية والموانئ والسكك الحديدية57.5
كفاية التوريدكفاية الإمدادات الغذائية85.744.5
الاعتماد على المعونة الغذائية المزمنة0
الحواجز السياسية والاجتماعية للوصولالصراع المسلح7552.4
مخاطر الاستقرار السياسي45
فساد25
عدم المساواة بين الجنسين55.1
الأمن الغذائي والتزامات سياسة الوصولاستراتيجية الأمن الغذائي047.5
وكالة الأمن الغذائي100
قيمة المؤشرات الفرعية لمحور التوفر

وعن محور التوفر، تحتل مصر المرتبة 73 عالميًا والمرتبة 11 في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بإجمالي 47 نقطة. ومن اللافت انخفاض قيم مؤشرات الوصول إلى المدخلات الزراعية، والبحث والتطوير الزراعي، وكفاية التوريد أيضًا. ويتكون المحور من تسعة مؤشرات فرعية:

● الوصول إلى المدخلات الزراعية: وهو مؤشر مركب يقيس الموارد والمدخلات للمزارعين، ويعد من أكثر المؤشرات الفرعية انخفاضًا ضمن محور التوفر. ويرجع انخفاضه إلى عدد من المؤشرات الفرعية التي لم تحصل فيها مصر على أي نقاط. وهي: مؤشر الوصول إلى منتجات مالية متنوعة ويقصد بها إمكانية الوصول إلى خدمات مالية تتجاوز المدخرات والائتمان والذي يصل المتوسط العالمي له إلى 54.9 نقطة، ومؤشر أسعار المنتجين الزراعيين، ويقصد به متوسط التغير السنوي في أسعار البيع التي يتلقاها المزارعون في حين كان المتوسط العالمي يصل إلى 23.7. إلا أن هذه البيانات تحتاج إلى مزيد من المراجعة نظرًا لتطبيق الدولة سياسات سعرية جديدة كإعلان سعر توريد المحاصيل قبل بدء الموسم الزراعي. وخلال الآونة الأخيرة، أقرت الدولة عدة زيادات سعرية في سعر التوريد منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وهو ما يتنافى مع عدم وجود تغيرات سعرية.

وأخيرًا، مؤشر تمكين المزارعات ويتساءل هل لدى للدولة سياسة أو استراتيجية وطنية تركز على دعم المزارعات أو تحسين وصول المرأة إلى المدخلات الزراعية، ويصل المتوسط العالمي للمؤشر 28.3. وذلك يتنافى مع جهود الدولة للحماية الاجتماعية والتي تستهدف المرأة والمرأة الريفية بشكل مكثف، كذلك جهود المجلس القومي للمرأة كبرنامج الرائدات الريفيات الذي يستهدف نشر الوعي للمرأة المصرية.

● البحث والتطوير الزراعي: وهو مؤشر مركب يقيس مدى البحث والتطوير في المجال الزراعي، ولم تكن نتائج مصر بالمرتفعة في هذا المؤشر والتي وصلت إلى 35.7 نقطة في حين كان المتوسط العالمي 47.1. ووفقًا للمؤشر يرجع الانخفاض إلى انخفاض الإنفاق الحكومي على البحث والتطوير في مجال الزراعة، والذي حصدت مصر فيه 8.1 نقاط، في حين يبلغ المتوسط العالمي 29.2 نقطة. وفي المقابل، كان متوسط الوصول إلى التكنولوجيا والموارد الزراعية بمصر (59.7) أعلى من المتوسط العالمي والذي يقدر بحوالي 54.3.

● البنية التحتية للمزرعة: وهي أعلى المؤشرات الفرعية بمحور التوفر، ويتساءل هل يوجد في الدولة إطار سياسي يسهل تطوير التكنولوجيا الزراعية المبتكرة؟ وحصدت مصر 85.6 نقطة في حين كان المتوسط العالمي يقدر بحوالي 55.7 نقطة. ويرجع ذلك لتطور البنية التحتية للري، وتطور مرافق تخزين المحاصيل وذلك بفضل المشروع القومي للصوامع، وتطوير وتبطين الترع الجاري تنفيذهما بكافة أنحاء الجمهورية. 

● تقلبات الإنتاج الزراعي: وهو المؤشر الثاني بين المؤشرات الأساسية لمحور التوفر، ويقيس الانحراف المعياري في معدلات إنتاج الحبوب والخضروات خلال 5 سنوات. وحصدت مصر 85 نقطة بهذا المؤشر في حين يصل المتوسط العالمي إلى 68.7 فقط.

● فقدان الطعام: وهو مقياس يشير إلى حجم الفاقد من الأغذية بعد الحصاد وما قبل الاستهلاك بالأطنان من المحاصيل والثروة الحيوانية والسلع السمكية. وتبلغ قيمة المؤشر بمصر 69.6 في حين يبلغ المتوسط العالمي حوالي 75.5. وهو ما يشير إلى ضرورة تكثيف الحملات التوعوية والإرشادية للمزارعين ومسؤولي نقل المواد الغذائية لتقليل حجم الفاقد. 

● البنية التحتية لسلسلة التوريد: من العلامات المضيئة أيضًا ارتفاع القدرة المصرية على نقل المحاصيل إلى السوق (50.9) عن المتوسط العالمي والذي يبلغ 47.8 فقط. ويرجع ذلك إلى تحسن البنية للطرق والموانئ والسكك الحديدية المصرية. 

● كفاية التوريد: وهو مؤشر مركب يقيس توافر الغذاء، وتبلغ قيمة المؤشر بمصر حوالي 44.5 نقطة في حين يصل متوسط قيمة المؤشر عالميًا 61.9. وترتفع قيمة أحد مؤشراته الفرعية (كفاية الإمدادات الغذائية) والتي تصل إلى 85.7 نقطة، عن المتوسط العالمي والذي يبلغ 58.5 نقطة فقط.

● الحواجز السياسية والاجتماعية للوصول: وهو مؤشر مركب يقيس الحواجز السياسية والاجتماعية أمام الوصول للغذاء، وتبلغ قيمة المؤشر حوالي 52.4 نقطة في حين كان المتوسط العالمي حوالي 58.7 نقطة. 

● الأمن الغذائي والتزامات سياسة الوصول: وهو مؤشر مركب يقيس الأمن الغذائي والتزامات سياسة الوصول وتقدر قيمة المؤشر بمصر بحوالي 47.5 بزيادة طفيفة عن المتوسط العالمي والذي يبلغ 47.1 فقط. فعلى الرغم من أن مصر حصدت الحد الأقصى لمؤشر وكالة الأمن الغذائي –ويقيم مدى مسؤولية وإمكانية محاسبة الحكومة عن الامن الغذائي– في حين كان المتوسط العالمي لهذا المؤشر يبلغ 32.7 فقط، إلا أنها حصدت صفرًا لعدم وجود استراتيجية مخصصة للأمن الغذائي المصري.

وعن محور الجودة والأمان، فقد وصفه التقرير بأنه المحور الأضعف لمصر، حيث تحتل مصر المرتبة 101 عالميًا والأدنى في المنطقة. الأمر الذي أرجعه التقرير إلى ضعف الدرجات بمؤشري التنوع الغذائي والمعايير الغذائية. حيث يعتمد محور الجودة والأمان على 5 مؤشرات رئيسة، هي: 

● التنوع الغذائي: وهو مؤشر مركب يقيس مدى تنوع الغذاء الذي يتم تناوله، وتبلغ القيمة الإجمالية للمؤشر حوالي 35.5 في حين يصل المتوسط العالمي إلى 52.5. وأوضحت المؤشرات الفرعية للمؤشر أن حصة الأطعمة غير النشوية في إجمالي استهلاك الطاقة الغذائية يقدر بحوالي 20.9 نقطة في حين يصل المتوسط العالمي إلى 48.4. في حين لم تختلف حصة استهلاك السكريات في إجمالي الطاقة الغذائية والتي وصلت إلى 60.9 في مصر كثيرًا عن المتوسط العالمي والذي يقدر ب 59.7 فقط.

● المعايير الغذائية: وهو مؤشر مركب يقيم المعايير الغذائية بالدولة، ويتساءل المؤشر عن المبادئ التوجيهية الغذائية المطبقة بالدولة، وما إذا كان لدى الحكومة استراتيجية وطنية لتحسين تغذية الأطفال والكبار على حد سواء، وتقييم ما إذا كانت الحكومة تطلب أن تشمل الأطعمة المعبأة على بيانات التغذية، كذلك تقييم ما إذا كانت الحكومة تراقب الحالة التغذوية لعامة السكان. وحصد المؤشر تقييم صفر. وهو ما يدعو إلى ضرورة أن تقوم هيئات الرقابة على السلع الغذائية بمراجعة البيانات الغذائية لكافة السلع المتاحة بالسوق المصرية. على الجانب الأخر، فعلى الرغم من إطلاق الدولة مبادرة 100 مليون صحة والتي يعد أحد أهدافها الكشف عن أمراض السمنة والهزال والتقزم لدى الكبار والأطفال، إلا أن الأمر قد يتطلب تدشين حملة توعوية وتثقيفية للمواطنين بأهم العناصر الغذائية الواجب توافرها ضمن الطاقة الغذائية المستهلكة يوميًا. 

● توافر المغذيات الدقيقة: وهو مؤشر مركب يهتم بمراقبة توافر مغذيات أساسية كالحديد والزنك وفيتامين أ، في الغذاء العام للمواطنين. وتقدر قيمة المؤشر الاجمالية بحوالي 59.7 نقطة في حين يصل المتوسط العالمي إلى 67.8 فقط. 

● جودة البروتين: وهو مقياس لكمية البروتين عالي الجودة في النظام الغذائي، وتقدر قيمة المؤشر بمصر بحوالي 63.5، في حين يصل المتوسط العالمي إلى 68.5. 

● سلامة الغذاء: وهو مؤشر مركب يقيس البيئة المواتية لسلامة الغذاء، وتبلغ قيمة المؤشر في مصر 71.1، فيما كانت قيمته 76.4 عالميا. وعلى الرغم من أفضلية نتائج المؤشرات الفرعية (آليات سلامة الغذاء، الحصول على مياه الشرب، القدرة على تخزين الطعام بأمان) بالمقارنة بالمتوسط العالمي، فإنه يلاحظ أن قيمة المؤشر الفرعي (تشريعات سلامة الأغذية ذات الصلة) صفر؛ وهو ما قد يكون مؤشرًا لضرورة مراجعة الجانب التشريعي للأمن والسلامة الغذائية.

المؤشرالمؤشرات الفرعيةقيمة المؤشر الفرعيقيمة المؤشر الأساسي
التنوع الغذائيحصة من الأطعمة غير النشوية20.935.5
حصة استهلاك السكر60.9
المعايير الغذائيةالمبادئ التوجيهية الغذائية الوطنية00
خطة أو استراتيجية التغذية الوطنية0
تصنيف التغذية0
مراقبة التغذية0
توافر المغذيات الدقيقةالتوافر الغذائي لفيتامين أ10059.7
التوافر الغذائي للحديد34
التوافر الغذائي للزنك41.4
جودة البروتين63.5
سلامة الغذاءتشريعات سلامة الأغذية ذات الصلة071.1
آليات سلامة الغذاء80
الحصول على مياه الشرب99.1
القدرة على تخزين الطعام بأمان100
قيمة المؤشرات الفرعية لمحور الجودة والأمان

وأخيرًا محور الاستدامة والتكيف، وتحتل مصر المرتبة 51 عالميًا والرابعة على مستوى المنطقة في هذا المحور، وهو أفضل ترتيب لها عبر المحاور. ويعد من أكثر مواطن الضعف في هذا المحور مؤشر الماء، وخاصة فيما يخص كمية المياه المتوفرة فيبلغ متوسط المؤشر حوالي 25، في حين يصل المتوسط العالمي إلى 40.9.

المؤشرالمؤشرات الفرعيةقيمة المؤشر الفرعيقيمة المؤشر الأساسي
التعرضارتفاع درجة الحرارة89.176.8
جفاف25
الفيضانات100
ارتفاع مستوى سطح البحر98.5
ماءمخاطر المياه الزراعية- الكمية2536.2
مخاطر المياه الزراعية- الجودة50
الأرضتدهور الأراضي10065.3
مرعى – مرج99.7
تغيير الغابة72.9
محتوى التربة العضوي2
الأنهار والبحيراتالتخثث5040.2
التنوع البيولوجي البحري45.6
قيمة المؤشرات الفرعية لمحور الاستدامة والتكيف

تهديدات مستعرة

مجمل التقدير أن وضع الأمن الغذائي بمصر ليس الأسوأ بالعالم، إلا إنه ليس الأفضل وفق آخر بيانات منشورة من خلال منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة. خاصة مع وجود تهديدات قوية تحيط به؛ فمصر تعد واحدة من أكثر الدول تأثرًا بتغيرات المناخ على المدى البعيد، فأصبحت الأحداث المناخية المتطرفة مثل الجفاف والفيضانات والعواصف أكثر تواترًا وشدة، مما يسبب في خسائر تقدر بملايين الجنيهات سنويًا. هذا بخلاف تغير الخريطة الزراعية؛ فوفقًا لتقديرات البنك الدولي، تقدر تكاليف تأثيرات تغير المناخ على قطاع الزراعة وحده في مصر بنحو 1.84 مليار دولار أمريكي سنويًا على مدار الثلاثين عامًا القادمة. 

ومن المتوقع أن تشهد مصر انخفاض بنسبة 10% في غلات المحاصيل الغذائية بحلول منتصف القرن، وتعد محاصيل مثل (الذرة والمحاصيل الزيتية والبقول والسكر) الأكثر تأثرًا بتغير المناخ، بينما المحاصيل (مثل الفواكه والخضروات والبطاطس والأرز والقمح) هي الأقل تضررًا، ويمكن احتواء تأثرها من خلال تعزيز استخدام أصناف المحاصيل المقاومة للجفاف والحرارة، بالإضافة إلى تنفيذ مشروعات تحسين خصوبة التربة، وإدارة المياه وحماية المحاصيل.

ويعد ارتفاع مستوى سطح البحر وتدهور السواحل وزيادة ملوحة التربة والمياه الجوفية مهددًا آخر ليس فقط للأمن الغذائي وانخفاض إنتاجية الأراضي الزراعية بمنطقة الدلتا، بل مهددًا لقابلية الحياة في المناطق المنخفضة؛ فوفق أسوأ التقديرات حال استمرار أزمة تغير المناخ في التفاقم وعدم تطبيق إجراءات التكيف والتخفيف بالسواحل المصرية وعدم اضطلاع الدول المتقدمة بدورها لتقليل الانبعاثات الكربونية للحد من آثار تغير المناخ، فمن المحتمل أن يؤدي إلى فقدان الأراضي الخصبة، وتهديد الأمن الغذائي والاضطراب الاجتماعي، والنزوح، والهجرة.

هذا إلى جانب أثر تغير المناخ في تغير معدلات البخر وزيادة الاحترار العالمي الذي يؤدي إلى تفاقم نقص المياه في المناطق الفقيرة بالمياه، ويؤدي إلى زيادة مخاطر الجفاف فيما يخص الزراعة، ويؤثر بالتالي على المحاصيل- في حين أن مصر واحدة من أكثر الدول التي تعاني من الفقر المائي حيث يصل نصيب الفرد من المياه إلى أقل من 600 متر مكعب- وقد تدمر كذلك مصايد الأسماك والماشية أو تصبح أقل إنتاجية؛ فمع ازدياد حمضية المحيطات، أصبحت الموارد البحرية التي تغذي مليارات البشر معرضةً للخطر. فسبق أن توقع تقرير مشترك -صادر عن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية المصرية، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي- انخفاض إنتاجية محصول القمح بنسبة لن تقل عن 15% بحلول عام 2050 مقارنةً بحجم الإنتاج الحالي، وتلك النسبة قد تزيد إلى 36% بحلول 2100. 

التوزيع الجغرافي لأعداد ومساحة التعديات على الأراضي الزراعية من يناير 2011 حتى نوفمبر 2014

وبخلاف تهديد التغير المناخي الذي بدأت آثاره تلوح في الأفق مؤخرًا، كان التهديد الأكثر تأثيرًا على الأمن الغذائي المصري لعقود هو تناقص/تآكل الأرض الزراعية. فخلال الفترة من 25 يناير 2011 حتى يوليو 2019 فقط تمت حوالي مليوني حالة تعدي على الأراضي الزراعية أفقدتنا حوالي 70 ألف فدان، وهو ما خلق بؤرًا عمرانية عشوائية تفتقر إلى لمرافق والخدمات. 

وقد زادت حدة الظاهرة بعد يناير 2011، وحدوث فترة من الانفلات الأمني وتجنب الاحتكاك والصدام مع المواطنين، استغلها البعض في التعدي على ما يزيد على 19 ألف فدان على مدار 18 شهرًا، بإجمالي حالات تعدٍ بلغ 459 ألفًا و595 حالة على مستوى الجمهورية. وقد وصل حجم التعديات منذ يناير 2011 حتى 2020 إلى 90 ألف فدان.

ولفتت دراسة منشورة بكلية الزراعة بجامعة أسيوط إلى أن حجم الأراضي الزراعية المصرية المفقودة خلال الفترة ١٩٨٣٢٠٠٥ قد بلغت نحو ٦٩٧,٩٣ ألف فدان، منها حوالي ٩٧٠,٤٦ ألف فدان (أي حوالي 1.5% من جملة الأراضي) تم البناء عليها، وحوالي ٢,٣٨ ألف فدان أي حوالي ٨,٤٦% من إجمالي المساحات المستقطعة تم استقطاع جزء منها وتركه بدون زراعة لفترة زمنيه طويلة رغم توافر مقومات صلاحيتها للزراعة كمقدمة لتحويلها لأنشطة أخرى غير زراعية تدر عائدًا اقتصاديًا أكبر (التبوير)، فضلًا عن نحو ٥٢,٨ ألف فدان حوالي ١,١٠% من إجمالي المساحات المستقطعة من الأرض الزراعية تم استعمالها في أغراض أخرى غير زراعية كصناعة الطوب.

وإلى جانب انعكاسات التغيرات المناخية وآثارها، وسد النهضة الإثيوبي، والتعديات على الأراضي الزراعية التي تهدد الأمن الغذائي المصري؛ فالزيادة السكانية المطردة واحدة من أكثر العوامل خطورة وتهديدًا لزيادة الفجوة الغذائية، فهي تزيد من الطلب على الغذاء لمواكبة الزيادة السكانية، إلى جانب تزايد الطلب على المياه للأغراض المنزلية على حساب الري. 

D:\هبة\مرصد\نوعي\امن غذائي\Untitled.png2.png

فوفقًا للميزان المائي لمصر، الموارد المائية المصرية تكاد تكون ثابتة رغم الزيادة السكانية، والتي أدت إلى زيادة حجم المستخدم لأغراض الشرب من 10.65 مليارات متر مكعب في 2016/2017 إلى 11.53 مليار متر مكعب في 2019/2020. في حين انخفضت الموارد الموجهة لأغراض الزراعة من 61.45 مليار م3 في 2016/2017 إلى 61.63 م3 في عام 2019/2020. 

D:\هبة\مرصد\نوعي\امن غذائي\Untitled.png3.png

وترى دراسة بعنوان “الآثار المحتملة للتغيرات المناخية والزيادة السكانية على الأمن المائي والغذائي في مصر” صادرة عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء إلى احتمالية تأثر موارد النيل عام 2050 نتيجة تغيرات المناخ، وعلى ذلك تنخفض حصة مصر المائية إلى 50.5 مليار م3، مما يترتب عليه انخفاض الموارد غير التقليدية إلى 19.4 مليار م3، بإجمالي 74.1 مليار م3. وفيما يتعلق بجانب الاستخدامات، فترى الدراسة أن الزيادة السكانية سوف تؤدي إلى زيادة الطلب على المياه للاستخدامات المنزلية، لذا وفي ظل ثبات المياه العذبة المتاحة، سوف تكون كميات المياه الموجهة لهذه الاستخدامات خصمًا من المياه المخصصة للزراعة والتي ستواجه حتمًا تخفيضات مستمرة في حصتها من المياه.

وأكدت الدراسة أن بحلول منتصف القرن يحتمل أن تعمل التغيرات المناخية والزيادة السكانية على اقتطاع نحو ثلث المخصصات المائية للقطاع الزراعي، الأمر الذي من شأنه تبوير نحو ثلث الرقعة الزراعية، في الوقت الذي يتوقع أن تؤدي الزيادة السكانية بنحو 80% في عام 2050 مقارنة بعام 2020 إلى زيادة الطلب على الغذاء بالنسبة نفسها. وبالنظر إلى أن الفجوة الغذائية الحالية تبلغ نحو 60%، فهذه العوامل سوف تؤدي إلى اتساع الفجوة الغذائية إلى أكثر من 85%، حيث لن تتمكن الموارد الطبيعية في عام 2050 إلا من سد نحو 15% من الاستهلاك المتوقع من الغذاء.

إلى ذلك، أثرت الأزمة الروسية الأوكرانية على الأمن الغذائي المصري؛ إذ تؤمن مصر نصف احتياجاتها من القمح تقريبًا من الخارج، وأغلبها من دولتي الصراع. فقد أثرت الأزمة الجارية على أسعار عدد من السلع الأساسية فروسيا مورد رئيس للقمح والغاز والحبوب والنيكل والنحاس والبلاديوم والبوتاس–المكون الرئيس في عدد من الأسمدة- وأيضًا الفحم، وهو ما أسفر عن ارتفاع أسعارها عالميًا. 

ولم تكن مصر بمعزل عن ارتفاع أسعار الغذاء، فوفقًا لتقديرات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء، كانت أسعار الغذاء والمشروبات الأكثر تضررًا خلال العام الماضي، فقد ارتفعت أسعار الطعام والشراب بنسبة 37.9% بالمقارنة بالعام الماضي. وكان أكثر السلع تأثرًا الخبز والحبوب بنسبة 58.3% على أساس سنوي، وكانت أقل السلع تضررًا الفاكهة والتي ارتفعت أسعارها بنسبة 15.7% على أساس سنوي، وقد يرجع ذلك إلى تزايد زراعة الفاكهة بمصر وتوجيه جزء منها للتصدير للخارج.

رؤية مصر

تحقيق الأمن الغذائي دائمًا ما كان على رأس أولويات أجندة الدولة المصرية، فقد نص الدستور المصري في مادته (79) على أن “لكل مواطن الحق في غذاء صحي وكاف، وماء نظيف، وتلتزم الدولة بتأمين الموارد الغذائية للمواطنين كافة. كما تكفل السيادة الغذائية بشكل مستدام، وتضمن الحفاظ على التنوع البيولوجي الزراعي وأصناف النباتات المحلية للحفاظ على حقوق الأجيال.” 

وتضمنت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الانسان 2021-2026، “الحق في الغذاء” كأحد الحقوق الأساسية للإنسان، وتستهدف تعزيز توفير الاحتياطي من السلع الاستراتيجية، ودعم منظومة الخبز وبطاقات التموين في كافة محافظات الجمهورية، وخفض التعديات على الأراضي الزراعية، وإعادة تأهيل المتدهور منها، وتعزيز تقنين أراضي وضع اليد تنفيذًا للقانون، وتعزيز الرقابة على الأسواق ومكافحة الممارسات الاحتكارية، وخفض معدلات الفاقد من الغذاء، وتنمية الثروة الحيوانية والداجنة والسمكية.

لكن ترى الاستراتيجية أن هناك عددًا من التحديات أمام هذه المستهدفات، أبرزها: الحاجة إلى زيادة الإنتاج الزراعي المحلي، وعدم توافر المياه لزيادة الرقعة الزراعية، وانخفاض وعي المزارعين بأفضل الممارسات الزراعية، والتفتيت الحيازي للأراضي الزراعية واستمرار التعدي عليها، وعدم كفاية الإنتاج الحيواني والسمكي للاحتياجات القائمة والمتزايدة، وضعف التشريعات واللوائح المنظمة لضمان سلامة وجودة منتجات الغذاء، والحاجة إلى إحكام الرقابة على الأسواق وتعزيز جهود مكافحة الممارسات الاحتكارية، والحاجة إلى استكمال إصلاح منظومة دعم الخبز لضعف البنية التحتية المعلوماتية، والحاجة إلى استكمال تغطية شبكة التوزيع للسلع التموينية.

فيما أشارت رؤية مصر 2030 إلى أن من أهم التحديات التي تواجه قطاع الزراعة أيضًا محدودية التصنيع الزراعي، وارتفاع أسعار المواد الخام ومستلزمات الإنتاج، وجمود النظم التسويقية وغياب الزراعات التعاقدية، وجمود السياسات الائتمانية واقتصارها على الأنماط التقليدية، وتطبيق تراكيب محصولية عالية الاستهلاك المائي مثل الأرز زيادة عن الحد المسموح به. 

ومن هذا المنطلق، أشارت رؤية مصر 2030 إلى عدد من البرامج والمشروعات القومية الكبرى لتكون نقطة الانطلاق نحو تعافي قطاع الزراعة، وتحقيق الأمن الغذائي، ومن أبرز هذه المشروعات: 

● مشروع تنمية أربعة ملايين فدان: ويستهدف بناء مجتمع متكامل داخل الأراضي الجديدة، مما يزيد من المساحة العمرانية بحوالي 5% بحلول عام 2030، بالإضافة إلى أثره على دعم التنوع الاقتصادي وتوفير فرص عمل. وتم البدء في تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع والمتعلقة بتنمية 1.5 مليون فدان، وتضم: منطقة المُغرة بالصحراء الغربية بمساحة 170 ألف فدان، وقرية الأمل بالإسماعيلية بمساحة 3.5 ألف فدان، وجنوب شرق المنخفض بمساحة 50 ألف فدان، وغرب المنيا بمساحة 20 ألف فدان، وامتداد جنوب شرق المنخفض بمساحة 50 ألف فدان، وشرق سيوة بمساحة 30 ألف فدان، وغرب المنيا بمساحة إجمالية 628 ألف فدان، والفرافرة القديمة بمساحة 100 ألف فدان، والفرافرة الجديدة بمساحة 100 ألف فدان، والمراشدة بمساحة 41.5 ألف فدان، وامتداد الداخلة بمساحة 50 ألف فدان، وغرب كوم أمبو بمساحة 25 ألف فدان، وتوشكى بمساحة 142 ألف فدان، وآبار توشكى بمساحة 25 ألف فدان. ويتضمن المشروع أيضًا مشروعات تنمية زراعية صناعية متكاملة، كمصانع للتعبئة والتغليف والتبريد وإنتاج الزيوت ومعالجة النباتات الطبية، كذلك مشروعات لتنمية الثروة الحيوانية. 

● دعم التصنيع الزراعي: بهدف زيادة القيمة المضافة للمنتجات الزراعية من خلال الارتقاء بعناصر الجودة وتهيئة المنتجات المصنعة للتصدير، وإقامة قرى إنتاجية متخصصة في صناعات قائمة على المنتجات الزراعية.

● التوسع في استخدام التكنولوجيا الحيوية في التنمية الزراعية: بهدف استنباط أصناف جديدة تتحمل الجفاف وملوحة التربة، ودرجة الحرارة. 

● رفع كفاءة الري الحقلي في أراضي الوادي والدلتا: من خلال خطوط أنابيب بلاستيكية بدلًا من المساقي أو تبطينها.

● إنشاء نقاط تجميع ومرافق تخزين للسلع الاستراتيجية: بهدف بناء شبكة لتجميع المحاصيل الزراعية وتخزينها في مواقع استراتيجية تغطي جميع أنحاء الجمهورية. 

● البرنامج القومي لتنمية الثروة الحيوانية والداجنة والسمكية: ويهدف إلى زيادة المعروض من ناحية وتحسين الجودة وخفض التكلفة من ناحية أخرى. 

● تنمية الموارد المائية: عن طريق إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والصحي المعالج طبقًا للمواصفات، والتوسع في استخدام المياه الجوفية وحصاد مياه الأمطار.

● مشروع إقامة المركز اللوجيستي العالمي لتجارة وتداول الحبوب بدمياط: ويهدف إلى تحويل مصر إلى مركز لوجيستي لتداول وتخزين وتصنيع كافة أنشطة القيمة المضافة المرتبطة بالغلال  والبذور المنتجة للزيوت الواردة من الدول المنتجة في شمال وشرق أوروبا ووسط آسيا وشمال وجنوب أمريكا، وكذا تكرير الزيوت والسكر، من خلال 4-6 أرصفة بحرية، وتخزينها في الصوامع الحديثة والقباب الفيبر جلاس، وإنشاء صناعات القيمة المضافة لحوالي 7.5 ملايين طن سنويًا على أربع مناطق صناعية حديثة.

● مشروعات الشون والصوامع المطورة: ويهدف المشروع إلى رفع الطاقة التخزينية المتاحة، وتقليل نسبة الفقد في الأقماح والحبوب المخزنة، وربطها بنظم تشغيل إلكترونية؛ لضمان سلامة ومتابعة ما تحتويه من حبوب. 

● بناء شبكة رصد وإنذار مبكر للأسواق: بهدف منع الممارسات الضارة بصحة وسلامة المستهلك ومنع التغييرات غير المبررة في أسعار السلع والمنتجات، بالاستفادة من الرصد اليومي الذي يتم عن طريق الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء من خلال خمسة عشر ألف نقطة رصد على مستوى الجمهورية. 

قطار التنفيذ

ترجمت الإرادة والجهود المصرية الرؤى الاستراتيجية للدولة في صورة مشروعات قومية تتماس مع مختلف القطاعات لتحقيق الأمن الغذائي والمائي، وكان من أبرز المشروعات التي تم تدشينها خلال السنوات الأخيرة: 

أولًا: فيما يخص قطاع الزراعة:

يسهم قطاع الزراعة بحوالي 12% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، ويستوعب القطاع النسبة الأكبر من المشتغلين حيث يستوعب 19.2% من إجمالي المشغلين بإجمالي 5.23 ملايين عامل. بالإضافة إلى المساهمة الملموسة في تعظيم الاحتياطي النقدي الأجنبي من خلال زيادة الصادرات الزراعية، فقد حققت الصادرات الزراعية المصرية خلال عام 2022 لأول مرة في تاريخها ما يقرب من 6.5 ملايين طن، بحوالي 3.3 مليارات دولار وبزيادة حوالي 800 ألف طن عن العام السابق عليه.

وقد بلغ عدد المنتجات والحاصلات الزراعية المصرية التي تصدر إلى الخارج نحو 406 منتجات يتم تصديرها إلى 160 من الأسواق العالمية. ومن أهمها: الموالح، والبطاطس، والبصل الطازج، والعنب، والطماطم الطازجة، والبطاطا، والفراولة، والفاصوليا الطازجة والجوافة، والثوم، والمانجو، والبطيخ، والرمان.

مساحة الأراضي الزراعية في مصر

ويرجع ذلك إلى قيام الحكومة بتحديث المنظومة الزراعية من خلال استصلاح الأراضي وتبنى نظم حديثة في الري، حيث زادت مساحة الأراضي المنزرعة في مصر بحوالي 8% لتصل إلى 9.6 ملايين فدان عام 2020/2021 مقارنة ب 8.92 ملايين فدان عام 2014. وتستهدف خطة عام 22/2023 زيادة الرقعة الزراعية نصف مليون فدان في نطاق مشروعات التوسّع الأفقي، إلى جانب تحسين الإنتاجية الزراعية لزيادة المساحة المحصولية الإجمالية لتتجاوز 19 مليون فدان مُقابل 17.5 مليون فدان عام 2020.

وذلك من خلال زيادة إنتاجية الفدان بنسب تتراوح بين 15% و20%، برفع كفاءة استخدام وحدتي الأرض والمياه من خلال مجموعة آليّات عمل، تضُم: استنباط أصناف وسُلالات من المحاصيل عالية الإنتاجية ومُبَكّرة النُضج ومُقاومة لِلجفَاف والحرارة وتكون قليلة الاستخدام للمياه، وتطبيق المُمارسات الزراعية الحديثة المُوفّرة لمياه الري، والتوسّع في الزراعات المَحميّة والعضوية والزراعات التعاقُدِية وهي منظومة تسويقية تضمن انتظام عملية التوريد، وتحقيق عائد مناسب للمزارعين، فضلًا عن الربط المباشر بين المعروض من المنتجات الزراعية والطلب السوقي عليها، بالإضافة إلى تطوير نُظُم الري الحقلي وتبطين الترع، وتقليل الفاقد في المحاصيل الزراعية من خلال زيادة سِعات الصوامع والمراكز اللوجستية.

فالهدف الرئيس الذي تنشده الدولة هو تحقيق الأمن الغذائي داخليًا، من خلال الزراعة المصرية، فمن المُستهدف رفع نِسَب الاكتفاء الذاتي من القمح من 45% عام 2020 إلى 65% بحلول عام 2025، ومن الذرة الصفراء من 24% إلى 32% خلال الفترة ذاتها، ومن الفول البلدي من 30% إلى نحو 80%، ومن العدس من 12% إلى 16%، ومن المحاصيل الزيتية من 3% إلى 10%، ومن اللحوم الحمراء من 57% إلى 65% ومن الأسماك من 82% إلى 85%.

 وتم البدء بتنفيذ عدد من مشروعات التوسع الافقي، ومن أبرز هذه المشروعات: 

● مشروع الدلتا الجديدة: يقع المشروع على امتداد طريق محور “روض الفرج –الضبعة” الجديد، ويشمل مشروعي مستقبل مصر، وجنوب محور الضبعة. تبلغ مساحته نحو 2.2 مليون فدان، ويتميز بموقعه الاستراتيجي بالقرب من الموانئ والمطارات، ومنها ميناء الإسكندرية والسخنة ودمياط ومطاري غرب القاهرة وبرج العرب. ويرتبط المشروع بالطرق الرئيسة وشبكة عمران قائمة وجديدة، منها مدينة السادات وسفنكس والسادس من أكتوبر. ويعزز المشروع استراتيجية الدولة في مجال إنشاء مجتمعات زراعية جديدة بنظم إدارية حديثة، كذلك تعزيز أنشطة متعلقة بالزراعة مثل أنشطة الثروة الحيوانية والداجنة والتصنيع الزراعي.

D:\هبة\مرصد\نوعي\امن غذائي\1jpg.jpg

● مشروع مُستقبل مصر: يقع المشروع على امتداد طريق محور روض الفرج – الضبعة الجديد، وهو الطريق الذي أُنشئ ضمن المشروع القومي للطرق بطول ١٢٠ كم وعمق ٦٠: ٧٠ كم، ويبعد ٣٠ دقيقة عن مدينة السادس من أكتوبر. قُسّم المشروع إلى ٦٠ طريقًا طوليًا، و٣٥ طريقًا عرضيًا، مقسمة إلى قطع متساوية كل قطعة ١٠٠٠ فدان. ويعد المشروع قاطرة مصر الزراعية وباكورة مشروع الدلتا الجديدة لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتصدير الفائض؛ فالمساحة المستهدف استصلاحها 1.05مليون فدان من إجمالي ٢.٢ مليون فدان المساحة الإجمالية للدلتا الجديدة.

ويتم نقل مياه الصرف المعالج بواسطة ترعة بإجمالي طول ١٧٠ كم عن طريق ١٧ محطة رفع لتصل إلى أكبر محطة معالجة بطاقة ٧.٥ ملايين متر مكعب/ يوم ومنها إلى أرض المشروع. ويعتمد المشروع على خزانات المياه الجوفية وهي ٣ خزانات (الأيوسين – المايوسين – المغرة) وهي امتداد لمنطقة وادي النطرون، وذلك بحفر الآبار الجوفية مع الوضع في الحسبان المسافة البينية بين الآبار؛ للحفاظ على الخزانات الجوفية وعدم السحب الجائر منها وتحقيق معايير التنمية المستدامة. وجارٍ دخول مصدر مياه سطحي بمد ترعة مستقبل مصر بطول ٤١ كم لإمداد المشروع بطاقة ١٠ مليون م³/يوم لزراعة حوالي ٧٠٠ ألف فدان إضافية. وتعد معالجة مياه الصرف الزراعي وإعادة تدويرها واستخدامها للري من أكبر التحديات في مشروع الدلتا الجديدة.

D:\هبة\مرصد\نوعي\امن غذائي\3jpg.jpg

تبلغ التكلفة الإجمالية للمشروع ٨ مليارات جنيه، والتي تشمل: تمهيد الطرق الداخلية بإجمالي طول حوالي ٥٠٠ كم وعرض ١٠ أمتار، وحفر آبار مياه جوفية، ومحطتين للكهرباء بقدرة ٣٥٠ ميجاوات، وشبكة كهرباء داخلية بطول ٢٠٠ كم يتم ربطها بشبكة كهرباء الدلتا الجديدة، ومخازن مستلزمات الإنتاج ومباني إدارية وسكنية.

ويقوم المشروع بالإشراف على تنفيذ مشروع الصوب الزراعية بمنطقة (اللاهون) بمحافظة الفيوم بمساحة حوالي ١٦ ألف فدان بإجمالي حوالي ١٨٠٠ صوبة (إسباني – مصري) لزارعة محاصيل الخُضروات مثل: (فلفل ألوان – طماطم سلكية – طماطم شيري – فاصوليا خضراء)، ونباتات طبية وعطرية مثل (بردقوش – ينسون – زعتر – نعناع)، وزراعات الفاكهة مثل (عنب – مانجو – رمان – موز – التين الإسباني)، وزهور القطف لغرض التصدير مثل (قرنفل أمريكي – الزنبق – الورد البلدي – الجلاديوس). كذلك يشرف المشروع على تنفيذ مشروع المنيا وبني سويف لاستصلاح مساحة حوالي ٨٠ ألف فدان، ومن المخطط لها زراعة (قصب السكر – القمح – الذرة الصفراء – فول بلدي – البرسيم الحجازي).

وتحقيقًا للنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة، تم البدء في إنشاء منطقة صناعية على ثلاث مراحل طبقًا لأولويات التصنيع كالتالي:

  • المرحلة الأولى: تشتمل على (ثلاجات بطاطس – محطات فرز وتعبئة – صوامع تخزين الغلال – محطات غربلة وإنتاج تقاوي – معامل تحليل التربة وأمراض النباتات).
  • المرحلة الثانية: تشتمل على (أنفاق تجميد خضروات وفاكهة – مصنع سناكس – مصنع بصل وثوم مجفف – مصنع تعبئة وتغليف بقوليات – مصنع تعبئة وتكرير زيوت – مصنع أعلاف ماشية – مزرعة أغنام وماشية).
  • المرحلة الثالثة: تشتمل على (مصنع إنتاج زيوت – محطة فرز وتعبئة برتقال).

وفي ديسمبر 2022، وقع مشروع مستقبل مصر للتنمية المستدامة وشركة فامسون (أحد أكبر شركات الصوامع الصينية على مستوى العالم) بروتوكول تعاون حصري لإنشاء صوامع غلال بالمنطقة الصناعية التابعة لمشروع مستقبل مصر على محور الضبعة بطاقة تخزينية تقدر بـ 120 ألف طن كمرحلة أولي لتصل مستقبلًا إلى 500 ألف طن. 

ويعد هذا التعاون باكورة البدء في توطين صناعة الصوامع في مصر، وهو الأمر الذي شجع شركة فامسون الصينية التي تعد أحد أهم وأكبر شركات صناعة صوامع الغلال في العالم بإنشاء مصنع في منطقة العين السخنة يقوم بتصنيع الصوامع بنسبة 50% ليلبي احتياجات المشروع في مصر والشرق والأوسط. ومع توقيع البرتوكول ورؤية الجانبين لضرورة توسيع مساحات التخزين من خلال الصوامع في مصر، قررت الشركة الصينية زيادة نسبة تصنيع الصوامع لتصل إلى 80% كصناعة محلية داخل مصر. 

ومن أهم الزراعات التي تم تنفيذها بموسم 2021/2022، 40 ألف فدان من القمح، و32 ألف فدان من الذرة الصفراء، و12 ألف فدان من الشعير، و55 ألف فدان من البطاطس، و65 ألف فدان بنجر السكر، و20 ألف فدان سوداني، و5 آلاف فدان فراولة، و630 فدان عباد الشمس، و5 آلاف فدان من البطاطا، و10 آلاف فدان من الفاصوليا البيضاء، و18 ألف فدان من البصل، و13 ألف فدان طماطم، و4 آلاف فدان بسلة، و6 آلاف فدان جزر، و4 آلاف فدان من الخيار، وألف فدان من فول الصويا، إلى جانب 17 ألف فدان من أشجار الموالح. 

● مشروع استصلاح ٥٠٠ ألف فدان بجنوب محور الضبعة: ويقام المشروع بمنطقة جنوب محور الضبعة غرب مشروع مستقبل مصر، بالقرب من الدلتا القديمة وشبكة الطرق والموانئ سواء البحرية أو البرية أو الجوية، ويربط بين الحدود الإدارية لمحافظات مطروح والبحيرة والجيزة. وتم إجراء حصر لمساحة ٦٨٨ ألف فدان غرب مشروع مستقبل مصر، وبعد الدراسة اتضح أن أكثر من٩٠٪ من المساحة صالحة لزراعة المحاصيل الاستراتيجية وتبلغ ٥٠٠ ألف فدان وعلى رأسها القمح والذرة الصفراء والبقوليات ومحاصيل الخضر وأنواع مختلفة من الفاكهة، سيتم إنشاء محطة عملاقة طاقة ٦ مليون م٣ / يوم لمعالجة مياه الصرف الزراعي لاستغلالها مرة أخرى.

● مشروع تنمية توشكى جنوب الوادي الجديد: يعد المشروع الأكبر من نوعه في قطاع الاستصلاح الزراعي في الشرق الأوسط، وتم تدشينه في يناير 1997، إلا إنه واجه جملة من العقبات حالت دون استكماله، إلى أن أعاد الرئيس السيسي إحياءه في 2014، ضمن خطة الدولة لتوسيع رقعة المساحة المعمورة من 5% إلى 25% من مساحة مصر بكل ما يترتب عليه من آثار ديموجرافية واقتصادية واجتماعية. 

ويقع المشروع على مساحة 485 ألف فدان، بمنطقة توشكى جنوب أسوان، لتصل في المستقبل إلى مليون فدان، تم زراعة ٣٠ ألف فدان قمح خلال أول ٣ أشهر من بداية المرحلة الأولى، وتم حفر وتبطين ترع بإجمالي طول ١٩,٨ كم، وجارٍ حفر ترع بطول ١٨,٢ كم. وتم إنشاء عدد (٥٢) محطة طلمبات تضم (٢١٩) طلمبة لضخ المياه لأجهزة الري المحوري، وجارٍ إنشاء عدد (٤٧) محطة أخرى تضم عدد (٢٣٩) طلمبة فيكون عدد المحطات (٩٩) محطة تضم عدد (٤٥٨) طلمبة. وتم كذلك تنفيذ عدايات خطوط مواسير شبكات الري والترعة المغذية بإجمالي (١١) عداية. كذلك مد شبكات ري بإجمالي أطوال ٤٢٠ كم (بأقطار تتراوح من ١٨٠ مم إلى ١٢٠٠ مم) إضافة إلى ٦٧٠ كم جارٍ تنفيذها لتصل أطوال شبكة الري إلى ١٠٩٠ كم. فضلًا عن توريد وتركيب وتشغيل عدد (٤٩٧) جهاز ري محوري بمناطق الأسبقية العاجلة واستكمالها لتصل لنحو (٨٠٠) جهاز للمرحلة الأولى.

وكذلك تم تنفيذ جميع أعمال الكهرباء لتغذية محطات الطلمبات وأجهزة الري المحوري متمثلة في عدد (٢٩٠٧) أبراج هوائية بإجمالي ٦٥٠ كم هوائيات – عدد (٨) موزعات جهد متوسط – عدد (٩١) كشك توزيع لتحويل الجهد المتوسط إلى جهد منخفض. وتم إنهاء ٤١٥ كم من شبكات الطرق الرئيسة والمدقات ويتم حاليًا تنفيذ ٦٧٧ كم أخرى.

وتخطط الدولة لمشروعات للإنتاج الحيواني والسمكي حول مناطق الزراعة في المشروع. ويعد المشروع أحد نماذج النفاذ للأسواق الخارجية، حيث يوجد به أكبر مزرعة تمور في الشرق الأوسط من حيث عدد النخيل وأجود انواع التمور.

● مشروع تنمية المليون ونصف مليون فدان: ويتم من خلال شركة تنمية الريف المصري الجديد، وهي شركة مساهمة مصرية 100%، وتم تقسيم المشروع إلى ثلاث مراحل على النحو التالي :

1 – المرحلة الأولى: تضم 9 مناطق بإجمالي مساحات 500 ألف فدان، على أن يكون مصدر الري هو المياه الجوفية، وهي: الفرافرة القديمة 30 ألف فدان، والفرافرة الجديدة 20 ألف فدان (الجزء الاسترشادي من المشروع)، وامتداد الداخلة 20 ألف فدان، ومنطقة المغرة 135 ألف فدان. والمناطق التي تروى سطحيًا وهي 3.5 آلاف فدان بقرية الآمل، و168 ألف فدان بتوشكى منها 143 ألف فدان ريًا سطحيًا و25 ألف ري آبار، بالإضافة إلى منطقة غرب المراشدة وتروى سطحيًا بمساحة 25.5 ألف فدان، و18 ألف فدان بنفس المنطقة، وغرب المنيا 80 ألف فدان تروى بالمياه الجوفية، بالإضافة إلى بعض المساحات التي سيتم زراعتها بالمحاصيل الاستراتيجية.

2 – المرحلة الثانية: تضم 9 مناطق بمساحات 490 ألف فدان تروى بالمياه الجوفية وهى: منطقة الفرافرة القديمة 120 ألف فدان، والفرافرة الجديدة 20 ألف فدان، وامتداد الداخلة 30 ألف فدان، ومنطقة غرب كوم أمبو 25 ألف فدان، والمغرة 35 ألف فدان، وغرب المنيا 140 ألف فدان، وجنوب شرق المنخفض 90 ألف فدان، وشرق سيوة 30 ألف فدان.

3 – المرحلة الثالثة: ستكون بإجمالي مساحات 510 آلاف فدان، في 5 مناطق تروى بالمياه الجوفية وتضم: الفرافرة القديمة 40 ألف فدان، وامتداد جنوب شرق المنخفض 50 ألف فدان، ومنطقة الطور بجنوب سيناء 20 ألف فدان، وغرب المنيا 250 ألف فدان، ومنطقة غرب «2» بمساحات 150 ألف فدان.

وبلغت المساحة المنزرعة بمشروع المليون ونصف فدان نحو 140 ألف فدان عام 2020 / 2021 مقابل 115 ألف فدان عام 2019/ 2020 بنسبة زيادة قدرها 21.7% عن العام السابق، فيما بلغت المساحة المستصلحة 512 ألف فدان حتى عام 2020/ 2021. ومن المقرر خلال عام 2023 التوسع في إقامة وتشغيل مناطق خدمية جديدة بمنطقتي المُغرة وامتداد غرب المنيا.

ولتقليل الفجوة الغذائية، أعلنت شركة تنمية الريف المصري الجديد عن إطلاق مبادرة لتشجيع زراعة المحاصيل الاستراتيجية الصيفية بمختلف أراضي المشروع، تتمثل في كل من: الذرة الشامية، وفول الصويا، ودوار الشمس، والسمسم، وذلك بالتعاون مع كل من الإدارة المركزية للتقاوي ومركز الزراعة التعاقدية بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي؛ لتقليل الفجوة الغذائية من هذه المحاصيل من خلال توفير التقاوي المعتمدة بأسعار مدعومة، وتوفير حصة من الأسمدة التي يحتاجها الفدان بأسعار مدعومة، فضلًا عن توفير الإرشادات الزراعية بالمجان، وإتاحة التعاقد على بيع المحصول من خلال مركز الزراعات التعاقدية بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي.

وإلى جانب مشروعات التوسع الأفقي التي اعتمدتها الدولة لزيادة الرقعة الزراعية والعمرانية، فقد توسعت في مشروعات تحسين أصناف وسلالات المحاصيل لزيادة الإنتاجية ولمقاومة آثار التغير المناخي على المحاصيل، فتم التوسع في توفير التقاوي المعتمدة للمحاصيل الاستراتيجية من خلال استنباط أصناف وهجن من المحاصيل قصيرة العمر عالية الإنتاجية ومبكرة النضج ومقاومة للإجهادات الحيوية والبيئية والموفرة للمياه للمحاصيل الاستراتيجية ( القمح – الذرة – الأرز – القطن – الفول البلدي)، وإعداد ونشر الخريطة الصنفية التي تناسب ظروف مناطق الزراعة من ناحية طبيعة التربة والظروف المناخية والاحتياجات المائية وزيادة نسبة التغطية من التقاوي المعتمدة للمحاصيل الاستراتيجية (القمح والذرة).

وتم تفعيل البرنامج الوطني لإنتاج تقاوي محاصيل الخضر من خلال استنباط وتسجيل عدد 26 من الهجن والأصناف الجديدة لمحاصيل الخضر للتداول التجاري في السوق المصرية لعدد 10 محاصيل (الطماطم – الباذنجان – الفلفل – الكنتالوب – البطيخ – البسلة – اللوبيا – الفاصوليا – الخيار – الكوسة) مما يؤدي الى تقليل فاتورة الاستيراد وخفض تكلفة التقاوي، فضلًا عن التعاون مع شركات إنتاج التقاوي بالدول الأجنبية للشراكة في إنتاج تقاوى الأصناف المتميزة من هجن محاصيل الخضر في مصر.

وفي إطار تطوير سبل الزراعة، تم تدشين المشروع القومي لتطوير قصب السكر من خلال زراعة القصب بالشتل من خلال البدء في إنشاء محطتي كوم أمبو ووادي الصعايدة بطاقة إنتاجية حوالى 200 مليون شتلة سنويًا وبتكلفة حوالي مليار جنيه. والتوسع في المشروع القومي للصوب للـ 100 الف فدان صوب زراعية الذي يهدف إلى إنتاج محاصيل عالية الجودة والإنتاجية مع توفير غذاء صحي وآمن للمواطنين. وتحقيق إنجاز كبير بالمشروع القومي للنخيل (2.5 مليون نخلة) .

وفي إطار الزراعة المستدامة والحرص على الاستغلال الأمثل للمياه، فقد تم إطلاق المبادرة القومية لتطوير وتحديث منظومة الري في مليون فدان من الأراضي الجديدة وفي مساحة حوالي 3.7 ملايين فدان من الأراضي القديمة من خلال برنامج تمويلي قومي على 10 سنوات وبدون فائدة. وقد تم تحديث نظم الري في حوالي 400 ألف فدان في الأراضي الجديدة المخالفة من أصل حوالي 500 ألف فدان التي تتابع وزارة الزراعة تحديثها. ذلك إلى جانب مشروع إعادة تأهيل وتبطين ترع الري، حيث يستهدف الحفاظ على كميات المياه التي يتم هدرها بعد تسربها للتربة الطينية والذي يتراوح ما بين 5 و10 ملم من عمق المياه كل ساعة، ومن المتوقع توفير حوالي 5 مليارات متر مكعب من المياه التي كانت تُهدر بطول مجاري الشبكة المائية في كافة أنحاء الجمهورية.

إجمالًا، خلال الثماني سنوات الماضية نفذت الحكومة حوالي 320 مشروعًا زراعيًا تكلفت أكثر من 42 مليار جنيه في مجالات: دعم التنمية الزراعية وصغار المزارعين، وضمان الزراعة المستدامة، ومكافحة التصحر، والحد من آثار التغيرات المناخية.

كل ذلك تطلب حلحلة تشريعية، فتم إصدار قوانين: إنشاء الجهاز القومي لتطوير البحيرات وتنمية الثروة السمكية، والزراعة العضوية، والزراعة التعاقدية، وتدشين محطة الزهراء للخيول العربية الأصيلة، وتفعيل الزراعة التعاقدية في الذرة والفول الصويا وعباد الشمس والسمسم والقطن. إلى جانب تشديد الرقابة على سوق مستلزمات الإنتاج (التقاوي – المبيدات – الأسمدة)، وتنفيذ برنامج وطني لرصد متبقيات المبيدات في الخضر والفاكهة بالأسواق المحلية.

يضاف إلى ذلك برامج تمويل لصغار المزارعين، فيبلغ إجمالي التمويل الموجه للمحاصيل الزراعية 6 – 7 مليارات جنيه سنويا بدعم من الدولة يصل إلى حوالى 500 مليون جنيه سنويًا. ذلك بخلاف تمكين المزارعين والفلاحين من الاستفادة من مبادرة تأجيل الأقساط المستحقة عليهم، وقد استفاد من هذه المبادرة حوالى 330 ألف مزارع بإجمالي مديونية قدرها 8.9 مليار جنيه.

زيادة الإنتاجية الزراعية مؤخرًا احتاجت إلى مشروع مكمل لتخزين الحبوب والغلال، فتم تنفيذ المشروع القومي للصوامع، مما أدى إلى زيادة قدرة الدولة التخزينية لترتفع من 1.4 مليون طن في 2014 إلى 5.5 ملايين طن حاليًا. ويعد المشروع القومي للصوامع واحد من خطط الدولة للحفاظ على الغذاء وتأمين المخزون الاستراتيجي منه؛ وذلك للتغلب على أزمة قلة أماكن التخزين إلى جانب تقليل نسبة الهدر والتي تصل إلى 15%، وزيادة مدة التخزين لتصل إلى سنة أو سنة ونصف باشتراطات تخزين وجودة عالية. 

ويتضمن المشروع إنشاء نحو 50 صومعة، بسعة تخزينية تقدر بنحو 1.5 مليون طن، موزعة على 17 محافظة، لتخزين القمح والغلال. وتضم مصر الآن نحو 70 صومعة على مستوى محافظات الجمهورية، مصممة بأحدث أسلوب وتكنولوجيا وتقنيات موجودة في العالم.

كل هذه المشروعات أسهمت في تحقيق صادرات زراعية غير مسبوقة، ومن المُستهدف في إطار خطة عام 2022 /2023 زيادة هذه الصادرات لتتجاوز قيمتها 3,6 مليارات دولار مُقابل 2,4 مليار دولار عام 2020 /2021، مما يرفع نسبة مُساهمتِها في إجمالي الصادرات المصرية غير البترولية إلى 15%.

ويتأتى ذلك من خلال العمل على تنمية الحاصلات ذات القُدرة التصديريّة والفائض الإنتاجي وعلى رأسها الخضروات والفاكهة، والترويج المُكثّف بالأسواق الخارجية من خلال تعزيز الصادرات للأسواق الغربية التقليدية وفتح أسواق جديدة في دول شرق وجنوب شرق آسيا وكذا في دول أمريكا اللاتينية، وتنشيط خطّط التصدير للأسواق الإفريقية، والتوسّع –بصفة عامة– في الزراعات العضوية اتفاقًا مع سلامة المنظومة البيئية ومُتطلّبات التنمية المُستدامة، وبخاصة بعد صدور قانون الزراعة العضوية ولائحته التنفيذية.

كل هذه المشروعات وغيرها الكثير تمت بالداخل المصري، إلا أن حدود التنمية لم تقف عند حدود الدولة، فإيمانًا بدور العلاقات المصرية الأفريقية وقدرتها على تحقيق الأمن الغذائي، تم التوسع في إنشاء المزارع الأفريقية النموذجية المشتركة (إنشاء 9 مزارع وجارٍ إنشاء 4 مزارع جديدة) ، وتم إنشاء مركزين للتميز في مجال الثروة السمكية و المصايد ومجال سلامة وصحة الغذاء بالتعاون مع مفوضية الاتحاد الأفريقي.

ثانيًا: فيما يخص الثروة السمكية: 

اتصالًا بالثروة السمكية، تم تنفيذ مشروعات عملاقة لتنمية الثروة السمكية مثل: (بركة غليون – الفيروز – قناة السويس). وتحتل مصر المرتبة الثالثة عالميًا في إنتاج السمك البلطي والأول أفريقيًا في الاستزراع السمكي. وتم طرح 21 موقعًا للاستزراع السمكي في الأقفاص البحرية بالبحرين المتوسط و الأحمر. وفي هذا الصدد تم إصدار قانون تطوير وتنمية البحيرات، وتم إطلاق المشروع القومي لتنمية البحيرات (المنزلة – البرلس – إدكو – البردويل) وإزالة التعديات عليها، والتوسع في المشروعات المرتبطة بالثروة السمكية والمفرخات وغيرها.

ويعد مشروع بركة غليون الذي افتُتح في نوفمبر 2017 أكبر مزرعة سمكية في الشرق الأوسط، وتقع على الطريق الدولي الساحلي، أُنشئت بتكلفة 14 مليار جنيه. ويضم المشروع مزرعة سمكية على مساحة 4 آلاف فدان تضم: 1359 حوضًا للأسماك والجمبري، ومنطقة المفرخات وإنتاج الزريعة، ومنطقة بحثية، بالإضافة إلى منطقة صناعية على مساحة 55 فدانًا تضم: مصنعًا لتجهيز وتعبئة وتغليف الأسماك بطاقة إنتاجية 100 طن في اليوم، ومصنع لإنتاج الأعلاف بطاقة إنتاجية 180 ألف طن سنويًا، ومصنع لإنتاج الثلج بطاقة إنتاجية 60 طنًا في اليوم، ومصنع لعبوات الفوم بطاقة إنتاجية 1200 عبوة في اليوم.  ومن مقومات المشروع -بالإضافة إلى احتوائه على كافة الصناعات التكميلية أيضًا- أنه يوفر مناطق إسكان للعاملين، حيث توجد ٧ عمارات سكنية مسطح الواحدة ١٠٠٠ متر مربع، ومنطقة ترفيهية، وملاعب مؤهَّلة، وأماكن للمعيشة، ومبيت.

وكذلك، أقيم مشروع الفيروز للاستزراع السمكي على مساحة ٢٦ ألف فدان تقريبًا بمواجهة ١٧ كم بمحاذاة ساحل البحر وعمق ١٠ كم شرق بورسعيد، ويتكون من مزارع سمكية بإجمالي ٥٩٠٨ أحواض للاستزراع السمكي، مساحة الحوض ١,٧٥ فدان، بطاقة إنتاجية أكثر من ١٣ ألف طن سنويًا أسماك وجمبري. إلى جانب بحيرات الفيروز للصيد البحري والمقامة على مساحة ١٠ آلاف فدان تقريبًا، وتضم منطقة إدارية وصناعية وتتكون من (مبنى الإدارة – سكن إداري – مناطق خدمية)، بالإضافة إلى صالة للفرز والتعبئة بطاقة إنتاجية ٨ أطنان أسماك وجمبري يوميًا، ومصنع للثلج بطاقة إنتاجية ٤٠ طنًا يوميًا و٦ مخازن علف بطاقة تخزينية ٦٠٠٠ طن أعلاف.

ثالثًا: فيما يخص الإنتاج الداجني: 

بلغت استثمارات الثروة الداجنة خلال الثماني سنوات الماضية حوالي 100 مليار جنيه لإنتاج 1٫4مليار طائر سنويًا و 14 مليار بيضة وتحقيق الاكتفاء الذاتي وفائض للتصدير. والنجاح في صدور قرار المنظمة العالمية للصحة الحيوانية لعدد 30 منشأة في مجال الإنتاج الداجنى والأنشطة المرتبطة بها بوصفها منشآت خالية من أنفلونزا الطيور مما يساهم في فتح أسواق جديدة للتصدير وتوفير الدعم اللوجستي والفني والمالي لصغار مربى الدواجن ورفع كفاءة مزارعهم وتحويلها من نظام التربية المفتوح الى النظام المغلق. وتم تخصيص عدد 9 مناطق في 4 محافظات بإجمالي مساحة 19 ألف فدان للاستثمار الداجني.

رابعًا: فيما يخص الثروة الحيوانية:

كان الهدف الرئيس للدولة خلال السنوات الأخيرة هو تحسين سلالات قطعان الأبقار والجاموس المحلية، وتمصير السلالات المتخصصة في إنتاج الألبان واللحوم ذات الإنتاجية العالية والمتأقلمة مع الظروف المصرية، مع زيادة الإنتاجية من الألبان واللحوم لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل فجوات الاستيراد وتدعيم ورفع مستوى معيشة صغار المربين والمزارعين.

وفي سبيل ذلك، تم إعداد قاعدة بيانات مدققة بإجراء حصر شامل للثروة الحيوانية بمصر، وتحسين السلالات المحلية من خلال وضع خطة استهدفت رفع مستوى إنتاجية الرؤوس المحلية من اللحوم والألبان، واستيراد سلالات عالية الإنتاجية وتشجيع صغار المزارعين على إحلال سلالات الأبقار عالية الإنتاجية من الألبان واللحوم محل السلالات المحلية من خلال توفير سلالات محسنة بإجراءات تمويلية ميسرة.

وتم ضخ تمويلات للمشروع القومي للبتلو –بهدف تقليل حجم الاستيراد وتوفير الاستهلاك المحلي من اللحوم الحمراء- تقدر بحوالي 7 مليارات جنيه، يستفيد منها 41 ألف شخص بإجمالي 461 ألف رأس ماشية. وفي مجال التحسين الوراثي للإنتاج الحيواني، فقد تم تحسين السلالات في أكثر من مليون رأس ماشية، وتم إنشاء عدد (600) نقطة تلقيح اصطناعي بالوحدات البيطرية وتجهيزها بالأجهزة المطلوبة لتنفيذ إجراءات التلقيح الاصطناعي في القرى بالمحافظات المختلفة خاصة لصغار المزارعين والمربين.

وفي يونيو 2022، أنشئ مجمع الإنتاج الحيواني والألبان المتكامل بمدينة السادات بمحافظة المنوفية على ‏مساحة 1000 فدان، بإجمالي 5000 رأس حلاب بطاقة ‏‏150 طن ‏لبن في اليوم، و3000 رأس تسمين بطاقة 1.5 طن لحم ‏حي بالدورة ‏الواحدة. ويتكون المشروع من مزارع لتربية الماشية بمختلف أنواعها (6 مزارع فرعية، منها 5 مزارع ‏حلاب ومزرعة ‏واحدة للتسمين)، ومجازر ‏آلية حديثة متكاملة، ومصانع لمختلف منتجات الألبان تعمل على ‏توفير المنتجات بالكميات والجودة والأسعار المناسبة، ومركز علمي بيطري للأبحاث والتدريب، ومستشفى ‏بيطري، ‏ومبنى للولادة، ومبنى للتلقيح الصناعي.

ويضم المشروع 5 محالب آلية بإجمالي 48 نقطة و5 “تانكات” لحفظ ‏اللبن بطاقة 50 طنًا لكل ‏محلب، وعربة لنقل اللبن مزودة “بتانك” سعة ‏‏30 طنًا، ومحطة معالجة ‏مياه الصرف الصحي بطاقة 100 متر ‏مكعب في اليوم، ‏ومحطة معالجة المياه الناتجة من المحلب بطاقة ‏‏100 متر مكعب في ‏اليوم، بالإضافة إلى مجرشتين بقدرة 10 أطنان ‏في الساعة لجرش ‏الحبوب وتجهيز الأعلاف، ومحرقتين للتخلص ‏الآمن والصحي من ‏المخلفات البيولوجية.‏

وقد تم تنفيذ حوالى 1200 قافلة بيطرية ضمن القوافل البيطرية المجانية التي تجوب كل محافظات الجمهورية لعلاج المواشي في حوالى 750 قرية. وتم زيادة الطاقة الإنتاجية للقاحات البيطرية من 120 مليون إلى ملياري جرعة سنويًا للسيطرة على الأمراض والأوبئة. وكذلك تم العمل على نشر الوعي بأهمية التأمين على رؤوس الماشية؛ لضمان استدامة المشروع والحفاظ على ثروة صغار المربين، فبلغ عدد الرؤوس المؤمن عليها خلال عام 2022 نحو 1.5مليون رأس، مع التوجيه بصرف التعويضات المناسبة للحالات اللازمة، فبلغ المنصرف نحو 55 مليون جنيه (خلال السنوات الثلاث الأخيرة). ومن المستهدف تطوير 826 مركز تجميع ألبان وإدراجها ضمن مبادرات دعم القطاعات الإنتاجية منخفضة الفائدة لتحسين جودة الألبان وتأهيلها للتصدير، حيث تم تطوير 212 مركزًا منها 46 مركزًا ضمن المرحلة الأولى لحياة كريمة.

خامسًا: فيما يخص الصناعات الغذائية والمكملة: 

لتحقيق التكامل مع مختلف المشروعات والقطاعات، كان هناك توجه لتنفيذ سلسلة من المشروعات التي تهدف إلى تأمين الغذاء، وكان آخرها افتتاح المرحلة الثانية من مدينة الصناعات الغذائية “سايلو فودز” في 9 فبراير 2023، في حين تم افتتاح المرحلة الأولى منها في أغسطس 2021، وهي تعد أول وأحدث مدينة صناعية متكاملة، وتقع المدينة بالمنطقة الصناعية لمدينة السادات على مساحة ١٣٥ فدانًا، المرحلة الأولى منها ١٠٢ فدان بنسبة بناء ٥٠٪. وتضم المدينة 3 مصانع أغذية -بسكويت ومكرونة ومخبوزات- بالإضافة إلى مطحن وآخر لتخزين القمح، و15 صومعة لتخزين قمح، إلى جانب مصنع لمنتجات ومستلزمات التغليف. بما يوفر السلع الاستراتيجية التي يحتاجها المواطن، وبأسعار مناسبة أقل من مثيلتها في السوق بنسبة قد تصل إلى 20%.

وكأحد العناصر المكملة والمهمة والضرورية لضمان تحقق الأمن الغذائي، مصانع الأسمدة، وهي أحد السلع الأساسية التي تم تهديدها عالميًا إثر الحرب الروسية الأوكرانية، فروسيا وبيلاروسيا من أكبر منتجي الأسمدة بالعالم؛ إلا أن صناعة الأسمدة بمصر ترجع إلى أكثر من 75 عامًا، وفي ديسمبر 2021 أُعيد تأهيل شركة كيما للأسمدة (الأمونيا-اليوريا)، وتقدر الطاقة الإنتاجية للمشروع 1200 طن من الأمونيا و1575 طن يوريا يوميًا، تطرح الشركة 55% من إنتاجها لوزارة الزراعة، فيما يتم توجيه أغلب صادرات المصنع الجديد إلى أفريقيا والهند. وكذا تم افتتاح مجمع الأسمدة الفوسفاتية والمركبة بالعين السخنة، أغسطس 2019، وتبلغ مساحة المجمع 400 فدان، وضم 9 مصانع لإنتاج أنواع مختلفة من الأسمدة.

هل أتت ثمارها؟

رغم كل هذه المشروعات التي تم تنفيذها خلال الثماني سنوات الماضية، فإن الأمن الغذائي المصري قد شهد هزة قوية إثر الحرب الروسية الأوكرانية، وهو ما يدفعنا إلى التساؤل حول جدوى وتكامل السياسات المصرية خلال السنوات الأخيرة. 

والإجابة: أنه بعيدًا عن تأثير الحرب المستعرة، فوضع الأمن الغذائي المصري لم يكن في أفضل أحواله، لكن كانت جهود حثيثة لضمانه وتحقيقه، من خلال: زيادة الرقعة الزراعية، وترشيد استهلاك المياه، وتحسين الأصناف الزراعية، وتعزيز الثروة الحيوانية والسمكية والداجنة؛ في محاولة لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتحقيق فائض يتاح للتصدير للخارج. 

إلا أن هذه الجهود، وخاصة التي تمت خلال العام الأخير –عام الأزمة- أسهمت في ضبط الأزمة وعدم خروجها عن السيطرة بالمقارنة بدول أخرى. فلم تتعد حدود الأزمة ارتفاع أسعار بعض السلع، وعدم وجود بعض السلع بالأسواق –وساهم في هذه المشكلة عدد من تجار الأزمات- لفترات قصيرة. فزادت المساحة المنزرعة منذ 2014 بحوالي 6%، فيما شهد العام نفسه 2014 آخر مظاهر التعدي على الأراضي الزراعية وتأثيرها في تناقص الأراضي المنزرعة.

وقد زيدت إنتاجية عدد من السلع الاستراتيجية، خاصة التي تخدم القطاع الصناعي أيضًا، ومنها: الكتان، والذي يستخدم في صناعة الغزل والنسيج، وصناعة الخشب الحبيبي والمضغوط، وزيوت بذر الكتان، وقد زيدت إنتاجيته في عام 2019 بنسبة 562% بالمقارنة بعام 2013. وكذلك زيدت إنتاجية سلع كالثوم والبصل، التي يتم توجيه جزء منها للتصدير للخارج، بنسبة 55% تقريبا مقارنة بعام 2013. 

ووفقًا لآخر بيانات منشورة بتقرير اللمحة الإحصائية الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء، فقد حققت الخريطة الزراعية المعتمدة في 2019 الاكتفاء الذاتي من عدد من السلع بل وتحقيق فائض يمكن توجيهه للتصدير مثل (البصل، الثوم، الخضروات، البطاطس، الفاكهة، عسل النحل)، في حين قاربت نسبة الاكتفاء من 50% أو أدنى بعدد من السلع مثل (القمح، الذرة الشامية، واللحوم الحمراء) بالعام نفسه.

وعن حصيلة المساحات المحصولية والإنتاج النباتي لعام 2020/2021، فقد بلغت إجمالي المساحة المحصولية 16.4 مليون فدان عام 2020/2021 مقابل 16.3 مليون فدان عام 2019/2020 بزيادة نسبتها 0.5%. فيما بلغت المساحة المنزرعة 9.6 ملايين فدان عام 2020/2021 مقابل 9.5 ملايين فدان عام 2019/2020 بزيادة بلغت نسبتها 1.5%. وقد وصل متوسط نصيب الفرد من المساحة عام 2020/2021 لحوالي 0.094 فدان. 

D:\هبة\مرصد\نوعي\امن غذائي\Untitled.png4.png

واتجهت الجهود خلال العام الأخير على وجه التحديد نحو زيادة إنتاجية السلع الاستراتيجية على وجه التحديد، فبلغت مساحة محصول القمح 3.42 ملايين فدان 2020/2021 مقابل 3.4 ملايين فدان عام 2019/2020، وبلغت كمية الإنتاج 9.8 ملايين طن عام 2020/2021 مقابل 9.1 مليون طن عام 2019/2020 بزيادة بلغت نسبتها 8.1%، وقد يرجع ذلك إلى استخدام سلالات محسنة ذات إنتاجية مرتفعة. 

في حين بلغت مساحة محصول الطماطم 356.9 ألف فدان عام 2020/2021 مقابل 380 ألف فدان عام 2019/2020 بانخفاض بلغت نسبته 6.1%، وبلغت كمية الإنتاج 6.4 ملايين طن عام 2020/2021 مقابل 6.5 مليون طن عام 2019/2020 بانخفاض بلغت نسبته 1.7%. 

والتساؤل هل كان لهذه السياسة أي تأثير؟ وللإجابة على هذا التساؤل: نفترض عدم زيادة الأراضي الزراعية المنزرعة خلال الـ8 سنوات الماضية -والتي تقدر بحوالي 684 ألف فدان– والتي وفرت ملايين الدولارات مقابل استيراد المحاصيل المزروعة بهذه المساحات سنويًا، بل وتفويت ملايين الدولارات على الدولة سنويًا مقابل المحاصيل التي تم تصديرها، وساهمت في زيادة حصيلة الصادرات والعوائد الدولارية الناتجة عنها. 

المحصولالأفدنة المزروعةإنتاجية الفدان (بالطن)*متوسط الإنتاجية الإجمالية (بالطن)
قمح400002.9115134.9
ذرة صفراء320003.3105148.1
سوداني200001.530344.8
فراولة500016.281231.2
عباد الشمس6301.0637.1
بطاطا500014.874006.6
فاصوليا بيضاء100001.918926.0
بصل1800014.8267116.1
طماطم1300017.9232731.2
بسلة40004.417577.5
خيار400010.542003.4
فول الصويا10001.31275.7
موالح170009.6163614.1
متوسط إنتاجية مشروع مستقبل مصر من أهم المحاصيل المزروعة خلال عام 2021/2022
*إنتاجية الفدان محسوبة وفق متوسط إنتاجية المحاصيل بمصر وفقًا للنشرة السنوية لإحصاء المساحات المحصولية والإنتاج النباتي عام 2020/2021

وعلى سبيل المثال لا الحصر، وفر مشروع واحد فقط (مشروع مستقبل مصر) حوالي 115 ألف طن قمح، و105 آلاف طن ذرة صفراء، و81 ألف طن فراولة، و232 ألف طن طماطم، و267 ألف طن بصل … وغيرها من المحاصيل التي تم جنيها من المشروع وتم توجيهها إلى الاستهلاك المحلي، وتقليل فاتورة الاستيراد –حيث تجاوزت العقود الآجلة لشهر مايو 2022 حاجز 438 دولارًا للطن، في حين كانت تحدد الدولة متوسط سعر شراء في موازنة العام المالي 2021/2022 بحوالي 255 دولارًا للطن– أو توجيه الفائض إلى التصدير للخارج والاستفادة من الارتفاع العالمي في أسعار السلع الغذائية.

مجمل القول، استطاعت مصر تحقيق عدة نجاحات في مجال ضمان الأمن الغذائي رغم التهديدات الراهنة (تغير المناخ، الشح المائي، تفتت أحوزة الأرض الزراعية، تزايد التضخم العالمي، الأزمة المالية العالمية… وغيرها). وقد يرجع ذلك إلى الخطوات الاستباقية التي اتُخذت فيما قبل اندلاع الأزمة في صورة مشروعات قومية لزيادة الرقعة الزراعية، وترشيد وإعادة معالجة واستخدام المياه، وتعزيز الثروات السمكية، والحيوانية والداجنة. إلا أن هذه المشروعات لم تكن كافية للصمود أمام الأزمة والاكتفاء بها عمن سواها، لذا قد يكون الوقت الراهن، هو الأنسب لإطلاق استراتيجية وطنية لتحقيق الأمن الغذائي وفق المتغيرات الحادة الراهنة، تراعي آليات تضمن تحقيق الاكتفاء الذاتي، مع الاستغلال الأمثل للمقومات المصرية، وتؤمن جودة وسلامة الغذاء، وتعزز آليات الرقابة والمساءلة، وتضمن تعزيز المرونة أمام الأزمات الخارجية. 

وأخيرًا، يقف العالم الآن أمام مفترق طرق يحاول تجنب كارثة الجوع، فاستمرار تهديد الأمن الغذائي بدول العالم يسهم في تنامي معدلات الهجرة واحتمال زعزعة الاستقرار والنزاع. ومصر كجزء من العالم تأثرت بالمتغيرات العالمية التي باتت تؤثر بالجميع، إلا إنها حاولت وتحاول كبح جماح الأثر. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى