مصر

حماية الفئات الأولى بالرعاية.. إرادة سياسية بسواعد مدنية

يظل ملف حماية الفئات الأولى بالرعاية في صدارة أولويات الدولة المصرية واهتماماتها، وعليه؛ فتم العمل بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني على تمديد شبكات الأمان الاجتماعي، وتعزيز الاستثمار في رأس المال البشري، وإطلاق البرامج والمبادرات التي من شأنها النهوض بالأوضاع المعيشية للفئات الأكثر احتياجًا ودعمهم ماديًا وتمكينهم اقتصاديًا وضمان حقوقهم الإنسانية. وجاء التوجيه الأخير للرئيس عبد الفتاح السيسي للتأكيد على توجه القيادة السياسية المنحازة دائمًا إلى الفئات الضعيفة والأولى بالرعاية، وأبرزها: (كبار السن، الأطفال، ذوو الهمم، الأيتام) في ظل تحقيق العدالة الاجتماعية بين أفراد المجتمع إعمالًا لمبادئ القانون والدستور المصري. 

أولًا: المسنون

كفل الدستور المصري حقوق المواطنين كبار السن، وضمن لهم الحق في الرعاية الاجتماعية والصحية والاقتصادية؛ فنصت المادة (83) على: “تلتزم الدولة بضمان حقوق المسنين صحيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا وترفيهيًا، وتوفير معاش مناسب يكفل لهم حياة كريمة، وتمكينهم من المشاركة في الحياة العامة، وتراعي الدولة في تخطيطها للمرافق العامة احتياجات المسنين، كما تشجع منظمات المجتمع المدني على المشاركة في رعاية المسنين، وذلك على النحو الذي ينظمه القانون”. 

وتتمثل جهود الدولة المصرية في مجال رعاية كبار السن في: 

أولًا: مجال الرعاية الاجتماعية: إنشاء دور رعاية لكبار السن، وافتتاح أندية رعاية نهارية للمسنين، ومكاتب خدمة للمسنين بالمنازل، وإعداد وتأهيل خدمة جليس للمسنين، وافتتاح وحدات للعلاج الطبيعي لكبار السن.

ثانيًا: مجال الرعاية التنموية: تقديم مشروعات للمسنين تتمثل في المشروعات الضمانية (مشروعات لمحدودي الدخل منحة لا ترد)، ومشروعات الأسر المنتجة، وهي قروض تمنح لإقامة مشروعات، فضلًا عن مشروعات المرأة الريفية، حيث تقدم قروضًا للمرأة الريفية المسنة والمرأة المعيلة لإقامة مشروعات تساعدها على رفع مستوى معيشتها، بجانب تدريب بعض كبار السن على بعض الحرف والمهن وفقا لقدراتهم بمؤسسات رعاية كبار السن.

ثالثًا: خدمات الحماية الاجتماعية (الرعاية الاقتصادية) الخدمات المالية: تتمثل في منح معاش ضماني لكبار السن ممن لا يتقاضون معاشا تأمينيًا وليس لديهم دخل، ومنح مساعدات نظام الدفعة الواحدة لكبار السن، بجانب منح مساعدات شهرية من مؤسسة التكافل لكبار السن غير القادرين ماديًا، ومنح قروض بشروط ميسرة من مشروعات الأسر المنتجة وبنك ناصر الاجتماعي لتشغيل مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر.

فيما تتمثل الخدمات العينية في استخراج بطاقة تموينية لأصحاب معاش الضمان الاجتماعي وأسرهم.
وتقوم الدولة بتطوير شبكات الأمان الاجتماعي ببرنامج كرامة بمنح معاش للمسنين بداية من عمر 65 عامًا أو لمن يعانون من عجز أو مرض مزمن، وقد بلغ عدد مستفيدي برنامج كرامة 260 ألفا و217 مستفيدًا، في حين بلغ عدد أصحاب المعاشات والمستحقين 10 ملايين و27 ألفا و438 مسنًا.

ثانيًا: الأطفال

أولى الرئيس عبد الفتاح السيسي اهتمامًا خاصًا بالطفل المصري، لا سيما وأن الرئيس دائمًا ما يؤكد على ضرورة الاستثمار في البشر وبناء الإنسان بشكل جيد، سواء صحيًا أو اجتماعيًا أو ثقافيا، وهو ما انعكس في عدد من المبادرات والقوانين أبرزها: 

تطبيق نبتة مصر: أعلن المجلس القومي للطفولة والأمومة عن إطلاقه لتطبيق إلكتروني “نبتة مصر”، والذي يتضمن خدمات متعددة تسهيلًا على المواطنين في التواصل والإبلاغ عن حالات تعرض الأطفال للخطر، وأيضًا للتيسير على الأهالي الحصول على الخدمات المقدمة من قبل المجلس والإدارة العامة لنجدة الطفل؛ وذلك لفتح قنوات اتصال متعددة مباشرة مع المواطنين والأطفال.

ويقدم المجلس حزمة من الخدمات من خلال هذا التطبيق، وهي: خدمات الإبلاغ والدعم والمشورة، كالإبلاغ عن حالات تعرض الأطفال للخطر والأطفال المفقودين والأطفال الذين عثر عليهم، بالإضافة إلى خدمات الدعم والمشورة الأسرية للأم والطفل، وهناك سرية تامة لبيانات المتصلين والمبلغين، فضلًا عن إتاحة حزمة من المعلومات “الصحية، والنفسية، والقانونية، وإرشادات عن أساليب التربية الإيجابية” التي تهم الأسرة المصرية.

مبادرة دوّي: تقوم المبادرة على فكرة تكوين دوائر مصغرة من الفتيات من سن ١٠ إلى ١٨ عامًا يتم فيها تشجيعهن على التحاور وإبداء آرائهن في كل الأمور التي تخصهن والمجتمع المحيط بهن وتطوير قدراتهن. وتعمل المبادرة على العديد من الأهداف، منها توعية الأطفال وذلك عبر إجراء حوار تفاعلي يتضمن تعريفهم بالممارسات التي تمثل عنفا ضدهم، بالإضافة إلى تمكين الفتيات من التعبير عن آرائهن بحرية. وتعمل المبادرة على تنمية إحساس الأطفال من الأولاد والبنات بالواجب لحماية زميلاتهن، فضلًا عن مشاركة إدارة المدرسة وعدد من المعلمات والإخصائيات الاجتماعيات والنفسيات في دوائر الحكي لتطبيق مهارات إدارة الحوار بالدوائر مع طالبات أخريات بالمدرسة.

اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث: في مايو 2019، تم تشكيل اللجنة برئاسة مشتركة بين المجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للطفولة والأمومة؛ بهدف توحيد جهود مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني المعنية للقضاء على ختان الإناث، وتضم في عضويتها ممثلين عن كل الوزارات  إلى جانب عضوية المجالس القومية “للإعاقة وللسكان ولحقوق الإنسان” بالإضافة إلى المجتمع المدني والاتحاد العام للجمعيات الأهلية. وأطلقت اللجنة حملة “احميها من الختان”، وتم تنفيذها ثلاث مرات خلال السنوات 2019 – 2021- 2022، وصلت إلى ما يزيد على 76 مليون اتصال توعوي من أنشطة التواصل التوعوي كطرق أبواب، وندوات، ولقاءات جماهيرية وتدريب فرق عمل، ونُفذت أنشطة أخرى في مجال التوعية الإعلامية وغيره من الأنشطة.

حملة لسه نوارة: أطلق المجلس القومي للطفولة والأمومة فاعليات الحملة التوعوية “لسة نــُوَّارة” تحت شعار “حقها تعيش طفولتها وسنها”؛ لمناهضة زواج الأطفال، ويأتي ذلك في إطار جهود وأنشطة المجلس القومي للطفولة والأمومة للتصدي لكافة الممارسات الضارة التي تلحق بالفتيات. وتستهدف الحملة 11 محافظة وهي: (البحيرة والغربية والقليوبية والجيزة والمنوفية والدقهلية وسوهاج وقنا وأسيوط والمنيا والشرقية)، وتستهدف كذلك 14 قرية ضمن قري مبادرة حياة كريمة. والحملة تهدف إلى التوعية بمخاطر وعواقب زواج الأطفال الصحية والنفسية والقانونية على الفتيات.

تعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون الطفل: أصدر مجلس الوزراء قرارًا بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون الطفل الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2075 لسنة 2010، بشأن الأسر التي تتكون من زوجين مصريين وترغب في رعاية أحد الأطفال طبقًا لنظام الأسر البديلة، حيث تم تعديل بعض البنود وإضافة أخرى؛ بهدف تحقيق الأمان الكامل والرعاية الشاملة للطفل المراد تبنيه.

حملة “أماني دوت كوم”: أطلق المجلس القومي للطفولة والأمومة حملة “أماني دوت كوم” من أجل حماية الفتيات والأطفال من العنف عبر الإنترنت، وذلك بالتعاون مع اليونيسيف، وبتمويل من الاتحاد الأوروبي. وتهدف المرحلة الأولى من الحملة إلى رفع مستوى الوعي بين الأطفال والآباء ومقدمي الرعاية بالإجراءات والتدابير المتعلقة بحماية الأطفال والنشء من التهديدات الجديدة التي قد يواجهونها في عالم الإنترنت، أو التعرض لمحتوى ضار، أو الإساءة.

قانون مواجهة التنمر: أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، القانون رقم 189 لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937 وذلك بعد موافقة مجلس النواب، وبحسب التعديل الجديد تم تشديد عقوبة التنمر بإقرار الحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه، ولا تزيد على 30 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.

ثالثًا: أصحاب الهمم

أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي في عام 2016 مبادرة “دمج.. تمكين.. مشاركة” لدعم وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة؛ بغرض تطويع قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتوفير الخدمات التعليمية والصحية بسهولة لهم، والمساهمة في زيادة قدرتهم على الدخول إلى سوق العمل، فضلًا عن تيسير حياتهم عن طريق تهيئة المباني الحكومية لتصبح قادرة على استقبالهم وتقديم الخدمات لهم.

وتشمل المبادرة عدة برامج، من أهمها: برنامج الإتاحة التكنولوجية لدعم 3000 مدرسة للتربية الخاصة والدمج تم بالفعل الانتهاء من دعم 600 مدرسة منها حتى علم 2020، وبرنامج تدريب 30000 من معلمي تلك المدارس على استخدام التكنولوجيا المساعدة في التعليم وقد تم الانتهاء من تدريب 28000 معلم منهم حتى 2020، إلى جانب برنامج تأهيل 200 مركز مجتمعي متكامل دامج تم الانتهاء من 56 مركزًا منها، مع تحويل 300 منشأة حكومية إلى منشأة عالية الإتاحة باستخدام التكنولوجيات المساعدة.

وتعمل وزارة الاتصالات على تطوير تطبيقات ذكية لمساعدة الأشخاص ذوي الهمم على التوظيف، وهو ما أدى إلى اختيار مصر ضمن العشر دول الأكثر ابتكارًا في مجال سياسات توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة، وكذلك لفوزها في فبراير 2017 بجائزة (Zero Project) العالمية التي تُمنح لمشروعات من شأنها إزالة الحواجز والعوائق بين الأشخاص ذوي الإعاقة والمجتمع من خلال حلول مبتكرة”.

وقد أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي عن تخصيص عام 2018 ليكون عام ذوي الاحتياجات الخاصة في مصر.. وجاءت أبرز الجهود التي بذلتها الدولة بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني كالآتي:

● إصدار القانون رقم 10 لسنة 2018، والخاص بذوي الهمم، والذي يعد بداية تمكينهم والحصول على حقوقهم.

● دعم موارد صندوق «عطاء» لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة بمقدار 100 مليون جنيه.

● تخصيص 500 مليون جنيه من صندوق «تحيا مصر» تحت تصرف وزير التربية والتعليم لرعاية ذوي الهمم.

● أحقية الأشخاص ذوي الهمم في الجمع بين معاشين من المعاشات المستحقة لهم عن أنفسهم أو عن الأب أو الأم أو الزوج أو الزوجة وبدون حد أقصى، ويكون لهم الحق في الجمع بين ما يحصلون عليه من معاش أيًا كان وما يتقاضونه من أجر العمل.

● خفض ساعات العمل في كافة الجهات الحكومية بواقع ساعة يوميا مدفوعة الأجر للعاملين من ذوي الإعاقة.

● تخصيص وزارة الإسكان نسبة (5%) من الوحدات السكنية للأشخاص ذوي الإعاقة ضمن مشروعات الإسكان الاجتماعي.

● إصدار وزارة التضامن الاجتماعي نصف مليون بطاقة للخدمات المتكاملة عام 2019 لذوي الهمم، وذلك لتقديم امتيازات لهم بعد توقيع الكشف الطبي عليهم.

● دمج وتمكين ذوي الهمم باستخدام الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بما يتوافق مع رؤية مصر للتنمية المستدامة 2030 واتفاقية الأمم المتحدة ذات الصلة.

● تطبيق معايير «كود الإتاحة»، الذي يعمل على إتاحة وتسهيل الطرق وحركة السير لذوي الهمم لسهولة حركتهم ودمجهم في المجتمع.

● قيام وزارة التضامن الاجتماعي بإطلاق القاموس الإشاري الموحد للصم وضعاف السمع.

● موافقة المجلس الأعلى للجامعات بقبول الطلاب ذوي الإعاقة السمعية في الجامعات المصرية الذي جاء متسقًا مع ما نادى به الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة.

● دعم وزارة النقل لإضافة كراسٍ متحركة وتجهيز مسارات في 147 محطة قطار.

● رفع الوعي المجتمعي بحقوق الأشخاص ذوي الهمم، وتعزيز احترام هذه الحقوق وتدعيم ذلك الوعي بقدرات وإسهامات الأشخاص ذوي اهمم أنفسهم.

● إطلاق المشروع القومي لإنشاء منظومة موحدة لإنتاج الأطراف الصناعية والأجهزة التعويضية.

رابعًا: الأيتام

كفلت الدولة المصرية للأيتام حقهم في الرعاية وتوفير الحياة الكريمة لهم، فكانت البداية في تقديم سبل رعاية ودعم نقدي شهري يستهدف 420 ألف من الأطفال فاقدي الوالدين أو فاقدي الوالد وتقوم الأم برعايتهم أو تزوجت الأم أو سجنت وتقوم الأسرة الممتدة على رعايتهم أو أسر بديلة وكافلة أو يتم رعايتهم في مؤسسات رعاية الأطفال.

ووصلت تكلفة رعاية الأطفال الأيتام إلى 1,4 مليار جنيه مصري، بما يشمل مصروفات التعليم ومصروفات الرعاية الطبية والإمداد الغذائي في جميع المناسبات والمواسم ومصروفات في أوقات الطوارئ والأزمات. وتتبع الدولة استراتيجية خفض أعداد مؤسسات الرعاية وزيادة عدد الأسر الكافلة، فانخفض عدد المؤسسات بنسبة 10% وزادت أعداد الأطفال المكفولين عن أطفال مؤسسات الرعاية بنسبة 28%، علاوة على توفير 820 شقة للشباب من أبناء مصر الذين تخطوا مرحلة الرعاية اللاحقة.

وكان اهتمام الدولة بالأطفال من فاقدي الرعاية الأسرية جزءًا مكمل لدورها في منظومة الطفولة، وفى هذا عمدت إلى تطوير منظومة الرعاية الاجتماعية لجميع الأطفال فاقدي الرعاية الاسرية والعمل على منع فصل الأطفال عن أسرهم إيمانًا بأن البيئة الأسرية هي الأمثل لتنشئة الأطفال. وقد أعدت وزارة التضامن الاجتماعي بالمشاركة مع الجهات المعنية ومنظمات المجتمع المدني مسودة لمشروع قانون الرعاية البديلة وأجرت بشأنه الوزارة أكثر من حوار مجتمعي؛ لضمان وجود توافق على مسودة مشروع هذا القانون وذلك في محاولة من الوزارة للاتجاه بذل كافة الجهود لتعزيز الرعاية الأسرية أو شبه الأسرية .وقد بلغ عدد الأطفال والأبناء المستفيدين من مؤسسات الرعاية الاجتماعية ما يقرب من 9500 طفل وطفلة يقطنون في 481 مؤسسة رعاية.

المصادر

1- اليوم الدولي للمسنين، الهيئة العامة للاستعلامات، 2019.

2- جهود مصر في ملف حقوق الطفل، الهيئة العامة للاستعلامات، 2022.

3- جهود الدولة في رعاية اصحاب الهمم، الهيئة العامة للاستعلامات، 2022.

4- مصر تستعرض دوليا تجربتها لحماية “أصحاب الهمم” في ظل تحديات “كورونا”، المرصد المصري، 2021.

5- بناء منظومة للحماية الاجتماعية لدعم الفئات غير القادرة خلال السنوات الثماني الماضية، مجلس الوزراء، 2023.

6- وزيرة التضامن الاجتماعي تستعرض تقريرًا عن الجهود والخدمات المقدمة للأطفال في مصر، وزارة التضامن الاجتماعي، 2022.

هالة فودة

باحثة ببرنامج السياسات العامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى