الاقتصاد المصري

بعد أكثر من ١٤ عامًا: “الصودا آش” من الإهمال إلى الاهتمام

تنهض الدول بتعافي اقتصادها وازدهار الصناعات الحديثة في قطاعاتها المختلفة وتنوع إنتاجها المحلي، والذي يُشكل المكون الرئيس في قوة الاقتصاد القومي لها، وبصفته المطور الأول في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وتُعد صناعة البتروكيماويات في مصر إحدى الصناعات العصرية لما لها من ارتباط وثيق بالصناعات التكميلية، حتى أصبحت تُمثل واحدة من أهم أنشطة قطاع الطاقة المصري، والتي يعول عليها لتحقيق قيمة مضافة، مستفيدة في ذلك من توافر الغاز الطبيعي بكميات هائلة. وذلك ضمن استراتيجية تحول الدولة المصرية إلى مركز إقليمي لتجارة وتداول النفط والغاز في المنطقة.

ومن أهم هذه البتروكيماويات مكون “الصودا آش” أو كربونات الصوديوم، وهي مركب كيميائي له الصيغة  Na2CO3 ويطلق عليها أيضًا رماد الصودا أو “صودا الغسيل” وهو الاسم الشائع لها، حيث توجد بالشكل العادي على شكل بودرة بيضاء، ويمكن أن يوجد طبيعيًا كمعدن أو صناعيًا، ويتم ذلك حاليًا من خلال عملية سولفاي. حيث يتم الحصول على الصودا آش، أو كربونات الصوديوم من عصارة الرماد والماء، ويتم جمعها عن طريق تبخير المياه الموجودة. وقد تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي عن هذا المكون وأهميته خلال الملتقى والمعرض الدولي الأول للصناعة في أكتوبر 2022، فما هي “الصودا آش” وما الأهمية الاستراتيجية لها، ولماذا تسعى الدولة المصرية إلى توطين تلك الصناعة المهمة؟ 

استخدامات الصودا آش:

كربونات الصوديوم صودا آش هي واحدة من المواد التي لها استخدامات متنوعة وكبيرة في مختلف المجالات، وهنا يمكننا إلقاء الضوء على أهم استعمالات هذا المنتج في النقاط التالية:

  • صناعة الزجاج.
  • إنتاج المواد الكيميائية، مثل: بيكربونات الصوديوم، وسيليكات الصوديوم، وثلاثي فوسفات الصوديوم، وديكرومات الصوديوم، وألومينات الصوديوم، وسيانيد الصوديوم.
  • إنتاج الورق، كمنظم للحموضة وكذلك لإزالة اللون عن الورق التالف.
  • صناعة الصابون والمنظفات.
  • تليين الماء في عملية التبادل الأيوني، إذ يزيل الأيونات الموجبة للكالسيوم والمغنيسيوم من الماء، فيُقلّل من عسره.
  • خزانات المياه في المدن، حيث يتم استخدامها لتحييد التأثير الحمضي للكلور وزيادة درجة الحموضة.
  • الصبغ، حيث يستخدم كعامل مثبت للأصباغ على الألياف.
  • صناعة المواد الغذائية، حيث تستخدم كمنظم لدرجة الحموضة (PH) والمواد الحافظة.
  • التحليل الكهربائي كإلكتروليت، حيث يزيد من معدل تحلل المياه.
  • التحنيط، حيث تستخدم في عملية إزالة اللحوم من العظام.
  • الاختبارات الكيميائية، حيث تستخدم كمعيار أساسي في تفاعلات المعايرة.
  • معجون الأسنان، حيث تستخدم كعامل إضافة حموضة للفم وكعامل رغوة.
  • صناعة الطوب، حيث تستخدم كعامل ترطيب في إنتاج العجينة.
  • صناعة النسيج، حيث تستخدم كعامل مضاد للحمض في معالجة الحرير.
  • البتروكيماويات وتصفية النفط الخام، حيث تستخدم كعامل تحييد في العمليات البتروكيماوية.
  • تصفية الزيوت النباتية، حيث تستخدم كعامل يعمل على فصل الأحماض الدهنية الحرة.
  • إزالة الكبريت من الدخان الناتج عن المداخن.

لماذا تم إهمال ملف الصودا آش؟

فى عام 2001، كانت “الصودا آش” ضمن قائمة المنتجات التي تصنعها شركة مصر لصناعة الكيماويات التابعة للشركة القابضة للصناعات الكيماوية، حيث يعود تاريخ تشغيل خط إنتاج “الصودا آش” إلى عام 1973، وأعيد تأهيله مرتين، الأولى عام 1995 والثانية في 2005. وبموجب قرار وزارة قطاع الأعمال العام في 2001، فُصل مصنع كربونات الصوديوم عن شركة مصر لصناعة الكيماويات، ليصبح شركة مستقلة تابعة للقابضة للصناعات الكيماوية. وفي سبتمبر من عام 2008، وافقت الشركة القابضة للصناعات الكيماوية على بيع شركة الإسكندرية لكربونات الصوديوم إلى شركة سولفاي البلجيكية، ضمن برنامج الخصخصة بقيمة حوالي 760 مليون جنيه، ليُعدل الاسم لاحقًا إلى شركة سولفاي الإسكندرية لكربونات الصوديوم.

بيع شركة الإسكندربة لكربونات الصوديوم جاء رغم تحقيقها إيرادات في العام المالي السابق على دراسة عملية البيع 2006/2007 بقيمة حوالي 133 مليون جنيه، وتحقيق صافي ربح مبدئي حوالي 12.6 مليون جنيه، ولكن تزامنت عملية خصخصة الشركة مع اتجاه فوائض البلاد من الغاز الطبيعي للتراجع، وهو ما قاد لاحقًا في 2014 إلى زيادة سعر الغاز للصناعات كثيفة الاستهلاك.

ولأن “الصودا آش” واحدة من هذه الصناعات، رأى المستثمرون البلجيكيون أنها لم تعد مجدية وذلك قبل الوضع الحالي في الأسواق العالمية. الشركة البلجيكية قالت في بيان صادر عن إدارتها في بروكسل عام 2016 إن ربحية مصنع كربونات الصوديوم باتت تتراجع منذ عام 2014، منذ أن زاد سعر الغاز بمقدار 2.5 مرة، وبالإضافة إلى تهالك المعدات والآلآت المستخدمة في تلك الصناعة. بما تغلب على جهود سولفاي المستمرة لتحسين أداء الإنتاج من خلال خفض استهلاك الطاقة وزيادة الكفاءة التشغيلية. ولكن وبشكل عام توقف الشركة عن إنتاج تلك المادة يمثل خسارة كبيرة لا تُعوض، وخاصة في ظل كوْنها المنتج الوحيد في المنطقة وتتوفر المواد الخام بالقرب من مقر المصنع بمحافظة الإسكندرية.

بعد عامين عادت الشركة مجددًا إلى الدولة، حيث استحوذت شركات سيدى كرير للبتروكيماويات والشركة القابضة للبتروكيماويات والشركة المصرية للإيثيلين ومشتقاته على 100% من أسهم شركة سولفاي الإسكندرية لكربونات الصوديوم، واتجهت أزمة الغاز للتحسن تدريجيًا مع اكتشاف شركة إيني الإيطالية لاحتياطات ضخمة في حقل ظهر، مما دفع الدولة مجددًا إلى خفض سعره للصناعات كثيفة الاستهلاك. لكن كل هذه التطورات لم تُعد صناعة “الصودا آش” للحياة مجددًا في شركة الإسكندرية. 

بعد أن استحوذت الشركات الثلاث على شركة سولفاي الإسكندرية لكربونات الصوديوم، تغير اسمها إلى شركة الخدمات اللوجستية للبتروكيماويات، وكما يتضح من اسم الشركة فأصبح تركيزها في ذلك الوقت على تقديم الخدمات، حيث تم التفكير جديًا في استغلال أرض شركة الخدمات اللوجستية للبتروكيماويات وموقعها المميز على شاطئ البحر الأبيض المتوسط بمنطقة المكس بالإسكندرية لانشاء منطقة لوجستية تعمل على تحسين الأداء لشركات البتروكيماويات بالإسكندرية، وتقديم بنية تحتية لمنطقة لوجستية تعمل على تداول المنتجات البترولية والغازات المسالة المضغوطة ضمن خطة تحويل مصر إلى مركز إقليمي لتجارة وتداول البترول والغاز، حيث تعمل على تلبية احتياجات مصانع البتروكيماويات بالإسكندرية، عبر إقامة مجموعة مستودعات وربطها بحريًا بتسهيلات شحن وتفريغ السفن بالميناء، وبريًا بمجمع صناعة البتروكيماويات بمنطقة النهضة بالإسكندرية، هذا بجانب صناعة الجير الحي التي كانت موجودة بالشركة من قبل.

حتي جاءت كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال مشاركته في إطلاق الملتقى والمعرض الدولي الأول للصناعة إنه تم الإنتهاء منذ فترة من تصنيع كربونات الصوديوم المعروفة باسم “الصودا آش” محليًا، مؤكدًا أنه تحدث عن “الصودا آش” منذ 5 سنوات، وأضاف: “مش إحنا بنستورد الصودا آش من بره علشان نستفيد منه هنا في الأنشطة الصناعية بتاعتنا؟ انتوا ليه بتعملوا دراسة جدوى تاني و إحنا عملناها قبل كدة و أتيحت لجميع المستثمرين بعد مراجعتها بالكامل، أنا لو مش عارف المشروع أبعاده إيه أو السوق محتاج إيه هقول ماشي نعمل، لكن الموضوع ده منتهي”.

وبعد تحويل الأمر إلى الشركة القابضة للبتروكيماويات إيكم، قامت شركة الخدمات اللوجستية للبتروكيماويات بدراسة إنشاء المشروع ضمن مشروعات مجمع العلمين للبتروكيماويات، وذلك لسد احتياجات مصر من مادة الصودا؛ لتحقيق التنمية المستدامة لمدينة العلمين الجديدة على مساحة 185 فدان. 

ذلك بالإضافة إلى أنه لكي يصبح المشروع اقتصاديًا يجب الوصول بمستويات “الصودا آش” إلى حوالي 500 ألف إلى مليون طن سنويًا، ومن هنا يجب الإشارة إلى أنه في إطار توجه الدولة نحو بناء كيانات اقتصادية كبرى تسهم في تخفيف التنمية المستدامة بالمجتمعات العمرانية الجديدة، يشهد مجمع التكرير والبتروكيماويات بمدينة العلمين الجديدة تقدمًا في أعمال تطويره لاسيما بعد تأسيس شركة المشروع العلمين في سبتمبر من عام 2021 لتنمية المجمع. ويتم حاليًا اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأسيس شركة للمرافق وفقًا للمخطط العام، وإمداد کامل مشروعات مجمع العلمين باحتياجاتها من المرافق والغازات الصناعية والخدمات اللوجستية.

ويضم مجمع العلمين العديد من المشروعات بإجمالي استثمارات تتخطى حوالي 10 مليارات دولار. حيث يضم مشروع مجمع التكرير والبتروكيماويات استثمارات تقدر بنحو حوالي 8.5 مليار دولار، ويهدف إلى إنتاج حوالي 3.2 مليون طن سنويًا من المنتجات البتروكيماوية المتخصصة، بالإضافة إلى حوالي 1.6 ألف طن سنويًا من المنتجات البترولية اعتمادًا على حوالي 3.8 مليون طن من الزيت الخام المنتج من حقول الصحراء الغربية.

وتضم مشروعات مجمع العلمين مشروع إنتاج كربونات الصوديوم “الصودا آش:، والذي يهدف إلى زيادة القيمة المضافة للمصادر الطبيعية المتوفرة في مصر، والمتمثلة في خام الملح والحجر الجيري وذلك بإنتاج مادة “الصودا آش” بطاقة تصميمية حوالي 600 ألف طن سنويًا، وحوالي 100 ألف طن سنويًا من مادة بيكربونات الصوديوم، و50 ألف طن سنويًا من مواد متخصصة أخرى باستثمارات تقديرية حوالي 480 مليون دولار. كما هو موضح بالشكل التالي لمجمع العلمين للبتروكيماويات.

ذلك بالإضافة إلى مشروع مجمع البحر الأحمر للبتروكيماويات بالمنطقة الاقتصادية بقناة السويس، والذي يهدف إلى إنشاء مجمع للبتروكيماويات بالمنطقة الاقتصادية بمحور قناة السويس، وذلك في إطار خطة الدولة المصرية لتنمية المنطقة الاقتصادية، وبهدف المساهمة في تلبية احتياجات السوق المحلية من المنتجات البترولية والبتروكيماوية والعمل على تصدير الفائض.

تبلغ طاقة المشروع حوالى 4 ملايين طن من الزيت الخام المستورد؛ لإنتاج حوالي 2.7 مليون طن سنويًا من المنتجات البتروكيماوية وحوالي 1.2 مليون طن سنويًا من المنتجات البترولية بإجمالي حجم استثمارات حوالي أكثر من 7.5 مليار دولار. وقد تم وضع حجر أساس المشروع في يونيو عام 2021، حيث يُعد أول مجمع صناعي للمواد البترولية والكيماوية في المنطقة الاقتصادية، والذي من المقرر افتتاحه بحلول عام 2024، كما هو موضح بالشكل التالي.

أهمية مشروع توطين صناعة “الصودا آش” في مصر؟

هناك العديد من الإيجابيات التي وتبلور أهمية خطوات الدولة المصرية نحو توطين صناعة وإنتاج “الصودا آش” في مصر، والتي من الممكن تلخيصها في تلك النقاط التالية: 

● سعي الدولة المصرية إلى توطين مجموعة من الصناعات ذات الأولوية للاقتصاد المصري؛ بهدف المساهمة في رفع القيمة المضافة للصناعات المصرية، مما يعمل على تخفيف العبء القائم على الاحتياطي الدولاري المصري في الفترة المقبلة.

● لا يوجد مصنع واحد في المنطقة العربية لإنتاج الصودا آش، بما يعنى حاجة المنطقة لإنشاء المصنع في ظل توافر المادة الخام الرئيسة لتلك الصناعة وهى ملح الطعام والحجر الجيرى، وبالتالي السوق المصرى وحده يحتاج إلى 500 ألف طن سنويًا من “الصودا آش”، بجانب الدول العربية التي تحتاج إلى مليون طن سنويًا، وأقل كمية تنتج سنويًا لتحقيق العائدات المرجوة من إنشاء المصنع هى حوالى مليون طن سنويًا. ويزداد الطلب المحلى على هذه المادة  حاليا بمعدل 3% سنويًا، وبلغ إجمالي الطلب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حوالي 1.9 مليون طن في عام 2017.

● وصول حجم الواردات المصرية من تلك المادة لنحو مليار و485 مليون جنيه بنهاية عام 2021، مقابل مليار و486 مليون جنيه (93 مليون و649 ألف دولار) بنهاية عام 2020، بإجمالي نحو ملياري و971 مليون جنيه في عامين فقط، وذلك قبل تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية والتي بكل تأكيد أدت إلى رفع الأسعار بصورة قياسية.

● المصانع المحلية تستهلك نحو 500 ألف طن سنويًا من “الصودا آش” ويبلغ سعر الطن كحد أدنى 250 دولار. وتشير بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى أن كلا من بلغاريا وتركيا تقاسما صدارة قائمة الدول التي تستورد منها مصر مادة كربونات ثنائي الصوديوم؛ فبلغت الواردات من تركيا نحو 885 مليون و363 ألف جنيه العام الماضي 2021، تليها بلغاريا بقيمة بواردات قيمتها 579 مليون و759 ألف جنيه، ثم جمهورية روسيا بواردات قيمتها 13 مليون و890 ألف جنيه، بجانب الصين بقيمة واردات 4 ملايين و729 ألف جنيه، وجمهورية البوسنة والهرسك بنحو مليون و55 ألف جنيه، كما موضح بالشكل التالي.

●عدد مصانع الزجاج المحلية يصل إلى نحو 25 مصنعًا، وتصل استثماراتها إلى نحو 5 مليارات جنيه، حيث يسعى قطاع الزجاج إلى بدء تصنيع “الصودا آش” محليًا، في ظل العقبات التي تواجه سلاسل الإمداد العالمية، ونقص الطاقة الإنتاجية، خصوصًا أنها من مكونات الإنتاج الرئيسة بتلك الصناعة الاستراتيجية، فهذه المادة تدخل بنسبة تتراوح ما بين 15 و30% في تكلفة الإنتاج، وبالتالي نقص الإمدادات العالمية لها قد يؤدى إلى تعثر الإنتاج بشركات الزجاج والمنظفات الأكثر استهلاكًا لها.

وبالتالي إنشاء مصنع لإنتاج “الصودا آش” سيعمل على:

  • إنتاج كربونات الصوديم (الصودا آش) لتلبية إحتياجات السوق المحلي.
  • تحقيق التنمية المستدامة.
  • خفض فاتورة الإستيراد من الخارج.
  • زيادة القيمة المضافة لخام الجير المصري.
  • توفير فرص عمل جديدة مباشرة وغير مباشرة.
  • فتح أسواق جديدة وتلبية إحتياجات السوق العربية.

وبشكل عام، تضمن دراسة المشروع له مقومات نجاح كبيرة؛ نظرًا إلى توافر المادة الخام الأساسية وهي الحجر الجيري، والملح، والأمونيا، بالإضافة إلى تزايد الطلب العالمي على مادة “الصودا آش”، بالإضافة إلى توافر مساحة الأرض اللازمة للمشروع والخبرات الفنية والأيدي العاملة اللازمة، وتمتع مصر في الوقت الحالي بوفرة في الغاز الطبيعي وتحولها إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي في سبتمبر من عام 2018.

وبوجه عام، يوجد طلب كبير على “الصودا آش”، مع وجود فجوة تسويقية بالعديد من دول العالم، مما سيتيح فرص تسويقية كبيرة للمادة، حيث تقوم دولة الإمارات العربية المتحدة بالإضافة إلى المملكة العربية السعودية على سبيل المثال بإستيراد رماد الصودا من الولايات المتحدة الأمريكية والتي تعد هي والصين من أكبر منتجي “الصودا آش” في العالم. وبلغ إجمالي الطلب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حوالي 1.9 مليون طن سنويًا في عام 2017، بالإضافة إلى وصول الطلب العالمي على رماد الصودا إلى حوالي 4 مليارات دولار في عام 2018، مع زيادة النمو السنوي للطلب بحوالي 3%.

مقترحات للإصلاح

قطعت الدولة المصرية بالفعل شوطًا كبيرًا في سعيها نحو إعادة توطين وإنتاج “الصودا آش”، وأخذت العديد من الخطوات الجادة التي تهدف إلى إدارة هذا الملف بصورة شاملة تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة وتلبية احتياجات السوق المحلية من تلك الصناعة الاستراتيجية. ولكن لا تزال هناك العديد من التحديات والعقبات، ومن هنا يمكن إيضاح بعض المقترحات التي من الممكن أن تسهم في تذليل تلك العقبات ومنها:

● ضرورة اعتبار صناعة وإنتاج “الصودا آش” بمثابة مشروعات استراتيجية وليس تجارية فقط، لأن لدى مصر صناعات كبيرة تعتمد بشكل رئيس على تلك المادة بشكل أساسي، وفي حالة عدم توفرها فإن تلك المصانع مهددة بالتوقف عن الإنتاج.

● ضرورة العمل على تقديم العديد من الحوافز المالية للقطاع الخاص، لكي تصبح تلك الصناعة أكثر ربحية له.

● ضرورة زيادة وربط البحث العلمي بالقطاعات التي تعتمد فيها السوق المصرية على الاستيراد والتي تعاني من فجوة كبيرة بين الإنتاج المحلي والاستهلاك.

● ضرورة عقد شراكات مع الدول الكبرى المنتجة في تلك الصناعة والاستفادة من تلك التجارب.

● تأهيل الكوادر البشرية على تلك الصناعة؛ فبالرغم من توافر عمالة مؤهلة من ضمن العمالة المتبقية من مصنع سولفاي، ولكن نحتاج إلى نقل الخبرات في تلك الصناعة والعمل على توطينها.

● ضرورة الاعتماد على القطاع الخاص في إنتاج مثل هذا النوع من الخامات، وذلك بعد الوصول إلى معادلة التكلفة المقبولة لإنتاجه، وذلك دون اشتراط أسعار معينة قبل تنفيذ المشروعات بما يضمن تحقيق مكاسب للمستثمرين.

● تقليص مخاطر الاستثمارات بهدف تحفيز استيعاب السوق ودعم البنية التحتية في تلك الصناعة.

ختامًا، تنهض الدول بتعافي اقتصادها وازدهار الصناعات الحديثة في قطاعاتها المختلفة وتنوع إنتاجها المحلي، الذي يُمثل المكون الرئيس في قوة الاقتصاد القومي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. ومما لا شك فيه أن قطاع البتروكيماويات المصري لا يزال يستشرف آفاقًا واعدة  للاستثمار لما يتمتع به من مزايا تنافسية عالية، والتي جعلته يحظى بدعم غير مسبوق على كافة المستويات. وفي الأخير، إن تطبيق استراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة يُمثل أحد أهم ركائز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبالأخص صناعة البتروكيماويات وذلك لأنها تمثل أهمية كبيرة في تحقيق القيمة المضافة ودفع عجلة الإنتاج وتحسين وتيرة الاقتصاد محليًا وخارجيًا.

د. أحمد سلطان

دكتور مهندس متخصص في شؤون النفط والطاقة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى