المركز المصري في الإعلام

المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية يناقش “الأمن الغذائي في الشرق الأوسط” ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب

نظم المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية اليوم الثلاثاء الموافق 31 يناير 2023، ثالث ندواته خلال فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب في نسخته الـ 54 التي حملت عنوان “الأمن الغذائي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”. أدار الندوة الأستاذ “عزت إبراهيم”، رئيس تحرير جريدة الأهرام ويكلي ومدير وحدة دراسات الإعلام بالمركز. وتحدث خلالها كلٌ من: الدكتورة جيهان عبد السلام/ مدرس الاقتصاد بكلية الدراسات الأفريقية العليا – جامعة القاهرة، والأستاذة سالي عاشور/ المدير التنفيذي لإدارة الدراسات المستقبلية والنمذجة بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، والدكتور محمد رستم/ مدرس مساعد العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة، والأستاذة هايدي الشافعي/ باحثة بوحدة الدراسات الأفريقية بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية.

تحدثت الدكتورة جيهان عبد السلام عن قضية الأمن الغذائية، واصفة إياها بأنها قضية أمن قومي؛ إذ إنها لا تتوقف عند توافر غذاء للمواطنين فقط، وإنما تكمن أبعادها في إمكانية واستمرارية حصول الأفراد على غذاء صحي وآمن. موضحة أن أزمة الغذاء تفجرت مع انتشار جائحة كورونا عام 2020، إلا إنها أزمة ممتدة منذ سنوات عديدة وحتى قبل انتشار الجائحة.

وأضافت “عبد السلام” أن أزمة الغذاء التي تعاني منها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا متفاوتة بين الدول وبعضها البعض وفقًا لعدد سكانها ومواردها الاقتصادية وقدرتها على تأمين وارداتها من الغذاء. لافتة إلى أن نحو 20% من سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وتعاني بعض الدول بعينها من تداعيات الأزمات الاقتصادية الحالية على الأمن الغذائي، وفي مقدمتها اليمن؛ نظرًا إلى مرورها بأسوأ أزمة إنسانية على الإطلاق، تليه سوريا والسودان رغم امتلاك الأخيرة وفرة في الأراضي الخصبة التي تكفيها وتزيد للتصدير.

وأكدت مدرس الاقتصاد بكلية الدراسات الأفريقية العليا – جامعة القاهرة أن الحرب الروسية الأوكرانية أثرت على معدلات الجوع في منطقة الشرق الأوسط التي تشهد العديد من الصراعات والاضطرابات السياسية. ولذلك تستهدف مصر تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب والسلع الاستراتيجية لمواجهة الأزمات المحتملة.

من جانبها، ذكرت الأستاذة سالي عاشور أن حصة المنطقة من إجمالي من يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد في العالم بلغت نحو 20% خلال عام 2020، وهي نسبة مرتفعة للغاية عند اعتبار أن المنطقة لا تشكل سوى 6% من سكان العالم. مشددة على أن معظم البلدان العربية تعاني اليوم أزمةً حرجة فيما يتعلق بوفرة المياه؛ إذ تعد المنطقة العربية من أكثر المناطق نقصًا في المياه في العالم، حيث تتعامل مع التوزيع غير المتكافئ للموارد المتزايدة الأهمية، حيث أصبحت المياه في معظم البلدان العربية موردًا طبيعيًا حرجًا؛ تتلقى 13 دولة فقط أمطارًا أقل من 251 ملم من الأمطار سنويًا، من بين 22 دولة عربية.

وأضافت “عاشور” أن محدودية الأراضي الزراعية جنبًا إلى جنب مع الزيادة السكانية أدت إلى تناقص نصيب الفرد من الأراضي المزروعة إلى 0.1 فدان. وعلاوة على ذلك، أدى التعدي على الأراضي الزراعية إلى فقدان أراضٍ بنحو 20 ألف فدان سنويًا من أجود الأراضي الزراعية في الوادي والدلتا. مشيرة إلى أن إنتاجية المحاصيل في المنطقة متدنية، مع تسجيل محصولية الحبوب الأساسية إنتاجية بقيمة 2,024 كج/هكتار في عام 2017، أي نصف المتوسط العالمي تقريبًا والبالغ 4,074 كج/هكتار.

وأوضحت المدير التنفيذي لإدارة الدراسات المستقبلية والنمذجة بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء أن تغير نمط الاستهلاك الناجم عن ارتفاع مستوى معيشة السكان وارتفاع الدخول يؤثر في العادات الغذائية، ويؤدي بطبيعة الحال إلى زيادة حجم الطلب المحلي بشكل عام والطلب على الغذاء بشكل خاص. وفي الوقت ذاته، تؤدِّي الزيادة المتوقعة في درجات الحرارة وتغير نمطها الموسمي إلى نقص الإنتاجية الزراعية لبعض المحاصيل، وتأثيرات سلبية على المناطق الزراعية الهامشية وزيادة معدلات التصحر.

أما الدكتور محمد رستم فأفاد أن أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر تتضمن نحو عشرة أهداف تتعلق بتعزيز الأمن الغذائي أو تدور حوله، مثل الأهداف المتعلقة بكل من: المياه، والتربة، والحياة تحت الماء، والصحة، وغيرها من الأبعاد المتشابكة مع قضية الأمن الغذائي. مشيرًا إلى أن الدول العربية التي تنعم باستقرار نسبي قد أطلقت رؤى تتعلق بقضية الأمن الغذائي أو ضمنتها ضمن رؤاها وخططها الوطنية، لا سيّما وأن الأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا معرض للخطر نظرًا للأزمات العالمية المتلاحقة، وتصاعد الصدمات المناخية، والاضطرابات السياسية والأمنية، وغيرها من العوامل.

وتابع “رستم” إن المنظمات الدولية كمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “الفاو” والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني والإعلام ومراكز الفكر والدراسات كلها تعد من أهم الجهات الفاعلة المسؤولة عن تعزيز الأمن الغذائي في المنطقة. موضحًا أن المنظمات الدولية تقوم بتمويل المشروعات الغذائية، وتقديم استشارات فنية للحكومات، ونشر دوري للبيانات والأبحاث الخاصة بالقطاع الغذائي. في حين تقوم منظمات المجتمع المدني بتقديم الشنط الرمضانية على سبيل المثال، أما عن القطاع الخاص فيقتصر دوره إما على إنتاج الغذاء في حالة تخصصه في هذا الأمر أو ما يتعلق بالمسؤولية الاجتماعية تجاه المواطنين. مشددًا على أنه يتعين على المنظمات الدولية دراسة مشكلة كل مجتمع على حدة قبل تقديم الوصفات العلاجية الخاصة بعلاج مشكلة الأمن الغذائي في المنطقة.

فيما تحدثت الأستاذة هايدي الشافعي عن أن الاهتمام بالأمن الغذائي في المنطقة بدأ في وقت مبكر منذ بداية السبعينيات، ولكن كانت الاستراتيجيات الموضوعة حينها غير مسماة بـ”الأمن الغذائي” وإنما كانت تحت مسمى استراتيجيات لزيادة التنمية الزراعية أو الاستثمار الزراعي. مفيدة أن كافة الاستراتيجيات التي أطلقتها دول المنطقة تستهدف توفير الأمن الغذائي، ولكن نظرًا لأن كل دولة لديها ظروف وطبيعة خاصة، تنوعت استراتيجيات التعامل مع مكافحة انعدام الأمن الغذائي بحسب طبيعة كل دولة أو منطقة فرعية. وتقوم تلك الاستراتيجيات على عناصر: الإتاحة، والوصول، والاستخدام، والجودة والسلامة، والاستقرار والاستدامة.

وأضافت الباحثة بوحدة الدراسات الأفريقية بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أن عنصر الإتاحة يقوم على: زيادة الإنتاج المحلي (التوسع الأفقي والرأسي)، والاستيراد من الخارج، والاستثمار الزراعي الخارجي، والمساعدات والمعونات. أما عنصر الوصول فيعتمد على دعم المنتجات الخارجية، وفرض الحماية على منتجات بعينها، وفرض قيود على أسعار السلع وهامش الربح، والتحكم في تجارة الأغذية. فيما يعتمد عنصر الجودة والسلامة تنويع الإمدادات الغذائية، ورفع كفاءة استغلال المياه وتقليل الفاقد، وتحسين السلالات ورفع الإنتاج الغذائي. أما عن عنصر الاستدامة، فيتضمن مواجهة التهديدات المتمثلة في محدودية الموارد المحلية والتغيرات المناخية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى