
اللواء محمد إبراهيم يوضح أهم الملفات على طاولة الحكومة الإسرائيلية الجديدة.. وكيفية التعامل العربي معها
قال اللواء محمد إبراهيم الدويري نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، تعليقًا على تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة أن هناك أربعة محاور رئيسة ينبغي توضيحها، المحور الأول يتضمن ملاحظات رئيسة بالنسبة لتشكيل الحكومة، والمحور الثاني يدور حول أهم الملفات التي سوف تتعامل معها الحكومة الإسرائيلية الجديدة، فيما يتناول المحور الثالث مستقبل الحكومة، والمحور الرابع والأخير وهو الأهم ويدور حول كيفية تعامل الدول العربية مع هذه الحكومة.
وأوضح في مداخلة هاتفية مع برنامج “ملف اليوم” المذاع على قناة “القاهرة الإخبارية”، أن هناك ثلاث ملاحظات أساسية يتضمنها المحور الأول، الأولي، وهي أن الحكومة الحالية هي حكومة يمينية متطرفة لكنها في النهاية نتاج للانتخابات الإسرائيلية التي تمت في 2 نوفمبر الماضي والتي شهدت أعلى نسبة اقتراع بنسبة حوالي 72%، وأكدت تلك النتائج أن المجتمع الإسرائيلي قد مال بشكل كامل إلى اليمين، الملحوظة الثانية، إن الحكومات الإسرائيلية بشكل عام هي متقاربة نسبيَا في مبادئها ولا اختلاف بين حكومة وأخرى إلا في أمور تكتيكية، وهذا الأمر يتضح بشكل رئيس فيما يتعلق بالدولة الفلسطينية، حيث هناك إجماع من جميع الحكومات الإسرائيلية خلال العشرين عامًا الماضية على الأقل على أنه لا مكان لدولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة عاصمتها القدس الشرقية، أما الملحوظة الثالثة، وهي أن نتنياهو شخصية سياسية مخضرمة، إذ سبق له تشكيل الحكومة التي من المتوقع أن يعلنها خلال الساعات القادمة، ونجح في استباق تشكيل الحكومة واستطاع تمرير بعض القوانين داخل الكنيست بعد ما تم تعيين رئيس الكنيست من حزب الليكود، إذ نجح في تأمين مجموعة من القرارات التي تخدم تشكيل الحكومة، وكان أهمها ما يتعلق بـ أريه درعي رئيس حركة شاس حتى يتولى منصبًا حكوميًا، حيث تم تغيير القانون ونص على أنه إذا تم سجن مسؤول مع وقف التنفيذ لا يحول ذلك بينه وبين توليه منصب سياسي، وهو ما حدث مع أريه درعي.
وفيما يخص المحور الثاني، أشار “الدويري” إلى وجود ثمانية ملفات رئيسة سوف تتعامل معها الحكومة الإسرائيلية وهي، الملف الأول الشأن الداخلي، الذي من المؤكد أن سوف يشهد مشكلات خلال الفترة القادمة بعد تولي الحكومة عملها، خاصة بالصلاحيات الممنوحة لوزير الأمن القومي الجديد بن غفير، مثل قانون تجنيد المتدينين ووجود معارضة قوية في الداخل، وموقف عرب 48، والقوانين التي تسن من بن غفير والتي تهدف بقدر الإمكان إلى التصدي لهما تصديًا قويًا إذا قاموا بأي مظاهرات، وفي النهاية فإن كل هذه المشكلات الداخلية لن تؤثر بشكل كبير على استقرار الحكومة.
أما الملف الثاني فهو المتعلق بالضفة الغربية، إذ سيقوم نتنياهو وباقي الائتلاف بالاستمرار في انتهاج سياسة القبضة الحديدية في الضفة الغربية، التي تشمل الاستيطان وتهويد القدس والاعتقالات واقتحام المسجد الأقصى والاغتيالات وهدم المنازل، ويمكن أن تؤدي كل هذه الإجراءات إلى الانتفاضة الثالثة، وستكون هذه الانتفاضة أكثر عنفَا وبدأت بوادرها بدأت منذ فترة ليست قليلة.
والملف الثالث وهو ملف غزة، إذ يمتلك نتنياهو خبرة طويلة في التعامل مع غزة وأهلها الذين لديهم بالمثل خبرة في التعامل معه، وستقوم الحكومة الجديدة بانتهاج سياسة الرد القاسي على أية صواريخ تنطلق من غزة في اتجاه المستوطنات الإسرائيلية، أو من منطقة غلاف غزة داخل إسرائيل، ومن المرجح أن يشهد عهد الحكومة الجديدة انطلاق الحرب السادسة من إسرائيل على غزة أو تفجير حرب جديدة.
وفيما يخص الملف الرابع وهو عملية السلام، فقد أسقطت الحكومة الجديدة حل الدولتين أو عملية السلام تمامًا من أجندتها، فإذا كان حل الدولتين في حالة موت سريري أو إكلينيكي، فهو في عهد هذه الحكومة سيكون قد توفى إلى الأبد، ولن تتخذ هذه الحكومة أي قرار إيجابي تجاه حل الدولتين إلا إذا أجبرت عليه.
وحول الملف الخامس أوضح اللواء “الدويري” أنه خاص بمصر، حيث سيحرص نتنياهو والحكومة الجديدة على استمرار العلاقة الاستراتيجية مع مصر ومحاولة تدعيمها، إذ تقوم مصر بجهد غير مسبوق لا تستطيع أي دولة أن تقوم به، وذلك فيما يتعلق بالتهدئة بالنسبة لقطاع غزة، وإعادة الإعمار، وتبادل الأسرى، وملفات رئيسة أخرى تقوم بها مصر، وسوف تحرص إسرائيل على أن تستمر هذه الملفات في اليد المصرية، وبالتالي لن يكون أمام نتنياهو سوى التعامل مع مصر بحرص شديد.
ويتعلق الملف السادس بالدول العربية، إذ نجح نتنياهو خلال فترة توليه السابقة في أن يعقد أربعة اتفاقات تطبيع مع الإمارات والسودان والبحرين والمغرب، وبالتالي سوف يحرص على دعم العلاقات مع تلك الدول، بل على العكس سوف يحاول توسيع هذا التطبيع ودعمه لزيادة عدد هذه الدول، والبحث أيضا عن دول إسلامية حتى يثبت أن حكومته الجديدة مستمرة في عملية التطبيع مع الدول العربية.
وفيما يتعلق الملف السابع بإيران، حيث سيستمر التهديد الإسرائيلي للرد على أي عدوان إيراني ومحاولة تهديد إيران، ومحاولة الضغط على الولايات المتحدة الأمريكية فيما يتعلق بعدم التوصل إلى اتفاق نووي إلا إذا ضمن هذا الاتفاق بشكل تام عدم قدرة إيران على تطوير الأسلحة النووية، وسوف تستمر إسرائيل في نفس الوقت في ضرب إيران في سوريا في كل وقت وكل حين.
أما الملف الثامن والأخير، وهو المتعلق بالعلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، حيث إن العلاقات الإسرائيلية الأمريكية علاقات استراتيجية ولن تهتز هذه العلاقات الاستراتيجية في أي وقت من الأوقات، صحيح هناك نوع من عدم الارتياح بين الإدارة الديمقراطية وبين نتنياهو، لكن هذا الأمر لن يؤدي إلى سوء العلاقة بين نتنياهو وبين الإدارة الأمريكية الجديدة، وصحيح أن هناك خلافات فيما يتعلق بإيران والقضية الفلسطينية، ولكن لن يكون هناك خلاف رئيس بين الإدارة الجديدة والإدارة الديمقراطية، وسوف ينتظر نتنياهو الانتخابات الأمريكية القادمة حتى يمكن أن تأتي بإدارة جمهورية تكون أقرب له، لأن الإدارة الجمهورية السابقة طرحت ما يسمى بصفقة القرن الفاشلة والمجحفة بحق الشعب الإسرائيلي.
وحول كيفية تعامل دول الجوار الإقليمي لإسرائيل مع نظرة الحكومة الجديدة للملفات التي تمت الإشارة إليها، أكد اللواء محمد إبراهيم الدويري نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن بنيامين نتنياهو بالنسبة لمصر والأردن والمنطقة العربية والعالم أجمع هو كتاب مفتوح، إذ يعتمد نتنياهو سياسة واضحة ولا يخفي شيئًا ويعلن تطرفه على الملأ بشكل واضح، ومواقفه من جميع القضايا هي مواقف واضحة وصريحة، وهناك دول عربية رحبت ترحيبًا ملحوظًا بعودة نتنياهو إلى السلطة مرة أخرى، وأكدت أنها سوف تتعامل معه وسوف تستمر العلاقات كما هي.
وشدد على أن مصر لديها خبرة كبيرة في التعامل الشخصيات المتطرفة للغاية، إذ تعاملت مع مناحم بيجن وشارون ونتنياهو في أكثر من مرة، وهناك حاجة لاتباع أربعة مبادئ للتعامل مع الحكومة الجديدة، المبدأ الأول، الاعتماد على أكثر من تحرك، التحرك الأول أن يكون لدى الدول العربية رؤية شاملة واقعية لعملية سلام شاملة، حيث إن مبادرة السلام العربية مطروحة منذ أكثر من 20 عامًا وحبيسة الأدراج، وبالتالي هناك حاجة لمبادرة جديدة أو إحياء المبادرة القديمة بشرط أن يكون لدينا رؤية وآليات لتنفيذ هذه الرؤية تحملها الدول العربية وتسوقها إقليميًا ودوليًا، وهذا أحد أوجه الضغوط التي يمكن أن ممارستها على إسرائيل.
التحرك الثاني، يجب على الدول العربية أن تتحرك إقليميًا ودوليًا حتى تجبر إسرائيل على استئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين المتوقفة من إبريل 2014 حتى الآن، وخلال هذه المفاوضات تطرح كل القضايا للتفاوض للوصول إلى ما يمكن الوصول إليه.
التحرك الثالث، ضرورة وجود تحركات فلسطينية وعربية سريعة لإنهاء الانقسام الفلسطيني، والتحرك الرابع والأخير وهو ضرورة تقديم الدول العربية دعمًا قويًا سياسيًا واقتصاديًا للرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن والسلطة الفلسطينية.